ملخص مركز الاعلام
ض وطنية
يوسف رزقة / المركز الفلسطيني للاعلام
ثمة حملة واسعة في وسائل الإعلام تقودها قيادات قريبة من محمود عباس, تتهم حماس بأنها تعمل لإقامة دولة أو إمارة في غزة، بالتعاون مع (إسرائيل)؛ (هكذا بالتعاون مع (إسرائيل) وليس مع إيران مثلًا؟!). ومن ثمة فإن حماس بهذا السعي تطعن السلطة والقضية الفلسطينية في الظهر، وهي بهذا تكرس الانقسام؛ (هكذا، وكأن حماس لم تتنازل عن الحكومة لإنهاء الانقسام، وكأن عباس هو الذي تنازل عن الحكومة!).
هذا الهجوم الشرس لا يقوم على منطق، ويكذب أوله آخره، ويخلو من شرف الخصومة السياسية. فحماس أولًا لا تدير مفاوضات مباشرة ولا غير مباشرة مع (إسرائيل)، وهذا ما تعلمه قيادة السلطة علم اليقين. وهنا نذكّر تلك القيادات التي تتعامل مع أوهام مريضة، أن مصر لم تدعُ أطراف التهدئة التي تلت الحرب الأخيرة إلى استكمال المفاوضات غير المباشرة بموجب نصوص المبادرة المصرية. وهي مفاوضات يرأس وفدها الموحد عزام الأحمد من قادة فتح.
لقد حكمت حماس غزة منفردة طيلة سنوات الانقسام، وعانت الحصار المشدد مع سكان غزة، ولم تُقِم دولة، أو إمارة في غزة، وظلت تحافظ على وحدة الجغرافيا الفلسطينية، ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، وتنازلت عن الحكومة في أبريل من العام الماضي من أجل ذلك، وكانت قد تحملت ثلاث حروب قاسية في ست سنوات من أجل فلسطين الموحدة، لا من أجل غزة؛ وتحملت وحدها أعباء مواجهة المعركة، بينما وقف عباس موقف المتفرج في أحسن الأحوال، وموقف المناكِف لحماس والمحرّض عليها في أثناء المعركة. فمتى كان الغزل بين (إسرائيل) وحماس على إقامة دولة في غزة؟! هل كان هذا قبل الحرب، أم بعدها؟! وهل من يغازل حماس في هذا الموضوع يقوم بحصار غزة حصارًا خانقًا مشددًا؟! إنه لأول مرة في التاريخ يكون الحصار وتكون الحرب الضروس أدوات إسرائيلية لإقامة دولة لحماس في غزة؟! (الحياء من الإيمان).
حين تكون النفوس مريضة، يكون الخيال السياسي مريضًا بالضرورة. وحين تكون المفاهيم الوطنية سلعة تجارية، تجري الخصومة السياسية في صحراء خالية من الأخلاق ومن المعرفة، ومن المعايير الوطنية، وعندها يحسب كل ناطق إعلامي، وكل من يملك وسيلة إعلامية، أنه أبو (العُرّيف)، وأن ما يقذفه في وسائل الإعلام من أوهام وتدليسات هو الحقيقة بعينها، ويحسب أنه حقق نصرًا مؤزرًا على غيره، لأنه حبك كذبته جيدًا، وتناقلتها وسائل إعلام عديدة؟!.
لقد صرح قادة حماس، وبالذات خالد مشعل، وإسماعيل هنية، بأنه "لا دولة في غزة، ولا دولة فلسطينية بدون غزة"، وأن "المصالحة، ووحدة الجغرافيا، والنظام السياسي، قواعد استراتيجية تتمسك بها الحركة، ولا تتنازل عنها"، ومع هذه التصريحات الجلية الواضحة يتحدث أصحاب الخيال المريض، وتجار الأوهام، عن دولة مزعومة في غزة تقيمها (إسرائيل) وحماس؛ لضرب المشروع الوطني (هكذا والله في تصريحاتهم مؤخرًا) وينسون أن الوقائع تكذبهم، وتكشف أمراضهم، وتفضح تدليساتهم.
إن هذا الهجوم الشرس، وإن هذه الافتراءات الكاذبة، لن تتوقف بتصريح رسمي من هنية ومشعل، بل ستبقى تتجدد في ساحات البيع والشراء السياسي في الساحة الفلسطينية، ما دام عباس يستبد بالقرار السياسي بلا حسيب أو رقيب، وطالما حاولت حماس أن تبحث عن حلول للحصار ولمشاكل السكان المدنية بعيدًا عن عباس، وستزداد الهجمة كلما تحركت حماس في الإطار العربي والإقليمي والدولي بخطوات جادة للبحث عن حلول لمشاكل غزة المدنية بعد أن تخلى عباس عنها وأهمل مطالب سكانها وموظفيها.
مقاومة الضفة بين العمل الفردي والمنظم
لمى خاطر/ فلسطين اون لاين
مع كل عملية فردية للمقاومة في الضفة الغربية تثار العديد من الأسئلة، ومعها استنتاجات مقابلة بشأن واقع المقاومة في الضفة وإمكانات تعافيها أو تطوّرها، وصولًا إلى مقدرتها على إحداث نكاية كبيرة في صفوف المحتل ومستوطنيه، وهو ما يعني عودتها لتكون رافدًا أساسيًّا لعملية المقاومة الكلية ومشروع التحرير الشامل.
ولعلها غنية عن التأكيد دائمًا أهمية ساحة الضفة الغربية تحديدًا؛ كونها بؤرة إستراتيجية يمكنها أن تفرض معادلات جديدة على الأرض في حال انتعشت فيها المقاومة وتوافر لها وقود يعين على الاستمرار، ولو بحدود "القليل الدائم" الذي يبدو في حالتها الراهنة أفضل من خيار "الكثير المنقطع"، وهذه الأهمية تحيلنا مباشرة إلى فهم أسباب حرص كل من الاحتلال والسلطة على حصار المقاومة وملاحقتها في هذه الساحة، وضخّ إجراءات كثيرة ومتواصلة من أجل إعاقة نهوضها، ووأد خلاياها في مهدها، أو توجيه الضربات الاستباقية للعناصر التي يتوقع انخراطها في العمل العسكري في حال وجدت مجالًا لذلك.
وفي وقت وصلت فيه غزة إلى صناعة الصاروخ تراجعت المقاومة في الضفة لتعيد إنتاج وسائل المقاومة البدائية المتمثلة في السكين والحجر، وذلك بفعل سياسات تجفيف منابع المقاومة التي تجري فيها، وهو ما جعل واقع العمل العسكري في كل من الساحتين متباينًا جدًّا، ومع ذلك ما زلنا نجد أن هناك من يسارع إلى القول: "إن على الضفة أن تستنسخ تجربة غزة العسكرية"، دون أن يفطن إلى اختلاف الواقع السياسي والجغرافي والميداني في كلا الساحتين، إذ لولا سيطرة حماس على غزة لكان حال المقاومة فيها الآن مماثلًا لحال الضفة، وربما أسوأ، إضافة إلى أن تحرير غزة عام 2005م أتاح لها تقدمًا عسكريًّا سريعًا لا يعيقه استنزاف الاحتلال المباشر للكوادر بالاعتقال والتصفية، إضافة إلى ما وفرته الأنفاق إبان انتعاشها من إمكانات للحصول على سلاح متطور كانت تحتاج له غزة؛ لكي يناسب مرحلة المقاومة الجديدة التي تخوضها بالصمود على جبهات الحروب الثلاث التي فتحها الاحتلال خلال السنوات الست الأخيرة.
ومع ذلك الضفة الغربية لا يلزمها تقنيات عسكرية متقدمة جدًّا، بل إن القليل من السلاح قادر على صنع المعجزات، وتغيير مجريات المرحلة بأكملها، وذلك لوفرة الأهداف التي يمكن استهدافها داخل الضفة، حيث يحضر الاحتلال والاستيطان مباشرة، ويتداخل مع التجمعات السكانية في جميع المناطق، وبات ينعكس أي اشتعال في الضفة مباشرة على واقع القدس وضواحيها، لكن المهم هو الخلوص إلى استنتاج بخصوص التقنية العسكرية الأكثر جدوى وملاءمة، والأقل عرضة للانكشاف السريع.
وحتى يكون ذلك متاحًا، أو يأتي من يأخذ بزمام المبادرة كاسرًا جمود المرحلة؛ تبقى الخلايا التي قوامها شخص واحد أقدر على الإثخان في المحتل، أي عمليات المقاومة الفردية التي تستخدم في الأغلب السلاح الأبيض، وتكون بمبادرة من صاحبها فقط دون أن تأخذ نمط العمل المنظم، لكن مشكلتها تكمن في أنها ترتبط غالبًا بالإرادة الذاتية لأصحابها التي تنبني على ردة فعل على حدث أو حالة داخل الساحة، ولذلك تكون على فترات متباعدة، غير أنها لو تحوّلت إلى نمط مقاوم دائم، أو لو وعى جمهور المقاومة والمستعدون للانخراط فيها بجدوى هذا النمط الفردي المتقدم؛ فإن من شأن زيادة وتيرتها واستمرارها أن يؤديا تلقائيًّا إلى خلخلة القبضة التي تطبِق على رقبة المقاومة المنظمة، وأن يفضيا إلى تطور طبيعي لأنماط العمل المسلّح الذي أدى غيابه إلى الإضرار بواقع الضفة، واستمرار استباحتها وتغول الاحتلال بمزيد من إملاءاته على الأرض.
الزهار لا يطحن الماء!
يونس ابو جراد / الرسالة نت
تمتاز شخصية الدكتور محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة حماس، والجراح ذو المشرط النبيل، الذي قرر منذ زمن أن يستخدمه في العمل الوطني، فيستأصل ما خبث في صحة الوطن، وعافية المرحلة.
ليس ما تقدم مدحاً في ذلك القائد الكبير، الذي يكفيه مدحاً ما ناله من لقب "والد الشهيدين" وقد قدم أنفس ما يملكه الإنسان، "خالد وحسام" رحمهما الله، وما توقّف أو تأفّف أو تخفّف من الأعباء التي حملها على أكتافه الصلبة، وسار ثابتاً بإرادته العنيدة، وظلّت عيناه النقيتين الحزينتين تستشرفان شمس الحرية والعودة.
تمتاز شخصيته بالشجاعة النادرة، وتعبيراته بالوضوح والصراحة، ينتقي من الكلمات ما يعبر به عما يختلج صدور الناس، بلا مواربة أو مجاملة، ولا أقول ذلك جزافاً، فعشرات الخطابات والخطب واللقاءات تؤكد ما ذهبنا إليه، وكثيراً ما يصدح الزهار بالكلمة الفصل في زحمة التصريحات، وارتعاش الكلمات على شفاه قائليها، وحين هروب الإجابات وقت مرور العاصفة، لا يتردد الزهار في انتقاء ما قلَّ ودلَّ وَذَلَّ أعداء فلسطين وأعوانهم.
تصريحات الدكتور الزهار في الآونة الأخيرة حملت كثيراً مما يستحق التوقف في هذا الواقع المرتبك، ولعلها تحمل بين سطورها موقف حركة حماس في كثير من القضايا التي تطرح نفسها بقوة على الساحة الفلسطينية، ومن بينها، بل أهمها ما يمكن تسميته، حقيقة الرؤية الحمساوية لمستقبل المصالحة، والتي أخذت منحى –أعني المصالحة- لم تتوافق عليه الأطراف، ولم ترض بنتائجه الحالية، حتى وصلنا إلى مرحلة ما بعد الانقسام، وما قبل المصالحة، فلا الانقسام انتهى، ولا المصالحة بدأت!
وحتى نستطلع موقف الحركة الذي جاء على لسان الدكتور الزهار في العديد من اللقاءات الأخيرة معه، نستعين هنا ببعض إجاباته على أسئلة طرحها صحفيون بلسان قطاع عريض من الجمهور الفلسطيني، ففي أحدث لقاء نشره موقع فلسطين اليوم بتاريخ 13/4/2015، سُئل الزهار: "برأيك إلى أين يتجه قطاع غزة في ظل الوضع الراهن؟ فكانت إجابته: "واضح أن الضفة الغربية تريد أن تدمر غزة، ونحن في غزة لن نسمح لهم بذلك، بالتالي من الذي يستطيع أن يفرض برنامجه، هل برنامج الإعمار وصمود الشارع والمقاومة، أم برنامج تجويع القطاع وحرمانه من الوظائف والرواتب وإضعاف مقاومته، بكل تأكيد لن نسمح بذلك".
ونحن هنا لسنا بحاجة لقراءة ما بين السطور، طالما أن ما حَمَلَتْه السطور واضح المبنى والمعنى. فهو كما يفهم القارئ النبيه لا يقصد "بالضفة" سوى سكان المقاطعة من ألفهم إلى الياء. وعليه فما طبيعة العلاقة المتوقعة بين حماس وفتح، وما مستقبل المصالحة بينهما في ظل خطة تدميرية لغزة؛ مقاومةً وبنيةً تحتية وعزّة نفسٍ أبية، على يد آثمة الأصابع، مجهولة الهوية.
ولدى سؤاله عما طالعنا به وزير خارجية السلطة من أنهم لن يترددوا في تسليم أي مطلوب فلسطيني لمحكمة الجنايات الدولية؟ قال: " ..... بالتالي هذا الكلام يبيعونه لإسرائيل ليقولوا نحن ما ذهبنا لمحكمة الجنايات لمحاكمة إسرائيل، وإنما لمحاكمة حماس".
ولعلّ هذا يعكس منسوب الثقة لدى حركة حماس بالسلطة الفلسطينية، وقيادتها التي تعمل -والكلام للزهار- عند إجابته على اتهامات عباس لحماس بسعيها إلى إقامة "دولة غزة" قائلاً: "ولذلك "أبو مازن" حتى يبقي الوضع على ما هو عليه في غزة يقول عن أي محاولات لإيجاد حل يسميها دولة غزة أو انفصال غزة عن الضفة، أصلاً غزة مفصولة عن الضفة، والضفة مفصولة عن الضفة، والضفة مفصولة عن القدس، وبالتالي مصطلحات "أبو مازن" لا تؤثر فينا ولا تخفينا ولا تؤثر في الجمهور لأنهم عارفين أن "أبو مازن" متعاون كبير مع العدو الصهيوني، بالتالي لا يؤخذ بكلامه". انتهى.
في نهاية الفقرة السابقة أنت تقرأ ما في عيون حماس عن "عباس"، فأبو مازن كما ورد ليس أقل من "منسّق أمني"، وليس أكثر من متعاون كبير، أو فإنَّ ما ورد هو التوصيف الأنسب لمن يرى أنَّ التنسيق الأمني مقدس، وأنَّه لن يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة، وأنه لن يعود إلى صفد إلا زائراً، -وأنه سيستقبله الآلاف لو ذهب إلى غزة- وهذه جملة اعتراضية لا محل لها من السياسة- استخدمها عباس في آخر تصريحاته المثلجة القادمة من موسكو.
أما الحكومة فقد نالها من -الحب- جانب، ولا أعتقد أن الزهار وجد صعوبة أو احتاج إلى تفكير عميق كي يجيب عن سؤال زميلنا الصحفي حول "الحكومة الفاشلة" كما يحب الزهار أن يسميها.
"س) هل تعتقد أن قرارات الحكومة الأخيرة من تشكيل لجنة لاستلام المعابر وإقرار دوام الوزراء في غزة .. تهدف لوضع حماس في الزاوية أمام الرأي العام؟
ج) إسرائيل لم تستطع وضع حماس في الزاوية، هم أصلاً خلقوا وولدوا وهم في الزاوية، مشروعهم أفلس وانتهى، ولم يحقق شيء، ويحاولون هدم المعبد على من فيه".
وهذه إجابة لا تحتمل التأويل، فما عبر عنه الزهار هو في جوهره ما يدور في كواليس العلاقات الوطنية الداخلية، وما يتهامس به القادة من فصائلنا الفلسطينية، ولا يقوى على التصريح به إلا قلة منهم، فإلى متى يكتفون بالهمز واللمز والغمز، وهل يجتمعون على كلمة سواء تجمع شتاتنا، وتحمي ثوابتنا؟
ولا يظنن القارئ الكريم أن خبراً بالبنط العريض تنشره إحدى الصحف الفلسطينية حول معارضة قادة منظمة التحرير مفاوضات حماس مع إسرائيل من أجل إقامة دولة في غزة، يعبر حقاً عن منظمة قوية تجمع تحت مظلتها الكل الفلسطيني، فبعيداً عن انحياز تلك الجريدة لطرف دون آخر، غالباً لا تصدر تلك الأخبار إلا عن المكتب الإعلامي لحركة فتح، أو في أحسن الأحوال عن مكتب الرئاسة، وهي أخبار لا تستند على أي دليل سوى ما يدور في خيال "رئيسنا" الذي في المقاطعة.
لا شك أنَّ هذه التصريحات التي استوقفت قطاعاً واسعاً من شعبنا تعبر عن أزمة عميقة في العلاقات الوطنية التي كانت أولى ضحايا فريق التسوية، حين وقَّع عباس على اتفاقية أوسلو بيده اليسرى، ودقَّ مسمار الانقسام الآثم في جسد الوحدة الفلسطينية بيده اليمنى.
لست متردداً في أن أضم صوتي إلى كوكبة من الوطنيين الأحرار، الذي لا يرون ما يحدث في هذه الحقبة من تاريخ قضيتنا مجرد "مناكفاتٍ" إعلامية، بقدر ما هي شروخ في العلاقات الوطنية التي انتقلت عدواها من صفوف القيادات الحزبية إلى أزقة المخيمات والجامعات والقرى والمدن، وقد تسبب بها من تحول إلى أداة في يد الإحتلال، يحركه بالريموت كونترول كيفما يشاء. وعليه فلا مناص من تصويب البوصلة، وتعديل الانحراف الخطير الذي ساقنا إلى هذه الهاوية السحيقة، فهل يعقلون؟!
اليرموك والمزاد الدموي
إياد القرا / فلسطين اون لاين
الدماء الفلسطينية ما زالت تنزف في مخيم اليرموك، دون أي اعتبار أو تحرك من المنظمات والمؤسسات الدولية، وسط تقاعس عربي وأممي، بل انتقل إلى المتاجرة من قبل بعض الأطراف الفلسطينية بهذا الملف، في سياق لعبة قديمة جديدة، تدخل فيها التحالفات والمزاودات العلنية والسرية والاتفاقيات التي تعقد تحت الطاولة.
مشهد اليرموك يتكرر اليوم في ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية الداخلية التي دفع ثمنها الفلسطيني كثيراً وجرت فيها دماء غزيرة، بسبب المواقف التي اتخذتها فصائل منظمة التحرير ذاتها في حينه، واليوم تكرر التجربة دون أي اعتبار لحرمة الدم الفلسطيني.
تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني يطلب من النظام السوري التدخل لتحرير مخيم اليرموك وطرد جماعة "داعش" منه، بينما أحمد مجدلاني يقول: إن منظمة التحرير لم تطلب التدخل في الأزمة، وهذا يظهر بوضوح التهرب الذي تمارسه المنظمة من المسؤولية ولعب الأدوار، والذي يؤدي لنتيجة واحدة أن الدم الفلسطيني هو المستباح، وبعدها إخلاء المخيم من اللاجئين.
إخلاء المخيم ودخول النظام السوري بدعوة من منظمة التحرير يمثل نهاية مخيم اليرموك وتشريد 18.000 فلسطيني مجدداً وإنهاء رمز من رموز اللجوء الفلسطيني الذي حافظ على هويته على مدار خمسين عاماً.
الجميع يقف ضد مجموعات "داعش" التي تمارس القتل والإرهاب ضد الفلسطينيين في المخيم وتسعى للتخلص من "جماعة أكناف بيت المقدس" التي تتصدر الدفاع عن المخيم إلى جانب بعض المجموعات والأهالي، وبذلك تواجه مجموعات "داعش" والمجموعات التي تتبع للنظام السوري التي تحاصر المخيم منذ ثلاث سنوات، والآن تقوم بقصف بالبراميل المتفجرة، وهدم ما تبقى من المخيم على رأس سكانه من الأطفال والنساء وما تبقى من الأهالي الذين رفضوا ترك المخيم إلا بالعودة إلى فلسطين.
المزاد الذي فتحته قيادة منظمة التحرير حول مخيم اليرموك يدعونا إلى الوقوف أمام التساؤل المشروع، هل منظمة التحرير جديرة بأن تمثل الشعب الفلسطيني؟، وهل القرارات التي تتخذ بعيداً عن الإجماع الفلسطيني تمثلنا جميعاً؟.
قائمة طويلة من الأسئلة المشروعة التي تطرح في كيفية معالجة الأزمة في مخيم اليرموك، ولعل الأهم من يوقف المزاودة والمجازفة التي تقودها منظمة التحرير بجر ما يقارب مليون لاجئ فلسطيني في سوريا ولبنان لمواجهة مع جماعة "داعش" والنظام السوري، بعد دعوة منظمة التحرير اللاجئين الفلسطينيين إلى التدخل في الأزمة السورية، وقد يكون ظاهرها حقًّا وباطنها باطلًا، يراد من خلالها إنهاء قضية اللاجئين في سوريا ولبنان، وبذلك يتحقق الحلم الصهيوني بإنهاء حق العودة إلى الأبد.


رد مع اقتباس