الملف التــــــــــــــــــــــــــر كي

رقم ( 3 )

استقالات قادة الجيش التركي... بالجملة

في هــــــذا الملف:

 استقالة قادة الجيش التركي

 اردوغان يركز على الدستور مع استقالة قادة الجيش التركي

 أردوجان: دستور تركيا الجديد سيكون أكثر ليبرالية

 جول ينفي وجود أزمة بعد استقالة قادة الجيش التركي

 معاريف : قلق حاد فى تل أبيب بسبب استقالة قادة الجيش التركي

 واشنطن بوست: تراجع نفوذ الجيش فى تركيا وسط مخاوف من أسلمة الدولة

 نيويورك تايمز: تركيا تعيش لحظة استثنائية فى تاريخها المعاصر

 حالة ارتباك في الجيش التركي مع استقالة أكبر أربعة قادة

 تركيا: اجتماع المجلس العسكري اليوم يمهّد لتعيين رئيس أركان موالٍ لأردوغان

 تحليل: هل بات رئيس الوزراء التركي أقوى بعد استقالات القادة العسكريين؟

 أوزال .. ضربة موجعة لــ (إسرائيل)

 مقال: العسكر والحكم: تركيا في مرحلة التطور

استقالة قادة الجيش التركي

المصدر: الجزيرة نت

ذكرت محطات تلفزية تركية يوم الجمعة أن رئيس هيئة أركان القوات المسلحة التركية إيشيق كوشانير وقادة القوات البرية والبحرية والجوية استقالوا من مناصبهم، ومن جهتها قالت وكالة أنباء الأناضول إن قادة الجيش المذكورين قدموا استقالاتهم بسبب التوتر الحاصل مع الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية.

وتزايد التوتر بين الجيش وحكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في السنوات القليلة الماضية، خصوصا بعد اتهام ضباط من الجيش بالضلوع في مخطط انقلابي للإطاحة بأردوغان.

وكان كوشانير قد التقى بأردوغان عدة مرات في الأيام الأخيرة، كما أنه من المقرر أن يعقد المجلس العسكري الأعلى اجتماعا وصف بالمهم الأسبوع القادم.

اردوغان يركز على الدستور مع استقالة قادة الجيش التركي

المصدر: رويترز

تعهد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يوم السبت الماضي بالمضي قدما في خطط وضع دستور جديد للبلاد قال انه سيدعم الديمقراطية لكنه لم يأت على ذكر تنحي كبار قادة الجيش في خطابه المسجل.

واصدر مكتب اردوغان بيانا اعرب فيه عن تقديره للخدمات التي قام بها القادة لكن اردوغان نفسه لم يتحدث مباشرة عن هذا الشأن في خطابه الذي اذيع يوم السبت وركز على الخطط الجديدة لحكومته فيما يتعلق بالاقتصاد والدستور.

وقال اردوغان "اعتقد ان اكبر واجباتنا هو اعداد دستور جديد ديمقراطي وليبرالي بدون عيوب ويلبي احتياجات اليوم"، وقال اردوغان في اشارة الى الوقت بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في 1980 "تركيا لا تستطيع المضي قدما في مسارها بدستور اعد في ظروف استثنائية من وقت كانت فيه الديمقراطية مهمشة."

ولا يخفى ان اردوغان يميل الى تحويل تركيا الى ديمقراطية ذات حكومة رئاسية وهو ما يثير التكهنات بشأن رغبة رئيس الوزراء في شغل منصب الرئاسة بمجرد انتهاء فترته الثالثة والاخيرة كرئيس للوزراء.

وهناك مخاوف لدى بعض الاتراك الذين يؤمنون بالعلمانية من ان حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه اردوغان على الرغم من حديثه عن الديمقراطية والتعددية قد يسعى الى دستور يضع فيه قيمه المحافظة.

أردوجان: دستور تركيا الجديد سيكون أكثر ليبرالية

المصدر: اليوم السابع

قال رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان إن تركيا سوف تستبدل دستورها الحالى بآخر "أكثر شمولا وليبرالية وتماسكا". أضاف أردوغان - فى كلمة تليفزيونية وجهها إلى الأمة - إنه لا يمكن لتركيا أن تمضى قدما فى طريقها فى ظل دستور تمت صياغته فى ظروف استثنائية عندما كانت الديمقراطية التركية معطلة.

وأشار أردوجان إلى أن نتيجة الانتخابات التى جرت فى 12 يونيو الماضى أثبتت أنه يتعين صياغة الدستور الجديد بأكبر مشاركة ممكنة، وأنه ينبغى أن يتم هذا فى سياق إجماع وطنى يلبى مطالب كافة الشرائح الاجتماعية.

وأشار أردوغان فى كلمته، التى تأتى فى أعقاب الاستقالة الجماعية التى تقدم بها رئيس أركان الجيش التركى وقادة أفرع القوات المسلحة الرئيسية الثلاثة أمس الجمعة، إلى أن الحكومة التركية ماضية منذ البداية فى عزمها مكافحة الإرهاب، وستواصل محاربته بدون أى تنازلات لصالح الأمن والحرية فى هذا البلد.

وفيما يتعلق بالاقتصاد، أوضح أن الاقتصاد التركى، وحسب الإحصاءات الرسمية شهد نمواً نسبته 11% فى النصف الأول من العام الجارى، مؤكداً أن الاقتصاد التركى يقف ثابتا على قدميه، ولديه من الاحتياطات اللازمة ما يؤهله للوقوف بوجه الرياح السلبية فى أوروبا.

جول ينفي وجود أزمة بعد استقالة قادة الجيش التركي

المصدر: الاتحاد الإماراتية

نفى الرئيس التركي عبدالله جول أن تكون تركيا في أزمة بعد استقالة أربعة من أكبر القادة في الجيش لكنه قال إنها أوجدت وضعا استثنائيا، غداة تعيين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان قائد الدرك الجنرال نجدت أوزال رئيساً للأركان بالنيابة.

وقال جول للصحفيين “يجب ألا ينظر أي شخص إلى هذا على أنه أزمة من أي نوع أو مشكلة مستمرة في تركيا، بلا شك فإن أحداث الأمس كانت وضعا استثنائيا في حد ذاتها لكن كل شيء يمضي في مساره”.

وأصدر مكتب أردوجان بياناً يشير إلى أن قائد قوات الأمن الجنرال نجدت أوزال أصبح القائد الجديد للقوات البرية والقائم بأعمال نائب رئيس هيئة الأركان بعد استقالة قائده الحالي. وقال البيان إن القادة الأربعة تقاعدوا ولم يذكر أسبابا. وأضاف أن اجتماعا مع المجلس العسكري الأعلى الذي يجتمع مرتين سنويا لتحديد التعيينات الرئيسية سينعقد كما هو مقرر غداً الاثنين، موضحا أن أردوغان يتعجل الأمر لاستعادة سلسلة القيادة وتقديم صورة بأن الأمور تسير بشكل معتاد.

وجاءت استقالة رئيس أركان الجيش إيشيك كوشانر ومساعديه على خلفية خلاف مع الحكومة بخصوص ترقية عسكريين كبار مسجونين في قضايا مخططات تآمر على النظام.

ونشرت صحيفة " صباح التركية" موضوعاً عن الاستقالات في الجيش بعنوان “زلزال أربع نجوم”، وأشارت صحف أيضا إلى انتقاد كوشانر لتناول الإعلام لشؤون الجيش. وقال بيان كوشانر “حاولوا خلق انطباع بأن القوات المسلحة التركية منظمة إجرامية، وشجع الإعلام المنحاز هذا الأمر بكل أشكال القصص الخاطئة والادعاءات وتشويه السمعة”.

وظهر خضوع الجنرالات بشكل جلي العام الماضي عندما بدأت الشرطة اعتقال عشرات من الضباط بشأن “عملية المطرقة” وهي مؤامرة مزعومة ضد حكومة أردوجان نوقشت في ندوة للجيش في 2003. وقبلت محكمة أمس الأول عريضة اتهام في مخطط عسكري مزعوم آخر وطلب ممثلو ادعاء اعتقال 22 شخصاً بينهم قائد الجيش في منطقة إيجة وستة ضباط جيش آخرين برتبة جنرال وأميرال.

ووصفت صحيفة (أقسام) التركية الأمر بأنه “عريضة اتهامات تسبب أزمة” في قضية يتهم فيها الجيش بإنشاء مواقع إلكترونية مضادة للحكومة. وذكرت صحف أيضا أن اختلافات حول تعيينات كبيرة جديدة في صفوف الجيش دفعت الجنرالات إلى الاستقالة.

وقال حزب الشعب الجمهوري إن الجيش يجب أن يبقى بعيداً عن السياسة لكنه حذر من استغلال حزب العدالة والتنمية للسلطة. وقال أمين ترهان وهو نائب عن حزب الشعب الجمهوري في مؤتمر صحفي “لا يصح جر الجنود إلى السياسة لكن لا فائدة من الذم أو التشويه أو الحط من كرامتهم ليلاً ونهاراً”.

معاريف : قلق حاد فى تل أبيب بسبب استقالة قادة الجيش التركي

المصدر: وكالة أنباء الامارات

تسود حالة من القلق الشديد فى صفوف الأوساط السياسة والعسكرية الإسرائيلية، فى أعقاب استقالة القيادة العسكرية التركية، والذين يعتبرون من أشد أصدقاء إسرائيل، خلافًا لرئيس الوزراء التركى "رجب طيب أردوجان".

وأشارت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى أن رئيس هيئة أركان الجيش التركى، وقادة الأسلحة المختلفة قد قدموا استقالاتهم فى ظل الخلاف مع الحكومة التركية حول ترقية جنرالات كبار معتقلين فى إطار قضايا تآمر للإطاحة بالحكومة.

وأضافت معاريف أنه لم يعرف بعد السبب الرسمى لهذه الاستقالات الجماعية، موضحة أن وسائل الإعلام التركية تحدثت عن توترات بين القيادة العسكرية وحكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان، وينصب الخلاف على ترقية عدد من الجنرالات المحبوسين لاتهامهم بالمشاركة فى مؤامرات للإطاحة بالحكومة.

وقالت الصحيفة العبرية إن الجيش التركى، الذى كان لا يمكن المساس به سابقًا، أصبح الآن هدفًا للكثير من الانتقادات، وخاصة بسبب المؤامرة التى كانت تهدف إلى الإطاحة بحكومة أردوجان، رئيس حزب العدالة والتنمية.

واشنطن بوست: تراجع نفوذ الجيش فى تركيا وسط مخاوف من أسلمة الدولة

المصدر: اليوم السابع

فى إطار الصراع الناشب بين الجيش التركى وحكومة البلاد والذى على إثره إستقال أربعة من القادة العسكريين البارزين، قالت صحيفة واشنطن بوست إن قوة المؤسسة العسكرية فى تركيا تتراجع أمام قوة الحكومة.

وأضافت الصحيفة أن تركيا استيقظت على مرحلة جديدة من تاريخها، فهؤلاء القادة الذين كانوا يتمتعون من قبل بنفوذ مطلق حينما غضبوا من حكومتهم لم يقوموا بانقلاب بل اكتفوا بتقديم استقالاتهم.

ولفتت إلى أن قرار أربعة من كبار المؤسسة العسكرية التنحى صدم الكثيرون الذين اعتادوا على القوة المطلقة للجيش إلا أنه بهدوء غبار العاصفة تبين أن الأمر هو خطوة دراماتيكية نحو تآكل قوة جنرالات الجيش التركى لصالح الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان.

ويخشى العلمانيون من جهود أردوغان فى تحدى المؤسسة العسكرية تمهيدا لأسلمة المجتمع التركى تحت رعاية حزب العدالة والتنمية الإسلامى المعتدل الحاكم.

نيويورك تايمز: تركيا تعيش لحظة استثنائية فى تاريخها المعاصر

المصدر: اليوم السابع

علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على استقالة قيادات الجيش فى تركيا، ووصفتها بأنها لحظة استثنائية فى تاريخ البلاد الحديث، وقالت إنه قبل خمسين عاماً، عندما اشتبك رئيس حكومة شعبوى مع الجيش التركى، تقصد عدنان مندريس، انتهى به الأمر على حبل المشنقة، ولم يقدم له نجاحه ثلاث مرات فى الانتخابات أى عزاء. لكن هذه المرة، فإن الصراع الذى بلغ ذروته مع معظم قيادات العسكرية التركية دفعهم إلى تقديم استقالتهم فى وقت واحد، فى ظل شكوى قائد الجيش من فقدانه السلطات والضغوط السيئة التى تمارس عليه.

ورغم أن هذه الاستقالات أثارت مخاوف البعض من الزحف نحو الاستبداد الذى يخطط له رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان على حد قولهم، إلا أنه وعلى نطاق أوسع، منحت هذه الاستقالات من جانب أكبر أربعة قادة للجيش فى تركيا أردوغان وسيلة لإعادة تشكيل جيش خاضع للسيطرة المدنية وانتهاج سياسة خارجية أكثر جرأة بفعل الانتصار الحاسم لحزبه المحافظ والشعبوى فى يونيو الماضى والقيام بالتعديلات الدستورية التى يمكن أن تؤدى إلى تحول سياسى فى البلاد.

فالصراع الذى مثل أكبر خطر حقيقى على أردوغان، والذى تمثل فى جيش قوى قادر على العمل فوق القانون يبدو الآن وبطرق كثيرة أنه قد وصل إلى نهايته. ونقلت الصحيفة عن المحلل التركى جنكيز كاندار قوله إن الأيام التى كان فيها للجيش التركى كلمة عليا قد ولت، فهناك معادلة جديدة فى سياسة البلاد وأى شخص يعتمد على الجيش لكسب نقاط فى قضية سياسية الآن عليه أن ينسى هذا الأمر.

وكان القائد الأعلى فى تركيا الجنرال اسيك كوزنر قد تقدم مع قادة القوات البحرية والجيش والقوات الجوية باستقالتهم يوم الجمعة، احتجاجاً على اعتقال العشرات من الجنرالات كمشتبه بهم فى التحقيقات حول محاولة الانقلاب على أردوغان والتى يقول عنها منتقدوه أنها مسيسة.

حالة ارتباك في الجيش التركي مع استقالة أكبر أربعة قادة

المصدر: موجز

تعاني تركيا من حالة من الارتباك داخل جيشها بعد استقالة أربعة من أكبر القادة احتجاجا على اعتقال 250 ضابطا بتهمة التامر على حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان.

وفي رسالة وداع "لاخوة السلاح" قال كوسانير انه من المستحيل بالنسبة له الاستمرار في عمله لانه غير قادر على الدفاع عن حقوق رجال اعتقلوا نتيجة عملية قضائية فاسدة.

تركيا: اجتماع المجلس العسكري اليوم يمهّد لتعيين رئيس أركان موالٍ لأردوغان

المصدر: الحياة اللندنية

تتجه الأنظار إلى اجتماع المجلس العسكري الاعلى الذي يُعقد في أنقرة اليوم، في غياب خمسة جنرالات دفعة واحدة قدموا استقالاتهم، ما يُعتبر سابقة تاريخية. ويرأس الاجتماع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس الجديد للأركان الجنرال نجدت أوزال، الذي سيتولى ترتيب البيت الداخلي لقيادة الأركان بعد استقالة رئيسها الجنرال إشق كوشانير وقادة القوات البرية والبحرية والجوية، إضافة الى رئيس الأكاديمية العسكرية الجنرال بيلغين بالايلي، فيما يُحتمل غياب قائد القوات في بحر إيجة الجنرال حسين نصرت طاش دالان، إذا قبلت المحكمة طلب اعتقاله على ذمة قضية «المطرقة» الانقلابية.

ويُتوقع أن يتفاهم اردوغان وأوزال على أسماء الضباط الذين سيُعيَّنون ويُرقون، لتجنب أي خلاف جديد، علماً أن تعيين قائد جديد للبحرية سيشكّل معضلة، مع سجن عدد كبير من قيادات البحرية.

وتراهن الحكومة على اغلاق ملف هذه الأزمة، من خلال الإسراع في سدّ الفراغات في قيادات الجيش، وبأسماء تبدي تعاوناً أكثر مع السلطة المدنية.

وللمرة الأولى، لن يحضر الرئيس السابق للأركان لتوديع رفاقه وتسليم خلفه، بعد انسحاب كوشانير وطلبه إحالته على التقاعد، كما سيُراعى شهر رمضان، من خلال إلغاء غداء العمل الذي كان مقرراً، إذ سيكتفي المشاركون في الاجتماع، بزيارة رمزية لضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

وحظي أوزال برعاية قديمة من اردوغان والرئيس عبد الله غل، من أجل ترقيته في شكل دائم، ما اتاح وصوله الى رئاسة الأركان، على رغم محاولة القيادات العسكرية السابقة قطع الطريق عليه.

ويُعرف أوزال بمساندته مشاريع تسوية القضية الكردية وتعزيز الديموقراطية والتزامه القوانين وخضوعه للسلطة المدنية، كما حرص على الوقوف على مسافة من جميع المشتبه بتورطهم في قضايا انقلابية.

لذلك يعتقد كثيرون في تركيا بأن أوزال سيكون عوناً لحكومة أردوغان في إعادة هيكلة الجيش والتخلّص من «الأتاتوركيين» المتطرفين أو الانقلابيين في صفوفه، ومساندة الاصلاحات السياسية، وفي مقدمها صوغ دستور جديد، تسعى الحكومة من خلاله الى لجم الجيش وربط رئاسة الأركان بوزارة الدفاع وفرض قوانين أكثر صرامة لمراقبة إنفاقه وتطوير قدراته في شكل كبير، حتى من خلال تقصير فترة التجنيد الإجباري والعمل على تحويل الجيش قوة من المحترفين، مع تقليص العدد الضخم للجنرالات وصلاحياتهم المالية.

في غضون ذلك، أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المسؤولين الإسرائيليين «يتابعون بقلق بالغ» مسألةَ استقالة قادة الجيش التركي. ونقلت عن مسؤول قوله: «هذه الخطوة تصبّ في مصلحة المتطرفين الإسلاميين وأردوغان. الأمر مقلق، إذ يعني سقوط آخر حصن ضد الإسلام».

تحليل: هل بات رئيس الوزراء التركي أقوى بعد استقالات القادة العسكريين؟

المصدر: الشرق الأوسط

قبل 50 عاما، عندما اختلف رئيس وزراء تركي مع جيش البلاد انتهى الأمر بإعدامه شنقا، ولم يشفع له فوزه بـ3 انتخابات. تبدل الوضع هذه المرة؛ إذ انتهى الخلاف باستقالة معظم قادة الجيش التركي في وقت واحد، مع شكوى قائد الجيش من قلة الحيلة والصحافة السيئة.

فوجئ الأتراك، أول من أمس، بالاستقالات – وكانت هذه لحظة استثنائية في تاريخ تركيا الحديث – وسعى مسؤولون جاهدون إلى توقع ما سيحدث، بينما حذر منتقدون من سلطوية أعدها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذي يحكم البلاد منذ 2003.

لكن بصورة أوسع، أعطت استقالات يوم الجمعة لأردوغان فرصة لإعادة تشكيل جيش تحده رقابة مدنية وتبني سياسة خارجية تعززت بالفوز الحاسم لحزبه المحافظ في الانتخابات خلال يونيو (حزيران) والسعي من أجل تعديلات دستورية يمكن أن تغير الساحة السياسية هنا.

ويبدو أن الصراع الذي طرح الخطر الأشد لأردوغان – جيش قوي مستعد للتصرف بعيدا عن القانون – قد انتهى في الكثير من النواحي. وقال كاتب العمود البارز جنكيز كاندار: «لقد ولت أيام كان يصدر فيها الجيش التركي الأوامر. وتوجد الآن معادلة جديدة في الساحة السياسية داخل البلاد، وعلى كل من يعتمد على الجيش لتسجيل نقاط في قضية سياسية أن ينسى ذلك».

وفي خطوة يقول مسؤولون إنها فاجأتهم، طلب قائد الجيش التركي أسيك كوسانير، ومعه قادة القوات البحرية والبرية والجوية، الاستقالة يوم الجمعة احتجاجا على إلقاء القبض على العشرات من الجنرالات كمشتبه فيهم في تحقيقات حول ضلوعهم في تآمر مستمرة منذ وقت طويل، ويقول منتقدو أردوغان إن هذه التحقيقات لها دوافع سياسية.

«زلزال 4 نجوم»، كان هذا عنوانا رئيسيا في صحيفة «الصباح» التركية الموالية للحكومة. لكن أردوغان قام سريعا بترقية الجنرال نجدت أوزل، قائد الشرطة العسكرية، كبديل متوقع لكوسانير. وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء لم يذكر شيئا علنا، ربما في محاولة لكي ينأى بنفسه بعيدا عن النزاع، فقد قلل مسؤولون حكوميون آخرون من فكرة حدوث فراغ أو مواجهة في المستقبل، فيما بدت وكأنها محاولة لطمأنة 73 مليون تركي من أنه لن يحدث انقلاب.

وقال الرئيس عبد الله غل: «يجب ألا يبدو الأمر وكأن أزمة أو مشكلة ما زالت مستمرة». وأضاف: «كانت أحداث أمس استثنائية في نطاقها، ولكن عاد كل شيء إلى مساره».

ويتمثل السبب الأقرب للخلاف بين الجيش والقيادات المدنية في إلقاء القبض على قيادات عسكرية في سلسلة من التحقيقات حظيت بتغطية واسعة في الصحافة، اتهمت فيه هذه القيادات وآخرين بالتآمر للإطاحة بحكومة أردوغان. ولا يزال أكثر من 40 جنرالا في الخدمة قيد الإقامة الجبرية في تهم يقول أنصارهم إنها واهية.

لكن تتسع المعركة لتجعل حزبا له جذور إسلامية في مواجهة مؤسسة تعتبر نفسها حامي العلمانية التي شكلت مكونا أساسيا من تأسيس الدولة الحديثة عام 1923. وتنتشر الشكوك لدرجة أنه عندما سُئل عن توضيح لتسلسل الأحداث الغامض هذا الأسبوع، هز مسؤولون تابعون لأردوغان أكتافهم، في إشارة إلى الجنرالات. وكانوا يقصدون من ذلك إلقاء اللائمة على جيش يعتبر مسؤوليه غير خاضعين للمساءلة بصورة غير مناسبة.

وقال مسؤولون يوم السبت: إنه يوجد شعور متنامٍ بالإحباط من جانبهم بخصوص قتال الجيش ضد تمرد كردي في الجنوب الشرقي أدى إلى مقتل ما يصل إلى 40 ألف شخص، ويبدو أنه قد تفاقم خلال الأشهر الأخيرة. وفي 14 يوليو (تموز)، قُتل 13 تركيا في مصادمات مع مسلحين داخل محافظة ديار بكر، وتبين أن قضية حقوق الأقلية الكردية مزعجة مثلها مثل خلاف أردوغان مع الجيش.

وقال مسؤول بارز، شريطة عدم ذكر اسمه بسبب حساسية القضية: «من وجهة نظر عسكرية محضة، لا يبذل الجيش ما يكفي لمنع هذه الهجمات وتلك الخسائر. يوجد شيء مفقود في التخطيط في حربنا على الإرهاب».

وفي بعض الدوائر، يوجد إحساس بالنصر بشأن الاستقالات؛ حيث إنها تمثل إشارة لجيش يتراجع نفوذه عما كان في السابق، عندما نفذ 3 انقلابات بدأت عام 1960، وقام قبل 14 عاما بأخذ السلطة من حكومة لها بعض الروابط بحزب العدالة والتنمية الحاكم حاليا.

ويقول مهمت بارلاس، وهو كاتب عمود في صحيفة «الصباح»: «في الماضي عندما كان يصعب التعايش بين الجيش والسياسيين، كان السياسيون يتلقون إخطارا وربما أجبروا على الرحيل. والآن يحدث العكس. وليس سهلا التعود على التغيير».

لكن يبدو أن النخبة المثقفة منقسمة، وتتشكل الآراء وفق اختلافات بين الليبراليين والمحافظين والعلمانيين والمتدينين والقوميين والإسلاميين. وقد ظهرت هذه الخلافات في الاستقالات نفسها. وبالنسبة إلى أنصار أردوغان، فإن رحيل الجنرالات يظهر نفوذا مدنيا متناميا على الجيش، وأن هذه إشارة صحية على نظام ديمقراطي. لكن يقول منتقدو رئيس الوزراء إنه أعد لفوزه من خلال تعبئة النظام القضائي ضد الجيش، في مثال آخر على تعزيز حزبه للسيطرة على مؤسسات الدولة.

ويقول إرسين كالايسيوغلو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابانجي: «من يعتقدون أن حزب العدالة والتنمية له أجندة ديمقراطية يصفقون له ويعتقدون أننا نتحرك تجاه الديمقراطية». وأضاف: «يعتقد آخرون أن حزب العدالة والتنمية حزب محافظ آخر له أجندة محافظة ويحاول تعزيز السلطة في شكل جديد للسلطوية أو حتى ديكتاتورية الفرد». ويضيف: «يوجد انقسام في الآراء، بكل ما في الكلمة من معان».

وربما يعتبر أردوغان، عمدة إسطنبول السابق، البالغ من العمر 57 عاما، أكثر الظواهر السياسية إقناعا في تركيا منذ أجيال. وقد فاز حزبه بـ50% من الأصوات في الانتخابات التي أجريت في شهر يونيو الماضي، ويعتبر هذا هو النصر الثالث منذ عام 2002. لقد تحدث أردوغان عن خطط لإصلاح الدستور الذي صيغ تحت وصاية الجيش التركي بعد انقلاب عام 1980. من أفكاره في هذا الصدد صياغة بنود تحد من سلطة بعض الهيئات القضائية وإقامة نظام جديد يمنح الرئيس سلطات أكبر من رئيس الوزراء. من المتوقع أن تساعده أغلبية الحزب في البرلمان في تنفيذ هذه الخطة على الرغم من عدم تمتع حزبه بأغلبية الثلثين التي تتيح له القيام بذلك بطريقة سهلة ومريحة نسبيا.

وتعهد أردوغان، في خطاب مسجل، أذيع يوم السبت الماضي، بالدفع نحو إجراء تعديلات دستورية واصفا المهمة بـ«الواجب الأعظم». ويعمل أردوغان مدعوما بالاقتصاد التركي المزدهر منذ سنوات على إحداث تحول في البلاد يجعلها قوة حاسمة في منطقة تهيمن عليها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

لكنه أصبح منذ الانتخابات أكثر شدة وتأثيرا في السياسة الخارجية وأكثر صداما وعدوانية على حد قول البعض في تصريحاته الموجهة إلى أرمينيا التي لديها تاريخ طويل من الاختلافات مع تركيا. ويبدو أن العلاقات مع إسرائيل، التي كانت دافئة في يوم من الأيام، لم تتجه نحو التحسن بعدُ؛ حيث تدهورت بشدة عام 2010 عندما قامت إسرائيل بعملية إنزال لقواتها على متن السفينة التركية التي كانت تحاول كسر حصار غزة، مما أسفر عن مقتل تسعة من النشطاء.

واتخذ أردوغان، الشهر الحالي، نهجا أكثر قسوة فيما يخص جزيرة قبرص المقسمة بين تركيا واليونان؛ حيث استبعد تقديم مزيد من التنازلات في المفاوضات التي تهدف إلى إعادة الوحدة للجزيرة.

وقال هوغ بوب، المحلل في مؤسسة «إنترناشيونال كرايسيز غروب» في إسطنبول: «لقد تغيرت الأجواء في غضون شهرين فقط. إنه أمر غير عادي. أعتقد أن رئيس الوزراء يشعر بالقوة».

ربما يكون للجنرال أوزل تأثير مباشر فوري على أردوغان، فعلى الرغم من أنه لا يعتبر حليفا لرئيس الوزراء، ربما يتمتع بصفة أكثر قيمة بالنسبة إلى القيادة المدنية التي طالما أعاقتها طموحات وحساسيات الجنرالات، لكن يبدو أن الجنرال أوزل بعيد عنها بحسب ما جاء في لمحة عن شخصيته بإحدى الصحف منذ عام مضى.

وكتب ناميك سينار، كاتب عمود في صحيفة «تاراف» التي تنتقد الجيش التركي: «لم يتخذ موقفا سياسيا حتى هذه اللحظة في أي وقت أو على أي أساس. ولن يصبح وسيطا له مصالح خاصة أو تيارا سياسيا بعينه».

أوزال .. ضربة موجعة لــ (إسرائيل)

المصدر: البيان الكويتية

ظنّ الكثيرون أن استقالة قادة القطاعات العسكرية الرئيسية في تركيا يعني وجود حالة إرباك سيعاني بسببها رئيس الحكومة التركية "رجب طيب أردوغان"، لكن سرعان ما تلاشت هذه التخمينات بعد أن اتخذ "أردوغان" خطوات سريعة لتدارك الأزمة وعين رئيس الدرك "نجدت أوزال" قائدا لقوات المشاة.

واعتبر محللون أن استقالة القادة العسكريين الأتراك جاءت في مصلحة "أردوغان" لتسريع وضع قبضته على الجيش و كذلك ضربة موجعة لــ (إسرائيل) وأيضاً مفاجئة.

وكان رئيس هيئة أركان القوات المسلحة التركية الجنرال "أسيك كوسانير" وقادة القوات البرية والبحرية قدموا استقالاتهم في 29 يوليو احتجاجاً على رفض "أردوغان" ترفيع الجنرالات المعتقلين في السجون بتهمة الإنتماء لمنظمة "أرغنيكون" السرية والمشاركة في مخطط "المطرقة" الذي كان يستهدف الإطاحة بحكومة "أردوغان" الأولى عام 2003. ويبلغ عددهم 250 ضابطاً برتبة عسكرية مختلفة.

وفي كلمته الأخيرة، قال "كوسانير" إنه من المستحيل بالنسبة له الاستمرار في عمله لأنه غير قادر على الدفاع عن حقوق قادة عسكريين تم اعتقالهم نتيجة عملية قضائية فاسدة ، على حد وصفه.

واللافت للانتباه أن الاستقالات السابقة جاءت بعد فترة قليلة من توجيه الادعاء التركي تهم التحريض على الحكومة إلى ستة جنرالات من الـ 250 المعتقلين .

ويبدو أن حزب العدالة والتنمية الحاكم كان مستعداً لمثل هذا التطور ، حيث قلّل الرئيس التركي "عبدالله جول" من شأن تلك الاستقالات ، نافياً وجود أزمة داخل المؤسسة العسكرية .

وأضاف "جول" أن الاستقالات خلقت وضعاً غير عادي لكنه لا يرقى مع ذلك إلى أزمة ، قائلاً : الأمور تسير طبيعياً ولا فوضى داخل الجيش ولا فراغ في سلسلة القيادة.

وأوضح أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة فقد قرر تعيين قائد الدرك الجنرال "نجدت أوزال" قائداً جديداً للقوات البرية وكلّفه برئاسة الأركان وذلك بعد اجتماع عقده مع "أردوغان".

وبحسب التعامل السائد في الجيش التركي, يتقلّد منصب رئاسة الأركان العامة قائد القوات البرية بعد انتهاء فترة رئاسة رئيس الأركان وإحالته على التقاعد أو استقالته, ومن هذا المنطلق عين "أردوغان" الجنرال "نجدت أوزال" قائداً للقوات البرية ليوم واحد فقط, يتولى بعده رئاسة الأركان أصالة.

وفسّر محللون تعيين "أوزال" بأنه بداية اختراق أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم للجيش الذي كان المؤسسة الأقوى التي تحمي العلمانية .

وسيتقلد "أوزال" منصب رئاسة الأركان اعتباراً من يوم الأحد الموافق 31 يوليو/تموز الجاري وسيشارك بهذه الصفة في اجتماع "مجلس الشورى العسكري" الذي سيعقد يوم الاثنين المقبل برئاسة رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان".

و الجنرال "نجدت أوزال" وهو من مواليد أنقرة عام 1950 تولى منصب قائد قوات الدرك بقرار من مجلس الشورى العسكري الذي عقد في أغسطس/آب 2010 ,وبموجب التعامل العسكري أيضاً كان سيتولى منصب رئاسة الأركان عام 2013 بعد انتهاء ولاية الجنرال "كوشانر".

ولعل تصريحات "أردوغان" تدعم صحة ما سبق، فقد أكد أن قائد قوات الأمن الجنرال "نجدت أوزال" هو القائد الجديد للقوات البرية والقائم بأعمال نائب رئيس هيئة الأركان ، وفيما أشار إلى أنه يريد الإسراع في تحقيق الاستقرار في المؤسسة العسكرية، فإنه أوضح أن المجلس العسكري الذي يجتمع مرتين سنويا لتحديد التعيينات الرئيسية سيعقد كما هو مقرر في مطلع أغسطس ، الأمر الذي بعث برسالة للجميع مفادها أنه يسيطر على الأمور تماماً .

ويبدو أن التطورات منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في 2002 تعطي مزيداً من الثقة "لأردوغان" في تحدي المعسكر العلماني أكثر وأكثر .

فمعروف أن العلاقات بين الجيش العلماني وحكومة حزب العدالة والتنمية التي يتزعمها "أردوغان" تشهد توترا منذ توليه السلطة في عام 2002 بسبب انعدام ثقة الجيش في الجذور الإسلامية للحزب ، إضافة إلى قيام "أردوغان" بإنهاء سيطرة الجيش على الحكم وذلك من خلال سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى زيادة فرص تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.

وبدأ تراجع نفوذ جنرالات الجيش التركى بشكل واضح في 2010 بعد الكشف عن مؤامرتي "أرجينيكون و"بليوز".

ورغم أن "أردوغان" لم يحقق أغلبية الثلثين في انتخابات يونيو الماضي لتغيير الدستور التركي، إلا أنه أعلن مراراً أن اللباس أصبح ضيقاً جداً على تركيا في إشارة إلى أن الدستور الحالي الذي أقره الجيش عام 1982 بعد انقلابه على الحكومة المدنية في 1980 لم يعد يناسب طموحاته في أن تلعب بلاده دوراً إقليمياً وعالمياً أكبر ولذاً يتوقع أن ينجح في النهاية في التحالف مع المستقلين لوضع دستور جديد بعد أن نجح في تعديل حوالي 100 من أصل 170 بنداً في الدستور الحالي منذ وصوله للسلطة في عام 2002 .

وفي حال تحقق هذا، فإن تركيا تكون حسمت نهائياً معادلة الاختيار بين مرحلة الانقلابات وتاريخها الأسود التي قادها الجنرال "كنعان إيفرين" عام 1980 حينما تم إعدام مئات النشطاء السياسيين وحظر الأحزاب السياسية وبين مرحلة التخلص من سيطرة النظام العسكري التي بدأها "أردوغان" بما يؤدي في النهاية إلى حسم الصراع الدائر منذ سنوات بين العسكر والمدنيين لصالح الحكم المدني.

ومنذ عام 1960م، أطاح الجيش التركي بأربع حكومات من بينها عام 1997م، حكومة الإسلامي الراحل "نجم الدين أربكان"، المرشد الروحي لرئيس الوزراء الحالي.

وبصفة عامة ، فإن "أردوغان" وبسياسة ذكية جداً نجح في تحقيق خطوات ثابتة على طريق أسلمة تركيا واختراق مؤسسات المعسكر العلماني في الجيش والقضاء والجامعات رغم أن الظاهر على السطح هو أنه يلبي فقط متطلبات الإصلاح والانضمام للاتحاد الأوروبي .

وجاءت استقالة رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الجنرال "أسيك كوسانير" وقادة القوات البرية والبحرية لتتوج نجاحاته في هذا الصدد ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يثير رعب (إسرائيل) التي كانت تراهن على المعسكر العلماني للتخلص من عدوها اللدود "أردوغان".

مقال: العسكر والحكم: تركيا في مرحلة التطور

بقلم: عاطف أبو سيف عن جريدة الأيام

أساس السياسة القوة، وأساس الحكم السيطرة، هكذا يمكن فهم تاريخ نشوء الدولة والصراعات المختلفة التي تسبق تكوين مجتمع ما وظهور دولة ما. إذ إن الصراع على النفوذ هو ما قاد بعد ذلك إلى ترسيم حدود الدول وخلق الصيغ التعاقدية بين الجيران خاصةً بعد اتفاقية "ويستفيليا" التي أسست لظهور نظام مجتمع الدولة. لذا فإن "الرجل على الحصان" كان أول من أنشأ الدولة كحيز لممارسة نفوذه. كانت هذه وما زالت سمةً نافذةً في الوعي السياسي والتي ينطلق منطقها من أن من يملك السيف يملك إجبار الناس على الانصياع لأوامره وبالتالي فرض النظام وجباية الضرائب والفصل بين المتخاصمين.

ولم يتغير هذا حتى بعد تطور الدولة الوطنية واكتمال نضوجها عبر تعزيز الممارسة الديمقراطية وتوسيع باب المشاركة وزيادة مساحة الحريات وتقييد سلطات الدولة ونضوج فكرة المواطنة. إذ إن العسكر بقوا أصحاب القرار بوصفهم يملكون مفتاح القوة وهم قادرون ومخولون الدفاع عن الدولة لاسيما في مراحل الاضطرابات. ولكن الفارق البسيط والجوهري الذي أدخل على هذه العلاقة وعلى هذا الدور تمثل في إخضاع سلطات العسكر إلى شرعية الحكومة المدنية المنتخبة من المواطنين. وكان غاية ذلك أن من ينتخبه الناس مباشرة هو الأقدر على اتخاذ القرارات المصيرية التي تتعلق بأمنهم. فليس كل الساسة قادرين على إدارة الجيوش وأجهزة الأمن خاصة مع نضوج فكرة السياسة كمهنة وليست ترجمة حرفية لأداة القوة التي كان يملكها الفارس قديماً، وبالتالي فإن المزاوجة بين شرعية السياسي وقوة العسكري كانت المخرج الذي عبر عن نضوج فكرة الدولة المدنية. بحيث تكون الدولة مدنية الطابع على الرغم من امتلاكها جيوشاً جرارة.

إن خضوع العسكر لإشراف السلطة المدنية يحقق جملة من الأهداف الأخرى التي يقع في جوهرها الحد من إمكانية استخدام أداة القوة في الهيمنة بحيث لا يصير صاحب السيف مقرراً لمصير المواطنين ويسلط سيفه على رقابهم دون وجه حق. ولما كانت السلطة المطلقة مفسدةً مطلقةً كما قال مونتسيكيو فإن وضع كوابح لهيمنة العسكر يشكل أحد وسائل الحد من هذه السلطة المطلقة التي تمتع بها تاريخياً الرجل على الحصان. لذا فإنه في الدولة الحديثة يكون الرئيس المنتخب مباشرة من المواطنين أو رئيس الوزراء الذي يمثل أغلبية برلمانية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو قد لا يمتلك من الثقافة العسكرية والحربية ما يؤهله لإطلاق رصاصة صيد. بيد أن الحكمة أن من يختار ديمقراطياً هو وحده من يملك قرار الحرب والسلم، وهو وحده يعرف كيف يقدر مصالح الناس. وبذلك تم خلق صيغة تعايشية بين الجنرالات وبين النظام الديمقراطي تجعل من العسكر مواطنين متخصصين في فنون الحرب والشرطة ويستخدمون هذا التخصص في خدمة رفاقهم المواطنين وليس لحكمهم والهيمنة عليهم. بذلك فإن نضوج الدولة الوطنية لم يكتمل إلا بعد أن أعيد ترتيب هذه العلاقة بين العسكر ومؤسسة الحكم بحيث لا تكون الدولة دولة العسكر بل العسكر هو عسكر الدولة.

ما يحدث في تركيا الآن هو الوصول إلى تلك الصيغة التعايشية وهو إن تم سيعني انتقال تركيا الحقيقي والكامل إلى مصاف الدول الديمقراطية. تميّزت تركيا خاصةً بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وتفكك ولاياتها وأقاليمها وتحولها إلى دولة علمانية بهيمنة العسكر على مقاليد الدولة. قام الجيش بدور كبير في السياسة التركية حتى بات المؤسسة الأهم في الدولة وبات الجنرالات أهم بكثير من رئيس الوزراء ورئيس الدولة ورئيس البرلمان. وحكمة ذلك ومبرره أن الجيش هو "حارس" الدولة و"حامي" العلمانية. وعليه تدخل الجيش أكثر من مرة للإطاحة بحكومة ما وتشكيل حكومة أخرى.

شكل انتقال تركيا الصناعي ونموها الاقتصادي الكبير خلال السنوات الأخيرة مصحوباً برغبتها في دخول "نادي" الأوروبيين الأثرياء في بروكسل بالحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي حافزاً كبيراً للتخفيف من هيمنة العسكر الذين صار ينظر إليها بوصفها عائقاً أمام تحقيق ذلك. ترافق مع ذلك ظهور طبقة رجال أعمال طموحين ونخبة سياسية تعبّر عن تلك المصالح الجديدة ترى في دخول بروكسل أهم منجز للدولة التركية الحديثة.

بالنسبة للأوروبيين وفق معايير "كوبنهاجن" الخاصة بالتأهل للعضوية فإن طريقة تدخل الجيش في الحكم في تركيا تشكل أزمةً ومساساً خطيراً بالديمقراطية التركية. والنقاش الأوروبي كان ينصب حول الفكرة والممارسة سويةً، إذ لا يجوز لدولة مدنية أن يتصرف فيها الجنرال بما يتعارض مع القانون ويكون أعلى قامةً من رجل الدولة المنتخب. ولم يجادل الأوروبيون في فكرة حماية العلمانية، إذ إن الدولة المدنية والمواطنين المفطورين على الديمقراطية هم الأقدر على حماية علمانية الدولة والفصل بين المؤسسة الدينية وبين أجهزة الحكم. بالطبع شملت ملاحظات الاتحاد ملف تركيا الحقوقي كما لا مكان لإغفال جانب التعداد السكاني المسلم الذي سيجعل حصة تركيا في مؤسسات الاتحاد تساوي حصة ألمانيا.

لم تكن الحكومة التركية تجرؤ لولا ذلك على مواجهة الجنرالات. فأردوغان يعرف أن المزاج العام في الشارع التركي ينظر إلى بروكسل ويرغب في الاستفادة من مزايا العضوية كما يعرف أن الرخاء الاقتصادي المطرد الذي تشهده تركيا وإحساس المواطنين بمنافعه. ثمة لحظة تركية جديدة قد لا تكون خواتيمها ناجحة بشكل كامل لكنها تشكل مرحلة مهمة من مراحل تطور الدولة التركية. إذ إن الجنرالات قد لا يسلمون بالأمر بسهولة، لكن هناك دولة تركية جديدة تتشكّل قائمة على إعادة صياغة لدور العسكر التاريخي وفق مفاهيم جديدة تجعل الكلمة الأولى والأخيرة بيد المشروع والحاكم المدني. يرغب المرء أن ينظر للحالة العربية وفق هذه الثنائية "العسكر والحكم" لكن الثابت أن الدولة العربية هي دولة جيش وأنها مملوكة للجنرالات وما زال الرجل على الحصان ينظر للدولة وفق الفهم الإقطاعي.