أقلام وآراء

(733)

مصالحة أم ادارة انقسام ؟

بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي

هل انتهى الانقسام الفلسطيني ... أم هي مجرد استراحة محارب؟

بقلم: صالح القلاب عن الشرق الاوسط

المصالحة الفلسطينية في حقل ألغام سياسية

بقلم: عامر راشد عن الحياة اللندنية

المصالحة الفلسطينية: العبرة في التطبيق

بقلم: عليان عليان عن السبيل الاردنية

أوباما وحقوق الإنسان الفلسطيني

بقلم: أسامة عبد الرحمن عن الخليج الامارتية

ماذا لو حكَمَنا الإسلاميون؟!

بقلم: أنور جمعة عن القبس الكويتية

كلهم إسلاميون.. كلهم ليبراليون

بقلم: أحمد الصاوي عن الشروق المصرية

هل وصلت رسالة السلام الإيرانية؟.

بقلم: طارق محمد الناصر عن الرياض السعودية

مصالحة أم ادارة انقسام ؟

بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي

بون شاسع يمتد بين الرغبة والواقع فيما يتعلق بموضوع المصالحة، فإسقاط الرغبة على الفعل هي مسألة واردة في الكثير من القضايا وحتى الظواهر، فلا يخفى على احد مدى الضرر الذي أصاب قضيتنا ومشروعها الوطني جرّاء الانقسام، الأمر الذي أدّى إلى ضغوطات شعبية وعربية ودولية صديقة على الطرفين المعنيين مباشرة بالانقسام وهما: حركتي فتح وحماس، من أجل تجاوز الانقسام، والوصول إلى المصالحة، والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. من ناحية ثانية فإن الحركتين باتتا تشعران بحرج كبير أمام كل تلك الأطراف الضاغطة، وهو ما حدا بهما إلى عقد اجتماعات عديدة متتالية على أكثر من مستوى، وتشكيل لجان فرعية متخصصة، لبحث الكثير من القضايا. في اجتماع القاهرة الأخير بين عباس ومشعل وبحضور كافة الفصائل تم الاتفاق: على الكثير من القضايا: إن بالنسبة لموضوع المنظمة والاتفاق على دخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية إلى إطاراتها، وما يعنيه ذلك من تفعيل للمنظمة، وتم تشكيل لجان (بمشاركة كافة الفصائل) للانتخابات، وللمصالحة المجتمعية، قضايا الحريات العامة وبناء الثقة. وبالنسبة للحكومة تم الاتفاق: على تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية من ذوي الاختصاصات (حكومة تكنوكراط) في فترة زمنية لا تتجاوز الشهر، والاتفاق على دعوة المجلس التشريعي للانعقاد في الأسبوع الأول من فبراير القادم، لإقرار القضايا المتفق عليها بين كافة الأطراف.

مما لا شك فيه: أن ما جرى الاتفاق عليه يمّثل قضايا مهمة، تجعل من شعبنا وأصدقائه على مستوى من التفاؤل بقرب تحقيق المصالحة، ولكن من الناحية الأخرى، جرى في اجتماعات سابقة للحركتين (بحضور وعدم حضور الفصائل لبعضها) الاتفاق على قضايا أخرى شبيهة، وقضايا مختلفة أخرى أيضاً، بما في ذلك الإسراع في إخراج المعتقلين (على سبيل المثال وليس الحصر)، ولم يتم ذلك حتى اللحظة، وكانت قضايا اللجان المشكّلة تذهب في الأدراج ويتم أرشفتها كشيء جرى، ليس إلاّ!.أول الغيث قطرة،فهاهي حركة حماس تتهم السلطة :بممارسة التعذيب الوحشي لعناصرها في أجهزتها. من ناحيتها، فإن حركة فتح أصدرت بيانا دعت فيه أجهزة حماس الى التوقف عن سياسة الأستدعاءات التي تمارسها، فهي تتنافى مع اجراءات المصالحة.

ثم وبالمعنى العملي والفعلي، فإن حضور الفصائل لاجتماعات الحركتين لا يشكّل في عرفي التنظيمين أكثر من (ديكور) أو (شاهد زور) في أقسى الحالات، هذا بغض النظر عن جدّية الخلفيات لهذه الفصائل، والتي تحاول جاهدة مساعدة الطرفين على تجاوز دائرة الانقسام والوصول إلى المصالحة. لقد سبق للفصائل الفلسطينية (وبحضور حماس وفتح) أن وصلت إلى اتفاق في ورقة أُطلق عليها مصطلح 'ورقة اتفاق القاهرة'، والتي أسست فعلياً لإمكانية الخروج من حالة الانقسام.قد يقول قائل:ولكن المواضيع التي جرى بحثها والاتفاق عليها في اجتماع ديسمبر الأخير، هي جزء من تلك الورقة/الاتفاق، وفي الرد نقول: لو أن الحركتين تريدان فعلاً الخروج من الانقسام لتم بحث والاتفاق على القضايا التالية:

أولاً: إجراء مراجعة نقدية شاملة، بمشاركة كافة الفصائل الوطنية الفلسطينية للمرحلة السابقة، منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وحتى هذه اللحظة، فمفاوضات عشرين عاماً لم تُنتج سوى المزيد من إيغال العدو الصهيوني في الاستيطان، وتهويد الأرض، وارتكاب العدوان والمجازر، وهدم البيوت، والاعتقال، والاغتيال، والمزيد من الإصرار على التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، والإبقاء على السلطة: كحكم ذاتي مهمته الأساسية: تسيير الشؤون الحياتية للفلسطينيين، والتنسيق الأمني مع إسرائيل، بهدف أن يكون هذا التنسيق مدخلاً لتكون السلطة: حامياً للاحتلال، ووسيلة لممارسة فعل الاحتلال من خلالها. دون إجراء هذه المراجعة الشاملة فإن أية خطوات يجري الاتفاق عليها بين حركتي فتح وحماس، تظل منقوصة.

ثانياً: الاتفاق على برنامج سياسي للمرحلة المقبلة، يحدد ما هو المطلوب بدقة خلال المرحلة الراهنة، ويعيد التأكيد على استراتيجية النضال الوطني الفلسطيني، شريطة أن تكون الحركة التكتيكية السياسية الفلسطينية منطلقة من خدمة الهدف الاستراتيجي، وليست بديلاً له، مثلما يجري التطبيق حالياً. لا شك أن اختلافاً سياسياً كبيراً يقوم بين الفهم الاستراتيجي للنضال الفلسطيني لكل منهما، كذلك الاختلاف في الحركة السياسية كالموقف من المفاوضات مثلاً، الموقف من المقاومة (بغض النظر عن حالة التهدئة المتوصل إليها في غزة) وغيرها وغيرها. مثال أيضاً نستعرضه على هذا الصعيد:ذلك أن الرئيس عباس ما زال يراهن على اللجنة الرباعية والمباحثات معها، بغض النظر أن هذه اللجنة أثبتت فعلاً أنها ببغاء، يردد المشاريع الأمريكية ولن تتجاوز هذه اللجنة مطلقاً سقف الإدارة الأمريكية، ولذلك فهو أرجأ تشكيل الحكومة لما بعد اجتماعه مع اللجنة الرباعية في 26 يناير القادم. ان الحركتين غير قادرتين حتى للوصول الى قواسم مشتركة ولو بحدودها الأساسية.. فكيف ستجريان المصالحة ؟.

ثالثاً: إن بعض الألغام ستواجه الحكومة القادمة من نمط: الأجهزة الأمنية في كل من رام الله وغزة، فالأولى تابعة للسلطة والثانية تعتمد عليها حماس في تثبيت سلطتها، بالتالي فإن أسئلة كثيرة ستواجه إعادة دمج هذه الأجهزة بعضها مع بعض. من جانب آخر فإن حركة حماس في القطاع ولما ينوف عن الأربع سنوات تمارس سلطة فعلية نسبية (ولكن ضمن نطاق الاحتلال مثل السلطة في رام الله كذلك)، فهل من السهل على حماس التخلي الطوعي عن هذه السلطة؟هذا السؤال نطرحه على سبيل المثال وليس الحصر، وهو يشكل سؤالاً صغيراً من بين عشرات الأسئلة الشبيهة الأخرى،هذا اضافة الى انعدام الثقة بين الجانبين . جملة القول: أن ما جرى في القاهرة مؤخراً هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنه أقرب الى ادارة الأنقسام منه الى مصالحة حقيقية فعلية فحتى تتحقق المصالحة واقعاً على الأرض، يتوجب اجراء الكثير من الخطوات، تلك التي لم يتم التطرق اليها في مباحثات القاهرة.

هل انتهى الانقسام الفلسطيني ... أم هي مجرد استراحة محارب؟

بقلم: صالح القلاب عن الشرق الاوسط

كان الرئيس محمود عباس (أبو مازن) مضطرا إلى تجميع كل الفصائل الفلسطينية في القاهرة، وضمان الالتقاء بها في الاجتماع الأخير الذي انعقد في العشرين من هذا الشهر، فالوضع الفلسطيني غدا متجها إلى مرحلة حاسمة إن تم استئناف مفاوضات عملية السلام المتوقفة، وإن لم يتم فمسألة مواصلة الضغط وبكل السبل والوسائل لانتزاع اعتراف بفلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، باتت ضرورية ولازمة وأمرا جديا، فالظروف الآن ملائمة جدا، وهناك تحولات مشجعة فعلا، إن بالنسبة لهذه المنطقة في ضوء تحولاتها الواعدة الأخيرة، وإن بالنسبة لمعظم دول العالم الفاعلة والمؤثرة.

لقد كان ضروريا أن يغتنم أبو مازن ارتخاء القبضة السورية على فصائل دمشق وفصائل إيران، وأهمها بالطبع حركة حماس، وأيضا حركة الجهاد الإسلامي، ويبادر إلى عقد هذا الاجتماع بسرعة وقبل أن تستجد أمور غير متوقعة، وينهي مسيرة المصالحة التي استغرقت فترة طويلة وأكثر من اللزوم، وغدا الحديث عنها كحكاية «إبريق الزيت»، ويلم شمل كل الشتات هذا التنظيمي لينتزع كل الحجج من أيدي الذين لا يرون أن هناك إمكانية لإنعاش عملية السلام واستئناف المفاوضات ما دام أن الوحدة الفلسطينية غير متوفرة، وما دام أن هناك حركة فتح وحركة حماس، وأن هناك دولة غزة ودولة الضفة الغربية.

قبل أن تحدث كل هذه المستجدات في المنطقة وتنتقل من ليبيا وتونس ومصر، وأيضا من اليمن، إلى سوريا وتؤثر على إيران، وتنهي كذبة «الممانعة والمقاومة»، وتجعل طهران أكثر انشغالا بالمواجهة مع تركيا وأكثر انهماكا بأوضاع العراق التي انهارت دفعة واحدة بعد الانسحاب العسكري الأميركي، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) كان يعرف أن الحوار مع حماس مجرد مضيعة للوقت، وأن المصالحة الفلسطينية التي كثر الحديث عنها غير ممكنة طالما أن حركة المقاومة الإسلامية مضطرة لمراعاة علاقاتها السياسية والمالية بطهران، وطالما أنه عليها أن تصدق على الرغم من أنفها أن هناك فسطاط «ممانعة ومقاومة» بالفعل، وأنها لا تستطيع إلا أن تبقى تستظل بظله ما دام أن التحالف الإيراني - السوري الذي يشمل حزب الله أيضا، وله تأثيره الفاعل في العراق، يتجسد في واقع جغرافي سياسي لا يمكن لهذه الحركة الفلسطينية أن تتجاوزه بسهولة.

أما بعد كل هذه التطورات، وبعد أن أصبح خالد مشعل مضطرا لإيجاد موقع قيادي بديل قبل أن تفاجئه متغيرات الأوضاع السورية التي لم يعد هناك شك في أنها مقبلة لا محالة، حتى وإن هي تأخرت لبعض الوقت، فقد كان لا بد من هذا الاجتماع الأخير الذي كان مقررا منذ فترة سابقة، وهنا فإن مما لا بد من الإشارة إليه، بل وتأكيده، هو أن كل هذا الفوز الذي حققته الحركات الإسلامية في مصر وفي تونس، وربما أيضا في ليبيا، قد شجع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي غدت عضوا في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وغدا رئيس مكتبها السياسي عضوا في مكتب إرشاد هذا التنظيم، على أن يتحرك بسرعة وأن يدفع في اتجاه انعقاد اجتماع القاهرة الأخير وإنجاحه، طالما أن لديه قناعة بأن تنظيمه بفعل مستجدات المنطقة هو التنظيم الأقوى الذي سيحتل حتما الموقع الذي بقيت حركة فتح تحتله في منظمة التحرير منذ عام 1968 وحتى الآن، وطالما أن التفاحة الفلسطينية التي تشبه تفاحة «نيوتن» الشهيرة سوف تسقط في «حجره» في نهاية الأمر.

الآن وبعد أن أصبح النظام السوري مربكا على هذا النحو، وبينما غدت انشغالات إيران تتركز على مسألة قدراتها النووية، وعلى ماذا سيكون عليه الوضع في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية، وأيضا على صراعها مع تركيا على من هو الرقم الرئيسي في المعادلة الإقليمية، فإنه بالإمكان القول، ولكن بحذر شديد ومن دون أي جزم ولا حسم، إن هذه المرة ربما تختلف عن المرات السابقة، وإن حماس لاعتقادها - في ضوء المد الإسلامي المتلاحق في هذه المنطقة بعد ثورات الربيع العربي - بأن التفاحة الفلسطينية ستسقط في حجرها في النتيجة، وأنها بعدما أصيبت حركة فتح بكل هذا الترهل وبكل هذه الشيخوخة سترث الوضع الفلسطيني كله، فإنها لن تلجأ إلى تعطيل ما جرى، وذلك على أساس أن الحل مع الإسرائيليين سيكون حلها، وأن الدولة المنشودة ستكون دولتها، لهذا فإن المفاوضات لن تصبح بعد الآن ممنوعة ومحرمة، وإن صلح «الحديبية» سيكون المثل المحتذى في المرحلة المقبلة.

في كل الأحوال، وبغض النظر عن كل هذه الاحتمالات والتوقعات التي قد تصيب وقد تخطئ، فإنه بالإمكان اعتبار أن اجتماع القاهرة الأخير، يشبه وإلى حد بعيد المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في الجزائر في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1988، الذي لم تحضره حركة حماس، لأنها في حقيقة الأمر لم تكن موجودة فعليا بعد، والذي ضم المنظمات الفدائية جميعها ومن دون استثناء، حتى بما في ذلك حركة فتح – المجلس الثوري - بقيادة صبري البنا (أبو نضال) التي كانت قد غادرت العراق إلى سوريا، ثم غادرت سوريا إلى ليبيا، وأصبحت ملحقة بالمخابرات الليبية بقيادة عبد الله السنوسي، هذا ما غيره.

كان الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، رحمه الله، قد بدأ التعاطي مع عملية السلام بصورة جدية، إن من خلال قنوات مفاوضات مع ما يسمى اليسار الإسرائيلي، أو من خلال تكثيف الاتصالات مع الأوروبيين ومع الأميركيين، وكان عليه وقد أصبح مصمما على الذهاب بالشوط حتى آخره، أن يلملم الشتات الفلسطيني حوله، وأن يعقد ذلك المجلس الوطني الفلسطيني الذي كان مطلوبا منه الاعتراف بقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338، ولذلك ولتمرير هذا الاعتراف فقد بادر أبو عمار الذي كان متميزا ومبدعا في ألاعيبه ومناوراته السياسية، إلى ربط هذا الاعتراف بإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، التي صاغ ميثاق استقلالها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، رحمه الله، بلغة جميلة وراقية، اختلط فيها الحاضر بالماضي، والأسطورة التاريخية بالواقع المنشود.

كان على أبو عمار وقد حسم أمره وقرر اتخاذ هذه الخطوة الخطيرة فعلا، أن يرضي الأنظمة العربية كلها، وأن يضمن مشاركة كل امتداداتها في الساحة الفلسطينية، ولعل ما تجب الإشارة إليه أن نجم المعارضة في تلك المرحلة كان الدكتور جورج حبش، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الرجل العنيد والمتمسك بقناعاته ومواقفه حتى الموت، ولكنه في الوقت ذاته يختلف عن باقي المعارضين وباقي الرافضين في أنه متمسك باستقلالية قراره والقرار الفلسطيني، وفي أنه يرفض تأجير بندقيته لأي نظام حتى بما في ذلك النظام السوري والنظام العراقي، ولهذا فقد كان من السهل على (أبو عمار) وعلى (أبو إياد) إقناعه بموقفهما في تلك الليلة الطويلة، التي بدأت مع غروب الشمس وانتهت مع شروقها، بالتركيز على مخاطبة وطنيته التي هي وطنية صادقة، وهذا معروف لكل الذين تعاطوا معه وعرفوه عن قرب.

في كل الأحوال إنه من الممكن اعتبار اجتماع القاهرة الأخير، الذي سيتكرر في فبراير (شباط) المقبل، خطوة جدية في اتجاه الوحدة الفلسطينية التي بقي غيابها يشكل عبئا على محمود عباس (أبو مازن) وحركته في كل المجالات الدولية، لكن مع كل هذا التفاؤل فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الجوانب السياسية الرئيسية المتعلقة بعملية السلام لم يتم التطرق إليها في هذا الاجتماع الأخير، وأن دولة غزة ستبقى إلى جانب دولة الضفة الغربية إلى أن تشكل الحكومة الوحدوية وتجري الانتخابات التوحيدية، التي من المفترض أن تجري وبسرعة.. وهنا فإن الخوف كل الخوف من المستجدات غير المحسوب حسابها، وأول هذه المستجدات أن يستعيد نظام بشار الأسد زمام المبادرة، وأن تتمكن إيران من تكريس نفسها رقما رئيسيا في المعادلة الإقليمية.

المصالحة الفلسطينية في حقل ألغام سياسية

بقلم: عامر راشد عن الحياة اللندنية

لم يحبس الفلسطينيون الأنفاس بانتظار نتائج الجولة الجديدة، والتي لن تكون الأخيرة، من حوارات المصالحة الداخلية الفلسطينية في القاهرة، بل قابلوها بفتور يعبِّر عما تختزنه ذاكرتهم الجمعية من خيبات الجولات السابقة بما انتهت إليه من فشل، وحلقات مفرغة من تجليات صراع الانقسام الكياني والسياسي المحتدم.

ولعدم الاكتراث - بحوارات القاهرة - على مستوى النخب والشارع ما يبرره، فالمحادثات ما زالت تدور في دائرة ضيقة من مقاربات ثنائية بين حركة «فتح» وغريمتها «حماس» للالتفاف على جوهر الانقسام المتمثل بخلافات سياسية عميقة تطاول المشروع الوطني الفلسطيني التحرري برمته، قفزت عنها «وثيقة المصالحة» التي وقع عليها ممثلو الحركتين في الرابع من أيار (مايو) 2011، ويجري العمل على وضع آليات لتنفيذ البنود الإجرائية الواردة فيها وفق جدول زمني بمساعدة مصرية، بعد أن بقيت «الوثيقة» موضع خلاف لأكثر من عامين، طالبت «حماس» خلالهما بإدخال تعديلات رُفضت من قبل «فتح» والنظام المصري السابق.

ومثلما جرى في الجولات السابقة، أعلن ممثلو «فتح» و»حماس» عن اختراقات جدية باتجاه تجسيد خطوات المصالحة، بما يشمل تشكيل حكومة وفاق وطني، وإجراء انتخابات المجلس التشريعي للسلطة والمجلس الوطني الفلسطيني، وإعادة توحيد الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة، وحلِّ ملف الاعتقال السياسي، وانخراط حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في «الهيئة القيادية العليا لمنظمة التحرير» التي نصَّ على تشكيلها إعلان القاهرة في آذار (مارس) 2005، وحدَّد مهمتها بتطوير وتفعيل مؤسسات المنظمة وتنظيم علاقتها مع مؤسسات السلطة.

لكن وبشيء من التدقيق، ومن دون الانتقاص من أهمية ما تحقق، يبقى الاتفاق مبتوراً ومُعرضاً لمنزلقات كثيرة، لأنه لا يستند إلى اتفاق سياسي - ولو في الإطار العام - بين قطبي الصراع الانقسامي، الأمر الذي أفشل الجولات السابقة من الحوار وما تمخض عنها من اتفاقات، ويضع الاتفاق الجديد - القديم في دائرة ضبابية تلفها أسئلة تواطأ الطرفان على السكوت عنها.

السؤال الأول حول كنه ووظيفة «الهيئة القيادية العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية» على ضوء المهمة الموكلة إليها، فالهيئة حُصرت صلاحياتها في نطاق تطوير وتفعيل مؤسسات المنظمة من منظور تنظيمي بحت، لتنضوي فيها «حماس» و»الجهاد الإسلامي».

ومنذ التوقيع على إعلان القاهرة في آذار (مارس) 2005 شدَّدت فصائل المنظمة على أن الهيئة ليست بديلاً من الهيئات القيادية للمنظمة، وذهبت حركة «فتح» أبعد من ذلك بنفي أي صفة مرجعية لها إزاء العملية السياسية والتفاوضية المحتكرة من قِبلها. وهنا من المنطقي أن لا تكون بديلاً، لكن من المنطقي أيضاً أن تكون قراراتها المجمع عليها ملزمة للجنة التنفيذية والمجلس المركزي لمنظمة التحرير. ولن يستقيم الحديث عن شراكة من دون مشاركة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في القرار السياسي والتفاوضي جنباً إلى جنب مع باقي الفصائل والقوى الرئيسية في المنظمة، وهذه إشكالية مركبة ومزمنة، فحركة «فتح» تحتكر المرجعية التفاوضية وفق رؤية وأجندة سياسية خاصة ظلت على الدوام موضع خلاف، ومبعثاً للانقسام داخل منظمة التحرير والنظام السياسي الفلسطيني ككل. والأشهر الستة التي تفصلنا عن موعد انتخابات المجلسين (التشريعي) و(الوطني) ستكون مفصلية في حسم مستقبل العملية التفاوضية على ضوء الجهود الحثيثة التي تبذلها «الرباعية الدولية» لإقناع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بالعودة إلى طاولة المفاوضات على أساس بيانها الذي أصدرته في 23 أيلول (سبتمبر) الماضي.

وتجدر الإشارة إلى أن الفريق الفلسطيني المفاوض سلَّم بناء على طلب «الرباعية» عرضه الأولي في ما يخص ملفي الحدود والترتيبات الأمنية، ويتكون العرض من وثيقتين، الوثيقة الأولى رسمت مسار الحدود بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل على أساس حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، وأبدى فيها الرئيس عباس موافقته على تبادل للأراضي بنسبة ما يقارب 2 في المئة من مساحة الضفة الغربية. وتضمنت الوثيقة الثانية قبول عباس بمرابطة قوات دولية على حدود الدولة الفلسطينية مع إسرائيل والأردن، وترتيبات أمنية على المعابر، وأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وأن لا تشارك في تحالفات معادية لإسرائيل. في حين جدَّد الجانب الإسرائيلي رؤيته الخاصة التي تتمسك بإجراء «مفاوضات سرية مباشرة من دون شروط مسبقة»، وعدم تقديم عرض أولي لمفهوم تسوية الحدود إلا كجزء من هذا الإطار.

وحتى لو غضضنا الطرف عما سبق، أكدت حركتا «حماس» و»الجهاد الإسلامي» على نحو متواتر أن انضمامهما إلى صفوف منظمة التحرير مشروط بإدخال تعديلات جوهرية على البرنامج السياسي للمنظمة، ولذلك إن مشاركة ممثلين للحركتين في الاجتماع الأول لـ «الهيئة القيادية العليا»، الذي عقد في القاهرة، يجب أن لا يبنى عليها أكثر مما تحتمل وتستحق.

السؤال الثاني حول توحيد الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة رام الله والحكومة المقالة في قطاع غزة وإغلاق ملف الاعتقال السياسي، حيث الافتراق جذري بين الحكومتين في فهم عقيدة ومهمات الأجهزة الأمنية، وتركيبتها الفئوية الخالصة، والإشراف الأميركي عليها في الضفة، والتنسيق الميداني مع نظيراتها الإسرائيلية، وتجريم المقاومة المسلحة بمرسوم رئاسي...الخ. ناهيك عن ثقل التأثير الأميركي والإسرائيلي في هذين الملفين الشائكين.

السؤال الثالث يتعلق بمقدرة حكومة تكنوقراط تتوافق عليها «فتح» و»حماس» على مواجهة الفيتو الأميركي- الإسرائيلي وتأمين الموارد المالية اللازمة من الجهات المانحة، والتحضير للانتخابات، وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ خمس سنوات.

وفي موضوع الانتخابات، التي تطرح كحل سحري لحالة الانقسام السياسي والكياني، يبرز سؤال متشعب: تحت أي سقف سياسي ستجرى انتخابات المجلس التشريعي، وما هي ضمانات احترام نتائجها وشمولها كل المناطق الفلسطينية المحتلة في العام 1967 بما فيها القدس الشرقية؟ وهل هناك إمكانية واقعية لإجراء انتخابات للمجلس الوطني في مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في الأردن، وما الذي سيحفز اللاجئين الفلسطينيين على المشاركة الواسعة فيها في ظل مواقف التيار المهيمن في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية المساومة على حقهم في العودة؟

ويضاف إلى ما سبق سؤال آخر إزاء مستقبل السلطة الفلسطينية وطلب عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، وهاتان قضيتان خلافيتان كبيرتان بين «فتح» و»حماس».

إذن نحن أمام اتفاق جديد - قديم يطرح الكثير من الأسئلة الصعبة، وفي المقلب الآخر يقدم إجابات مبتورة ضمن مقاربة ثنائية لا تؤسس لبرنامج شراكة وطنية حقيقية، وبالتالي يعود ليدخل جهود المصالحة من الباب الدوار إلى حقل الألغام السياسية.

المصالحة الفلسطينية: العبرة في التطبيق

بقلم: عليان عليان عن السبيل الاردنية

لا يوجد أحد من أبناء الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لا يبارك أيّ خطوة في اتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية، وخاصة بين حركتي فتح وحماس ولإنهاء الإنقسام الجيو – سياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ولا يوجد أحد لا يبارك أيّ خطة باتجاه إعادة بناء وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة كافة القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية فيها، ونستثني منهم أولئك المستفيدين من حالة الانقسام الجيو - سياسي الفلسطيني بين الضفة والقطاع، خاصةً أنّهم سيكونون أول الخاسرين، من تحقيق المصالحة بعد أن نفخوا كثيراً في «قربة» الانقسام، وكونهم ظلّوا بعيداً عن المحاسبة جراء الترهل الذي أصاب جسم منظمة التحرير ومؤسساتها.

لكن تجربة الشعب الفلسطيني مع اتفاقات المصالحة والوحدة تجعله يقف موقف المتشكك، وتجعله يقول: «العبرة في التطبيق»، لماذا؟

أولاً: لأن وراءه اتفاق القاهرة أيام نظام مبارك البائد في مطلع كانون ثاني 2009، واتفاق القاهرة المعدل في أيلول 2009 الذي لم يتم تطبيقه، حيث وضع كل طرف المسؤولية على الطرف الآخر، ففي الوقت الذي سارعت حركة فتح على توقيعه رفضت حركة حماس التوقيع عليه، تحت مبرر أنّه جرى تحريفه في مسائل عديدة تتعلق بمرجعية إعادة بناء أجهزة الأمن والانتخابات وغيرها، وكذلك تحريفه لجهة الاشتراط على كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي الاعتراف ب»إسرائيل» وبكافة الاتفاقات التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية.

ثانياً: ولأن وراءه أيضا إعلان آذار 2005، الذي وقّعت عليه الفصائل الفلسطينية والذي حدد الآلية المطلوبة لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، الذي مضى عليه ست سنوات، دونما أدنى تفعيل له. ووراءه كذلك وثيقة الوفاق الوطني «الأسرى» التي كانت بمثابة برنامج حد أدنى بين الفصائل، التي وضعت على الرف دونما تطبيق وتفعيل لها، ولأن وراءه عشية الانقسام اتفاق مكة، وبعد الانقسام اتفاق صنعاء اللذان لم يحقنا الدم ولم يضعا المصالحة على بداية السكة.

ثالثاً: ولأنّ اتفاق أيار 2005 الذي تم في مصر وبرعايتها في مرحلة ما بعد قيام الثورة، رغم تضمنه اللجان والآليات المطلوبة في قضايا الأمن والانتخابات، وتشكيل الحكومة بالتوافق والمصالحة المجتمعية..ألخ، لكنه تعطّل أكثر من ستة شهور جراء الاختلاف على اسم رئيس الحكومة، ففي حين وضعت حماس «فيتو» على سلام فياض وطالبت باستبداله بأيّ شخصية أخرى، أصرّ الرئيس عباس على ترشيحه رئيساً لحكومة التكنوقراط، التي تنحصر مهمتها بشكل رئيسي في التحضير للانتخابات المزمع عقدها في أيار القادم.

لكن يحدوني التفاؤل كغيري من أبناء الشعب الفلسطيني بأن يكون لقاء القاهرة الأخير بين الفصائل الفلسطينية، وخاصة بين حركتي فتح وحماس، مثمراً على صعيد التطبيق وذلك للأسباب التالية:

أولاً: لأنّ السلطة الفلسطينية وحركة فتح على وجه التحديد تعيشان حالة مأزومة جراء وصول المفاوضات مع الكيان الصهيوني إلى طريق مسدود، وبعد أن اكتشفتا بالتجربة الملموسة أنّ العدو الصهيوني يستثمر المفاوضات يومياً، لخلق حقائق أمر واقع استيطانية وتهويدية على الأرض والمقدسات، وأنّ الإدارة الأميركية تتراجع باستمرار عن مواقفها بشأن وقف الاستيطان وغيره من القضايا، وتتكيف مع الإجراءات الإسرائيلية.

ثانياً: لأنّ حركة حماس هي الأخرى لا تزال تعاني من أزمة الحصار، لا سيما وأنّ الجانب المصري، ممثلاً بالمجلس العسكري لم يقدّم تسهيلات ذات شأن كبير في مسألة الفتح الدائم لمعبر رفح، وظل الاقتصاد في قطاع غزة مرتبطاً بتجارة الأنفاق، ناهيك أنّ البنية التحتية والمنازل والمنشآت التي دمّرها العدو الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة عام 2008، لم تجر إعادة بناء لها جراء منع العدو إدخال مواد البناء المطلوبة، وجراء تلكؤ النظام العربي في تنفيذ تعهداته في إعادة بناء ما دمّره العدوان على غزة.

ثالثاً: ولأنّ حالة تذمر كبيرة تسود الشارع الفلسطيني في زمن الربيع العربي جراء الانقسام، سبق أن عبّر عنها في مسيرات غاضبة تحت عنوان «الشعب يريد إنهاء الانقسام»، وأنّ هذا التذمر قد يسحب من رصيدي فتح وحماس على حد سواء، الأمر الذي حدا بالطرفين لأن يستجيبا للنداء، والمباشرة بخطوات عملية لإنهاء الانقسام وتفعيل الوحدة الوطنية.

رابعاً: ولأنّ كافة الأطراف الفلسطينية أدركت تمام الإدراك بأنّ الوحدة الوطنية الفلسطينية، في السياقين السياسي والتنظيمي هي المدخل لتجاوز الضغوط الصهيو- أميركية في مسألة التسوية ولإحقاق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

خامساً: لأنّ الثورات العربية بربيعها المشرق، فرضت على الفصائل الفلسطينية أن تنسجم وبخطوات عملية، مع الواقع الجديد الذي فتح آفاقاً أمام النضال الوطني الفلسطيني.

سادساً: لأنّ سقوط نظام مبارك على وجه التحديد سهّل مهمة الفصائل الفلسطينية للوصول إلى توافق حول مختلف القضايا، إذ أنّ نظام مبارك البائد وهدهده عمر سليمان، لم يكن وسيطاً محايداً بين فتح وحماس، وعمل على تعديل وتزوير التفاهمات بناء على طلب الإدارة الأميركية ومبعوثها آنذاك جورج ميتشيل، لأنّ هذه الإدارة والكيان الصهيوني خيّرتا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بين استمرار المصالحة مع حماس أو السلام مع «إسرائيل».

سابعاً: ولأنّ إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كشفت بالكامل دون أدنى هامش للمناورة، عن حقيقة موقفها الرافض عملياً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع، على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، من خلال ضغوطها على رئيس السلطة الفلسطينية بعدم الذهاب للأمم المتحدة بهدف الحصول على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وسعيها لإفشال النصاب القانوني في مجلس الأمن اللازم لطرح الموضوع للتصويت، ناهيك أنّها عاقبت الرئيس عباس على موقفه جراء تحديه للضغوط الأميركية بهذا الشأن، والذي لقي ترحيباً في الشارع الفلسطيني بمختلف تلاوينه السياسية، عبر قطع المساعدات الأميركية عن السلطة ومؤسساتها، وحصر الدعم لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية فقط!

وما يجعل الشعب الفلسطيني يحصل على جرعة إضافية من التفاؤل أنّه تم تسمية أعضاء اللجان الخاصة بالحريات، (حرية التعبير، المعتقلون في الضفة والقطاع، التنقل، صرف جوازات السفر)، وبالانتخابات وباللجنة القيادية العليا لمنظمة التحرير، متضمنة ولأول مرة ممثلين عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وبتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، والتحضير لإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، ولجنة المصالحة المجتمعية..ألخ، أيّ أننا أمام لجان بآليات ومواعيد محددة لبدء العمل الجاد، من أجل تطبيق اتفاق أيار 2011 ووضعه موضع التطبيق.

وأخيراً، ورغم حالة التفاؤل الناشئة هذه المرة، يبقى أن نشير إلى أنّ المفصل الحاسم في إنجاح الاتفاق يكمن في ثلاث مسائل رئيسية هي:

أولاً: الالتزام من كلا الجانبين، حركتي فتح وحماس بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين في الضفة والقطاع، ودون تلكؤ مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المعتقلين على خلفية المقاومة المسلحة للاحتلال أو التحضير لمقاومته هم مقاومون سياسيون بامتياز.

ثانياً: الالتزام مرحليا بما تم الاتفاق عليه بشأن مبدأ المقاومة الشعبية الشاملة والحقيقية التي لا تقتصر على نعلين وبعلين وغيرهما، بل تمتد لتشمل عموم الأراضي المحتلة متضمنة مختلف أشكال النضال الشعبي ضد الجدار والاستيطان والحواجز العسكرية، ومتضمنة التحضير لهبات جماهيرية وعصيان مدني متدرج، مع ضرورة التأكيد على أشكال المقاومة الأخرى ومن ضمنها الكفاح المسلح في مرحلة أخرى.

ثالثاً: التوافق على برنامج سياسي مشترك بين فصائل منظمة التحرير والقوى الإسلامية، خاصةً أننا سمعنا تصريحات متباينة، فبينما صدرت تصريحات من فتح تشترط موافقة حركتي حماس والجهاد الإسلامي على البرنامج السياسي للمنظمة، صدرت تصريحات عن حركتي حماس والجهاد، تطالب ببرنامج سياسي توافقي جديد يأخذ بعين الاعتبار استراتيجيتهما، وموقفهما من الاتفاقات الموقعة مع الكيان الصهيوني، ومن ضمنها خطة خارطة الطريق.

أوباما وحقوق الإنسان الفلسطيني

بقلم: أسامة عبد الرحمن عن الخليج الامارتية

عندما يتوجه أوباما في خطابه في مايو/أيار 2011 إلى مخاطبة الشباب في ربيع الثورة العربية، ويحيي مطالبهم بالديمقراطية والحرية التي هي في صميم القيم الأمريكية كما يقول، فإنه يتجاهل الشباب الفلسطيني المتطلع إلى الديمقراطية والحرية، بعيداً عن سطوة الاحتلال وهيمنته وقمعه وحصاره . وعندما يؤكد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2011 أن على هذه المنظمة أن تدعم حقوق الإنسان، وحق الإنسان في حياة حرة كريمة، فإنه يتجاهل حقوق الإنسان الفلسطيني ويدعم آلة الكيان الصهيوني العسكرية التي تعتدي على الأرض الفلسطينية والحق الفلسطيني وتنتهك حرمة الأرض الفلسطينية والحق الفلسطيني، بل يقدم للكيان الصهيوني سنداً قوياً حاضراً بكل وسائله للنأي به عن أي ملاحقة أو مساءلة أو إدانة أو عقاب على جرائمه المتواصلة ضد الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني .

إن الكيان الصهيوني يمارس على مدى عقود سياسة استعمارية عنصرية ضد الإنسان الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، وتتمثل في التهويد والعبرنة والتشريد والتهجير والقتل والقمع والمحاصرة . ويتم ذلك تحت نظر الولايات المتحدة التي تغض النظر وتقدم في ذات الوقت دعماً للكيان الصهيوني على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية كافة، وتعزيز قدرته على ممارسة سياسته العدوانية ضد الإنسان الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، وفي الوقت ذاته توفر له الغطاء لمثل هذه الممارسة وتقف بثقلها السياسي سداً منيعاً أمام أي محاولة إدانة أو ملاحقة أو مساءلة . فهل الإنسان الفلسطيني ليس إنساناً كغيره، ولا تنطبق عليه معايير حقوق الإنسان، ومن حق الكيان الصهيوني أن يقترف ما يشاء بحقه؟ وهل الشعب الفلسطيني ليس شعباً كغيره من شعوب الأرض يطمح إلى الاستقلال والحرية والعيش بكرامة؟

إن تجاهل أوباما للإنسان الفلسطيني وكأنه ليس إنساناً وليس من حقه التطلع إلى الاستقلال والسيادة والحرية والكرامة، يتناغم مع النظرة الصهيونية الاستعمارية العنصرية، ويتناقض مع قيم الحرية والعدالة والمساواة التي تتغنى بها الولايات المتحدة وكأنما قدر الإنسان الفلسطيني وفق هذه النظرة الاستعمارية العنصرية أنه مخلوق أولى بالقتل والقمع والحصار والتهجير والتشريد .

إن هذا التمييز هو في حد ذاته جريمة قانونية وأخلاقية وإنسانية . ربما أخطأ الفلسطينيون والعرب كثيراً عندما علقوا على أوباما الكثير من الآمال يوم جاء إلى سدة الرئاسة . وابتدأ عهده بقول بدا فيه متفهماً إلى حد ما لتطلعات الفلسطينيين في دولة قابلة للحياة، وعندما دعا إلى تجميد الاستيطان ولكنه نكص عن ذلك .

إن الاستيطان انتهاك صارخ لحق الإنسان الفلسطيني . ولكنه في المنظور الصهيوني الذي يباركه التوجه الأمريكي ليس إنساناً، ولذلك فليس له أي حقوق، وليس من حقه أن يتطلع إلى حياة حرة كريمة .

ربما تساءل كثيرون عن دور الأمم المتحدة في إحقاق الحق الفلسطيني وتمكين الإنسان الفلسطيني من العيش بحرية وكرامة على أرضه وفي إطار دولته المستقلة ومعروف أن الأمم المتحدة أصدرت العديد من القرارات، ولكنها لم تجد طريقها إلى التطبيق لغياب الآلية التنفيذية الفاعلة، وتجاهلها الكيان الصهيوني . هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة تستنفر عادة كل وسائلها السياسية والدبلوماسية لاجهاض أي مشروع قرار لإحقاق حق فلسطيني، أو إدانة الكيان الصهيوني على جرائمه البشعة . فقد استنفرت كل وسائلها السياسية وثقلها السياسي ضد حراك عربي لإدانة الحرب البشعة التي شنها الكيان الصهيوني على غزة، وما اقترفه فيها من جرائم، كما استنفرتها من قبل وستستنفرها من بعد ضد أي مشروع إدانة للكيان الصهيوني .

ثم يعلن أوباما في الأمم المتحدة عن موقفه حيال طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية ويلوح باستخدام حق النقض ضد هذا الطلب، في وقت يؤكد فيه على حق الفلسطينيين في دولة قابلة للحياة، ولكن وفق التفصيل الصهيوني الأمريكي وهي وفق هذا التفصيل لن تكون قابلة للحياة . هذا إن قامت فعلاً، بعد مخاض عسير وطويل لمفاوضات عبثية يطرحها أوباما مساراً وحيداً لقيام الدولة الفلسطينية .

ماذا لو حكَمَنا الإسلاميون؟!

بقلم: أنور جمعة عن القبس الكويتية

لنُغمض عيوننا لدقائق ونتخيل أن انتخابات مجلس الأمة 2012 أفرزت لنا اغلبية اسلامية ساحقة، وعلى اثرها «قص» الحق رئيس الحكومة الجديد وشكل مجلس وزراء ذا طابع اسلامي، وقام الوزراء بدورهم وبإيعاز ومباركة من نواب المجلس الجديد وعينوا وكلاء ووكلاء مساعدين اسلاميين، وهكذا وصولا الى وظيفة الــ «تي بوي»، حيث الكل يعلم بسلوكيات هذه الجماعة عند الوصول. المهم ماذا ستكون حال الكويتيين في ذلك الوقت؟!

نبدأ اولا بالتعليم، حيث سيقرون ان فصل التعليم اولوية، ولكون الجامعة غير جاهزة فسيخيرون المرأة بين الجلوس في البيت او ان تختار نمطاً ونوعاً محددا من التعليم كتخصصات كلية البنات، او تلك التي تدرس بالمعاهد - فقط - لكونها مفصولة اصلا. ستسلم جميع المناصب التعليمية لكوادرهم وستكون البعثات وفق الانتماء الحزبي. سيقضون على التشريعات والقوانين الاقتصادية وسيعبثون بقوانين الجهاز المصرفي، سيخلقون بيئة مالية مبنية على تنفيع تنظيماتهم المحلية والخارجية وسنتحول الى مرتع لغسل اموال جماعات الاسلام السياسي.

ستكون مجالس ادارات شركات القطاع النفطي والجهاز الاستثماري اسلامية «مية مية». سيقرون ان اوقات العمل في اجهزة الدولة تستمر حتى قبل اذان الظهر، حيث على كل موظف التوجه للصلاة وان يترك عمله مهما كانت اهميته. فالعبادة اولى من تخليص معاملات المواطنين او بيع شحنة نفط في الخارج او تحويل مصرفي لاستثمار عالمي او غيره من توافه الامور. سيغلقون المحال والمتاجر خمس مرات يوميا ولسبعة ايام في الاسبوع، يعني التاجر لو «يفحط» ما يربح.

الزي سيكون موحداً عند الخروج من المنزل، سيمنعون أي دعاية تجارية فيها صورة امرأة غير محجبة لعدم اثارة العامة. سيقرون عدم اخلاط الناس في المطاعم والمقاهي والاماكن العامة الا بوجود محرم ولا مجال لاختلاط الزملاء والاصدقاء والاقرباء، فكل اجتماع بين ذكر وانثى مشبوه. سيقرون لا سفر لاي امرأة الا باذن محرمها. سيلغون الاعياد العالمية الانسانية كرأس السنة وعيد الام وعيد الحب، سيقرون رقابة على القنوات التلفزيونية والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي باسم العادات والتقاليد وسيتحول الاعلام الى اعلام موجه لافكارهم وقضاياهم. سنستقبل يوميا كل منحرف فكرياً ومجرم ومطلوب عالميا على هيئة وفود برلمانية ووزارية.

فلوسنا وفلوس اجيالنا ستتجه لتمويل من شتمنا ومن وقف مع المقبور صدام حسين على هيئة تبرعات ومساعدات انسانية. ستتحول فنادقنا العالمية ومجمعاتنا الى زنازين سياحية.. لا اريد ان اكمل فالحلم فعلا مخيف!

عزيزي الناخب.. قبل ان تفكر في ان تختار او ان تسوق لمرشح، فكر «بشكل» بلدك بعد انتخابات 2012، وتذكر ان الفرص لا تتكرر.

كلهم إسلاميون.. كلهم ليبراليون

بقلم: أحمد الصاوي عن الشروق المصرية

تواجه لغط حقيقى، ربما يكون مقصودا، حتى تنصرف عن قضاياك الأساسية، أو تهرب القوى السياسية بمختلف توجهاتها من مسئولياته، أو لا تتورط فى التزامات محددة ذات علاقة بحياتك ومستقبلك وشئونك المعيشية.

من ذلك الاستقطابات التى حدثت على الهوية الدينية، وتلك التى قسمت حتى أصحاب الهوية الدينية الواحدة إلى متطرفين ومعتدلين، والاستقطاب الأكثر بروزا الذى قسم الكتل التصويتية المصرية بين إسلاميين وليبراليين.

بداية لابد أن تفهم أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، هكذا جاءت فى الدستور السابق، وفى الإعلان الدستورى الحاكم اليوم بوصفه دستورا مؤقتا، وبالتالى فكل حزب أو تكتل خاض الانتخابات يفعل ذلك وفق القواعد الدستورية بمعنى قبوله بمادة الشريعة، ويعنى ذلك أن كل الأحزاب والكتل التى تخوض الانتخابات لديها مرجعية إسلامية، وتتفق فى الأصول وربما تختلف فى فهم هذه المبادئ، وهو فهم متباين حتى داخل التيار الإسلامى الواسع نفسه بمكوناته المختلفة، أى أنك أمام مرشحين كلهم إسلاميون بحكم المرجعية الدستورية، بما فيهم أولئك الذين يهاجمون تيارات الإسلام الأيديولوجى السياسية، حتى لو تزيد البعض فى التركيز على الهوية الإسلامية سواء لاحتكارها، أو حتى للتميز بها عن الآخرين.

كذلك كل الكتل والأحزاب السياسية تخوض الانتخابات بالمعايير الديمقراطية الليبرالية، التى تعنى حرية تأسيس الأحزاب، واعتماد الانتخابات وصناديق الاقتراع آلية وحيدة للتنافس على حكم وتداول السلطة، وحق الأغلبية النيابية فى قيادة المجتمع بحكم التفويض الشعبى التى حصلت عليه من الصناديق النزيهة، وحق الأقلية فى حماية حقوقها وكل ما يتعلق بالديمقراطية إجمالا كممارسات وقيم ونمط فرز لبلوغ الحكم الرشيد، وهو مسار سياسى ليبرالى بامتياز، ومعنى قبول كل الكتل والأحزاب المتنافسة بهذا المسار وإعلانها احترامها له أن أيضا كلهم ليبراليون بحكم الممارسة الفعلية، بما فيهم أولئك الذين يهيلون التراب على الليبرالية فيما هم يمارسونها، سياسيا، وتعبر أطروحاتهم الاقتصادية كذلك عن انحياز للحرية الاقتصادية التى هى أيضا إحدى الملامح الليبرالية.

لديك إذن تنافس فى غير محله هدفه إحداث التمييز والاستقطاب فحسب، وصرفك عن النتيجة الأساسية وهى أن قضاياك الحقيقية غابت عن هذا التنافس، فأنت لا تعرف بوضوح ما هى سياسات كل حزب أو تكتل فى قضية التأمين الصحى، كيف ستدار هذه المنظومة وتمول، هناك حديث يملأ الآفاق حول جسد المرأة، لكن لا أحد يتحدث بذات الاستفاضة حول تعليمها وعلاجها وتوظيفها.

هى سياسة إذن مازالت فى قلب دوامة الشعارات ولم تخرج منها، والأدهى أنك بمراجعة السياسات الاقتصادية الواردة فى برامج الكتل الأربعة الرئيسية «الإخوان والنور والكتلة والوفد» ستكتشف أنك قدمت بلادك إلى نمط اقتصادى واحد فى مجمله لا تباينات كبيرة بين أطرافه، هو برلمان يمينى بامتياز فيما يتعلق بالسياسات، الاقتصادية والاجتماعية، ويمينى أيضا من حيث علو صوت التطرف القادم من كل اتجاه تحت هذه القبة.. وإذا كنت تعتقد أنه برلمان غير محتكر سياسيا لأن فيه إخوان ونور وكتلة ووفد، فهو برلمان محتكر على المستوى الاقتصادى لأن الأربعة نظريا يمثلون تيارا اقتصاديا واحدا، منحاز من البدء إلى رأس المال ومن يمثلونه..!

هل وصلت رسالة السلام الإيرانية؟.

بقلم: طارق محمد الناصر عن الرياض السعودية

كثيراً ما تبدو اللغة التي تتحدث بها إيران بعيدة عن الواقع ومنفصلة عنه. أحدث التصريحات المنفصلة عن الواقع كان تصريح الأدميرال سيد محمود موسوي الناطق الرسمي لمناورات الولاء 90 البحرية الدائرة في مضيق هرمز. إذ لم يكتف الأدميرال بالقول ان" المناورات تستهدف التصدي لجزء من التهديدات التي يطلقها الاستكبار العالمي من أجل تفكيك دول المنطقة وان المناورات تمثل رسالة تهديد للعابثين بأمن المنطقة" بل أضاف" إن المناورات تحمل في الوقت نفسه رسالة سلام وصداقة لدول المنطقة بعيداً عن تهديدات القوى الخارجية وتدخلاتها".

لا يخفى على أحد أن المناورات الإيرانية ليست سوى استعراض للعضلات واختبار للقوة، فهي ضخمة لدرجة انها تستمر عشرة أيام ولا يقتصر مسرحها على مضيق هرمز بل يمتد ليصل إلى بحر عمان وخليج عدن والمحيط الهندي على مساحة تقدر بمليوني كيلومتر مربع. ولإبراز استعراض القوة أكثر ترافقت تلك المناورات مع تصريحات لمسئولين إيرانيين عن قدرة إيران، في أي وقت تشاء، على إغلاق مضيق هرمز.

الحق ان المسئولين الإيرانيين يجيدون لعبة تقاسم الأدوار. إذ تجد حملات إعلامية يقودها أعضاء في البرلمان ومعممون وصحفيون ضد دول المنطقة ويتناغم معهم آخرون يتحدثون عن رسائل سلام مفخخة كتلك التي يبشر بها الأدميرال. واللافت أيضا ان البعض منهم يتحدث عن ضرورة أن يكون أمن المنطقة في يد أبنائها فيما يعرف القاصي والداني ان السبب الأكبر لزعزعة الأمن في المنطقة هو السياسة الإيرانية التي تغذي المذهبية وتؤجج بؤر الصراع.

الدول العربية، وخاصة دول الخليج، حاولت كثيرا بناء جسور الثقة مع إيران لكنها لم تقابل ذلك إلا بالإمعان في التدخل السافر في الشئون الداخلية لهذه الدول ومحاولة إيجاد موطئ قدم لها في كل خاصرة عربية رخوة. العرب، في الواقع، منحوا إيران أكثر مما تستحق من الفرص.

ليس أمامنا، في النهاية، إلا المواجهة مع إيران. وليس المقصود بالمواجهة التدخل في شئونها الداخلية أو تهديدها عسكريا بل تحجيم نفوذها بالتحرك كتكتل يعمل وفق إستراتيجية موحدة. هدف هذه الإستراتيجية النهائي هو الاشتباك مع التدخل الإيراني وتعريته من لبوسه المذهبي الذي يخفي حقيقة أطماعه الفارسية.

يتعين أن تدرك إيران أن تدخلها، حتى بإثارة الحملات الإعلامية، سيجد رداً من الدول العربية. يتعين أن ترى سفراءها في الدول العربية يستدعون ويهددون بإجراءات إن استمرت إيران في إثارة مناخات التوتر والتصعيد ضد جيرانها. إيران جارتنا غير انها لا تحفظ للجيرة حقوقها .. لا يجب، بعد الآن، أن تتوقع إيران من باقي الجيران الصمت بينما هي تعتدي على أحدهم.