في هــــــــــــذا الملف:
من ملفات الرجوب في عمان
بقلم: ماهر ابو طير عن الدستور الأردنية
عيون وآذان («فيفا»: فريق يسرق فرقاً أخرى)
بقلم:جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
حكومة اليمين تهدّد 4 مواقع للمعارضة الإسرائيليّة!
بقلم:مرزوق الحلبي عن الحياة اللندنية
تصريحات ساذجة لتمرير «التطبيع »...
بقلم: خالد الزبيدي عن الدستور الأردنية
من ملفات الرجوب في عمان
بقلم: ماهر ابو طير عن الدستور الأردنية
لم ينس الأردن أن هناك أكثر من ستين دولة لم تصوت للأمير، حتى لا يقال إن التركيز فقط على الرجوب، وكأن التسعة والخمسين الباقين، غير مهمين.
المشكلة تكمن حصريا في أن الأردن قد يحتمل عدم تصويت تسعة وخمسين دولة لمرشحه، لكن صوت فلسطين تحديداً لايمكن احتمال غيابه، لأنها فلسطين، ولأن بينها وبين الأردن، مالا يقبل القسمة على اثنين، ولربما الأصل أن الصوت مضمون، مثلما يصوت الأردن دوما في المحافل الدولية لصالح فلسطين.
في الوقت ذاته ليس منطقيا أبداً أن يكشف الرجوب عن كل هذه (الهشاشة) في علاقات الأردنيين والفلسطينيين، وهو إن خان الأردن في قصة عدم تصويته للأمير علي، فقد خان فلسطين أيضا حين ألغى طلب طرد إسرائيل من الفيفا، وهذا يفسر أن الغضبة عليه اليوم، ممتدة ومتساوية في الأردن وفلسطين، فقد تسبب بأزمة وفتنة على ضفتي النهر.
غير أن كل هذا يجب ألا يأخذنا إلى الزاوية الحرجة، أي التراشقات الاقليمية، فلماذا يتم تحميل فعلة الرجوب على شعب بأكمله وهذا الشعب ذاته، عانى من الرجوب ومن اشباهه، في قضايا كثيرة؟!
وهل آلاف الرموز والمواقف المشتركة، يتم تناسيها اليوم من أجل حادثة الرجوب، الذي لا يعقل أن نسمح له بالتسبب بفتنة، في ظرف تنهار فيه كل الكيانات حولنا، فيما نحن نثبت أن الرجوب يدير المشهد داخل الأردن بكل هذا الغضب عليه، فقد تسيّد مشهدا فوق حجمه ومساحته، وكشف فينا بنيانا آيلا للسقوط؟!
الرجل له تاريخ سيء شخصياً مع الأردن، وقد كنا ذات مرة ضمن وفد نيابي برئاسة عبدالهادي المجالي رئيس مجلس النواب،العام 99، سافرنا الى القدس ورام الله وغزة والخليل ونابلس، والتقينا أيامها ياسر عرفات وفيصل الحسيني -رحمهما الله- وحنان عشراوي وغيرهم، وقد غادر الوفد النيابي، وبقي الوفد الإعلامي الأردني، ليوم اضافي في فلسطين، ويوم مغادرتنا وفي أريحا، أصر جبريل الرجوب على دعوة الوفد الإعلامي على الغداء، في موقع جميل وصلناه عبر التلفريك.
لم نفهم يومها سر الغداء، لكن أكثر من عشرة اشخاص يشهدون على الغداء، وهم أحياء في الاردن يذكرون أن الرجل أطلق النار يومها بعنف ضد عبدالكريم الكباريتي رئيس الحكومة، وضد سميح البطيخي الذي كان مديرا للمخابرات يومها، قائلا: إن الحملة الإعلامية في الأردن ضده تدار عبر صحفيين بالاسم – ذكرهم واحداً واحداً- بتعليمات سياسية، وانه شخصيا يعرف تفاصيل كثيرة.
المعروف هنا أن قرار منعه القديم اتخذه مدير المخابرات السابق مصطفى القيسي ، وبقي مستمرا في عهد البطيخي، لاعتبارات كثيرة، أقلها معاداته الأردن داخل الضفة الغربية، وملاحقته لعشرات الرموز الفلسطينية المحسوبة على الأردن داخل الضفة الغربية، وهذه من اسرار ملفات الرجوب في عمان، التي لا يعرفها كثيرون.
خلال الزيارة تعرضنا أيضا لإطلاق الرصاص في الخليل، والرجوب تعمد أيامها أن يرسل الوفد النيابي للخليل لزيارة الحرم الإبراهيمي يوم سبت، ولم يتنبه الوفد النيابي والإعلامي، الى ان الحرم يوم السبت يدخله اليهود فقط، وما أن وصلنا حتى تجمع حولنا عشرات المستوطنين، وضربوا سيارات الوفد بالأحذية والحجارة، وتم اطلاق النار اتجاهنا ، فغادرنا في وضع خطير وتحت الرماية الحية، وتبين لاحقا أن الرجوب تعمد التدخل في برنامج الوفد بحيث يضعه أمام الخطر وبحيث تكون الزيارة يوم سبت من أجل اشعال هكذا حادثة خطيرة، وتهديد حياة الوفد، لاعتبارات كثيرة.
مغزى الكلام أن للرجل مشكلته الشخصية مع الاردن، وما زلت أذكر جملته الشهيرة في غداء اريحا الذي رد فيه الإعلاميون على كلامه ضد الاردن، إذ قال: « هل تصدقون أن عرفات يحكم الضفة الغربية... أنا وحدي حاكم الضفة الغربية»، وبقيت عبارته تشي بالكثير، حول صراعات الحلقات المحيطة بعرفات!!.
سمعنا مئات القصص عن الرجوب، والكل يعرف ان اهل الضفة الغربية عانوا منه الأمرين، فأين المنطق الذي يسمح لنا بترميزه ممثلا للشعب الفلسطيني، وهو أساسا أوغل في دمهم، ولماذا يراد توظيف القصة سياسيا، من جانب بعضنا، حين يصير الرجوب هو كل القصة، وكأنه ليس بين الشعبين ماهو أعمق تاريخيا وجغرافيا، دما ونسبا وحياة، فيالها من هشاشة تقول لعدونا: هاهي مفاتيح تفتيت الداخل الأردني...كرة قدم داخلية، أو كرة قدم بمغزاها الدولي كما «الفيفا»، فالثنائية الكامنة، يمكن تشغيلها في لحظة للأسف الشديد.
الرجوب، لو صدق حتى بتصويته للأمير-وهذا مستحيل- فما كان مفهوما ان يقف مبتسما بشماتة ملوحا بالسيف العربي المهدى لبلاتر، وهي تلويحة لا يمكن أن تصدر عمن صوت فعليا للأمير، ثم ان الأهم اللوم على من استثمر فيه سياسيا في عمان، وفتح له الابواب والبيوت سابقا، برغم انهم يعرفونه جيدا؟!.
المشكلة ان حادثة الرجوب جاءت بعد ايام من حادثة الاقصى، وهذا يقول بصراحة ان هناك من يلعب سراً في الحديقة الخلفية في علاقات الاردنيين والفلسطينيين، وهذا هو الواجب التنبه له، في ظل خراب المنطقة، وفي ظل سلامة الاردن من الخراب، وحقد كثيرين، جراء عدم قدرتهم على الحاقه بالكيانات الذبيحة جراء الثنائيات التي يتم توظيفها بكبسة زر، دينيا او مذهبيا او عرقيا.
لقد اثبت بعضنا -للسف- قدرة هائلة على التورط بحسن نية او سوء نية في هكذا منزلقات واشعال الثنائيات على خلفيات الملاعب او الاصول والمنابت، وهذا يستدعي استرداد العقل في حوارنا وتعبيراتنا، وعلى ميمنة وميسرة قصة الرجوب، تكشفت قضايا كثيرة، مثيرة للغثيان، فمن اين جئنا بكل هذه الارضية، لهذه التراشقات، في اتجاهات تم بناؤها بذريعة قصة الرجوب، الذي يمثل نفسه في نهاية المطاف؟!.
تصرفه سيء ومرفوض ومدان، والأسوأ منه، توظيف القصة لإشعال حرائق جانبية.
عيون وآذان («فيفا»: فريق يسرق فرقاً أخرى)
بقلم:جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
اسم الاتحاد العالمي لكرة القدم (فيفا) مشتق من الحروف الأولى للاتحاد باللغة الفرنسية، إلا أنني أراه بعد فضيحة الفساد الهائلة التي زعزعت أسس كرة القدم حول العالم يعني «فريق يسرق فرقاً أخرى».
الفساد في فيفا من حجم الفساد الذي مارسته الحكومة العراقية التي نصَّبها الاحتلال الأميركي في العراق. وفي حين أن أرقام الفساد العراقي بالبلايين والفساد الكروي بالملايين، فإن عدد الفاسدين واحد، يعني جميع هؤلاء وأولئك.
كنت أتمنى أن يفوز الأمير علي بن الحسين برئاسة فيفا ليقودها إلى بر السلامة، إلا أن بعضاً من وفودنا أيَّد سيب بلاتر، فنحن أمة إما راشية أو مرتشية، وبلاتر استمال عدداً كافياً من دول العالم الثالث ليفوز بالرئاسة مرة خامسة، فإذا بقي فيها فهو سيترك كرة القدم العالمية وعمره 83 عاماً. اليوم لم تبقَ صفة إلا وأُلصِقَت بالرجل، وقرأت أنه قصير سمين أصلع، وأنه زئبقي مراوغ ينكر الحقيقة حتى لو صفعته في وجهه. وكان هناك الذي لفت أنظارنا إلى صديقته ليندا باراس فهو يكبرها بحوالى 30 عاماً، ويبدو أن العشيقات الصغيرات إحدى هواياته خارج نطاق الكرة.
أنصار الأمير علي تميّزوا بما نسمّيه «النوعية» فقد مثّلوا دول كرة القدم الأولى في أوروبا وأميركا اللاتينية، وفي حين أن الرئيس فلاديمير بوتين انتصر لبلاتر، رداً على التحقيق الأميركي في فساد فيفا، فإن بريطانيا والولايات المتحدة أيّدتا الأمير علي الذي انسحب من الدورة الثانية للتصويت.
يوم الأربعاء الماضي اعتقِل سبعة من أركان فيفا كانوا في فندق في زيوريخ تمهيداً لانتخاب رئيس الاتحاد لولاية جديدة. والمحققون الأميركيون اتهموا 17 مسؤولاً كروياً بالفساد، ثم قالوا أن التهم ستشمل آخرين.
ما سبق يعني أنني لا أستطيع أن أورد أسماء جميع المتهمين الحاليين واللاحقين، ولكن أختار مثلاً جاك وورنر، نائب رئيس فيفا الذي استقال سنة 2011 بعد اتهامه بالفساد وهو موضع شبهة وتحقيق الآن، وشريكه السابق تشك بليزر أو «المستر 10 في المئة» في تجارة كرة القدم.
كان بليزر رئيس اتحاد كرة القدم في وسط أميركا وشمالها، وهو اتهم بالفساد أيضاً فتعاون مع المحققين، ويقال أنه حمل معه إلى اجتماع مع أركان فيفا في زيوريخ آلة تسجيل بحجم مفتاح صغير ليسمع المحققون عن الصفقات المتبادلة.
هناك كثيرون يعتقدون أن بلاتر لن يستطيع إكمال ولايته الخامسة فتهم الفساد لا بدّ من أن تصل إليه. لا أعرف ماذا يخبئ المستقبل، ولكن أعرف أن بلاتر يتقاضى مرتباً سنوياً يبلغ حوالى 2.5 مليون دولار، مع «علاوة ولاء»، وإن دخل فيفا في السنوات الأربع حتى كأس العالم في البرازيل السنة الماضية بلغ 5.72 بليون دولار، دفعت ضرائب عنها بلغت 75.3 مليون دولار فقط. وكانت حصة فيفا من إعلانات كأس العالم في البرازيل 2.43 بليون دولار.
ماذا ستكون أرقام المستقبل؟ كأس العالم سنة 2018 في روسيا، وسنة 2022 في قطر. وسيتم سنة 2017 التصويت على البلد الذي سيستضيف كأس 2026، وبين الدول المتنافسة الولايات المتحدة.
فيفا تضم 209 أعضاء، ونتيجة التصويت الأخير على الرئاسة تثبت أن سيب بلاتر ضمِن ولاء غالبية من آسيا وأفريقيا والبحر الكاريبي، من طريق تبرع الرئاسة بالمال لدعم كرة القدم في البلدان الفقيرة. ثم إن الولايات المتحدة تستفز غالبية من دول العالم، وأرى أن التحقيق الأميركي في الفساد ساعد بلاتر على الفوز لا حباً به وإنما كرهاً للغطرسة الأميركية.
والنتيجة أن الفلسطينيين خسروا أيضاً، فالفساد في فيفا طغى على كل أمر آخر، واتحاد الكرة الفلسطيني أيَّد بلاتر فلا أغفر له ذلك، ثم سحب طلبه تعليق عضوية إسرائيل بعد أن وعدت حكومة الاحتلال بإلغاء إجراءات من نوع تعطيل سفر الفريق الفلسطيني أو مباريات التدريب أو المشاركة الخارجية. حكومة الاحتلال وعدت إلا أنني أرجح أن تعمل «بأصلها» الوضيع وتتراجع غداً عن وعودها اليوم.
حكومة اليمين تهدّد 4 مواقع للمعارضة الإسرائيليّة!
بقلم:مرزوق الحلبي عن الحياة اللندنية
ما أن اكتملت تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، حتى بانت وجهتها. فهي التي لم تستطع إخضاع مواقع المعارضة المتبقّية والعاقدة العزم، وفق تصريحات رموزها، على فعل ذلك في دورتها الحالية.
كنا أشرنا إلى أن نتائج الانتخابات الأخيرة في إسرائيل لم تأتِ بجديد يُذكر، وأن التحالفات بين قوى اليمين الاستيطاني وجزء من الطبقات الوسطى والمستضعفين من شرقيين و «حريديم» متزمّتين، على حالها. بل إن أقطاب اليمين، بخاصة في حزبي «ليكود» بقيادة نتانياهو و «البيت اليهودي» بقيادة نفتالي بنيت، اعتبروا أن نتائج الانتخابات إنما هي تزكية للخط السياسي الذي اعتمدوه، والقائل في شكل عام بتهويد الدولة والحيز من البحر إلى النهر، وإخضاع السياسة لمعايير يهودية شوفينية وعنــصرية. وهو خط الائتلاف الحالي، ليس قُبالة الفلسطينيين فحسـب، بل قُبـالة القوى اليهودية التي لا تزال ملتـزمة بمبـادئ ديموقـراطيـة نـسبـيـة وتـجاه الأقـــلية الـفـلسطينيـة في داخل إسرائيل.
فرئيس الحكومة نتانياهو، يحتفظ لنفسه بحقيبة الإعلام رغبة منه في إحكام قبضته على وسائل الإعلام، وفرض أجندته على غرف تحريرها، والمبادرة إلى تشريعات في هذا الشأن، بخاصة أن الدولة هي المانحة والمانعة لتصاريح إطلاق قنوات فضائية أو مؤسسات إعلامية. وقد أعلن أخيراً عن نيّته تعديل قانون القذف والتشهير لجهة تقييد حرية التعبير الإعلامية، وتقليص هامش النقد الإعلامي للحكومة وأدائها. جاء هذا بعد أن أبدت وسائل إعلامية وأوساط صحافية، «مقاومة» شديدة لحكومته وسياساته في السنوات الأخيرة.
وليس الإعلام وحده على أجندة اليمين الإسرائيلي، بل جهاز القضاء برمّته. وهنا لا تعدم الحكومة مقترحات ومبادرات، هدفها إخضاع هذا الجهاز بالكامل لسيطرة السلطة التنفيذية، من خلال تحكّم وزارة القضاء بتعيين القُضاة، لا سيما في المحكمة العليا الإسرائيلية. ومن مقترحات الحكومة الساعية إلى كسر استقلالية جهاز القضاء النسبية، مبادرات تشريعية تنصّ على إلغاء صلاحية المحكمة العليا وقوانين يشرّعها البرلمان وتعتبرها غير دستورية. وهذا يعني نسف صلاحية الجهاز القضائي في نقد السلطة التشريعية - البرلمان. وهو عُرف قضائي متجذّر في إسرائيل. ولا تشفع للمحكمة العليا سلسلة قرارات اتخذتها أخيراً، تساير الحكومة اليمينية وتنهل من توجهات قومجية يهودية، مثل شرعنة كل السياسات الاستيطانية، واقتلاع قرية فلسطينية في داخل إسرائيل لصالح بناء مستوطنة يهودية في صحراء النقب.
أما الموقع الثالث الذي يتعرّض لانقضاض رموز اليمين الإسرائيلي، فهو مؤسسات المجتمع المدني التي اهتمت عبر عقود، بتكريس خطاب حقوق الإنسان والمواطن والأقليات، وإشاعة الخطاب الحقوقي المقارن الوافد من دول دستورية مثل الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي. ومعها مؤسسات تُعنى بالمرافعة ونقد أداء الدوائر الحكومية والحدّ من أضرارها تجاه فئات مستضعفة. هنا، تفتّقت قريحة اليمين الإسرائيلي عن سلسلة مقترحات تصبّ غالبيتها في معاقبة هذه المؤسسات على مواقفها، بتحريم دعوتها مثلاً الى مقاطعة المستوطنات أو منع تمويلها الخارجي بفرض ضريبة على كل دولار يصلها بحجم 45 في المئة!
وتطاول سياسات التضييق والقضاء على المعارضة الداخلية، الأكاديميا الإسرائيلية التي تتعرّض هي أيضاً منذ سنوات، لمضايقات عدة لجهة كمّ أفواه المحاضرين وكل نشاط نقدي أو يستأنف على الرواية الحكومية. ويندرج في هذا الإطار، إعلان النوايا الذي أطلقته وزيرة الثقافة الجديدة ميري ريغب، وهي من غُلاة اليمين وصقور الليكود، ومفاده أنها لن تتردد في حرمان مؤسسات ثقافية يهودية من التمويل الحكومي إذا ما «تورّطت» في تسويد سمعة إسرائيل. وهو تلميح عريض إلى أنها ستغيّر من سياسات التمويل بحيث تضرب مواقع الثقافة اليسارية الناقدة في إسرائيل.
لا أعرف إلى أي حدّ ستفلح الحكومة الإسرائيلية في توجّهها هذا، لكنها تشعر بالقوة للإعلان صراحةً عمّا تحمله من نزعة تهويدية للسياسة والحيز والخطاب والوقائع على الأرض. نتوقّع أنها ستنجح في جزء من مشروعها على الأقلّ، لأن المجتمع اليهودي شهد في العقود الخيرة، تحولات جذرية تتمثل في انزياحه نحو اليمين بعد إدراكه استحقاقات التسوية وعملية السلام، منذ اغتيال اسحاق رابين، وفي انضوائه تحت راية الهوية اليهودية للدولة على حساب ديموقراطيتها النسبية. قد يتفاوت نجاحها من حقل الى حقل، لكنها تبدو مصممة على حسم الصراع الداخلي في إسرائيل مع أوساط ديموقراطية نسبياً أو أخرى قائلة باستحالة السيادة من البحر إلى النهر من دون أن ينقلب السحر على الساحر.
أما الغطاء لهذه النزعة، فسيكون من خلال تقدمات مالية للقطاعات السكانية المختلفة، بمن فيها الفلسطينيــون في إسرائــيــل. وهو أمــر يتأتى من سقـف استـراتـيـجـي للحكومـة وقـوى اليميـن، يفترض أن إدارة الصراع والدولة تستدعي تحسين مستوى المعيشة، وإحداث تنمية اقتصادية من البحر إلى النهر يشمل الفلسطينيين.
تصريحات ساذجة لتمرير «التطبيع »...
بقلم: خالد الزبيدي عن الدستور الأردنية
تصريح الناطق الاعلامي لوزارة الزراعة بأن الكميات الكبرى من الجزر الموجودة في الاسواق المحلية يستوردها القطاع الخاص من فلسطين وهناك كميات بسيطة جدا تستورد من اسرائيل، واوضح انه تم استيراد حوالي 30 طن جزر من فلسطين واقل من 10 اطنان من اسرائيل، ولم ينس الناطق ان المنتج المستورد مطابق للمواصفات وخال من الامراض.
هذا التصريح يعيد الى الاذهان تصريحات مشابهة تحاول اقناع الاردنيين ان التطبيع مع اسرائيل في اضيق حدوده، ومن تلك التصريحات حول التعاقدات لشراء الغاز الاسرائيلي، إذ يؤكدون ان الغاز المزمع استيراده ليس اسرائيليا وانما من غاز شرق المتوسط تورده شركة امريكية، ثم يبدلون الرواية ويؤكدون انه غاز فلسطيني المنشأ قبالة شاطئ قطاع غزة، ثم يبدلون الرواية مرة اخرى ويؤكدون ان الغاز سيتم استيراده من شل العالمية ...وهكذا، وببساطة نجزم ان الشعب الاردني لا يمكن تمرير هكذا روايات ساذجة وصولا الى الجزر الفلسطيني و/ او الاسرائيلي.
الافصاح مطلوب في المعاملات التجارية وهو حق طبيعي من حقوق المستهلكين، فإذا كانت اتفاقية وادي عربة وملحقاتها تتيح للتجار الاستيراد من العدو الاسرائيلي، فمن حق المواطنين استهلاك سلع اسرائيلية المنشأ او العزوف عنها، وهنا المرفوض شكلا ومضمونا هو التسويف وسياسات خلط الحابل بالنابل، وطرح سلع غير معروف مصدرها، والاسوأ من ذلك اطلاق تصريحات مشوشة، لذلك يعرف المستهلك تماما مصدر سلع بعينها وخلال مواسم منها الجزر والبطاطا والكاكا والافوكادو، وهناك قوائم من السلع يمكن استيرادها من اسرائيل معظمها مدخلات لصناعات غذائية.
اشتداد وتيرة مقاطعة السلع الاسرائيلية مرده السياسات العدوانية للسلطات الصهيونية تجاه الاردن، والاعتداءات اليومية على المقدسات الاسلامية، والتنكر لاتفاقيات السلام، والتهديد المستمر للاردن، ومع ذلك نجد من يحاول دعم الاقتصاد الاسرائيلي باستيراد سلع مختلفة بحجة ان الاتفاقيات تتيح لنا استيرادها، علما بان السلام عملية متكاملة لا ينظر اليها في جوانب ضيقة قد يستفيد منها البعض او قطاع ما بينما نجد التهديد الاسرائيلي يطال الوطن والمواطنين.
التطبيع مع العدو الصهيوني يتبع السلام ولا يسبقه، ومن يدير الظهر للحقوق الاردنية والعربية والفلسطينية يجب بيقظة ان ندير ظهرنا اليه، فالخيارات التجارية متاحة امامنا، فالعالم اصبح قرية كونية صغيرة، وان بدائل المنتجات والسلع الاسرائيلية كثيرة، والاهم من ذلك اننا عشنا عقودا وسنوات طويلة بكرامة وعزة بدون سلع اسرائيلية من جزر ومانجا وكاكا وغيرها، وازدانت بيوتنا وشوارعنا ليلا بدون الغاز الاسرائيلي...مرة اخرى الافصاح حق للعامة وهذا ابسط الحقوق بمعزل عن التهويم المر الذي يمارسه البعض بين الحين والاخر.


رد مع اقتباس