إنهم يطلبون المصالحة مع (حماس) بلغة الثأر والانتقام
أحمد الحاج/ المركز الفلسطيني للاعلام
يقول أسعد عبد الرحمن، أستاذ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الجامعة، يوم كان الأخير يدرس الفيزياء: "هناك الكثير من الطلاب الممتازين والجيدين. كان (مشعل) الطالب النابغة الوحيد الذي رأيته خلال تسعة عشر عاماً من التدريس". إنها الفيزياء التي تُعنى بالحركة والطاقة أساساً، وهذا ما يدركه مشعل في السياسة أيضاً.
يسعى إلى توسيع دائرة حركته، من خلال تحالفات وعلاقات متوازنة، ولفائدة القضية الفلسطينية. ويرفض أن تكون بعض التحالفات تقييداً للحركة في تحالفات أخرى، لا شروط على حركة تقود الصراع في الميدان. وإن ضاقت مساحة الحركة في الجغرافيا السياسية فإن ثقة مشعل و(حماس) في طاقة الفصيل المقاوم وقدرته على الفعل لا تهتز أو تتراجع، وهو ما يحافظ، بل يرفع دائماً من رصيد (حماس) لدى الشعوب العربية والإسلامية، وكل الشعوب المناصرة لحرية الشعب الفلسطيني.
يكثر حديث البعض عن انتقال مشعل وبعض قادة حماس من دولة قطر إلى عواصم أخرى. الحديث يتكرر كأنه بات أمنية لدى مجموعة من الكتبة. إنهم لا يدركون تجاوز (حماس) للمكان الذي تستقر فيه القيادة، إلى التفكير بالمخاطر التي تعتري القضية، والحرص على تطوير العمل المقاوم.
نعم، إنه لا يمكن إهمال أهمية المكان في الصراع مع الاحتلال، خصوصاً وأن على كل ثورة واجب البحث عن أرض تساندها، خصوصاً إذا كانت أرضاً متصلة بالصراع. فللجزائر كانت تونس، ولفيتنام هانوي، ومن قدر الثورة الفلسطينية أنه لم يكن لها تونسها أو هانويها. فهل تتخلى عن ثورتها إلى حين توافر عامل الإسناد المباشر والمتصل، أم تجابه الاحتلال، وتمنع إراحته حتى يكون تأمين هذا العامل؟ النضال.
يوم كان مشعل وبعض القيادة السياسية يجري ترحيلهم من عمّان إلى اللامكان، كانت هذه القيادة تهيئ وتتهيأ لانتفاضة مسلحة ستقوم بعد عام، وتتصدر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فعالياتها وسجل عملياتها. لا تهمل الحركة توسيع دائرة التحالفات، لكن ليس على حساب مبادئها الأساسية. تحسن إدارة العلاقات العامة، لكن دون التخلي عن ثوابتها. تدرك أهمية المساندة الخارجية، لكن تبقى الإرادة الشعبية هي الفيصل.
تبني التحالفات، لكنها ترفض إملاء شروط عليها. لا تحالف مع إيران يمنعها الحديث مع قطر. ولا تعاون مع سورية يفرض عليها عدم الذهاب إلى تركيا. (حماس) تدافع عن القرار الفلسطيني المستقل، ترفض أن تتدخل في سياسات دول حالفتها، وتمانع التحرّش بالساحة الفلسطينية، ولو جاء من أقرب حلفائها.
تقاوم، ولا تسأل حليفاً لمَ لم تفتح معركة تخفف من وقع العدوان على الشعب الفلسطيني، أو حتى تردّ عدواناً استهدفك؟ أو لماذا وقّعت اتفاقاً، أو لمَ بالغت في شكر دولة عربية، أو كيف لم تقاوم مقاومة مباشرة غزواً أجنبياً للمنطقة؟ تدرك (حماس) حجم كل تحالف ومداه، وخصوصية الدول في اتخاذ قراراتها، وتحديد سياساتها، وفق مصالحها التي ترتئيها.
والشعب الفلسطيني ليس أقل من هذه الدول، بل القضية الفلسطينية هي أصل القضايا في المنطقة، وكل حرف بها يتصل مباشرة بوجدان شعوب المنطقة. وكل متبنٍ لهذه القضية، أو شعاراتها، هو رابح في النهاية، هكذا يقول التاريخ. فصحيح أن الفلسطيني ليس لديه وطن، لكنه يملك علماً يجعل من حامله بطلاً في الساحة الإقليمية، ومحاوراً في الساحة الدولية. هكذا أصبح عبد الناصر بطلاً، رغم انتكاسة جيشه. وهكذا تغاضت شعوب المنطقة عن أخطاء قادة في المنطقة، من أجل رفعهم علماً فلسطينياً.
لن تقف (حماس) عند باب أحد تستأذن الدخول، لأنها تعرف عظم القضية التي تحملها، والدور الذي ينتظر من يتبناها. وهذا ما يعرفه جيداً الرجل الذي قال الموساد عنه يوم قرر اغتياله: "لا توجد كلمة "إسرائيل" في قاموسه الأيديولوجي"، إنه خالد مشعل.
(حماس) أكبر من أن تُحشر ضمن محاور، كانت واضحة منذ بداية تحالفاتها مع ما سُمّي "محور الممانعة"، إن هذا التحالف فقط من أجل عنوان وحيد: قضية فلسطين، لهذا قال مشعل في ذروة هذا التحالف خلال حواره الشهير مع صحيفة "الحياة": "علاقتنا الجيدة مع سورية وإيران لا تعني أننا جزء من برنامجهما، لكن هذه العلاقة جزء من تعزيز العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية".
كثيرون رفضوا أن يقرؤوا تلك العبارات، واختلط عليهم الأمر، ربما ظناً أن الفلسطيني هو الطرف الأضعف في هذا الحلف، وما حسبوا أن حركة (حماس) تعرف قدر نفسها، وقدر القضية التي تحملها، وأنها وجه المقاومة لهذا الحلف، هذا أولاً. أما ثانياً فإن سياسة الحركة تنطلق من مبادئ عامة، منصوص عليها، ترفض الانحياز لأي طرف في أي صراع عربي داخلي، كما تحرص على السلم الأهلي في الدول العربية. ثالثاً: حاولت (حماس) أن تترجم هذا الحرص من خلال مبادرات جادة وعملية، ولو وُجد من يؤيدها من أطراف الصراع، لكان الوضع العربي أفضل حالاً بما لا يُقاس.
الأزمة التي تعتري بعض الأطراف أنها بدل أن تحاول معالجة الآلام التي تعانيها من جرّاء اتخاذ حركة حماس مواقف مبدئية، فتبادر إلى طرح حلول لترميم التحالف السابق، وتتفهم استقلالية قرارات الحركة، بدلاً من ذلك فإنها تستخدم لغة الانتقام والثأر وهي ترجو المصالحة.
تظاهرة بلا مساواة في الدماء؟!
يوسف رزقة/ فلسطين الان
الخبر الأول في وسائل الإعلام العربية والعالمية يدور حول التظاهرة الدولية ضد الإرهاب التي دعا لها الرئيس الفرنسي. خمسون من الزعماء شاركوا في التظاهرة في باريس. أبرز المشاركين الذين يثيرون اهتمامي كفلسطيني هما( نتنياهو وعباس). ولست أدري ما الذي جمع بينهما؟! هل هو حب فرنسا، واستقطاب الصوت الفرنسي؟! أم هو كراهية القتل، وكراهية هوية القاتلين؟! أم هو الدفاع عن حرية الرأي ، وحرية التعبير؟! وهذه أسئلة تحتاج لإجابة لأن المنطق العقلي يفترض أن الرجلين من حقلين مختلفين؟!
وقبل أن نبحث في الحقيقي، والمفترض، أقول: لقد كشفت التظاهرة الدولية الكبيرة، بمشاركة زعماء من خمسين دولة، أن الدم الفرنسي له ثمن مرتفع جدا؟! بينما لا ثمن للدم الفلسطيني والعربي والمسلم؟! في الشرق الأوسط لا ثمن للدماء التي تسفك بيد فرنسا وأميركا و(إسرائيل) والتحالف أيضا؟!.
وبعيدا عن الوضع الملتبس مع تنظيم الدولة، أقول لقد قتلت (إسرائيل) (٢٢٠٠) فلسطيني في حربها الأخيرة ( الجرف الصامد ) ثلثهم من الأطفال والنساء، ولم تدع فرنسا أو غيرها من دول الغرب إلى تظاهرة دولية ضد إرهاب الدولة، والقتل ؟! والحال في سوريا كالحال في غزة مع اختلاف القاتل، فلم تحظَ دماء سوريا بتظاهرة دولية لوقف سفك الدماء البريئة؟!
القادة في الغرب لا يساوون بين الدماء، ولا بين القتلى ؟! فعلى الرغم من خروج الجالية المسلمة في فرنسا في التظاهرة ضد القتل، بدعوى من قادة المسلمين هناك، وهذا جيد للجالية، غير أن الإعلام الدولي لا يتحدث إلا عن القتلى اليهود، والفرنسيين، ولا يذكر مقتل اثنين من المسلمين في الهجوم نفسه؟! هذه المفارقات تغذي عادة التشدد، لأن روح التفرقة العنصرية تسكنها بقوة.
نعود إلى نتنياهو وعباس. فالثاني لم يتظاهر هو، ولم يدعو غيره إلى مظاهرة دولية، أو حتى فصائلية، ضد العدوان الأخير على غزة، نصرة لدم أطفال غزة؟! والآن هو مشارك رئيس في التظاهرة تضامنا مع فرنسا؟! لست ضد تضامنه، ولكني أشعر أن أطفال غزة كانوا أحق بالتضامن وبمظاهرة دولية يدعو لها في رام الله؟!
أما الأول، أقصد نتنياهو، فهو يشارك في التظاهرة الدولية لأسباب منها: أنه يريد أن يستثمر الحدث لتعميق العداء الغربي ضد الإسلام والمسلمين، لا في الشرق الأوسط فحسب، بل وفي أوروبا، لذلك هو يتحدث عن مفهوم الإرهاب الإسلامي فقط في الغرب؟! ولا يتحدث إلا عن القتلى اليهود فقط، ولا يشير لمقتل بعض المسلمين؟!. والثاني أنه يريد أن يستثمر الحدث لجلب أكبر عدد من يهود فرنسا للهجرة إلى فلسطين المحتلة، باعتبار أن ( إسرائيل) دولة اليهود، وحصن الأمن والأمان لهم. والثالث أنه يريد أن يستثمر مشاركته في الدعاية الانتخابية له ولحزبه في انتخابات مارس القادم.
من الموازنة بين مشاركة الأول والثاني، تجد أن نتنياهو يتجاوز في مشاركته فكرة التضامن مع فرنسا إلى خدمة أهداف استراتيجية لدولته بعيدة المدى، ومنها إضافة لما تقدم نزع تهمة إرهاب الدولة عن حكومته. ولست أدري ما هي استراتيجية الثاني غير فكرة التضامن مع فرنسا بزعم أنها صديقة لفلسطين؟!
لقد سخرت بعض وسائل الإعلام الفرنسية نفسها من مشاركة زعامات دول متهمة بالإرهاب والقتل، وكيف تأتي لفرنسا للتظاهر ضد القتل، وأحسب أن مشاركة نتنياهو تستحق أكثر من سخرية؟! وسخرت أيضا من دعوة الرئيس الفرنسي نفسه للمظاهرة، لأن يد فرنسا ملطخة بالدماء في نظر الآخرين، واعتبرت أن الرئيس الفرنسي سرق ما هو حق من حقوق المجتمع المدني الفرنسي بالدعوة للتظاهر لاسترجاع شعبيته.
وفي الختام فإني أتوقع أن تكون هذه التظاهرة حجة غدا على الأنظمة الغربية، أكثر مما تكون حجة لها، وربما تكون سببا إضافيا لزيادة التشدد، بسبب ما يسكنها من عنصرية كاوية في باب الدماء، والأديان؟! والله أعلم.
الفصائل الفلسطينية ودورها في إضاعة الوطن
أيمن دلول/ فلسطين اون لاين
منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن يسمع المواطن الفلسطيني بمصطلح “الفصائل الفلسطينية”، وهذا المصطلح عادةً ما يزداد إطلاقه وترديده وقت الأزمات المتوالية التي تعصف بالقضية الفلسطينية منذ العام 1901م وبداية تنفيذ الأطماع الغربية في الأرض التي “تفيض لبناً وعسلاً”، المميز في هذه الفصائل أن أعدادها كبيرة ولا يعلم بأسماء غالبيتها وليس أفعالها المواطن العادي، والسؤال: ما دام المواطن لا يسمع ولا يدري عن فصيل سياسي فكيف ينجح هذا الفصيل أو الفسيل في البقاء على قيد الحياة؟.1
إن هذا السؤال استغرقني كثيراً وأنا أبحث عن إجابة له، لكنني أتركها لفهم القارئ بعد الانتهاء من قراءة هذه الكلمات التي قمت بكتابتها، والتي بالمناسبة لن يفلح في قراءتها العديد من قادة الأحزاب والفصائل الفلسطينية؛ لأن العديد منهم باختصار لا يعلم القراءة والكتابة، ولذلك فقضيتنا في حالة تيه منذ عقود من الزمن ولم تصل إلى جادة الصواب.
وبشيء من التمحيص نُلقي نظرة على الفصائل الفلسطينية حتى يتعرف المواطن الفلسطيني الذي يجهل العديد من أسمائها.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”: هي حركة فلسطينية بدأت بالطلقة الأولى وانتهت في أحضان الاحتلال الصهيوني، تتفاخر بممارسة التعاون الأمني معه كما تفخر بملاحقتها وبصحبته للمقاومة الفلسطينية ورجالها.
حركة المقاومة الإسلامية “حماس”: هي حركة تتبنى الفكر الإسلامي منهجا لها، وتمتلك جناحاً عسكرياً ضارباً للاحتلال، وقد قدمت العديد من رموزها شهداء لرفضها التنازل عن الثوابت الفلسطينية بما فيها مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل وفي مقدمتها السلاح والبندقية.
حركة الجهاد الإسلامي: حركة فلسطينية تتبنى الفكر الإسلامي منهجا لها، ولها جناح عسكري، وهي قريبة من توجهات حركة “حماس” غير أن نسبتها في المجتمع الفلسطيني لم تتخطَ الـ 5% في أفضل الأوقات، وربما السبب في ذلك أنها تحاول أن تقف في منتصف الطريق خلال معالجتها للقضايا الفلسطينية المختلفة وبخاصة بين حركتي فتح وحماس، وبذلك تبدو في المستطيل الرمادي، وترفض إظهار أي طرف فلسطيني يمارس دوراً واضحاً في تدمير القضية الفلسطينية.
حركة المقاومة الشعبية: حركة فلسطينية تتبنى الفكر الإسلامي في عملها ولها جناح عسكري، وهي حديثة النشأة في المجتمع الفلسطيني.
حركة الأحرار الفلسطينية: هي حركة حديثة النشأة ولها جناح عسكري وقد كانت بدايتها من خلال انشاق عن حركة “فتح”.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: هي حركة يسارية فلسطينية شهدت نشاطاً وتأثيراً خلال فترة السبعينات والثمانيات، لكنها تراجعت في الوقت الحالي بشكل كبير جداً، ولها جناح عسكري لكن أفعاله لا تكاد توجد في الميدان مقارنة بالآخرين.
الأحزاب السابقة هي ربما الأحزاب التي يعلم بأسمائها المواطن الفلسطيني، لكنها لا تمثل كل الأحزاب الفلسطينية وفقاً لأجندة التعامل والعمل السياسي الفلسطيني الذي بنفاقه مع من يُسمي نفسه “حزباً” ساهم في استمرار التيه الذي تعانيه القضية الفلسطينية، ومن هذه الأحزاب التي تجلس على طاولات الحوار بالإضافة للأحزاب آنفة الذكر لمناقشة أياً من القضايا الفلسطينية: جبهة النضال الشعبي، حزب الشعب الفلسطيني، حزب فدا، الجبهة العربية الفلسطينية، جبهة التحرير العربية، المبادرة الوطنية الفلسطينية، الجبهة الشعبية- القيادة العامة، حزب الصاعقة.
ربما سائل يسألني من هذه الأحزاب؟ ومن أين أتيت بها؟، لكني سأكتفي بموقف لأحد أمنائها لنعرف الجهة التي تسير بها تلك الأحزاب بـ” فلسطين” الوطن والقضية، فقبل أعوام قام العدو الصهيوني بتصعيد سريع ضد قطاع غزة وارتقى خلاله عدد من الشهداء، فتداعت الفصائل للاجتماع، توجهنا لتغطية الحدث إعلامياً وفي الأسنسير كنا ثلاثة صحفيين وذلك “القائد” الذي بدا مشغولا في التفكير بالرد على جرائم الاحتلال، فقطع صمتنا وقال: إن الحل للقضية الفلسطينية وهزيمة الاحتلال أسهل مما نتخيل، فما كان مني إلا أن قلت له: وكيف؟، فأجاب: من خلال تصعيد المقاومة الشعبية، فما كان من أحد الصحفيين إلا أطلق “شخرة” هزت المكان، فأحرج ذلك القائد الذي قلت له: إذاً فاجمعوا كل قطع “المحارم” واقطفوا الأزهار وألقوا بها على طائرات “إسرائيل” وبذلك تدمروها!!.
نقولها للتاريخ: إن فصيلاً يواصل إطلاق التصريحات بعيداً عن الخطوات الفعلية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ويواصل الصمت على مأساة إغلاق معبر رفح خشية منعه من الترويح عن نفسه في منتجعات شرم الشيخ، ويصم آذانه حينما يرى خيانة السلطة الفلسطينية خشية على راتبه الشهري، آن الأوان أن نلفظه ولا نٌقيم له وزناً، ولو كنت مسئولاً في هذه البلد لأخرست كل صاحب لسان بلا أفعال ويعتبر نفسه “قائداً لهذا الشعب” ولو كلفني ذلك ما كلفني.
إن حركة “حماس” تتحمل المسئولية في إبقاء هذه الفسائل على قيد الحياة من خلال إعطائهم قيمة ودعوتهم لمناقشة هموم الوطن، فهي تُضيع الأوقات الثمينة في حوار “طرشان” أقصد غالبية الفصائل ولن تصل إلى حل أو موقف موحد معهم، وهي الحركة المؤتمنة على الشعب والقضية وتدرك بأنهم في أي انتخابات لو شاركوا فيها فلن تنتخبهم زوجاتهم وأبنائهم، فكيف سيعلم بهم الشعب؟، كفي يا “حماس” تكبيراً للصغار الذين يبيعون فلسطين لأجل راتب شهري أو سفرية عبر معبر.
سرقوا صندوق هيئة التقاعد الفلسطينية
فايز أبو شمالة/ الرسالة نت
لماذا لم يقبض المتقاعدون معاشاتهم؟ مَن الجهة الفلسطينية التي تتحمل المسئولية عن هذه الجريمة؟ هل المسئولية تقع على مجلس إدارة هيئة التقاعد الفلسطينية التي يرأسها السيد أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة؟ أم هل تقع المسئولية على الحكومة التي يرأسها رامي الحمد الله؟ أم هل تقع المسئولية على السيد عباس الذي يرأس الجميع؟
إن عدم قبض المتقاعدين معاشاتهم حتى يومنا هذا جريمة بكل المقاييس الحياتية والإنسانية، وهي خيانة للأمانة، واستخفاف بالعقد القانوني الموقع بين الموظف وصندوق التقاعد، ويكشف عن فوضى مؤسساتية كانت إحدى نتائجها إفراغ صندوق المتقاعدين من مدخراتهم التي جمعوها من عرق السنين، إن خلوّ الصندوق من المال ليكشف عن نظام إداري ونظام مالي ونظام قضائي فلسطيني لا يفكر بمستقبل هذا الشعب المطحون، ويكشف عن نظام سياسي فلسطيني مستبد بحياة الناس، ويتلاعب بمصيرهم، ويستخف بكل المؤسسات.
لقد تسلمت السلطة الفلسطينية صندوق هيئة التقاعد من اليهود سنة 1994، وهو معبأ بالمال، لم ينقص شيكلاً واحداً من مدخرات المتقاعدين، لقد كان اليهودي المحتل أميناً على صندوق التقاعد، لقد كان الصهيوني عادلاً مع المتقاعدين، واحترم نفسه، واحترم قانونه، وسلم للسلطة كل المبالغ المالية المستحقة للمتقاعدين، لأن العدو يخضع للقانون، ولأن العدو يحرص على الشفافية المالية حتى مع أعدائه، لقد سلم العدو الإسرائيلي أفراد عائلتي أنا المدعو فايز أبو شمالة مبلغ سبعة آلاف شيكل سنة 1985، بعد أن أصدر حكماً بسجني ثمانية عشر عاماً، وبعد أن اعتبرني ـ من وجهة نظره ـ مخرباً، هذا هو سلوك العدو الإسرائيلي الذي نقول عنه نازياً وصهيونياً، فالصهيوني لم يجرؤ على سرقة مال المتقاعدين، في الوقت الذي سرقه الوطنيون!.
فأين أموال المتقاعدين، يا أيها الفدائيون؟ أيها الوطنيون الفلسطينيون المناضلون الثابتون على قسم تحرير فلسطين؟ من الذي أهان المتقاعدين وقصم ظهرهم، من الجهة التي بددت أموالهم؟ وبأي حق تتركونهم ينتظرون الصدقات، وهم الذين اعتقدوا أن أموالهم ومدخراتهم محفوظة، وتراقبها جهات قانونية، وهم من آمن أن أموالهم في مأمن من أيدي الناهبين المرتشين الفاسدين المقامرين بمصير الشعب، ومن الذي سولت له يده أن تمتد، وتسرق أموال الناس الذين تركوا لكم الوظائف والمناصب والكراسي، وسلموا أمرهم لمعاشاتهم.
لقد جاء في القانون الفلسطيني أن صندوق هيئة التقاعد له مجلس إدارة يكون مسئولا أمام مجلس الوزراء والمجلس التشريعي فيما يقوم به من أعمال. فهل نستنتج من إفلاس هيئة صندوق التقاعد أن تعطيل عمل المجلس التشريعي كان متعمداً، كي يصير التلاعب بمقدرات الشعب الفلسطينية، دون رقيب، ولاسيما بعد أن أثبتت هذه التجربة أن مجلس الوزراء لا يقدم ولا يؤخر، وقد جاء تعيين السيد أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة في هذا الموقع لاعتبارات غامضة، رغم اعتراض النقابات الكبرى الثلاث؛ اتحاد المعلمين واتحاد نقابات المهن الصحية ونقابة العاملين في الوظيفة العمومية، الذين رفعوا مناشدة للرئيس عباس بتاريخ 12/5/2014 عبروا فيها عن غضبهم، وطالبوه بعدم تعيين المجدلاني، وقالوا: إن صندوق التقاعد يمس حياة ومستقبل كل معلم وموظف، ناهيك عن عدم وجود ممثلي المعلمين والموظفين والعاملين في الصحة في عضوية مجلس إدارة صندوق التقاعد.
فما العمل؟ ما الطريق الذي يمكن أن يسلكه المتقاعدون لكي يحصلوا على معاشاتهم، إنها أموالهم المدخرة التي يجب أن تدار من قبلهم بشكل مستقل عن السلطة وعن ميزانية السلطة، وعن رئيس السلطة وقراراته؟ ما العمل في مثل هذه الحالة؟ هل التوجه بشكوى إلى القضاء الفلسطيني سيفيد المتقاعدين؟ وأين هو الجسم النقابي الذي يمثل المتقاعدين؟ وفي حالة وجوده، هل بمقدوره أن يفعل شيئاً أمام تجبر وتفرد وتكبر القيادة السياسية؟.
قد يتهرب البعض من مسئوليته ويقول: لقد تمت سرقة صندوق المتقاعدين منذ زمن ياسر عرفات، ولو كان هذا صحيحا!، فما الذي منعكم من تصحيح الخطأ على مدار عشر سنوات؟ لماذا سارت الحكومة التي فرضها الغرب على ياسر عرفات للإصلاح المالي والإداري، لماذا سارت على الدرب نفسه، وواصلت سرقة الصندوق؟
أقترح على المتقاعدين أن يشكلوا وفداً كبيراً جداً، يتوجه إلى المنظمات الدولية، بما فيها الصليب الأحمر الدولي، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات حقوق الإنسان، وأن يتقدموا بشكوى إلى سكرتير عام الأمم المتحدة ضد السلطة الفلسطينية التي سرقت أموالهم.
في هجومه على النائب محمد دحلان، قال محمود عباس سنة 2014 لبعض المقربين منه: جاءني محمد دحلان سنة 2005، وقال لي: لقد طلبت من خالد سلام أن يرفع لنا 150 مليون دولار من صندوق الاستثمار، ويضيف محمود عباس مستغرباً: انظروا إلى الطريقة التي يفكر بها دحلان في التعامل مع المال العام.
لقد نسي الحضور أن يسألوا محمود عباس: هل أخذت نصيبك يا سيد عباس من مبلغ 150 مليونا، أم تركته لدحلان؟؟ ولماذا أطبقت فمك يا سيد عباس تسع سنوات كاملة؟


رد مع اقتباس