النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 14/07/2014

  1. #1

    اقلام واراء عربي 14/07/2014

    في هــــــــــــذا الملف:
    رأي القدس: إسرائيل بصفتها نظاما عربيا
    بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
    العدوان الاسرائيلي والميزان المذهبي للصراع
    بقلم: وسام سعادة عن القدس العربي
    تموز الفلسطيني وتموز اللبناني
    بقلم: غسان شربل عن الحياة اللندنية
    الرابحتان من العدوان على غزة
    بقلم: محمد أبو الفضل عن العرب اللندنية
    غزة بين العدوان والاستثمار
    بقلم: خليل حسين عن الخليج الاماراتية
    عن المقاومة الراهنة في فلسطين
    بقلم: المختار ولد نافع عن العربي الجديد
    مأساة في غزة
    بقلم: سلمان الدوسري عن الشرق الأوسط
    الصراخ العربي الفارغ
    بقلم: علي بردى عن النهار البيروتية
    أنقذوا غزة.... ولا تفقدوها
    بقلم: نـضال الـحـياري عن الرأي الأردنية
    لماذا لا يذرف المصريون الدمع على غزة؟
    بقلم: جمال أبو الحسن عن المصري اليوم
    رأي الوطن : ليت الجامعة لم تتحرك من أجل غزة!
    بقلم: أسرة التحرير عن الوطن العُمانية
    يخنقون غزّة ويعجبون لماذا تطلق الصواريخ!
    بقلم: عبدالوهاب بدرخان عن العرب القطرية
    كيف يحول الإعلام الغربي إسرائيل إلى ضحية والقطاع إلى قاتل؟!
    بقلم: تحسين الحلبي عن الوطن السورية
    غزة في قلوبنا أليس كذلك؟
    بقلم: عبدالله بن بخيت عن الرياض السعودية
    دعوة الشعب الفلسطيني للتهدئة خيانة عظمى
    بقلم: اسماعيل القاسمي الحسني عن رأي اليوم اللندنية





    رأي القدس: إسرائيل بصفتها نظاما عربيا
    بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
    رغم بعض التصريحات الغربية الخجولة عن العدوان الوحشي على الفلسطينيين مثل أن رد إسرائيل «غير متوازن»، وأن «ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين غير مبرر»، نجد أن الجهد الدبلوماسي الغربي، والأمريكي خصوصا، متركّز حالياً على المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي، فجل ما يهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الواصل الى فيينا، وكذلك نظراؤه وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المجتمعين هناك، هو «التأكد من أن ايران لن تطور سلاحاً نوويا»، بما يذكّرنا طبعاً بملف الأسلحة الكيميائية السورية الذي تم بيع السوريين مقابل ضمان النظام السوري شطبه.
    وفي ظل المذبحة الجارية على طول المنطقة العربية وعرضها، وخصوصا في سوريا والعراق، والإستقطابات السياسية الهائلة في مصر وليبيا واليمن، لا يبدو العدوان الإسرائيلي نغمة نشازاً بعيدة إذا قيس ببراميل الأسد والمالكي المتفجرة، وسيسهل، على آلة الإعلام والدبلوماسية العالمية، تذويب مئات القتلى والجرحى والمهجرين الفلسطينيين ضمن القيامة الحاصلة في أرجاء الأرض العربية، مقابل التأكد من أن إيران لن تشكل خطراً على أمريكا وأوروبا وإسرائيل.
    ورغم التغطية الإعلامية والسياسية المنحازة لإسرائيل، فإن المشهد العربي يساهم في تغييب انتماء إسرائيل المزعوم الى عالم الديمقراطيات الغربية، لصالح ضمّها الى «شعوب الشرق الأوسط» وأزماتهم التي لا تنتهي، بحيث يبدو القتلى والجرحى الفلسطينيون جزءاً من المشهد العربي العام (رغم الرطانة البلاغية عن صراع الوجود العربي الإسرائيلي)، وتتم إضافتهم الى هامش الإرهابيين القادمين لترويع الغرب باسم الإسلام، وهكذا تغدو إسرائيل أقرب الى الأنظمة العربية المستبدة من أي وقت من تاريخها.
    تتفوق إسرائيل على الأنظمة العربية «الشقيقة» في قدرتها على ترويض طرق الاستبداد خاصتها، فرغم حديث الإعلام الإسرائيلي عن الحلف الإسرائيلي العربي ضد الإرهاب، وعن ضرورة أن لا تخذل آلة الهمجية الإسرائيلية أشقاءها من الأنظمة العربية، والإمكانيات التي يوفّرها فتح قوس القمع على آخره، كما فعلت أنظمة سوريا والعراق ومصر، فإن اسرائيل لم تنجرّ (حتى الآن، رغم «نصائح» بعض أجهزة المخابرات العربية لها) إلى تجريم الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، كما أنها، على عكس أنظمة سوريا والعراق ومصر، لم تشتر نظرية «القضاء التام على الإرهاب»، ومرادفها، في الحالة الفلسطينية بالطبع، هو احتلال قطاع غزة وإعدام قادة وكوادر حماس والجهاد، لأنها تعلم أن أكلافه المستقبلية عليها أكبر بكثير فوائده، وهو درس لا تريد الأنظمة العربية «الشقيقة»، أبداً، أن تتعلمه.
    احتلال إسرائيل لجزء كبير من فلسطين التاريخية، جعلها بالضرورة، جغرافيا، ثم سياسياً، جزءاً من المنظومة العربية، تأثراً وتأثيراً، وهي رغم تذكيرها النوستالجي لبعض أمم الغرب بأيامها الكولونيالية الإمبراطورية، ولكنّ هذه النوستالجيا لا تستطيع أن تحافظ على معنى لاستمرار هذا المشروع الإستعماريّ، بالاستناد الى ترسانته النووية وقوّته العسكرية الهائلة فحسب، وهو محكوم بالتالي بالتعاطي مع قوانين التاريخ والجغرافيا التي تحيط به.
    في هذا السياق فإن محاولات الأنظمة العربية تطويع شعوبها وكسر نضالاتها ضد الاستبداد والفساد يقدّم مساهمة معتبرة في حصار الفلسطينيين، أقلّه من ناحية إظهار الوحشية الإسرائيلية أكثر تقنيناً ودقّة من عشوائية وهمجية الدكتاتوريات العربية، لكنها من ناحية أخرى، تجدل بالضرورة، نضالات الشعوب العربية ضد الاستبداد، بنضالات الفلسطينيين ضد الاحتلال ومشروع الصهيونية الكولونيالي، مما يفتح الباب لإسرائيل (أكثر ما يفعل مفاعل ديمونا النووي، وطائرات الإف 16) للإنضمام الصريح الى حلف الاستبداد العربي العام، وربما قيادته؟
    أكثر من أي مرة في التاريخ يبدو المشهد العربي، رغم تعقيداته، متجانساً تجانساً كبيراً، لن تستطيع تصريحات القادة العرب وأموالهم التي قيل إنها عادت للدخول الى خزينة حكومة رام الله الفلسطينية، تمويه مساهمات الكثيرين منهم في العدوان على غزة، كما تفعل إسرائيل، وأكثر.

    العدوان الاسرائيلي والميزان المذهبي للصراع
    بقلم: وسام سعادة عن القدس العربي
    يأتي العدوان الاسرائيليّ الراهن على الفلسطينيين في لحظة اقليمية يستعر فيها التصادم المذهبيّ في المشرق العربي، بأنهار من الدماء، ومناخات احيائية ومهدوية، ووقائع غلبة وسفك دماء وشهوات إباديّة.
    يأتي العدوان – الحدث ليُتَرجَم على الفور كعدوان – مناسبة. هي «مناسبة» لقراءة الصراع مع اسرائيل من معين الصراع المذهبي السنّي – الشيعيّ، كما أنها «مناسبة» لقراءة انفجار هذا الصراع مجدداً كطوق نجاة من الفتنة المذهبية. وفي معظم الأحيان يتداخل المستويان.
    كأنّه كُتِبَ على الصراع العربي الاسرائيليّ أنْ يؤرّخ هكذا: فترة نشأته في ظلّ الهيمنة الاستعمارية البريطانية على المنطقة، وفترة توطّده بالحروب النظامية في مرحلة الاستقلال الوطني والحرب الباردة، ثم فترة التداخل والتنابذ بينه وبين الاستقطابات والتصادمات ذات المنحى المذهبي في المنطقة.
    وهذا اتخذ في السنوات الأخيرة طابع الانشطار الرمزيّ بين «المآل الشيعي لقضية فلسطين» وبين «المآل السنّي للفلسطينيين».
    فالمآل الشيعي لـ»القضية» عمره من عمر الثورة الايرانية وتمدّد نظامها في الاقليم، في مقابل كبوة مصر ونكبة العراق ورحيل ياسر عرفات. يتكثّف هذا المآل في صيحة أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله «نحن شيعة علي بن ابي طالب لن نتخلى عن فلسطين»، وذلك على وقع تدخله ضد ثورة سورية ذات «طابع سني».
    و»المآل السنّي للفلسطينيين»، لم تتكفّل به الأبعاد المذهبية للصراع بين النظام السوريّ ومنظمة التحرير على الأرض اللبنانية، بقدر ما تكفّلت به القطيعة بين حركة حماس والنظام السوري، وسط انتشار شعور ملتبس بوجود مسألة «عربية سنية» عابرة للحدود في هذا المشرق العربي، وعابرة للاحتلال الاسرائيلي نفسه.
    واحتساب الأقوام بميزان «الشيعة والسنة» غير ثابت وغير مرتبط بالانتماءات الدينية فقط. لم يكن بديهياً أبداً قبل عقود قليلة أن يُحتَسَب العلويون ضمن «كلّ شيعي» في مقابل «الكلّ السنّي»، وأن لا يُحتَسَب الدروز كذلك بالقدر نفسه. ولم يكن واقعياً، في زمن القمع الصدّامي للأكراد، أن يُقيّد الأكراد على انتمائهم المذهبي، على النحو الذي أوصله نوري المالكي الى ذروته القصوى باعتبار اربيل قاعدة لتنظيم «داعش». في المقابل، «الشعور بالسنّة» لم يكن مستقرّاً أبداً عند الفلسطينيين، حيث يتداخل بأنماط شتى من التقارب والتنافر مع الهويات الأهلية الأخرى.
    زد على انّ «الوعي السنّي» في شعب السواد الأعظم من مسلميه من أهل السنّة لا يمكنه أن يكون بحيوية ومحورية هذا الوعي عند شعب ينقسم مسلموه بين المذاهب المختلفة بشكل جديّ ويتخذ الانقسام المذهبي فيه خواصَ اثنية جزئية أو شاملة، يمكن أن تُحبَس أو أن تُصعّد بحسب الموازين الديموغرافية الاقتصادية والسياسية، وتبعاً لانتشار العقائد التي تستثمر في هذا الانقسام، وتلك التي تعيد انتاجه بالمكابرة عليه ظاهراً، ومفاقمته واقعاً.
    ما زالت العلاقة بين الصراع العربي الاسرائيلي وبين الصراع المذهبي السني الشيعي في قيد «غير المفكّر» به بامتياز في هذه المرحلة. أن يأتي العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين كمناسبة جديدة تغتنمها آليات تقاذف تهمة «التخاذل» مذهبياً، أو التزاحم على «شرعية ادارة الصراع» مذهبياً أيضاً، أو أن يأتي هذا العدوان كمناسبة للاعتقاد بامكان «هجر الفتنة» الى حيث وطنية وقومية وحضارية الصراع، فهذا يعني، في الحالتين، المتداخلتين، عدم التمكّن من الشخوص الى ما يصنع الفارق بين الصراع مع اسرائيل وبين الكوارث الدموية الأخرى التي نكابدها على يد الأنظمة الاستبدادية والحروب الأهلية ذات المنحى الاثني والمذهبي.
    وانه، من قبيل التسطيح أن تختزل المسألة بالاحتساب العددي للضحايا في العراق وسوريا مقارنة بالفلسطينيين. ان يتجاوز ضحايا الاستبداد والحروب الاهلية عدد ضحايا الاستعمار فهذا على مرارته ينبغي ألا يلغي «الفاصل الكولونيالي» بين آليات قمع وتدمير لشعب تأتيه من ما وراء المحيطات، وبين آليات قمع وتدمير سيبقى من الممكن، نظرياً على الأقل، وعملياً أيضاً، أن تتنازع عليها الأقوام المختلفة في بلد واحد لـ»تجريبها» ضدّ بعضها بعضاً، تداولاً، أو تعاقباً، أو تزامناً.
    ما يجري اغفاله انّ الفلسطينيين عندما ينكّل الاسرائيليون بهم لن يصفوهم بأنهم «مثل صدّام حسين وبشّار الأسد»، في حين أنّه، ما بين طغاة المنطقة وشعوبها، يمكن أن «يؤسرل الخصم» سواء كانوا قوماً مضطهداً على يد طاغية، كـ»أسرلة» الأكراد مثلاً، أو كان طاغية مضطهِداً لأنسجة اكثرية ثائرة عليه من مجتمعه، كـ»أسرلة» صنيع بشار الأسد في خطاب المعارضين السوريين.
    الاختلاف الأساسي قائم هنا. يمكن للمضطهَد فئوياً في العراق أو في سوريا أن يتخيّل قلب المعادلة لصالحه وبالوسائل نفسها أو ما يعادلها، في حين لا يمكن أن يتخيّل الفلسطينيون ذلك في مواجهة الاسرائيليين. هذا الفاصل «الكولونيالي» لا يجوز ولا يمكن تضييعه. من دونه يصير العدوان على غزّة «مناسبة» تضيع في دماء المنطقة، في حين أنّ حدّاً أدنى من «ترسيم الحدود» بين مستويات الصراع المختلفة في المنطقة.
    هو الصراع العربي الاسرائيلي في زمن التصادم المذهبي، والعلاقة بين المستويين ليست علاقة سبب ومسبب، وفاعل ومنفعل، من دون ان تكون مع ذلك علاقة بين متوازيين مصادفة، او بين متقاطعين عرضاً. لم يصنع وجود اسرائيل الاستقطاب السني الشيعي لكن اعطاه نمطاً مختلف كثيراً عما قبله. لن يصنع العدوان الحالي محطة لهجر التصادم السني الشيعي، او لكسر حدّته، لكنه من حيث هو عدوان، ومن حيث هو مقاومة لعدوان، سيعطي حججاً أساسية للأبعاد «الناسوتية» من الواقع، في مقابل المناخات الاحيائية، المهدوية منها والاستخلافية، هذا في الوقت نفسه الذي سيجد الباحث عن «المؤثرات الميثولوجية» ضالته.

    تموز الفلسطيني وتموز اللبناني
    بقلم: غسان شربل عن الحياة اللندنية
    يسكب الجيش الإسرائيلي ناره على غزة. يعاقب البشر والحجر. صواريخ «حماس» و «الجهاد» تصل تل أبيب والقدس وحيفا وتقترب من مفاعل ديمونة. تتذكر الدولة العبرية انها دولة صغيرة هشة. على سكانها المسارعة إلى الملاجئ لأن خالد مشعل ورمضان شلّح قررا الرد على النار بالنار.
    تتذكر إسرائيل أنها دولة هشة. لا مناطق آمنة فيها. ومساحتها أقل بكثير من الأراضي الخاضعة لـ «الخليفة» أبو بكر البغدادي. وأقل أيضاً من مساحة الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» في سورية. أقول دولة هشة ولا أقول إنها مهددة بالتفكك أو الانهيار.
    الصواريخ سلاح الفقراء. سلاح الذين لا قدرة لهم على اقتناء طائرات حديثة تمتلك قدرة استثنائية على التصويب والتدمير. هي رسائل لاختراق الأمن والهيبة، والتذكير بأن النزاع لم يحسم، وأن أصحاب الحق لم يتنازلوا عنه، وأنهم ليسوا في وارد الاستسلام تحت وطأة الخلل الهائل في ميزان القوى.
    تحاول الصواريخ أن تكون سلاحاً رادعاً. تقول إن عهد الاستباحة الكاملة مضى، وإن للغارات الإسرائيلية الوحشية ثمناً، وإن الإسرائيلي لن ينعم بالهدوء إذا حرم ابن غزة منه، وإن على الاقتصاد الإسرائيلي أن يدفع هو الآخر ثمن غطرسة آلته العسكرية وعدوانها، وإن «القبة الحديد» لا تكفي للاحتماء من مطر الصواريخ، فضلاً عن كونها مكلفة.
    يسكب الجيش الإسرائيلي ناره على غزة. صواريخ تموز (يوليو) الفلسطيني الجاري تذكره بصواريخ تموز 2006 اللبناني. بين التموزين خيط من الدم وخيوط أخرى كثيرة.
    تموز اللبناني هو الذي أدخل الصواريخ الى معادلة الأمن الإسرائيلي. فوجئت إسرائيل بهذا التطور العسكري، واضطرت إلى قبول وقف النار قبل أن تتمكن من تدمير الصواريخ أو إسكاتها. للمرة الأولى لم تتمكن إسرائيل من حسم الحرب لهذا اعتبرت هزيمة لها. لكنها حصلت في وقف النار على معادلة أبقتها منذ ذلك التاريخ بمنأى عن الصواريخ النائمة في مخازن «حزب الله».
    كانت لتموز اللبناني نتائج أخرى كثيرة. تأكيد مرابطة إيران على حدود إسرائيل مع جنوب لبنان. مساعدة سورية على الخروج من العزلة التي دخلتها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) 2005. تشجيع إيران وسورية على الذهاب أبعد في استنزاف الاحتلال الأميركي للعراق. منع قيام حكومة لبنانية مستقرة معادية للنفوذين السوري والإيراني. تحول «حزب الله» لاعباً إقليمياً وجيشاً متماسكاً قادراً على أداء أدوار أخرى.
    تنطلق صواريخ تموز الفلسطيني في منطقة أخرى. الجيوش العربية تآكلت أو غرقت في دم شعوبها. وحدات كاملة من الجيش العراقي تركت أسلحتها ومقارّها مقدمة لعناصر «داعش» هدية لم يحلموا بمثلها. الجيش السوري يقاتل في حلب ودرعا وغوطة دمشق، ولا شيء يضمن أن السنة الرابعة من الحرب ستكون الأخيرة.
    الجيش اللبناني يخوض معركة ضد الإرهاب في الداخل، وعدم تمتعه بحصرية السلاح ينذر بتعقيد علاقاته بالمكون السنّي. و «حزب الله» الذي أمطر إسرائيل بالصواريخ في تموز 2006، يقاتل في تموز الجاري على الأرض السورية. الجيش المصري الذي لعب دوراً حاسماً في الانتفاضة التي طوت صفحة «الإخوان» في مصر، يقاتل هو الآخر الإرهاب في سيناء والمدن المصرية. ولا يغيب عن الحساب أن «حماس» تدفع هي الأخرى ثمن محاولة «الإخوان» الاستيلاء على «الربيع العربي». غادرت سورية وهي متهمة في مصر.
    ربما بسبب هذه اللوحة القاتمة يراهن بنيامين نتانياهو على تأديب غزة وتموزها وصواريخها. لا يبخل الفلسطينيون بالتضحيات. المقاومة خيارهم وقدرهم. لكن تموز الفلسطيني يجري فيما الأمة مُشلّعة الدول والجيوش والإرادة. أمة يلعب الجيران على أرضها وتغص عواصمها بالجيوش الصغيرة والجثث والنازحين.

    الرابحتان من العدوان على غزة
    بقلم: محمد أبو الفضل عن العرب اللندنية
    طبعا إسرائيل قامت بالاعتداء على غزة لتحقيق جملة من المكاسب الأمنية والسياسية، وسواء حققتها أو أخفقت في الوصول إليها، فهي مفهومة ومعروفة، ومن السهولة التوصل إليها، لكن هناك طرفين مهمين، سوف يحققان نصرا مختلفا، مهما كانت نتيجة العدوان الإسرائيلي على القطاع، وهما حماس ومن خلفها إيران.
    فقد جاءت العمليات العسكرية الأخيرة كطوق نجاة وخلاص للأولى من أزمة سياسية كادت أن تعصف بها، وقدمت للثانية مزايا نسبية تساعدها على إعادة ترتيب أوراقها الإقليمية، ويبدو أن كلا منهما كانت تنتظر هذه اللحظة، حتى يتسنى تأكيد دورها في المنطقة وجني مجموعة من الأرباح الثمينة، تعزز مكانتها في بعض القضايا الحيوية، بما يردع محاولات كبح الجماح التي تحاول جهات متعددة القيام بها.
    الحاصل أن حماس تسعى إلى استثمار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ليس لكي تعود القضية الفلسطينية إلى الواجهة، عربيا ودوليا، لكن حتى تعود الحركة إلى تصدر المشهد مرة أخرى، بعد أن أصيبت بانتكاسة سياسية، عقب تورطها في عمليات أضرت بالمصالح المصرية، عندما كانت جماعة الإخوان في سدّة الحكم، كما أنها ارتكبت حماقات سياسية مختلفة، أثرت على مركزيتها في حقل المقاومة الفلسطينية، وقبلت بمصالحة شكلية مع الرئيس محمود عباس، كنوع من الانحناء للعواصف السياسية فقط، لأن موقفها الضعيف أوصلها إلى الانصياع لأشياء رفضتها من قبل، وبالتالي لم تفوت الفرصة لاستثمار العدوان، وبالغت في شروطها التعجيزية لوقفه، ورفضت تدخل وسطاء للتهدئة، أملا في أن تقف على رجليها مرة ثانية.
    سواء كان العدوان مقصودا منه دعم حماس، فلسطينيا وعربيا، أو الحدّ من صواريخ المقاومة فعلا وإجبار أبو مازن على تليين موقفه في المفاوضات، فالحركة عادت تتصدر المشهد السياسي والأمني، باعتبارها جزءا أساسيا في المعادلة الفلسطينية، وهو ما يسحب من رصيد غريمتها حركة فتح، ويمنح الأولى فرصة للتنصل مما قبلته سابقا بخصوص المصالحة وحكومة الوحدة الوطنية وشروط التسوية السياسية، لذلك تسعى إلى إطالة أمد الصراع، بصرف النظر عن الخسائر البشرية التي يتكبدها الشعب الفلسطيني في غزة، كما أن العدوان جعل مصر تغض الطرف عن تصرفات حماس السلبية، وتضطرّ للدخول في حوارات مباشرة معها للبحث عن حل له، وتفتح القاهرة معبر رفح الحدودي وتستأنف تقديم المساعدات الإنسانية، بعد فترة من القطيعة.
    إذا كانت حماس فكرت بهذه الطريقة البراجماتية، فإن إيران هي المستفيد الثاني الخفي، وقد يكون العدوان الإسرائيلي جاءها على طبق من فضة، ليعيد إليها حليفتها حماس، التي كانت أظهرت قدرا من التململ حيال طهران، ومالت بعيدا عنها، وربما أوشكت في وقت سابق أن تفقد هذه الورقة، لكن العدوان على غزة أجبر الحركة على العودة بلا تردد إلى حضن إيران، لزيادة وتيرة الدعم الذي تأثر بمواقف حماس التي لم تكن طهران راضية عنها، وعقب سقوط حكم الإخوان في مصر لم تجد الحركة بدّا من العودة إلى الفيلق الإيراني، الذي سيتزايد جراء تواري الداعمين الآخرين لها، لكنها عودة بدت ذليلة، والآن تستردّ زخمها.
    حسابات طهران لا تتوقف عند حماس، فأزمة العدوان سوف تربك أيضا تقديرات بعض اللاعبين في سوريا، وقد تبعد أنظارهم عنها، بما يسمح لدمشق بمواصلة تجاوزاتها وسط صمت إقليمي وغياب رد الفعل الدولي، وفي النهاية تتمكن إيران من مواصلة تثبيت أركانها هناك، ومن الممكن أن تضطرّ القوى الرئيسية للتعامل على مضض مع نظام الأسد، وتتراجع فكرة الضغط على طهران لفك طلاسم تحالفها مع دمشق، كمدخل لإنهاء حكم الأسد، وكأداة لإجبار إيران على القبول بصيغة للتفاهم معها حول عدد من الملفات الشائكة، وفي مقدمتها ما يعرف بالأزمة النووية.
    مكاسب طهران من العدوان تتجاوز ذلك بكثير، لتصل إلى حدّ العراق، حيث شغلت المنطقة بتنظيم “داعش” وبدأ البعض يتيقن من وجود دور إيراني يقف وراء صعود هذا التنظيم، وكيلت الاتهامات لحث طهران على فرملة تدخلها المستمرّ في العراق، وأصبح موقفها محرجا أمام عدد من الدول العربية، فهي لن تستطيع التخلي عن حليفها نوري المالكي، ولن تتمكن من الاعتراف بتغذية البعد الطائفي، لذلك جاء هذا العدوان لينقذها من ورطة “داعش”، وتنشغل جهات إقليمية مؤثرة بغزة وما يجري فيها وحولها، وتخف الانتقادات الموجهة إليها بسبب دورها في العراق.
    كما أن إسرائيل المنشغلة بالحديث عن هيمنة إيران وملفها النووي، بدأت تلتفت إلى ما يدور في القطاع، وتجرّ معها الكثير من حلفائها إليه، ناهيك عن مصر التي تطمح إلى القيام بدور إقليمي ومساندة الدول الخليجية، وجدت نفسها مهمومة، دون إرادتها بغزة، الأمر الذي يخفف تطلعاتها للتأثير في قضايا أخرى، من بينها طموحات طهران في منطقة الخليج، من هنا تسير التطورات، عن قصد أو من دونه، لصالحها، وتحاول توظيف الموقف لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة، وكأن إسرائيل قامت بما تقوم به في القطاع لدعم حماس، وتفتيت الجبهة المناهضة لإيران، أو على الأقل شغلها بقضايا بعيدة عنها، حتى تظل لطهران اليد الطولى في المنطقة تدفع بها من تريد أن تناطحهم من خصومها، وتقلق من يريدون تحجيم دورها.

    غزة بين العدوان والاستثمار
    بقلم: خليل حسين عن الخليج الاماراتية
    في تسعينات القرن الماضي أطلق، رئيس الوزراء الأسبق، اسحق رابين، أمنية أن يستيقظ يوماً ويرى البحر قد ابتلع قطاع غزة، وفي الواقع لم يتخلف أحد من القادة "الإسرائيليين" عن هذه الأمنيات العنصرية، التي كانت تظهر في جميع أسماء العمليات التي كانت تطلقها في بدء كل عدوان، ومنها الرصاص المسكوب، وآخرها الجرف الصامد، وهي دلالات تخفي الكثير من صور العنصرية والشوفينية .
    وبصرف النظر عن مسببات العدوان وأهدافه وتداعياته الإقليمية، ثمة العديد من المفارقات التي حكمت انطلاقة العدوان وكيفية المواجهة وبالتالي إمكان النظر في نتائجه لاحقاً . في الاعتداءات الموسعة السابقة ومن بينها العام 2008 - ،2009 تمكنت المقاومة في غزة من مواجهة العدوان بأساليب تقليدية، وطورت وسائلها في عدوان 2012 كماً ونوعاً، ما أعطى القوى الفلسطينية مزيداً من الثبات في مواجهة "إسرائيل" رغم الظروف العربية والإقليمية المحيطة، الضاغطة على الوضع الفلسطيني .
    اليوم بدأ العدوان بنية "إسرائيلية" متدحرجة نحو توسيع العمليات وتكثيفها، لكن المفاجأة وحتى السابقة، قيام القوى الفلسطينية بعمليات استباقية براً وبحراً (قاعدة سيزكين) نحو أهداف عسكرية "إسرائيلية" تعتبر استراتيجية وفقاً للتصنيف العسكري، ما يعني أن المقاومة بدأت تكتيكاً استراتيجياً مغايراً يمكن إعادة خلط الأوراق والتأثير في مجمل التفاهمات التي يمكن التوصل إليها لاحقاً، وما يعزز هذا الانتقال النوعي في التعاطي مع مواجهة العدوان، استعمال صواريخ بعيدة المدى m 302 أصابت تل أبيب والقدس، وحيفا والخضيرة للمرة الأولى، وهي إشارة واضحة بأن التصعيد "الإسرائيلي" سيواجه بردود موجعة من الصعب أن تتحملها "إسرائيل" لأوقات مفتوحة وغير محدّدة .
    وبصرف النظر عن حدود العدوان ونية طرفيه المباشرين في إدارة الأزمة الحالية، ثمة إمكانية لإعادة تموضع لأطراف عربية وغير عربية في استثمار الأزمة ومحاولة الاستفادة منها كل بحسب ما يريد، وهذا ما اعتاد عليه الوضع إقليمياً ودولياً وبخاصة في الاعتداءات الواسعة، حيث كان الكثير من التوازنات والمعادلات وبالتالي المواقف يُعاد النظر فيها وفقاً لنتائج المعركة وحجم كل طرف فيها .
    ثمة مصلحة مصرية لإعادة تموضع سياسي جديد مع قطاع غزة بحكم الجغرافيا السياسية التي يرتبطان بها، وهو أمر لا مفر منه بخاصة بعد المتغيرات المصرية الأخيرة . الأمر ينسحب أيضاً ولو بصور مختلفة على كل من إيران وسوريا اللتين تفضلان أيضاً الاستفادة من إدارة الأزمة للتخفيف من الضغوط التي تتعرضان لها في غير ملف وموقع .
    بالمحصلة لن يُغرق البحر قطاع غزة كما تمنى رابين يوماً، وبصرف النظر عما إذا تمكن رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو من إعادة غزة أربعين سنة إلى الوراء أم لا، فإن المؤكد أن جملة تفاهمات سيتم التوصّل إليها بين الفلسطينيين و"إسرائيل"، وهي في أحسن الأحوال ستتطابق مع ما توصل إليه الجانبان في تفاهمات سابقة، مع ملاحظة إعادة التموضع السياسي للقوى العربية والإقليمية في العديد من الملفات الفلسطينية .
    ولا يغيب عن البال أصلاً، أن هدف "إسرائيل" الأول من إطلاق هذا الاعتداء على مصراعيه، هو ضرب المصالحة الفلسطينية الأخيرة، وهو ما يجب الحفاظ عليه كرد موجع على "إسرائيل" . إن إطلاق القوى الفلسطينية تسمية "البنيان المرصوص" على عملية مواجهة العدوان "الإسرائيلي" له من الدلالات المهمة لجهة الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية التي كانت ومازالت همّ "إسرائيل" الأول في ضربها وتشتيتها .
    ثمة داعشية "إسرائيلية" واضحة ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته وقياداته، فأين حل الدولتين، وأين وقف بناء المستوطنات وأين وأين، أسئلة كثيرة يطرحه عدوان "إسرائيل" الآن، في ظل صمت دولي مطبق، وفي ظل غياب وتمزق عربيين . يبدو أن تل أبيب عرفت كيف تقرأ أوضاع المنطقة لتنقض على فريستها في زمن "الداعشية" الذي بدأ ينهش ويبتلع دولنا ومجتمعاتنا!

    عن المقاومة الراهنة في فلسطين
    بقلم: المختار ولد نافع عن العربي الجديد
    تقول معطيات التاريخ وتجارب الدعوات والدول وحركات المقاومة والجهاد، في صعودها وانتصاراتها، إنه في الفترات التي تسبق تمكنها، ودحر عدوها، يتخذ منحنى تفوقها شكلاً تصاعدياً، ولا يزال أمرها في إقبال، وأمر عدوها في إدبار، فتخرج من كل معركة بنصر، أو تكسب أرضاً جديدةً، أو ينضم إلى قضيتها مؤمنون وداعمون جدد، حتى يكتمل شأنها، ويستوي على ساق التمكين.
    هذه الحالة، تقول شواهد الواقع إن الجهاد الفلسطيني ضد الغاصب الصهيوني دخلها منذ سنوات، يمكن أن يختلف تاريخ بدايتها (انتفاضة الأقصى مثلاً)، ولكن، لن تختلف النتيجة؛ وهي خروج المقاومة من كل محطةٍ، بمكاسب استراتيجية جديدة، بالمعنيين، العسكري البحت والاستراتيجي الأشمل.
    مثلاً، خرجت المقاومة من انتفاضة الأقصى بإحياء دور الشارع العربي والإسلامي في احتضان القضية، بعد سبات التسعينيات، وخرجت من حرب الفرقان بكسب تعاطف الرأي العام الدولي، وخرجت من كل المحطات مجتمعةً بكنس خيار المفاوضات، ورفع معنويات الشعب الفلسطيني، وصبره على الثمن اللازم للجهاد والتحرير، واحتضان المقاومة، مهما كلف ذلك.
    أثمرت هذه الحصيلة الكلية مكاسب جديدة، أكثر تفصيلاً، هي التي تأتي اللحظة الجهادية الحاضرة تتويجاً لها، إذ تتميز بتزامن مواجهة عسكرية بين العدو والمقاومة في غزة، تقودها حركة حماس وهي خارج الحكومة لأول مرة، مع بشائر انتفاضةٍ شعبية في الضفة الغربية، لا يعرف العدو متى تنفجر في وجهه، لكن مؤشراتٍ عديدةً، توحي بقربها منها أن الفترة التي فصلت بين انتفاضتي الأقصى (2000) والانتفاضة الأولى (1987) مر مثلها، أو يزيد قليلاً، وهو أمر يتجاوز الدلالة الرقمية إلى معان اجتماعيةٍ، ليس أقلها أن جيلاً جديداً من أجيال أطفال الحجارة ولد وتربى وتهيأ، لأخذ دوره في الرجولة المقاومة!
    وتتميز اللحظة الراهنة بوجود دماء جديدة في النضال الفلسطيني، قيادة ومشاركة، ويظهر ذلك في حمل سكان القدس راية الانتفاضة الكامنة، وتحول المدينة المقدسة عنواناً للانتفاضة، وقائدة لها، وخزاناً لدفع ثمن النصر المرهق، بعد أن قادت مناطق، مثل جنين ونابلس وطولكرم، جهد البذل والتضحية في الانتفاضات السابقة، وينطبق الأمر نفسه على الخليل. وثمة في هذه اللحظة الجهادية الخاصة في فلسطين التحام واحتضان غير مسبوق في مدن فلسطين المحتلة عام 48 للمقاومة والنضال الفلسطيني، تمثل في الاحتجاجات والغضب الجماهيري.
    ومهما تكن، إذن، تطورات الحملة الظالمة التي أطلقتها دولة الكيان الصهيوني ضد الصامدين في غزة، ومهما تكن فداحة الهمجية التي سوف تتبعها، لكسر إرادة الشعب المقاوم، ومهما تكن طريقة المقاومة في الرد عليه، وقدرة وسائلها في مواجهته، فإن المعركة تنطلق، وعوامل القوة المعنوية في صف المقاومة بوجود جبهة داخلية، واعية بما عليها فعله، ومستعدة لتحمل تكاليفه، في مقابل كيان فاقد البوصلة، خائر المعنوية، متآكل العقيدة، مشتت الصف، حتى على المستوى القيادي (تنابز أفيغدور ليبرمان وبنيامين نتنياهو مثلاً).

    مأساة في غزة
    بقلم: سلمان الدوسري عن الشرق الأوسط
    ها هو المشهد يتكرر. القصة واحدة والسيناريو متغير. «حماس» تستفز إسرائيل. ترد الثانية على الصفعة بألف منها. لا تصل إسرائيل لمن تبحث عنهم. تصبّ جام غضبها على الأبرياء الفلسطينيين. تقتل المئات. تجرح الآلاف. تهدم البيوت على من فيها. يحرق المستوطنون شابا فلسطينيا وهو حي. أيام وتنتهي الحرب الإسرائيلية. يظهر «الحمساويون» بعد أن اختبأوا طوال فترة الحرب تحت الأرض، يعودون إلى ما كانوا عليه، عندها تكون المساعدات المليارية قد وصلتهم. يضمد الشعب الفلسطيني جراحه بانتظار عدوان إسرائيلي آخر، لا يقل همجية عن الذي قبله.
    المسلسل الحمساوي مع الغطرسة الإسرائيلية ليس جديدا، الرد الإسرائيلي المبالغ فيه، قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا، مستمر. الدفاع الأميركي عن الحليف الدائم غير مستغرب. تخاذل مجلس الأمن لم يعد استثناء. التردد الدولي يبقى كما هو منذ خمسين عاما. يجتمع العرب ولا حل لديهم، دائما القوي هو من يفرض الحلول. يصدّ العالم عن واجبه أمام العدوان الإسرائيلي. منظمات حقوق الإنسان التي صدعت رؤوسنا بتفاهات لا تلتفت لأسرة فلسطينية مُنحت 10 دقائق لمغادرة منزلها قبل موعد صاروخ إسرائيلي مدمر. خالد مشعل من الدوحة يطالب أهالي غزة بالصمود.
    القبة الحديدية تحمي وتحصن تل أبيب وشقيقاتها من الصواريخ الحمساوية. آلة الحرب الإسرائيلية تواصل دك غزة بلا هوادة. تقاوم «حماس» بأجساد أبناء غزة. تحمي إسرائيل مواطنيها بقتل الفلسطينيين. 78 من القتلى مدنيون. نتنياهو يزعم أن «حماس» تختبئ خلف الأبرياء. نتنياهو يحدد 1000 هدف في غزة، لا يهم إن كانت جلها أهدافا مدنية. نتنياهو لا يأسف على قتل الأطفال.
    موجة من الغضب تجتاح الشارع العربي. مشاهد لا تحتمل. أطفال يقتلون أو ييتمون. نساء يهجرن من منازلهن. ترتفع وتيرة الغضب. ما الذي أثبتته الحروب السابقة على غزة؟ الغضب مؤقت، والمشاعر الحزينة لا تستمر طويلا. سيقتل الإسرائيليون المئات. وسيدمرون البنية التحتية الضعيفة أصلا لغزة. ستعود الطائرات الإسرائيلية لقواعدها سالمة. ستتوقف «حماس» عن إطلاق صواريخها أيضا. الخاسر الأكبر سيكون الإنسان الفلسطيني. قراره ليس في يده. هناك من قرر الحرب بدلا منه، وهناك من حرضه على المقاومة وهو آمن في سربه. و«حماس» سيرتفع رصيدها بفعل المساعدات. ستزعم أنها انتصرت. لا يهم الثمن. لا يهم المقابل.
    من يرصد الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، يذهل من حجم الخسائر الإسرائيلية المحدودة، مقابل حجم الخسائر المهولة على الفلسطينيين. حماس نفسها لم تقدم يوما رصدا لحجم الخسائر التي حلت على عدوها، هل كانت تستحق الأرواح التي زهقت؟ بالطبع لا أحد يسأل. الأهم أن ترتفع الأصوات بشعار المقاومة الذي تطرب له الآذان مهما كانت النتيجة كارثية. نفس حكاية حسن نصر الله ومقاومة إسرائيل. انتهت بتدمير نصف لبنان، وتوجيه سلاح حزب الله ليقتل السوريين الأبرياء.
    هل تلام «حماس» على تصرفاتها؟ بالتأكيد تلام. هل بالغت إسرائيل في ردها؟ بالطبع بالغت وبشكل همجي يخالف كل القوانين الإنسانية. حتى فرنسا أُحرجت مما تفعله إسرائيل، فخرج وزير خارجيتها ليطالب تل أبيب بـ«الاعتدال» في ردها على الصواريخ التي تطلقها «حماس»، كما طالب بأن تحترم القانون الدولي. متى احترمت إسرائيل القانون الدولي في تاريخها؟! متى توقفت «حماس» عن المتاجرة بدماء أبناء شعبها؟!

    الصراخ العربي الفارغ
    بقلم: علي بردى عن النهار البيروتية
    لا طعم ولا لون ولا رائحة للبيان الصحافي الذي أصدره مجلس الأمن في شأن ما يجري في غزة. لم يزعج خاطر اسرائيل بقدر ما أزعجها اللهاث العربي اليه. يبعث على الخجل، ليس إلا، أن المجموعة العربية في الأمم المتحدة لا حيلة ديبلوماسية لها، ولا جرأة معنوية لديها، لذكر اسرائيل بالإسم وتوجيه أصابع الإتهام مباشرة اليها في المأساة المتكررة على أكثر من مليون ونصف مليون من الفلسطينيين في غزة.
    المنطق الأميركي في ما يتعلق باسرائيل خائب. منطلقه أن هذه حليف قوي لا يتزعزع للولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم، وأن في واشنطن ونيويورك وغيرها من مراكز النفوذ قوى سياسية واقتصادية ومالية حاضرة وضاغطة على القرار الأميركي، وأن الأميركيين يتعاطفون مع اليهود بسبب الاضطهاد الذي واجهوه وخصوصاً في محارق النازيين، وأن مؤيدي اسرائيل يتحدثون بصوت واحد. غير أن هذه الحقائق يجب ألا تكون غطاء أو مبرراً لكل مآسي الفلسطينيين وغيرهم من العرب على أيدي الإسرائيليين. على رغم أن العالم صار عموماً أكثر تحسساً للجرائم التي ترتكب، لا يزال غافلاً عن الجريمة الكبرى ضد الإنسانية في فلسطين.
    كان عملاً شائناً أن تختطف مجموعة من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أو من منظمة "الجهاد الإسلامي" الشبان الإسرائيليين الثلاثة وأن تقتلهم. يوازيه إرهاب خطف مجموعة اسرائيلية مراهقاً فلسطينياً ثم قتله حرقاً. هؤلاء لم يكونوا أهدافاً عسكرية. آليات المحاسبة وتحقيق العدالة وإعطاء الحق مفقودة في هذا الجزء الحزين من العالم. فشل منطق التفاوض للتوصل الى سلام عادل، ولو على سراب حل الدولتين. هذه هي شرارة الحرب الحقيقية التي أشعلت غزة.
    كما في المرات السابقة، لا يزال العرب في خبر كان. فتحت اسرائيل أبواب الجحيم على القطاع، على دوي الإنفجار الهائل لبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، وفي ظل الغياب العربي عن الوعي. من يسمع نداءات العرب وصراخهم الفارغ في وادي الأمم غير المتحدة في هذا الوقت بالذات؟ سخر ديبلوماسيون غربيون من حماسة بعض الفلسطينيين والعرب في الدفاع عن "حماس" وصواريخها العديمة الدقة التي تصيب المدن والبلدات الإسرائيلية. ليس هذا المنبر لخطاب كهذا أمام من يصنف "حماس" منظمة ارهابية. تقول المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة سامنتا باور ونظراؤها الغربيون إن ما من دولة في العالم تقبل بأن يتعرض سكانها لإرهاب صاروخي كهذا. لم يخرج بين الديبلوماسيين العرب من يرد بأن نعم، هذا صحيح، ولكن أين تلك الحمية على الإنسانية في ما يصيب الفلسطينيين من غارات عبر الليل والنهار بإسم استهداف الإرهابيين؟
    دعك من المأساة المستمرة منذ أكثر من ستة عقود، أرقام هذه الحرب تتحدث: خلال الأيام الستة (حتى أمس) من هذه الحملة العسكرية على غزة، أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها قصفت 1300 هدف ارهابي. سقط حتى الآن 167 قتيلاً، بينهم 89 في المئة مدنيون، وأكثر من 1100 جريح.
    ما هي الإحصاءات في الجانب الإسرائيلي؟

    أنقذوا غزة.... ولا تفقدوها
    بقلم: نـضال الـحـياري عن الرأي الأردنية
    غزة قلب فلسطين النابض بالصمود والعزة والكرامة، غزة تنبض في كل لحظة بشموخها وكبريائها، لقد عانت غزة الكثير من الوجع والألم، فمنذ أكثر من سبع سنوات وهي تعيش حصاراً خانقاً، ولَّد الفقر والجوع والحاجة والمعاناة اليومية، وعلى الرغم من كل ذلك لا تجد واحداً منهم يستجدي أو يطلب المساعدة... أهل غزة يتمتعون بكبرياء وأنفة وإحساس بالكرامة لا مثيل له... وأمهات صابرات مؤمنات يرون الموت أكثر من صورة الحياة.
    وها نحن اليوم نعيش عدواناً إسرائيلياً غاشماً على أبنائنا في غزة قارب على العشرة أيام، حوّل غزة من مدينة الحياة إلى مدينة الموت، فقد زاد عدد الشهداء عن مئة شهيد ومئات المصابين والجرحى.
    إن العدوان الإسرائيلي الشرس الذي قامت به قوات الاحتلال الاسرائيلي على غزة يهدف بشكل أساسي إلى فك المصالحة الهزيلة التي وقعت بين حركتي فتح وحماس، وهو أيضاً يمثل ضربةً موجعة لحركة حماس وقيادتها في غزة يهدف إلى إضعافها وشرذمتها... وشعب غزة هو الضحية الكبرى في كل السيناريوهات السياسية والعسكرية... ولكنه شعب صامد صابر بطل يتحدى الكوارث والأهوال والمصاعب ويدافع عن أرضه بعزة وشموخ وكبرياء.
    يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية، يا أبناء عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد، يا أبناء الفتوحات أفيقوا من غفلتكم، أفيقوا من صولات وجولات مباريات كأس العالم، وتذكروا بأن غزة تنظر إليكم بعين الرجاء والأمل.
    يا أهل غزة لا عذر فنعتذر، فأنتم أهل الكفاح والنصر.
    نعيش اليوم في شهر رمضان المبارك، شهر التضحية والفداء والفتوحات. نعيش اليوم الألم والرعب لما يجري في غزة، فهي ليست حرباً ضد غزة، وليست حرباً ضد الشعب الفلسطيني، بل إنها حرب ضد الشعوب العربية بأسرها. وقد آن الأوان لنقول لأهل غزة كلنا اليوم تحت الحصار وكلنا اليوم تحت القصف.
    وأذكركم بأن أهل غزة لا يستجدون أحداً، فهم يردون العدوان الغاشم بأسلحتهم المتواضعة، لكنها ذات عزيمة قوية، ولم تطلب فصائل المقاومة في غزة أي وساطة عربية أو دولية وهذا يدل على شجاعة لا مثيل لها، إنها حرب الرعب في غزة، وستكسبها فصائل المقاومة وصواريخها إنشاء الله. فالنصر سيكون لصاحب الإرادة الأقوى وليس صاحب السلاح الأقوى.
    أحببت أن أوجه تحية إعزاز وإجلال وإفتخار من مدينة السلط الأبية ممثلة بشيوخها ورجالها ونسائها وأطفالها لأهلنا الصامدين الأبطال في غزة وأقول لهم إنكم يا أهل غزة رجال محاربون في زمن قل فيه الرجال، وأقول لكم اصبروا وأبشروا فالنصر قادم إنشاء الله.
    وأوجه نداءاً للأمة العربية بأسرها لا تخذلوا إخوانكم في غزة ولا تبخلوا عليهم فهم بأمس الحاجة اليوم لوقفة الرجال الرجال، لوقفة الرجال الأبطال.
    وأناشد المجتمع الدولي والدول الكبرى بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها الوحشي على أبنائنا في غزة، وعدم شن هجوم بري على أطفالنا وشيوخنا ونسائنا في غزة. ارحموا أهل غزة فهم اليوم تحت الحصار وهم اليوم تحت القصف، وهم يعيشون رمضان تحت أصوات الصواريخ والقنابل والطائرات.
    كما أناشد إخواننا في مصر فهم أهل الشهامة والنخوة والرجولة، بفتح معبر رفح لإيصال المعونات والمساعدات لأبنائنا الصامدين في قطاع غزة.
    غزة ما تزال تتنفس بصعوبة، ولكنها والحمد لله ما تزال على قيد الحياة، أنقذوا غزة ولا تفقدوها.

    لماذا لا يذرف المصريون الدمع على غزة؟
    بقلم: جمال أبو الحسن عن المصري اليوم
    حتى كتابة هذه السطور كانت الضربات الجوية الإسرائيلية قد أوقعت ما يقرب من 127 قتيلاً. العدد، كما يبدو، مرشحٌ للزيادة مع استمرار الغارات. مع ذلك فإن الرأى العام المصرى، كما يُسجل الكثيرون، لا يبدو منزعجاً أو حتى متفاعلاً مع ما يجرى، على الأقل مقارنة بما كان عليه الحال في السابق.
    سمعنا في الأيام الأخيرة تفسيرات مختلفة لهذا «التحول» من جانب المصريين. أغلب التفسيرات يدور حول تورط حركة حماس، بصور مختلفة، في الصراع السياسى المصرى خلال السنوات الثلاث الماضية. الكثير من المُعلقين صار يستخدم «كليشيه» مكرراً: «برغم كل جرائم حماس في حق الشعب المصرى، دعونا نفصل بين حماس والشعب الفلسطينى».
    سوف أجادل هنا بأن الافتراضات السابقة كلها غير دقيقة، بما فيها هذا «الكليشيه» المحفوظ. دعنى أخبرك لماذا.
    الحديث عن «تحول» في الرأى العام المصرى يفترض ضمناً أن الرأى العام كان أكثر تعاطفاً مع غزة في السابق، هذا ليس دقيقاً ولا دليل عليه. أولاً، لم تكن هناك في أي وقت قياسات مستقلة يمكن الاعتماد عليها لتوجهات الرأى العام المصرى. ثانياً، من يتحدثون عن الرأى العالم يقصدون تحديداً وسائل الإعلام والمظاهرات. وقد ثبت بالدليل، وفى أكثر من مناسبة منذ يناير 2011، أن هذه المؤشرات لا تصلح مقياساً لتوجهات الرأى العام الحقيقى بين المصريين.
    وسائل الإعلام تظل مؤشراً جيداً لقراءة توجهات «النخبة» وليس «الكُتلة». اختيارات الشارع السياسى وليس الشارع العادى. استفتاء مارس 2011 يظل المثل الأبرز هنا. بعد حشد إعلامى غير مسبوق للتصويت بلا، جاءت «نعم» الكاسحة المدوية.
    ليس هذا بجديد. في السبعينيات وقفت النخبة، اليسارية في مجملها، في مواجهة اختيار السادات الصلح مع إسرائيل. تبين أن هذا لا يعكس الرأى العام الأوسع. الحقيقة أن أغلبية المصريين كانت تؤيد السادات لأسباب مختلفة، على رأسها الإنهاك الذي أصاب الناس من الاستمرار في الحرب.
    لنعُد إلى غزة: لماذا لا يبدو المصريون غاضبين بما يكفى إزاء ما يجرى هناك؟ لماذا تبدو كتلة غير قليلة منزعجة من سلوك حركة حماس أكثر من انزعاجها من الغارات الإسرائيلية التي تُسقط قتلى من المدنيين، ومنهم النساء والأطفال والشيوخ؟
    إنها أسباب تتعلق بالحس العام، أكثر من الرأى أو الأيديولوجية أو المعرفة السياسية المُعمقة. أولاً: المصريون يفهمون أن مسألة غزة ليست «إنسانية» في جوهرها (برغم محاولات الكثيرين التركيز على هذا البُعد). هي قضية سياسية بامتياز. ثانياً، لا يحتاج المرء لما هو أكثر من الحس العام لكى يُدرك أن أهالى غزة، الذين تقودهم في هذه اللحظة حركة حماس، اختاروا- ومنذ فترة- مباشرة الصراع مع إسرائيل باستخدام استراتيجية مُعينة. إنها استراتيجية تسعى لمعالجة الاختلال الفادح في توازن القوى. تستغل قوة إسرائيل من أجل إحراجها مرتين: مرة لأنها لا تستطيع، بكل تفوقها العسكرى، منع إطلاق الصواريخ على مدنها، ومرة ثانية لأنها تقتل المدنيين بدم بارد. الهدف هنا ليس هزيمة إسرائيل عسكرياً، ولكن خلق توازن معين معها. والهدف الآخر، وربما الأهم، هو حشد نوع من التعاطف العربى والإسلامى مع «المقاومة»، بحيث تظل القضية حية ولا تُنسى. الهدف الثالث: أن تظل حماس نفسها في السلطة، لأنها بدون الدخول في جولة كل عام أو عامين تفقد مبرر وجودها.
    إليك المفاجأة: المصريون لا يتفقون مع هذه الاستراتيجية مهما بدت «مُقنعة» أو «بطولية»! إنهم، ببساطة، يرفضونها ويعتبرون أن مثالبها تفوق أي منافع متوقعة من ورائها. يرونها غير مجدية وخطيرة. السبب أيضاً بسيط للغاية: لقد اختار المصريون، منذ وقت طويل، استراتيجية مُختلفة للتعامل مع هذا الصراع المُركب. ويعتبرون أنها الاستراتيجية الأفضل لتحرير الأرض وتحقيق السلام على حد سواء.
    السنوات الثلاث الماضية لم تشهد «تحولاً» في اتجاهات المصريين إزاء غزة أو القضية الفلسطينية. كل ما حدث هو انكشاف أكبر للكوارث الخطيرة التي ينطوى عليها الاستمرار في «المقاومة» على النهج الحمساوى أو على طريقة حزب الله. النزاع السورى كشف أن نصر الله ليس سوى ضابط كبير في جيش يقوده الجنرال الإيرانى «قاسم سليمانى». أما في غزة، فقد ظهر أن المقاومة جزءٌ من لعبة إقليمية أوسع تمثل مواجهة إسرائيل إحدى أدواتها. الجديد اليوم أن قسماً مُعتبراً من النخبة بدأ في إدراك هذه الحقائق الساطعة.
    لقد كان الحس العام للمصريين سليماً في السبعينيات، مثلما هو سليم اليوم.

    رأي الوطن : ليت الجامعة لم تتحرك من أجل غزة!
    بقلم: أسرة التحرير عن الوطن العُمانية
    استنفدت إسرائيل منذ اليوم الثالث لعدوانها على غزة أهدافها، واستنفد بعض العرب منذ زمن بعيد أن يكونوا عربا باحساسهم وبوجدانهم وبتناغمهم مع أمتهم ومع قضاياها الكبرى والعادلة، بل إن هذا البعض صار يرسم لسياساته ما يحلو له من ارتباطات مشكوك بها وبعضها في موقع التماهي مع العدو الصهيوني، ومع الرؤية الأميركية في التسلط على المنطقة.
    غزة مازالت صامدة، وهي تكتب في كل يوم عنوانا مجيدا مضافا لعناوينها الأخرى. وفي الوقت الذي طلب فيه مجلس الأمن الدولي ايقاف وقف النار، وتنطحت جامعة الدول العربية الغائبة عن الوعي تماما بأن طالبت الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، فان المطلب الأممي يجيء كعادته ضمن مفهوم التسامح مع العدو الصهيوني، لكنه مثلما فعل في ليبيا فقد قدم للحلف الأطلسي مبرراته في الاجهاز على ليبيا جيشا ومؤسسات ودولة، تماما كما هو المطلب العربي الخجول الذي يطالب المتضامن بل المخطط للعدو الصهيوني في عدوانه أن يتدخل بالحسنى من أجل وقف النار، وكان العرب أول من اعطوا الحلف الأطلسي ايضا ما يحتاجه من موقف ضد ليبيا والليبيين وأنهم قدموا لهذا الحلف التغطية الكافية من أجل أن يقوم بمسح ليبيا عن خارطة الدولة بكل معناها، الى دولة فاشلة لم يبق منها ما يقول إنها دولة بمقوماتها المعروفة.
    ونحن نعيد الذاكرة إلى تلك الأيام القريبة السنوات، فإن ما يحزن أن نتذكر ايضا كيف تجاوزت جامعة الدول العربية بقيادة أمينها العام نبيل العربي حين سلطت كل أذاها على سوريا العربية وحاولت وما زالت جاهدة أن تضرب المصير الوطني السوري، بل تآمرت ومازالت على وحدته وعملت على التغطية على الإرهاب الذي كان ومازال ينخر في الجسد السوري بل كان بعض أعضائها يقدمون الدعم لهذا الإرهاب ولا يخفون تدخلهم التآمري على سوريا،وتحت رعاية وبتغطية من هذه الجامعة ، تماما مثلما فعلت من تآمر على ليبيا، وكأن أملها ومخططها أن يصل الوضع في سوريا الى ماوصل اليه في ليبيا، بان يخسر السوريون دولتهم ونظامهم ووحدتهم ونسيجهم الاجتماعي وقواهم وأن يتفتت جيشهم، لكن هذا الأمل لم يحصل فانكفأوا خاسرين.
    جامعة الدول العربية هذه لم تتغير رغم الانتكاسات التي تعرضت لها، تراها تتابع العدوان على غزة متابعة المتمني ولسان حال كثير من أعضائها يقول متى تخلصنا اسرائيل من هذا الداء الذي يسمى مقاومة، وربما طالبت في السر بالمزيد من العدوان على القطاع، بل انزال أشد الضربات به مهما كانت الخسائر البشرية والمادية، وربما تفرحها مشاهد الموت فيه.
    ليت جامعة الدول العربية ظلت ساكتة تتأمل المشهد ولم تتحدث بمثل ما تحدثت به من تمنيات تطالب عدو الأمة أن يتدخل لصالح أحد شعوبها المميزين في نضالهم.
    تأمل غزة ـ بل وفلسطين كلها ـ من هذه الجامعة أن تبتعد عن خياراتها، وأولى بها أن تصمت، فخير لغزة أن يتفرج بعض عرب الجامعة على نصرها خوفا من تحركهم الذي يخبيء خيانة لها. كفى هؤلاء أنهم قادوا ليبيا الى نهاية فاجعية لن يكون لها بلد بعد الآن، وكادوا لولا عوامل مختلفة ان يقودوا سوريا الى المصير ذاته.
    وتأمل غزة وهي تخوض معارك مصيرها بهذه الروح العالية وهذه المعرفة لقوتها ، ألا يتدخل هؤلاء كي لايساء لنصرها الذي تهديه للأمة كلها باستثنائهم.

    يخنقون غزّة ويعجبون لماذا تطلق الصواريخ!
    بقلم: عبدالوهاب بدرخان عن العرب القطرية
    مرةً أخرى تمتحن غزة قدرة المجتمع الدولي وضميره وصدقية مبادئه. إنه الإجحاف نفسه، والاصطفاف والانحياز والكيل بالمكيالين نفسها. لا شيء يتغيّر عندما يتعلّق الأمر بإسرائيل، فحتى الدول التي تحاول التظاهر بالحياد تستسلم لغرائزها وعُقدها الأصلية، وأقصى ما تستطيعه هو المساواة بين الطرفين من دون اعتبار للخسائر البشرية ولا للدمار الذي يودي بما تملكه آلاف العائلات للسكن أو للعمل.
    وعندما يتكرر العدوان يصبح لا تعود اعتياديته تثير ردود الفعل القوية ذاتها، كما لو أن العادة تصبح طبيعة ثانية تقول: إن «الطبيعي» أن تبغي إسرائيل وتقتل وتدمر وترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومن الطبيعي كذلك أن يتعرض الشعب الفلسطيني لكل هذا الاضطهاد وهو يقاوم عدواً يحتلّ أرضه.
    إحدى أكبر الثغرات في عمل مجلس الأمن الدولي أنه لم يتمكّن على مرّ العقود من تبنّي الدبلوماسية الوقائية ووضع آليات لعملها، رغم النقاش الطويل والتجارب الكثيرة التي أثبتت الحاجة الماسّة إليها، خصوصاً عندما تكون هناك حروب ومجازر ومآسٍ معلنة مسبقاً، كما يحدث في غزة.
    وفي حال إسرائيل التي تحصّن أميركا استثناءها من القانون الدولي، تتعدّد تلك الثغرات فتعفي هذه الدولة المارقة من أي مسؤولية أو التزام، بل تبعد عنها أي محاسبة أو إدانة أو حتى مجرد لوم على جرائمها الموثّقة. هذه دولة تحارب بشروطها وقواعدها الوحشية، وإذا حصل أن تفاوض «على السلام» فبشروطها أيضاً بحيث لا يمكن التوصّل معها إلى أي سلام، وحين لا تكون حرب بل هدنة حذرة فإنها تجيز لنفسها مواصلة الحصارات والاعتداءات والاغتيالات.
    كان على السلطة الفلسطينية أو على الجامعة العربية أن تستحثّ المجتمع الدولي قبل أسبوعين من بداية العدوان الإسرائيلي الجديد على غزة، عندما كانت قوات العدو تنكّل بالضفة الغربية وأهلها. إذ كان واضحاً أن هذا العدوان يستدرج تفجيراً أكبر. فحكومة المتطرّفين في إسرائيل لا تعترف بأي ضوابط، وإذا كانت تمارس عداءها لحركة «حماس» بشكل يومي ومعلن، فإنها لا تقلّ عداءً للسلطة أو لحركة «فتح»، وبالتالي كانت تتحيّن الفرصة لضرب «حماس» وتهميش السلطة، ووجدت أن الفرصة سنحت بعد خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم. صحيح أنها تعيش شبه عزلة دولية، إلا أن القوى الخارجية التي تعاطفت معها في هذه الواقعة اعتبرتها أقرب إلى حادث محلي وعارضت ضمناً الرد الجنوني وغير المتناسب الذي لجأت إليه حكومة بنيامين نتنياهو في الضفة.
    في هذه اللحظة كان يُفترض التحرك دولياً لاحتواء أزمة بدا مؤكداً أنها ستتصاعد. ثم إن الأعمال الانتقامية التي ارتكبها المستوطنون، وسط تجاهل دولي، هي التي بررت عودة صواريخ غزة إلى الانطلاق باتجاه المستوطنات والمرافق العسكرية الإسرائيلية. ومع التمادي في الغارات الجوية لم يكن وارداً أن تتوقع إسرائيل استسلاماً غزياً تلقائياً، بل كان الرد بعمليات نوعية في قاعدة «زيكيم» البحرية وبوابل من الصواريخ أثار هلع الإسرائيليين.
    عشية البدء بالعدوان على غزة، كان حلفاء نتنياهو يلوّحون بالابتعاد عنه. وزير خارجيته أفيجدور ليبرمان طالب باجتياح غزة واعتبر أن رئيس الوزراء يتلكّأ، لذا أعلن فك اندماج حزبه (إسرائيل بيتنا) مع «ليكود». أما وزير الاقتصاد الموتور نفتالي بينيت فشارك لوبي المستوطنين الضغط لإقرار توسيع إضافي للاستيطان ردّاً على صواريخ غزة.
    أما الحلفاء الأقل تطرفاً فحذّروا نتنياهو من اندلاع انتفاضة ثالثة ظهرت أولى معالمها خلال مواجهات الضفة غداة قتل الشاب الفلسطيني محمد أبوخضير بإحراقه حياً. كان نتنياهو يصطنع ضبط النفس والانتظار بضعة أيام من أجل بيع «ذريعة الحرب» إلى الرأي العام الخارجي، وهي «وقف الصواريخ التي تهدّد أمن إسرائيل» كما في 2008 وكما في 2012.
    عندما تُترك الحرب تأخذ مجراها على نطاق واسع، ويتباطأ مجلس الأمن في الانعقاد، فإن انعقاده يشكّل بداية الانتظار كي ينهي مشاوراته حول «صيغة القرار». وسواء كان الاعتماد على مجلس الأمن، أو على الوساطات، فإن الهدف هو «وقف إطلاق النار» لكن البحث يغرق في الشروط والآليات. وكما في مرّات سابقة، «القرار» مع الأسباب المباشرة للحرب، لكن الأهم في حال غزة أن تكون هناك معالجة حقيقية للأسباب المزمنة: من الاحتلال أولاً وأخيراً إلى الحصار إلى الاجتياحات إلى التصميم الإسرائيلي على فصل القطاع عن الضفة، أي الفصل الجغرافي بين أبناء الشعب الفلسطيني. أما البند المتعلّق بالمساعدة في إعادة الإعمار فنادراً ما يخضع تنفيذه أيضاً لإرادة الطرف المعتدي، أي سلطة الاحتلال... هذه جميعاً المسائل التي يجب أن تحلّ لئلا يكون وقف النار مجرد هدنة.
    منذ اليوم الأول للعدوان الحالي أعلنت «كتائب القسام» استعدادها لتجديد التزام اتفاق الهدنة الذي أبرم في نوفمبر 2012، واشترطت الإفراج عن الأسرى الذين كانوا أطلقوا بالمبادلة ثم أعيد اعتقالهم. والأهم أنها دعت إلى رفع اليد عن المصالحة الفلسطينية والكفّ عن تخريبها. أما العدو الإسرائيلي فلم يتحدث عن هدنة ولم يعلن أي شروط، ما يعني أنه حدّد أهدافاً يريد أن يحققها عسكرياً قبل الموافقة على وقف النار.
    وكان ملاحظاً أن الجهتين المتوقعتين للتوسط، وهما الولايات المتحدة ومصر، لم تبديا استعجالاً. فواشنطن تذرّعت بأن إسرائيل باتت في عمق عملية واسعة وليست مستعدة للبحث في وقف النار إلا بعد تحقيق «إنجاز» ما، وترجمة ذلك أن الأميركيين لن يتحرّكوا إلا بعد أن يبلغهم الإسرائيليون بأن «الإنجاز» تحقّق. وعندئذ فقط يبدأ الدور المصري لينقل الشروط إلى الجانب الفلسطيني. لا أحد سعى إلى تفادي الحرب، وكثرٌ هم الذين يريدون ضربة لـ «حماس".




    كيف يحول الإعلام الغربي إسرائيل إلى ضحية والقطاع إلى قاتل؟!
    بقلم: تحسين الحلبي عن الوطن السورية
    يبدو أن تطور وسائل وأدوات الحروب (العسكرية) بدأ يرافقه تطور متعاظم للدور الذي تقوم به وسائل الاتصالات والإعلام والدعاية في تبرير الحروب العسكرية وفي المساهمة في آلة الحرب ونتائجها المطلوبة... فقد أصبح لدينا الآن ما يعرف باسم (الحروب الإعلامية) المتطورة بعد القفزات المذهلة في عالم الاتصالات ومثلما تبني الدول جيوشها وتعزز قوتها بموجب (الكم) و(النوع) بدأت قوة أي دولة أو طرف تهتم أيضاً بكمية وسائل البث وكمية البرامج والأخبار ونوعية الصور والتقارير التي تعرضها وتحرص على عرضها في أكثر عدد من القنوات الفضائية.. فمن يملك خمسين قناة فضائية للأخبار والبرامج السياسية يدرك أنه يضع في كفة ميزان (5) قنوات أو عشر فقط، وهذا هو واقع الصراع والحروب الإعلامية التي ترافق الحروب العسكرية أو تمهد لها أو تستغني عنها حين تكثف حملاتها الإعلامية على هذا الخصم أو ذاك.
    والكل يعترف من الولايات المتحدة حتى الصومال أن الحروب الإعلامية أصبح في مقدورها بمفهوم عام أن توهم العالم أو جزءاً مهماً منه بأن الضحية قاتل والقاتل ضحية!؟ وربما الوقت قد يطول أو يقصر فالعالم الغربي ودوله الثرية أصبحت قادرة على إعداد وبناء ألف قناة فضائية وغير فضائية على غرار صناعة وإعداد ألف طائرة ودبابة لأغراض الحرب والذي يملك مالاً أكثر يستطيع أن يوظف قنوات إعلامية أكثر لخدمة أهدافه.
    وهذا ما يؤكده (جيوستين ريموندو) في موقع نشرته الإلكترونية الأميركية (أنتي وور) حين يقول: (إن قناة (إيه بي سي) الأميركية فضلت أن تعرض أخبار ما يجري بين إسرائيل وقطاع غزة بطريقة لا تظهر فيها على الشاشة إلا صواريخ تتساقط فوق إسرائيل دون أن تذكر أن أكثر من مئة من الفلسطينيين معظمهم من المدنيين قتلوا وجرح أكثر من (1000) أيضاً علماً أن إسرائيل لم تعلن حتى الآن مقتل إسرائيلي واحد من تساقط صواريخ القطاع)!؟
    ويكشف (ريموندو) أن وسائل الإعلام الأميركية تمكنت من إقناع معظم الأميركيين بأن صدام حسين هو المسؤول عن تفجيرات نيويورك في 11/9/2001 حتى هذه اللحظة فما بالك بما يجري ضد الفلسطينيين الضحايا الذين يخسرون بشرياً ويجري تدمير كل ما تبقى لديهم في الغارات الجوية الإسرائيلية ثم يقال إنهم: «اعتدوا على المدنيين الإسرائيليين بألف صاروخ» وتزداد مأساة ضحايا الاحتلال والهيمنة العالمية حين يجدون أن ما جمعوه من أدلة إعلامية وغير إعلامية تثبت أنهم ضحية وليسوا قاتلاً لن تجرؤ وسيلة إعلام ذات انتشار واسع على نشره أو بثه حتى في 5% من القنوات واسعة الانتشار..
    فإسرائيل تتوفر لها مئات القنوات الفضائية وبكل اللغات إن لم يكن بمعظمها لعرض صورتها كضحية في حين تجد أن الضحايا الفلسطينيين لا يجدون سوى عدد قليل من القنوات ذات اللغة العربية تعرض جزءاً من الأدلة التي تثبت أنهم ضحايا طالما أن الإسرائيليين هم القاتلون وبالمقابل تسخر دول غنية عربية نفطية أموالها لشراء قنوات فضائية كثيرة العدد لا تجرؤ على الخروج عن القواعد التي تضعها الولايات المتحدة لسياستها في الشرق الأوسط وهي سياسة تفتيت سورية والعراق وقوى المقاومة العربية والفلسطينية وفي برنامج مكثف عرضته قناة (2) وقناة (10) الإسرائيليتان يسخر المحللون الإسرائيليون من القنوات العربية ذات الدعم الخليجي والأميركي من أهميتها ويقول أحدهم إن قناة (سي إن إن) الأميركية عرضت سيدة أمام دمار بيت هدمته غارات إسرائيل على غزة وكتبت أنه بيت إسرائيلية دمره صاروخ من القطاع علماً أن السيدة كانت تضع حجاباً على رأسها، ويعلق المحلل الإسرائيلي فيقول: إن القنوات العربية الصديقة لـ(سي إن إن) لم تحتج على هذا التزييف حتى الآن.



    غزة في قلوبنا أليس كذلك؟
    بقلم: عبدالله بن بخيت عن الرياض السعودية
    قضية غزة ليست مفصولة عن الصراع العربي - الصهيوني، وليست مفصولة عن طبيعتها الدينية والأخلاقية وليست مفصولة عن الحق الإنساني والأهم أن قضية غزة ليست طارئة مع العدوان الإسرائيلي المباشر على المدنيين هذه الأيام. تعودنا منذ اربع سنوات أن تنطلق بعض الصواريخ محلية الصنع من غزة فتنقض إسرائيل بكل ما تملك من أسلحة تقتل من تشاء وتترك من تشاء وكأن الأمر حفل صيد في برارٍ لا حاميَ لها.
    لا أريد أن أتحدث عن فرق القوة. ففرق القوة ليس عذرا لأي شعب ينشد حقوقه فضلا عن حريته. كلمة مقاومة هي في الواقع لا تكون إلا بين طرفين غير متكافئين. إذا تكافأ الشعبان في القوة لم تعد مقاومة بل تعتبر حربا. ولم نعرف أن شعبا انتظر تحت الاحتلال حتى تتوفر لديه القوة الكافية التي تؤهله تحرير أرضه.
    وفي هذا لا يمكن استثناء الشعب الفلسطيني من حقه في المقاومة بما يملك حتى بسكاكين المطبخ. عندما نعود إلى صراعات التحرر منذ منتصف القرن العشرين لن نجد أن عدد القتلى في حروب التحرير متساو أو حتى قريب من بعضه. في حرب التحرير الفيتنامية قتل من الامريكان خمسين ألف وقتل من الفيتناميين حوالي مليونين. فعلت أمريكا كما تفعل إسرائيل الآن صبت جهنم قنابلها على المدنيين وهذا معروف في كل الحروب كجزء من الحرب النفسية لإضعاف معنويات المقاتلين من اجل حرية شعبهم.
    في حرب الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي قتل ما لا يقل عن مليون جزائري في مقابل بضعة ألوف من جيش المستعمر. إذاً عندما يموت مئة فلسطيني مقابل إسرائيلي واحد لا شك يعتبر نصرا للفلسطينيين. الشعب الرازح تحت الاحتلال عليه أن يدفع الثمن الأكبر بل والباهظ. في الوقت نفسه علينا أن نتذكر أن القوي لا يتنازل عن مكتسبات قوته إلا بالقوة سواء أكان على مستوى الدول أم حتى على مستوى الأفراد.
    الإنسان هو أسوأ كائن حي، إذا امتلك القوة وفر له عقله وبسرعة التبرير الأخلاقي المزيف ولا حدود لطمعه. لا يوقظه على حقيقة جرائمه سوى القوة المضادة. وما نراه من تعقيدات في القضية الفلسطينية كأن نقول إن أمريكا والغرب يقفان إلى جانب إسرائيل، وإن اليهود يملكون المال الى آخر أسباب القوة التي تبدو (مطلقة) هي في الواقع كانت موجودة دائما في حالات الاستعمار عبر التاريخ كله ولكن بصور مختلفة ومع ذلك استطاعت الشعوب المستضعفة أن تنتصر في النهاية.
    مع الأسف استثنى التاريخ الشعب الفلسطيني من حركات التحرر العالمية التي دارت رحاها في القرن العشرين وأدت إلى تحرر كل الشعوب تقريبا عدا الشعب الفلسطيني. ما الذي حدث لكي يحدث هذا للشعب الفلسطيني البائس؟!
    راجع تاريخ المنظمات الفلسطينية التي اشتغلت على تحرير فلسطين. كلها ولدت في رحم الحكومات العربية. تقاسمتها الدول العربية كما تتقاسم الدول النفوذ. منظمة فتح تحت إمرة دولة، والجبهة الشعبية تحت أمرة دولة أخرى وهكذا. أبسط دليل على انحراف المقاومة الفلسطينية أداء ياسر عرفات أثناء أزمة الاحتلال العراقي للكويت. زج هذا الرجل بفلسطين في صراع لا علاقة لبلاده أو شعبه به. كان هذا هو سلوك المقاومة الفلسطينية منذ أيام الشقيري مؤسس النضال الفلسطيني إلى يومنا هذا
    هل اختلفت حماس عن سلوك المنظمات الفلسطينية السابقة؟
    في الواقع هي منظمة تحرير أسوأ من السابقات. للأسباب التالية: طبيعة الأيدلوجيا التي ترفعها لا تمثل مكونات الشعب الفلسطيني (مسيحيون دروز علمانيون) ..الخ في الوقت نفسه هي رهينة لحزب عربي اسمه الإخوان المسلمون. اختلفنا مع الاخوان أو اتفقنا يبقى هذا الحزب جزءا من الصراعات العربية ويجر اتباعه إلى مشاكله.
    فحماس قبل أن تبدأ حربها على إسرائيل وجدت نفسها في حالة صراع مع بعض الدول العربية التي يفترض أن تكون سندا لها. أي مقاومة في التاريخ لا عدو لها سوى المحتل. إذا حماس لم تستطع أن تكسب العرب فكيف تأمل أن تكسب الرأي العالمي الواقع تحت سيطرة عدوها؟
    الشيء الآخر كيف يكون قائد مقاومة رئيس وزراء في ظل مستعمره وبمباركته؟ لا يمكن أن يكون هذا إلا زيفا. الشيء الأخير ان ما وقعت فيه المنظمات الفلسطينية العلمانية تقع فيه حماس اليوم. انتفخت المنظمات الفلسطينية العلمانية بأبواق المثقفين القوميين وتخويناتهم للمنتقدين وتضليل الشعوب العربية بالدموع والبكائيات والخطب الرنانة والشعر. وهو ما نسمعه اليوم من أبواق المتأسلمين الذين يخوّنون بل ويكفرون من يختلف معهم. التاريخ يعيد نفسه.

    دعوة الشعب الفلسطيني للتهدئة خيانة عظمى
    بقلم: اسماعيل القاسمي الحسني عن رأي اليوم اللندنية
    لا غرابة من عنوان المقال، ولا عجب من دلالته، وأُذكّر هنا أننا لسنا بصدد المزايدة، فالكاتب ينتسب لشعب ذاق ويلات جرائم الاحتلال، والشهود والشواهد مازالوا أحياء لمن يريد رؤيتهم بالعين المجردة، لا حاجة لكتب التاريخ ولا للصور الموثقة لما حدث في الجزائر، ذلك أن كثيرا من الضحايا من الجزائريين، ومعالم التخريب والدمار حاضرة يمكن لمن يريد التحقق ملامستها بحواسه الخمس، أقول هذا دفعا لكل رد متوهم أننا لا نعقل حجم التضحيات والخسائر، ولا ندرك ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عذاب؛ ولهذا السبب تحديدا يمكن للكاتب أن يزعم بأن أكثر الشعوب العربية قدرة على معايشة محنة الشعب الفلسطيني هوالشعب الجزائري، دون الانتقاص من حجم وقدر تفاعل بقية أبناء هذه الأمة، التي رماها قدرها بقادة معظمهم يعشق الزحف على بطنه.
    حين شكّكنا في عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة منذ أيام، كان لدينا حدس بأن القيادة الاسرائيلية تريد اصطناع حدث يخول لها إجراءات عديدة، كان متعذرا عليها القيام بها دون مبرر يلجم الرأي العام الغربي عن انتقادها، دعونا نتذكر بداية أن “حماس″ قد سلمت ما بيدها كله للرئيس محمود عباس، ما يسقط حجة اسرائيل والولايات المتحدة، في التلكؤ عن الوفاء بوعودهما، والالتزام بقرارات هيئة الأمم المتحدة فضلا عن ذلك كان اضراب الاسرى الفلسطينيين قد وجد صداه في الاعلام، وبدأ خطر موتهم جوعا يهدد بشكل جديصورة كيان العدو، بل وينبئ بكارثة انسانية حقيقية، قد تأتي على أخضره قبل يابسه؛ وكان من بين ما يؤرق سلطة الاحتلال، ذلكم الاتفاق حول فتح معبر رفح، والذي تعود فيه سلطة التسيير والاشراف للحكومة الفلسطينية، هذا الاتفاق الذي كان يفترض تنفيذه عمليا، في يوم استشهاد الطفل محمد ابوخضيره وهذا يعني فيما يعنيه تعزيز قدرات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، خارج سلطة ورقابة العدوالاسرائيلي، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يشكل خطرا حقيقيا ومتزايدا بشكل مضطرد مع تمدد حالة الاستقرار.
    في ظل هذه الأوضاع ولتلكم الاسباب وغيرها، كان لابد من حدوث امر طارئ يقلب الطاولة على الفلسطينيين، يعطل من جهة اضراب الاسرى الذي بات هاجسا عمليا، ويبقي على معبر رفح مغلقا وهوالمتنفس الوحيد للشعب الفلسطيني بغزة، ويُحكم كما العادة القبضة الحديدية عليه، ويقلب الرأي العام على الضحية بحجة صواريخها؛ وها نحن أمام المشهد الاعلامي الدولي الذي غيّب تماما الجريمة النكراء التي ترتكب بحق الأسرى وأهلهم، ويغلق معبر رفح الذي كان قاب قوسين من اعادة تشغيله بصفة دائمة رسمية، والملاحظ تعاطي هذا الاعلام المنحاز لكيان العدو، بعرض فزع المستوطنين وكيف أنهم وهم المتحضرون الديمقرطيون مستهدفون من قبل “الاسلاماوين الدمويين المتوحشين” في أمنهم ومدنيّتهم وتقدمهم؛ دون أن يأتي على ذكر الضحايا الفلسطينيين جراء الهجوم الهمجي الاسرائيلي، أطفالا ونساء حواملا وشيوخا وتدمير مساكن وحتى المساجد وبيوت الله لم تسلم أثناء أداء الصلاة.
    ولكون العدوالاسرائيلي دائما يدعوه غلوّه لارتكاب حماقات، وتوحشه الفطري للوقوع في مطبات كثيرا ما تنعكس على تخطيطه سلبا، قام مباشرة بعد غياب المستوطنين الثلاثة، بحملة رسمية مستنهضا كل أدواته، داعيا للانتقام من الشعب الفلسطيني، بشكل مبالغ فيه ولم يحسب أن بين مواطنيه من يستجيب لهذه الدعوة الاجرامية، فجاءت حادثة الطفل محمد ابوخضيرة صادمة للرأي العام العالمي، وأدخلت كل المنطقة في منعرج متدحرج نحوالصدام الدموي بالغ الخطر؛ واستدعى هجوم العدوعلى عناصر بزعمه من قيادات حركة المقاومة الفلسطينية، للرد القوي والذي أعطى رسائل جديدة بالغ الأهمية، من حيث امكانات واستعدادات المقاومة، فمن ناحية رأينا المدى البعيد للصواريخ الذي دخل لأول مرة في المعادلة، ثم رأينا عمليات انزال جوي في ايلات ومحاولات لاقتحام بحري عبر ميناء اسدود، وأيا كانت نتائج العمليات هذه، فإنها لا محالة تطور نوعي، يحمل دلالة مفادها أن أهل غزة لا ينتظرون الصدام على أرضهم المحاصرة، بل بإمكانهم دخول أرضهم المحتلة واستهداف المستوطنات بشكل مباشر.
    نفهم جيدا أن العدوالاسرائيلي يرى المواجهة الآن تصب في مصلحته بشكل ما، فهوليس كبعض أبناء جلدتنا يرى بأن المواجهات الفاصلة قادمة لا محالة، ولذلك يحاول تقطيعها وتجزئتها إذا صح الوصف، فتراكم السلاح والخبرة على امتداد فترة طويلة يرفع من الخطر بشكل جدي على الكيان الاسرائيلي، ولا أدل على ذلك من الواقع الذي نراه اليوم، مقارنة مع قدرات المقاومة عام 2008، فلا بأس من تقطيع التراكم واستنزاف السلاح على مراحل مجزأة، تحول دون التكوين المتكامل لقوة بشرية وعسكرية، يؤهلها لمواجهة فاصلة بحق، فضلا عن زرع اليأس في حاضنة المقاومة، عند معاينتها لنتائج كل مواجهة مفروضة، والتي لا ترقى ظاهرا للتضحيات الجسام، ما يؤثر بمنظور العدوفي هذه الحاضنة وهي الرافعة الرئيسية للمقاومة، ومددها الأول بالرجال والنساء.
    وفق ما بين أيدينا من معلومات وبناء على تصريحات بعض رموز المقاومة، فللأخيرة القدرة على المضي في المواجهة لما يزيد عن ثلاثة أشهر، وبمعدل صليات صواريخ يومي مهم وغير متوقع، فضلا عن الأهداف التي يمكن اصابتها والتي توسعت جغرافيتها لدى قدرة المقاومة، وهناك وفق عرضها مفاجآت لا يعمل العدوحسابها، والحقيقة كما نتصور أن هذا العدويريد معرفة ما وراء الأكمة، لكن في اطار عملية مواجهة محدودة حسب مصلحته طبعا لا مصلحة الشعب الفلسطيني.
    ولهذا نراه في كل مواجهاته المتكررة، والتي عادة ما يبدؤها هووفق خياراته وحساباته، يعمل على أمر متزامن، وهواطلاق ماكنة الدبلوماسية العربية لتوقف المقاومة الاسلامية، وتلجم اندفاعها نحوالدفاع عن النفس بكل السبل الممكنة، ومن المفارقات والعجائب التي نعيشها ولا يكاد يختلف عنها اثنان، أن ذات الدول العربية، التي تثور فور سماعها نبأ قصف نظام عربي لشعبه (بحد وصفها)، ودون أي عمل دبلوماسي فضلا عن السياسي، ترفع صوتها في كل المحافل الدولية والاقليمية، بضرورة اسقاط ذلكم النظام، وتسحب منه فورا الشرعية، وتقطع كل علاقاتها معه، بل وتذهب ابعد من ذلك بإعلانها الرسمي دعم مقاومة الشعب العربي المضطهد، بما في ذلك الدعم بالسلاح، وتوعز للكتاب والمفكرين التابعين لها بالعمل على دفق مقالات تصب في تعزيز هذا الموقف، ويرفع أئمتها لواء الجهاد في سبيل الله، داعيين كل اتباعهم وسائر ابناء الأمة للواجب الشرعي والفرض الديني، بل منهم من يجرأ وعبر وسائل اعلامية واسعة الانتشار، على اهدار دم ذلك الحاكم مع ذكر اسمه شخصيا؛ في حين إذا فرضت الحرب على الشعب الفلسطيني، ويشرع العدوالاسرائيلي في قصفه الاجرامي، ذات الأنظمة العربية تسارع بشكل آلي وتلقائي لمطالبة الضحية بوقف دفاعه عن النفس، وتسد هي بنفسها جميع المنافذ اليه، وتُحرم مرور أي قطعة سلاح له، وتلعب دور المتذلل على عتبات البيت الأبيض حتى يضغط على العدوللتخفيف من هجومه، يجف حبر أقلام الكتاب والمفكرين، ويبتلع الأئمة والدعاة ألسنتم.
    وها نحن اليوم نشهد ذات الموقف من قبل نفس الأنظمة وذات الشخصيات حيال الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي يعاني من ظلم مركب من عدة طبقات حالكة سواد الحقد والخيانة، أقول بكل صراحة ووضوح، لا يقتصر الأمر على العدوالاسرائيلي وجرائمه، بل يتعدى للسلطة الأمنية والسياسية الفلسطينية، التي تعمل بدورها على لجم أي انتفاضة في وجه الاحتلال، ويتخطى لأنظمة عربية تجتهد في وأد القضية الفلسطينية وشعبها بأي ثمن، حتى بلغ الذل والهوان ان أحد رموزها يعلن أول أمس على بقاء مبادرة الدول العربية قائمة، حتى خشيت أن يدعوالرجل لتسليم مقعد سورية أوليبيا في جامعة الدول العربية، الذين سحبا منهما بداية الأحداث فورا، لدولة اسرائيل كما يصفونها. اليس الشعب الفلسطيني بشرا مثله مثل الشعب الليبي والشعب السوري؟ أم أن العدوالاسرائيلي يقصف الشعب الفلسطيني بصواريخ الياسمين وقنابل الفلوناتيم؟.
    أخيرا؛ نسجل أن الحركة الدبلوماسية العربية لوقف المقاومة الفلسطينية، ليست قطعا شفقة ولا حماية للشعب الفلسطيني، يؤكد صحة هذه القراءة، انعدام هذه الشفقة والعمل على مصلحة هذا الشعب، في كل الظروف التي يمر بها، فقبل هذه المواجهة كان تحت حصار عربي قاتل، وظروفه المعيشية مزرية في وطنه المحتل، ومعاملة مواطنيه في معظم الأقطار العربية مجحفة حتى لا أقول أمرا آخر، بل هي تصب في اتجاه واحد وهوخدمة العدوالاسرائيلي، الذي يسعى لأن تكون دوما المواجهات مع المقاومة محدودة زمنيا، والسبب معلوم لدى الجميع، وهوعدم قدرة صمود جبهته الداخلية على فترة تزيد عن الشهر في احسن الأحوال.
    ما يخشاه العدوالاسرائيلي ومن خلفه الأنظمة عربية وغربية، إذا امتدت المواجهة زمنيا، من التدحرج الطبيعي نحوالتصعيد، والأخطر هوالامكانية الواقعية لفتح جبهات أخرى لا تقل ضراوة وقوة وخبرة عن المقاومة الفلسطينية؛ نعم إن تمدد المواجهة قد يعني في مرحلة قريبة تهديدا وجوديا للمقاومة الفلسطينية، وعند هذا الخط الأحمر قد علم العدوالاسرائيلي بل وخبر ميدانيا، أن حزب الله سيتدخل حتما في المواجهة، ويعني بالضرورة وبطبيعة أبناء هذه الأمة، ولا يتأتى عند هذا التصعيد الخطير للعدوأن يلجم آلة البطش التي يستخدمها مما يزيد من المجازر، الأمر الذي يدفع حتما شباب الأمة للالتحاق بالجهاد الحقيقي والأصلي دون أن ينتظر فتاوى ممن ابتلعوا ألسنتهم؛ وعلى القارئ أن يضع احتمال انفلات الامر لهذا المستوى، كيف تكون حال الجبهات الثلاثة الاردن وسورية ولبنان، وكيف ينسحب بشكل قسري زمام الأمر من الأنظمة العربية، لتجد نفسها في وضع بين حالتين أحلاهما مريرة، إما الوقوف الى جنب مقاومة الاحتلال استجابة لمطلب شعوبها، وهي حالة مجلبة لغضب الحليف الامريكي، الذي يعمل حينها بأدواته النائمة على قلب الاوضاع داخل تلكم البلدان؛ أوأن تعترض سيل المقاومة، وهوما يجلب عليها سخط شعوبها فتتحرك للانقلاب عليها أولا. لهذين الحالتين تسارع هذه الانظمة قبل انفلات الامر،للجم المقاومة الفلسطينية باكرا تحت ذرائع واهية وكاذبة. هكذا نرى الأمر ونعتبره خيانة عظمى للأمة، لكن نقول في النهاية لرجال المقاومة الفلسطينية: إياكم والاستجابة لضغوط الأنظمة العربية المعروفة، وثقوا – ونحن نقول هذا عن علم ودراية- أن هناك من يقف الى جنبكم، ومتأهب ومستعد للدخول معكم في مواجهة فاصلة مع العدو؛ وما على العرب إلا أن يلتحقوا بكم وتحت رايتكم، اوليذهبوا جميعا الى الجحيم.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 20/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:05 PM
  2. اقلام واراء عربي 07/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:58 PM
  3. اقلام واراء عربي 06/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:57 PM
  4. اقلام واراء عربي 05/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:56 PM
  5. اقلام واراء عربي 04/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:53 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •