تركيا وحماس.. نقاط على حروف العلاقة
سعيد الحاج- المركز الفلسطيني للاعلام
في الحكومة الانتقالية المؤقتة التي أعلنت قبل أيام في تركيا، أسندت وزارة الخارجية للمستشار فريدون سينيرلي أوغلو، في الأغلب لأن الوزير السابق -مولود جاووش أوغلو- ليس نائبا برلمانيا الآن بسبب مادة "الفترات الثلاث" في النظام الأساسي للعدالة والتنمية.
اللافت فيما يخص الوزير الجديد ثلاثة أمور: أنه كان سفير بلاده في دولة الاحتلال بين عامي 2002 و2007، وأنه مثلها في لقاءات عدة جرت مؤخرا مع وفود "إسرائيلية" في بعض العواصم الأوروبية، وأنه كان المسيّر لأمور الوزارة من الناحية الفعلية في الفترة الأخيرة، وفق بعض التقارير، وهو ما قد يرشحه للاستمرار في الوزارة بعد الفترة الانتقالية.
من المتوقع والمتفهم أن يثير الأمر المخاوف لدى الكثيرين، وقد قرأت بعضها في السطور وبين السطور، لاسيما في فترة انتقالية تراجع فيها العدالة والتنمية عن أغلبيته البرلمانية، ويستشرف مستقبلا غير مضمون الملامح.
خاصة إذا ما أضفنا لذلك تصريحين مهمين وخطيرين أدلى بهما الوزير السابق تشاووش أوغلو عن حماس، أحدهما يتحدث عن دور تركيا "في وصول حماس لقبول الاعتراف بإسرائيل" والثاني يقول بوضوح إن رسالة تركيا للحركة منذ اللحظة الأولى لانتخابها عام 2006، ركزت على ترك السلاح، وانتهاج العمل السياسي البحت.
والحال كذلك، ثمة حاجة إلى مزيد من تعميق الفهم، وفك رموز العلاقة بين تركيا في ظل العدالة والتنمية والحركة الفلسطينية، وفق الإشارات السريعة التالية:
أولا: محددات عامة
موقف العدالة والتنمية في جزء كبير منه تعبير عن موقف تركيا دولة، إضافة لبصمته الواضحة جدا من خلال الخلفية الإسلامية لقيادته ورؤيتها الفكرية بشكل عام، كما إن موقفه من حماس -في جزء كبير منه- فرع عن الموقف من القضية الفلسطينية ككل.
ويدرك الحزب دلالات عضوية تركيا في حلف الناتو، وطلب عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وما تفرضه من أطر وحدود لا يمكن تجاوزها أو تحديها في العلاقة مع حركة مقاومة مثل حماس، كما لا يغيب عنه تاريخ تركيا مع دولة الاحتلال، ورؤيتها للقضية الفلسطينية، وأن التغيير لا يمكن أن يكون سريعا وصادما، حتى لا يكون سلبيا، أو يستثير ردات الفعل المضرة، وهو هنا لا يبتعد عن نبض الشارع التركي المتعاطف مع القضية الفلسطينية، بل يعتمد عليه، ويحتمي به، وهو ما يفسر الموقف الحاد بعد حادثة الاعتداء على سفينة مافي مرمرة، واستشهاد 10 ناشطين أتراك.
ثانيا: الرؤية السياسية
يعرف العدالة والتنمية أن القضية الفلسطينية مفتاح التأثير وتأدية الدور في الشرق الأوسط، وأن حماس أحد أهم لاعبيها، لكنه يدرك أيضا أن ثمة توازنا بين السياسة الخارجية وقوة الحزب الحاكم وسيطرته على الملف الداخلي، ما ينعكس على قدرته على اجتراح سياسة خارجية قوية ومؤثرة بما تحتويه من مخاطر، والعكس بالعكس.
ولذلك فقد كانت رؤية العدالة والتنمية لحل القضية الفلسطينية، وما زالت متناغمة مع الرؤية الدولية والموقف الرسمي العربي، أي التسوية السياسية على أساس حل الدولتين، ودعم المبادرة العربية، بل تذهب أبعد من ذلك، بدعواتها المستمرة لإشراك حماس في عملية التسوية السياسية.
يضاف إلى ذلك، أن التعامل الرسمي التركي مع فلسطين بقي من بوابة محمود عباس والسلطة الفلسطينية، ولم يحصل أي تحول في ذلك لمصلحة حماس، ولا حتى بالمناصفة والتساوي، رغم نتائج انتخابات 2006، وحالة الانقسام الفلسطيني اللاحقة.
ثالثا: العلاقة مع حماس
يتعامل العدالة والتنمية في مواقفه السياسية المعلنة مع حماس على أنه حزب سياسي منتخب من الشعب الفلسطيني، وجزء من المشهد السياسي الفلسطيني، وليس حركة مقاومة.
لكنه لا ينسى أن العلاقة المتميزة معها ورقة قوة له، أولا من ناحية الشعبية الداخلية (ولذلك لا تغيب الحركة مؤخرا عن مؤتمراته العامة)، وثانيا لناحية "ورقة" الدور الإقليمي، وهو ما يفسر تصريح الوزير السابق المذكور أعلاه.
بيد أن تركيا -بالعدالة والتنمية أو بغيره- لا تستطيع تخطي حدود الدعم السياسي - الإعلامي - المالي للحركة، فضلا عن أن البند الأخير في معظمه دعم إعاني وإنساني ومؤسسي، فقد جرب الحزب تقديم الدعم المالي المباشر سابقا، ثم تراجع عنه بعد انتقادات وضغوط غربية كبيرة.
رابعا: العلاقات مع "إسرائيل"
لا يدعو العدالة والتنمية إلى قطع العلاقات السياسية تماما مع دولة الاحتلال، ولكن إلى عودتها بشروط ثلاثة، بدت حتى الآن تعجيزية، ولذلك فلم يحصل تقدم ملموس حتى الآن، بعد أكثر من سنتين من الاعتذار، والاستعداد لتعويض عوائل الضحايا.
نقلا عن عربي 21
بينما يمكن أن يكون "اتفاق تثبيت إطلاق النار" المتوقع بابا لتطبيعها، باعتبار أنه سيتضمن الحديث عن رفع الحصار، رغم أن التطبيع لن يعني يوما عودتها لسابق عهدها لأسباب عدة.
بيد أن العلاقات التجارية بين البلدين ما زالت في تطور مستمر، على الرغم من أن معظمها مرتبط بالقطاع الخاص، إلا أن ذلك متناسق مع براغماتية العدالة والتنمية، في تطويع السياسة للاقتصاد، أو على الأقل فك الارتباط بينهما.
إذن، رغم اهتمام تركيا بالقضية الفلسطينية مدخلا لقضايا المنطقة، إلا أنه يبقى رهنا لأولوياتها الداخلية والإقليمية، وعلى الرغم من أن العلاقة بين العدالة والتنمية وحركة حماس تبدو متميزة، إلا أنها محصورة في نطاق لا يمكن تجاوزه.
ليست تركيا إذن "سوريا" مفتوحة الدعم والإمكانات بالنسبة إلى حماس، ولن تكون، لا الآن ولا غدا، لا في ظل العدالة والتنمية ولا مع غيره، بل ربما العلاقة أقرب للاستفادة المتبادلة، وفق معايير ومحددات معروفة، مع المناورة قدر الإمكان في المساحات الرمادية المتاحة ومحاولات البناء والتطوير المستمرة.
اللافت في الأمر أن هذه الرؤية تبدو واضحة جلية لعدد كبير من قيادات الصف الأول في حماس، تسنى لكاتب السطور الحديث معهم في مناسبات مختلفة، لكنها تغيب أحيانا أو تـُغيّب عن الأفراد والأنصار، لتسود مكانها الروايات الشعبوية، والتحليلات الرغائبية البعيدة عن حقائق الواقع، وهو ما يتسبب بالصدمات لدى البعض بين يدي أي تطور يبدو متوقعا في إطار هذا الفهم الواقعي للعلاقة ومحدداتها.
الضفة الغربية.. حيّ على المقاومة
رأفت مرة- فلسطين الان
يتطلع كل إنسان فلسطيني مقاوم أو مؤيد للمقاومة إلى زمن تعود فيه الضفة الغربية إلى زمن المقاومة الجميل الذي كان قبيل الانتفاضة الأولى واستمر إلى ما بعد 2002 تاريخ إعادة احتلال الضفة، و2007 تاريخ إمساك السلطة الفسلطينية بمساعدة ودعم الاحتلال في ضرب المقاومة ومحاولة استئصالها، بعد عملية الحسم المباركة التي نفذتها حماس ضدّ الأمن الوقائي في قطاع غزة.
هناك أربعة أجنحة للمقاومة الفلسطينية: قطاع غزة الذي أصبح اليوم مجتمعاً مقاوماً تقوده إدارة داعمة ومتبنية لنهج المقاومة، والضفة الغربية بما تمثله من عمق استراتيجي، وفلسطين المحتلة عام 1948 بما في ذلك القدس، واللاجئون الفلسطينيون في بلاد اللجوء.
في قطاع غزة، تطورت المقاومة عسكرياً وبشرياً وتقنياً ما مكّنها من إفشال كل الاعتداءات الصهيونية والحروب الأخيرة.. بقي أمام المقاومة القدرة على تجاوز الحصار.
الضفة الغربية كانت مستهدفة من طرفين: الاحتلال الصهيوني الذي يدمّر ويغتال ويعتقل، والسلطة الفلسطينية المتعاونة مع الاحتلال إلى أبعد مدى، وتلاحق المقاومة لهدفين: خدمة الاحتلال ومنع حماس من امتلاك عناصر القوة حتى لا تسقط هذه السلطة.
بعد انسحاب العدو الصهيوني مهزوماً من قطاع غزة عام 2005، وسّع العدو إجراءاته ضدّ الضفة الغربية، حتى لا يُجبر على الانسحاب من القسم الثاني من الأراضي المحتلة عام 1967.
غزة مهمة وحيوية، لكن موقع الضفة استراتيجياً مدمّر للكيان الصهيوني، من حيث المساحة والقرب من المناطق الحيوية، والحدود مع الأردن، والجبال المرتفعة، ومصادر المياه، ومحطات الإنذار المبكر، والخزان البشري، والتعليم، والقدرة على الوصول إلى عمق الكيان.
بعد 2005 اشتدت قبضة الاحتلال ضدّ الضفة الغربية، ثم جاءت السلطة لتكمل هذا المخطط بعد عملية الحسم في غزة عام 2007.
دفعت الضفة الغربية ثمناً كبيراً لاستهدافها من الاحتلال والسلطة، خسرت قيادات ميدانية، مئات الشهداء، آلاف المعتقلين، إغلاق المؤسسات، مصادرة السلاح، اعتداء على العائلات، حرب اقتصادية، ملاحقة للطلاب، رقابة على المساجد والجامعات، منع للعمل السياسي.
خسرت الضفة الغربية الكثير بسبب الضغط الصهيوني بالشراكة مع السلطة.. لكن الضفة الغربية ما تخلت عن نهجها السياسي ولم تترك مشروع المقاومة.
في الفترة الأخيرة شهدت الضفة ارتفاعاً في أعمال المقاومة، وانتشار ظاهرة المقاومة الفردية، واتساع رقعة الاشتباك مع الاحتلال، واستمرت أعمال المواجهة مع الجنود، واستغلت الضفة الغربية قضية الأسرى والمعتقلين والاعتداءات الصهيونية على الأقصى والقدس، لإثبات حضورها في مشروع المقاومة.
ولعبت مقاومة قطاع غزة دوراً كبيراً في تثوير الضفة الغربية على الصعد العسكرية والمدنية، هذه التطورات دفعت الاحتلال والسلطة لمزيد من الاعتقالات والاستدعاءات والملاحقات.
الضفة الغربية تجاوزت أزمة الملاحقة السياسية والأمنية إلى حدّ ما، لكن لا تزال الضفة الغربية محطّ أمل لثورة جديدة بشتى الوسائل ضدّ الاحتلال.
بركان الضفة الغربية يثور ويهدأ، لكنه لا يخمد.
ليس رهاناً، لكنه أمل حقيقي صادق بشعب ورجال ونساء وأبطال في الضفة عُجنوا بعجينة المقاومة.
جلسة المجلس الوطني: السيناريوهات المتوقعة
حسام الدجني- فلسطين اون لاين
قد يكون أكبر التحديات التي تواجه جلسة المجلس الوطني المقرر عقدها في مدينة رام الله يومي 14 و15 من الشهر الجاري هو الوعي الجمعي الفلسطيني، الذي يشكل عنصر ضغط على أعضاء المجلس الوطني الأفراد منهم والأحزاب والمؤسسات النقابية والمهنية. فكان يأمل الرئيس محمود عباس بعد أن قدم ثلثا أعضاء اللجنة التنفيذية استقالاتهم العودة إلى المادة (14) الفقرة (ج)، وتنص على أنه: "في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي تملأ الشواغر في أي من الحالتين السابقتين من: اللجنة التنفيذية، ومكتب المجلس، ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس، وذلك في مجلس مشترك يعقد لهذا الغرض، ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية أصوات الحاضرين". ولكن وعي الشارع، وجرأة نخبه الأكاديمية والفكرية، وحالة الاستقطاب الحاد بين مكونات المنظمة شكلت عنصرًا ضاغطًا على الجميع لرفض الانقلاب على النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ففي حال العودة للفقرة (ج) هذا يعني أن ملء الشواغر يكون فقط للمستقيلين، وهذا ما لا يريده الرئيس عباس، وبذلك انتقل إلى فكرة عقد جلسة عادية، ويبقى السيناريو الأهم: هل يستطيع بلوغ النصاب القانوني في ظل التحديات القائمة؟، وما هي أهم السيناريوهات المتوقعة؟ (المادة 12) من النظام الأساسي تقول: "يتكون النصاب القانوني للمجلس بحضور ثلثي أعضائه، وتتخذ القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين". لا يوجد أرقام دقيقة عن أعضاء المجلس الوطني: عددهم، وهوياتهم، ومن على قيد الحياة ومن توفاه الله، والأرقام المتداولة عبر موقع (ويكبيديا) أن عدد الأعضاء 765 عضوًا، انتقل إلى رحمته (تعالى) 64 عضوًا، وبذلك يكون النصاب القانوني 701 عضو من المجموع الكلي، وقد تملأ شواغر المتوفين من أعضاء المجلس الوطني حسب (المادة 6) التي تنص على أنه: "إذا شغر مقعد أو أكثر في المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب؛ يعين المجلس العضو أو الأعضاء لملء المقاعد الشاغرة". وهذا قد يدفع رئاسة المجلس الوطني إلى تعيين أسماء مقربة من عباس لملء الشواغر، وقد تكون جميعها من الضفة الغربية لمحاولة إضافة شرعية قانونية على الجلسة، وما يخشاه المراقبون استغلال تلك المادة في ظل غياب الشفافية التي تفرض على السيد سليم الزعنون نشر أسماء أعضاء المجلس الوطني أمام الرأي العام، فعلى سبيل المثال هناك أعضاء مجلس وطني من حركة حماس توفاهم الله فهل سيملأ شواغرهم أعضاء من حماس؟ أعتقد أنه ليس من السهل بلوغ النصاب القانوني لعدة أسباب: 1- مقاطعة فصائل عديدة لجلسة المجلس الوطني، أهمها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية القيادة العامة، والصاعقة، وحزب الخلاص، وتيار محمد دحلان، فضلًا عن نواب حركة حماس في المجلس التشريعي. 2- احتمالية رفض بعض أعضاء المجلس الحضور تحت حراب الاحتلال، ومنهم _على سبيل المثال لا الحصر_: أنيس القاسم، وفاروق القدومي، وعبد الباري عطوان، وآخرون. 3- احتمالية منع الاحتلال بعضًا من أن يدخل الأراضي الفلسطينية. السيناريوهات المتوقعة: قد يتجاوز الرئيس البعد القانوني بمسوغات وطنية وقانونية، ويعقد اجتماع المجلس الوطني حسب المادة (14) الفقرة (ج)؛ فالفقرة (ج) لا تشترط النصاب القانوني، فبعشرة أعضاء تعقد الجلسة، وبذلك ستكون السيناريوهات المتوقعة على النحو التالي: 1- سيناريو انتخاب لجنة تنفيذية جديدة هو السيناريو الأكثر واقعية، إذ بات الرئيس يتحكم بكل مفاصل المؤسسات السياسية الفلسطينية، وبذلك سينجح عقد اللقاء وستنتخب لجنة تنفيذية جديدة، وتوضع لمسات على الهياكل المؤسسية للمنظمة، وبذلك يزيد الرئيس من هيمنته، ويحاول إغلاق الباب أمام المشككين في البناء المؤسسي للمنظمة. • ما يؤكد هذا السيناريو أ. شخصية الرئيس المتنفذة بقوة المال والسلطة والقادرة على دفع العديد من أعضاء المجلس الوطني وفصائل المنظمة إلى الالتزام بمخرجات بيان اللجنة التنفيذية. • ما ينفي هذا السيناريو أ. حالة الغضب بين أعضاء المجلس الوطني في الشتات وفي الداخل، والنخب الثقافية والفكرية التي قد تشكل حالة وطنية لإفشال هذا المخطط. 2- سيناريو إفشال جلسة المجلس الوطني من الممكن إفشال جلسة المجلس الوطني، إن أحسنت الأطراف المعارضة لهذا التوجه العمل وتحريك الشارع سلميًّا ضد الجلسة، وأن تقود تلك الأطراف حراكًا يسحب البساط من تحت قدمي عباس بتوقيع وثيقة تدعو اللجنة التنفيذية لعقد الإطار القيادي المؤقت، والعمل على تنفيذ اتفاقات المصالحة، وإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني والرئاسة والمجلس التشريعي. • ما يؤكد هذا السيناريو: أ. قدرة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ومعهم النخب والتيارات المعارضة، وبعض فصائل المنظمة الرافضة لتلك التحركات التي يقودها عباس في داخل الوطن والشتات. ب. ضعف خطوة اللجنة التنفيذية وعدم قانونيتها، وقد ترجم هذا الضعف ضعف بيانها، ما يسهل عملية إفشال الجلسة، أو _على أقل تقدير_ الضغط على المنظمة والقيادة لعقد الإطار القيادي المؤقت. • ما ينفي هذا السيناريو: أ. تحكم الرئيس بالمال، وبالسلطة، وبمساندة المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي. ب. انشغال شعبنا بتفاصيل حياته وانشغالاته اليومية.
معركة عضوية اللجنة التنفيذية
فايز ابو شمالة- الرأي
حاولت أن أتحسس رأي الناس العاديين في انعقاد دورة المجلس الوطني في رام الله، فعمدت إلى صفحتي على الفيس بوك، ونشرت صورة الدعوة التي جاءتني من رئيس المجلس الوطني، ودققت في مئات التعليقات التي انقسمت بمجملها إلى قسمين: أولاً: قسم من المعلقين طالبني باحترام نفسي، وعدم حضور الجلسة، وهؤلاء قد تبلور لهم موقف مسبق من جلسة المجلس الوطني، واقتنعوا بأن الجلسة غير قانونية، وأن انعقادها في رام الله يعني الرضا الإسرائيلي عن نتائجها المسبقة، ولهذا فستقضي الجلسة على ما تبقى من أمل في وحدة الصف الفلسطيني، والجلسة جاءت تلبية لرغبة السيد محمود عباس، الذي يهدف إلى مواصلة التفرد بالقرار الفلسطيني، والإطاحة بكل معارضيه. ثانياً: قسم آخر من المعلقين طالبني بحضور الجلسة من منطلق عدم إخلاء الميدان، وقول كلمة حق في وجه سلطان جائر، ومن ثم نقل ما يجري خلف الكواليس إلى الناس، وهؤلاء المعلقون يظنون بجلسة المجلس الوطني خيراً، ويعتقدون أن جلسة المجلس فيها من الديمقراطية وحرية الرأي ما يؤثر على صاحب القرار، فجاء حضهم على المشاركة بهدف التأثير، والتكتل من أجل إصلاح الحال، ونسي هؤلاء الناس حقيقة الاستبداد بالقرار، ودور شاهد الزور الذي تعده القيادة لأعضاء المجلس الوطني، سواء أكان ذلك برضاهم أم رغم أنفهم. إن الدعوة لعقد جلسة المجلس الوطني قبل إصلاح منظمة التحرير فيها شبهة تواصل الفساد السياسي، وهذا أخطر بكثير من الفساد المالي، وإن دعوة المجلس الوطني للانعقاد قبل عقد الإطار القيادي فيها شبهة تفرد تنظيم بعينه بالقرار الفلسطيني، وهذا هو الأب الروحي للفساد الإداري، وهذا ما يبتغيه السيد محمود عباس الذي تعود على اتخاذ القرارات التي تتناسب ورؤيته ومواقفه وتفكيره هو شخصياً، ليقف من خلفه المنتفعون الذين شجعوه على الاستخفاف بالرأي العام، وأعانوه على التآمر ضد خصومه السياسيين، ودعموه في محاصرة التنظيمات والمنظمات والتجمعات الفلسطينية التي تجرأت على نقده أو الاعتراض على سياسته العقيمة. اليوم يصل السيد محمود عباس بتسلطه وديكتاتوريته إلى منتهاه، وليس بعد الضغط على الناس والشد إلا الارتخاء، وهذا ما تبشرنا به الأخبار التي تتحدث عن تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني، والتي لا ترجع أسباب تأجيلها إلى مزاج الشارع الفلسطيني الرافض لعقد الجلسة في رام الله، ولا التأجيل ناجم عن رفض بعد فصائل منظمة التحرير وعلى رأسها الجبهة الشعبية كما يظن البعض ـــ مع احترامي لموقف الجبهة الشعبية ـــ، التأجيل يرجع لخلافات داخلية في حركة فتح ذاتها، فالذين استقالوا من اللجنة التنفيذية كانوا قد استجابوا لطلب السيد محمود عباس بالاستقالة، ظناً منهم أنهم عائدون إلى التنفيذية ثانية، وهم يعرفون جيداً أن غيرهم هو المستهدف بالطرد، ولكن الرياح جاءت على غير ما يتوقعون، ولاسيما مع ظهور جيش كامل من الطامعين بالوصول إلى اللجنة التنفيذية، واستغلال الجلسة لاستبدال كثير من الوجوه التي شاهت، وهذا ما أيقظ أعضاء اللجنة التنفيذية الذين استقالوا من غفوتهم، حين وجدوا أنفسهم بين صير محمود عباس الذي قادهم إلى الاستقالة، وباب قيادات حركة فتح الذين يطمحون بأن يحلوا محلهم، ولاسيما أعضاء اللجنة المركزية الذين يتطلعون إلى الاحتماء بعضوية اللجنة التنفيذية تهرباً من الفشل الذي ينتظرهم في حالة انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح. أزعم إن التنافس بين أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح على عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد تصاعد حتى صار خلافاً على عقد جلسة المجلس نفسها، وأزعم أن جدية الخلافات قد صارت تهدد وحدة حركة فتح ذاتها، ومن تابع تجربة انتخابات المجالس البلدية في الضفة الغربية يدرك حجم الصراع الداخلي والولاءات في حركة فتح نفسها، من هنا فإن الرسالة التي أرسلها 16 عضوا من اللجنة التنفيذية إلى رئيس المجلس الوطني، والتي تطالبه بتأجيل عقد الجلسة، هذه الرسالة هي البداية التي تشير إلى نهاية فترة حكم محمود عباس، وانتهاء مناوراته السياسية، وفيها البشائر لمرحلة سياسية قادمة ستتحقق معها الوحدة الوطنية والإسلامية، بعد طول تمزق، وستبدأ معها مرحلة فك حصار غزة، وخلاص الضفة من الاحتلال الإسرائيلي.


رد مع اقتباس