النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 31/12/2015

  1. #1

    اقلام واراء عربي 31/12/2015

    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]
    أقلام وأراء عربي
    في هذا الملف :
    "المؤشر العربي": المخابرات قبل البرلمانات
    بقلم : معن البياري عن العربي الجديد
    تحالف الممانعة الروسي الإسرائيلي
    بقلم : سلامة كيلة عن العربي الجديد
    حقوق الفلسطينيين على الطريقة الإسلاموية
    بقلم : حسام أبو حامد عن العربي الجديد
    "ما بعد" الإخوان!
    بقلم محمد أبو رمان عن الغد الأردنية
    رؤية متشائمة
    بقلم : ماهر ابو طير عن الغد ألأردنية
    الحوار الفلسطيني مع النفس قبل الحوار مع الأخر
    حمادة فراعنة عن الدستور الأردنية
    خلافات «الإخوان» .. رؤية من الداخل
    بقلم: د.رحيل محمد غرايبة عن الدستور الأردنية



    "المؤشر العربي": المخابرات قبل البرلمانات
    بقلم : معن البياري عن العربي الجديد

    ترمي نتائج استطلاع "المؤشر العربي" للعام 2015، كما أعلنها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي أنجزه، أعباءً ثقيلة، على دارسي السياسة والاجتماع العرب، في غير شأن، لتحليلها وتفكيكها. أما نحن، أهل التعليقات الصحفية، فإنه يفاجئنا بما يستنفر انتباهنا إلى ما هو مثير وكاشف (ومفاجئ ربما)، ومن ذلك أن ثقة المواطن العربي بجهاز المخابرات في بلده تفوق ثقته بالبرلمان. وللتدقيق أكثر، هناك إشكالات عويصة في علاقة هذا المواطن بالدولة التي ينتسب إليها، إذ يبدو، في العموم، نافراً منها، وأحياناً معادياً لمؤسساتٍ فيها، فيما هو شديد الإيجابية تجاه مؤسسات أخرى، والخلاصة العامة، في هذه المسألة، أن ثمة حالة ظاهرة من "تآكل الثقة" بين المواطنين ومؤسسات رئيسية في الدولة، على ما أوضح المركز العربي نفسه، في تحليلٍ طفيف للمسألة، بعدما بسط أرقام المؤشر الكاشفة وشديدة الدلالة، والتفصيلية، فيما يخص هذا الأمر.
    ربما الأنسب لقارئ هذه السطور أن يزور الموقع الإلكتروني للمركز لمطالعة الفصل الثاني للمؤشر (تقييم الرأي العام لمؤسسات الدول وأداء الحكومات)، لمعاينة المعطيات التفصيلية جداً (وجداً أخرى أيضاً) في هذا كله. بإيجاز (مخل؟)، يثق المواطن العربي بالجيش أولاً وبنسبة (82%)، ثم بأجهزة الأمن العام والشرطة (70%)، ثم بالمخابرات وأجهزة أمن الدولة والاستخبارات (69%)، ثم بالجهاز القضائي (64%)، ثم بالحكومات (56%)، ثم بالمجالس التشريعية والتمثيلية والبرلمانات (46%)، ثم بالأحزاب (28%). والثقة المقصودة هنا كبيرة وإلى حدٍّ ما، والأردن أولاً في ثقة مواطنيه بجهاز المخابرات (الاستطلاع شمل 12 دولة)، وهي بنسبة 79%. وإذ كشف الاستطلاع، في موضع آخر، أن حاجة المواطن العربي للأمن صارت تتقدم على حاجاته الاقتصادية، وإذ نسب الإقبال في مواسم الانتخابات التشريعية العربية قليلة، أو ضعيفة (تفكر دول عربية بتشريعات تلزم المواطنين بالاقتراع)، فإن هذين الأمرين ربما يساعدان في تفسير نقصان احترام المواطن العربي البرلمان في بلاده، وتفسير نظرته الخاصة للمؤسسة الأمنية (هل ثمّة شعور بالخوف هنا؟).
    ولكن، يُسعفك المؤشر العربي نفسه بما يساعد في تفسير هذه الحالة، غير المستجدّة عربياً، وكان قد كشف، في الأعوام الثلاثة الماضية، عن ثباتها، إلى حد ما، من حيث تقدّم الجيش والشرطة والمخابرات، بل وتحسّن مقادير الثقة بها سنوياً، على القضاء والحكومة والبرلمان والأحزاب، يسعفك حين يفيدك، في جديده في 2015، بأن 53% فقط من الرأي العام العربي يرون المجالس التشريعية في بلاده تقوم بدورها في مراقبة الحكومات، و42% لا يرونها تقوم به. ويرى 44% أنها لا تقوم بالرقابة على الإنفاق العام، كما أن 45% لا يرونها تراعي مصالح فئات المجتمع، و42% يرونها لا تضع تشريعاتٍ تساهم في ضمان حريات المواطنين. و14% فقط يرون أن هذه البرلمانات تمثل أطياف المجتمع إلى درجة كبيرة.
    ولعله الأكثر كشفاً في تفسير امتناع المواطن العربي عن محض ثقةٍ أعلى للبرلمانات والحكومات، وإيلاء أجهزة الأمن تقديراً أعلى، أن 53% من الرأي العام يرى أداء الحكومات سيئاً وسيئاً جداً، في توفير المياه وتحسين التعليم وتغطية الكهرباء وإيجاد حلول للبطالة ومعالجة مشكلات وقضايا خدمية وتعليمية ومعيشية أخرى. ولمّا كان الرأي العام يعتقد، بنسبة 80%، أن الفساد الإداري والمالي منتشر، ومنتشر إلى حد ما، وبنسبة 47% يعتقد أنه منتشر جداً، فإن هذا المعطى يسلحك بتفسيرٍ للظاهرة المتحدّث عنها، مضافاً إلى ذلك أن 25% فقط من المواطنين العرب يرون الحكومات تطبق القوانين بالتساوي بين الناس، و24% يعتبرونها تطبقها بمحاباة.
    حكوماتٌ هذه صورتها عند مواطنيها، وبرلماناتٌ لا حماس، ولا رغبة كبرى، في التصويت لانتخابها، ولا تبادر إلى القيام بوظائفها بكفاءة، كيف يمكن أن تحوز محبة الناس أو رضاهم؟ أما الجيش والشرطة والمخابرات، إذا ما كان الأمن والأمان ظاهريْن (هناك تفصيل لنسب متفاوتة في الاستطلاع من دولة إلى أخرى)، فلماذا لا نراهم بعين الرضا.. والمهابة؟


    تحالف الممانعة الروسي الإسرائيلي
    بقلم : سلامة كيلة عن العربي الجديد
    طرح اغتيال سمير القنطار في دمشق (جرمانا) مسألة الغارات الصهيونية على سورية بجدَّة أكبر مما طرحته غارات عديدة سابقة، خصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي، وتحديداً بعد نشر منظومة صواريخ أس 400 التي من المفترض أنها تحمي الأجواء السورية. السبب أن القنطار "ممانع"، يدافع عن النظام السوري، لكنه قتل في دمشق، على الرغم من الحماية الروسية للأجواء السورية.
    في الأمر، كما يبدو، تواطؤ روسي. حين تدخلت روسيا عسكرياً في سورية، سارع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى موسكو لتوقيع اتفاق تفاهم حول النشاط في الأجواء السورية، وتشكلت لجنة متابعة بإشراف نواب وزراء الدفاع، غرضها منع الاحتكاك في الأجواء السورية، وبالتالي، لتنسيق الطلعات الجوية. وأشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خطاب ناري أخيراً، إلى أن موسكو تنسق في الأجواء السورية مع إسرائيل والتحالف الدولي. بمعنى أن الطلعات الصهيونية في الأجواء السورية منسقة مع روسيا. إذاً، كيف تسمح روسيا بهذه الضربة؟ نفهم أن الدولة الصهيونية نسقت مع روسيا حول ما قرّرته منذ أمد، أي ضرب كل ما يتعلق بأسلحةٍ يمكن أن تنقل إلى حزب الله في لبنان، لكن الطائرات الصهيونية طاولت منظومة صواريخ سكود، وضربت في القلمون كذلك. والآن، في دمشق ضد "رمز مقاومة"، وحليف ممانعة.
    هذا يعني أن روسيا التي أتت لإنقاذ النظام تراعي المصالح الصهيونية بشكل كامل. ربما هذا ما دفع بوتين إلى إرسال مستشاره لتدارس الوضع السوري مع القيادات الصهيونية. أي لمعرفة ما هو الأفضل لها في ظل ما يمكن أن يجري من ترتيباتٍ خلال المفاوضات المقبلة بشأن سورية. وما يُفهم من ذلك أن الموقف الصهيوني أساسي في المنظور الروسي لسورية. وهذا يعني، أيضاً، أن التحكم الروسي بالقرار السياسي السوري سوف يفرض علاقة جديدة بين الدولة الصهيونية والنظام، وربما يحقق "الصلح" الذي ظهر أن بشار الأسد سعى حثيثاً إلى تحقيقه، كما ظهر في تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والتي كانت استمراراً لتواصل ومفاوضات جرت سنوات 2007/ 2008، رعتها تركيا حينها بطلب من النظام.
    وهو يعني، من ثم، أن ليس في المنظور الروسي وجوداً لـ "المقاومة"، وهو ما يظهر في سماحه للطيران الصهيوني بقصف السلاح الذي تعتبره الدولة الصهيونية خطراً عليها. لكن، لا شك في أن في هذا المنظور وجوداً لـ "الممانعة"، التي تعني "التعنت ضد أميركا"، وهذا ما يجمعها مع الدولة الصهيونية، وبالتالي، يجمعها مع محور الممانعة الذي خصّ فقط أميركا ولم يشمل الدولة الصهيونية. وربما هذا من العوامل التي تفرض التمسك باستمرار بشار الأسد، وأيضاً التمسك الصهيوني به.
    الآن، ربما غطى الدور الروسي في سورية على سياسات روسيا منذ سنوات، والتي ظهر أنها تعزّز تحالفها مع الدولة الصهيونية، لأنها تسعى إلى وراثة أميركا في "الشرق الأوسط"، والدولة الصهيونية جزء من هذا الإرث. كما أن ما يجعل بوتين يعتقد أنه قادر على "توظيف" هذه الدولة هو وجود حوالي مليون روسي غير يهودي فيها، إضافة إلى اليهود الروس، وأيضاً، تمركز المافيا الروسية فيها، وهي المافيا التي تلعب دوراً مهماً في الدولة الروسية. وككل منظور إمبريالي، ترى روسيا أن عليها أن تقيم إستراتيجيتها في "الشرق الأوسط" على الأساس نفسه الذي أقامته بريطانيا العظمى وأميركا الإمبريالية. وبهذا، فهي تتقدم للحلول محلّ أميركا للسيطرة على المنطقة، انطلاقاً من الوجود المركزي للدولة الصهيونية، وليس بعيداً عنها. وما يجري في الواقع، كما أشرت قبلاً، يوضّح هذا الأمر، فهي تسحق الشعب السوري، والدولة الصهيونية تصفي ما يمكن أن يشكّل خطراً عليها بمعرفة روسية.
    إنها تسحق ثورة الشعب السوري، وتسمح بتصفية بقايا "المقاومة"، لكي يجري ترتيب وضع سوري لبناني متصالح مع الدولة الصهيونية تحت السيطرة الروسية... كل التمنيات لحلف "المقاومة والممانعة"، أما الشعب السوري فسوف يهزم الاحتلال الروسي.

    حقوق الفلسطينيين على الطريقة الإسلاموية
    بقلم : حسام أبو حامد عن العربي الجديد

    في مجتمعات مسكونة بالأيديولوجي، الديني والسياسي، على حساب المعرفي والثقافي، يتحول أي طرح مخالفٍ لما هو مستقر في الوعي الجمعي، وترفعه الأيديولوجيا الدينية إلى رتبة المقدس، إلى موضوع للإدانة والتحريض على التكفير، بالحد الأدنى. وليس مستغرباً، أن يثير ما طرحه، أخيراً، الباحث والروائي المصري، يوسف زيدان، جدلاً واسعاً واحتجاجاً عنيفاً.
    يذهب زيدان إلى أن المقصود بالمسجد الأقصى، المذكور في القرآن الكريم "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى..."، ليس المسجد الأقصى القائم حاليا في فلسطين، بل هو مسجد في طريق الطائف. ويقدم زيدان المبرّرات التي دفعته لتبني فرضية، وجدت فيها الأيديولوجيا الإسلاموية خطراً يتهدد الحق الإسلامي في المسجد الأقصى.
    لا شك في أن تهافت زيدان على باب السلطان يشكل مأخذاً يصعب تجاهله، لكن كنا نأمل، مع ذلك، أن يناقش زيدان، كما هو مفترض، من موقع البحث العلمي الجاد والموضوعي، الذي وحده يخولنا قبول ما يقدمه أو تفنيده. أو على الأقل، التعامل معه من خلال القاعدة التي تركها لنا بعض السلف، وتقول" انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال".
    لم يخالف زيدان نصاً قرآنياً صريحاً، بل اختلف مع اجتهاداتٍ بشريةٍ فسرت ذلك النص، مستنداً، في الوقت نفسه، إلى بعضها الآخر (الواقدي مثلاً). وكغيره من الباحثين، يلجأ زيدان عموماً، في دراسته التاريخ العربي الإسلامي ما قبل عصر التدوين (150 هـ)، إلى تطبيق منهجية لغوية ألسنية مقارنة على النصوص المتاحة، بما فيها النص القرآني، باتت ملاذاً أخيراً للباحثين في ظل انقطاعات تاريخية، نتجت عن ندرة المعطيات الأركيولوجية، مع استمرار تعذّر أعمال التنقيب في شبه الجزيرة العربية، لأسباب باتت مفهومة.

    أما كتب التراث التي أرادت، منذ عصر التدوين الإسلامي، أن تُثبّت بدقّة (؟) ما حفظته الذاكرة الجمعية، من رواياتٍ ظلت متناقلة شفهياً، طوال حوالي قرنين، فإنها في مضمونها ومنهجيتها، تثير التساؤلات أكثر مما تقدم الإجابات. إذ حُكمت جهود المؤرخين، بعقيدة النظر إلى التاريخ بوصفه تحقيقاً للإرادة الإلهية في إدارة شؤون البشر، ولا سيما شؤون جماعة المؤمنين. ولم يؤرخ هؤلاء لماضيهم القصير نسبياً وحسب، بل ولماضي البشرية جمعاء، منذ لحظة خلق آدم، بما يتناسب وتصورات العقيدة الإسلامية، وبات من الصعب وضع خطوط فاصلة بين التفسير والتأريخ. وحين لم تفِ التقاليد المحلية الموروثة بالغرض، اضطر المؤلفون إلى استعمال التقاليد التاريخية الدينية، المسيحية، واليهودية الآرامية، التي لامست ما أشار إليه القرآن من مضامين تاريخية، في تصوراته حول خلق الكون والإنسان، وقصص الشعوب الماضية وأنبيائهم.
    يقول ابن كثير في تفسيره: "والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب، مما يوجد في صُحفهم، كروايات كعب ووهب - سامحهما الله تعالى - فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل، من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان وما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ". فوهب بن منبه (34- 114هـ)، هو سليل أسرة يهودية يمنية، روى عنه مسلم والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي تفسيراً. أما كعب بن ماتع الحميري (كعب الأحبار)، وهو من أصول يهودية أيضاً، فكان مقرباً من كبار الصحابة، لاسيما عبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب، فروى عنه أبو داود والترمذي والنسائي. ويخبرنا الطبري، في تفسيره، عن حجم المكانة العلمية التي تمتع بها كعب الأحبار، حين ينقل "مناظرته" مع أم المؤمنين عائشة. فحين ذهب كعب إلى أن هارون أخا مريم ليس هارون أخا النبي موسى، كذّبته عائشة، فقال لها: "إذا كان النبي قال هذا فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة"، فسكتت أم المؤمنين.
    لكن، وحتى مع هذا الإدراك المبكر، لاقتحام الإسرائيليات التراث الإسلامي، عند ابن كثير وغيره، استمر تدفق التراث التوراتي وتداوله إسلامياً، لتقوم الأيديولوجيا الإسلاموية المعاصرة، بإعادة إنتاج ذلك التراث على عواهنه، مع إصرارها على تحويل الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي إلى صراع ديني، يهودي إسلامي، الأمر الذي لا يشكل خطراً على الحقوق الإسلامية في فلسطين، وحسب، بل أيضا وخصوصاً، على حق الفلسطينيين في أرضهم.
    لعل ابن عثيمين يلخص الخطوط العامة للأيديولوجيا الإسلاموية، بتياراتها المختلفة، والتي ترسم موقفها من القضية الفلسطينية. فيؤكد، أن بني إسرائيل كانوا أولى بالأرض المقدسة، التي كتبها الله لهم كتابة قَدَرِية لا شرعية، لأنهم كانوا أفضل أهل الأرض زمن موسى، و يقول: "لما تخلف الصلاح في هذه الأمة، صار هذا التسليط، تسليط اليهود على هذا الجزء من الأرض. فالواجب علينا أن نقاتل اليهود وغير اليهود ممن كفروا بالله، لا على أساس الأرض، بل على أساس العقيدة"، ويذهب إلى أن الحق اليوم لم يعد لبني إسرائيل مسلمي زمانهم، بل لمسلمي اليوم أتباع النبي محمد. (تفسير سورة المائدة، ج،1 ص 258 وما بعدها).
    وفق هذه الأيديولوجيا، يصبح تاريخ الصراع على فلسطين حبيس دورات متتابعة، يتجلى فيها الحق الإلهي، مُتَبادَلا بين المُستحِقّين من مُسلمي الأزمنة المختلفة. بدأت أولى تلك الدورات بخسارة الفلسطيني، صاحب الأرض، حقه التاريخي فيها، لصالح حق إلهي مُنح لغزاة، يشفع لعدوانهم أنهم مسلمو ذلك الزمان. وفي دورة لاحقة، ومع الفتح الإسلامي، يحوز الفلسطيني حقاً في أرضه التاريخية، لا بوصفه فلسطينياً وصاحب الأرض، بل بوصفه مسلماً يحوز بدوره حقاً إلهيا. لكن، وبقدر ابتعاده عن عقيدته الإسلامية، أو "تخلف الصلاح"، بتعبير ابن عثيمين، بدأت دورة ثالثة، فقد معها حقه الإلهي في أرض المسلمين. أما ما ينبغي أن يكون إسلاموياً، وفي دورة أخيرة، هو العودة إلى الإسلام، عودة حصرية، على الطريقة الإسلاموية. وهكذا تتم إطاحة قيمة الأرض، باسم الحق الإلهي، فلا تعود لها قيمة في ذاتها، بل تستمده من ذاك الحق الممنوح لمسلمي الأزمنة المختلفة، حيثما وجدوا. ما يعني أيضا، إطاحة مفهوم الشعب وحقه في تقرير مصيره، طالما أصبح ذلك شأناً تقرّره السماء. أما النتيجة النهائية لهذا وذاك، فهي إطاحة التاريخ والجغرافيا في آن معا.
    عبر أسطورة الحق الإلهي الذي مَنَحَ "أرضاً بلا شعب لشعبٍ بلا أرض" حاولت الحركة الصهيونية الالتفاف على حقائق التاريخ. وكان من فضائل الثورة الفلسطينية المعاصرة التي فقدت، اليوم، بعضها للأسف، إلحاحها على علمنة القضية الفلسطينة، إدراكاً منها لضرورة تفنيد تلك الأساطير تاريخياً وعلمياً، فكان المسيحيون والدروز والمسلمون، وربما غيرهم، بمقدساتهم ورموزهم، شعباً واحداً، فلسطينيين أصحاب الأرض، يملكون وحدهم حق تقرير مصيرها ومصيرهم.
    ولعلنا نتساءل، أيهما أشد خطراً على مفهوم "الحق"، هل هي طروحات يوسف زيدان أو غيره من الباحثين، أم الاستناد إلى تراثٍ لم يُراجعه بما فيه الكفاية، وفق المنهجيات العلمية الحديثة، من يؤكد إمكانية التوفيق بين الإسلام والحداثة؟ ألا تكاد تجمع كتب التراث على أن أول من بنى المسجد الأقصى هو نبي بني إسرائيل سليمان بن داود؟ ألم تؤسس تلك الكتب المتأثرة بالإسرائيليات لمطابقة بين "صرح سليمان" المذكور في القرآن، و"بيت سليمان أو الهيكل" المذكور في التوراة، والذي بقي اعتقاداً إسلامياً (سنياً وشيعياً) متداولا حتى عام 1948؟ (انظر مثلا: ناصر خسرو في "سفر نامة"، وابن عاشور في "التحرير والتنوير").
    أي طروحات تخالف تلك النظرة الجامدة إلى التراث، وتلقي في ركوده حجراً، لا تهدد حقوقا إسلامية، بل تهدد، في الواقع، تلك الأيديولوجيا الإسلاموية القائمة على نظرية الحق الإلهي، والتي يتناسى أصحابها أنه، باسم هذا الحق، استوطنت إسرائيل أرض فلسطين التاريخية، فاقتلعت البشر والشجر، وتطالب اليوم بالاعتراف بها "دولة يهودية"، وباسمه، تجزّ "داعش" الرقاب، وتسبي النساء، وتقتلع من الوطن البشر وتاريخهم.
    مع ذلك الإصرار الأيديولوجي المستمر على نقل الصراع على فلسطين، من أرضية تاريخية حقوقية، قومية ووطنية، إلى أرضية دينية، تحت عنوان الحق الإلهي الذي يحوزه الأكثر "إسلاماً"، كان من الطبيعي، أن تُشَرّع الأبواب لزج القضية الفلسطينية في صراع سياسي مذهبي، أخذت معالمه تتضح يوماً بعد يوم. .. كان الله، ومن بعده التاريخ، في عون الفلسطينيين.
    "ما بعد" الإخوان!
    بقلم محمد أبو رمان عن الغد الأردنية
    تتسارع وتيرة الأزمة في أوساط جماعة الإخوان المسلمين، مع تبدّد الضباب المحيط بمشهد المرحلة المقبلة، ليكشف أنّنا سنكون أمام أكثر من لاعب إسلامي منبثق عن الجماعة. لكن الجماعة نفسها ستكون قد انتهت عملياً، وتحوّلت إلى ما يشبه المدرسة الروحية الدعوية الفكرية.
    قبل أيام، قدّمت قيادات في مبادرة "زمزم" استقالاتها من حزب جبهة العمل الإسلامي. وسيقوم عدد كبير في الفترة الحالية أو القريبة، ربما يصل إلى مئات الشباب، بتقديم استقالاتهم من الحزب، مع الاستعداد من قبل مجموعة "زمزم" للإعلان عن تأسيس حزب جديد، مع إعلان أوساط عبدالمجيد الذنيبات عدم نيّة الجماعة المرخّصة تأسيس حزب، واعتبار أنّ حزب "زمزم" يمثّلهم رسمياً في الانتخابات والحياة السياسية والمدنية عموماً.
    في المقابل، فإنّ التيار الممسك بعنان جماعة الإخوان أتمّ هو الآخر مخططات نقل جزء كبير من الثقل الذي كان بيد الجماعة، إلى حزب جبهة العمل الإسلامي. وهو يقوم بعملية إعداد البناء الأيديولوجي والهيكلي للاستعداد لمرحلة جديدة يحلّ فيها الحزب محل الجماعة، مع الإقرار مؤخراً بالفصل بين الطرفين، وتهميش الدور السياسي للجماعة بالتدريج، على غرار حزب العدالة والتنمية في المغرب أو حزب النهضة في تونس، اللذين يحملان ميراث الإخوان فكرياً وسياسياً.
    يبقى الطرف الثالث المهم في الجماعة، وهو مجموعة الإنقاذ والحكماء، التي باتت تتشكل حالياً من رموز الجماعة التاريخية، ومن القيادات الشبابية الإصلاحية المستنيرة، وتتوافر على مقومات مهمة، قد تفتقر إليها "زمزم" على المدى القريب؛ والمقصود هنا الامتداد الشعبي والاجتماعي لقياداتها، والاستقلالية الأكثر وضوحاً عن الدولة.
    "مجموعة الإنقاذ" (حمزة منصور، سالم وعبدالهادي الفلاحات، عبداللطيف عربيات، عبدالحميد القضاة، إسحاق الفرحان، جميل أبو بكر، وآخرون كثر)، أعلنت عن الخط العام لها، ويتمثّل في البقاء ضمن الإخوان المسلمين، لكن مع تأسيس كيان جديد، سيأخذ غالباً صيغة الحزب السياسي.

    أيّ أنّنا، على الأغلب أيضاً، سنكون في المرحلة المقبلة أمام مشهد جديد بالكلية، مختلف جذرياً عن المرحلة السابقة: جماعتان للإخوان المسلمين، تنتميان عملياً للأيديولوجيا نفسها، وإن اختلفت وتباينت رؤاهما في أولويات وسقوف العمل السياسي الأردني، وبدرجة أوضح الخلفيات الاجتماعية، لكن ما يجمع بينهما، وهو الأكثر أهمية ويمثل "نقطة تحول" كبيرة، أنّهما -أي الجماعتين- ستكونان مهمّشتين في العمل السياسي، وأقرب إلى الطابع الدعوي والروحي، أو الموروث الثقافي الممتد إلى حسن البنا.
    في المقابل، سنكون مبدئياً، على المدى القصير، أمام ثلاثة كيانات سياسية: حزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب الإنقاذ، وحزب البناء (زمزم)، إن لم تتوحد "زمزم"، لاحقاً، مع الإنقاذ؛ تتنافس فيما بينها في الانتخابات النيابية وعلى صعيد الحضور في المشهد السياسي. أي إنّ هناك عملياً عملية "تعويم" لحضور الإخوان السابقين في المشهد السياسي، مع التذكير أنّ حزب الوسط الإسلامي الحالي هو في الأصل ابن متمرّد على الإخوان.
    قد تكون هذه الأخبار سيئة لأبناء وأنصار جماعة الإخوان، والأطرف للقيادة الحالية التي ما تزال تعيش حالة "إنكار". لكن الأخبار الجيدة للجميع، أنّ الكيانات الجديدة، الثلاثة، بلا استثناء، تتحدث بلغة تصل إلى نتائج واحدة في التطور الأيديولوجي والسياسي، وإن اختلفت التفسيرات والعبارات.
    ما هي اللغة الأيديولوجية الجديدة؟ هي مزيد من التوجه نحو الديمقراطية؛ الفصل-التمييز بين العمل السياسي والدعوي/ الفقهي؛ الاقتداء بالنموذج المغاربي (البراغماتية والفصل بين الدعوي والسياسي) وبدرجة أعلى النموذج التركي-حزب العدالة والتنمية، والخروج من عباءة الإسلام السياسي، للانتقال إلى الإطار الوطني الإصلاحي العام؛ ومزيد من تمثيل الشباب والنساء والمرونة الفقهية.
    دعونا، إذن، نرصد ونراقب إعادة ترتيب "البيت الداخلي" للإخوان؛ أقصد "الشقق الجديدة" لما بعد الإخوان!

    رؤية متشائمة
    بقلم : ماهر ابو طير عن الغد ألأردنية
    غداً اول يوم في العام الجديد، ومما يؤسف له ان كل المحللين يرون في العام المقبل، عاما اكثر صعوبة مما مضى، لاعتبارات كثيرة، نراها امام اعيننا، خصوصا، في العالم العربي. على الصعيد الاقتصادي فإن هناك تراجعا حادا في اقتصاديات الدول في العالم، بما في ذلك الدول العربية، التي ستعاني من تراجعات سعر النفط، ومن عجز الموازنات، بما يترك اثرا سلبيا عليها، وعلى بقية الدول العربية التي على صلة بها، عبر المساعدات او التجارة، او العمالة، فلا يمكن هنا، تحت اي عنوان، ان يقال ان العام المقبل، احسن، او اننا سنبقى في ذات الدرجة من التراجعات. يزيد من حدة التراجعات الاقتصادية الحالة التي تعيشها منطقة الشرق الاوسط، سياسيا وامنيا، اذ اننا نواجه عدة حروب في عدة دول، تؤدي الى خلخلة الاقليم اقتصاديا، جراء عدم شيوع حالة الامن في العراق وسورية وليبيا واليمن ولبنان ومناطق اخرى. سياسيا فإن هناك توقعات عن تمدد حالة الفوضى الى دول تعتبر مستقرة، والمراقبون يرشحون دولتين على الاقل، بسبب الصراعات والحروب، او انتقال حالة التطرف وتنظيماتها الى دول جديدة، والتحليلات تتحدث ايضا عن اعادة تموضع لداعش والانتقال كليا الى ليبيا، مع فتح بوابات دولة جديدة لم تعمل بها داعش حتى الان. الصراعات الاقليمية الاتراك، الايرانيون، والتقاطعات مع دول عظمى، واتجاهات داخلية، سوف تتواصل وربما سوف يسعى كثيرون لحسم صراعات قائمة، مما يؤشر على انفلات امني اكثر حدة، واللجوء الى تسويات غير سلمية يبقى هو الثات الوحيد.
    على صعيد الاحتلال الاسرائيلي، يبدو العام المقبل، كذات سابقه، فالقضية الفلسطينية غابت، ويزداد غيابها، وليس من المتوقع ان تجد مكانها في السطح، امام تدهور الاوضاع الامنية والسياسية في كل المنطقة. يرى خبراء ايضا ان العام المقبل سيلعب دورا في اعادة رسم كل المنطقة، هدم كيانات قائمة، تشظي كيانات موجودة، وصراع للبقاء في دول اخرى، لان الزلزلة السياسية والامنية والاقتصادية، ستهدم الكيانات الهشة، التي صمدت حتى الان، وستؤدي فعليا الى نشوء كيانات جديدة، يستغرق اشهارها من سنتين الى ثلاث سنوات، وفقا لمعايير التسويات بين الدول الراسمة للسياسات في المنطقة. ما يمكن قوله بصراحة ان العام المقبل عام صعب جدا، اذ خلفه خمس سنين من التطاحن، واذا كان يفترض ان ينتهي هذا التطاحن، الا اننا على الارجح، نواجه تتمة لهذه العمليات، بشكل اكثر حدة.
    يرى خبراء هنا ان الاخطر يتعلق بتوليد بؤر جديدة للصراع، اذ على ما يبدو ان الخارطة، ستشهد انتقالا للنيران الى كيانات اخرى، جراء اشتعالها في كيانات قائمة حاليا، وهذا سوف يعمق من الازمة. برغم ان البعض يعتقد ان المنطقة في طريقها لتسوية ازماتها، الا ان هذا الرأي متفائل، فتسوية الازمات بحاجة الى قرار دولي، والى بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية، تساعد على هكذا تسويات، وكل هذه العناصر غائبة، بل ان بعض القائم منها، في طريقه للغياب. حتى نقرأ العام الجديد، علينا بحياد تام، ان نفهم ان ترحيل الازمات من العام الحالي الى العام المقبل، سيؤدي الى اعادة جدولتها، لكن بفوائد سياسية وامنية اكثر، وكلف قد لا يحتملها كثيرون.
    الحوار الفلسطيني مع النفس قبل الحوار مع الأخر
    حمادة فراعنة عن الدستور الأردنية
    بيان حاد أصدرته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بحق محمد المدني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مفوض العلاقات مع مؤسسات المجتمع الإسرائيلي وضد محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين ، على خلفية مشاركتهما في حوار مع شخصيات إسرائيلية ، في نفس الوقت الذي يتواصل فيه وخلاله عمليات المواجهة الجماهيرية الشعبية منذ بداية شهر تشرين أول أكتوبر 2015 وحتى يومنا هذا ، ضد جيش الإحتلال وأجهزته الأمنية وميليشيات المستوطنين الأجانب في القدس وباقي أراضي الضفة الفلسطينية وسقوط الشهداء من الشباب والصبايا ، في عمليات إغتيال منظمة منهجية تستهدف قتل الشباب والشابات الفلسطينيين المنتفضين ، ومن خلالهم قتل روح المقاومة وإحباط مبادرات رفض الإحتلال لدى الفلسطينيين ودفعهم نحو قبول مشروع الإحتلال الإستيطاني التوسعي ، والتكيف مع برنامجه الأقتصادي ، والرضوخ لسياسات التهويد والأسرلة التي يتبعها ، في القدس والضفة ، ومواصلته سياستي الحرب المتقطعة المرافقة مع الحصار الدائم على قطاع غزة ، إضافة إلى التمييز في مناطق 48 ، ورفض عودة اللاجئين إلى وطنهم وبيوتهم وأراضيهم التي طردوا منها .
    بيان الجبهة الشعبية يربط بين سلبية الحوار المكلف به محمد المدني مع المجتمع الإسرائيلي ، وبين سياسات وسلوك المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، موحياً وكأن حالة الرضى متوفرة لدى المدني والهباش ، نحو ما يقوم به جيش الإحتلال وأجهزته ، عاكساً البيان رفض سياسة الحوار وضد محاولات إختراق المجتمع الإسرائيلي الهادفة إلى كسب إنحيازات إسرائيلية لعدالة القضية الفلسطينية ومشروعية النضال الفلسطيني ضد المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي برمته ودحره .
    المدقق المتمعن المراقب الذي يتحلى بالمسؤولية الوطنية ، يرى صواب الموقفين المتعارضين موقف حركة فتح وموقف الجبهة الشعبية ووجاهة إجتهادات الطرفين ورؤيتهما السياسية ، موقف حركة فتح من خلال محمد المدني وفريقه ومهامه السياسية والوظيفية ، عبر محاولات مخاطبة الإسرائيليين وإختراق صفوفهم وكسب إنحيازات من داخلهم لصالح النضال الفلسطيني ، مثلما يرى صواب دوافع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في نقد سياسة حركة فتح الأستفزازية ، حيث الحوار مع “ العدو وتطبيع العلاقات معه “ ، في ظل هذه الأجواء الدامية والأستشهادية ، وفشل كافة مشاريع التسوية عبر المفاوضات المنفردة أو الثنائية .
    المراقب المدقق الذي يرى صواب الموقفين ليس إنتهازياً ، أو ممالئاً للطرفين ، أو محاولة إرضاء الطرفين معاً فتح والشعبية ، بل لأن هذا المراقب يرى الفشل في سلوك الطرفين والفصيلين في تعاملهما مع بعضهما البعض أمام إشتداد عمليات المواجهة ضد العدو الواحد المشترك ، فالمطلوب ليس تراجع حركة فتح عن برنامجها الكفاحي المطلوب والضروري في محاولة إختراق المجتمع الإسرائيلي ، وليس البديل عن ذلك برنامج الجبهة الشعبية اليساري في مقاطعة المجتمع الإسرائيلي لأن المجتمع الإسرائيلي برمته ، إستيطاني إستعماري توسعي عدواني عنصري ، فالذي يكتبه وينشره جدعون ليفي وزميلته عميرة هيس ويفضحان سياسات الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني لا يملك العديد من الكتاب الفلسطينيين قوله وفعله ، وما يؤديه النائب دوف حنين يفوق أداء العديد من زملائه من النواب العرب الفلسطينيين في القائمة المشتركة ، وهذا يعني أن “ ليس كل تفاح السلة معطوب ولا يصلح أكله “ ، إضافة إلى بواسل بعض الإسرائيليين الرافضين للإحتلال وللإستيطان والمشاركين مع بواسل الشعب الفلسطيني في الأحتجاجات ضد الإستيطان وسياسات الإحتلال وفضحها .
    المطلوب من طرفي المشاركة السياسية ، رفاق النضال ، حركة فتح والجبهة الشعبية ومعهما الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وحركة فدا وباقي الفصائل في إجراء النقاش الداخلي والحوار الجدي في إطار المؤسسات الفلسطينية المختلفة والتوصل على أرضية هذا النقاش المسؤول والحوار البرنامجي ، إلى صيغ من التفاهم والشراكة وتوزيع الأدوار بما يخدم المصالح الوطنية للشعب العربي الفلسطيني نحو إستعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة ، فالحوار والتوصل إلى صيغ الشراكة الحقيقية عبر العناوين الثلاثة : 1- مؤسسة تمثيلية موحدة وهي منظمة التحرير ، 2- برنامج سياسي مشترك ، 3- أدوات كفاحية متفق عليها ، هو الذي يختزل عوامل الزمن ويوفر الأرضية المناسبة لمواصلة الكفاح ، ويجعل الأداء والفعل الفلسطيني مؤثراً على طريق تحقيق الأنتصار ، إنتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وهزيمته .
    فالعلاقة الفلسطينية مع المجتمع الإسرائيلي محكومة بثلاثة عوامل : أولها أنه مجتمع عدو يجب العمل على إختراقه وتفتيت صفوفه ، وثانيها أنهما جيران وعلى الفلسطينيين إختيار الكيفية للتعامل والتعايش معه ، وثالثها أن من بعض صفوفه أصدقاء يجب التعاون معهم ، وهذا يتطلب سياسة فلسطينية موحدة مشتركة متفق عليها سلفاً بدلاً من سياسة رمي الكرة في وجه الأخر كما هو حاصل بين حركتي فتح وحماس ، فهذه السياسة التصادمية أدت إلى الكوارث التي يعيشها الشعب العربي الفلسطيني ويدفع ثمنها غالياً من حياته وعلى حساب حقوقه ولصالح عدوه الذي لا عدو له سوى الإحتلال ومشروعه وأجهزته .

    خلافات «الإخوان» .. رؤية من الداخل
    بقلم: د.رحيل محمد غرايبة عن الدستور الأردنية

    تطور الخلاف داخل الجسم الإخواني ووصوله إلى هذا المستوى المتفاقم جذب اهتمام كثير من الكتاب والمراقبين السياسيين على مستوى العالم، وأصبح هناك كم كبير من المقالات والتحليلات التي تعالج الموضوع من وجهات نظر أصحابها، والذين يبتعدون ويقتربون أحياناً من جوهر الخلاف بحسب حجم المعلومات ومصدرها، وفي أغلب الأحيان تأتي موجهة ومقولبة بحسب مصدر الدعم المالي وحجمه.
    بعض هذه التحليلات اعتمد أصحابها على منهجية تسطيح الخلاف وتبسيطه، بحيث لا يتعدى حسب وجهة نظرهم المسائل الشخصية، وأنها جاءت نتيجة حساسيات ومشاحنات بين بعض أفراد النخبة القيادية، وبعضهم يذهب إلى أكثر من ذلك عندما يصفها بأنها نزاع على المواقع القيادية في الجماعة ومؤسساتها وأعتقد أن هذا النوع من المعالجة ليس صحيحاً، ويذهب بعيداً عن جوهر الخلاف فضلاً عن الإساءة لطرفي الخلاف، والإساءة لأصحاب التحليلات أنفسهم، والإساءة إلى الجماعة كلها، بالإضافة إلى أن هذا الأسلوب بالوصف لا يفضي إلى معالجة الموضوع ولا يفضي إلى تقريب وجهات النظر مطلقاً، بل يتضح مقصد التعمية على الحقيقة وتعمد زيادة حجم التيه لدي اتباع الجماعة، مما يجعل الحل منحصراً بإجراء المصالحات واتباع منهج الترضيات.
    الخلاف بين الأطراف كبير وعميق وجوهري، وقد أمضت الأطراف وقتاً كبيراً في محاولة ردم الهوة، وقد تم بذل جهود مطولة عبر مراحل تاريخية متتابعة، ولكنها باءت بالفشل بالرغم من التوافق الظاهري أمام الناس وحجب المعلومات عن الصحافة والإعلام، إلّا ما كان يتم تسريبه بطريقة مقصودة؛ عبر قنوات معروفة وشخصيات معروفة، أدمنت على تشويه الخصم وشيطنته، من أجل الاستحواذ على زمام التنظيم ومحاصرة الخصم والرأي المخالف.
    جوهر الخلاف يتمثل بعدة أمور رئيسية، بالإضافة إلى أمور فرعية وتفصيلية كثيرة، ويمكن الإشارة إلى بعضها على سبيل الاختصار:
    الأمر الأول يتمحور حول أمور فكرية تمس جوهر التنظيم تتعلق بالنظر إلى الأنظمة والمجتمعات بأنها «جاهلية»، ويصر فريق على عدم تسميتها بالإسلامية، وقد خضنا صراعاً طويلاً مع بعضهم عند كتابة الخطط العامة للجماعة، وكان يصر على هذا الرأي، وهذه أمور يجب أن تعرف لجميع أفراد الجماعة ولجميع أفراد المجتمع ويجب أن لا تبقى حبيسة في الصدور، ومسألة الطبطبة عليها يلحق ضرراً بالجماعة ومستقبلها، لأن فريقاً منهم يتصدر المواقع القيادية حتى هذه اللحظة، وما زال يمارس التوجيه والتبعية منطلقاً من هذه الفكرة، بينما ذهب الفريق المقابل إلى ضرورة تبني طرح سياسي واضح وحاسم، يقوم على إعلان المطالبة بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، واعتبار أن هذه المجتمعات مجتمعات إسلامية، وينبغي ممارسة العمل السياسي من خلال الانخراط بها، وليس الانعزال عنها أو تقويضها.
    المسألة الخلافية الثانية تخص الأردن على وجه التحديد؛ هي ضرورة الانخراط في إنجاز المشروع الوطني الأردني، بحيث يكون عنوان العمل السياسي والاجتماعي والثقافي، من خلال الإسهام في بناء الدولة الأردنية القوية مع كل الخيرين من أبناء هذا البلد الوطن عن طريق المشاركة الحقيقية مع جميع شرائح المجتمع ومكوناته وضرورة التخلي عن منهجية الشعارات العامة الفضفاضة، ولقد تأخر البدء بإنجاز هذا المشروع طويلاً جداً، وما زال لدى الجماعة عوائق منهجية وبنيوية عديدة لم يتم معالجتها، وتأتي تحليلات بعضهم التضليلية من باب الاستمرار في إعاقة عملية انخراط الجماعة الحقيقي بالمشروع الوطني الأردني الذي ينبغي أن يمثل الأولوية الأولى للجماعة الذي لا تسبقه أولوية أخرى.
    وهنا ينبغي الحديث بصراحة أن النظرة إلى الأردن يجب أن ترتكز على الاعتقاد بأنها دولة قوية ومجتمع قوي قائم بذاته، ليس تابعاً لدولة أخرى، وليس ساحة لمشروع آخر، ولا يستمد العمل السياسي فيه شرعيته من أي طرف خارجي، ولا يحتاج إلى أخذ إذن من أحد، وصاحب هذا المشروع هو الشعب الأردني وحده، ولا يخص مشروع الدولة والوطن شريحة معينة أو مكوناً محدداً، فكل من يؤمن بهذا الوطن وهذه الدولة ويعمل لخدمتها فهو جزء من هذا المشروع دون نظر إلى أصله و فصله أو مسقط رأسه.
    المسألة الخلافية الثالثة التي تفجرت مؤخراً تتمثل بضرورة التصويب القانوني لوضع الجماعة ، الذي يتيح العمل العلني المكشوف تحت الشمس، وهذا يقتضي بيان العضوية والانتساب والنشاط المالي، الذي يوّفر الغطاء القانوني والمظلة الشرعية التي تحمي الجماعة، وتحمي وجودها في ظل الظروف المتغيرة التي اجتاحت المنطقة، وكثرة المنظمات المتطرفة التي اخترقت المجتمعات العربية وعبثت بشبابها، ومن ثم إعلان الانخراط بمنظومة الدولة القانونية دون مواربة، وممارسة العمل السياسي تحت مظلة الدستور والقانون بكل صراحة ووضوح، ولا يكون ذلك على سبيل التكتيك والانحناء المرن للظروف فقط.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 09/08/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-09-09, 11:05 AM
  2. اقلام واراء عربي 19/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:15 AM
  3. اقلام واراء عربي 18/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:13 AM
  4. اقلام واراء عربي 17/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:07 AM
  5. اقلام واراء عربي 16/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:06 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •