[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG][IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]
أقلام وأراء عربي
في هذا الملف :
الإرهاب والاعتداءات ضد المسلمين في الغرب
احسين عطوي - الوطن القطرية
«حزب الله» الواقع بين مأزقين
أيمـن الـحـمـاد- الرياض
الانتحار الذاتي للإخوان المسلمين (4)
سمير الحجاوي- الوطن القطرية
إسرائيل... إرهاب القوة دائماً
عبد الستار قاسم – العربي الجديد
مرحلة انتقالية فلسطينية بين التفاوض والمقاومة
نقولا ناصر- راي اليوم
ردّ حزب الله بحجم القنطار
خالد عرار – الديار اللبنانية
الالتئام الفلسطيني
هاشم عبدالعزيز- الخليج الاماراتية
انتفاضة السكاكين
صادق ناشر- الخليج الاماراتية
الإرهاب والاعتداءات ضد المسلمين في الغرب
احسين عطوي - الوطن القطرية
تزايد الهجمات الإرهابية في الدول الغربية، وارتفاع منسوب القلق إزاء تنامي الخطر الإرهابي على خلفية انتشاره في العالم أجمع، واستفحاله في الدول العربية والعديد من الدول الأفريقية، بات هو الهاجس المسيطر هذه الأيام على المجتمعات الغربية، ويوفر الأساس لتنامي موجة العنصرية ضد المسلمين في البلدان الغربية.
ويبدو أن هذه الهجمات الإرهابية التي تكرر حدوثها مؤخراً في بعض الولايات الأميركية، وبريطانيا والعاصمة الفرنسية باريس، قد أدت إلى تداعيات سلبية على المسلمين والمساجد في أنحاء الولايات المتحدة والعواصم الغربية، وتمثلت في قيام بعض المتطرفين العنصريين في أميركا بتنفيذ عشرات الاعتداءات ضد الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب، واستهداف بعض المساجد بالتخريب وإطلاق النار وتهدد العديد من رجال الأعمال المسلمين بالقتل.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بموجب دراسة أجرتها جماعة بحثية في جامعة ولاية كاليفورنيا التي شهدت معظم هذه الاعتداءات « إن الهجمات الإرهابية والصور النمطية المعادية للمسلمين التي ازدادت قد جرأت البعض على القيام بأفعال بناء على هذا الخوف والغضب».
وحسب الدراسة فإنه «وفي السنوات الأخيرة فإن معدل الجرائم ضد المسلمين في الولايات المتحدة، وفق بيانات الإف بي أى قد تضاعف ثلاث مرات منذ هجمات باريس في 13 نوفمبر الماضي من قبل عملاء تنظيم داعش، حيث وقع 38 هجوماً اعتبرت معادية للإسلام في طبيعتها».
بالمقابل أشارت الغارديان البريطانية إلى أن بريطانيا شهدت 113 هجوماً عنصرياً ضد مسلمين أثر هجمات باريس واغلب الانتهاكات كانت ضد مسلمات يرتدين الحجاب.
هذا الارتفاع في منسوب الاعتداءات على المسلمين والمترافق مع تنامي شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في الغرب بدأ يثير المخاوف في أوساط الجاليات المسلمة في الدول الغربية، ويطرح التساؤلات بشان المسؤول عن التسبب بذلك، هل هو داعش، وتنظيم القاعدة، أم أيضاً الدول الغربية التي غضت النظر عن نشاطهما واعتقدت أنها تستطيع توظيفهما في خدمة مشروع تفتيت الدول العربية لمصلحة تعويم المشروع الأميركي الغربي للسيطرة ليس فقط على المنطقة، وتمكين إسرائيل من التسيّد عليها، وتصفية القضية الفلسطينية، بل وأيضاً وإعادة تعويم مشروع الهيمنة الأميركي للسيطرة على العالم، وإخضاع الدول التي تعترض على تفرد واستئثار الولايات المتحدة بالقرار الدولي لعقدين متتالين من الزمن، في أعقاب انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق.
أولاً: من دون أدنى شك، أن الإدارات الأميركية المتعاقبة لا سيما في عهد المحافظين الجدد، اثر انهيار الاتحاد السوفياتي انتهجت سياسة تقوم على اختراع عدو جديد سمته «الإسلاموفوبيا»، وقد استغلت هجمات 11 سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة ضد برجي التجارة العالمية في نيويورك، ومبنى البنتاغون في واشنطن للقيام بأوسع حملة تعبئة تصور الإسلام مصدر التخلف والتطرف وبأنه هو العدو الجديد للمجتمعات الغربية المتحضرة، وذلك لتوفير الغطاء لشن حربها على أفغانستان، ومن ثم على العراق تحت عنوان محاربة الإرهاب وإبعاد الخطر عن المجتمع الأميركي، غير أن هذه الحروب أدت إلى نتائج عكسية تمثلت في تنامي منسوب العداء للسياسة الأميركية في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي، وهو ما أكدته استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز دراسات أميركية، وكانت في أساس توصيات تقرير بيكر ـ هاملتون الذي دعا إلى إعادة النظر في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وخصوصاً لناحية الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي والعمل على تجميل صورة أميركا.
وبالمقابل لم تتمكن هذه الحروب الأميركية ضد الإرهاب من إضعاف التنظيمات الإرهابية بل وفرت لها الفرصة لاستقطاب المزيد من الشباب الساخط على السياسة الأميركية.
ثانياً: إن سياسة التهميش والإقصاء التي يعاني منها المسلمون في أميركا والغرب أسهمت بدورها في إيجاد بيئة استفاد منها تنظيما القاعدة وداعش لاستقطاب وتنظيم الشباب لاسيما في الضواحي الفقيرة والمهملة وتشكيل الخلايا النائمة التي تبين أنها تقف وراء الهجمات التي شهدتها المدن الأميركية والفرنسية.
وطبعا كان من المنتظر أن تؤدي هذه الهجمات بدورها إلى تغذية التيارات العنصرية المتطرفة في الدول الغربية والتي تحُمل أسباب الأزمة الاجتماعية، التي تعاني منها المجتمعات الغربية والمتمثلة في ازدياد البطالة وتراجع التقديمات الاجتماعية وتدني القدرة الشرائية.
«حزب الله» الواقع بين مأزقين
أيمـن الـحـمـاد- الرياض
وجدت مليشيا "حزب الله" نفسها في موقف حرج للغاية بعد سقوط أحد أبرز قياديها وأكثرهم رمزية لمشروعها المسمى "الممانعة" وهو سمير القنطار؛ كان ذلك في جرمانا في ريف دمشق.. وتنخرط المليشيا اللبنانية المدعومة من إيران في القتال ضد الشعب السوري والمعارضة هناك منذ اندلاع الثورة السورية، إلا أن البارز هنا أن سقوط القنطار إنما جاء - وحسب الرواية المدعومة من "حزب الله" - بضربة إسرائيلية استهدفت مبنى كان يقطنه القنطار وقت الضربة..
وبالعودة إلى الوضع الجاري في سورية فإنه ومنذ التدخل الروسي العسكري الصريح في الأزمة السورية أواخر سبتمبر من العام الحالي، شد بنيامين نتنياهو الرحال إلى موسكو طلباً للتنسيق لهذه العمليات، وكان له ما أراد، إذ إن الطيران الإسرائيلي حتى قبل اندلاع الثورة السورية لا ينفك عن التحليق فوق دمشق أو غيرها من المدن من وقت لآخر، ولعل ضرب مفاعل "كبر" السوري في 2009، واغتيال قيادي "حزب الله" عماد مغنية أحد تلك الاختراقات التي تكشف عن اضطلاع استخباراتي كبير لإسرائيل في سورية.
إنما الجدل القائم اليوم هو كيف قامت المقاتلات أو صواريخ إسرائيل بقصف المبنى الذي تواجد فيه القنطار؟ بالرغم من أن الأجواء السورية خاضعة إلى الروس، إلا إذا كان الروسيون قد أعطوا الإذن لإسرائيل بتوجيه هذه الضربة، التي جاءت بالطبع بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، وهذا في واقع الأمر أحرج كثيراً النظام السوري قبل أن يحرج "حزب الله" الذي يفترض أن تكون عملياته الأرضية تتمتع بغطاء جوي روسي.
"حزب الله" الذي لم يجد بُداً من اتهام إسرائيل في هذه العملية بدلاً من أن تسجل للمعارضة السورية، يدرك تماماً أن اتهام إسرائيل يعني تواطؤ روسيا، وهذا مصدر ضيق كبير للحزب، إذ لو أنها ألقت التهمة على المعارضة المسلحة، لاعتبر ذلك نصراً لعدو تحاربه على الأرض ما يضر بصورتها وينعكس سلباً على معنويات عناصرها، لكن مليشيا "حزب الله" رأت أن اتهام إسرائيل قد يضفي على المشهد نوعاً من الصراع المقدس الذي يروج له الحزب، وبالتالي مشروعية أكبر لمقاومته.
هذه العملية تعيدنا بلا شك إلى لقاء بوتين - نتنياهو وما اتفق عليه الجانبان في الكرملين، ويبدو أن الرجلين اللذين لزما الصمت تجاه هذه العملية قد اتفقا على التعاون لا على التنسيق فقط.
الانتحار الذاتي للإخوان المسلمين (4)
سمير الحجاوي- الوطن القطرية
يواجه الإخوان المسلمين حاليا محنتين، الأولى داخلية والثانية خارجية، ولا شك أن المحنة الخارجية شديدة وقوية وعاصفة، اصطف فيها مصريون وعرب إلى جانب الكيان الإسرائيلي وأمريكا والغرب على صعيد واحد من أجل تحطيم الجماعة الإسلامية الأقوى على الساحتين العربية والإسلامية.
وقد كشفت التسريبات الصوتية عن المؤامرة التي دبرها العسكر ضد الجماعة وقادتها، وكشف تسريب مرئي عن اجتماع لقادة الجيش برئاسة الانقلابي عبد الفتاح السيسي قبل 6 أشهر من انقلاب 3 يوليو 2013 عن الإعداد للإطاحة بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وكيف أنه لا يجوز أن يسلم الجيش البلد "لرئيس لا يعرفه"، وعضد الفريق أحمد شفيق في اعترافات شخصية بثت بصوته عن خيوط المؤامرة ومن حاكها.
لقد كانت المؤامرة الداخلية المصرية ضد الإخوان المسلمين كبيرة، فقد تحالف جنرالات الجيش ورجال أعمال وإعلاميون وقضاة فاسدون وجنود "الدولة العميقة" والكنيسة والأزهر وسلفيو حزب النور وبعض المنشقين عن الإخوان مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وأتباع من اليسار والقوميين وكل الليبراليين وكل النخبة المصرية تقريبا من كتاب وشعراء وممثلين ومن ضمنهم عبد الرحمن القرضاوي للإطاحة بأول رئيس من الإخوان في تاريخ الحركة وتاريخ مصر.
هؤلاء جميعهم تحالفوا من أجل القضاء على الإخوان المسلمين، بوعي أو من دون وعي، فقد اعترف محمد البرادعي ونجيب ساويرس والممثل حسين فهمي، أنهم قادوا حملات في الغرب من أجل الانقلاب على الرئيس "الإخواني"، وأنهم زاروا الدول الغربية خاصة أمريكا من أجل إنضاج الحل الانقلابي ضد الإخوان المسلمين وثورة يناير.
هذا التكتل الخطير عمل بجد ونشاط على كل الأصعدة، إلى جانب الدولة العميقة التي كانت تعمل على تعطيل الحياة في مصر، من أجل "تكفير" المصريين بالثورة والثوار والحكم الديمقراطي والرئيس المنتخب، وصكوا مصطلح "الأخونة" الذي صار يطلق على كل شيء، وتحول مصطلح "أخونة الدولة" إلى عملة رائجة في كل وسائل الإعلام التي يديرها عباس كامل، مدير مكتب السيسي، ونشطت هذه الوسائل بتنظيم "حفلات الردح" والتزييف، وقام باسم يوسف بتحويل الرئيس مرسي إلى "أراجوز" يسخر منه عند كل حركة.
هذا العداء للإخوان المسلمين في مصر لم يأت من فراغ، فقد تربى الجيش المصري على أن "الإخوان المسلمين" هم العدو، وتحول هذا العداء إلى "عقيدة ودين" لدى المؤسسة العسكرية، وأخذ الجنرالات يشحنون الجنود بهذا العداء منقطع النظير.
وفي الوقت الذي كانت فيه المؤسسة العسكرية تحفر عميقا في مستنقعات العداء للإخوان، كانت الأموال تتدفق من أجل "تشويه" صورة الإخوان المسلمين لدى فئات المجتمع المصري، ونجحوا في قلب فئات معتبرة من الشعب ضد الإخوان المسلمين، رغم أن الإخوان كانوا هم الرافعة الأساسية في مصر لتقديم المساعدات للفقراء، ولكن الجهل لا منطق له، واستخدم العسكر ودولة الفاسدين العميقة حيل التزييف والتزوير من أجل صناعة حشود مزيفة ضد الإخوان، كما فعل المخرج خالد يوسف عندما زور عبر حيل إخراجية عدد الناس الذين خرجوا ضد الإخوان المسلمين، وقد اعترف نجيب ساويرس أنه تمكن من إنزال 3 ملايين من المسيحيين، وأظهرهم خالد يوسف على أنهم ملايين علما أن الصور الحقيقية أثبتت أنهم بضعة آلاف لا أكثر، وقد ظهر جزء من هذه الفضيحة عندما هدد المخرج خالد يوسف بالقول "الأصلي لا يزال في جيبي" بعد أن تعرض لهجوم من أحد إعلاميي السيسي وبث له شريطا فاضحا.
هذه هي البيئة المصرية الداخلية التي أحاطت بالإخوان المسلمين قبل الإطاحة بأول رئيس من الإخوان المسلمين يصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.
إسرائيل... إرهاب القوة دائماً
عبد الستار قاسم – العربي الجديد
يتحدث العالم كله عن الإرهاب، ويحصره في تنظيمات إسلامية، في مقدمتها تنظيم داعش، ولا يرى جهة أو طرفاً آخر يمارس الإرهاب على المستوى العالمي. فإذا كان الإرهاب، وفق التعريفات الأميركية، هو ممارسة القوة أو العنف ضد المدنيين، من أجل تحقيق أهداف أو أغراض سياسية، فإن أميركا تكون أول الإرهابيين. أميركا تحاصر غزة بالتعاون مع الكيان الصهيوني ودول عربية، من أجل الضغط على الجمهور في قطاع غزة، فيثور ضد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية عموماً، وتتمهد الطريق لعودة سلطة الحكم الذاتي إلى غزة. وتمارس أميركا الإرهاب ضد عدد من الدول العربية والإسلامية، بالعقوبات الاقتصادية والمالية والعسكرية التي تفرضها على هذه الدول، من أجل تحريض الشعوب، فتثور وتقلب الأنظمة الحاكمة. هكذا فعلت ضد ليبيا في عهد معمر القذافي وضد سورية سنوات طويلة، وضد العراق وإيران والسودان والدومينيكان وبنم... إلخ.
تحاول أميركا أن تظهر بمظهر الدولة الباحثة عن السلام، وتقوم أحياناً بنشاطاتٍ يمكن أن تعمي المراقب عن نشاطاتها الإرهابية، لكن الكيان الصهيوني يمتهن الإرهاب، ليس الآن فقط، وإنما منذ بدأ الغزو الصهيوني لفلسطين، ومنذ كان الانتداب البريطاني يمهد الطريق لإقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين. لقد عزم أهل الغرب، منذ حوالي مائة عام، على إنهاك شعب فلسطين لطرده من وطنه، وتسليم هذا الوطن لعصابات صهيونية مجرمة، تعلمت فنون التنكيل بالإنسان من الأوروبيين.
الاحتلال إرهاب
كان الإرهاب إحدى الأدوات الرئيسية التي استخدمتها المنظمة الصهيونية العالمية، بالتعاون مع الاستعمار البريطاني لإنشاء الوطن القومي لليهود. وتؤشر الأدلة التاريخية، بوضوح، على أن المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية إبّان الانتداب البريطاني كثيرة، من أجل إرهاب شعب فلسطين، فيضطرون للهروب من بيوتهم ووطنهم، للمحافظة على حياتهم. مجزرة دير ياسين مشهورة، وكذلك مجازر حيفا والدوايمة ومسجد دهمش في اللد والطنطورة... إلخ.
"تحاول أميركا أن تظهر بمظهر الدولة الباحثة عن السلام، وتقوم أحياناً بنشاطاتٍ يمكن أن تعمي المراقب عن نشاطاتها الإرهابية" اغتصاب فلسطين وإقامة دولة اليهود يعبران عن أشد أنواع الإرهاب تاريخياً، لأنهما تما، أولاً، بقوة السلاح، وثانياً لأنهما تعمدا تصفية شعب، وتجريده من وطنه، ليهيم في الأرض مشتتاً. واحتلال عام 1967 إرهاب أيضاً، لأنه تم بقوة السلاح، وحال دون عودة الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في الخارج إلى وطنهم، وما زال يمنعهم. لا تحتل إسرائيل الضفة الغربية بالزهور والورود، وإنما بقوة السلاح، وتحت مظلة حماية غربية، وبالتحديد حماية أميركية. وفي هذا الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن محاربة الإرهاب، يستمر الاحتلال الصهيوني باحتلاله الضفة الغربية وحصار قطاع غزة، ويستمر أهل الغرب بتزويد الكيان الصهيوني بمختلف أنواع الأسلحة والدعم الدبلوماسي والأمني، ويستمرون أيضا بوصف الشعب الفلسطيني بأنه إرهابي.
إذلال العرب والمسلمين
كان قيام الكيان الصهيوني أكبر مصدر إذلال للعرب والمسلمين، وليس بالضرورة الحكام العرب والمسلمين، وإنما الشعوب العربية والإسلامية. ولقد قصم أهل الغرب ظهر العرب عندما قسموا الوطن العربي إلى إقطاعياتٍ، وزعوها على قبائل عربية، لكي تحكم بالنيابة عن الاستعمار وبأمره. جزأت اتفاقية سايكس بيكو أرض الشام والعراق، ثم عملت بريطانيا على تفتيت شبه الجزيرة العربية، لتتشكل إمارات صغيرة ضعيفة، تتربع على ثروة طبيعية هائلة. ورغم أنف الأمة العربية، أقام الاستعمار الغربي الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التي تعتبر أرض وقف إسلامي، وتضم، في جنباتها، بعض أقدس الأماكن الإسلامية. وعلى الرغم من أن الوطن العربي كبير بمساحته وعدد سكانه وثرواته، إلا أن الكيان الصهيوني الصغير تمكن من إلحاق الهزائم المتكررة بهذا الوطن وأهله وأذله، وتمكن من رقاب حكامه، بفضل دعم الاستعمار الغربي المستمر الذي يؤكد دائماً على بقاء الكيان القوة العسكرية التي لا تتغلب عليها القوة العربية، مهما عظمت.
يشعر العربي والمسلم بالذل والهوان والضعة والبؤس أمام الكيان الصهيوني، وأمام جبروت القوى الغربية التي تصر على إبقاء العرب والمسلمين مهزومين. لا يقدر أهل الغرب بأن العرب والمسلمين بحاجة للشعور بالكرامة والعزة والاحترام، كما بقية شعوب الأرض، ويعملون باستمرار على إهانة أهل المنطقة العربية وإذلالهم بالمزيد. تم حشر العربي في زاوية الاحتقار والازدراء، إلى درجة أنه بدأ يهرب من نفسه، ويخرج عن طوره العقلاني الراشد والرشيد. ويخطئ من كان يظن أن الإذلال يمر بلا ثمن، أو بلا رد فعل، أو تفكير بالثأر.
تولّد تنظيمات المقاومة
لم يكن متوقعاً أن يسكت أهل الحق عن انتهاك حقوقهم، ومنذ بداية الغزو الصهيوني لفلسطين،
"اغتصاب فلسطين وإقامة دولة اليهود يعبران عن أشد أنواع الإرهاب تاريخياً" بدأت تتشكل تجمعات عربية وإسلامية، من أجل المحافظة على فلسطين، والحيلولة دون اغتصابها. وقد كانت البداية مع حركة الإخوان المسلمين في مصر التي شكلت كتائب عسكرية للقتال في فلسطين إلى جانب الجيوش العربية. وعلى المستوى الفلسطيني، نشط الفلسطينيون مبكراً في إنشاء حركات أو تجمعات فلسطينية عسكرية، من أجل استرداد الحقوق المغتصبة، وإن كان الشعب قد تأخر قليلاً في الإعلان عن هذه الحركات، بعض الوقت، بسبب ظروف التشتيت والتهجير.
كان من الغباء أن يظن أحد أن شعب فلسطين سيسكت ويستسلم للإرادة الصهيونية الغربية، وكان رد الفعل متوقعاً، كما يمكن أن يحصل لدى أي شعب آخر يطرد من وطنه. ولم يكن من الذكاء أن يحسب أحد أن قضية فلسطين ستكون قضية شعب فلسطين وحدهم، دون العرب والمسلمين. فلسطين أرض مقدسة للعرب، مسلمين ومسيحيين، وهي مقدسة لعموم المجتمعات الإسلامية في الشرق والغرب، وهي تحرّك مشاعر الجميع من الناحية الدينية على الأقل، وتهز أركان الوجدان والانتماء العربي والإسلامي. ولهذا، لم يكتف العرب والمسلمون بظهور تنظيمات فلسطينية ترفع شعار التحرير، وإنما بادروا هم أيضاً إلى التفكير بإقامة تنظيماتهم الخاصة التي تستقطب المجاهدين من كل أركان وزوايا الوطن العربي والعالم الإسلامي. ولم يكن القادة القوميون ورجال الدين في منأى عن القضية الفلسطينية، واعتبروها دائما قضية العرب والمسلمين الأولى التي يجب العمل على حلها، وفق ما يلبي المصالح والحقوق الفلسطينية. لم يكن كل العرب والمسلمين على الوتيرة الوجدانية نفسها تجاه فلسطين، بل عمل بعضهم مع الصهاينة، لتثبيت أركان الكيان الصهيوني، وقرّروا، في النهاية، الصلح مع الكيان والتطبيع معه، وفتح سفارات له في العواصم العربية. وكان ذلك أيضاً شأن بعض الفلسطينيين الذين اعترفوا بالكيان، وأخذوا ينسقون معه وكأنه صديق حميم.
لم ينثن "الإخوان المسلمون" عن رؤيتهم الإسلامية لفلسطين والمقدسات، واستمروا في التدريس الديني الذي يعمق الانتماء للقضية الفلسطينية، ويقوّي الالتزام بتحرير فلسطين، وخصوصاً بعد الحروب الفاشلة التي خاضتها الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني. وخرجت من تحت عباءة "الإخوان" مع الزمن تنظيمات عربية وإسلامية ذهبت إلى ما هو أبعد من نهج "الإخوان" في مواجهة التحدي الغربي الصهيوني. ظهرت حركة جهادية في مصر وفي أفغانستان، ومن ثم حركات جهادية فلسطينية، لا تؤمن بالعمل الديبلوماسي والحوار السلمي، ما دام العدو يستمر بالتسلح والاستعداد للقتال. وبغض النظر عن أصول تشكيل تنظيم القاعدة، وما يثار حول دور الأميركيين والسعوديين في إنشائه، لا نستطيع أن نغفل انضمام الشيخ عبد الله عزام له بهدف تثبيت الرؤية الفلسطينية للتنظيم. هناك من يتهم الشيخ عبد الله بنسيان القضية الفلسطينية والقتال ضد الشيوعية، لكن هذه تهمة لا تثبتها الوقائع، لأنه لولا وجود إسرائيل، ولولا غيرته على فلسطين، لما ارتحل إلى أفغانستان وباكستان. ربما أخطأ في الاختيار، لكنه لم يخطئ في النوايا.
من باكستان وأفغانستان، انطلقت تنظيمات إسلامية تنقم على أهل الغرب وعلى الصهاينة
"لا يقدر أهل الغرب بأن العرب والمسلمين بحاجة للشعور بالكرامة والعزة والاحترام، كما بقية شعوب الأرض" وتتوعد بالثأر. ولم يقتصر الأمر على أهل السنة، وإنما شمل أهل الشيعة، وإن اختلفت المقاربات. جاءت الثورة الإيرانية لتؤكد على التزام أهل الشيعة بالقضية الفلسطينية، ورفض وجود الكيان الصهيوني، واعتبار القضية جزءاً من العقيدة الإسلامية. ولهذا، ركزت إيران على إقامة حركة مقاومة تعبر عن الموقف الشيعي، قولاً وعملاً، وانبثق حزب الله اللبناني. تأثر بعض أهل السنة بالثورة الإيرانية، وشعروا أن قيادتهم للمسلمين ستنتهي لتبدأ قيادة أهل الشيعة، فحرصوا على بذل مزيد من الجهود للبقاء في سدة القيادة.
الغلو باسم الدين
مضى زمن، منذ بدأ أهل السنة يشكلون تنظيماتٍ من أجل تحدي أهل الغرب بالقوة، على اعتبار أن أهل الغرب هم سبب مختلف المآسي والأحزان التي يعاني منها العرب والمسلمون. وفي جدلهم ضد الغرب، تصيب التنظيمات السنية الجزء الأكبر من الحقيقة، لأن الغرب هو الذي أقام الكيان الصهيوني، وهو الذي مزّق الأوطان، ويعمل على نهب الثروات، وينصب جبابرة حاقدين استبداديين حكاماً على الشعوب. لكن الأيام شهدت منافسات شديدة بين هذه التنظيمات، أدت إلى مغالاة في الطرح السياسي والأيديولوجي، ورأى كل تنظيم أنه سيكسب الساحة العربية الإسلامية في المزايدات والأعمال التي تزهق النفوس وتهدم البيوت. ولهذا ابتعدت أغلب التنظيمات الإسلامية عن فكرة المقاومة أو الثورة، لتتبنى المغالاة والغلو والقتل والإجرام، فأخذت تسيء للدين الإسلامي وقيمه ومنهجه.
الغلو والكيان الصهيوني
لولا وجود الكيان الصهيوني وعلوه على أنظمة العرب وقدراته العسكرية الهائلة المدعومة من الاستعمار الغربي، لما تطورت كل هذه التنظيمات الإسلامية، ولما اشتدت المنافسات فيما بينها، ولما تطور سلوك همجي أرعن على حساب سلوك المقاومة والثورة. وهذا ما أخذ يميز أهل السنة عن أهل الشيعة، في أن الأخيرين تمسكوا بالعقلية والتفكير العلمي، وفضلوا انتهاج طريق المقاومة، من دون تطرف أو غلو أو معاداة متعمدة لشعوب الأرض من دون تمييز. وإذا كان من بين أهل السنة من فضّل البقاء على طريق الإسلام، فهي المقاومة الفلسطينية في غزة، ومن والاها ودعمها. حتى هذه المقاومة الفلسطينية لم تسلم من عملاء الكيان الصهيوني وأميركا العرب، وهم يعملون على تدميرها الآن، من خلال الحصار المفروض على القطاع.
فإذا أراد العالم أن يتخلص من الإرهاب والإرهابيين، فعليه أن يعالج الأمر من جذوره، وهو الاستعمار الغربي والكيان الصهيوني. لولا وجود الكيان الصهيوني، لما تطورت كل هذه الحركات والتنظيمات الإسلامية، ولما كانت كل هذه الأحقاد ضد أهل الغرب. يمارس الكيان الصهيوني الإرهاب، ليل نهار، ضد الشعب الفلسطيني وضد العرب والمسلمين، من خلال الحروب والاغتيالات، وهو يمسك بالوطن الفلسطيني، ويمنع اللاجئين الفلسطينييين من العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم. فالمطلوب ليس فقط عدم دعم الكيان الصهيوني، وإنما تصحيح الأخطاء التي ارتكبها أهل الغرب بإقامة هذا الكيان. ومن المفروض ألا يحلم أحد بالقضاء على الإرهاب، ما دام الكيان الصهيوني موجوداً، ويمارس انتهاكاته بحق المقدسات الإسلامية.
مرحلة انتقالية فلسطينية بين التفاوض والمقاومة
نقولا ناصر- راي اليوم
في مقال له يوم الثلاثاء الماضي وصف مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات هاني المصري المرحلة التي يمر بها الوضع الفلسطيني بأنها “فترة انتقالية”، وإنها حقا مرحلة انتقالية بين التفاوض وبين المقاومة.
وإذا كان جيل اتفاقيات أوسلو قد تمرد عليها بانتفاضته الراهنة فإن الكرة الآن موجودة في ملعب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ورئاستها وعليها تقع مسؤولية تقصير مدة هذه المرحلة، بالانضمام إلى شعبها وشبابها، بعد أن لم يعد في جعبتها ما تقدمه لهم، أو تخلي مكانها التفاوضي للمقاومة بعد أن مُنحت مهلة طالت اكثر مما يجب كي تحقق بالتفاوض ما تسميه “المشروع الوطني” من دون طائل.
لكن قيادة المنظمة ورئاستها تطيل في أمد هذه المرحلة الانتقالية، وأسبابها ليست واضحة لشعبها، وهي بدلا من استغلال هذا الوقت الضائع بين التفاوض وبين المقاومة في ترتيب الييت الفلسطيني الداخلي تحضيرا لمرحلة جديدة تعتمد الشراكة الوطنية على أساس المقاومة بكل اشكالها استراتيجية جديدة لشعبها فإنها ما تزال تماطل في عقد المجلس الوطني الفلسطيني، ومؤتمر حركة فتح، والإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، كمؤسسات يمكن الانتقال عبرها إلى الاستراتيجية الجديدة.
ويسجل للرئاسة الفلسطينية أن دولة الاحتلال وحكومته تأخذ عليها عدم إدانتها لأشكال الانتفاضة الحالية وتتهمها لذلك بالتحريض عليها، لكن هل تستطيع الرئاسة غير ذلك ؟ فهذا هو أضعف الايمان المتوقع منها، وهو غير كاف ولا يرقى إلى مستوى تضحيات شعبها.
يقول هاني المصري إن “المطلوب” الآن هو “الشروع في حوار وطني شامل … والاتفاق أولا على عقد اجتماعي يجسد القواسم المشتركة … ومن دون ذلك فكل ما يجري طحن ماء دون جدوى”، وهذه في الواقع وصفة للاستمرار في “طحن الماء”، فانتفاضة القدس الحالية المستمرة قد أسقطت كل “القواسم المشتركة” بين التفاوض وبين المقاومة، بينما لم تُبق الحوارات الوطنية السابقة واتفاقات المصالحة المتعددة المنبثقة عنها ما يمكن التحاور عليه.
وزارة الصحة الفلسطينية تقول إن حصيلة الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي منذ تشرين الأول/ اكتوبر الماضي زادت على (137) شهيدا، منهم (26) طفلا وطفلة، وسبع سيدات، وأكثر من (15) ألف مصاب، وما زالت الرئاسة الفلسطينية تقول “إننا نمد أيدينا للطرف الإسرائيلي لنتعاون على إيجاد حل للقضية الفلسطينية”.
ولا يحتاج المراقب إلى الكثير من الجهد للاستنتاج بأن الشعب الفلسطيني ورئاسته يسيران في اتجاهين متعاكسين تتسع الفجوة بينهما بوتيرة متسارعة، وهي فجوة تهدد كلا المسارين ما لم تتدارك الرئاسة نفسها لتنضم إلى شعبها في انتفاضته الحالية بعد فشل مشروعها التفاوضي.
إن التزامن بين مولد خاتم النبيين محمد (صلعم) وبين ولادة السيد المسيح هذه السنة هو “وصية العناية الإلهية” لتعزيز “الوحدة الوطنية” كما جاء في رسم كاريكاتير لبناني الأسبوع الماضي، وهذه دعوة إلى الرئاسة الفلسطينية للانضمام إلى شعبها في انتفاضته المتجددة ضد الاحتلال بعد ما يزيد على عقدين من الزمن منحهما الشعب الفلسطيني كفرصة أكثر من كافية لقيادة منظمة التحرير لترجمة “حل الدولتين” الذي وصفته ب”المشروع الوطني” إلى واقع على الأرض.
في آخر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية من 10 – 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قال المركز، ومقره في الضفة الغربية ولا يعد مسؤولوه من “المعارضين”، إن “الفجوة” بين المسارين زاد اتساعها وإن المؤيدين ل”انتفاضة مسلحة” زادوا بعشر نقاط بالمقارنة مع سبعة وخمسين في المائة في استطلاع السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وإن آخر مرة سجل فيها مثل هذا التأييد للانتفاضة المسلحة كانت في أيلول/ سبتمبر عام 2004، وإن ثلثي المستطلعة آراؤهم فقدوا ثقتهم ب”حل الدولتين”.
ومن العوامل المسؤولة عن هذا التحول في الرأي العام الفلسطيني فقدان الثقة في السياسات الرسمية الفلسطينية كما قال رئيس المركز د. خليل الشقاقي، حتى في أوساط قواعد حركة فتح المسؤولة عن هذه السياسات، وقد كان لافتا للنظر يوم أمس الجمعة أن تنعي الحركة بلسان المتحدث باسمها أسامة القواسمي ستة من كوادرها سقطوا شهداء خلال اليومين السابقين في ما سماه “هبة القدس″ الشعبية الحالية ضد الاحتلال .
وقال الشقاقي إن نتائج استطلاعات المركز توضح بأن حركة المقاومة الإسلامية “حماس″ قد اصبحت أكثر شعبية من حركة “فتح” التي تقود منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية سوف يتقدم على الرئيس الحالي محمود عباس في أي انتخابات رئاسية تجري اليوم.
في أوائل الشهر الجاري أصدر وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد زيارته لرام الله وتل أبيب تحذيرا قويا بالحاجة الملحة إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الرئاسة الفلسطينية وبين حكومة دولة الاحتلال لأن “السلطة الفلسطينية” تواجه خطر الانهيار.
وفي مقال له نشره في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وبعد أن أشار إلى أن “موقف عباس الضعيف في الضفة الغربية مكشوف تماما للجميع″، تساءل السفير الأميركي السابق جاري جرابو عما سيحدث لقوات الأمن الفلسطينية في حال انهيار السلطة فقال: “ماذا سيحدث لآلاف ضباط الشرطة الفلسطينية الذين تلقوا تدريبا ممتازا … هل تود إسرائيل حقا … ان تراهم خارجين في الشوارع؟”، مضيفا أن “الفلسطينيين فقدوا الثقة في قيادتهم، التي لم تحقق لا دولة فلسطينية ولا حتى أحوالا معيشية أحسن أو اقتصادا أفضل”، ليخلص إلى القول إن “الوقت قد حان للتغيير”.
ومع أنه لا يوجد أي فلسطيني يفترض حسن النية في “تحذير” كيري أو في أي دعوة أميركية إلى “التغيير” في القيادات الفلسطينية، بعد أن فقدت كل القيادات الفلسطينية وأولها الرئاسة الفلسطينية الثقة في نزاهة وصدقية أي رعاية أميركية لأي عملية سلام عادلة، فإن تشخيص كيري وجرابو للوضع الفلسطيني يتفق مع نتائج استطلاعات الرأي الفلسطينية والعربية كذلك التي تؤكد اتساع الفجوة بين القيادات وبين الشعوب فلسطينيا وعربيا.
ففي تقرير “المؤشر العربي 2015″ الذي أصدره مؤخرا “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” القطري أظهرت النتائج أن الرأي العام العربي ما زال “يعد إسرائيل هي الأكثر تهديدا لأمن بلدان المنطقة العربية”، بالرغم من كل الضخ الإعلامي الرسمي عن أولوية “الخطر الإيراني” الذي اضطر الرئاسة الفلسطينية إلى الانضمام إلى تحالفين عسكريين عربيين تقودهما العربية السعودية لمواجهة هذا الخطر في اليمن وغيره.
وبينما ينقسم النظام الرسمي العربي حول “الخطر الإيراني”، ما زال (75%) من الرأي العام العربي، حسب “المؤشر”، يرى في القضية الفلسطينية “قضية جميع العرب” و”ليست قضية الفلسطينيين وحدهم”، وما زال “الرأي العام في المنطقة شبه مجمع على رفض اعتراف بلدانهم بدولة إسرائيل” بنسبة (85%) مقابل (9%)، وبنسبة (74%) بين عرب مصر و(90%) بين عرب الأردن وفلسطين وهذه هي الأطراف العربية الثلاثة التي اعترفت بدولة الاحتلال ووقعت معه معاهدات واتفاقيات “سلام” منذ عام 1979.
فاتفاقيات منظمة التحرير مع دولة الاحتلال يعارضها (60%) من الفلسطينيين، واتفاقيات كامب ديفيد المصرية معها يعارضها (57%) من المصريين، واتفاقية وادي عربة الأردنية معها يعارضها (58%) من الأردنيين.
ومن الواضح أن العرب وأولهم الفلسطينيون في واد ورؤساؤهم في واد آخر.
ردّ حزب الله بحجم القنطار
خالد عرار – الديار اللبنانية
ردّ المقاومة، على عملية اغتيال الشهيد سمير القنطار، قد لا يتأخر كثيراً، وسيكون الهدف بحجم احد قادة المقاومة في الجولان السوري المحتل، وقد يحمل الرد القادم رسالة قاسية وقوية للعدو الصهيوني، ستجعله يتوقف عن محاولاته بتغيير قواعد المواجهة، او تعديلها، بعدما أمن الجانب الروسي.
ورجحت مصادر قريبة من المقاومة، ان يكون الرد من سوريا، وتشير المصادر الى ان القنطار شكّل هدفاً صهيونياً، خصوصاً بعدما أوكلت اليه مهام تأسيس البنى التحتية للمقاومة في الجولان، والتي استكملها القنطار، على مدار خمس سنوات، وباتت اليوم قادرة على مقارعة الصهاينة وتهديد جميع مراكزهم العسكرية وغيرها والشهيد القنطار الذي اغتالته اسرائيل وحاولت وسائل اعلام اوروبية واميركية وعربية، واصوات لبنانية تغليب حقدها على عقلها، ان تغتاله معنويا، لكنها فشلت لان مسيرة القنطار النضالية ختمها بشهادة طالما سعى إليها، من اجل تحرير فلسطين من رجس الصهاينة، الذين زرعوا الموت والدمار في المنطقة، وهم الذين فاخروا بقتل الانبياء. انما الهدف الثاني من عملية اغتيال القنطار، هوا ختبار التفاهم الروسي - الاسرائيلي، بعد الدخول الروسي القوي على خط ضرب الارهاب التكفيري في سوريا، واستقدام الصواريخ الاستراتيجية الى المنطقة، وبالرغم من ابلاغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئيس حكومة العدو الصهيوني نتنياهو اثناء زيارته الى موسكو في اعقاب الانخراط الروسي في مواجهة الارهاب في سوريا، بأن روسيا غير معنية بقواعد المواجهة بين الكيان الصهيوني من جهة وسوريا والمقاومة من جهة اخرى، لكن نتنياهو لم يكن مطمئناً كثيراً للموقف الروسي، فانكفأ لاكثر من شهرين وتوقف عن القيام بأي عدوان على سوريا، واستغلت المقاومة هذا الخوف والتردد لدى نتنياهو وقامت بانجازات عسكرية استراتيجية، ورفعت من مخزونها الصاروخي النوعي، والمقاومة لم تتفاجأ بما قامت به اسرائيل مؤخراً في اغتيال القنطار، كما لم تتفاجأ باغتيال قادة في المقاومة الاسلامية والمقاومة الفلسطينية لان اغتيالهم شكل حافزاً لتفعيل المقاومة في كل من فلسطين وسوريا ولبنان، لكن الذي سيتفاجأ هو العدو الصهيوني بالرد المزلزل للمقاومة، الذي سيجعلها تفكر الف مرة قبل ان تقدم على اي عدوان يستهدف مقاومين او مدنيين. واضافت المصادر ان على نتنياهو ان لا يستمر برهانه على اللامبالاة الروسية لان القوات الروسية اذا ما شعرت ان اي عدوان اسرائيلي على سوريا قد يستفيد منه المسلحون التكفيريون، ستكون هذه الوحدات امام خيار واحد هو الرد لا بل منع اسرائيل من القيام بذلك مهما كانت ذرائعها وأسفت المصادر لبعض التعليقات التي عبّر عنها بعض المواطنين في الجبل وراشيا، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت مع العدو الاسرائيلي والاعلام الغربي والعربي في اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار، والتي ان دلت على شيء فعلى التحلل من اي ثقافة وطنية، والتي باتت تعتبر العلاقة مع اسرائيل وجهة نظر، وهذه الثقافة تتحمل مسؤوليتها قوى سياسية ودينية بعينها، وهي التي منعت رفع صور الشهيد القنطار في بعض المناطق.
الالتئام الفلسطيني
هاشم عبدالعزيز- الخليج الاماراتية
الثلاثاء الماضي وفي غزة التأمت الفصائل الفلسطينية بمشاركة حركة «فتح» بعد سنة من عدم مشاركتها.
لم تكن حركة «فتح» قد امتنعت عن لقاء الفصائل لمجرد تجاهل، بل جاء كما هو معروف كرد فعل على ما اعتبرته تصرفاً غير مقبول من جانب حركة «حماس» بفرضها الوصاية الأمنية على الوزراء الفلسطينيين الذين كانوا في مهمة عمل في غزة، حيث كانت «حماس» تتهم الحكومة بالتجاهل والإهمال لأوضاع أهالي غزة المأساوية من جانب، ومن جانب آخر كانت «فتح» حمّلت «حماس» مسؤولية استهداف قيادات فتحاوية في القطاع، وقبل هذا تخريب التجهيزات التي وضعتها «فتح» للاحتفاء بذكرى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات باعتبار «حماس» تمسك بخيوط الأمن في القطاع.
ومع أنه لم تأت عودة «فتح» بعد غياب سنة من لقاءات الفصائل الفلسطينية في غزة بنتيجة أمنية حيث كانت «حماس» طالبت بإلقاء القبض على من أقدموا على تلك الأعمال العدائية ليس ضد «فتح» وحدها بل ضد كل من له علاقة بالوحدة الفلسطينية وضد كل محاولات استعادة التئام الفصائل الفلسطينية في القطاع.
لكن هذا لا يمنع القول إن خطوة «فتح» كانت مسؤولة وتحسب لها للحد من تداعيات الانقسام السياسي من جانب، ومن جانب آخر كان الارتياح من قبل الفصائل غير مسبوق.
السؤال الآن: «فتح» تعود إلى لقاءات الفصائل في غزة.. فهل الأهمية بالعودة أم أن هناك ما يرتبط بالمستقبل؟
إذا أخذنا الأمور من مجريات ما كان قائماً قبل توقف فتح عن المشاركة في لقاءات الفصائل في غزة فإن الأمور ستستمر على منوال ما كان قائماً من مشاورات وتنسيقات وغيرها مما يرتبط بمواجهة العدوان الصهيوني على غزة وأوضاع أبنائها الكارثية.
لقد كانت للفصائل تجربة في هذه المجالات وتجسدت في أيام العدوان الأخير على غزة بصورة فعالة لكنها في واقع الأمر طرحت التساؤل: ما الذي يعيق أن تكون مجمل الفصائل منخرطة في منظمة التحرير الفلسطينية؟
لسنا بصدد هذه القضية الآن، لكن ما يمكن الإشارة إليه، أن عودة التئام الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لا يندرج في إطار استمرار ما كان قائماً لأن الأوضاع في تسارع والمستجدات لا تحتمل التساهل.
هناك العدوان الصهيوني المتواصل على مدار الوقت، وبات قتل الشباب الفلسطيني وبخاصة في الضفة والقطاع مفتوحاً في المدن والقرى والمدارس والشوارع والأسواق.
وهناك فشل ذريع لما كان يسمى التسوية الأمريكية التي استنزفت كل إمكانيات التسوية السلمية جراء الازدواجية التي قامت على تطويع الموقف العربي عامة والفلسطيني خاصة لواقع الاحتلال.
وبين هذا وذاك، هناك مواجهة الشباب الفلسطيني لقوات الاحتلال بعربدتها وجرائمها وعصابات الإرهاب العنصرية من المستوطنين الذين تحمي جرائمهم أجهزة الأمن وقوات الجيش الصهيوني.
انفجار المواجهة الشبابية الفلسطينية جاءت لردع الغطرسة الصهيونية والتجاهل الصهيوني ليس للحقوق الفلسطينية وحسب بل وللإرادة الفلسطينية التي لم تضعف يوماً، ولولا ذلك ما كانت المقاومة تواصلت عبر الأجيال.
المواجهة الشبابية الفلسطينية للاحتلال هي بداية جديدة لنضال الشعب الفلسطيني، والخطاب البديل للمفاوضات العبثية التي دارت على حساب الشعب الفلسطيني في حقوقه وحياة أبنائه ومصير أجياله وفي أخطرها انسداد الأفق أمام الشعب الفلسطيني في حياة حرة وكريمة لمواجهة استمرار قاطرة الاستيطان التي تقذف بأصحاب الأرض وقضاياهم إلى متاهات الضياع.
المواجهة الشبابية الفلسطينية تحظى بدعم الفلسطينيين بعامتهم وفيهم أوساط الفصائل من قواعد وكوادر، وهناك قيادات فاعلة في هذه العملية التي جاءت فلسطينياً لتدق جرس الإنذار أمام الانقسام والمنقسمين سياسياً الذين يدورون في دوامة المصالح السياسية الضيقة إذا لم تتدارك الأمر ستتجاوزها التطورات الفلسطينية وهي متسارعة في وجه الانقسام.
ولا نزيد على هذا الآن بانتظار ما ستقدم عليه الفصائل التي ما زالت المواجهة الوطنية تضعها في ارتباط بما يجري وهي مسؤولة للوقوف على الراهن لمغادرة وتجاوز العقبات والكوابح والدفع بما يجري جراء انتفاضة الانتصار للحق الفلسطيني أرضاً وإنساناً.
انتفاضة السكاكين
صادق ناشر- الخليج الاماراتية
الأحداث التي تعيشها الأراضي الفلسطينية المحتلة والقمع الذي تواجه به من قبل قوات الاحتلال «الإسرائيلي»، يؤكدان رفض هذا الشعب لمنطق القوة الذي فرضته وتفرضه «إسرائيل» منذ عقود، وهذه الأحداث تتصاعد يوماً بعد آخر، على الرغم من أنها لا تلقى التأييد والمؤازرة من قبل الكثير من العرب والمسلمين، الذين يكتفون بمتابعة ومراقبة ما يجري هناك، وإذا كان هناك بعض من حياء فإنه يتم التعبير عنه بالبيانات الفضفاضة التي اعتاد عليها الفلسطينيون منذ مدة ليست بالقصيرة.
يجب عدم التقليل عما يحدث في فلسطين، فبوادر الانتفاضة الثالثة أو ما صارت تعرف ب«انتفاضة السكاكين» بدأت تشق طريقها في المجتمع الفلسطيني بشكل أقوى، وصار المحتل «الإسرائيلي» يعمل لهذه الانتفاضة ألف حساب، إلا العرب والمسلمين، حيث يتجاهلها البعض عن عمد، لعلها تخمد من تلقاء نفسها أو من جراء القمع الذي تواجه به من قبل المحتل الذي يسعى بكل الطرق للاستفادة من الأوضاع التي يعيشها العالم العربي وانشغاله بنفسه، ليكرس سياسة القمع التي يتبعها ضد الفلسطينيين.
لا تبدو الأحداث التي نتابعها يومياً في طريقها إلى الانحسار، فالفلسطينيون يدركون أنهم في المعركة وحدهم، ويدركون أن العرب صاروا في موقف أضعف من الرهان عليهم، وهم يدركون أن «إسرائيل» محمية بالولايات المتحدة ودول الغرب كافة، بل ومن بعض الدول المحسوبة على الإسلام والمسلمين، حيث تقيم هذه الدول علاقات دبلوماسية معها منذ سنوات طويلة، وبعضها الآخر يتعامل معها من تحت الطاولة ظناً منه أن الناس لا تعرف ذلك.
يدرك الفلسطينيون أن معركتهم الحالية لن تكون سهلة في مواجهة عدو يمتلك كل إمكانات القوة العسكرية، وهي معادلة مختلة، لكن الكرامة التي تدب في نفس كل فلسطيني يعيش في هذه الأرض المباركة تعطي دروساً كبيرة لمن يعتقد أن بإمكان الحل السياسي أن ينتج دولة أو يؤسس إلى سلام دائم مع «إسرائيل»، التي بنيت على القوة ولن تنتهي إلا بالقوة نفسها، لكن هذا الأمر لا يمكنه الحدوث في المرحلة الراهنة نظراً للتخاذل الذي نشاهده اليوم في كل بقعة عربية تقريباً.
اليوم يعيش العرب واقع التشرذم والانقسام، وكل دولة عربية منصرفة إلى شؤونها الداخلية ومعالجة الأزمات التي تعانيها، وهي بذلك تهمل القضية المركزية للعرب، وهي القضية الفلسطينية، حيث ترك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره بنفسه، بل إن هناك من لا يكتفي بدور إهمال الفلسطينيين وتركهم يصارعون العدو وحدهم، بل يعملون على تكريس الانقسام في صفوفهم وإحداث انشقاقات وانقسامات سياسية من شأنها أن تعيد إنتاج الخلافات القديمة بين جناحي السيطرة في كل من الضفة وغزة، وقد أفشل بعض العرب، بقصد أو بدونه، الجهود والمساعي لتوحيد كلمة الفلسطينيين التي بذلت خلال السنوات العشر الماضية، ما كرس واقعاً مختلفاً في الأراضي المحتلة أنتج انقساماً في توحيد الأداة الثورية على طريق تحقيق الاستقلال الناجز.
«انتفاضة السكاكين» ربما تعيد جزءاً من الصورة المشرقة للنضال الفلسطيني التي قضت عليه الاتفاقات السياسية مع «إسرائيل»، وهي اتفاقات لم يكن الهدف منها تحسين أوضاع الفلسطينيين، بل تركيعهم والبصم على ضياع أمل الحرية والاستقلال التي يناضلون من أجل الحصول عليها.


رد مع اقتباس