أقلام وآراء

(724)

عيـــد الـميـــــلاد

بقلم: ناحوم برنياع،مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

التفصيلات الصغيرة

بقلم: ايتان هابر،مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

الجيش الاسرائيلي يستعد لتسخين الحدود مع سوريا

بقلم:حنان غرينبرغ، مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

الاحتلال ليس قضيتنا فقط

بقلم: جدعون ليفي، مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

عيـــد الـميـــــلاد

بقلم: ناحوم برنياع،مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

أمس قبل 2011 سنة ولد طفل يهودي في بيت لحم، سُمي يسوع. وأمس ولد في قيسارية طفل يهودي آخر وسيسمى بنيامين. وقد خرج الطفلان للعالم خالصين طاهرين، بريئين من كل خطيئة وبريئين من كل علم وكل مسؤولية. وتبين لهما كل شيء فجأة: الظلم والعُسر والاخفاق.

يحتفل العالم المسيحي بميلاد يسوع مرة في كل سنة – وكل كنيسة وتقويمها. ونحن نحتفل كل اسبوع من جديد بميلاد بنيامين الذي هو بيبي. في الاسبوع الماضي احتفلنا لأن هذا الولد تبين له وجود شباب التلال؛ ونحتفل هذا الاسبوع لأنه تبين لهذا الولد العنف الحريدي في بيت شيمش. ومن ذا يعلم ماذا سيتبين لهذا الولد في الاسبوع القادم.

يُطلب الى كل رئيس حكومة ان يرد على أحداث تهيمن على برنامج العمل. واليه تتطلع العيون، وعليه تقع المسؤولية. وفي حال نتنياهو يجري الرد بطريقة عامة على خمس مراحل. المرحلة أ: التجاهل. أنظر ازمة غلاء المعيشة واسعار السكن؛ وانظر الى اهمال خدمات اطفاء الحرائق؛ وانظر الى القافلة البحرية التركية؛ وانظر الى إقصاء النساء عن الفضاء العام ومشاغبة المجموعات المتطرفة في الوسط الحريدي؛ وانظر الى شارة الثمن والى شغب شباب البؤر الاستيطانية.

المرحلة ب: التبين. ويحدث هذا فقط بعد ان ينفجر الموضوع الذي أُهمل بضجة كبيرة. ويكون نتنياهو متفاجئا ويغضب كثيرا. نتنياهو يشعر بالاهانة بصورة شخصية.

المرحلة ج: الاحتلال. فنتنياهو يجمع وزراءه وضباطه والموظفين لجلسات طارئة يُمسرح جزء منها – مثل اللقاء مع ضباط الجيش الاسرائيلي في الاسبوع الماضي في لواء منطقة افرايم – وتصور على أيدي مصوري مكتب الصحافة الحكومية وتذاع على أنها مادة دعاية.

المرحلة د: «شوفوني». فديوان رئيس الحكومة يبشر صوت عال بأن رئيس الحكومة وجه وأرشد وأمر. ويخيل الينا ان العالم كله يتغير دفعة واحدة إزاء نواظرنا. فما ان يوجه رئيس الحكومة حتى يأتي الخلاص الى العالم.

المرحلة هـ: التلاشي. فحينما ينقشع الدخان يتبين ان توجيهات رئيس الحكومة في جهة والواقع في جهة اخرى. فلا يبقى شيء كثير مما أُعلن سوى ما يتم تحت الضغط الفوري. وفي اثناء ذلك يكون برنامج العمل قد تغير والضغط قد خف. وفي النهاية يحدث للجميع ما حدث لتوصيات لجنة تريختنبرغ: خذوا تريختنبرغ مثلا.

ان الارهاب الحريدي في بيت شيمش تغطيه وسائل الاعلام في اسرائيل بابراز منذ بضع سنين. والنواة الصلبة المخالفة للقانون هي مجموعة شباب من ناس الساحة الحسيدية «تولدوت اهارون» ممن استوطنوا رمات بيت شيمش ب. وهم يقومون بنضال عنيف لوجود مدرسة اسمها «اوروت بنوت»، تنتمي الى التيار الرسمي – الديني. وهم ايضا يطردون ويلعنون ويبصقون على نساء لاسباب مختلفة غريبة.

وينضم الى زعرنتهم آخرون: فالزعرنة معدية.

انهم لا يصوتون للكنيست ولا للبلدية؛ فهم يقطعون مع الدولة. وهم كشباب التلال: ليست لهم قوة سياسية بخلاف الانطباع الذي نشأ عند الجمهور.

لكن زعرنتهم مثل زعرنة الشباب في البؤر الاستيطانية، تشل آخرين حولهم أقل تطرفا، وينذر هؤلاء الجهاز حتى رئيس الحكومة، لكن الذيل يهز الكلب.

في بيت شيمش رئيس بلدية اسمه موشيه أبو طبول من شاس. وبدل ان يحارب الزعران تركهم يصبغون المدينة بصبغتهم. فلو ان رئيس الحكومة أراد حقا أن يقوم الوضع في بيت شيمش لوجب عليه ان يدعو اليه أمس وزير الداخلية ايلي يشاي وان يطلب اليه إقالة أبو طبول وان يُعين للمدينة لجنة مستدعاة. وكان يمكن ان يتم البدء من هنا حملة انقاذ المدينة.

لكن نتنياهو فضل ان يهاتف وزير الامن الداخلي من حزب ليبرمان الذي لم يكن من الصعب عليه ألبتة ان يتفق معه، وصدرت عن الجميع فورا تصريحات احتفالية لوسائل الاعلام.

من السخرية الشديدة ان الوضع في بيت شيمش تحسن نسبيا في الاشهر الاخيرة: فنتنياهو لم يقرأ الصحف ولم يشاهد التلفاز، لكنهم في الشرطة قرأوا وشاهدوا واعتقل الزعران. وأظهر رجال الشرطة حضورهم. لم تستدع بيت شيمش نتنياهو بسبب حقائق جديدة بل بسبب حقائق قديمة صدرت عن بنت شقراء لطيفة زرقاء العينين.

في غضون سنة سنعلم جميعا أنه كان أول من كشف عن اضطهاد النساء، إن لم يكن في العالم كله ففي بيت شيمش على الأقل.

ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ{n l}التفصيلات الصغيرة

بقلم: ايتان هابر،مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

ذات مرة حينما كان اريك شارون طيب النفس تحدث كيف كان يستخف بمناحيم بيغن. فقد كان يرسل قبل ساعة أو ساعتين من جلسة مركز الليكود التي يتوقع ان تكون جماعية خمسة اشخاص أو ستة من المجموعة المقربة منه يتبوؤون مقاعد في الجانب الأيمن أو الأيسر من الصف الاول أو الثاني في قاعة الجلسات قبل ان يقعد قردة البابون (كما يُعرف عمري شارون اعضاء مركز الليكود).

بعد ذلك ينتظر شارون في مكان ما بدء الجلسة – ويدخل، قبل خطبة بيغن احيانا، واحيانا بعد بدئها بدقائق. وفي لحظة دخول شارون المتأخر الى القاعة يهب الموالون الخمسة واقفين من الصف الاول على أقدامهم ويصفقون بحماسة. الآن ينشأ وضع غير لطيف: ان خمسة من المصفقين يقفون ويحجبون المنظر بالطبع عن الجالسين في الصف الثاني. وآنذاك، مثل مكعبات الدومينو، تقوم الصفوف بعد الصفوف من اعضاء المركز للتصفيق. واحيانا، ويكون هذا الافضل من جهة شارون، يتناول بيغن دخول شارون بسخرية لكنه يسبب تصاعد التصفيق. شارون يحتفل والجمهور يذوب.

بذلت مجموعة شارون في الماضي جهودا كثيرة وتفكيرا ايضا في الحيل الصغيرة التي صنعت من بين جملة اشياء اخرى، شارون الكبير. والمثال الأبرز هو قطع الكهرباء ومكبرات الصوت زمن جلسة مركز الليكود مع اسحق شمير. وقد اعترف اوري شني، حبيب شارون، منذ زمن وعلنا بفعل يديه مفتخرا. فهو الذي قطع الكهرباء.

يمكن ان نقسم بصورة قاسية الزعامة الاسرائيلية على النحو التالي: زعماء يبحثون عن الاعمال الكبيرة – دافيد بن غوريون مثلا مع انشاء الدولة، ومناحيم بيغن مع اتفاق السلام مع مصر وتدمير المفاعل الذري في العراق، واسحق رابين مع اتفاق السلام مع الاردن واتفاق جزئي مع الفلسطينيين. لكن كان وما يزال يوجد ايضا زعماء من الطراز الثاني ممن تنحل زعامتهم الى ألف عنصر صغير يومي – ويخيل اليهم، وقد يكون هذا صحيحا ايضا، ان الفعل اليومي والقول اليومي والوصف اليومي تنشيء بازل زعامتهم. ولما كانت زعامتهم مركبة من آلاف التفصيلات الصغيرة فانهم يولون هذه التفصيلات أهمية عظيمة ويصرفون اليها أفضل وقتهم وقوتهم. يجهد هؤلاء الزعماء مثلا ان يؤكدوا في كل تصريح ان «رئيس الحكومة وجه/ قرر/ أمر/ طلب/ قضى». ويخيل اليهم ان زعامتهم تتقرر عند الجمهور بحسب هذه الاقوال. لهذا تهمهم كل كلمة وكل اعلان وكل صورة استقبال كما حدث في الاسبوع الماضي في مراسم الذكرى في الكرمل.

ولما كان كل تفصيل في نظرهم قدس أقداس فان تشويشا ما على التفصيلات «يثير غضبهم». ان رئيس حكومة كهذا قرأ كل كلمة ستتلى في المراسم، وخطط بحرص كيف يصعد على الدرج الى المنصة كي يظهر الحيوية واللياقة البدنية، وأمر باعداد منصة منخفضة لا تحجبه عن عدسات التصوير، وان يتلو عن المنصة اسماءا خاصة لأفراد من الحضور في المراسم لاظهار القرب ويقوم بكل الحيل الداهية – وآنذاك يفسد عليه المسؤول عن الجولات والمراسم في الوزارة تفصيلا واحدا هامشيا أُعد سلفا. لا يُعد هذا بالنسبة لشعب اسرائيل شيئا وهو عند رئيس الحكومة العالم بحذافيره.

يصبح التصفيق عند رئيس حكومة كهذا خطة عمل. وفي الحالة أمامنا، وفي عقب تناول التفصيلات يجعل التفصيلات أمرا عظيما: فقد وجد السوبر تانكر وأدار وأدى وعمل. ان رئيس حكومة يتناول التفصيلات الصغيرة لا يستوعب أننا لم نختره قائدا لمركز اطفاء حريق في دالية الكرمل بل اخترناه ليكون رئيسَ حكومة.

كان بنيامين نتنياهو هكذا في الولاية الاولى، وكان يخيل الينا انه فطم نفسه عن صورة السيطرة هذه حينما رسم طريقا سياسيا جديدا من جهته في خطبة بار ايلان. «زعيم مولود»، قال آنذاك من لم يؤيدوه ايضا. وقد جاءت الحادثة في الاسبوع الماضي في مراسم ذكرى ضحايا حريق الكرمل وأعادت نتنياهو عشرين سنة الى الوراء فأصبح يشغل نفسه بالصغائر مرة اخرى.

يشبهه اهود باراك. فباراك ايضا يعمل على نحو تكون فيه قيادته مركبة من أجزاء ينضم بعضها الى بعض لاكمال وحدة واحدة كبيرة. وهو مثل نتنياهو يغرق في التفصيلات وتهمه كل كلمة. وباراك ايضا مخطئ. ان اتفاقا سياسيا كبيرا أو حربا تنتهي الى نصر كاسح (ويبدو انه لم تعد توجد حروب كهذه)، سيحددان مصير ومكانة نتنياهو وباراك في كتب التاريخ.

ــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ

الجيش الاسرائيلي يستعد لتسخين الحدود مع سوريا

بقلم:حنان غرينبرغ، مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

سلسلة جديدة من الاوامر والانظمة للتصدي لاحداث شاذة في هضبة الجولان ستدخل حيز التنفيذ هذا الاسبوع في أعقاب الوضع الحساس في سوريا.

مع بداية الاضطرابات في سوريا، وبعد الاحداث في السنة الماضية في منطقة الحدود حيال مجدل شمس والقنيطرة اعتبرت أوساط فرقة غاعش، التي تشرف على جبهة هضبة الجولان أن التعريفات القائمة اليوم، «امن جاري»، أو «حرب» لا تتضمن على الاطلاق سيناريوهات كفيلة بان تنشأ في هذه الفترة ولهذا فانها لا تقدم جوابا مناسبا في حالة وقوع حدث وتبقي الوضع غامضا. «الوضع في سوريا مركب ويخلق التشوش»، قال الضابط الكبير. «علينا أن نكون جاهزين لامكانية أن تنشأ في ظل الفوضى أحداث ضدنا».

في الجيش الاسرائيلي يسعون الى الاستعداد لجملة الاوضاع المحتملة، كأن يمل مثلا ضباط سوريون عملهم فينفسوا احباطهم على اسرائيل او خلية ارهابية تستغل الفراغ في الجبهة وبتوجيه من حزب الله تطلق صواريخ نحو بلدات الهضبة. في الجيش يتحدثون عن أنه «ضاع حاجز الخوف»، وحتى لو لم يكن حاليا أي خطر على اسرائيل، فلا يدور الحديث عن مؤشر يبشر بالخير.

في اطار الاوامر الجديدة ستتحدد صلاحيات القيادات في المستويات المختلفة بالنسبة للاهداف التي يمكن المس بها. «هذا الترتيب يرمي الى منع الغموض في وقت الاحداث وذلك كي نتمكن من الرد بشكل فوري دون اجراءات المصادقة المعقدة»، قال ضابط كبير. فمثلا في سيناريو حدث على الحدود، سيعرف قائد اللواء أي اهداف يسمح له بالعمل حيالها. «كل حدث يخرج من الاراضي السورية، عنواننا سيكون واضحا – الحكم السوري»، شدد المصدر. «ردنا سيكون جدا واضحا، حادا، ويحمل رسالة واضحة في أنه من غير المجدي العمل ضد اسرائيل».

ـــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

الاحتلال ليس قضيتنا فقط

بقلم: جدعون ليفي، مترجم عن صحيفة الدستور الاردنية

من كل دعاوى اسرائيل على العالم هناك واحدة وقحة صلفة بصورة مميزة: يا للهول، ان العالم «يفتش» في شؤون دولة اليهود الداخلية. فحينما تتجرأ هيلاري كلينتون على ان تقول: «لست أفهم ما الذي يجري عندكم... يُذكرني هذا بايران أكثر مما يُذكرني باسرائيل»، يكون الرد الصهيوني المناسب: «يفضَل ان يحصر منتَخَبو الجمهور عنايتهم فيما يجري في دولهم» (الوزير جلعاد أردان)؛ وحينما تثور اوروبا على جرائم الكراهية في اسرائيل يكون الرد الوقح: «انقضوا على اسرائيل على النحو الأدنى» (دبلوماسي اسرائيلي)؛ وحينما يهتم العالم بمعاملة اسرائيل للاجئين ومهاجري العمل يكون الجواب: «ينبغي وقف التنقيب الاجنبي» (رونين شوفال).

قد تكون اسرائيل هي الدولة الاخيرة في الكون التي لها الحق في ان تثور على التنقيب الاجنبي. فتلك التي لم تكف منذ انشائها (حتى اليوم) عن العمل في العالم كله لجعل اليهود يهاجرون الى البلاد؛ وتجري في الظلام نشاط دس وتآمر في دول ذات انظمة حكم ظلامية وتجري في دول اخرى في وضح النهار نشاطا يدعو مواطنيها اليهود الى الجلاء عنها والهجرة الى اسرائيل، أو تحويل الاموال اليها على الأقل؛ والتي تقيم العالم ولا تقعده تنديدا بمظاهر معاداة السامية في العالم، وتقيم اجهزة تربية يهودية وصهيونية بديلة في أنحاء العالم وتدعو في المقابل العالم الى القطيعة مع قطاع غزة بسبب تولي حماس السلطة؛ والتي عملت في لبنان وفي دول اخرى على تأييد طائفة على اخرى – هي الدولة التي لا تكف عن النبش في الشؤون الداخلية لدول وكيانات اجنبية. فلا يجوز لها ان تقول كلمة واحدة عن التنقيب الاجنبي.

لكن ليس من اجل هذا فقط تكون دعاوى اسرائيل المنددة بالنبش في شؤونها الداخلية وقحة وبائسة. فان العالم الجديد يُكثر من التدخل في شؤون الدول الداخلية – واسرائيل لا تعارض هذا. فالعالم قصف كوسوفو وليبيا لتحريرهما من الاستبداد. وغزا العراق وافغانستان من اجل هدف مشابه. وهو يهدد ايران لأنها تطور سلاحا ذريا، وهذا في الظاهر شأنها الداخلي، وهو يستعمل عقوبات على سوريا قد يتلوها تدخل عسكري ايضا، وهذا بسبب شؤونها الداخلية ايضا. هذا هو دور العالم وهكذا يجب ان يتصرف كلما لاحظ مظالم آثمة أو نظم استبداد خطيرة.

ليست اسرائيل نظام استبداد ما عدا النظام الذي يسود مناطقها المحتلة الذي هو استبداد طويل قاسٍ، لكن من اجل هذا خاصة يتوقع العالم من اسرائيل المعايير المستعملة في العائلة التي تطمح الى الانتماء اليها. والعالم خاصة امتنع حتى الآن عن التدخل حقا فيما يجري في نظام الاحتلال المستبد حيث ما تزال اسرائيل تفعل ما تشاء عن استخفاف دائم بالعالم كله، لكنه بدأ الآن يركز نظرته فيما يحدث في اسرائيل في الداخل في المدة الاخيرة. وهذا حقه وهذا واجبه. وبخلاف الكلام الوقح وحماقة وزير الخارجية، هكذا فقط يستطيع العالم ان يكون ذا صلة. اجل ان العالم يكون مصابا احيانا بالتلون والمعايير المزدوجة لكن هذا لا يبريء اسرائيل ولا يُمكنها من ان تعترض على تدخله. فاذا كان العالم يرى تمييز النساء وظلم اللاجئين ومهاجري العمل والتشريع القومي المعادي للديمقراطية فانه يُسمع صوته. واسرائيل لا تستطيع ان ترد مثل سوريا وليبيا وان تقول: دعونا فهذه شؤوننا الداخلية.

لكن كل هذا هو المقدمة الصغيرة فقط قبل التدخل الكبير، الذي هو أبرز من كل ما عرفنا، وبظهور أعلى وربما في القريب. فبعد ان يقنط العالم نهائيا من حل الدولتين الذي ليس له احتمالات تحقق كبيرة في الواقع، سيوجه نظره القلق نحو حقوق الانسان وحقوق المواطن السائدة في الدولة الواحدة التي أصبحت موجودة في واقع الامر. آنئذ سيقول العالم: اردتم احتلالا وأردتم مستوطنات – وسنضطر الى قبول هذا إذ لا طريق للرجوع عنه. لكننا لن نقبل البتة ان يظل مليونا فلسطيني في الضفة يعيشون الى الأبد بلا حقوق مواطنة، وان يحيا مليون ونصف المليون من الفلسطينيين في غزة في ظروف نصف حصار. ولن نوافق على بقاء حكم الاستبداد هذا في الشرق الاوسط الجديد الذي يثور على نظم الاستبداد. سيقول العالم الجديد آنذاك لاسرائيل: إبقوا في مناطق الاحتلال لكن امنحوا سكانها جميعا حقوقا مساوية وعادلة. وماذا ستقول اسرائيل آنذاك؟ أهذا تدخل في شؤونها الداخلية؟ أهذا تنقيب اجنبي؟ أضحكتم العالم والباحثين فيه عن العدل الذين هم في ازدياد.

ـــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ