في هذا الملـــف:
اليسار الصهيوني أعمى البصيرة
بقلم:عطاالله منصور عن صحيفة القدس
نضال متعدد الأشكال والوسائل والأدوات
بقلم: حمادة فراعنة عن صحيفة الأيام
نبض الحياة - منطق نتنياهو المعكوس
بقلم:عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
خطورة الصاروخ المجهول ...
بقلم: عامر أبو شباب عن وكالة سما الإخبارية
اليسار الصهيوني أعمى البصيرة
بقلم:عطاالله منصور عن صحيفة القدس
يوم تعرفت على المجتمع اليهودي, في مطلع سنوات الخمسينات يوم فشل والدي في الحاقي بمدرسة ثانوية,وجدت حلا لطلب العلم في كيبوتس يهودي تبع لحزب العمال الموحد الذي تعهد لي بتعليمي واعدادي للالتحاق بهذا الحزب اليهودي -الذي ايد - حتى حرب 1948- انشاء دولة ثنائية القومية لليهود والعرب في فلسطين- . وفي هذه القرية الاشتراكية عشت عاما مع مجموعة من الشباب العرب من الناصرة وبعض القرى في الجليل والمثلث, ولكن غالبية مطلقة من هذه المجموعة رفضت الانضمام لهذا الحزب بعد قضاء عام كامل في هذه القرية لان مضيفينا فشلوا في منحناالمساواة مع اليهود من اعضاء الحزب !. كيف حدث ان حزبا اعتقد بامكانية قيام دولة موحدة,ثنائية القومية, رسميا؟ لقد علل مضيفنا احالتنا الى "الدائرة العربية" في الحزب بان احدى الفئات التي كونت الحزب -تعارض منح العرب حق الاشتراك والتصويت في هيئات الحزب . وكان ردنا على هذا المنطق باننا لن نقبل باقل من المساواة -وكانت هذه المساواة قائمة رسميا في الحزب الشيوعي الاسرائيلي الذي تكون من حزب يهودي ماركسي و عصبة التحرر الوطني التي عملت في فلسطين كحزب الفلسطينيين اتباع المبدأ الشيوعي والتنظيم العالمي للاحزاب الشيوعية-. ومن تجربتي هذه تعلمت الدرس الاول عن الصراع العقائدي بين المنظمات اليهودية- الصهيونية. وتابعت سقوط اليسار اليهودي من علياء سلطته مع انشاء دولة اسرائيل, وتسلطه على اغلبية المؤسسات الاقتصادية التي تأسست اثناء الحرب العالمية الثانية وقبل اعلان دافيد بن غوريون عن قيام الدولة العبرية في منتصف ايار من العام 1948.
اليمين اليهودي لم يكن غائبا عن المؤسسات الاقتصادية والمنظمات العسكرية الارهابية فقد كان لليمين منظمتي "الاتسل" و"ليحي", ولكن منظمتي "الهجانا" و"البلماخ" كانتا لمعسكر العمال -ونظمتا اكثرية شباب اليهود واقاموا غالبية المستوطنات. وعلى المستوى العقائدي كان للعمال اغلبية طاغية ونقابات وخدمات واحزاب وصحف ودور نشر وصناعة تفوق منافسيها في معسكر اليمين.
ولكن وصول اكبر احزاب العمال الى الحكم منذ 1948 (وقبل ذلك!)ومحافظته على السلطة حتى 1977 اوجد اجواء من "الاستقرار" شجعت النزاعات الداخلية والنزعات الفردية في اوساط معسكر الحكم ( العمالي )مما ادى الى ترهل المؤسسات واجهزة الرقابة وادت الى ضياع الحكم لمناحم بيغن ( قائد منظمة "اتسل" او عصابة الارغون حتى 1948) واسحق شامير (قائد منظمة ليحي او عصابة شتيرن) وحتى بنيامين نتنياهو !
وماذا حدث لليسار العمالي منذ تاه في صحراء المعارضه؟
منطقيا كان من المتوقع ان يفيق اليسار من سباته تحت تأثير الهزيمة البرلمانية وكنس الفساد والعفن من صفوفه, ولكن قادة الحزب اختاروا طريقا عكسية. انهم يحاولون الاقتراب نحو الحكام الجدد تقليدهم وتبني نهج المزايدة عليهم. وراحوا في الانتخابات الاخيرة ,مثلا, زركشة " التجمع العمالي" بترشيح رجل انيق المظهر,ولد في بيت جنرال في الجيش و كان رئيس الدولة واقنعوا سيدة شقراء من جذور يمينية عرف بتاريخه العسكري,بان تقيم معه قائمة انتخابية باسم "المعسكر الصهيوني" لكسب اصوات اليمين " اللبرالي" الذي ابتعد عن الحزب. ولكن هذا الحزب خسر اول معاركه قبل التصويت الرسمي.
القوائم العربية التي ارعبها خطر خسارة تمثيلهم البرلماني توحدوا و ضموا "اليسار"الصهيوني الى قائمة المحرمات لمجرد تبني اسمه الجديد " المعسكر الصهيوني" , كما خسر اليسار الاشقر وحدوا ضدهم جبهة واسعة من اليهود السمر !
وبعد الانتخابات الاخيرة افاقت شراذم اليسار اليهودي في اسرائيل على حالتها المزرية.بعد خسارة مقاليد السلطة في الحكومة, سقطت " الهستدروت" نقابة العمال الكبرى والتي دعمت احزاب اليسار,وادارت اهم المؤسسات الاقتصادية, واغلقت الصحف الصباحية الحزبية كلها,ولم تنجح من كافة الصحف هذه الا صحف الاحزاب الدينية , وصحيفة هارتس المستقلة ( التي انتهجت خطا ونهجا يميني التوجه للاقتصاد ولبراليا سياسيا في الامور السياسية - وحافظت,على العموم, على موقفها القديم- سوى انها تحولت الى ملجأ لمثقفي اليسار!. ( ومنبراً لهذه الفئة المهزومة في صراعاتهم الداخلية).
اوري افنيري "يشكر", اليوم, يوسي بيلين الذي يتبنى نظريات دعا لها منذ 1958, متناسيا مصدرها (هارتس 24 ايار 2015) وفي الصفحة نفسها يشن اليوم مثقف يساري من مواليد وارسو لام سورية الاصل بعض اليهود من اصول تعود الى المهاجرين من بلاد عربية لانهم يدعون الى الاقتراب الثقافي من العرب - مما يشجع التعايش السلمي مع العرب ويقول لهم ان التعايش لا يتم الا بتبني المفاهيم الاوروبية واتباع قيم الحداثة المستوردة من الغرب لان الشرق سمح للاقليات الدينية بالحياة بحقوق منقوصة , ولكن المواطنة والمساواة والاشتراكية والعلمانية هي قيم اوروبية- اشكنازية !.
ولا شك عندي بان النهضة الحديثة من اوروبا جاءت, ولكن التعايش الحقيقي يعتمد على الاخلاص والنيات الحسنة وهذه مرهونة بقول الحق, ومثلا: لدي دليل حزين للتدليل على صدق ما اقول من تجربتي الشخصية وهو ان مؤسس الدعوة لاشراك الشباب العرب في النشاط السياسي في اسرائيل اهرون كوهين, احد ابرز قادة حزب العمال الموحد (مبام) كان مؤرخا كتب عدة مجلدات عن تاريخ العرب ( القديم والحديث) وفي بيتي اغلب هذه الكتب. احد هذه المؤلفات (بالعبرية)يدور حول " الشرق العربي" وقد اهداه مؤلفة الماركسي ل"حاييم-مرغليت كلفاريسكي(1868-1947 - "المحارب لتحقيق الاخوة اليهودية-العربية". ومن هو هذا "المحارب" او "المناضل ؟ هذا السيد عمل في اواخر القرن ال-19 وقبل انشاء «الكيرن كايمت» على شراء اراضي اصحاب الاقطاعيات العرب في مرج ابن عامر وسهل الحولة لطرد الفلاحين واستيعاب المستوطنين اليهود ايام الحكم العثماني وقبل ظهور النازية - وكل هذا باعترافه!.كما حاول كلفريسكي هذا تمويل "حزب الفلاحين العرب" ضد حزب المفتي وافندية القدس.
فهل يعقل ان نصف طارد فقراء الفلاحين من ارضهم بانه "مناضل" لاجل الاخوة بين العرب واليهود؟!
نضال متعدد الأشكال والوسائل والأدوات
بقلم: حمادة فراعنة عن صحيفة الأيام
سعى نتنياهو كي يكون اجتماعه الأول مع النائب الفلسطيني أيمن عودة رئيس كتلة القائمة العربية اليهودية المشتركة يوم الخميس 21 أيار 2015، اجتماع علاقات عامة بهدف تحسين سمعته، وإظهار نفسه على أنه رئيس حكومة جميع المواطنين، بمن فيهم الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ودوافعه لهذا اللقاء الذي تم بناء على طلبه، محاولة تبديد الانطباعات الدولية المتراكمة حول اتساع سياسة التمييز والإقصاء التي مارستها حكومات تل أبيب المتعاقبة، وزادت في عهد إداراته السابقة 2013 - 2015، حيث تم خلالها تشريع العديد من القوانين العنصرية المؤذية بحق المواطنين العرب، بمبادرة من حكومته وحزبه ومن قبل شركائه في الائتلاف، إضافة إلى أن برنامج حكومته الحالية في غاية السوء والانحدار في إظهار التمييز الفاقع سواء الإقرار بتنفيذ قانون برافر ضد أهالي النقب، والعمل على تدمير قرية حورة، وبناء مجمعات يهودية على أنقاضها وغيرها من السياسات ذات الطابع العنصري، ولذلك كان لقاؤه مع أيمن عودة، الذي فرضته الأحداث الجارية، والتطور الذي طرأ على المشهد السياسي الإسرائيلي، انعكاساً لسببين جوهريين هما:
أولاً: لأن سياسته المتطرفة المعبرة عن برنامج التحالف الذي يقوده مع باقي أحزاب الائتلاف اليميني ذات النزعة والسلوك العنصري الإقصائي ضد المواطنين الفلسطينيين العرب الذين يشكلون خُمس المجتمع الإسرائيلي، وتصريحاته الهوجاء وتحريضه المعلن ضد المصوتين العرب، دفعت الرئيس الأميركي لانتقاده وتوجيه اللوم له، وترك هذا أثراً بليغاً عن فحوى سياسة تل أبيب العنصرية لدى الأوروبيين وقطاع من الأميركيين، وكشفها وتعريتها، وهي سياسة تراكمية، تدفع نحو تحرير الأوروبيين قبل الأميركيين من عقدة تبني سياسات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ودعمها، بل تُعطيهم الشجاعة نحو توجيه النقد لها، والتخلص من أن يبقوا أسرى السياسة التقليدية التي شكلت غطاء للسياسة الإسرائيلية، نظراً لكون السياسة الإسرائيلية وإجراءاتها لم تعد احتلالية توسعية استيطانية في مناطق 67 وحسب، بل عنصرية تمييزية إقصائية في مناطق 48، وهو تطور بليغ ومهم، دفعت بالرئيس أوباما لأن يقول ما قاله بحق نتنياهو، وبحق سياسة إسرائيل التي تتعارض في سلوكها العنصري مع القيم الديمقراطية الأميركية والأوروبية.
والثاني: التحالف بين المكونات السياسية الأربعة الفاعلة لدى الوسط العربي في مناطق 48، الجبهة الديمقراطية برئاسة النائب أيمن عودة، والحركة الإسلامية برئاسة النائب مسعود غنايم، والتجمع الوطني برئاسة النائب جمال زحالقة، والحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد الطيبي، وخوضهم الانتخابات بقائمة مشتركة ناجحة، ظهرت نتيجته عبر الانتخابات وطغى على المشهد السياسي بحضور شعب آخر برز وجوده، وهوية إضافية، وقومية ثانية، داخل إسرائيل، لم يستطع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي هضمها، وتبديد وجودها، وطمس هويتها وقوميتها ومواطنتها خلال عشرات السنين، ما استوجب التعامل معهم أو بحث إمكانات التفاهم والتعاون معهم، باعتبارهم حقيقة بشرية قائمة لها خصوصيتها ومصالحها وأولوياتها على أرض بلادها منذ مئات السنين، فشلت الصهيونية ومشروعها وأدواتها بترحيلهم كما حصل مع باقي أبناء شعبهم الذين تم طردهم وتشريدهم وترحيلهم من مدنهم وقراهم الأصلية عامي 1948 و1967.
ولذلك يمكن الاستخلاص أن ثمة حقيقتين ماثلتين متصادمتين على الأرض الواحدة : حقيقة الوجود العربي الفلسطيني في مناطق 48 كجزء لا يتجزأ من مكونات الشعب العربي الفلسطيني، وحقيقة التطرف والعنصرية وسياسة الإقصاء التي تنتهجها حكومات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، والمتراكمة نحو المواطنين العرب الفلسطينيين في مناطق 48.
وكشف أيمن عودة فحوى ما جرى في اللقاء الذي أكد له نتنياهو خلاله على أهمية العمل المتواصل لتقليص الفجوات داخل المجتمع الإسرائيلي، واقترح إجراء حوار منظم بين طاقم حكومي من الوزراء، وبين النواب العرب في البرلمان، بهدف إعداد خطة اجتماعية اقتصادية لمعالجة القضايا التي تخص المواطنين العرب.
وقال أيمن عودة في أعقاب اللقاء مع نتنياهو : «خرجت الآن من لقاء غير سهل مع رئيس الحكومة، كنت خلاله ممثلاً للأقلية الأكبر في هذه البلاد، هذه الأقلية التي اختار رئيس الحكومة وكجزء من حملته الانتخابية المخزية أن يحرض ضدها وضد مواطنة أفرادها، لقد تفوهت بأقوال بهذه الروح أمام رئيس الحكومة وأنا أعيد وأكرر بأنه لا يعقل أن يقوم رئيس الحكومة بإصدار تصريحات ضد تصويت المواطنين».
وأضاف: «من ناحيتي كان اللقاء لقاء عمل، في الفترة التي يعيش فيها الجمهور العربي في ضائقة صعبة ومتزايدة، وفي الوقت الذي تقض مضاجع الناس أزمة سكن لا يمكن احتواؤها، والتهديدات بهدم عشرات الآلاف من البيوت وإلقاء عشرات الآلاف من المواطنين إلى الشارع بدون مأوى، ولعل المثال الأصعب والأشد، من الفترة الأخيرة هو نية الحكومة هدم قرية أم الحيران من أجل بناء بلدة يهودية على أنقاضها».
وأضاف أيمن عودة قائلا: «عرضت على رئيس الحكومة خطة إصلاحات مفصلة في مجال التخطيط في البلدات العربية، بالإضافة إلى المطالبة الواضحة بشكل فوري لوقف عمليات هدم البيوت، وبدء حوار مع المواطنين بهدف إيجاد حلول حقيقية وقانونية لأزمة السكن في القرى غير المعترف بها».
وأضاف «تباحثت مع رئيس الحكومة في الحاجة لإيجاد وظائف نوعية للشباب والشابات العرب، تباحثنا في الحاجة إلى قيام الوزارات بتخصيص الميزانيات للوسط العربي، ومنح ميزانيات للمجالس المحلية العربية والاستثمار في التعليم العالي في الوسط العربي».
وأردف عودة قائلا: «للأسف مع هذه الحكومة يبدو أن كل محاولة لبحث إنهاء الاحتلال والتوصل لسلام عادل يبدو وكأنه مهزلة عبثية، كما ظهر الأمر في جلسة التصويت على تشكيلة الحكومة، وليس كحوار من شأنه أن يفضي لنتائج حقيقية، ولكن شعرت أن علي أن أكرر أمام رئيس الوزراء أن الشعب الفلسطيني يستحق الحرية والعيش تحت الشمس بالإضافة إلى أن السلام العادل هو مصلحة عامة لكل المواطنين العرب واليهود على حد سواء».
رسالة مهمة استكمالية وضرورية، أن ندركها جميعها والمتمثلة بالنضال الوطني الفلسطيني المتعدد الأشكال والوسائل والأدوات على الجبهات الثلاث : 1- النضال من أجل التخلص من التمييز والعنصرية وتحقيق المساواة في مناطق 48، 2- النضال من أجل كنس الاحتلال والاستيطان والتهويد وتحقيق الحرية والاستقلال لمناطق 67، و3- النضال من أجل حق عودة اللاجئين إلى القرى والمدن التي طردوا منها عام 1948، واستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها.
نبض الحياة - منطق نتنياهو المعكوس
بقلم:عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
في لقائه مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، موغريني مطلع الاسبوع، اعلن بنيامين نتنياهو، انه "لم يتراجع عن موقفه بشأن، التسوية، وخيار الدولتين، ولكن شرط الاقرار بيهودية الدولة الاسرائيلية". واضاف "انه على استعداد للتفاوض مع القيادة الفلسطينية على حدود المستوطنات، التي ستبقى جزءا من إسرائيل". هذا الموقف "اراح" موغريني، وعقبت بالقول: "ان الكلام لا يكفي، ونريد ان نرى خطوات على الارض". وكأن لسان حالها، يقول: ان ما ذكره نتنياهو، "يشكل خطوة ايجابية" على طريق السلام؟!
ممثلة الامن والسياسة الخارجية الاوروبية، لم تنتبه للغم، الذي وضعه رئيس وزراء إسرائيل في موقفه المعلن. المتمثل في تقديم حدود المستوطنات الاستعمارية على الاقرار المسبق بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وهذا التقديم لم يكن اعتباطيا، بل يأتي لحصول دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية على "الضوء الاخضر" الفلسطيني، بالسماح لها بالبناء في المستعمرات كلها، لا سيما وانه في حال حصوله على "الموافقة المبدئية" من القيادة الفلسطينية بالبناء في وعلى ارضهم، دون ان يحصلوا على الاقرار الصريح والواضح: اولا بالاستعداد لدفع استحقاق عملية السلام؛ ثانيا الالتزام الكامل بالانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية، عاصمتها الابدية؛ ثالثا الالتزام بالسقف الزمني، الذي وضعته القيادة الفلسطينية الموافق عليه دوليا، الانسحاب النهائي من اراضي الدولة الفلسطينية في العام 2017؛ رابعا الافراج عن اسرى الحرية، الذين اعتقلوا قبل اوسلو، خاصة الدفعة الرابعة ومن اعيد اعتقاله لاحقا من صفقة "شاليط". فكأنهم "منحوه صك "الغفران" عن جرائمه، وعن رفضه لخيار السلام، وعن مواصلة البناء الاستعماري، وتجسيد خيار الترانسفير للفلسطينيين.؟! وهو ما لا يقبل به اي فلسطيني.
القراءة المتعجلة للسيدة موغريني لموقف نتنياهو، اوحت لها، انه "جاد" في توجهه السلمي. وهي تعلم، انه بالامس وفي الذكرى الـ 48 لاحتلال القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية، وفي احتفال رسمي وبحضور الرئيس الاسرائيلي رؤبين ريفلين، اعلن على الملأ "ان القدس ستبقى موحدة، وانه لن ينسحب منها". وذات الموقف أكده ريفلين وغيره من قادة الدولة الاسرائيلية. أضف الى ان تصريحه، الذي اعلنه على الملأ عشية الانتخابات في اذار الماضي، الذي اكد فيه، إذا اعيد انتخابه لرئاسة الحكومة الاسرائيلية، فلن يسمح باقامة الدولة الفلسطينية؟! في ضوء ذلك، نتطلع الى ان تعيد السيدة موغريني قراءتها لتصريحات نتنياهو المخادعة.
نتنياهو الذي يريد من خلال ابداء الاستعداد للتفاوض على حدود المستعمرات الاسرائيلية المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، خلط الاوراق، والحصول على ضوء أخضر فلسطيني لمواصلة البناء في المستوطنات، وايهام العالم بانه "مستعد للتفاوض" مع الفلسطينيين، وايضا لقطع الطريق على التوجهات الدولية، خاصة الاوروبية بتوسيع ورفع سقف المقاطعة لاسرائيل، وايضا للحؤول دون تقدم فرنسا ومن معها من الاوروبيين باي مشروع قرار دولي في مجلس الامن يفرض انسحابا إسرائيليا من الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67، اضف الى انه بما طرح، يريد ان يتهرب من الاستحقاقات الاساسية الاخرى كحق العودة للاجئين الفلسطينيين، القدس، الحدود بشكل عام، والثروات الطبيعية والاسرى، وبالتالي إدخال القيادة الفلسطينية في دوامة التفاصيل ومن ثم تحميلها مسؤولية اي فشل عن العملية السياسية.
القيادة ممثلة بالرئاسة اعلنت بشكل واضح، انها ضد ما ينادي به رئيس حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية. لانها تدرك جيدا ابعاد مخطط نتنياهو واقرانه في الائتلاف الاكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل. لكن الاعلان لوحده لا يكفي، والمطلوب فلسطينيا التواصل مع القيادات الاوروبية المختلفة لقطع الطريق على مخطط زعيم الليكود، وحث الدول والاقطاب الدولية على مواصلة جهودها بالضغط على اسرائيل من خلال عزلتها وفرض المزيد من العقوبات عليها لالزامها باستحقاقات عملية السلام.
خطورة الصاروخ المجهول ...
بقلم: عامر أبو شباب عن وكالة سما الإخبارية
ثار جدل شديد وواضح حول الصاروخ الذي أُطلق فجأة من قطاع غزة، وان كانت المعلومات المتداولة انتشرت كالنار في الهشيم على طريقة الشائعات التي لا تجد حقائق تدحضها، ودوما في بيئة العمل للفصائل الخطأ وارد، وقد كلفنا مواطنين أبرياء وعناصر مسلحة فقدناها لأن الجميع يعمل في مكان ضيق محاصر بكل وسائل المراقبة، ولا شك لدي أن الكثيرين لا يريدون الخطأ وأن تجارب الحروب والمفاوضات غير المباشرة أكدت للفصائل أن ادارة الصراع المسلح مع احتلال شرس قضية ليست بسيطة ولا تحسب بالبركة.
وعندما نتحدث عن صاروخ يخرج بحسابات "غير وطنية"، وفي وضع مشحون جدا لدى الجميع، فإننا نحاول التحذير من مقدمات لا بد أن تجلب نتائج خطيرة، خصوصا بعد المفاوضات التي رافقت الحرب الأخيرة وتفاصيلها المزعجة ونتائجها المخيفة، عندما تبين بعد عدوان كبير أن "السلامة غنيمة"، والحفاظ على الارواح مكسب وطني أساسي في ظل حالة الانكار العربي عير المسبوق، والخلاف الفلسطيني المرعب.
طبعا الكتابة عن شيء طبع بوسم القداسة لارتباطه بالكفاح الوطني، جعلني أقدم ما سبق، رغم أن الوضع الحالي يدفعني للجرأة والطرق على جدار الخزان، بعد مرور عمليات اطلاق الصواريخ ووصفها المتعدد من العبثية ثم غير الوطنية أو الخارجة عن الاجماع، الى صواريخ الجماعات السلفية، ثم صواريخ الضغط على الداخل من خلال تهديد اسرائيل، رغم أن البعض لا يرى فارق بين الصاروخ الأول خلال انتفاضة الأقصى والصاروخ الأخير بالنظر للخلفية الفصائلية ولما بينهما في التوصيف السياسي.
الخطورة التي يحملها الصاروخ المجهول هو الاجماع على عدم وطنيته، والبراءة من سلوك مطلقه، والتحذير من جعل قرار الحرب في يد عناصر أو جماعات غير منضبطة، هذا الصاروخ يُفقد الفعل الكفاحي حاضنته الشعبية وربما الوطنية، بعد اعتماد الفصائل على الصواريخ كسلاح أساسي في معادلة الاشتباك مع الاحتلال، وقد لا حظ الجميع اصرار اسرائيل على تزع سلاح غزة كمقدمة لأي حل انساني في القطاع، ويبدو أن الشرط حاضر بقوة بدليل استمرار الحصار ومنع مواد الاعمار وكل المواد التي تدخل في صناعة الصواريخ المحلية.
اذا خطورة الاستخدام غير المنضبط للصواريخ يراكم لصالح المطلب الاسرائيلي، ويجعل الضغط على سلاح الفصائل ينحسر من مطلب عام الى مطلب خاص يكسب بمرور الوقت، لذلك من الضروري في هذه اللحظة الوطنية الصعبة والمعقدة التفكير بشكل وطني وبتروي وحكمة في منظومة المقاومة ووسائلها، وقبل ذلك أهدافها، وليس عيبا أن اعادة النظر في وسائلنا النضالية للتقييم والسير للأمام بقضية عادلة لن تؤثر عليها أخطاء ستكون هينة أمام جريمة الاحتلال وحتى لا نغطي شمس العدوان الاسرائيلي بغربال قصار النظر.


رد مع اقتباس