النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 03-12-2015

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    اقلام واراء عربي 03-12-2015

    في هــــــذا الملف:
    التضامن مع فلسطين «بذبح شعبها»
    بقلم: نزار السهلي عن القدس العربي
    الأقلية العربية والانتفاضات الفلسطينية
    بقلم: نبيل السهلي عن الحياة اللندنية
    الفلسطينيون بين الأقوال والأفعال
    بقلم: عوني صادق عن الخليج الإماراتية
    أمريكا والكيل بعشرة مكاييل
    بقلم: فايز رشيد عن الخليج الإماراتية
    رأي الوطن : صمت يشرعن الجريمة
    بقلم: أسرة التحرير عن الوطن القطرية

    استقطاب أيديولوجي لدى مستوطنين يجعلهم أكثر تطرفا
    بقلم: برهوم جرايسي عن الغد الأردنية
    مقارنة.. بين نتنياهو وعباس!
    بقلم: فايز رشيد عن الشرق القطرية
    نتنياهو والأسد يحاربان الإرهاب!
    بقلم: أسامة عثمان عن العربي الجديد
    كيف أصبح الحوثي حليفا لإسرائيل
    بقلم: قاسم المحبشي عن العرب اللندنية










    التضامن مع فلسطين «بذبح شعبها»
    بقلم: نزار السهلي عن القدس العربي
    كما كل عام يحتفل العالم ومنظماته الدولية باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي اتخذ له يوم التاسع والعشرين من نوفمبر يوما للتذكير بقرار التقسيم الشهير بالرقم 181 عام 1947، وجعلته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1974 يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
    ويبدو يوم التضامن هزيلا أمام الانحدار المدوي للذكرى، بفعل تشابك الصراع وتراجع مكانة القضية الفلسطينية عربيا وإقليميا إلى مستويات صفرية، ونحن على أبواب تحولات جذرية ومصيرية لمفهوم التضامن وانعكاسه على التحولات التي تجري في الشارع العربي، من دون فهم الدروس الماضية ولا الحاضرة لاستثمار التضامن وتقديم خطوط ترسم مستقبلا أفضل من الماضي.
    الحفاظ على تضامن دولي مختلف كلياً عن مشهد البيانات الموسمية التي دأبت على اجترارها، جل السياسات العربية والمحتفى بها فلسطينيا، لا يمكن تحقيقها في حالة الانقسام والتشظي التي تتصدر المشهد، مع سياسة رسمية فلسطينية متلبسة لحالة التعثر والإنكار لصوت الشارع، وتكبيله بجملة من السياسات العبثية، التي تنعكس ضمنا على حالة التضامن التي يطالب بها الفلسطينيون، لمواجهة العدوان الصهيوني المستمر على الأرض والإنسان والمقدسات، في حين تعمل بعض القوى والفصائل الفلسطينية على إشهار تضامنها مع قوى الاستبداد العربي، في وجه التحركات الشعبية المنادية بالديمقراطية والحرية.
    وبات التضامن الرسمي الفلسطيني مع قوى الاستبداد يأخذ شكل التحالف في بعض وجوهه، كما في حالة التضامن مع النظام المصري، رغم خطواته العقابية والعدائية ضد سكان قطاع غزة، وحالة «التضامن والتحالف» مع نظام الاستبداد في دمشق ضد عدالة مطالب الشعب السوري، والصمت المدوي تجاه الجرائم التي لحقت بالفلسطينيين في كل مخيماتهم وداخل المعتقلات السورية، لا يمكنها ان تحافظ على عدالة التضامن مع الشعب الفلسطيني، إلا من زاوية الشعارات التي بقيت تلوح في الفراغ العربي منذ إشهار يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.
    إعادة تعريف للتضامن: المقصود بالتضامن مع الشعب الفلسطيني، ليس المحصور بين الضفة والقطاع، بل كل الفلسطينيين على أرضهم التاريخية عام 48، وفي أماكن الشتات في جهات الأرض الاربع، أصبح القصد منه دعم سياسات فلسطينية رسمية، والتخلي عن جوهر التعريف بمن هو الفلسطيني الواجب دعم عدالة قضيته، على الأقل عربيا.
    شهدنا حالة فاشية وعنصرية غير مسبوقة مع قضيته في أربعة بلدان عربية، سوريا ومصر ولبنان والعراق، ولا نبلغ حد المبالغة إن قلنا إن بعض حالات انحدار التضامن، التي تتمثل في سلخ اجساد الفلسطينيين تحت التعذيب او اخفائهم قسراً قد «تفوقت» ببربريتها على سلوك وعدوان المحتل، وفي الجانب الآخر، إغراق غزة بمياه البحر وحصار اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني تحت ذرائع تخدم مشروع المحتل، ولا تساهم بدعم الفلسطينيين بقدر ما تساهم في اذلالهم.
    قصة التضامن تطول فصولها في ذاكرة الفلسطينيين المؤلمة والنازفة بشعارات ظلت تطرق واقعهم المتردي، ما الذي تفعله سياسة فلسطينية من قضايا الداخل الفلسطيني عام 48، أو قضية اللاجئين المعذبين في سوريا ولبنان، بعد أن تمت تصفية وجودهم في العراق؟ وما المأمول من سياسة عربية خلفها تعمل على تقييد ولجم أحلام الفلسطينيين بممارسات تارة عقابية وأخرى قاتلة ومحاصرة لوجودهم المؤرق والمزعج، ليبقى شعار التضامن مع فلسطين مسروقا في ايدي الطغاة والمستبدين للمتاجرة بعدالة قضاياهم.
    قل لي كيف تتضامن أقل لك من أنت: انتجت أيديولوجيا الاستبداد العربي مفهومها الخاص للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أهّلها للتسلط على عدالة القضية وتمييعها، إلى الحد الذي جعل ذوبان التضامن الفعلي حد التماهي من بعض القوى مع سياسات الاستبداد، والصمت على جرائمه بحق الفلسطيني، فكيف سيكون التضامن البيني الفلسطيني مع عدالة المطالب الشعبية العربية المنتفضة واعطاء مسألة الحرية التي ينشدها المحتلون من المحتل، من دون تعزيز الدور والحجم اللذين يريد منهما الفلسطيني أن يكون التضامن معه، أولاَ في حفظ كرامته الانسانية والوطنية، لتعزز صموده أمام عدوان المحتل، لا أن يتصدى لازدواج المواجهة مع الاستبداد والاحتلال في وقت واحد، لقد اصبحت حالة «التضامن» الرسمي مع الفلسطينيين شذوذا عن مجرى الاخلاق والقيم والعدالة، وشكلت السنوات الخمس الاخيرة من محنة الفلسطينيين في سوريا ناظما اخلاقيا لمفهوم التضامن، بعد ان كان مفهوم التضامن مع قضيتهم الأم في مسائل لجم العدوان ووقف الاستيطان ودعم القدس، تشكل منحدرا كارثيا على مجمل القضية، كيف ستتضامن مع اللاجئين الذين هم «لب» الصراع وانت تقوم بثلاثة ارباع المهمة في مطاردة اللاجئ وقتله وسلخه في «فرع فلسطين»، وتدك مخيمه وتُهجره وتقتل زوجته وتغتصب اخته وابنته، ثم تقول للعالم إنك تريد تضامنا فعالا مع قضيته الأم، وتتركه يواجه مصيره بمزيد من الصمت والعقاب والتحالف مع القاتل، هكذا يكون التضامن الفعال مع القضية العادلة بتسهيل ومباركة قتل الفلسطيني وتدمير منجزاته لصالح الاستبداد لتصفية القضية، ومن شكل التضامن هذا خبر الفلسطيني قيمته في سجلات المؤسسة الرسمية العربية!
    التضامن الحق في زمن الزور: التضامن الحقيقي ليس في اليافطات التي نشاهدها على محطات التلفزة الغربية، وفي أعلام فلسطين المرفوعة في كل العواصم الدولية فقط، فلسطين تحضر بقوة في وجدان الشعوب الحية، ليس في الشعارات المطالبة بالعدالة الحقة واحترام حقوق الإنسان الفلسطيني، بل في خطوات كثيرة أقدمت عليها تلك الحكومات والشعوب ليس آخرها الضغط لوسم بضائع المستوطنات الاسرائيلية بعلامات تدل على مصدرها، كمنتج يدل على السطو على أراضي الفلسطينيين والتظاهر الغاضب رفضا للعدوان والحصار، في ما يجري تزوير التضامن عربيا وفلسطينيا كما أسلفنا، التضامن مع اللاجئ الفلسطيني يتم باحتضانه ورعايته وحمايته من الموت غرقا أو سجنا أو تعذيبا، وليس في تزوير كل تاريخه وادعاء نسبه للاستبداد والطغيان، التضامن مع فلسطين يبدأ باحترام شعبها في كل أماكن وجوده وفضح التزوير والتآمر على قضيته العادلة بإسقاط كل الحجج والذرائع التي تسرق ليل نهار اسمه وتاريخه، ليلتحف بها المحتل والمستبد على سرير التعايش المشترك تحت غطاء «تحالف وتضامن لمحاربة الإرهاب».

    الأقلية العربية والانتفاضات الفلسطينية
    بقلم: نبيل السهلي عن الحياة اللندنية
    لم يتوان فلسطينيو 1948 عن التعبير عن تضامنهم مع أبناء شعبهم في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال مراحل الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتجلى ذلك في الانتفاضة الأولى بإرسال قوافل من المساعدات الغذائية، كما اجتاحت التظاهرات العارمة المدن والبلدات الفلسطينية داخل الخط الأخضر دعماً لانتفاضة الأقصى التي اندلعت نهاية أيلول (سبتمبر) 2000، وسقط خلال تلك التظاهرات 13 شهيداً، لتؤكد الهبة الجماهيرية الحالية والتي انطلقت مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على مشاركة فلسطينيي 48 دعماً للضفة والقدس، ورفضاً لسياسات الاحتلال العنصرية بحقهم.
    لقد اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 وجود الأقلية العربية في أرضها خطراً عليها، فانتهجت حيالها إستراتيجية الإرهاب والتمييز العنصري لإجبار الفلسطينيين على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها، وتبعاً لذلك قام الجيش الإسرائيلي بارتكاب العديد من المجازر، كمجزرة اللد والرملة وكفرقاسم وقبية والطنطورة وبلد الشيخ، لطرد العرب الى خارج أرضهم.
    وبعد ذلك اتبعت السلطات الإسرائيلية سياسات استهدفت قطع اتصال الأقلية العربية مع محيطها العربي، وحاولت في الوقت ذاته استيعابها في المجتمع الإسرائيلي. كما عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على طمس الهوية العربية، فحاولت جعل الدروز والشركس قوميات منفصلة، وفرضت عليهم الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1958، وحاولت التفريق بين العرب المسلمين والمسيحيين وتقسيم المسيحيين إلى طوائف شرقية وغربية، والمسلمين إلى مذاهب مختلفة.
    وتؤكد الدراسات أن العرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر مروا بثلاث فترات بين عامي 1948 و2015، وتميزت الفترة الأولى (1948- 1966) وهي فترة الحكم العسكري الإسرائيلي، باستصدار إسرائيل 34 قانوناً لمصادرة الأراضي العربية، سواء تلك التي تعود ملكيتها للاجئين الفلسطينيين في الشتات، أو من أصحابها الموجودين في إسرائيل، الحاضرين الغائبين الذين يقطنون في قرى ومدن غير تلك التي طردوا منها.
    فعلى سبيل المثال، يقطن جزء من أهالي قرية صفورية في قضاء مدينة الناصرة في الجليل بالقرب من قريتهم التي طردوا منها عام 1948 ويمنعون من العودة إليها، ويقدر مجموع الحاضرين الغائبين بنحو 270 ألف فلسطيني خلال العام الحالي.
    توالت السياسات الإسرائيلية لمصادرة مزيد من الأراضي العربية، وبلغت المصادرة أوجها في شهر آذار (مارس) 1976، حيث صادرت السلطات الإسرائيلية 21 ألف دونم من قرى سخنين وعرابة وغيرها من القرى الفلسطينية في الجليل والمثلث، وعلى خلفية ذلك قامت الأقلية العربية بانتفاضة «يوم الأرض» في 30 آذار 1976، وسقط خلالها ستة شهداء من القرى المذكورة، ليصبح يوماً وطنياً، تتجسد فيه الوحدة الوطنية الفلسطينية دفاعاً عن عروبة الأرض وضد مصادرتها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
    وتبعاً لمصادرة الأراضي العربية من قبل الجيش الإسرائيلي تحت حجج الأمن، فإن الفلسطينيين على الرغم من ارتفاع مجموعهم من 151 ألفاً عام 1948 إلى نحو مليون و500 ألف يمثلون نحو 20 في المئة من سكان إسرائيل، بيد أنهم لا يملكون سوى 2 في المئة من الأراضي التي أقيمت عليها إسرائيل في عام 1948، والتي تقدر بنحو 78 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية.
    وفي محاولة لتهويد ما تبقى من أراضٍ بحوزة الأقلية العربية داخل الخط الأخضر، وضعت السلطات الإسرائيلية مخططات لتهويد الجليل وكسر التمركز العربي في المنطقة المذكورة، وذلك عبر أسماء مختلفة، مثل مشروع تطوير منطقة الجليل، ومشروع نجمة داود لعام 2020، إضافة إلى ظهور مخططات لكسر التمركز العربي في منطقة النقب التي تشكل مساحتها 50 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، ومن تلك المخططات مخطط «برافر»، الذي يسعى لمصادرة 800 ألف دونم، وتجميع عرب النقب البالغ عددهم نحو 200 ألف نسمة في مساحة أقل من مئة ألف دونم، أي على أقل من 1 في المئة من مساحة صحراء النقب.
    واللافت أنه خلال السنوات القليلة الماضية استصدرت المؤسسة الإسرائيلية عدداً من القوانين للسيطرة على مزيد من أراضي الفلسطينيين المتبقية بحوزتهم، ناهيك عن استصدار قوانين من شأنها تعزيز وترسيخ فكرة يهودية إسرائيل، ومن أخطر تلك القوانين قانون الجنسية وقانون النكبة الذي يحظر على الأقلية العربية إحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، فضلاً عن قوانين تمنع التزاوج بين أفراد من الأقلية داخل الخط الأخضر مع العرب الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بغية الحد من التواصل الديموغرافي. لكن الأخطر كان استصدار قانون المواطنة والولاء الذي يفرض على الأقلية العربية الاعتراف -من خلال قسم- بيهودية إسرائيل قبل الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
    وتكمن مخاطر تلك القوانين الإسرائيلية التي تسارعت وتيرة صدورها إبان حكومة نتانياهو، بتداعياتها المستقبلية الخطيرة على وجود الأقلية العربية. وقد يكون التحدي الأهم الذي سيواجهه الفلسطينيون في الداخل تلك السياسات الإسرائيلية الرامية إلى زعزعة وجودهم كأقلية في أرضها بغية طردهم في نهاية المطاف. ولهذا يتطلب الأمر الكشف عن تلك السياسات ومخاطرها، بالاعتماد على خطاب موحد من الأحزاب والقوى العربية داخل الخط الأخضر، حيث يعتبر مجرد استمرار وجود الأقلية العربية في أرضها -عبر أشكال الدعم المختلفة- رصيداً ديموغرافياً ووطنياً له دلالة مباشرة على الهوية العربية للأرض التي أقيمت عليها إسرائيل عام 1948.
    ويبقى القول إن التعبيرات التضامنية المختلفة للأقلية العربية داخل الخط الأخضر مع انتفاضات أهلها في الضفة والقدس وقطاع غزة، تحمل في طياتها رداً واضحاً على سياسات الاحتلال العنصرية والتهويدية.

    الفلسطينيون بين الأقوال والأفعال
    بقلم: عوني صادق عن الخليج الإماراتية
    في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947، أقرت الأمم المتحدة، الهيئة الممثلة ل«الأسرة الدولية»، أو ما يسمى أيضاً «المجتمع الدولي»، المدافعة عن «حقوق الإنسان» والوصية على «السلام والأمن الدوليين»، قرار «تقسيم فلسطين». وبلغة أوضح، قرر من لا يملك منح من لا يستحق أكثر من نصف وطن الشعب العربي الفلسطيني؛ لشراذم من شذاذ الآفاق! وبعد سنة ونصف من ذلك القرار، كانت «الدولة» التي أنشأها قد انتهكته واستولت على 78% من أرض فلسطين، وهي اليوم تضع يدها فعلياً على 100% من أرض فلسطين تأكيداً لاحتقارها للقرار وللهيئة الدولية التي قررته وتالياً ل«المجتمع الدولي» كله!
    بعد ثلاثين سنة من ذلك القرار، قررت الأمم المتحدة اعتبار ذلك اليوم يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكأنما تقدم ما يشبه الاعتذار عما اقترفته في حق الشعب الذي لم يتوقف يوماً عن النضال والتضحية، من أجل إلغاء القرار الجائر! وقد يخيل للبعض أن هذا الإجراء جاء ليصحح «المجتمع الدولي» الجريمة التي ارتكبها، وليعيد للشعب الذي وقع عليه الجور بعضاً من حقوقه، ولا نقول كل حقوقه. لكن الأيام والسنين أثبتت عبث التعلق بهذا الوهم، لأن الأمم المتحدة كانت يوم قرار التقسيم؛ وهي اليوم مجرد أداة لمتآمرين لا يهمهم الحق ولا يهتمون بالسلام، بل فقط بمصالحهم ومصالح صنائعهم وأولهم دولة الاغتصاب «إسرائيل»!
    فالولايات المتحدة، راعية «عملية السلام في الشرق الأوسط»، التي مازالت تتمسك بها القيادة الفلسطينية كوسيط لاسترداد بعض الحقوق، تنحاز للكيان الغاصب داعمة سياساته وجرائمه ونهمه الذي يتعاظم كل يوم لحرمان الشعب الفلسطيني من كل حقوقه. وسجلات الأمم المتحدة تحتفظ باستعمالها (الفيتو) فقط (79) مرة منذ 1947 لصالح «إسرائيل»، ودفاعاً عن عدوانيتها وانتهاكها المستمر للقانون الدولي، ولكل القرارات التي صدرت عن المنظمة الدولية لصالح حقوق الشعب الفلسطيني، وأولها حقه في تقرير مصيره! وكل «المجتمع الدولي» مازال خاضعاً للسياسة الأمريكية المنحازة! لذلك، فإن «التضامن مع الشعب الفلسطيني» هو واحد من أساليب التضليل والخداع، وهو إن كان لا يزيد على يوم واحد في السنة، فإنه لا يتجاوز بعض الكلمات التي تجتر نفسها، وينتهي مفعولها قبل أن تصل إلى مسامع المتضامنين أنفسهم الذين يعرفون أن أحداً لم يعد يعلق أي أمل على مثل هذا التضامن.
    إن القرارات التي صدرت لصالح الشعب الفلسطيني في ما يقرب من سبعين سنة بعد وقوع الجريمة لم يغير من واقع القضية البائس شيئاً، ولم يقدم أفقاً لأي حل عادل لها. وفي آخر تصريحات رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، والذي جاء في «يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني»، ويا للمفارقة، قال: «لن نعطي السلطة الفلسطينية ولا متراً واحداً من الأرض»! جاء هذا التصريح في إطار الحديث عن رشوة مقترحة لدفع السلطة الفلسطينية للعمل على وقف الهبة الشعبية المندلعة منذ أول أكتوبر/تشرين الأول الماضي!
    الشعب الفلسطيني يعرف جيداً من خبرته أن الكيان الغاصب لم يقم ولم يصبح حقيقة واقعة على الأرض إلّا كثمرة للتآمر الاستعماري عليه، ويعرف جيداً أيضاً أن «ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة». وتأكدت هذه المعرفة بعد التوقيع على «اتفاق أوسلو» وكل التنازلات التي قدمت للعدو في السنوات اللاحقة، حيث لم يحصل على شيء بل خسر الكثير من الأرض والأرواح والكرامة أيضاً!
    وإذا كان جيل النكبة والجيل الذي تلاه قد عجزا عن مواجهة المؤامرة، فإن الأجيال اللاحقة باتت تعرف أن لا خيار لها إلّا مقاومة الغاصب بالمتاح من الأدوات والأسلحة، ولكن أساساً بالرفض الحازم والحاسم لنوايا الاستسلام لدى القائمين على الأمور حتى اليوم. هذا ما تقوله هبة الشباب الذي لا يعول على تضامن زائف من أي جهة جاء، عربية أو غربية، أو إسلامية!
    في يوم التقسيم، ولا أقول يوم التضامن، يستدل على جدارة الموقف الذي يسجله شباب فلسطين هذه الأيام، ذلك الخوف، بل الهلع الذي ينعكس على المستوطنين، وفي تصرفات جنود النخبة في الجيش «الإسرائيلي»، والتخبط في المستوى السياسي الحاكم، وأيضاً في التشاؤم الظاهر في الصحافة «الإسرائيلية»، وخصوصاً تلك الآراء التي وإن كانت قليلة إلّا أنها تمثل شريحة أقدر على استشراف المستقبل ترى أن السياسة «الإسرائيلية» والتمسك بالاحتلال وسياساته وإجراءاته تقود دولتهم إلى الدمار الشامل، والمسألة ليست إلّا مسألة وقت!
    في يوم التاسع والعشرين من كل نوفمبر/تشرين الثاني نتذكر تقسيم فلسطين، يوم وضعت فيه المؤامرة للتطبيق الفعلي. ولن ينفع في هذا المقام اعتذار تقدمه بريطانيا، أو الغرب الاستعماري الذي لم يغادر مواقع التآمر على الشعب الفلسطيني حتى اليوم، ولن ينفع تخصيص يوم لاستذكار الجريمة المستمرة باسم «التضامن».
    وبالرغم مما يوحي به «الوضع القائم» من يأسٍ أو عبث، فإن قوى الشعب الفلسطيني الوطنية، وفي المقدمة أجيالها الجديدة التي ترى وهي على حق تماماً، أن مهمتها الراهنة هي منع الاستسلام للمخططات «الإسرائيلية»، ومن ثم الاستمرار في مقاومتها من دون وضع النتائج القريبة موضع التساؤل. ذلك لأن الأهم من ذلك هو إبقاء القضية الوطنية حية وعلى الطاولة، وعدم منح الكيان الغاصب أي شكل من أشكال الشرعية... والهبة الشعبية الحالية ليست آخر المسار على هذه الطريق!



    أمريكا والكيل بعشرة مكاييل
    بقلم: فايز رشيد عن الخليج الإماراتية
    زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الكيان واجتماعه بمجرم الحرب العنصري نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، هي من أجل إنهاء الانتفاضة وإجهاضها!
    فقد استبق جولته الجديدة، بدعوته المسبقة للفلسطينيين و«الإسرائيليين» للتهدئة، ووقف أعمال العنف في الضفة الغربية والقدس، ذلك بحسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية «جون كيري»، ومن ثم دعوته الطرفين لاتخاذ خطوات من شأنها وقف أعمال العنف وتحقيق السلام.
    وجدد كيري وصفه لعمليات الطعن التي يقوم بها الفلسطينيون ضد «الإسرائيليين» ب«الأعمال الإرهابية»، لكن اللافت في الأمر أنه خلع نفس التوصيف على العمليات المماثلة التي يقوم بها «الإسرائيليون» بحق الفلسطينيين في مدينة ديمونة جنوبي «إسرائيل» منذ مدة، وذلك بعد أن تهرب عن وصفها بذلك، خلال تصريحات أدلى بها قبل شهر. كيري في الكيان وفي تصريحات جديدة له، أكّد دعمه للعدوان على شعبنا بتبرير أن للكيان حق الدفاع عن دولته؛ أمام «الإرهاب» الفلسطيني!
    جدير ذكره أن العدوان الصهيوني على أهلنا في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة متواصل، وهو ابتدأ منذ ما يقارب الشهرين. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان صحفي، أن 107 فلسطينيين استشهدوا (حتى اللحظة)، بينهم أطفال وأمهات، في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، منذ بداية الانتفاضة.
    لولا الضوء الأخضر الأمريكي لما تجرأت «إسرائيل»» على القيام بكل هذه الجرائم الفاشية، المشابهة تماماً لما اقترفته حليفتها الاستراتيجية تجاه سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر، ولما تجرأ الكيان على اقتراف مذابحه بحق شعبنا وأمتنا. إن ورقة الضمانات الاستراتيجية الأمريكية للكيان عام 2004 تؤكد ذلك، كما تاريخ العلاقة بين الطرفين، من خلال تسابق مرشحي الرئاسة والرؤساء الأمريكيين الفائزين في كسب الرضا الصهيوني واللوبي الممثل له في أمريكا. لذا فإن ما تقترفه «إسرائيل» من جرائم سيُفسّر أمريكياً «بأنه دفاع عن النفس»، وأن الفلسطينيين، المحتلة أرضهم، والذين يدافعون عن حقوقهم في الحياة، حتى لو قاموا برشق دبابات الاحتلال وقطعان مستوطنيه ومستعربيه، بالحجارة سيتهمون ب«الإرهاب»!
    يدرك زعيم الليكود وائتلافه الحكومي أن حليفته الاستراتيجية ستدافع عن جرائمه في مجلس الأمن، وكل المحافل الدولية والقانونية، والآخر بتلك الهيئات المتعلقة بحقوق الإنسان، وأن أمريكا ستحميه من أي قرار إدانة لمذابحه بحق شعبنا.
    ليس من الصعب على المراقب استشراف أهداف جولة كيري لإجهاض الانتفاضة. من زاوية أخرى، فإن نتنياهو دعا عباس إلى لقاء بينهما من دون شروط مسبقة. كيري سيمارس ضغطاً على الرئيس عباس من أجل الاجتماع برئيس الوزراء الصهيوني، الاجتماع الذي سيمتص، انكشاف الجرائم الصهيونية أمام الرأي العام الشعبي على المستوى الدولي، وسيخفف من انعكاسات حدة كثافة الإجرام الصهيوني والقتل العمد للفلسطينيين، حتى لأولئك الأطفال الذاهبين إلى بيوتهم، والذين قد يشك (مجرد شك) الجنود الصهاينة في نواياهم، فيقومون بإطلاق الرصاص على الأماكن القاتلة في أجسادهم (منطقتي القلب والرأس)!
    كيري لا يرى هذا المشهد بكامله! هو يساوي بين المغتصب للأرض والمزنّر بأحدث أنواع الأسلحة وبين المحتلة أرضه من الفلسطينيين العُزّل إلّا من الإرادة والحجر والسكين! وبين الجلاد القاتل السوبر فاشي الصهيوني! هل يُعقل هذا؟!. ما نقوله هو حقائق يعرفها القاصي والداني، فالعلاقات الأمريكية «الإسرائيلية» على درجة من التحالف الاستراتيجي الذي يقع خارج إطار الدخول في مرحلة تناقض، وهي خارج إطار التدخل الفعلي من قبل أي إدارة أمريكية.
    من الخطأ المراهنة على جولة كيري! والسلطة مطالبة حتى بعدم الاستجابة لضغوطاته من أجل المشاركة في أي مفاوضات مع الكيان، أو إنهاء الانتفاضة. مجمل القول: إن أمريكا أصبحت تكيل بعشرة مكاييل وليس بمكيالين!

    رأي الوطن : صمت يشرعن الجريمة
    بقلم: أسرة التحرير عن الوطن القطرية
    في الوقت الذي تتحدث فيه الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها جون كيري عن خطوات إعادة بناء الثقة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، يواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي عربدته في الأراضي الفلسطينية، وتوغل آلة حربه وجرائمه الإرهابية في اللحم والدم الفلسطينييْنِ، وسط صمت مطبق أميركي وغربي، وهو الصمت الذي اعتاد عليه الفلسطينيون والعرب أن يكون مؤيدًا بالمطلق لكل الجرائم الإرهابية الإسرائيلية. ولا عجب ولا غرابة في ذلك؛ لأنه وفق المفهوم الأميركي والغربي، تعد تلك الجرائم الإرهابية “دفاعًا عن النفس” ومن واجب كيان الاحتلال الإسرائيلي القيام بكل ما تستلزمه وتتضمنه تلك العبارة التي أصبحت مادة في دستور جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
    مطلوب من كل إسرائيلي مستوطنًا كان أو جنديًّا أو أيًّا كان صورته ومنصبه ووضعه داخل فلسطين المحتلة، أن يترجمها ترجمة عملية في تعامله مع الشعب الفلسطيني، بينما يعد مقاومة الاحتلال من جانب الفلسطينيين إرهابًا، وبالتالي ووفق هذا الصك الأميركي ـ الغربي يحق لكل إسرائيلي أن يعربد ويعيث فسادًا في الأرض الفلسطينية ويعبث بالدم الفلسطيني، سواء لإرواء وحشيته الدموية أو لمجرد التسلية.
    الصك الأميركي ـ الغربي “حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها” بات يعطي مفاعيله على نطاق واسع، بل يشمل كامل فلسطين المحتلة بما فيها أراضي داخل الخط الأخضر أو أراضي 48، فأصبحت الإعدامات الميدانية بحق الفلسطينيين، سواء كانت بشبهة أو دون شبهة، وبتهمة أو دون تهمة، أمرًا خاصًّا وعلامة حصرية للإسرائيلي. بل إن التوظيف لـ”حق الدفاع عن النفس” لم يقتصر فقط على البشر، وإنما تعدى إلى الحجر والشجر، وذلك بهدم البيوت وحرق المزارع.
    إن الصمت الأميركي ـ الغربي المختوم بـ”حق “إسرائيل” الدفاع عن نفسها”، في الشكل والمضمون، لا يمكن تفسيره في إطاره الآني جراء مواجهة أو احتجاج يتطلبان تدخلًا من سلطات كيان الاحتلال، أو في إطار الفعل ورد الفعل، وإنما له أبعاده التي تتساوق مع مشروع الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين التاريخية والمنطقة بأكملها. فما يمارسه كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني مدعومًا ومؤيدًا أميركيًّا وغربيًّا، هدفه هو إفراغ فلسطين المحتلة من أهلها الحقيقيين، وسلخها من هويتها العربية والإسلامية تساوقًا مع الحلم التلمودي المسمى بـ”يهودية الدولة”.
    ولذلك، إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس على هدم منزل إبراهيم العكاري في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، لمقاومته جرائم الاحتلال، ليس هو الأول ولن يكون الأخير، طالما أن عملية الهدم للمنازل والمساجد والمزارع تسير بصورة متوازية مع التصفية الجسدية للشعب الفلسطيني، لتصب في النهاية في تحقيق الحلم التلمودي الذي يبدأ من القدس المحتلة حيث يكثف الاحتلال الإسرائيلي عملياته لإخراج الفلسطينيين المقدسيين بصورة نهائية.
    لقد كان لافتًا في زيارة جون كيري وزير الخارجية الأميركي في زيارته الأخيرة إلى فلسطين المحتلة والتي تحدث فيها عن خطوات إعادة الثقة بين حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية تأييده لادعاءات حكومة الاحتلال بأن جنود الاحتلال وميليشيات المستوطنين، في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، هم ضحايا للفلسطينيين، وتبنيه مشروع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال القائم على تجميد الحل السياسي إلى أجل غير مسمى، والاكتفاء بمجموعة إجراءات اقتصادية، وتخفيف القيود الأمنية المفروضة على الفلسطينيين.
    الخلاصة، هي أنه إذا كان القول عند حصول أي مؤامرة أو جريمة إرهابية بحق دول المنطقة هو “فتش فيها عن الإسرائيلي”، فإن أي جريمة إرهابية إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني يكون القول هو “فتش فيها عن الأميركي”.

    استقطاب أيديولوجي لدى مستوطنين يجعلهم أكثر تطرفا
    بقلم: برهوم جرايسي عن الغد الأردنية
    يبين بحث جديد أجريته لمركز الأبحاث الفلسطيني "مدار للشؤون الإسرائيلية" في رام الله، ونشر قبل أيام، أن التركيبة الديمغرافية لجمهور مستوطني الضفة الغربية المحتلة، تشهد حالة استقطاب ديني أيديولوجي، من شأنها أن تزيد من أجواء التطرف بينهم. هذا عدا عن الارتفاع الحاد في أعداد المستوطنين سنويا، والناجمة في غالبيتها عن نسب "التكاثر الطبيعي"، التي قلما تجد مثيلا لها في العالم.
    وتبرز أهمية معرفة الأجواء السياسية بين المستوطنين، من كونهم، وبرغم قلة نسبتهم بين الجمهور الإسرائيلي عامة، باتوا مرتكزا متينا للأحزاب اليمينية التي تقود الحكم الإسرائيلي في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص.
    فقد شهد المشروع الاستيطاني السرطاني الضخم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، منذ ظهوره الأول على الأرض غداة عدوان حزيران (يونيو) 1967، مراحل مختلفة؛ من حيث جغرافية انتشاره، وطبيعة المستوطنين ووتيرة تزايدهم. إلا أنه في العقدين الأخيرين، تزايدت أعداد المستوطنين بوتيرة عالية جدا، وبحدود 5.5 % سنويا ككل. وتزايدت أجواء التطرف السياسي بينهم، ما جعلهم أكثر تفاعلا وفاعلية في الحلبة السياسية، من باقي قطاعات الجمهور الإسرائيلي. وشيئا فشيئا، باتوا قوة سياسية مركزية، متكتلة من حيث أهدافها، وإن تعددت أحيانا كتلهم البرلمانية؛ تتمثل في الهيئات المنتخبة وفي مؤسسات الحكم الإسرائيلي، بنسب أكبر من حجمها من إجمالي السكان، ومن إجمالي ذوي حق الاقتراع.
    وصدر البحث في قبل أيام بعنوان: "الخارطة السياسية في مستوطنات الضفة والقدس 2013- 2015". وهو يستند إلى النتائج الرسمية للانتخابات البرلمانية في هذين العامين، كما وردت في لجنة الانتخابات المركزية.
    ويهدف البحث إلى إلقاء نظرة داخلية، بقدر الإمكان، على تركيبة المستوطنين السياسية وخلفياتهم، من خلال تقسيمهم إلى مجموعات دينية وعلمانية وغيرها. كما يهدف أيضا إلى فحص ما إذا كانت المنطقة الجغرافية تعكس، في الوقت ذاته، خلفياتهم الأيديولوجية والسياسية، وكذلك الاقتصادية. وعادة، فإن الانتخابات البرلمانية هي الاستطلاع الأدق لتوجهات الجمهور. وفي حالة المستوطنين، ونظرا إلى نسبة المصوتين التي تصل إلى أقصى حد يمكن أن تصل إليه بين ذوي حق الاقتراع، فإن نتائج الانتخابات هناك تقدم صورة أدق للواقع السياسي في بيئة الاستيطان والمستوطنات.
    ويرتكز البحث على مسح دقيق تقريبا لكامل مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس ككل. وساعد المسح الذي شمل نحو 120 مستوطنة والقدس، على التوصل إلى سلسلة من الاستنتاجات الديمغرافية والسياسية، بشكل عام، والتوصل إلى استنتاجات تتعلق بالأحزاب التي لها حضور كبير. كما أن من أهم الاستنتاجات تلك التي تتعلق بالجانب الديمغرافي، ونسب تزايد المستوطنين، وأي من الفئات تتزايد أكثر من غيرها.
    يفرز البحث المستوطنات إلى خمس مجموعات؛ الأربع الأولى بحسب التركيبة الديمغرافية (علمانيون، ومتدينون من التيار الديني الصهيوني، ومستوطنات مختلطة بين الجمهورين، والمتدينون المتزمتون "الحريديم"، ثم القدس). كما تم فرز مجموعات المستوطنات الثلاث الأولى بحسب منطقتها الجغرافية، في سعي لمعرفة الفارق السياسي، إن وجد. أما مستوطنات "الحريديم"، فقد تم أخذها كمجموعة واحدة، بغض النظر عن منطقتها الجغرافية، نظرا لتطابق نهج التصويت في هذه المستوطنات.
    وأجرى البحث حسابات لمعرفة أعداد المستوطنين في المستوطنات من دون القدس، استنادا لعدد ذوي حق الاقتراع من جهة، ونسب تكاثر ومعدلات أعمار كل واحدة من شرائح المستوطنين، ليتبين أن عدد مستوطني الضفة من دون القدس في الربع الأول من العام الحالي 2015 بلغ ما بين 375 ألف الى 380 ألف مستوطن، في حين أن عدد المستوطنين في الأحياء الاستيطانية القائمة في القدس المحتلة منذ العام 1967 بلغ هذا العام نحو 240 ألف مستوطن، ما يعني أن عدد المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، يبلغ في هذه الأيام ما يقارب 620 ألف مستوطن.
    ويبين البحث أن جمهور الناخبين بين المستوطنين، ممن أتموا عمر 18 عاما، قد نما بين انتخابات 2013 و2015 (26 شهرا) بنسبة تزيد على 7 %، بينما عدد الناخبين العام ارتفع بنسبة 4 %. إلا أن اللافت كان التزايد على مستوى الشرائح؛ إذ تزايد عدد الناخبين من المتدينين المتزمتين "الحريديم" في نفس الفترة بنسبة 11.1 %، وهذا هو التطور الأهم على مستوى التركيبة الديمغرافية للمستوطنين.
    فجمهور "الحريديم" الإسرائيليين، الذين يعتبرون إسرائيل كيانا عابرا إلى حين يأتي المسيح لأول مرّة إلى العالم، ويقيم "مملكة إسرائيل"، لم يقبلوا في الماضي القريب أن يكونوا جزءا من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، حتى أنهم دعموا بالتأييد والامتناع اتفاقيات أوسلو من 1993 إلى 1995، لكنهم لاحقا تحولوا إلى معارضين. غير أن الأهم من كل هذا، أنهم قبلوا في العقدين الأخيرين أن يكونوا جزءا من المشروع الاستيطاني، حتى باتوا في السنوات القليلة الأخيرة الرافد الأكبر لجمهور المستوطنين.
    فقد قبل "الحريديم" إغراء المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، بإقامة "تجمعات استيطانية" منغلقة لهم، وهي سبع مستوطنات في الضفة، لكن كلها في محيط القدس، وأكبرها "موديعين عيليت" شمال القدس، و"بيتار عيليت" جنوبي القدس. وبات جمهور "الحريديم" حوالي ثلث المستوطنين في الضفة من دون القدس المحتلة. وحسب تقديرات البحث المتناول هنا، فإنهم قد يصبحون نصف عدد المستوطنين خلال عقد من الزمن.
    المراد قوله، هو أن الاستيطان لدى "الحريديم" نابع من احتياجات دينية لهم، بأن يعيشوا في "تجمعات منغلقة" لهم، وأن يبقوا في محيط القدس، مركز نشاطهم الديني، والتي ستكون حسب التوراة، المكان الذي سيأتي إليه المسيح لأول مرّة إلى العالم. وتقع مستوطناتهم السبع عند الأطراف الغربية للضفة الغربية. وهذا بعكس التيار الديني الصهيوني، التيار المسيطر سياسيا على جمهور المستوطنين؛ إذ إن استيطانهم نابع من أيديولوجيا صهيونية متطرفة، وهم يستوطنون بالأساس في مستوطنات وسط الضفة، بدءا من جنوب منطقة نابلس (شمال الضفة) وحتى منطقة الخليل جنوبا. وبينهم تنشأ وتتنامى العصابات الأشد تطرفا وإرهابا.
    وحسب البحث، فقد شكل المستوطنون من التيار الديني الصهيوني ما يقارب
    34 % من جمهور الناخبين المستوطنين، مقابل نسبة 32 % من "الحريديم"، علما -وكما ذكر- أن استيطان "الحريديم" بدأ قبل عقدين وتزايد في العقد الأخير، بينما بدأ المتدينون الصهاينة استيطانهم مع احتلال العام 1967. وأكثر من هذا، فقد تبين من البحث أن 39 % من عدد الناخبين الجدد من المستوطنين، كانوا من "الحريديم"، مقابل 28 % من المتدينين من التيار الديني الصهيوني.
    الاستنتاجات السياسية
    في الاستنتاجات السياسية؛ بمعنى حصة الأحزاب من مصوتي المستوطنين، تبين أن الارتفاع الحاد في المشاركة للمستوطنين المتدينين من الشريحتين، بنسبة فعلية تصل إلى 90 % (تشمل المصوتين خارج أماكن استيطانهم)، يضمن حتى مقعدين إضافيين لهذا الجمهور، كون الانتخابات الاسرائيلية هي قُطرية نسبية. ومقعدان من أصل 120 مقعدا، قد يكونان مصيريين، فها هي حكومة بنيامين نتنياهو الحالية ترتكز إلى دعم 61 نائبا من أصل 120 نائبا.
    وعلى صعيد الأحزاب، سجل حزب "الليكود" زيادة ملحوظة بقوته في مستوطنات الضفة من دون "الحريديم"؛ من 28.1 % في انتخابات 2013 إلى
    31.2 % في انتخابات 2015. وهذا ما يفسر أكثر تزايد التطرف اليميني في هذا الحزب الحاكم، بدءا من زعيمه نتنياهو.
    في المقابل، تراجع تحالف أحزاب المستوطنين "البيت اليهودي" في مستوطنات الضفة من دون "الحريديم"؛ من 36.2 % في انتخابات 2013، إلى 32.2 % في انتخابات 2015. وحصل هذا التراجع أساسا في المستوطنات الكبرى، بفعل التراجع العام للتحالف، على خلفية تنكره للشعارات الاقتصادية الاجتماعية التي طرحها في 2013. لكن "البيت اليهودي" حافظ تقريبا على عدد أصواته في مستوطنات مركز النشاط السياسي للمستوطنين، خاصة مستوطنات التيار الديني الصهيوني الذي صوتت بأكثر من 58 % للتحالف.
    وقد يستغرب كثيرون حقيقة أن حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني الأشد عنصرية وتطرفا، شبه غائب في المستوطنات، حيث يحظى بنسب تصويت هامشية. وفقط المستوطنات الكبرى تمنحه أصواتاً تضمن وجوده على الخريطة السياسية في مستوطنات الضفة، مع نسبة 3.6 %. وهذا يعود إلى طبيعة هذا الحزب العلماني في جوهره، وطبيعة زعيمه الأوحد الشرسة؛ فكونه مستوطنا، لم يشفع له حتى بالحصول على عدد أصوات جدي في مستوطنته في منطقة بيت لحم.

    مقارنة.. بين نتنياهو وعباس!
    بقلم: فايز رشيد عن الشرق القطرية
    قال بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر حزب الليكود الإسرائيلي، تعقيبًا على ما راج مؤخرًا "بأنه لن يقوم بتسليم أي مناطق جديدة للفلسطينيين.. لا 40 ألف متر ولا 10 آلاف متر ولا حتى متر واحد"، بحسب ما نقلت وكالات الأنباء، وكانت تقارير إسرائيلية قالت قبل أيام بأن الإدارة المدنية الإسرائيلية بلورت خطة لتسليم عدة آلاف من الدونمات للسلطة الفلسطينية من المنطقة الثالثة المسماة "سي".
    من ناحية أخرى، رفضت النيابة الإسرائيلية طلبا للمركز الحقوقي الفلسطيني "الميزان" بفتح ملف تحقيق ضد القائمين على لعبة حاسوب عنصرية تحريضية، تحت اسم "اضرب المخرب"، بادعاء أنه لا يوجد أي مبرر لفتح تحقيق جنائي ضد مطوّري اللعبة، وضد إدارة موقع "يلدودس" الذي نشر اللعبة، وقالت مؤسسة ميزان في بيان لها: إن النيابة وصلت إلى هذه القناعة رغم أن الحديث يدور عن لعبة تحوي مضامين فظة، من ضمنها "الموت للعرب"، وهي لم تخرج عن الإطار المألوف، خاصة أن الحديث يدور عن لعبة أطفال.
    أيضا، بحثت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في مدينة القدس المحتلة، التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية، أمس خطة إقامة مشروع استيطاني ضخم، يطلق عليه اسم "بيت هليبا"، ويشمل مركزا سياحيا، ومكاتب يجري التخطيط لبنائها قبالة حائط البراق في البلدة القديمة في القدس المحتلة. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه تم وضع هذا المخطط الاستيطاني منذ فترة طويلة، وكان قد تقرر بحثه مرتين في الماضي، لكن حكومة إسرائيل امتنعت عن المصادقة عليه لأسباب سياسية، إلى جانب كون الموقع المخطط، لإقامة هذا المشروع عليه يعتبر موقعا حساسا، وكانت اللجنة قد قررت عقد اجتماع لبحث المشروع الاستيطاني قبل شهرين، لكنها امتنعت عن المصادقة عليه "بأمر من جهات عليا".
    وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد أفادت في حينه بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هو الذي أمر بالمصادقة على هذا المشروع الاستيطاني، بينما نفت ذلك مصادر في مكتبه، ويتوقع، أن تتم المصادقة على هذا المشروع الاستيطاني خلال يومين.
    ميدانيا، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الإثنين منزل الشهيد غسان أبو جمل في بلدة جبل المكبر جنوب شرق القدس المحتلة، وقال "معتصم علان" أحد سكان البلدة: إن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة جبل المكبر، وحاصرت حي أبو جمل، وداهمت منزل الشهيد غسان، تمهيدًا لاستكمال هدمه، وأوضح أن تلك القوات أخذت قياسات منزل الشهيد أبو جمل، ونظرت في وضعه لمعرفة كيفية التعامل معه والعودة لاستكمال هدمه مرة أخرى، وقررت محكمة بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة هدم شقتين سكنيتين في حي بئر أيوب ببلدة سلوان، بحجة البناء دون ترخيص.
    إلى ذلك، شيع مئات المقدسيين، فجر أمس، جثمان الشهيد أيمن سميح العباسي (17 عاما) الذي استشهد، مساء الأحد، خلال مواجهات في حي عين اللوزة ببلدة سلوان جنوبي الأقصى المبارك، وشاركت حشود كبيرة في موكب تشييع جثمان الشهيد الذي انطلق من منزله في حي رأس العامود إلى مقبرة «السناونة»، حيث ووري جثمانه الثرى بعد الصلاة عليه، وحاولت قوات الاحتلال في وقت سابق، عقب إصابته اختطاف جثمانه، إلا أن الشبان تمكنوا من نقله إلى مركز طبي قبل تسليمه إلى عائلته التي ودعته، ومن ثم ووري الثرى.
    وقالت مصادر فلسطينية إن الفتى العباسي، وهو أسير محرر، استشهد جراء إصابته برصاصة حية في صدره خلال المواجهات، التي اندلعت في حي عين اللوزة..

    نتنياهو والأسد يحاربان الإرهاب!
    بقلم: أسامة عثمان عن العربي الجديد
    لا يفتأ بشار الأسد يؤكّد أولويَّة محاربة الإرهاب لديه، ومِن جديد تصريحاته أن "سورية، وأصدقاءها، مصمِّمون على المُضيِّ في مكافحة الإرهاب، بكلِّ أشكاله؛ لأنهم واثقون بأن القضاء على الإرهاب سيشكِّل الخطوة الأساسيَّة في إرساء استقرار المنطقة والعالم".
    كما لا يتوانى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كما أسلافه من القادة الإسرائيليّين، عن توظيف هذه المغالطة، بزجِّ موضوع الإرهاب في معركتهم، ضدَّ الشعب الفلسطيني؛ لتخلط إسرائيل، عن عمد، بين المقاومة المشروعة قانونيًّا ودوليًّا والإرهاب، في محاولةٍ للتساوق مع هذا الأمر الذي كرّسته واشنطن، واتخذت منه ذريعةً لمآرب سياسيّة تتعدّى حدوده الحقيقيَّة.
    ولا يخفى أن هذا الاستخدام، أو الاندراج في هذه العمليَّة المسمّاة محاربة الإرهاب، يحقِّق فائدتين متصلتين: الأولى ترميم الشرعيَّة المهشَّمة، أو المهتزَّة عالميًّا، لكلٍّ من إسرائيل ونظام الأسد، إسرائيل التي تمارس دور المحتلّ بأبشع صوره، وأكثرها استهتاراً بالشرعيَّة الدوليَّة، والرأي العام العالميّ، وحقوق الإنسان، مقترفةً جرائم مشهودة على ملأ من إعلام العالم، ما يصنِّف تلك الاعتداءات في خانة الإرهاب، بل في "إرهاب الدولة"، بلا أيّ مبالغة؛ لما تنطوي عليه من استهداف للمدنيّين، أو الاستعمال المفرط للقوّة، أو القتل من دون مبرِّر، أو خطر حقيقيّ.
    ونظام بشار الأسد تآكلت شرعيّته، إثر الاحتجاجات الشعبيَّة الواسعة، وما تلاها من معالجات أمنيَّة حربيّة، أفضت إلى تدمير الحياة الطبيعيَّة في سورية. والفائدة الثانية، إسرائيليًّا، صرف الأنظار عن الاستحقاقات التي يُفترَض أن تؤدّيها إسرائيل، بعد أن أدَّى الطرفُ الفلسطينيُّ، من جانبه، كلّ ما يستطيع من (استحقاقات العمليَّة السياسيّة).
    وهنا، تنسى حكومة إسرائيل أن الاحتلال، بحدّ ذاته، هو جريمتُها المعلنة، والمصرّة عليها، كما تنسى اعتقالها الأطفال، وقتلهم، وتتناسى حمايتها المستوطنين، فعليًّا، بجنود الاحتلال، والتغطية على جرائمهم، كما حصل، مثالاً، لا حصرا، في جريمة حرق أسرة دوابشة. وقد تعامل (القضاء الإسرائيلي) مع قتلَة الفتى، محمد أبو خضير، الذين دانتهم محكمة إسرائيليَّة بقتل خضير وحرقه، لكنها قالت إنها تريد التأكُّد من الأهليَّة العقليَّة، وذلك بعد أن قدّم محامي الدفاع عن المتهم الرئيسي في الجريمة، يوسيف بن دافيد، تقريراً طبّيًّا عن الوضعيَّة النفسيَّة، يدَّعي فيه أن المذكور يعاني من اضطرابات نفسيَّة.
    وهذه الحيلة معهودة من إسرائيل، إذ غالبا ما يتضح أنَّ مجرميها وإرهابيِّيها مجانين، أو مضطربون نفسيًّا. كما كان من تخليص حارق المسجد الأقصى، دينس مايك، في 1969، من العقاب، حين زعمت إسرائيل أنه مجنون، ثم رُحِّل إلى أستراليا؛ وظلّ يعيش فيها، من دون أن يظهر عليه أيُّ أثر للجنون، أو غيره. ثم لا يمنع ذلك كله، وغيرُه، نتنياهو أن يخرج متشدِّقاً ومزاوداً، بأنه يحمي الأماكن المقدّسة، (ومن أبرزها المسجد الأقصى) من داعش.
    وكذلك يفعل بشار الأسد، حين يحاول صرف الأنظار عمَّا ينبغي على نظامه أن يفعله من تغييرات في بنيته الأمنيَّة التي لم يعد قسم كبير من الشعب السوري يقبل بها، وهو النظام ذو السوابق في الإرهاب، إذ سبق لبشار أن هدَّد في مقابلة له مع "صنداي تايمز" البريطانيَّة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بـ"زلزال يحرق المنطقة بكاملها"، وهدَّد بأفغانستان أخرى، أو بالعشرات من أفغانستان، ولم يكتفِ بالقول، بل شرع في الفعل، وما قضيَّة الوزير اللبنانيّ الأسبق، ميشال سماحة المستشار لبشار الأسد الذي اعترف بالتخطيط، مع رموز نظام الأسد؛ للقيام بعمليّات تفجير واغتيال، داخل لبنان، كان من شأنها أن تهيئ لحربٍ أهليّة، ما قضيّته عنّا بعيدة.
    ومن جهةٍ، ما أحدثه الأسد في سورية، منذ ما يزيد عن أربع سنوات، يكفي ويزيد لتنصيب بشار من أكابر الإرهابيّين؛ بما تسبَّب به من دمار عام لمقدَّرات البلد، ولنسيج وحدتها الاجتماعيَّة، ولا تعوزنا الأمثلة من أيقونات الثورة السوريَّة، من أمثال الطفل، حمزة الخطيب الذي قُتِل بعد اعتقاله، 25 يونيو/ حزيران 2011، ومُثِّل في جسده أبشعَ تمثيل، إلى منشد الثورة، إبراهيم القاشوش الذي قتلته قوّات الأمن السوريَّة، 4 يوليو/ تموز 2011، وذبحته، واقتلعت حنجرته، ثم ألقته في نهر العاصي.
    وفي المحصِّلة، قتل نظام الأسد أضعافَ أضعاف ما قتله تنظيم داعش وجبهة النصرة، لكنه يقترب من أن يصبح ركيزةً مهمَّة في محاربة الإرهاب، مع أن أطروحة أن بقاءه كان من أهمّ مغذِّيات التطرّف والدمويَّة في سورية، ومن أهمّ محفِّزات الطائفيَّة السياسيّة لا تزال شاخصةً، نظريًّا وعمليًّا.
    وعلى الرَّغم من ذلك كله، تظلّ السياسة، أو القرارات السياسيَّة، أكثر مَيْلا، نحو التبسيط المخلّ، فبحسب (الواقعيَّة السياسيَّة) التي يفرط الرئيس الأميركيّ، باراك أوباما، في استخدامها، فإن الخطر الأكبر ينبغي تقديمُه على الخطر الأصغر، والخطر الداهم ينبغي حسمه، قبل الخطر الآجِل، فـجماعات مثل داعش وجبهة النصرة، ومَن هي على شاكلتها، أخذت تشكّل خطراً واسع النطاق، والهوّة بين المنظومة الغربيّة، وتلك الجماعات (الجهاديَّة) واسعة وعميقة، فلا مجال للتعايش معها، أو لحلول وسط، لكن الأسد المندرج ضمن المحور الإيرانيّ الروسيّ، يمكن، في أقلّ الطموحات، احتواؤه، أو مساومته.
    لكن هذا التعاطي يتجاهل الطرف الآخر، (الفلسطينيّين في حالة نتنياهو، والشعب السوريّ، أو قسما كبير منه في حالة الأسد) ومتطلّباته وحقوقه. كما يتجاهل أن هذه الكيانات لا تعرض محاربة الإرهاب طرفاً أصيلاً، بقدر ما أن هدفها الأصيل هو البقاء، على ما هي عليه من احتلال وتوسُّع (إسرائيل)، وكذلك نظام الأسد الذي له تجارب وسوابق في التعاون مع من كانت الولايات المتحدة تصفهم إرهابيِّين، في أثناء احتلالها العسكريّ للعراق. فهل أصبحت محاربة الإرهاب وسيلةً لتبييض وجوه ساسة مفلسين؟ بل ومتورِّطين في جرائم إرهاب ضدَّ شعوب أخرى، أو جرائم إنسانيَّة ضدَّ شعوبهم؟!
    جوهر المسألة أن الانخراط في محاربة "الإرهاب" لا يبرّئ المنخرطين من جرائمهم السابقة، والراهنة، ولا يلغي مسؤوليَّتهم عن ازدهاره. بل يلقي بظلال الشكّ على العمليَّة برمّتها، وقد يسعّر نار الإرهاب، ويزيده جنوناً.
    وهذا الإصرار من إسرائيل ونظام الأسد المتقاطعَيْن في جزئيَّة توظيف "الحرب على الإرهاب" على رفض الاعتراف بالوقائع الموجبة للتنازل، وإحقاق الحقوق يجعل منهما مغذِّياً مستمرًّا للبيئة الاجتماعيَّة التي تشجِّع التطرُّف والعنف، ويشكّك حتى في النيات الغربيَّة من إطلاق هذه الحرب، ما قد يُدخلها في حالةٍ من التضليل لشعوبها التي اصطلت بنار الإرهاب، في حواضرها وعواصمها.

    كيف أصبح الحوثي حليفا لإسرائيل
    بقلم: قاسم المحبشي عن العرب اللندنية
    المثير للدهشة والعجب أن يذهب وفد من الميليشيات الانقلابية الحوثية إلى مسقط للمرة الرابعة، وذلك بغرض استئناف المحادثات مع الشرعية بشأن تسوية الأزمة اليمنية، كما بذلك صرح الناطق الرسمي باسم الميليشيات الحوثية، ويأتي ذلك في ظل تصعيد القوى الانقلابية للمعارك على معظم جبهات القتال المشتعلة في تعز ومأرب والبيضاء والضالع وباب المندب وغيرها.
    وهذا أمر لا يدل أبدا على حسن نية القوى الانقلابية أو رغبتها الصادقة في تسوية الأزمة، بل إن الميليشيات الحوثية تلعب على الوقت والتأخير في وضع حد لهذه الحرب وفقا للقرار الدولي 2216 الذي يلزم الميليشيات الحوثية وحليفها المخلوع بالرضوخ للعملية السياسية وتسليم السلاح للمؤسسات الشرعية وإخلاء المدن من الميليشيات المسلحة وعودة الشرعية إلى صنعاء.
    وحينما تستميت القوى الانقلابية في التمسك بسلاحها مع تشديد الضربات على المدن والأرياف المسالمة وتلغيم الطرقات والمعابر أمام تقدم المقاومة الشعبية والجيش الوطني، فهي بذلك تكشف عن نيتها المبيتة في استمرار الانقلاب عبر التسويف والمغالطة المفضوحة للمجتمع الدولي والإقليمي والمحلي.
    وربما وجدت القوى الانقلابية المدعومة من إيران في تفجيرات باريس وانشغال الرأي العام العالمي والإقليمي فرصة سانحة للاستمرار في غيها ووسيلة ضغط تفاوضية لكي تضع شروطها الإضافية على طاولة المفاوضات المزمعة التي يديرها مندوب الأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ، بين طهران وصنعاء والرياض ومسقط لاسيما وأن الميليشيات الحوثية كما نعرف قد أوهمت، وما زالت توهم، بعض القوى في العالم، ومنها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وروسيا، بأنها تقوم بمحاربة التطرف والإرهاب المتمثل في القاعدة وداعش في الجزيرة العربية، وهذا هو المعنى الذي يجب فهمه من اللقاء الصحفي الذي بث على القناة الإسرائيلية الثانية، إذ أكد الصحفي الإسرائيلي آفي زخاروف المختص في الشؤون العربية أن “الحوثيين حليف إستراتيجي لإسرائيل في الوقت الراهن في مجال محاربة الإرهاب، وأن الهجوم الذي شنه مسلحون في شارلي إيبدو في باريس مثل فرصة حقيقة لإيجاد حلفاء حقيقيين لإسرائيل في محاربة تنظيم القاعدة في اليمن”.
    وذكر آفي زخاروف في لقائه مع القناة الإسرائيلية الثانية أنه “ينبغي فتح باب الحوار مع الدول العربية خاصة وأن القاعدة هي عدونا المشترك، فلنتحد في هذه المناسبة لنعمّق علاقاتنا المشتركة في مجال محاربة الإرهاب”.
    وهكذا صارت الميليشيات الحوثية في اليمن الحليف الإستراتيجي لإسرائيل وهي التي دأبت على ادعاء الشعار “الموت لأميركا الموت لإسرائيل”. يعكس هذا الشعار الرؤية الإيرانية المضللة للحقيقة إلى جانب شعارات “المسيرة القرآنية” و”أنصار الله” التي رفعتها الميليشيات الحوثية منذ نشأتها، ولا يخفى على أحد ما تحمله من شحنة أيديولوجية طائفية مستفزة للآخرين، إذ أنها هي من يذكي أوار نار التطرف والإرهاب وفقا لجدلية النقيض يستدعي نقيضه كما هو معروف.
    أعتقد أن الوقت يمضي بسرعة ومن غير الجائز إضاعته، وعلى الشرعية اليمنية ودول التحالف العربية أن تحزم أمرها في تشديد الحصار وضرب الميليشيات الانقلابية حتى ترضخ للمفاوضات السياسية أو تسلم بالهزيمة الكاملة، وهذا يحتاج إلى تغيير جذري في إدارة المعركة وتفعيل المداخل المساعدة الأخرى الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الجاذبة القادرة على جذب اليمنيين للانخراط في مقاومة الميليشيات الانقلابية بثقة وأمل في المستقبل، أما في الليل فتبدو جميع البقر سوداء. وكلما طال أمد المعركة في اليمن كلما كسبت الميليشيات الحوثية أوراق ضغط إضافية لمن يفهم الكلام والمعنى.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 14-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 01:52 PM
  2. اقلام واراء عربي 12-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 01:51 PM
  3. اقلام واراء عربي 11-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:26 AM
  4. اقلام واراء عربي 10-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:25 AM
  5. اقلام واراء عربي 03/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-05-13, 11:41 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •