اعتبروا يا أولي الأبصار
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
نشرت صحيفة (معاريف) العبرية أمس, نتائج استطلاع للرأي, تضمن عددًا من الأسئلة التي تتعلق بالانتفاضة الأخيرة والأمن الشخص للأفراد، وقد جاءت النتائج على النحو الآتي:
1- (66%)يؤيدون الانسحاب من شرقي القدس.
2- (67%) غير راضين عن أداء نتنياهو مع الانتفاضة.
3- (65%) لا يشعرون بالأمن وهم يتجولون داخل المستوطنات و(المدن اليهودية).
4-- (92%) (لا يشعرون بالأمن وهم يتجولون داخل المدن فلسطين المحتلة عام 48, (٨٠٪) لا يشعرون بالأمن في المدن المختلطة.
5- (58%) (يؤيدون ترحيل الفلسطينيين عن ديارهم).
إنك إذا تأملت هذا الاستطلاع تأملًا علميًا موضوعيًا، تجده يعمل بعكس عمل حكومة نتنياهو. الاستطلاع تؤيد فيه الأغلبية ترك شرقي القدس، وإنهاء احتلال المدينة وضمها، وهذه نتيجة تخالف الموقف الجذري للأحزاب التي أيدت ضم القدس.
أغلبية مرتفعة بنسبة ٦٦٪ تطالب حكومة تل أبيب بالانسحاب من القدس, وهذه نسبة مهمة في دولة تتأثر برأي سكانها اليهود. هذه النسبة المرتفعة هي نتاج مباشر لتفجر الانتفاضة بيد أبناء القدس ثم الضفة. وهي تعبر عن إدراك يهودي أن الأقصى لغم مدمر لا ينبغي الدوس عليه أو الاقتراب منه.
لقد قامت دولة الاحتلال على قاعد توفير الملاذ الآمن لليهود في العالم. لقد نجحت قيادات اليهود والصهاينة في إقامة دولة عسكرية، تعرف في المصطلح بـ(دولة القلعة)، وتمكنت من هزيمة الدول العربية في حروب خاطفة في عام ١٩٦٧، ١٩٧٣م، ولكنها فشلت حتى تاريخه من توفير حالة أمن كامل للأفراد.
لقد أكدّ أكثر من متحدث يهودي علنًا أنه يفتقر إلى الأمن الشخصي، وأنه يخشى من المستقبل. لذا فهم لا يتجولون في المدن المختلطة كحيفا وعكا والقدس بنسبة ٨٠٪، ولا يتجولون بأمن في المدن اليهودية التي لا يعيش فيها معهم فلسطينيون بنسبة ٦٥٪، بينما لا يشعرون بالأمن في التجول في المدن الفلسطينية المحتلة عام 48 كالخليل أو أم الفحم, بنسبة ٩٢٪. وهذه في مجملها نسب عالية، وكأنها تقرر أن المخرج من التداعيات المؤلمة للانتفاضة يكون بإنهاء الاحتلال للقدس والضفة الغربية.
إنك إذا وازنت بين نتائج الانتفاضة وتداعياتها ومدى خدمتها للحقوق والمصالح الفلسطينية، موازنة مع نتائج وتداعيات المفاوضات، وخدمتها للحقوق الفلسطينية، لوجدت أن ما تحققه الانتفاضة في أسابيع معدودة لم تحققه المفاوضات المباشرة برعاية أمريكية في سنين. وهنا يجدر بحركة فتح على وجه الخصوص، ورئيس السلطة أيضًا، أن يعتبروا بهذه الاستطلاعات التي تقوم عليها صحف عبرية.
وتجدر الاستفادة منها في توجيه القرار الفلسطيني، وأنشطة الانتفاضة الفلسطينية. إن حالة الهوس والهستيريا التي تعبر عن نفسها بشكل فاضح من خلال الإعدامات الميدانية التي يقوم بها جيش وشرطة الاحتلال خارج القانون تؤكد مصداقية الاستطلاع آنف الذكر.
وهذا يزيد من حاجتنا كفلسطينيين إلى مراجعة وتغيير سياسة المفاوضات، وسياسة قمع المتظاهرين، وسياسة التنسيق الأمني مع العدو، وإعطاء الشعب الحرية لدفاع عن حقوقه ومصالحه بالطريقة التي تناسبه.
شمولية الطعن
بقلم حسام كنفاني عن المركز الفلسطيني للاعلام
خرج الشارع الفلسطيني عن صمته، وتحديداً في الضفة الغربية والقدس المحتلة. انتفض أو هبّ أو ثار، ليست التسميات المهمة هنا، قدر ما هي الحالة التي قام بها الشارع تعبيراً عن كفره بالخيارات الموازية، ونفاد صبره تجاه الممارسات الإسرائيلية المتواصلة والمتزايدة.
حمل ما تيسّر له من وسائل هجوم ودفاع عن النفس، وتوجه إلى عدوه شاهراً سكيناً ومقلاعاً ليعلن أنه لا يزال على قيد الصراع مع محتله. طعن ورمى حجارة، وألقى قنابل مولوتوف في وجه العالم، ليعيد توجيه الأنظار إلى جرح مفتوح على النزف البطيء منذ عشرات السنين.
الطعن المباشر اليوم هو في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وجنوده ومستوطنيه، باعتبارهم الفاعل الأساس والعدو الملموس على الأرض الفلسطينية المحتلة. فاعل لم يترك وسيلة تنكيل إلا واستخدمها لسلب الأرض من أصحابها، وتقتيلهم وتشريدهم.
استيطان وتهويد وإغلاق أي أفق للحل السلمي وانتهاك للمقدسات، استفزازات متواصلة كان لا بد أن تنفجر يوماً، ولا بد أن الإسرائيلي كان في قرارة نفسه متوقعاً مثل هذا الانفجار، غير أنه كان معولاً على عناصر أخرى تؤخر غضب الشعب أو تكبته.
كثيرة هي هذه العناصر، لا يمكن إحصاؤها في مساحة قصيرة. لذا، يمكن الاكتفاء بالحديث عن أبرزها وأهمها؛ والتي تستحق أن تأخذ نصيبها من المواجهة، ولتكن الهبّة أشمل وأعم وأجدى. كثيرون هم في الداخل والخارج، قريبون وبعيدون، لهم مساهماتهم، المباشرة وغير المباشرة، بما آلت إليه الأوضاع الفلسطينية وخروج القضية من دائرة الأولوية العربية، وفي الاطمئنان الإسرائيلي إلى عدم خروج الأمور عن مسارها.
ربما الأقرب هو الفصائل الفلسطينية نفسها، وفي مقدمتها حركتا فتح وحماس، بعدما ساهم اختلافهما واقتتالهما، بغض النظر عن الأسباب والمسببين ومن البادئ ومع من الحق، في طعن القضية الفلسطينية في مقتل.
ثماني سنوات على الانقسام السياسي، والذي قسّم الأرض وناسها، دفعت بالفلسطينيين إلى الدرك الأسفل من الاهتمام العربي، حتى قبل دخول الدول العربية في ثوراتها وما تلاها من أزمات. حتى بالنسبة إلى الفلسطينيين أنفسهم، لم تعد قضية الأرض هي الأساس. دخلت معطيات أخرى، خاصة بالحكم والسلطة إلى قاموس "النضال"، وتبدلت الأولويات، خصوصاً مع فشل كل محاولات رأب الصدع.
اليوم هذه الهبة الفلسطينية الشاملة لا بد أن تكون طعنة في خاصرة هذا الانقسام، وثورة عليه أيضاً بعد كل الأضرار التي ألحقها بالقضية.
عنصر آخر لا يمكن إغفاله، هو الأجواء التي خلقتها السلطة الفلسطينية في سنواتها الأخيرة وخياراتها الثابتة غير المتبدلة، والتي جعلت الفلسطينيين أسرى العملية السلمية، بإخفاقاتها وعثراتها وطريقها المسدود، وخصوصاً مع خروج المسؤولين في المواسم بمشاريع سياسية تعمل على بيع الوهم، وتساهم في التنويم المغناطيسي للشارع، على اعتبار أن الحل آت لا محالة.
الخروج الشعبي الأخير هو طعنة مستحقة لمثل هذه المشاريع والخيارات السياسية العدمية. طعنة لا بد أن تكون في مقتل حتى لا يعود الفلسطينيون إلى الدوامة نفسها مجدداً؛ وهو ما تعمل عليه السلطة اليوم، بالتعاون مع الولايات المتحدة وبعض الدول العربية.
هنا قد تكون الطعنة الثالثة، أي الدول الغربية والعربية، التي كان لها أيضاً دور في تطمين إسرائيل عبر إدخال الفلسطينيين في حالة من الشد والجذب الاقتصادي، وتقطير المساعدات وقطعها في بعض الأحيان، ما جعل المواطنين أسرى الفتات المعيشي المشروط بـ "الطاعة والمسالمة"؛ وهو ما لا تخفيه الولايات المتحدة خصوصاً، وتسره إلى حلفائها لمنع الدعم عن الفلسطينيين، وتشديد الخناق عليهم في الضفة وقطاع غزة.
ما يحدث اليوم في الأراضي المحتلة هو طعنة أيضاً لهذه الاستراتيجية، والتي ربما أفلحت فترة من الوقت.
ليست الهبّة الفلسطينية مجرد طعن للاحتلال ومستوطنيه، بل لكل ما ومن ساهم في جعل القضية الفلسطينية مجرد عنوان بلا مضمون.
كيف نُديم انتفاضة القدس؟
بقلم عصام عدوان عن فلسطين الان
يضع الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده يده على قلبه متخوفاً من إجهاض الانتفاضة التي انتظرها طويلاً، ويبني عليها آمالاً عريضة في توحيد الشعب الفلسطيني وتحقيق الأهداف الوطنية العليا.
حتى اللحظة لا يمكن القول: إن الانتفاضة من فعل أو تدبير فصيل بعينه، وهكذا تكون الانتفاضات الحقيقية، لكن الخطورة أن تستمر الانتفاضة دون قيادة توجهها وتحدد أهدافها وتقدم لها كل الرعاية والاحتضان.
بمقدورنا إطالة عمر الانتفاضة وتجذيرها وتقويتها واستثمارها وطنيّاً، إذا حققنا الخطوات التالية:
1- تكوين قيادة عامة للانتفاضة تشرف عليها وتلبي لها احتياجاتها، وتؤسِّس لها فروعاً في كل مدينة وقرية، وليس بالضرورة _ولكن الأفضل_ أن تضم هذه القيادة فصائل العمل الوطني كافة، بل يمكن لبضع فصائل أن تتفق معًا على تأسيسها وتنطلق، فهذا كفيل باستمرار الانتفاضة، إذ أصبح لها رأس يدبِّر لها، وأبٌ يحنو عليها.
2- تعبئة الشعب الفلسطيني دينيّاً ووطنيّاً، إلى الدرجة التي تضمن استمرار الروح النضالية العالية، مع أعلى درجات التضحية والفداء والتكافل والتراحم والسخاء لتحقيق أهدافنا العليا، وهذا دور العلماء والمربين والمدرسين والأكاديميين والمثقفين.
3- تأسيس صندوق وطني لدعم الانتفاضة تشرف عليه القيادة العامة لها، ويجمع الصندوق رأسماله من حسومات مئوية على رواتب أبناء كل تنظيم مندرج في القيادة، ثم من تبرعات أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ويجب عدم الاعتماد على تمويل خارجي غير مأمون الأهداف حتى لا يؤثر مستقبلاً على أهداف ومسارات الانتفاضة.
4- على قيادة الانتفاضة أن تحتضن كل أعمال الانتفاضة؛ فتتكفل بعلاج الجرحى، مهما كلف علاجهم من ثمن، وتمنح مخصصات عالية ومجزية لأسرة كل شهيد، ولو كان أعزب، وتوفر محامياً لكل أسير وتضعه على قوائم المطلوب الإفراج عنهم في أقرب صفقة تبادل أسرى، وتدفع عنه الغرامات التي يفرضها عليه الاحتلال، وتقدِّم تعويضات مجزية لكل منزل يهدمه الاحتلال عقوبة لأهله، وتعويض كل ضرر يصيب الناشطين في الانتفاضة.
إن هذه الكفالة الشاملة والاحتضان التام من أعلى درجات الجهاد، وذلك كفيل باستمرار الانتفاضة، ويجب التعامل مع كل المتضررين دون أي تمييز فصائلي أو ديني.
5- تحييد قوى الأجهزة الأمنية في الضفة وعدم خلق صراعات معها، على الأقل في هذه المرحلة، إلا في حالة إقدامها على اعتقال ناشطي الانتفاضة بطريقة مباشرة، وفي الوقت نفسه استثارة بقايا النزعات الوطنية لدى عناصر هذه الأجهزة على الأقل من أجل الامتناع عن القيام بأي فعل يمس بناشطي الانتفاضة.
6- وقبل كل شيء وبعده لابد من إصلاح علاقتنا بالله، والاستغفار من ذنوبنا التي تصيبنا في مقتل، والبعد عن الكبر والعُجْب والرياء، وعن الشحناء والغيبة وسوء الظن؛ لأننا نستمطر نصر الله بالتقرُّب منه والبُعد عن معصيته، إننا إن فعلنا ذلك أحسنا علاقتنا بالله وبأبناء شعبنا وسمت أخلاقنا وتعالت عن وضاعة هذه الدنيا، وحيزت لنا أسباب النصر، قال الله (تعالى): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد 7).
«إسرائيل» مرعوبة من انتفاضة ثالثة..لا يبرر مخاوف دول عربية
بقلم محمد علاونة عن فلسطين الان
يمكن استيعاب وقع اندلاع انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة على «إسرائيل» التي بدت مرتبكة وتبحث عن حلول للتهدئة تارة، وتصعد ضد الفلسطينيين تارة أخرى، لكن لا يمكن تفسير مخاوف دول عربية دعمت القضية الفلسطينية على الدوام من تلك المواجهات اليومية بين سلطات الاحتلال والفلسطينيين، ومحاولة قد تبدو يائسة في احتواء الوضع عبر رسائل إلى المجتمع الدولي ومن خلال عقد اجتماعات على المستوى الفلسطيني والإسرائيلي، وبمباركة أمريكية في إطار أردني.
هنالك أكثر من تفسير في سياق التحليل لتلك المخاوف الإسرائيلية والعربية رغم اختلاف المداخل رغم أن المخرج واحد، وهو تجنب حالة عدم استقرار يمكن أن تفضي إلى مواجهات، وبالنسبة للحالة الإسرائيلية هو فعليا مرصود في الأراضي الفلسطينية، إذ فرضت قوات الاحتلال أطواقا امنية في القدس والضفة، وفيما بعد يستشهد فلسطينيون خلال المواجهات أو في عمليات فردية، في المقابل تتكبد «إسرائيل» خسائر فادحة ستكون بشائرها الأولى في قطاع السياحة.
ذلك القطاع سيكون من بين عشرات المنعطفات الاقتصادية، بعد خسائر أكثر أهمية في سياسة بنيامين نتياهو الذي يواجه ضغوطا غير مسبوقة سواء من قبل المتطرفين، أم من الذين يدعون الاعتدال، فهو في موقف لا يحسد عليه ويمكن لحكومته أن تسقط في أي لحظة، فلم يكن ما عبر عنه غالبية الإسرائيليين الذين شملهم استطلاع مركز جوتمان لبحوث الرأي العام والسياسات، أمورا إيجابية لنتنياهو، كون الغالبية اعتقدت بأن حكومة الرجل فشلت في إدارة الأزمة الأمنية الحالية، أكدت على وجود أزمة ثقة حادة بين الإسرائيليين وحكومتهم، وظهور نزعة تحملها المسؤولية عن ضرورة الالتزام بحل الدولتين.
غير ذلك، ببساطة يمكن مراجعة سياسات دولة الاحتلال، قتل بدم بارد، إعدامات في الميدان، وممارسات أخرى قالت دول عربية بانها لا تحتمل وفوق العادة، عكس ذلك تماما تدعي مصادر أمنية وسياسية صهيونية إن كلا من مصر والأردن تمارسان ضغوطا مكثفة على الرئيس محمود عباس للتصدي لاستمرار «انتفاضة القدس».
ووفق المعلّق العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أليكس فيشمان فإن المصادر «الإسرائيلية» ذكرت أن القاهرة وعمان تضغطان لتهدئة الأوضاع في القدس المحتلة وعدم السماح للأحداث بالانتقال إلى الضفّة الغربية.
بيانات الصحيفة تتزامن مع أنباء قدمتها القناة الإسرائيلية العاشرة، كشفت عن فحوى مبادرة أمريكية تهدف لعقد قمة ثلاثية بين عباس ونتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الأردن، بعد أن طلب المسؤول الأمريكي من المسؤولين الأردنيين عقد ذلك اللقاء قبل أن تعرب عمّان عن موافقتها على عقد القمة، وفقا للقناة.
إذا يحاول الأردن في مساحة ضيقة لا تتجاوز طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن مناقشة الوضع في القدس المحتلة، وعموم الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أنه عضو غير دائم ومحاولة احتواء لقاء آخر يجمع عباس ونتنياهو وكيري في عمّان، لكن السؤال عن تزامن قبضة امنية بهذا الشأن، فقد قامت السلطات باعتقال ناشطين شاركوا بمسيرات لدعم الأقصى ومنهم من قاد اتحادات طلبة لجامعات أردنية وآخرين غير مؤطرين ومنهم من ينتمي لأحزاب على اختلاف أنواعها.
ما الذي يعنيه مخاوف دول عربية من اندلاع انتفاضة يمكن أن تفضي لحل شامل لقضية شغلت العالم لعشرات السنين، وهل هي تخاف من حل نهائي يصب في صالح الفلسطينيين من أهم دعائمه تلك الهبة الشعبية التي يمكن أن تضع الاحتلال أمام خيارات محدودة أهمها منح هؤلاء ما يستحقون.
رد الفعل الرسمي الأردني وحتى المصري يثير الشكوك لدى ساسة وناشطين، فمثلا تسعى القاهرة وحتى دول عربية أخرى لا ترغب بمشاهدة تصعيد شعبي يتجدد بعد ربيع عربي انطلق من تونس قبل نحو خمس سنوات، استطاعت الدولة العميقة وما عرف بعد ذلك بـ»الثورات المضادة» بإخماد نيران تلك الثورات فكيف الآن تعيد انتفاضة القدس لهؤلاء تلك الروح، ذلك سؤال تكرره تلك الدول تجاه نفسها كل يوم.
واقعيا وعلى الأرض، شهدت السنوات السابقة تصعيدًا ملحوظًا في حجم وعدد الاقتحامات الصهيونية التي تعرض لها المسجد الأقصى، وتتعدد مبررات وذرائع المتطرفين اليهود، أبرزها يتم بمناسبة الأعياد أو بادعاء أداء صلوات بداخله، أو بهدف التمهيد لإعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.
الاقتحامات المتكررة اتسعت رقعتها عن السابق، لم يعد الالتفات إليها عربيًا ودوليًا.
ذلك دفع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى المضي قدمًا نحو تنفيذ مخططاتها نحو التهويد، عبر سلسلة من الاعتداءات المتكررة، ما يثير سؤالا حول السكوت العربي أو الاحتجاج الخجول الذي تم اختصاره بتحذيرات من هنا وشجب هناك في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال قتل المدنيين وتسمح لمتطرفين من المستوطنين اقتحام مناطق بعينها وتعتدي على السكان.
صحيح أن لاجتماع طارئ يمكن أن يجمع أطراف المعادلة «غير الأصلية» تهدئة الوضع، وحتى إعادة كل شيء لسابق عهده حتى في القدس المحتلة، لكن هل يمكن لجم المتطرفين الذين نكثوا بوعودهم أكثر من مرة، والأهم هل يمكن حمل الفلسطينيين أصحاب الحق على نسيان قضيتهم المركزية تحديدا إذا كانت غالبيتهم قدمت الشهداء ولديها قناعة تامة بأنها ستحصل على حقوقها وفق حل عسكري تسبقه انتفاضة عارمة؛ كونها لم تعد تثق في الحلول السلمية.


رد مع اقتباس