النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 20/12/2015

  1. #1

    اقلام واراء عربي 20/12/2015

    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG][IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif[/IMG]





    في هــــــذا الملف:
    عيون وآذان (صحافيون عالميون شهود على إرهاب اسرائيل)
    بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
    «استطلاع» يزكي خيار «الميدان»
    بقلم: علي جرادات عن الخليج الإماراتية
    فلسطين والضمير العربي
    بقلم: صالح أبوأصبع عن البيان الإماراتية
    كيري وحل السلطة!
    بقلم: فايز رشيد عن الوطن العمانية

    بمناسبة الاتفاق «المبدئي» بــيـن تركـيـــا وإســـرائـيــل
    بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
    فقاعة الهجرة إلى إسرائيل
    بقلم: برهوم جرايسي عن الغد الأردنية
    لماذا تفشل الانتفاضة؟
    بقلم: سامي سوالمة عن الأخبار اللبنانية
    عن عودة التطبيع بين تركيا وإسرائيل
    بقلم: خورشيد دلي عن العربي الجديد







    عيون وآذان (صحافيون عالميون شهود على إرهاب اسرائيل)
    بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
    تلقيت من الاتحاد الوطني للصحافيين البريطانيين النشرة الدورية الأخيرة، ووجدت أن أول موضوع فيها كان «في خط النار» بقلم ميشيل ستانستريت، الأمين العام للاتحاد، فقد كانت شاهد عيان على معاناة الصحافيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة خلال مؤتمر ضمّ أعضاء من الاتحاد العالمي للصحافيين. ليس لي فضل في مقال اليوم سوى الترجمة والاختصار:
    الفيديو «كليبات» تتوالى. غوغاء من المستوطنين اليهود يرفعون العصي التي كانت قبل دقائق على أعلام ويهاجمون فريق تصوير، فيضطر المصور والمراسل الى دفع المهاجمين عنهما بالمثلث المعدني الذي كانت الكاميرا منصوبة عليه.
    بعد الصراخ على مصور فلسطيني ودفعه، يضربه جندي إسرائيلي بعقب بندقيته، ويركل الكاميرا بعيداً فتسقط والمراسل المرافق على الأرض.
    المراسلون الفلسطينيون الذين يرفضون مغادرة المكان حيث قُتِل مراهق فلسطيني، يُلكمون ويُرشّون بمسحوق الفلفل.
    مراسلة تسقط أرضاً وهي تصرخ ألماً، بعد أن أطلق جندي إسرائيلي النار عليها وأصابها في ذراعها. زملاؤها الذين يحاولون مساعدتها ووقف النزف، يصرخ عليهم الجنود ويهدّدونهم.
    الجميع مراسلون فلسطينيون ومصوّرون، والكل يرتدي سترة واقية تقول إنهم صحافيون، والكل مستهدَف لمجرد أداء عمله.
    «الكليبات» التي صُوِّرَت في تشرين الأول (أكتوبر)، تسجل حوادث مروّعة أصبحت العادة في معاملة الصحافيين الفلسطينيين، وقد رأيتها مع أعضاء آخرين من الإتحاد الدولي للصحافيين، عندما قابلنا المراسلين والمصوّرين الفلسطينيين في القدس في تشرين الثاني (نوفمبر).
    قدِّمَت لنا المرطبات وحكى لنا علي، وهو مصوّر فيديو عمره 30 سنة، كيف أصيب بالرصاص في بطنه عند مدخل المسجد الأقصى، وكيف رفض الجنود طوال 30 دقيقة استدعاء سيارة إسعاف لنقله. هو اتصل عبر «الموبايل» بصديق لإنقاذه، فجاء على دراجة نارية، وساعد مشاهد علياً على الجلوس وراء صديقه.
    علي قال إنه أصيب برعبٍ، فالنزف لم يتوقف وهو لم يرد البقاء في المستشفى خشية أن تصل الشرطة الإسرائيلية لاعتقاله. هو كشف لنا عن بطنه حيث رأينا جرحاً بحجم قبضة اليد.
    آخرون في المجموعة نجوا من إطلاق الرصاص. أحمد قال إن الرصاص أطلق عليه مرتين والخطر دائم. هو يعمل مصوراً مع محطة تلفزيون، وقال: «الشهر الماضي كنت أصور طفلاً أطلق عليه جندي إسرائيلي الرصاص عندما أمسك مستوطن سكيناً وزعم أنني كنت أريد أن أطعنه بها. وتملّكني الخوف لأنني قد أرمى بالرصاص وأتَّهَم بأنني البادئ».
    كريستين، وهي مراسلة لمحطة تلفزيون، أصيبت في عينها بعد هجوم عليها في وقت سابق من السنة. قالت: «لقد تغيّرنا من ناس تنقل الأخبار لنصبح نحن الأخبار. الشرطة تعرف مَنْ نحن وتهددنا وتراقب هواتفنا وميديا الإنترنت ونواجه الاعتقال في أي لحظة».
    ... حالياً هناك 17 صحافياً فلسطينياً في سجون إسرائيل، وحكى لنا مراسلون كيف يستهدف الجنود الأيدي بالرصاص، ويوجد مصور أصيب بإثنين وثلاثين جرحاً منذ بدئه العمل سنة 1990 وعند وجودنا. وفي الأيام التي سبقت وصولنا، أغلقت محطة إذاعة ثانية في الخليل، ما جعل 80 صحافياً من دون مورد رزق.
    أتوقف هنا لأقول إنني اختصرت والمقال كله من هذا النوع، فأشكر كاتبة المقال ميشيل ستانستريت والاتحاد الوطني للصحافة، الذي انضممتُ إليه سنة 1978، وبقيت عضواً حتى سافرت الى الولايات المتحدة.

    «استطلاع» يزكي خيار «الميدان»
    بقلم: علي جرادات عن الخليج الإماراتية
    في 9 ديسمبر/ كانون الأول 1987، عاش مخيم جباليا فاجعة استشهاد ستة من أبنائه، لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا يقصدون سبيلهم، (كما مئات آلاف العمال الفلسطينيين)، بحثاً عن قوتهم وقوت عائلاتهم في «مناطق 48» التي اقتلعوا منها، وطال صبرهم على العودة إليها. كان ذلك قبل 28 عاماً، حيث أوقد سكان مخيم جباليا نار مدافئهم لاتقاء برد الشتاء، وقدحوا شرارة نار إطارات مشتعلة وزجاجات حارقة، ليكون الحادث عود الثقاب الذي أشعل فتيل انتفاضة شعبية عارمة شقت عنان السماء، ودخلت بحروفها المكتوبة بمداد من دم ونار، إلى القواميس العالمية، حيث هبّ الشعب الفلسطيني، شيباً وشباناً، نساء ورجالاً، ومن كل الفئات الاجتماعية، في عموم شوارع المدن والقرى والمخيمات.
    ارتبك وزراء حكومة الاحتلال الصهيوني آنذاك، خصوصاً وزير الحرب رابين الذي كان تمنى «لو أن البحر يبتلع غزة»، لكنه، من فرط عنصريته ووهمه بأن «الفلسطينيين يخضعون للقوة»، وبأن «تحسين شروط معيشتهم»، وليس تطلعهم للحرية والاستقلال، هو محركهم الأساسي، أمر، (رابين)، بتكسير العظام، فصب الزيت على نار الانتفاضة. وأمر بإخراج الأطر والمنظمات القطاعية والنقابية والجماهيرية على القانون، فصارت «اللجان الشعبية» عناوين الوطنية الفلسطينية في كل حي. وأمر بمداهمة المدن والقرى والمخيمات، فواجهته لجان الحراسة والمقاومة. وأمر بفتح معتقلات جديدة في أقاصي صحراء النقب، فصارت مدارس للثورة والانتفاضة.
    في حينه واجه الاحتلال وجيشه وأجهزته الأمنية شعباً، منظماً، منتظماً، ومنضبطاً لتوجيهات «قيادة وطنية موحدة»، خرجت من صلبه، وتقدمت صفوفه، وأصغت لرغباته، وطال أعضاء تشكيلاتها سيف الاعتقال والإبعاد إلى خارج الوطن، فنالت ثقته واستحقت أن تكون قيادة ل«الانتفاضة الكبرى» التي أتعبت الاحتلال، وحيدت، بطابعها الشعبي، قوته العسكرية، وتفوقت عليه سياسياً وأخلاقياً، بل وجعلت دحر الاحتلال وانتزاع «الحرية والاستقلال»، الهدف السياسي الناظم للفعل الميداني، إمكانية واقعية. أما الشعب المنتفض عن بكرة أبيه، فلم يتعب، بل ظل عنفوان الميدان هو سيد الموقف.
    بذلك وقعت قيادة المنظمة في التقدير السياسي الخاطئ، فعوض التمسك بورقة الانتفاضة وتعميقها وتطويرها لدفع الصراع إلى استعصاء سياسي لا فكاك منه إلا بزوال الاحتلال بأشكاله، حملتها للدخول في معركة دبلوماسية، ظناً منها، أنها حققت تعادلاً في ميزان القوى ولكن الاحتلال تعامل مع الحركة الفلسطينية بابتزاز حتى اعتصر منها أوسلو الذي قطع السياق. وحين انسدت الآفاق أمام المفاوضات بانتهاء العمر الزمني لأوسلو في مايو/ أيار 1996، كان لا بد من مواجهة، فاندلعت هبة النفق المسلحة عام 1996، وشكلت بروفة لانتفاضة ال2000، لكن ظروفها المختلفة سرعان ما حولتها، مقارنة بانتفاضة 87، إلى انتفاضة شبه عسكرية، استطاع الاحتلال أن يضربها ضربة قاسية بالاجتياح وحصار مقر الشهيد ياسر عرفات، لندخل بعدها مرحلة مفاوضات «مؤتمر أنابوليس»، بعد انقسام داخلي مدمر ما زالت مفاعيله تفعل فعلها.
    والآن، في الذكرى 28 لانتفاضة 87، وفيما تجترح انتفاضة القدس المستمرة مساراً ميدانياً للقطع مع خيار مدريد-أوسلو العقيم، وضمناً مع خيار الانقسام العبثي، كشف استطلاع للرأي أجراه «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية»، وحظيت نتائجه باهتمام سياسي عالٍ، عن رأي الحالة الشعبية الفلسطينية في نخبها القيادية وخياراتها، سواء لإدارة التناقض الأساس- الصراع- مع الاحتلال، أو لإدارة التناقضات الثانوية داخل الصف الوطني. فحسب هذا الاستطلاع ثمة 67% من المستطلعة آراؤهم يؤيدون استخدام السكاكين في المواجهة الجارية مع الاحتلال، و66% يعتقدون أن تطوير المواجهات إلى انتفاضة مسلحة هو الكفيل بتحقيق الحقوق التي لم تستطع المفاوضات تحقيقها، فيما 50% يرون أن الانتفاضة الشعبية الواسعة هي الكفيلة بتحقيق هذه الحقوق.
    هذا بينما يؤيد 60% الانتفاضة، شعبية كانت أو مسلحة، و68% يؤيدون التخلي عن أوسلو، و64% يدعمون وقف التنسيق الأمني، فيما 52% يعتقدون أن «إسرائيل» سوف توقف الاستيطان إذا تخلى الفلسطينيون عن أوسلو. أما «حل الدولتين» فيؤيده 45%، فقط، بينما يعارضه 54%. واتصالاً بكل ذلك تراجعت شعبية السلطة الفلسطينية لدرجة غير مسبوقة، ف (70%) غير راضين عن أداء قيادتها ويؤيدون استقالة رئيسها، ويرون أنها سلطة فاسدة، وأن قيادتها غير جدية في التخلي عن أوسلو. أما شعبية طرفي الانقسام، «فتح» و «حماس»، فتدنت، حيث حصل كل منهما على تأييد 33%، فقط، بينما بلغت نسبة التشاؤم تجاه إمكانية تحقيق «المصالحة الوطنية» 66%.
    ولا عجب. فعلى الرغم من مرور 8 سنوات على الانقسام، أبدع الشعب الفلسطيني، وطور هبة القدس إلى شكل انتفاضي جديد، يتصدره جيل جديد خلَّف خيار أوسلو والانقسام وراء ظهره، واستعاد زمام المبادرة، وخيار المقاومة والوحدة، باعتباره الخيار الوحيد والموثوق لدحر الاحتلال وانتزاع الحرية والاستقلال. إننا أمام شعب يقود نخبه القيادية نحو الطريق الأصوب لإنهاء الاحتلال وانتزاع هدف الحرية والاستقلال، من جهة، ولإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، من جهة ثانية.
    فهل نراهن على الشعب الذي لا يكل؟ نعم. ولكنها الطاقات البشرية المحدودة تفعل فعلها، وعليه فإن الشعب لن يرحم كل من تهاون مع دمه، وسيصدر حكمه القاسي عليهم في لحظة حساب عسيرة. وفي نتائج الاستطلاع آنفة الذكر ما يغني عن الشرح.

    فلسطين والضمير العربي
    بقلم: صالح أبوأصبع عن البيان الإماراتية
    ما يجري في الوطن العربي اليوم يدمي القلب، وخصوصاً أن ما نشاهده كل يوم هو المزيد من الضحايا، والمزيد من الدمار، الذي صنعته الأيادي الظلامية، وهي تحاول قتل إرادة الحياة في أرجاء مختلفة من الوطن العربي.
    يقف المرء وهو يتابع الأخبار متسائلاً: لماذا كل الأخبار السيئة والمجازر والمعاناة البشرية الآن هي من نصيب منطقتنا، وهذا يجعل قدرة المرء على المتابعة محدودة، ويحاول الهرب من تلك المشاهد المكدرة، التي تنزع من المرء البهجة، وتحيله في أحسن الأحوال شخصاً لامبالياً، وقد يأخذ معه قراراً بأنه لن يتابع الأخبار، وحتى لو تابعها فإنها تصبح بالنسبة له أخباراً مألوفة لا تحرك لديه ساكناً.
    حينما تصبح المعاناة لدى المرء يومية يحاول أن يعيش بطريقة، يهرب فيها للتخفيف من حدة المعاناة. هذا الأمر هو ما يجري لدى الفلسطيني، الذي يعيش يومياً مع عسف الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه اليومية في قتل الأبرياء، وفي عرقلة حياته اليومية، من خلال الحواجز الإسرائيلية العسكرية، التي تحيل تنقله داخل وطنه إلى عذاب يومي.
    والفلسطيني لا سبيل لديه سوى التشبث بأرضه، التي يلتقط منها الحجارة، ليقاوم بها المحتل، الذي يدنس المسجد الأقصى في بيت المقدس، ويعمل على تقسيمه بين المسلمين واليهود، كما فعل في الحرم الإبراهيمي في الخليل، حينما قسّمه إلى شطرين.
    يصبح الفن أحد الأساليب، التي يحاول الفنان فيها التخفيف من المعاناة، وأصبحت المواقع الإلكترونية وخصوصاً تلك التي توفر الصوت والصورة المتحركة مجالاً خصباً للتفريغ عن الاحتقان، ومجالاً فسيحاً للدعاية السياسية والاجتماعية.
    ويلجأ الفنان إلى خياله لاستدعاء التراث والشخصيات الملهمة، للتعبير عن حلمه في مستقبل أفضل.
    في أحد الفيديوهات، التي انتشرت عبر الهواتف الذكية نشاهد فيديو يحكي قصة فارس عربي جاء من العصور الإسلامية القديمة إلى زماننا هذا بطريقة سرمدية، فوجد نفسه في دولة فلسطين ليلتقي شادي البوريني الشاعر والمغني الشعبي الفلسطيني.
    وما يلفت النظر في مثل هذا الفيديو بساطته في التعبير عن فكرة الصراع العربي- الإسرائيلي، الذي أصبح في أيامنا هذه مجرد صراع فلسطيني- إسرائيلي بدلاً مما كان عليه قضية العرب الأولى، وخصوصاً أن العرب باتوا منشغلين في حروبهم الداخلية، والتقتيل الجماعي، والتكفير اللاعقلاني لشعوبهم. مثل هذا الفيديو يجد طريقه للانتشار السريع عبر الهواتف الذكية، وخصوصاً أنه يأخذ طابعاً غنائياً ودرامياً.
    من يتأمل مثل هذا الفيديو سيمكنه الحوار بين الفارس العربي، وبين شادي البوريني أن ينتقل إلى ما هو أبعد من ظاهرة الحوار، فاستقدام فارس من زمن قديم فيه إدانة واضحة لعرب اليوم في موقفهم من القضية الفلسطينية، التي كانت يوماً ما هي قضية العرب الأولى، والهم اليومي لدى الجماهير العربية.
    الفارس القديم هو حلم اليوم لاستنطاق الهمة العربية في ظل التناحر، والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد، وحينما يقف الفارس والشاعر معاً أمام القدس فإنهما يستلهمان التاريخ، ويستنهضان الهمم، التي انشغلت عن فلسطين، وما يجري على أرضها من استيطان بلع الأرض، ويتجاوز ذلك للاعتداء على حرمات المسجد الأقصى أولى القبلتين.
    الضمير العربي مخدر، والعدو الإسرائيلي يرتاح على وقع الاقتتال العربي، وجرائم داعش، والإرهاب، ونزيف البلدان العربية من الأرواح والأموال.

    كيري وحل السلطة!
    بقلم: فايز رشيد عن الوطن العمانية
    انتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري سياسة الحكومة “الإسرائيلية” حيال الصراع مع الفلسطينيين.
    ورأى أن السلطة الفلسطينية مهددة بالانهيار! جاء ذلك في سياق مقابلة له مؤخرا مع المجلة الأميركية “نيويوركر”. وقبل أسبوعين فقط، حذر وزير الخارجية الأميركي، من تدهور “النزاع” بين “إسرائيل” والفلسطينيين، بحيث إنه يمكن أن “يخرج عن السيطرة” داعيا الطرفين للتوصل سريعا إلى حل. وقال فور وصوله إلى بوسطن آنذاك، بعد لقائه قادة الطرفين خلال زيارة إلى المنطقة : “إننا قلقون للغاية حيال العنف وإمكانية خروج الوضع عن السيطرة، وإن السلطة الفلسطينية معرضة للانهيار”.
    من ناحية ثانية، نشرت صحيفة “هآرتس” الصهيونية مؤخرا، خبرا قالت فيه: إن المجلس الوزاري الصهيوني المصغر درس بجدية احتمال قيام السلطة الفلسطينية بحل نفسها، وكشفت عن أن “الكابينيت” درس خلال الأيام القليلة الماضية في اجتماعات استثنائية، دعا إليها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، سيناريوهات حل السلطة الفلسطينية، وذلك في أعقاب فشل مساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تقريب المسافة بين الكيان والسلطة الفلسطينية!.
    وأشارت نقلا عن مسؤولين شاركوا في الاجتماعات التي عقدت، إلى أن “وزراء إسرائيليين يعتقدون أن انهيار السلطة الفلسطينية قد يأتي لمصلحة إسرائيل، وبالتالي لا حاجة لتدخل إسرائيلي لمنع حدوث مثل هذا السيناريو”. إلا أن المستوى العسكري والأمني كان موقفه مغايرا من الموقف السياسي، حيث قالت الصحيفة إن “كبار المسؤولين في الجيش وجهاز الأمن العام الإسرائيلي، أعربوا عن قلقهم البالغ من إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية، التي قد تكون لها تبعات وتداعيات أمنية خطيرة”.
    على الصعيد الفلسطيني فإن صحيفتي “معاريف” و”هآرتس” الصهيونيتين أكدتا قبلا وفقا لرئيس ملف المفاوضات في السلطة صائب عريقات أن السلطة الفلسطينية أبلغت دولاً في العالم بما فيها “إسرائيل” والولايات المتحدة، نيتها حل نفسها (كان ذلك قبل بضعة أشهر) وحددت زمنا لذلك. مضى الزمن وفات الموعد ولم تنفذ السلطة وعودها! ذلك في إطار ما أسمته “نقل الصلاحيات إلى الاحتلال” ضمن خطة متدرجة في نقلها، بحيث تبدأ بالصلاحيات المدنية كالصحة والتعليم، وتأجيل الصلاحيات الأمنية إلى وقت لاحق!.
    بدايةً، نتمنى لو جرى تطبيق ما أكده عريقات، فكاتب هذه السطور دعا إلى حل السلطة منذ سنوات طويلة، فحقيقة الأمر أن هذه السلطة ليست سلطة، بل يريدها الكيان كوكيلة عنه في ممارسة الإشراف الحياتي على الفلسطينيين في المناطق المحتلة، دون امتلاكها لأية مظاهر سيادية، يريدها كممثل عنه في حفظ الأمن ومنع القيام بأية عمليات ضده، يريدها سلطة خاضعة للإملاءات “الإسرائيلية”… وهذا ما لا يقبله الفلسطينيون.
    كذلك، لا نفهم جدية الحديث عن انهيار السلطة، في ظل تهميش منظمة التحرير الفلسطينية وكافة مؤسساتها، فالقائمون على السلطة ارتأوا فيها بديلاً عن م.ت.ف، لذلك انصبت كل جهودهم على تقوية مؤسساتها على حساب مؤسسات منظمة التحرير. بالتالي، فلا نية لحل السلطة أو السماح بانهيارها، لا صهيونيا ولا أميركيا ولا فلسطينيا! رغم كل ذلك تتحدث هذه الأطراف، وبخاصة كيري عن إمكانية حل السلطة عن طريق انهيارها!.
    بالفعل، لقد أفلست السياسة الأميركية في المنطقة وباتت تبعث على الرثاء، بعد أن ذهب بها غرور القوة والغطرسة والصلف بعيدا في ازدراء دروس التاريخ وحقائقه، بعدم احترام حقوق الشعوب وإدارة الظهر للقانون الدولي، في الوقت الذي تواصل فيه التغني بالقِيَم الأميركية، والمناداة بحقوق الإنسان وغيرها من المساخر، التي لم تعد تجد لها رصيدا بين الشعوب على الصعيد الدولي، وبخاصة في استمرارها بدعم الأنظمة الديكتاتورية وتشجيع الفوضى داخل الدول، وتَبَنّي منظمات الإرهاب وتلك التي تزعُم أنها مُعارِضة لأنظمة لا تتماشى مع السياسة الأميركية أو أقله في أن لها وجهة نظر لا تلتقي بالضرورة مع المصالح الأميركية.
    لم يتطرق كيري أبدا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولم يقل إن الاستيطان المنتشر في أراضي الضفة الغربية، هو غير شرعي، وغير قانوني،.. فقط حذر من أن انهيار السلطة سيجعل (45) ألف شرطي فلسطيني في حال بطالة، وعندها يمكن أن تحدث أضرارا أمنية، متجاهلاً، الأوصاف المُهينة التي أطلقها عليه وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، والاستهزاء بجهوده الفاشلة مُتهِماً اياهبأنه يرمي للفوز بجائزة نوبل على حساب “الأمن الإسرائيلي”!

    بمناسبة الاتفاق «المبدئي» بــيـن تركـيـــا وإســـرائـيــل
    بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
    تركيا وإسرائيل على وشك التوقيع على اتفاق “نهائي” لاستعادة العلاقات (التي لم تُقطع أصلاً) وتطبيعها، وطي صحفة الخلاف المتأسس على حادثة “مرمرة” في العام 2010... الاتفاق “المبدئي” الذي جرى التوصل إليه في سويسرا، وفقاً لوكالات الأنباء، والذي جاء بمبادرة وإلحاح تركيين، ينص على جملة أمور من ضمنها: (1) تخصيص صندوق تعويضات إسرائيلي لضحايا الحادث الأتراك بقيمة عشرين مليون دولار (الأتراك تحدثوا من قبل عن عرض إسرائيلي بمليار دولار) ... (2) طرد القيادي الحمساوي صالح العاروري من تركيا، وعدم السماح له بالعودة إليها، ووقف أية أنشطة عسكرية أو أمنية للحركة على الأرض التركية ... (3) بدء مفاوضات لإمداد تركيا بالغاز الإسرائيلي .... (4) تبادل السفراء بين البلدين، بعد أن ظل على مستوى القائمين بالأعمال خلال الفترة الماضية.... (5) تغلق تركيا هذا الملف، وتوقف أية مطالبات أو دعاوى وشكاوى مرفوعة على مسؤولين إسرائيليين.
    من المفترض أن يتسبب الاتفاق – غير المستبعد وغير المستهجن – صدمة وغضب قطاع من الرأي العام العربي والفلسطيني، الذي أبدى شغفاً بتتبع المواقف “الصلبة” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعدّه كثيرون، “الفاتح” و”المنقذ”، والزعيم الذي لا يشق له غبار، سيما وأن هذه الفئة من الرأي العام العربي بالذات، تبدي حماساً استثنائياً، لمحاربة التطبيع مع إسرائيل، بل وتتصدر صفوف تيار “المقاومة”، وهي أسست مواقفها الداعمة بقوة للتجربة التركية من على قاعدة “إسلاميتها” التي لا يمكن ان تخذل فلسطين، ولا أن تفرط بـ” حرية غزة” ... الاتفاق “المبدئي” ذهب أبعد من ذلك، وصولاً إلى حد الشروع في تنفيذ إجراءات “التضييق” على حماس في تركيا، بدل الإفراج عنها في غزة.
    لسنا في الحقيقة نأخذ على تركيا ما أنجزته من “تفاهمات” مع إسرائيل، فقد سبق وأن حذرنا من مغبة الذهاب بعيداً في الرهان على ما يمكن أن تقوم به تركيا، نصرةً للشعب الفلسطيني، ولطالما تحدثنا عن منظومة المصالح التي تتحكم بالسياسة التركية، في عهد الإسلاميين، كما في عهود العلمانيين، شأنها في ذلك شأن مختلف دول العالم ... لكننا نرغب في تذكير من أصابتهم “لوثة العمى الإيديولوجي” بجملة من الحقائق والمعطيات، ومن باب فذكّر إن نفعت الذكرى:
    أولاً: تذكرنا حكاية “العاروري في تركيا” هذه الأيام، بحكاية “مشعل في سوريا” قبل أزيد من عشر سنوات، الزمن غير الزمن والسياق غير السياق ... يومها بذل كولن باول، وزير خارجية الدولة الأعظم، كل جهد متاح، ولوح مهدداً بالويل والثبور وعظائم الأمور، وبغداد لم تكن بعد، قد نفضت عن نفسها، غبار الحرب والاحتلال ... عاد باول كما جاء، وظل مشعل في دمشق، حتى غادرها طواعية، في عزّ الأزمة السورية ... لا أدري كيف ستقع هذه المفارقة على أسماع الذين ما كفوا يوماً عن وصف النظام السوري بالعمالة لإسرائيل وأمريكا، ورفع أردوغان في المقابل، إلى مرتبة “خامس الخلفاء الراشدين”؟
    ثانياً: من وجهة نظر هذا القطاع من الرأي العام، وأغلبه “إخواني”، لا أحد أسوأ من إبليس إلا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولهم أن يقولوا في الرجل ما شاءوا، وكثيرون منهم لطالما هاجموا الأردن ومصر بالنظر لصفقات الغاز القائمة والمحتملة بين البلدين من جهة وإسرائيل من جهة ثانية ... ما الذي سيقوله هؤلاء بعد أن تبدأ الأنابيب بضخ الغاز الإسرائيلي إلى “مركز الخلافة الراشدة” وعاصمة “المقاومة والإسلام”؟ ...
    هل سيكذبون الأخبار، هل سيحملون فلاديمير بوتين المسؤولية؟ ... ما الذي ستتفق عنه أذهانهم وقرائحهم؟ ... هل سيواصلون إقامة الدنيا من دون إقعادها على “صفقة كيوي أو مانغا” مع إسرائيل، ويلوذون بصمت القبور حيال أكثر من ستة مليارات دولار هي حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل حتى الآن، دع عنك الغاز واخواته، في قادمات الأيام؟ ... الطريف في الأمر، أن الحديث عن صفقة غاز إسرائيلي لتركيا، يأتي في وسط تعثر صفقات الغاز بين إسرائيل وكل من الأردن ومصر واحتدام الجدل بشأنها في البلدين المكبلين بمعاهدتي سلام مع إسرائيل.
    ثالثا: منذ “مرمرة” وحتى الأمس القريب، والقادة الأتراك يشترطون استئناف تطبيع العلاقات مع إسرائيل برفع الحصار الجائر المضروب على قطاع غزة، وامتدت “البروباغندا الأردوغانية” إلى حد إهداء فوز الرئيس الانتخابي إلى أهل القطاع ... ها هي العلاقات التي لم تقطع ولم تتوقف أصلاً، تُستأنف على أوسع نطاق، فيما الحصار ما يزال يضرب أطواقه الثقيلة حول القطاع وأهله ... والسفراء سيعودون قريباً متأبطين أوراق اعتمادهم المعتادة، فيما البعض في غزة والمنطقة، سيعيد نشر “الفيديو” الشهير لأردوغان في “دافوس” وهو يغادر القاعة تاركاً شمعون بيرز وعمرو موسى ورئيس الجلسة وراءه، مذيلاً بصحيات التكبير والتهليل، والتطبيل والتزمير.
    رابعاً: الطريف في أمر هذا القطاع من الرأي العام العربي، أنه لا يكف عن وصف الولايات المتحدة والأطلسي والغرب بالأعداء والمتآمرين، لا على فلسطين والأمة العربية وحدها، بل وعلى الإسلام وأمة محمد برمتها ... مع أن هؤلاء لا يتوقفون لحظة واحدة، أمام حقيقة أن حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة، هي أكثر من استنجد بـ”الناتو” ولاذ بصواريخه متعددة الأغراض والمديات، حتى أن أحمد داود أوغلو وصف حدود بلاده الجنوبية مع سوريا والعراق، بأنها “حدود الأطلسي” ...
    يبدو أن ما هو “حرام” على الملاحدة والعلمانيين، “حلال” على الإسلاميين، حتى أن “الامام الأكبر” لهذا التيار، لم يتورع في أحد “كليباته” عن توجيه الشكر لأمريكا على تقديم السلاح والتدريب لإخوانه في سوريا، حاثاً واشنطن على فعل المزيد، تخيلوا كيف كانت مواقف الشيخ وعظاته لتكون، لو أن مواقع الأطراف تبدلت ... ألا تذكرنا هذه الازدواجية بحكاية “القروض” التي كانت “محرمة” في عهد مبارك، وحلال زلازل في عهد مرسي القصير على أية حال؟ ... وهي ازدواجية تذكرنا كذلك بمواقف هذا القطاع من الرأي العام العربي من اتفاقيات كامب “الملعونة”، وكيف كانت إثماً في عهدي السادات ومبارك، يستوجب المقاومة والتظاهر وخيام الاعتصامات، وكيف صارت “مظلة” لدعم “المقاومة” في عهد مرسي، يتعين احترامها والوفاء بالتزاماتها ...
    يبدو أن المواقف والفتاوى، والحلال والحرام، ليست مرتبطة بطبيعة المواقف ولا بمضامين السياسات، بل بهوية من تصدر عنه ويقف وراءها، فإن انتمى إلى “معسكر الشيوخ” و”الأيادي المتوضئة” جاز له كل شيء، وإن انتمى إلى “معكسر العلمانيين الملاحدة” قاتلهم الله، حرم عليه كل شيء.
    كنّا من أوائل من استقبل بترحاب شديد، تجربة أرودغان والعدالة والتنمية، كان ذلك زمن “التحولات الديمقراطية الكبرى في البلاد” وزمن الإجابات التركية الذكّية على “الثنائيات العربية القاتلة” عن الإسلام والعلمانية، الدين والدولة وغيرهما، وزمن الامتناع عن تسهيل احتلال الولايات المتحدة و”الأطلسي” للعراق، وزمن المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية ... أما في زمن الخطاب المذهبي، والاتجار مع “داعش” وتدعيمها بالمال والرجال والتحالف مع “النصرة” و”أحرار الشام”، ونشر القوات في العراق بالضد من حكومته، زمن الانتكاسات الكبرى عن الديمقراطية وتحويل تركيا إلى أكبر سجن للصحفيين، والذهاب حتى نهاية الشوط في سياسة “التمكين”، حتى وإن اقتضى ذلك، إشعال الحروب، وعودة الروح الاستئصالية للأكراد، فلن نقف صامتين، ولن تأخذنا العزة بالإثم.
    مؤسف أن تركيا / العدالة والتنمية التي أقامت دورها ونفوذها على “القوة الناعمة” و”صفر مشاكل”، لم تعد تجد من بين جيرانها الأقربين والأبعدين، من تصفّر مشاكلها معه، سوى إسرائيل؟!

    فقاعة الهجرة إلى إسرائيل
    بقلم: برهوم جرايسي عن الغد الأردنية
    تنشر السلطات الإسرائيلية في الأيام المقبلة، تقريرها السكاني السنوي. وقد تعلن فيه أن الهجرة اليهودية إلى إسرائيل اجتازت هذا العام، ولأول مرّة منذ عشر سنوات، حاجز الـ20 ألفا، وربما يصل العدد إلى 23 ألف مهاجر. إلا أن هذا يبقى أقل من التوقعات الصهيونية. والأهم من هذا، أن سلسلة من الأبحاث دلّت على فشل اندماج غالبية المهاجرين في المجتمع الإسرائيلي، وهم يواصلون العيش في مجتمعات منغلقة محافظين فيها على لغتهم وثقافتهم الأصليتين.
    إذ شهدت الهجرة إلى إسرائيل منذ العام 2002 تراجعا حادا. ففي حين هاجر إلى إسرائيل من نهاية العام 1989 وحتى العام 2001 ما معدله مائة ألف مهاجر سنويا، فإن المعدل هبط منذ العام 2002 وحتى العام 2005 إلى 23 ألفا سنويا. ومنذ العام 2006 وحتى العام الماضي 2014، تقلّبت الهجرة ما بين 14 ألفا و19 ألف مهاجر.
    وساعد إسرائيل على رفع أعداد المهاجرين في العامين الأخيرين، الاعتداءات التي شهدتها فرنسا، والحرب في أوكرانيا. وحسب الإحصاءات الإسرائيلية، فإنه في العام 2014، هاجر من فرنسا 7 آلاف فرنسي، وفي أول 11 شهرا من العام 2015، هاجر قرابة 6900 فرنسي، رغم أن هدف إسرائيل كان استقدام 15 ألف فرنسي يهودي في هذا العام، وهذا لن يكون.
    يعيش في العالم حاليا، ما يزيد بقليل على 14 مليون يهودي، من بينهم 6.3 مليون في إسرائيل. وحسب تقارير الحركة الصهيونية، فإن أحد الأسباب الأساسية لتراجع الهجرة، هو أن 90 % من أبناء الديانة اليهودية يعيشون في أوطان مستوى المعيشة فيها أعلى مما هو في إسرائيل. إلا أن الاعتداءات التي شهدتها أوروبا، شكلت تربة خصبة للدعاية الصهيونية، لتحريض اليهود في أوطانهم على الهجرة إلى إسرائيل، بزعم أنها آمنة لهم. ورغم هذا، فإن هذه الدعاية لم تحقق النتائج التي توختها.
    ورغم الارتفاع المحدود في الهجرة، إلا أن سلسلة من التقارير، وآخرها تقرير في الأيام الأخيرة عن المهاجرين الروس، وسبقه بأيام تقرير عن المهاجرين الفرنسيين، بيّنت أن غالبية المهاجرين الساحقة يأتون لأهداف اقتصادية والبحث عن فرص حياة أخرى، فيصطدمون بواقع بائس.
    ويقول بحث إن نسبة الحاصلين على شهادات أكاديمية من أبناء المهاجرين الروس في سنوات التسعينيات وما يليها، بلغت 30 %، في حين أن نسبة الشهادات الأكاديمية بين أهاليهم المهاجرين التي حصلوا عليها في وطنهم، وصلت حتى 60 %. كما أن أبناء المهاجرين من فرنسا تحصيلهم المدرسي أقل كثيرا من سائر اليهود، رغم أنهم جاؤوا من جهاز تعليم متطور، ما يعني أن فرص اندماجهم في الجامعات ستكون ضعيفة.
    وقرأنا أيضا أن 13 % من المهاجرين الروس عادوا إلى وطنهم الأصلي، رغم أن غالبيتهم ما تزال تحتفظ بالجنسية الإسرائيلية إلى جانب الروسية. وفي ما يتعلق بالمهاجرين الفرنسيين، فإن نسبة عالية من العائلات ما تزال منقسمة بين الوطن الأم فرنسا، وبين إسرائيل. ويقول بحث آخر، إن الغالبية الساحقة جدا من المهاجرين الروس لا تبدي اهتماما بما يسمى "الثقافة اليهودية"، ولا "التاريخ اليهودي"، ولا يهمها أيضا الانشغال بالقضايا الصهيونية. لكن الأهم، أن الغالبية الساحقة جدا من هؤلاء المهاجرين، ورغم مرور سنوات طويلة على هجرتهم، يواصلون الحفاظ على لغتهم وثقافتهم الأصلية، ويعيشون في مجتمعات شبه مغلقة، ويقلّون في الاختلاط باليهود الإسرائيليين.
    نستطيع الاستنتاج أن القفزة التي حققتها الهجرة اليهودية إلى إسرائيل في العامين الأخيرين، رغم محدوديتها، هي موجة عابرة، لن تدوم في حال تراجعت الظاهرة التي دفعتهم لأن يقعوا في مكيدة الدعاية الصهيونية. واستنادا إلى تجربة المهاجرين الروس، فمن المؤكد أن الهدوء في أوروبا في حال حصوله، سيساهم في رفع نسبة الهجرة "العكسية" من إسرائيل، وهي هجرة قائمة، ولا تجاهر إسرائيل بأرقامها الحقيقية، كي لا تبرز فشل مشروعها. ولكن حسب التقديرات السابقة، فإنه ما بين 10 آلاف إلى 12 ألفا، يهاجرون سنويا من إسرائيل، التي تبقيهم ضمن إحصاءاتها. ما يعني أن اعتماد الصهيونية على رافد الهجرة لزيادة أعداد اليهود في كيانها، سيكون خلال سنوات قليلة، غير ملموس في التقارير السكانية الإسرائيلية.

    لماذا تفشل الانتفاضة؟
    بقلم: سامي سوالمة عن الأخبار اللبنانية
    كانت بعض التحليلات التي واكبت اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، في أواخر عام 1987، شديدة التفاؤل بحدوث نقلة نوعية مظفرة في نضال الفلسطينيين. ودأب كثير من المتفائلين، في تلك الأيام، على تبشير الناس بقدرات الانتفاضة الشعبية وإمكانياتها، وزعموا أنها «ستخلق الظروف الموضوعية لنشأة قيادة راديكالية جديدة تستعيد المبادرة وتعد بالمستقبل الأفضل».
    ودبّجوا، في مديح الانتفاضة، المعلقات! وأخذت تلك التحليلات تمجّد الهبة الشعبية باعتبارها «دليلاً على تجذر الفلسطيني وخصوبته»، ولكونها: «عملية ولادة جديدة لجيل ثوري صاعد، وإعلاناً لانتقال ذلك الجيل الجديد الى النشاط والنضال والمقاومة». ولربما أن تلك التحليلات قد أقنعتنا حينها بأن الانتفاضة قلبت حقاً الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة... وقد يكون سبب هذا الاقتناع راجعاً إلى كون شباب اللجان الشعبية الجديدة التي بزغت أيام الانتفاضة الأولى، قد غدوا يحوزون مظهر السلطة الحقيقية في مجتمعهم.
    وبلغت سطوتهم، في تلك الأيام، حدّاً جعل نفوذ القيادات الفلسطينية التقليدية في الداخل، أو الرسمية في الخارج، موضع شك وتساؤل... لكن – ومع مضي الأيام - تبيّن أن كل التفاؤل القديم بمردود الانتفاضة، ما كان يستند سوى إلى جملة من الآمال الطيبة، والأحلام الجميلة، والرغبات الملحة في تحقيق انتصار ما. وبعد حين قصير من الزمن، اتضح أن حصاد الانتفاضة كان أكثر سوءاً من أشد التوقعات تشاؤماً. وفي نهاية المطاف، لم تقرر إسرائيل مستقبل الأراضي الفلسطينية عبر التفاوض مع اللجان الشعبية للمنتفضين، وإنما أنجزت صفقة سرية مع نواة صغيرة من القادة الفلسطينيين المتمركزين في تونس. وبعد أشهر معدودة، جاءت اسرائيل بهم مع جنودهم، ليستقروا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وليحكموا السكان المحليين. بذلك أسدل الستار على الفصل الأول من فصول الانتفاضة الفلسطينية، بطريقة مؤسفة ومحزنة ومخيبة... وزاد من خيبتها أن فئة واسعة من الجماهير العربية والفلسطينية تحديداً طفقت تصفق بحماسة لخيارات ياسر عرفات الاستسلامية!
    وفي حين مثلت اتفاقية اوسلو «أعظم وثيقة انتزعتها إسرائيل من الفلسطينيين» بحسب تعبير اسحاق رابين، فقد ترك الاسرائيليون ياسر عرفات يظن أنه نجح في التذاكي عليهم. ومن العجيب أنّ عرفات لم يكتف بالظن أنه «ضحك» على الإسرائيليين، بل هداه عقله ليحسب أنّ الجمع بين مفاوضة الاحتلال ومقاومته، هو تكتيك ممكن وناجع! وأن الجمع بين المقاومين، وبين «الجزم لاجتياز وحل المرحلة»، هو ذروة الدهاء! ولقد مضى وقت طويل قبل أن يتأكد الختيار أخيراً من فشل رهاناته، فلا النصر تحقق ولا الاستسلام الكلي.
    إن الخيبة الفلسطينية بما آل إليه أمر الانتفاضة الأولى من اتفاقيات ونكسات، هي التي ولّدت الانتفاضة الثانية عام 2000. لكن من سوء الحظ، فرغم حجم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في تلك الانتفاضة العظيمة، ورغم الأذى الكبير الذي أُلحق بالصهاينة، فإن نتيجة الانتفاضة كانت هزيمة أخرى لقوى المقاومة.
    وانتهى المطاف من جديد، بتنصيب الأجهزة الأمنية الفلسطينية، تحت رعاية أميركية - اسرائيلية، كقوة رديفة لقوات الاحتلال، من أجل السيطرة على الأرض، ومن أجل جمع السلاح من أيدي مختلف الفصائل بما فيها حركة فتح، بعد أن كان ذلك محالاً قبل الانتفاضة الثانية! وكما تمخضت الانتفاضة الأولى عن اتفاقية اوسلو، فقد تمخضت الانتفاضة الثانية فأنجبت مؤتمر باريس للمانحين في ديسمبر عام 2007.
    وكان هذا المؤتمر الدولي مهرجاناً صاخباً أريد به وأد كل التضحيات التي بذلها المقاومون الفلسطينيون في النصف الأول من العشرية السابقة. وفعلاً، أغرقت الضفة بالمشاريع والاستثمارات الأجنبية، وارتهن الشعب الفلسطيني للبنوك، حتى بلغ اجمالي القروض والتسهيلات البنكية في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي 5.334 مليار دولار أميركي. وهكذا نجح ما عرف لاحقاً بـ«خطة سلام فياض»، في تخدير الضفة الغربية وشغل المواطن الفلسطيني في شؤون حياته اليومية والبعد عن الشأن العام.
    في كل خمسة عشر عاماً تقريباً، يخرج جيل فلسطيني جديد مندفع ومستعد، بسبب النقمة التى تتراكم في وجدانه، لاستعادة تجربة الجيل الذي كان قد سبقه... لكنه في كل مرة يحقق ذات النتيجة، ونرى المشاهد نفسها تتكرر: شبان عزل أو شبه عزل يناضلون بأجسادهم النحيلة، ويستشهدون بالمئات، ثم تخبو الانتفاضة شيئاً فشيئاً، لنكتشف في ما بعد اننا هُزمنا، ولتتسلم زمام أمرنا سلطة ثانية أكثر سوءاً وفساداً واستعداداً للتنازل عن الحقوق الفلسطينية.
    هذا هو ما يحدث الآن مع الهبة الشعبية الفلسطينية الجديدة: تحضر مشاهد الحماسة، ومشاعر النوستالجيا، وصور العواطف الجياشة، فيذهب البعض للحديث عن تجذّر جديد يمكن ان يؤدي لتحرير الضفة الغربية ويذهب البعض الآخر، بسبب الإحباط الذي أحدثه «الربيع العربي»، إلى البحث عن انتصار فلسطيني وسط فوضى الحروب الأهلية. لكن الواقع الفلسطيني، مع الأسف الشديد، لا يبعث على التفاؤل بمستقبل مشرق للقضية. فالتحولات التي أصابت البنية الاجتماعية، والتي أحدثتها خطة سلام فياض، والسيطرة الاسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، تبدو هائلة! وإذا كانت خطط فياض قد نخرت إلى حد كبير العزائم، وأثقلت عموم الفلسطينيين بالديون أو جعلتهم أسرى رواتب الحكومة ومعاشاتها. فإن خطط الاستيطان قد نخرت الأرض، وأثقلت عموم الوطن بواقع مأساوي جديد.
    ومن الملفت للانتباه أن الانتفاضة الثانية، برغم العنف الشديد الذي اتسمت به، وبرغم خسائر الاسرائيليين المرتفعة نسبياً، فإنها لم توقف عجلة الاستيطان، ولم تستطع أن تبطئ وتيرته. وتشير الاحصائيات الرسمية الفلسطينية الى تزايد في أعداد المستوطنين بمعدل 15700 مستوطن سنويا في الفترة الممتدة من عام 1993 الى عام 2000. وأما في سنوات الانتفاضة الثانية (ما بين عامي2000 و2005) فقد كان المعدل 14600 مستوطن سنوياً. بينما كانت الأرقام في سنوات ما بعد الانتفاضة الثانية 16400 مستوطن في السنة، وهذه كانت فترة الأمان والرخاء للمستوطنين (من عام 2005 الى عام 2014). ومما يمكن استنتاجه من هذه الاحصائيات أن الفروق ضئيلة جداً في معدلات الاستيطان على مدى السنين الماضية رغم تذبذبها بين حروب وانتفاضات وتوترات وهدنات... وهذا يعني ان الانتفاضة فشلت في الحد من تضخم أعداد المستوطنين (مع الأخذ بعين الاعتبار أن الانفاق الحكومي الاسرائيلي انخفض بنسبة 64% على الاستيطان في سنوات الانتفاضة).
    طبعاً، ليس الهدف من هذا المقال، هو بث الاحباط او التبرير لترك النضال والمقاومة، لكنه دعوة لفهم الواقع الذي ازداد صعوبة وشُحّاً في الامكانيات، مقارنة بالفترات الماضية. منذ عشرين عاماً أو تزيد، كانت المدن الكبرى خارجة عن السيطرة الأمنية الاسرائيلية، وكانت تعج بالمقاومين الفلسطينيين المسلحين بأسلحة خفيفة، وبعبوات من صنع أياديهم. ولم تكن السلطة (التي أصبحت اليوم شريكة الاحتلال، من الناحية العملية) قادرة على التدخل المباشر لمصلحته... ومع ذلك كان الإنجاز معدوماً. والأسوأ من ذلك، أن التضحيات قد أفضت إلى استئثار حلفاء اسرائيل بحكم الضفة! والأنكى من كل ذلك أن مقاومي الأمس تحولوا - في نهاية المطاف- إلى موظفين في الأجهزة الأمنية المرتبطة بالمحتل وبالأميركيين، أو موظفين في مكاتب الحماية الخاصة المرخصة إسرائيلياً!
    إذن، ولأجل أن لا تتكرر المأساة كل عشرة أعوام، فلا بدّ لنا أن نستلهم بعض الدروس والعبر. والدرس الأول هو أن شأن النضال، كما كل شأن من شؤون الحياة، لا يمكن أن يبنى إلا بشكل تراكمي، وعبر الاستعانة والاستفادة بما سبقه من التجارب والخبرات، وإلا فإننا نكون قد زدنا إلى مآسي مشاهد الماضي مأساة مشهد جديد، لا نعلم إلى أين يؤدي بنا، بعد أن أدت الانتفاضة الاولى للوصول للاستسلام العظيم في أوسلو، وبعد أن أدت انتفاضة الاستشهاديين والكمائن إلى الاستسلام العظيم في باريس. وهناك أيضاً درس ثانٍ يجب أن نعيه ونستوعبه ولا نغفله أبداً، حتى لا يتكرر الفشل الفلسطيني كل مرة. وهذا الدرس مرتبط بعملية بناء التحالفات.
    ومن المعروف أن تحالفات الحركات الثورية هي التي تنتج - في النهاية- انتصاراتها أو هزائمها. كما أن من المعلوم أن مصائر الحركات الثورية تعتمد - جزئياً أو كلياً- على مدى اتساع وقدرة وصلابة شبكات دعمها من حلفائها وأنصارها. وحينما لا تكون حركات المقاومة قادرة على نيل أي مدد خارجي، فإن هزيمتها تكون مسألة وقت! وإذا أراد الفلسطينيون، مثلاً، محاكاة تجربة مقاومة حزب الله في تحرير جنوب لبنان، فيجب عليهم أن يبنوا شبكة حلفاء يمكن الاعتماد عليهم، بالأفعال لا بالأقوال والوعود الخلبية، في أوقات الشدة والضيق.
    والخلاصة أنّ حزب الله ما كان له أن يحرر أرضه، ويهزم الاسرائيليين لو أن حليفه السوري لم يؤازره بصدق وحق، كما أن الحليف السوري ما كان له أن يصمد اليوم أمام الحرب الضروس المكرسة ضده لولا حلفاؤه الذين وقفوا بصلابة معه. وأما الفلسطينيون إن هم عزفوا عن بناء أحلاف حقيقية، أو نفضوا أيديهم منها، أو عضوا يد من كان قد ساعدهم، فلن يبق لهم حينئذ إلا النظام المصري ليمدهم بالصواريخ والعتاد من أنفاق قطاع غزة، أو النظام الملكي الاردني ليمدهم بالرجال والمعلومات الاستخبارية ضد العدو في الضفة، هذا ولم نناقش بعد امكانية حصول الفلسطينيين على دعم حتى وان احسنوا اختيار تحالفاتهم، فالجغرافيا تجعل الأمر شبه مستحيل.
    إن مسألة التحالفات وتمتين الصلات بالعمق العربي والإسلامي تستحضر الى أذهان الفلسطينيين خيبة عتيقة من خيبات ماضيهم الحزين. فلقد حرص ياسر عرفات على اخراج القضية الفلسطينية من حضنها العربي عبر الترويج لفكرة «استقلال قرارنا الوطني».
    والحقيقة أن الإرث العرفاتي لم يكن كارثياً على المستوى التكتيكي فحسب، بل كان مأساة على المستوى الثقافي، وعلى مستوى الوعي الجمعي الفلسطيني. فمقولات متهافتة مثل «شعب الجبارين» و«شعب الأساطير» مكنته ان يعبث بسياساته، وأن يصوغ تحالفاته كيفما يشاء، وأن يتقبل الشعب كل ذلك العبث، بل وصل الأمر بالبعض حدّ أنهم اعتقدوا أن بإمكانهم حقاً أن يحرروا فلسطين بأنفسهم ولوحدهم، ومن دون مساعدة أيّ كان... وفي المحصلة، نجح عرفات في منع حافظ الاسد من القبض على القضية الفلسطينية، ليلقيها بملء إرادته في أيدي الاميركيين والاسرائيليين الذين أزاحوه وقتلوه لاحقاً!
    من الناحية الأخرى، كانت غزة قصة مختلفة، فالمدينة التي انتزعتها حماس من أيدي عملاء صريحين للأميركيين والاسرائيليين، شيّدت فيها قلعة حصينة للمقاومة بفضل الدعم الخارجي المتمثل بمحور إيران ـ سوريا ـ حزب الله. لكن مع اندلاع احداث «الربيع العربي» عاد الدهاء ليعمل مجدداً في أذهان القادة الفلسطينيين.
    وهكذا اختارت حركة حماس «أمتها السنية» (الخليجية تحديداً) حليفاً بديلاً عن حلفائها القدامى، متعامية عن حقائق واضحة وفاضحة عن «الحلفاء الجدد»، وعن دويلاتهم التي هي بالكامل مجرد قواعد عسكرية للأميركيين. لذلك يبدو واضحاً ان تصحيح المسار العرفاتي، لا يكون بنقل السلطة من نخبة فتح الى نخبة حماس. (ربما تكون قيادة حماس في غزة، قد تأثرت - دون أن تعي ذلك- بالإرث العرفاتي القديم، عندما روّجت منتشيةً لفكرة صناعتها العسكرية المحلية!).
    ختاماً: يمكن أن نستخلص من تجاربنا الفاشلة في الانتفاضات السابقة، عبرتين أساسيتين. الأولى، إن أي انتفاضة هي رهن بعملية التحشيد الاجتماعي، وبناء تحالفات خارجية حقيقية مع محور مقاوم للهيمنة الأميركية. والعبرة الثانية، أن نجاح أي انتفاضة مقترن كلياً بإفشال وظيفة سلطة أوسلو العميلة لأن هذه السلطة لها دور وظيفي واحد هو «الكبح الوقائي» لأي نشاط ثوري من خلال إعادة توجيه الولاءات بالقروض.
    وبذلك يكون الشرط الأساس في نجاح الانتفاضة الفلسطينية الحالية هو دمج مقاومة الاستعمار الصهيوني وتدمير الولاءات لسلطة اوسلو، مع الانفتاح على مشروع سياسي مناهض للاستعمار الصهيوني والمشروع الاميركي في المنطقة. فإذا نجحت الانتفاضة الفلسطينية في القيام بهذه المعادلة الصعبة، تكون قد حققت لذاتها عوامل مهمة للنجاج. وأما إن هي أخلت ببعض هذه الشروط، فلن نبالغ حينئذ إن قلنا إن الحفاظ على حياة أبطال السكاكين سيكون أجدى لمستقبل فلسطين.

    عن عودة التطبيع بين تركيا وإسرائيل
    بقلم: خورشيد دلي عن العربي الجديد
    بعد سنواتٍ من الانفتاح شرقاً، تبدو تركيا وكأنها دخلت في صراع مفتوح مع تحالف دولي – إقليمي، يتألف من روسيا وإيران والعراق وسورية وأرمينيا، فتركيا التي عملت في عهد حزب العدالة والتنمية على الحد من خيارها الأطلسي، لصالح الانفتاح على العالمين العربي والإسلامي، بحثاً عن هويتها السياسية والحضارية، تلقى مواجهة من التحالف المذكور، فتنفجر الصراعات على أرضية تاريخية وحضارية وسياسية واقتصادية، وهكذا تبدو (تركيا العثمانية السنية) في صراع مع (إيران الشيعية الصفوية) على ساحتي سورية والعراق، و(تركيا الإسلامية) في مواجهة مع (روسيا القيصرية الأرثوذكسية) التي ترى وجودها في المتوسط قضية حياة أو موت، وتركيا الجمهورية الحاملة لمشروع سياسي مدني في مواجهة مع أنظمة ايديولوجية أمنية، رافضة أي تغير حقيقي يفسح المجال لعبور الايديولوجية إلى الدولة المدنية الديمقراطية. لتكتشف، بعد ذلك كله، أن نظرية صفر المشكلات لم تعد ممكنة التطبيق، خصوصاً بعد أن تحولت الحدود مع هذه الدول إلى مناطق اشتباك ساخنة على وقع حرب التحالف الدولي المعلنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومن ذلك كله، لا تجد تركيا أمامها سوى العودة إلى المربع الأول، أي الارتماء في حضن الحلف الأطلسي الذي ما زال ينظر إلى تركيا عضواً من الدرجة الثانية، فضلا عن سياسة أميركا التي تنظر إلى تركيا حليفاً جيواستراتيجياً، ينبغي أن يكون على الدوام على علاقة جيدة مع إسرائيل.
    وعليه، السؤال في هذه اللحظة، هل باتت الطريق مفتوحة أمام عودة التطبيع بين تركيا وإسرائيل؟ لا يمكن الجواب عن هذا السؤال إلا بالنظر إلى جملة من المتغيرات الجارية، والتداعيات التي تخلفها هذه المتغيرات على أمن تركيا وخياراتها السياسية، وتأمين مصادر الطاقة، ويمكن تلخيص هذه المتغيرات بالوقائع التالية.
    أولاً، التغيرات الجيوسياسية التي أفرزتها الأزمة السورية، بعد أن تحولت ثورة المطالب إلى حرب مسلحة دمرت البلاد والعباد، وتحول الأزمة السورية إلى أزمة دولية وإقليمية بامتياز، كانت تركيا أكثر الدول المتأثرة بها، نظرا لعامل الجوار الجغرافي.
    ثانياً، الصدام الروسي - التركي على الساحة السورية، منذ التدخل العسكري الروسي في سورية، ثم إسقاط تركيا مقاتلة روسية، وممارسة موسكو سياسة تصعيد متدحرجة ضد أنقرة التي ترى أنه لا مناص من الاستنجاد بالحلف الأطلسي، لمواجهة تصعيد الدب الروسي، فيما جل سياسة الحلف يقوم على استيعاب الرغبة التركية ومهادنة موسكو.
    ثالثاً، توتر العلاقات التركية مع كل من إيران والعراق، على خلفية الاصطفاف الحاصل إزاء الأزمة السورية، وعلى أرضية سياسية، يغذيها العامل الطائفي والصراع التاريخي بين الدولتين الصفوية والعثمانية.
    وضعت هذه المتغيرات أنقرة أمام امتحان مع خياراتها السياسية، لتجد نفسها أمام حليف قديم، هو إسرائيل التي تبدو المستفيدة الأكبر من كل ما سبق، حيث تحاول، وببراعة سياسية، واستفادة من دور الحليف الأميركي، في مد جسور التطبيع مع تركيا، بحثاً عن تحقيق مكاسب سياسية محلية وإقليمية، وهكذا تظهر اللحظة السياسية الراهنة، وكأن ثمة تقاطعا تركيا – إسرائيليا يمكن أن ينتج تفاهماً أو اتفاقا على تطبيع العلاقات بين الجانبين، وعودة الدفء إليها، فيما تسعى واشنطن والعواصم الأوروبية إلى الدفع بهذا المسار إلى الأمام، دعما للحليف الدائم (إسرائيل)، وانتصاراً لرؤيتها الأمنية التي تعطي قيمة استراتيجية لتحالف تركي – إسرائيلي في مواجهة إيران وروسيا.
    تتطلع إسرائيل من استعادة العلاقات الجيدة مع تركيا إلى أكثر من تطبيع هذه العلاقات، ولعل في صلب أهدافها تلك السياسة التي جعلت من تركيا ظهراً للقضية الفلسطينية، ولاسيما غزة وحركة حماس، إذ سبق وأن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مرّات أن بلاده لن تدير ظهرها للقضية الفلسطينية، ولو تخلى كل العالم عنها، ولعل أيضا تخلي تركيا عن مطلب رفع الحصار عن قطاع غزة هو في صلب الهدف الإسرائيلي.
    في المقابل، تبدو تركيا المحكومة جيوسياسياً بجوار كله مشكلات في حركتها الجديدة نحو إسرائيل تمارس براغماتية سياسية، تنطلق من البحث عن بدائل لتأمين الطاقة، وتقوية علاقاتها الإقليمية، وتحسينها مع واشنطن التي لم تعد تقف وقفة الحليف مع تركيا، في مواجهة التصعيد الروسي والسياسة الإيرانية الباحثة عن النفوذ، خصوصاً بعد الاتفاق النووي، وكذلك في طريقة التعاطي مع الصعود الكردي، وتحول الكرد إلى حليف للولايات المتحدة على الأرض في سورية والعراق ضد داعش.
    تبدو تركيا في حركتها أيضا في امتحان مع سياستها العربية، بعد أن حملت راية القضية الفلسطينية والمطالبة برفع الحصار عن غزة، وأظهرت نفسها سنداً للعالم العربي. إنها محنة السياسة في خياراتها المصطدمة بالجغرافية السياسية والمصالح الناتجة عنها.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 09/08/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-09-09, 11:05 AM
  2. اقلام واراء عربي 19/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:15 AM
  3. اقلام واراء عربي 18/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:13 AM
  4. اقلام واراء عربي 17/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:07 AM
  5. اقلام واراء عربي 16/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-06-28, 11:06 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •