[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG][IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]
أقلام وأراء عربي
في هذا الملف :
في تدقيق عبارة رائجة عن فلسطين
عزمي بشارة – العربي الجديد
الإرهاب والاعتداءات ضد المسلمين في الغرب
حسين عطوي - الوطن القطرية
إسرائيل أضعف من أزماتها
ابراهيم جرايسه- الغدر الاردنية
إنهم يرقصون فرحا بحرق أطفالنا
ياسر الزعاترة – الدستور الاردنية
دول متحالفة مع إسرائيل في التحالف الإسلامي «ضد الإرهاب»
تحسين الحلبي- الوطن الســورية
ثوّار سوريا يركبون صواريخ الإسرائيليين !
ثريا عاصي – الديار اللبنانية
الدمار في إسرائيل سيكون غير محتمل
محمود زيات – الديار اللبنانية
فلسطين وسؤال الأولويات
د. ناجى صادق شراب – الخليج الاماراتية
في تدقيق عبارة رائجة عن فلسطين
عزمي بشارة – العربي الجديد
ما معنى عبارة "فلسطين قضية العرب الأولى"؟
كان المقصود منها، في مرحلة تاريخية محددة، أن تحشد الدول العربية قواها العسكرية في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وتوجهها إلى هدف واحد تخضع له بقية الأهداف، و/أو أن الدول العربية تضع هذه القضية في المركز من علاقاتها الدولية، بحيث تنصاع لها بقية الأجندات. هذا الكلام لم يُطبّق إلا نادراً، وجزئياً فقط. ولكن موضوع فلسطين ظل يتصدر بيانات القمم العربية واللقاءات الثنائية، حتى أصبح لازمة لا يدقق القارئ في كلماتها، وقلما يُلاحظ تعديلها باستمرار، فالدهر لم يأكل ويشرب عليها فقط، بل أجرى عليها تغييرات. وأي باحث متوسط يمكنه رصدها ومقارنتها في سياق تغير السياسات العربية والفلسطينية والدولية، ولا سيما اتفاقيات السلام التي وقعتها دولتان عربيتان، ومنظمة التحرير الفلسطينية، مع إسرائيل.
ولذلك، لجأت تيارات فلسطينية وعربية معارضة إلى إنقاذ العبارة، بتفسيرها على أنها "قضية الشعوب العربية الأولى" بتمييزها عن الأنظمة. أزعج هذا التفسير قادة منظمة التحرير وغيرها، لأنه يريح الدولة العربية من التزاماتها تجاه فلسطين، ويجعل من فلسطين مسألة صراع داخل كل دولة عربية، وهذا يعني أمرين: أولاً، تورط الفلسطينيين في نزاعات وحروب سياسية وطبقية وطائفية وغيرها داخل الدولة العربية. وثانياً، تطويل الطريق إلى فلسطين وتعقيدها. ولذلك، خاضت المنظمة صراعاً مريراً مع الدول العربية، لإبقاء قضية فلسطين "قضيتها الأولى" رسمياً. ولكن، بعد كل جولة مقارعة كهذه، كان معنى الكلام يتضاءل داخل اللفظ، وتصبح العبارة فضفاضة واسعة جداً، تضيع الدلالات المتناهية الصغر في جنباتها. وأصبح هدف المنظمة تشكيل نظام فلسطيني، يبحث عن "حل" ضمن اتفاقيات سلام مع إسرائيل، مثل الأنظمة العربية، بحيث يريح الأنظمة من قضية فلسطين، ويريح قضية فلسطين من الأنظمة، مع الاحتفاظ لها بما بات يسمى "مكانة خاصة".
وهذه لا تتجاوز كثيراً خصّ الفلسطينيين بالنصائح، وهدايتهم إلى اتباع طريق السلام، وتقديم تنازلات أكثر للتخفف حتى من عبء خصوصية هذه المكانة، ولا سيما في علاقة هذه الأنظمة بالولايات المتحدة الأميركية. فالأخيرة مستعدة لمقايضة أي خطوة "إيجابية" تجاه إسرائيل، بالتنازل عن أي إزعاج لهذه الأنظمة. وحتى تبييض صفحة الأسد في أميركا حالياً يجري بالادعاء أنه كان جاهزاً للسلام مع إسرائيل. وتنازله عن السلاح الكيماوي الذي من المفترض أنه كان موجهاً ضد إسرائيل جعل استخدام السلاح نفسه ضد الشعب السوري أمراً يمكن التسامح معه. بهذا، يصح المعنى المقلوب: فلسطين قضية العرب الأولى التي يمكنهم المقايضة بها، لأن "إسرائيل قضية أميركا الأولى" في المنطقة.
وإذا ذهبنا إلى تفسير العبارة على أنها قضية الشعوب العربية الأولى، وفي ذلك وجاهة لناحية
"تبييض صفحة الأسد في أميركا حالياً يجري بالادعاء أنه كان جاهزاً للسلام مع إسرائيل"
مكانتها الحقيقية في وجدان الناس وضمائرهم، فقد استُغِل من بعض الأنظمة كأداة سيطرة. هذا يتيح للنظام أن لا يفعل شيئاً لفلسطين على مستوى الممارسة، والاكتفاء بالمزاودة على المستوى اللفظي، وأن يطلب من الشعب أن يعتبر قضية فلسطين قضيته الأولى. وذلك، ليس بمعنى النضال ضد إسرائيل فهذا ممنوع عليه، ومن كان يصدّق شعارات الأنظمة، وينضم للفصائل الفلسطينية المسلحة، يصبح مشكوكاً بولائه وملاحقاً، بل بمعنى الامتناع عن طرح أي قضية أخرى. فالعدالة الاجتماعية، والفساد في نظام الحكم، وقمع الأجهزة الأمنية لكل ما يتحرك، وكتم الأنفاس لمنع الكلام، كلها من هذا المنظور قضايا ثانوية، يصبح طرحها خيانة لفلسطين.
وفي البداية، يستغفر المواطن الله، مؤكداً أنه مع فلسطين أكثر من النظام، وأنه مغلوب على أمره؛ وفي النهاية، قد يجعله ذلك ينفر من كل إثارة لموضوع فلسطين عموماً لتغييب معاناته، مع أنه لا ذنب لفلسطين في استغلالها هذا، الذي يمكن اعتباره النكبة الثانية التي حلت بها بعد الاحتلال الصهيوني. وهذا الاستخدام الظالم لها لا يجعل منها قضية غير عادلة.
من الطبيعي أن تكون قضايا كل شعب عربي الحياتية اليومية وممارسات نظام الحكم في الدولة
"إسرائيل تعادي العرب كعرب، بمعنى تعادي اتحادهم وتصرفهم كأمة سيدة مقدراتها"
هي الأولى، يصح هذا في مصر وسورية والأردن وتونس والمغرب ولبنان ودول الخليج وغيرها، أما قضية الشعب الفلسطيني فهي قضية الشعوب العربية كلها، هذا صحيح ولكن بصفتها هذه كشعوب عربية. وذلك لأن العرب يجتمعون على قضية فلسطين كعرب، وبهذا أصبحت جزءاً من هويتهم العربية. ولأن إسرائيل تعادي العرب كعرب، بمعنى تعادي اتحادهم وتصرفهم كأمة سيدة مقدراتها. (وهي تعادي نشوء أنظمة حكم ديمقراطية فيها)، كما تحتل قضية فلسطين مكانة خاصة، لأنها تجسد الظلم الاستعماري السافر بحق شعب عربي. وبهذا التفسير، تصبح قضية فلسطين قضية تضامن مع الشعب الفلسطيني، وقضية عدالة تستلهمها الشعوب في نضالها في بلدانها. وتتحول بذلك من أداةٍ تستخدمها الأنظمة لاضطهاد الشعوب إلى محفز للنضال ضد الظلم في الدول العربية، ولفضح الأنظمة التي تستخدمها.
في استطلاع المؤشر العربي، سُئل المستجيبون من 12 دولة عربية إذا كانوا يعتبرون العرب أمة واحدة، أم أمماً وشعوباً مختلفة تجمعها روابط ضعيفة، فأجاب 80% أنهم يعتبرون العرب أمة واحدة. وعلى سؤال هل ترى قضية فلسطين قضية جميع العرب أم قضية الفلسطينيين وحدهم (لم يُستخدم وصف الأولى)، أجاب 75% أنها قضية العرب أجمعين. وفي العام الماضي، كانت النسبة 77%. هذان الرقمان متلازمان برأيي، أي أن القضية الفلسطينية هي من دون شك قضية العرب كعرب، وهذا لا يجعل منها قضية السوريين أو العراقيين أو المصريين الأولى في مكان قضاياهم. ليست القضية العادلة أداة لتكريس الظلم.
من الطبيعي أن تكون معاناة أي شعب عربي يعاني من الظلم والاستبداد هي قضيته الأولى. ومن الطبيعي أن يرى كعربي أن قضية فلسطين قضيته، وأن طبيعة الصهيونية واحتلال أرض عربية ليس عدواً للفلسطينيين فحسب.
الإرهاب والاعتداءات ضد المسلمين في الغرب
حسين عطوي - الوطن القطرية
تزايد الهجمات الإرهابية في الدول الغربية، وارتفاع منسوب القلق إزاء تنامي الخطر الإرهابي على خلفية انتشاره في العالم أجمع، واستفحاله في الدول العربية والعديد من الدول الأفريقية، بات هو الهاجس المسيطر هذه الأيام على المجتمعات الغربية، ويوفر الأساس لتنامي موجة العنصرية ضد المسلمين في البلدان الغربية.
ويبدو أن هذه الهجمات الإرهابية التي تكرر حدوثها مؤخراً في بعض الولايات الأميركية، وبريطانيا والعاصمة الفرنسية باريس، قد أدت إلى تداعيات سلبية على المسلمين والمساجد في أنحاء الولايات المتحدة والعواصم الغربية، وتمثلت في قيام بعض المتطرفين العنصريين في أميركا بتنفيذ عشرات الاعتداءات ضد الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب، واستهداف بعض المساجد بالتخريب وإطلاق النار وتهدد العديد من رجال الأعمال المسلمين بالقتل.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بموجب دراسة أجرتها جماعة بحثية في جامعة ولاية كاليفورنيا التي شهدت معظم هذه الاعتداءات « إن الهجمات الإرهابية والصور النمطية المعادية للمسلمين التي ازدادت قد جرأت البعض على القيام بأفعال بناء على هذا الخوف والغضب».
وحسب الدراسة فإنه «وفي السنوات الأخيرة فإن معدل الجرائم ضد المسلمين في الولايات المتحدة، وفق بيانات الإف بي أى قد تضاعف ثلاث مرات منذ هجمات باريس في 13 نوفمبر الماضي من قبل عملاء تنظيم داعش، حيث وقع 38 هجوماً اعتبرت معادية للإسلام في طبيعتها».
بالمقابل أشارت الغارديان البريطانية إلى أن بريطانيا شهدت 113 هجوماً عنصرياً ضد مسلمين أثر هجمات باريس واغلب الانتهاكات كانت ضد مسلمات يرتدين الحجاب.
هذا الارتفاع في منسوب الاعتداءات على المسلمين والمترافق مع تنامي شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في الغرب بدأ يثير المخاوف في أوساط الجاليات المسلمة في الدول الغربية، ويطرح التساؤلات بشان المسؤول عن التسبب بذلك، هل هو داعش، وتنظيم القاعدة، أم أيضاً الدول الغربية التي غضت النظر عن نشاطهما واعتقدت أنها تستطيع توظيفهما في خدمة مشروع تفتيت الدول العربية لمصلحة تعويم المشروع الأميركي الغربي للسيطرة ليس فقط على المنطقة، وتمكين إسرائيل من التسيّد عليها، وتصفية القضية الفلسطينية، بل وأيضاً وإعادة تعويم مشروع الهيمنة الأميركي للسيطرة على العالم، وإخضاع الدول التي تعترض على تفرد واستئثار الولايات المتحدة بالقرار الدولي لعقدين متتالين من الزمن، في أعقاب انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق.
أولاً: من دون أدنى شك، أن الإدارات الأميركية المتعاقبة لا سيما في عهد المحافظين الجدد، اثر انهيار الاتحاد السوفياتي انتهجت سياسة تقوم على اختراع عدو جديد سمته «الإسلاموفوبيا»، وقد استغلت هجمات 11 سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة ضد برجي التجارة العالمية في نيويورك، ومبنى البنتاغون في واشنطن للقيام بأوسع حملة تعبئة تصور الإسلام مصدر التخلف والتطرف وبأنه هو العدو الجديد للمجتمعات الغربية المتحضرة، وذلك لتوفير الغطاء لشن حربها على أفغانستان، ومن ثم على العراق تحت عنوان محاربة الإرهاب وإبعاد الخطر عن المجتمع الأميركي، غير أن هذه الحروب أدت إلى نتائج عكسية تمثلت في تنامي منسوب العداء للسياسة الأميركية في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي، وهو ما أكدته استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز دراسات أميركية، وكانت في أساس توصيات تقرير بيكر ـ هاملتون الذي دعا إلى إعادة النظر في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وخصوصاً لناحية الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي والعمل على تجميل صورة أميركا.
وبالمقابل لم تتمكن هذه الحروب الأميركية ضد الإرهاب من إضعاف التنظيمات الإرهابية بل وفرت لها الفرصة لاستقطاب المزيد من الشباب الساخط على السياسة الأميركية.
ثانياً: إن سياسة التهميش والإقصاء التي يعاني منها المسلمون في أميركا والغرب أسهمت بدورها في إيجاد بيئة استفاد منها تنظيما القاعدة وداعش لاستقطاب وتنظيم الشباب لاسيما في الضواحي الفقيرة والمهملة وتشكيل الخلايا النائمة التي تبين أنها تقف وراء الهجمات التي شهدتها المدن الأميركية والفرنسية.
وطبعا كان من المنتظر أن تؤدي هذه الهجمات بدورها إلى تغذية التيارات العنصرية المتطرفة في الدول الغربية والتي تحُمل أسباب الأزمة الاجتماعية، التي تعاني منها المجتمعات الغربية والمتمثلة في ازدياد البطالة وتراجع التقديمات الاجتماعية وتدني القدرة الشرائية.
إسرائيل أضعف من أزماتها
بقلم ابراهيم جرايسه الغدر الاردنية
شهد الأسبوع المنتهي، وجهين من أوجه أزمات إسرائيل الداخلية المركزية، التي تهدد مشروعها الصهيوني ككل، فمنها أزمات قائمة وترافقها منذ الإعلان عن الكيان، ومنها ما نشأ لاحقا. كما أن من هذه الأزمات ما يعلو ويخبو، مثل الصراع الطائفي اليهودي-اليهودي، والصراع الديني العلماني، ومنها ما هو في حالة تصاعد مستمر، مثل تنامي قوة العصابات الإرهابية الاستيطانية وسيطرتها على أروقة الحكم.
فقبل أيام، كشفت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي مقطع فيديو لعرس لأحد عناصر الإرهاب الاستيطاني، تظهر فيه مجموعة من الإرهابيين يرقصون وهم يُشهرون أسلحتهم الرشاشة وزجاجات حارقة، والأخطر أنهم كانوا يلوحون بصورة للطفل الرضيع الشهيد علي أحمد دوابشة، الذي استشهد في اليوم الأخير من شهر تموز (يوليو) الماضي، بجريمة حرق بيت عائلته على يد الإرهابيين المستوطنين. وخلال الرقص كانوا يطعنون الصورة بالسكاكين.
وانتشر هذا المشهد، في أوج حملة ضغط تشنها هذه العصابات، مدعومة من أقطاب في الحكم الإسرائيلي، للضغط على جهاز المخابرات العامة "الشاباك" لإطلاق سراح المشبوهين بجريمة حرق عائلة دوابشة. وحتى الآن جرى تحرير اثنين من الإرهابيين، وتحويلهم إلى "الحبس المنزلي"، وهناك من يراهن على أنهم جميعا سيطلق سراحهم، أو تبرئهم المحكمة، بسبب تواطؤ الأجهزة القضائية والنيابة مع الإرهاب الاستيطاني.
وأمام مشهد مفضوح كهذا، يعكس جوهر الصهيونية ويكشفها على حقيقتها، ترى ساسة إسرائيل على مختلف تلوناتهم، "يشجبون ويستنكرون"، رغم أن ما حصل يعكس بالضبط عقليتهم الصهيونية مرتكبة المجازر والتهجير على مر عشرات السنين. ولكن من ناحية أخرى، بالإمكان قراءة القلق الحقيقي عند أوساط يهودية تعي حقيقة أن إجرام هذه العصابات الإرهابية لن يتوقف عند العرب والفلسطينيين، بل سيمتد لا محالة إلى داخل الشارع الإسرائيلي، ضد كل من يخالفها الرأي والنهج. وملامح كثيرة لهذا بات يلمسها الشارع، وحتما ستستفحل مستقبلا، ولهذا فإن هذه العصابات الإرهابية ستشكل على المدى المنظور، أزمة حادة على المستوى الإسرائيلي الداخلي.
الوجه الثاني لأزمات إسرائيل الذي ظهر في الأسبوع المنتهي أيضا، كان من خلال تبني الحكومة لمشروع قانون يفرض قيودا أكثر تشددا ضد المحال التجارية التي تفتح أبوابها أيام السبت، في مناطق اليهود. ما يعني شد خناق أكثر على جمهور العلمانيين الذي يطالب على مر السنين بتحريره من قيود الشريعة اليهودية التي تتحكم بمأكله ومواصلاته وبأيام راحته، في نهاية الأسبوع والأعياد، وفوق كل هذا تتحكم بمن هو يهودي، وهذه قضية أوسع من إسرائيل.
وتبني هذا القانون، يعكس سطوة التيار الديني المتشدد، وخاصة التيار الديني الصهيوني، على سدة الحكم، ويلاقي سندا في تحقيق أهدافه من سياسيين علمانيين، أبعد ما يكونون عن تطبيق الشرائع الدينية المتزمتة، إلا أنهم من المعسكر اليميني المتشدد الذي يتحكم فيه هذا التيار الديني الصهيوني، وتقدمهم في الحياة السياسية مرتبط بقدر كبير بالمتدينين. وهذا يبرز بطبيعة الحال في أحزاب المستوطنين، ولكنه بات ظاهرة طاغية على الحزب الحاكم في السنوات الأخيرة، حزب "الليكود"، بزعامة بنيامين نتنياهو.
ومن علامات قدرة هذا الملف على تفجير أزمة حادة داخل الشارع الإسرائيلي، أن الائتلاف الحاكم، وبعد ثلاثة أيام من تبني هذا القانون، اضطر الى تأجيل التصويت عليه في الكنيست، ولكنه سيبقى مطروحا للتصويت، إذ إن قوانين أخرى تنتظر اللحاق به، وهي القوانين التي ستشدد أكثر في مسألة الحلال اليهودي. فقد فهم الائتلاف ذو الأغلبية الهشة أنه في ورطة أمام الشارع، الذي غالبية اليهود فيه هم من العلمانيين المتحررين من القيود الدينية. كذلك فإن هذه القيود ستساهم في تخفيض الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، المتراجعة أصلا في السنوات الأخيرة.
ومن بين من يقرأون مستقبل إسرائيل في ظل أزماتها الداخلية كان الدكتور حاييم مسغاف، الكاتب في صحيفة "معاريف"، إذ قال في ختام مقال له: "لست أدري اذا كان العرب قرأوا تاريخ شعبنا، ولكنهم بالتأكيد يعرفون منذ الآن بأن ما عليهم إلا أن ينتظروا بصبر بضعة أجيال أخرى حتى يسقط كل شيء في حضنهم كثمرة ناضجة..."؛ والكلام لمسغاف، ولكثيرين مثله.
إنهم يرقصون فرحا بحرق أطفالنا
ياسر الزعاترة – الدستور الاردنية
لم نكن في حاجة إلى ذلك الفيديو الذي اجتاح مواقع التواصل خلال اليومين الماضيين، لكي ندرك أننا إزاء كيان عنصري، مدجج بالتطرف والغطرسة، فما يفعله المستوطنون، وما يفعله جنود الاحتلال على الحواجز وفي كل مكان يؤكد ذلك، فهذا كيان يطبق الديمقراطية وقوانين الحريات على اليهود فقط.
في الشريط المشار إليه عرس لأحد المستوطنين الذي يشتهرون بمسمى “فتيان التلال”، وهم الأكثر تطرفا بين المستوطنين، وإن يكن جميع هؤلاء من هذا اللون (يزيد عددهم عن 400 ألف في الضفة الغربية)، ولكن اللافت أن الرقص يتم على إيقاع الاحتفال بحرق الطفل علي دوابشة وأسرته.
في يديعوت وصف للحفل بالقول: “المحتفلون رقصوا وغنوا على أنغام أغاني الثأر، ورفعوا في أيديهم زجاجات حارقة كرمزلإحراق منزل عائلة دوابشة، ولوحوا بالبنادق والمسدسات وفي ذروة الرقص غرسوا سكينا في صورة علي دوابشة الذي احترق حتى الموت. وغنى المحتفلون أغاني الثأر التي كتبت ردا على عمليات نفذها الفلسطينيون”.
وفي موقع آخر نجد أن الجمهور في شريط الفيديو، كان يردد كلمات أغنية تضم فقرات من التوراة تتحدث عن شمشون، الذي أُعمي في غزة، وقوله: “يا سيدي الرب، أذكرني وشددني يا الله هذه المرة فقط، فأنتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين”.
وفي حين ازدحمت الصحافة الإسرائيلية بالإدانة للشريط، وبالحث على مواجهة هذا اللون من المستوطنين، وهو ما يتكرر دوما، فإن واقع الحال أن هذه الممارسات تتكاثر، ومؤيدوها يتكاثرون أيضا، وهي ظاهرة لم تعد حكرا على المستوطنين، وإنما تمتد لتطال سكان المدن والمناطق الأخرى في الأراضي المحتلة عام 48.
من الصعب حشر المجتمع الصهيوني في إطار هذا اللون من البشر، فكما ثارت ضجة حول الشريط المذكور، كانت هناك ضجة أخرى حول جمعية “لنحطم الصمت” التي يتولاها جنود إسرائيليون قرروا فضح ممارسات جيشهم ضد الفلسطينيين، وثمة أصوات أخرى ترفض العنصرية.
لكن واقع الحال أن المجتمع الصهيوني بات يراوح بين اليمين، واليمين المتطرف، والقلة تذهب في الاتجاهات الأخرى. أما الأهم فهو العبث الذي يتمثل في حشر عنصرية الصهاينة في هذا اللون من الممارسات الأكثر تطرفا، من قبل المستوطنين، والمتطرفين الآخرين، ذلك أنعنوان التطرف الأهم عمليا هو الميل نحو المواقف السياسية التي ترفض الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، حتى ضمن إطار ما يسمى قرارات الشرعية الدولية، فكم هي مثلا نسبة من يؤيدون التنازل عن القدس الشرقية بين الإسرائيليين، وكم هي نسبة من يقبلون بتجسيد حق العودة، أو بالانسحاب الكامل إلى حدود 67؟!
يعيدنا هذا الأمر إلى الخطاب الديني الذي يعزز تلك الممارسات من قبل المستوطنين المتطرفين، ذلك أنه لا الحاخامات الذين يفتون، ولا من ينقلون الفتاوى يتجاوزون الشريعة اليهودية وموقفها من الآخر، حسب نصوصها المتاحة راهنا، ومن يقرأ التوراة، سيرى كيف أن “الرب” هو عمليا قائد في جيش مهمته قتال أعداء اليهود.
لا أحد يتحدث عن تلك المناهج والكتب التي ينهل منها الصهاينة، ولا يجري التركيز إلا على المسلمين. وفي هولندا خاض شابان تجربة جميلة، حيث أوقفوا أناسا في الشوارع وقرأوا عليهم نصوصا تدعوا للعنف والقتل والممارسات الغريبة ضد المرأة، وقالوا لهم إنها من القرآن، قبل أن يفاجئوهم بأنها من الكتاب المقدس؛ بخاصة “العهد القديم”.
الخلاصة أننا إزاء كيان عنصري يجمّل نفسه بالدعاية، ويحرص على ممارساته ليس رأفة بالفلسطينيين، وإنما خشية من كلفتها، ومع ذلك تأتي النتيجة المرعبة من الممارسات التي تتواصل دون أن تلفت أنظار العالم، طبعا لأن هذه الدولة هي الأكثر دلالا في الكون. أما المصيبة الأكبر، فتتمثل في إصرار قيادة السلطة على مواجهة هذا كله بالاستجداء واستمرار التفاوض، بدل الرد عليه بما تعارفت عليه الشعوب الحرة، ممثلا في خيار المقاومة.
دول متحالفة مع إسرائيل في التحالف الإسلامي «ضد الإرهاب»
تحسين الحلبي- الوطن الســورية
لم يعهد التاريخ العربي والإسلامي الحديث تحالفاً يتحدد فيه العدو المركزي لهذه الأمة مثل تحالف حرب تشرين عام 1973 الذي قادته دمشق والقاهرة بكل قدراتهما العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي الذي اغتصب فلسطين واحتل إبان حرب 1967 سيناء والجولان والضفة الغربية، فقد دعت دمشق والقاهرة كل الدول العربية لمشاركتها في تحرير الأراضي العربية المغتصبة، فضمت جبهة الحرب على إسرائيل ثماني دول عربية تحرك قادتها لتقديم المشاركة العسكرية في هذه الحرب التاريخية.
وعلى عكس هذا الحدث التاريخي العظيم وأهدافه الواضحة والإجماع العربي والإسلامي عليه بدأت إدارة أوباما قبل أسبوع توظف الرياض لمهمة إنشاء تحالف (إسلامي) باسم محاربة الإرهاب لكي يصبح هذا الحلف تحت إمرة وتصرف واشنطن وتل أبيب ضد الأمتين العربية والإسلامية هذه المرة.. ولعل نظرة سريعة إلى عدد الدول المشاركة فيه وطبيعة كل دولة منها يوضح أن هذا (البالون) لا يحمل أي مصلحة لأي دولة تشارك فيه بل لا يحمل أدنى مصلحة للرياض نفسها لأنه لا يحقق سوى المصالح الأميركية في المنطقة على حساب مصالحها وأموال نفطها المسخرة لخدمة الأهداف الأميركية.. بل إن هذا الحلف يراد له خوض حروب واشنطن السياسية والعسكرية ضد كل عربي ومسلم يناهض سياسة الهيمنة الأميركية والصهيونية وقد وجد مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في هذا الحلف أهم إطار عربي إسلامي سيوفر لإسرائيل تحقيق كل أهدافها إذا ما استمر وجوده وعمله بقيادة الرياض؟!
ففي هذا التحالف تجد إسرائيل لنفسها عدداً من الحلفاء الذين يرتبطون معها بعلاقات على مستوى الجيش والمخابرات والمساعدات والاستشارات العسكرية والأمنية مثل دولة ساحل العاج، وسيراليون والسنغال وجزر المالديف ونيجيريا والغابون وغيرها من الدول الإسلامية الإفريقية. وقد نسلط ضوءاً واضحاً حين نستعرض علاقة (ساحل العاج) العسكرية والمخابراتية مع إسرائيل وخصوصاً مع إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل ورئيس حكومة ورئيس مخابرات سابق.. فحين استقال (باراك) من وزارة الدفاع (2013) أنشأ ثلاث شركات عسكرية وأمنية لإعداد الخبرات العسكرية والمخابراتية واستدعاه بموجب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية رئيس ساحل العاج (أوتارا) لتأسيس أجهزة مخابرات تضمن بقاءه في الحكم ولتدريب جيش لساحل العاج بمقابل 50 مليون دولار لشركات باراك شريطة أن يستمر خبراؤه بالعمل مستشارين لأجهزة مخابرات ساحل العاج وجيشها.
وتكشف الأبحاث التي نشرت في هآريتس ملحق (ميركر) الاقتصادي أن وزارة الدفاع الإسرائيلية والموساد (جهاز التجسس والعمليات الخاصة) منحت عدداً من (إجازات العمل) و(الرخص) لشركات إسرائيلية- دولية أمنية أنشأها عدد من قادة الجيش والمخابرات المتقاعدون بدءاً من باراك إلى دان مالوتس رئيس أركان وقائد سلاح جو سابق وإلى مائير داغان رئيس الموساد السابق لخدمة دول إفريقية وغير إفريقية مسلمة وغير مسلمة.. وهذه الشركات تعمل في (غابون) وسيراليون والسنغال وساحل العاج ونيجيريا والمالديف وتشاد، وهذا يعني أن كل نشاط سياسي وعسكري لمعظم الدول الإسلامية غير العربية في أي تحالف ستتوافر عنه معلومات لإسرائيل وشركاتها الخاصة الأمنية والعسكرية؟!.. ولعل أبرز ما يثبت الدور الأميركي في صناعة هذا التحالف بقيادة الرياض هو أن جميع هذه الدول العربية المشاركة هي أيضاً عضو مشارك في تحالف السعودية ضد اليمن ومعظمها عضو مشارك فيما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن.
ويتساءل معهد بروكينغز الأميركي للأبحاث هل (بدأ العاهل السعودي يتحول حقاً للعمل ضد إرهاب داعش والقاعدة؟!).
ولا شك أن سجل محاربة واشنطن لمجموعات منظمة القاعدة في اليمن يكشف أن أوباما وحلفاءه لا مصلحة لهم بتصفية هذا الإرهاب فمنذ عام 2002 تقوم واشنطن بشن غارات من طائرات بلا طيار على مواقع القاعدة وغيرها في اليمن بدعم من الحكومة اليمنية، وها نحن في عام 2015 نجد أن (القاعدة) أنتجت (داعش) في اليمن وبدأت مجموعاتها توسع سيطرتها لتصل بعد الحرب السعودية على اليمن إلى حضرموت وضواحي عدن؟! وهل سيمنع هذا التحالف الإسلامي إسرائيل عن استمرار تقديم دعمها لمجموعات داعش والنصرة واستقبالهم في مستشفياتها وتدريبهم؟!
ثوّار سوريا يركبون صواريخ الإسرائيليين !
ثريا عاصي – الديار اللبنانية
أثناء الـ48 ساعة الأخيرة استمعنا إلى روايات كثيرة عن الطريقة التي اغتيل بها سمير القنطار . لا أعتقد أنّه بقي سيناريو واحد لم يتخيّله أحد. طائرات أباتشي، طائرت ف 16، صواريخ من فوق بحيرة طبرية . صواريخ جو ـ أرض، صواريخ أرض ـ أرض ضربت سكنى القنطار . جماعة إسلامية نفّذت العملية، وأخيراً ظهر سيناريو الجيش الحر، الذي يمتلك كما يبدو صواريخ حرارية عالية الدقة، وقنابل مُسيّرة بالليزر، إلى آخر الترّهات .
قنابل دخانية متتالية، كأنّ القصد منها هو تأمين انسحاب الإسرائيليين من مسرح الجريمة . اغتبط الإسرائيليون باغتيال القنطار، ولكنّهم ليسوا ضالعين في الجريمة ! فهذه «قوى المعارضة» في سوريا، سواء المتطرّفة الإرهابية والمعتدلة، تتسابق من أجل تبرئتهم، ولا تجد حرجاً في تبنّي عملاً، يُفرح الإسرائيليين .
إذا كان سمير القنطار لا يستحق عرفان الجميل، فلا عجب أن نرى غداً، الناس المضلَلين حُفاة على طريق المنفى، أو مياومين في «مستعمرات» المستعمرين !
اللافت للنظر أنّ حركة حماس الفلسطينية أصدرت بياناً نعت فيه الشهيد الذي أمضى ثلاثين عاماً في الأسر في سجون المستعمرين الإسرائيليين، ولكن ابنة خالد مشعل المُقيم في قطر، تغرّد على تويتر بالضدّ من ذلك، وهي لا تغرّد في الواقع خارج السرب، فكثيرون من دِيَكة الإخوان المسلمين يصيحون شماتة مثلها .
ومهما يكن، فإنّ ما يُثير الدهشة والريبة، هي الرواية التي تُفيد بأنّ الجيش الحر، «فرسان السنّة» هو المسؤول عن عملية الاغتيال . كأنّ دانتي الشاعر الإيطالي وصاحب الكوميديا، أضاف فصلاً جديداً على مغنّاته الشهيرة، تحت عنوان «تخلّي العربان» !
سيجد أعضاء جوقات المديح والتسبيح في حضرة أصحاب السمو والجلالة، وُلاة أميركا في بلاد النفط، سيجدون بالقطع مادة دسمة في هذه الرواية؛ فلقد أُشيع في الآونة الأخيرة عن تعاون قائم بين الرّوس من جهة، وبين الجيش الحر من جهةٍ ثانية، فضلاً عن مزاعم بوجود وساطات للجمع بين الجيش العربي السوري من جهة، وبين الجيش الحر من جهة ثانية، تمهيداً، بحسب رأيي، لإظهار سلطة ثانية وجيش ثانٍ في سوريا إلى جانب السلطة السورية والجيش العربي السوري .
تقول الدعاية، إذا كان الروس يُنسّقون مع الجيش الحر، وإذا كانت السلطة في سوريا على وشك أن تلتقي بهذا الأخير، فليس مستبعدأ ضمنياً أنّ الروس والحكومة السورية كانوا على علم بالجريمة . لماذا اختاروا جميعاً هذا الوقت بالتحديد، لتوجيه طعنة لحزب الله ؟! هيستيريا جماعية !
ألا تتّفقون معي بأنّنا حيال إخراج دعائي من شأنه أن يُهيّج الذهنية القبلية وأن يـُفاقم حـُمّاها فتزيد هلوسة ؟ أم أنّ التي تهذي هي أنا ؟؟!
الدمار في اسرائيل سيكون غير محتمل
محمود زيات – الديار اللبنانية
سيل من الاسئلة يغرق فيها الاسرائيليون «المُهلوِسون» من توقيت وحجم وطبيعة الرد المتوقع... لا بل المنتظر من «حزب الله»، على استهداف المقاوم سمير القنطار، لكن يبقى السؤال الاكثر الحاحا لدى الجمهور الاسرائيلي هو.. هل ستكون اسرائيل بعد الضربة ـــ الرد، في وضع يسمح بتحملها من دون الدخول في حرب مع «حزب الله»؟ وهي تدرك جيدا، وبالاستناد الى تقارير اجهزتها العسكرية والامنية والاستخباراتية، والتي اكدت على قدرات هائلة للحزب في قدراته القتالية وتنامي ترسانته الصاروخية، ان «حزب الله» هو فعلا «لا يريد الحرب... لكنه لا يخشاها»، وسيخوضها بكل امكانياته... اذا فُتحت، وفق ما اكد في غير مناسبة، امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله.
بات المشهد بعد استشهاد المقاوم سمير القنطار، ان كبار جنرالات الحرب ومحللي الاحتلال ، يعتبرون ان الرد آت... وان الجيش الاسرائيلي يتعامل مع تهديدات امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله بالرد، بكثير من الجدية، وسط ترجيحات تحدثت عنها اوساط العدو ان يقوم «حزب الله» بالرد في مزارع شبعا المحتلة، انطلاقا من انه رد من مناطق لبنانية ما تزال تحت الاحتلال، وهو يقوم منذ مدة طويلة في توجيه ضربات فيها، وآخرها الرد الذي نفذه مقاتلو الحزب قبل عام، على عملية استهداف مجموعة من كوادره العسكرية، من بينهم الشهيد جهاد مغنية (نجل الشهيد القائد عماد مغنية).
وبرأي اوسط متابعة، فان سخونة الاوضاع التي خلفتها عملية استهداف القنطار، ارتفع منسوبها وبلغت حد الهلع والارباك على المؤسسات الامنية والعسكرية التي سارعت الى اتخاذ اجراءات لتلقي الرد، ومنها اجراءات احترازية في مناطق قريبة من الحدود مع لبنان، من خلال «تقنين» في حضور قواته العسكرية عند خط الحدود واقامة حواجز عسكرية لمنع وصول المستوطنين الى مناطق مكشوفة ومحاذية او قريبة من الحدود مع لبنان، واعتماد حال التأهب لدى الوحدات العسكرية للعدو، ووقف حركة تنقل الاليات العسكرية في المناطق المكشوفة للمناطق اللبنانية.
ـ «حزب الله طوّر قدراته اكثر منّا» ـ
في موازاة ذلك تقول الاوساط، ما تزال قيادة الاحتلال غارقة في فك «الشيفرة» التي حملها خطاب السيد حسن نصرالله، لفهم الرسالة جيدا، وهم على يقين بان الرد آت، ولكن ما شكله؟ وحجم استهدافه ؟ و«التوقيت المناسب» له، وتشير التحاليل الصادرة عن الخبراء العسكريين الاسرائيليين الى عدة سيناريوهات محتملة للرد، من ضربة يوجهها «حزب الله» الى هدف اسرائيلي على الحدود، او في مزارع شبعا، كما حصل في الرد على اغتيال مجموعة من الكوادر العسكرية لـ «حزب الله» من بينهم نجل الشهيد عماد مغنية في الجولان المحرر قبل عام، او الرد في الخارج عبر استهداف سفارة او قنصلية.
«حرب لبنان الثالثة» ستكون نتائجها اسوأ بكثير مقارنة بحرب تموز
وفي السياق، يتحدث الرئيس السابق لما يسمى «مجلس الامن القومي الاسرائيلي غيورا ايلاند لصحيفة «يديعوت احرونوت» الصهيونية عن المشهد الذي سيرسو عليه الكيان الاسرائيلي، في حال دخوله في حرب جديدة مع «حزب الله»، ويرى..أنّ تصفية (الشهيد) سمير القنطار واطلاق القذائف من لبنان في اليوم التالي، وخطاب التهديد الذي القاه الأمين العام لـ «حزب الله»، زادت التخوف من اندلاع مواجهة جديدة في الشمال.
ويستعيد يوميات «حرب لبنان الثانية» في تموز العام 2006، ويقول في هذه الحرب حاولنا الانتصار على «حزب الله» لوحده، فيما بقي لبنان وحكومته وجيشه وبناه التحتية «خارج اللعبة». اذا ادرنا حرب لبنان الثالثة هكذا فستكون النتائج اسوأ بكثير مقارنة بالحرب السابقة، الامور اليوم تطورت كثيرا عما كانت عليه عام 2006، وان المشكلة تتعلق بالمسار التكتيكي. لقد طور «حزب الله» قدراته اكثر منا، ولذلك فانه اذا وقعت مواجهة كهذه، واذا تواصلت لمدة 34 يوما (كحرب لبنان الثانية)، فإنّ الدمار في اسرائيل سيكون غير محتمل. ويرى ان المخرج لاسرائيل من اي ورطة لها في لبنان يكون بخوض الحرب المقبلة ضد دولة لبنان. بالإضافة الى اهداف «حزب الله»، وسيكون من الصائب مهاجمة الجيش اللبناني والبنى التحتية في لبنان، مثل المطارات والموانئ البحرية والمنشآت الاستراتيجية الاخرى. وبما انه لا يوجد في العالم أي جهة تريد دمار لبنان، وبما ان ذلك سيكون نتيجة حتمية لحرب شاملة بين اسرائيل ولبنان، ستتم ممارسة الضغط الدولي الكبير على الجانبين من اجل التوصل الى وقف لإطلاق النار بعد ثلاثة ايام وليس بعد 34 يوما. وهذا هو بالضبط ما تريده اسرائيل.
وتأتي هذه النظرة الصهيونية للصراع مع «حزب الله»، على الرغم من الحقيقة التي لا يستطيع الاسرائيليون التخفيف من وطأتها على الجمهور الاسرائيلي، هذا الجمهور ينام على تقرير عن تنامي قدرات «حزب الله» الصاروخية ويصحو على آخر، في خط تصاعدي للآلاف من الصواريخ المختلفة الاعيرة، التي تجعله تحت صليات الصواريخ، وفق تقدير وضعه قادة الاحتلال بلغ اكثر من الف صاروخ يوميا سيمطرون على اسرائيل، الى ضرب اسراب الطيران ووحدات التحكم والسيطرة الجوية، التي تشكل العمود الفقري لاي حرب.
ووفق ما تؤكده التقارير الصهيونية، أن مخزون «حزب الله» من الصواريخ يصل إلى أكثر من 130 ألف صاروخ، كما تتحدّث عن أن جزءاً من هذا التشكيل الواسع يشمل أيضًا صواريخ «سكود» الروسية القادرة على ضرب أي هدف في أنحاء فلسطين المحتلة، ويقول محرر الشؤون العسكرية في موقع «والاه» الصهيوني أمير بوحبوط إن المرحلة القادمة لتسلح «حزب الله» تشمل شراء صواريخ ذات مستوى دقة عالية، وإن قدرات من هذا النوع، تشكل تهديدا فعليا على الأسراب الحربية التابعة للجيش الإسرائيلي وعلى مسارات التحليق والهبوط من والى قواعد سلاح الجو المختلفة في فلسطين المحتلة.
ويؤكد المحللون الصهاينة ان الحرب المقبلة مع «حزب الله» ستشهد استخداماً مفرطاً لترسانة الحزب الصاروخية الدقيقة والبعيدة المدى، وسيستهدف فورا المطارات الحربية ومدارج الهبوط والاقلاع وضرب وحدات السيطرة والتحكم بالرقابة الجوية في هذه المطارات لاحداث شلل كامل في سلاح الجو، ما يفقد اسرائيل ميزة اساسية في حربها مع «حزب الله»، الامر الذي سيفرض على اسرائيل ان تحدث انقلابا في دور اسطولها الجوي الحربي، من خلال الاعتماد على طائرات حربية من طراز «اف 35» القادرة على الهبوط عموديا، وسوقت وسائل اعلام العدو لمفاوضات تجري مع الاميركيين في هذا الخصوص.كل ذلك، تُضاف اليه المخاوف الاسرائيلية من تعرض سلاح البحرية لاستهداف مباشر في الحرب المقبلة، ويقول تقرير صهيوني نشر مؤخرا، ان شبكة البارتريوت لن تجدي نفعاً أمام صواريخ أكثر دقة وتدميراً مثل صاروخ «ياخونت» الروسي الذي يؤكد جنرالات الاحتلال انه بات في حوزة مقاتلي «حزب الله».
فلسطين وسؤال الأولويات
د. ناجى صادق شراب – الخليج الاماراتية
هل ما زالت القضية الفلسطينية قضية أولوية عربية؟ وقضية شرعية دولية؟ والقضية الأساس لكافة القضايا التي تعاني منها المنطقة؟ أو كما يقال القضية المفتاح لحل القضايا الإقليمية والدولية؟
الإجابة عن هذه التساؤلات تتطلب التعرف بداية على ماهية القضية الفلسطينية. فالقضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع أو صراع بين طرفين، أو مجرد نزاع حدود، بل هي قضية ممتدة مركبة، مكوناتها وعناصرها تتجاوز حدود طرفي الصراع، بل تتجاوز الحدود الإقليمية، لتشمل الحدود الدولية، ولذلك ارتبطت القضية الفلسطينية منذ نشأتها بالتحولات الإقليمية والدولية.
وليس مستغرباً أن ترتبط بنشأة كل من النظام الإقليمي العربي والنظام الدولي ذاته، وبالتحولات في هيكلية القوة في كلا النظامين، وبالتطورات السياسية اللاحقة التي صاحبت كلا النظامين وصولاً للمرحلة الحالية التي جاءت كمخاض لثورة التحولات العربية.
هذا الارتباط هو الذي يفسر لنا التعقيدات المصاحبة للقضية، وعدم قدرة الأطراف المتحكمة في القرار الإقليمي والدولي على فرض تسوية عادلة ونهائية للقضية، وهو ما قد يذهب بعيداً في التحليل باستمرار الصراع قائماً طالما أن علاقات القوة غير متوازنة ومتكافئة بين القوة الإقليمية والقوة الدولية وطغيان الأخيرة على القرار الإقليمي.
ولعل ما تتفرد به هذه القضية أن «إسرائيل» وهي الطرف الرئيسي في هذا الصراع ترتبط بالقوى الدولية خصوصاً الولايات المتحدة التي تسخر قوتها العالمية في دعمها وحمايتها وضمان بقائها، والطرف الفلسطيني يرتبط ببعديه العربي والإسلامي. كما أن هذا الصراع يرتبط بالبعد الإيديولوجي الصهيوني الذي تمثله «إسرائيل» والذي يقوم على فكرة «إسرائيل» الكبرى، أي بما يتجاوز أرض فلسطين وصولاً إلى مصر والعراق، كذلك فإن فكرة القومية العربية التي تقوم على فكرة توحد العرب وفي القلب منها فلسطين، ما يجعل استحالة التلاقي بين فكرتين متعارضتين بالمطلق، فكرة تقوم على التوسع والاحتلال والعنصرية وفكرة تقوم على التوحد.
إذن نحن أمام قضية فريدة في مكوناتها ومحدداتها وبيئتها. وحلها مرهون بالتوافق بين القوى اٌلإقليمية والدولية، وهو أمر مستبعد في مرحلة التحول، وإعادة صياغة ورسم الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة؛ لأن مخرجات هذه الخريطة ستكون تصفية القضية الفلسطينية تحت أي شكل من أشكال التسوية التي تعمل لصالح استمرار «إسرائيل» عدوانية عنصرية ولذلك أولوية القضية الفلسطينية ارتبطت تاريخياً بهذه التحولات والتطورات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي. فتاريخياً احتلت القضية الفلسطينية مكانة محورية في الخطاب السياسي الرسمي للنظام العربي، وعلى المستوى الجمعي للشعوب العربية باعتبارها قضية العرب الأولى، وعلى اعتبار أن الخطر الذي تمثله الحركة الصهيونية يشكل خطراً على جميع الدول العربية، لأن مستقبل العديد من أنظمة الحكم العربية كان مرهوناً بالتمسك بالقضية الفلسطينية التي غطت على أي أولوية أخرى.
لقد كان المشروع القومي العربي يقوم على أساس أن القضية الفلسطينية تشكل دعامته الأولى والأساسية، لكن هذا المشروع تراجع وتراجعت معه أولوية القضية الفلسطينية، حيث بدأت تبرز التوجهات القطرية والجهوية والعشائرية، كما طال العجز الجامعة العربية كإطار إقليمي ناظم للعلاقات العربية والقضايا التي تهم الأمة، وبدأ الجدل حول مفهوم العدو المشترك، وهل «إسرائيل» ما زالت تشكل هذا العدو.
وفي السياق نفسه لا يمكن تجاهل الدور «الإسرائيلي» في العمل على تفريغ القضية الفلسطينية من موقعها المتقدم إقليمياً ودولياً مستفيدة من تداعيات ما يسمى «الربيع العربي» وتنامى دور الحركات الإرهابية المتطرفة.
هذا التراجع له تداعياته السلبية على مسار القضية الفلسطينية وما آلت إليه من محاولات التصفية والتقزيم والاختزال. ويبقى السؤال كيف يمكن للفلسطينيين أن يعيدوا قضية فلسطين إلى موقعها الأول؟


رد مع اقتباس