اقلام وآراء 24
5 سيناريوهات لما قد يحدث في ليبيا
نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية مقالا تحليلياً للكاتب باتريك كوبيرن يقول فيه ان نظام حكم العقدي معمر القذافي في طريقه الى الزوال ولكنه يحذر من كارثة بعد رحيله عن السلطة على غرار ما حدث في العراق وافغانستان. وعرضت الصحيفة ايضاً 5 سيناريوهات لما يمكن ان يحدث في ليبيا في المرحلة المقبلة. وهنا نص مقال كوبيرن:
"خلال الأسابيع القليلة المقبلة، من المتوقع أن يخسر العقيد معمر القذافي السلطة. القوى المحتشدة ضده قوية جدا. ودعمه السياسي والعسكري ضعيف جدا. ومن غير المتوقع أن تسمح الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالوصول إلى طريق مسدود حين يتمسك بطرابلس وأجزاء من غرب ليبيا بينما يسيطر الثوار على شرقي البلاد.
وحتى قبل شن الهجمات الجوية لم يتمكن القذافي من تحريك اكثر من ألف وخمسمئة رجل للتقدم إلى بنغازي، وأكثرهم جنود غير مدربين. وكان سبب تقدمهم عدم قدرة الثوار في الشرق على الزج بستة آلاف جندي إلى المعركة، هم الذين أطلقوا بانشقاقهم الشرارة الاولى للثورة.
وتعكس الأيام الأولى من التدخل الأجنبي خبرة الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003، من خلال التصرف بشكل جيد للغاية. طمرت الهجمات الجوية رتلا من الدبابات والمشاة جنوب بنغازي، وهرب الناجون. قد تشبه النتيجة قريبا الانحلال السريع لطالبان والجيش العراقي.
إن المرحلة التالية في ليبيا- بعد سقوط القذافي- هي التي من الممكن أن تنتج كارثة مشابهة لما حدث في أفغانستان والعراق. في كلتا الحالتين أدت الحرب الناجحة إلى أن تكون الولايات المتحدة هي القوة المسيطرة في البلاد. وقد تحول هذا في العراق سريعا إلى احتلال امبريالي قديم الطراز. ويحب أحد القادة العراقيين أن يكرر عبارة "الاحتلال أم كل الاخطاء". في أفغانستان كانت الولايات المتحدة دوما صاحبة القرار، حتى وإن كان حامد كرزاي يقود الحكومة.
المشكلة نفسها ستظهر في ليبيا. لن يكون هناك شريك محلي له مصداقية. لقد أظهر الثوار ضعفا سياسيا وعسكريا. وبالتأكيد لو لم يكن الأمر كذلك، لما كانت هناك حاجة لتدخل غربي في اللحظة الاخيرة لإنقاذهم.
القادة المحليون الذين يبرزون في هذه الظروف عادة هم أولئك الذين يتحدثون اللغة الاتجليزية بشكل جيد ويتوافقون مع الولايات المتحدة وحلفائها. في بغداد وكابول، كان الذين برزوا هم الأكثر ودية والذين كانوا على استعداد للتوجه إلى الكونغرس والتعبير عن الامتنان الكامل للتصرفات الأميركية.
ثمة تعقيد إضافي، ليبيا بلد نفطي مثل العراق، والثروة النفطية تخرج الأسوأ من الجميع تقريبا، وتقود إلى الاستبداد لأن من يسيطر على العائدات النفطية يمكنه أن يدفع لقوات أمنية ويتجاهل الرأي العام. قلة من الدول التي تعتمد كليا على النفط هي دول ديموقراطية.
القادة الليبيون الطامحون الذين يلعبون أوراقهم خلال الاشهر القليلة المقبلة يمكن أن يضعوا أنفسهم في موقف يكسبون من خلاله أموالا طائلة. وعلق مسؤول مدني عراقي في بغداد بسخرية قبل سقوط صدام حسين عام 2003 قائلا: "المنفيون العراقيون هم نسخة مصغرة عن هؤلاء الذين يحكموننا"، لكن القيادة الحالية شبعت لأنها ظلت تحكمنا لمدة 30 عاما" بينما الحكام الجدد "سيكونون جشعين".
وهناك دلائل بالفعل على أن ديفيد كاميرون وهيلاري كلينتون ونيكولا ساركوزي بدأوا في الاقتناع بالكثير من دعاياتهم، وخصوصا أن الجامعة العربية تؤيد غاراتهم الجوية. وعادة ما
اول عملية قصف للطائرات الفرنسية
يحتقر الدبلوماسيون وجهات نظر الجامعة العربية، وفجاة نراهم يعاملون دعواتها لمنطقة حظر جوي على أنها دليل على أن العالم العربي يفضل التدخل الأجنبي.
ومن الممكن أن يتغير هذا بسرعة كبيرة. فقادة الجامعة العربية هم في الغالب اشخاص تحاول "التحركات العربية" تنحيتهم من السلطة. والمشاركة العسكرية ضد الحكومة الليبية متوقعة من جانب الإمارات العربية المتحدة وقطر، وهما عضوان في مجلس التعاون الخليجي الذي يضم كذلك دولا ملكية خليجية. وهو نفس مجلس التعاون الذي أرسل اخيراً قوات إلى البحرين لمساعدة الحكومة في سحق الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية التي تقوم بها الأغلبية الشيعية.
ولم تحدث الفظائع الأبشع التي ثبت ارتكابها في العالم العربي خلال الأسبوع الماضي في ليبيا، ولكن في اليمن، حيث قتل مسلحون موالون للحكومة بالرشاشات متظاهرين غير مسلحين يوم الجمعة الماضي، ما أسفر عن مقتل 52 شخصا.
وقياسا على ما حدث في أفغانستان والعراق، لن يكون من الصعب رؤية الكثير من عملياتهم في الشرق الأوسط على أنها نفاق وخدمة لمصالحهم وتتم مقاومتها من هذا المنطلق".
5 سيناريوهات
السيناريو الاول: اكثر اعضاء التحالف الغربي تفاؤلاً سيأملون في ان يكون التأييد للعقيد القذافي نابعاً من الخوف اكثر من الولاء ومن المرجح ان يتبخرامام اي هجوم مستمر، حسب هذا السيناريو، ستذوب القوات المؤيدة للقذافي تحت وطأة الهجمات الجوية، تاركة الثوار من دون قوات تتصدى لتقدمهم نحو طرابلس - وتاركةً الدكتاتور معزولاً او هارباً عندما يصلون الى هناك. وسيكون ظهور سريع لقيادة ذات مصداقية افضل نتيجة بالنسبة الى الامم المتحدة.
السيناريو الثاني: تراجع الموالين ولكن مع بقاء النظام.
اذا تضررت قوات القذافي الى درجة ان شن اي هجوم جديد وجدي على مدن الثوار يبدو مستحيلاً، فقد يسود سلام غير مستقر. وبالنظر الى ان قرار الامم المتحدة يقتصر على المطالبة بان يكف النظام عن شن هجمات على مواطنيه، فان الدعم لحملة اطول امداً يمكن ان يتلاشى. واذا كان الامر كذلك، فان القذافي وهو في وضع ضعيف يمكن ان يتشبث بالسلطة في المدى القصير. ولكن اذا نحي في انقلاب من داخل القصر، فلن يكون هناك يقين بان من يحلون محله سيكونون اكثر ديموقراطية.
السيناريو الثالث: سلام غير مستقر مع انقسام البلاد الى قسمين.
اذا استطاع القذافي الاحتفاظ بدعم الاعضاء الرئيسين في نظام الحكم في طرابلس وتعزيز قبضته على نفط ليبيا، فان الهزيمة في الشرق لن تعني بالضرورة نهاية زعامته. وبامكانه ان يبقي الامم المتحدة بعيدة بامتناعه عن شن مزيد من الهجمات في الشرق، سامحاً للثوار بانشاء قاعدة قوة اكثر ديمومةً في بنغازي. ولكن الثورة ليست اقليمية ومن المستبعد ان يرضى الثورة بانقسام البلاد. واذا اتيح للثوار الوقت لتعزيز قواتهم، فسيكون بوسعهم الاندفاع غرباً مرةً اخرى.
السيناريو الرابع: الرغبة في الصراع تتهاوى في الغرب
رغم الحدود التي تواجه القذافي عسكريا، فانه سيأمل في ان يبدو الصراع طويلا، دمويا وغير مجد. فقد ادعى النظام بالفعل ان قذائف التحالف اصابت مستشفيات ومدنيين. ثم ان اجزاء واسعة من البلاد لا تستقبل الا وسائط الاعلام الرسمية المحلية. ولكن اذا وقعت تداعيات انسانية حقيقية، فان المجتمع الغربي، وقد انهكته سنوات من القتال، يمكن ان يتحول ليتخذ موقفا مضادا للحملة. وفي هذه الحالة، فان من الممكن ان تتسبب مشاعر القلق السياسي المحلي في اجبار التحالف على البحث عن مخرج سريع.
السيناريو الخامس: الهجمات ضد اوروبا تضع القذافي على المحك
يبدو ان القذافي لا يملك ما يجعل بامكانه تنفيذ تهديداته بالقيام بهجمات انتقامية فوق البحر الابيض المتوسط. ولكن على ضوء سيرته الذاتية، فانه ليس هناك ما يدعو الى التشكك في ما اذا كان راغبا في القيام بذلك. واذا ارتفعت درجة تهديد المدنيين الاوروبيين نتيجة حملة عسكرية مطولة ودموية، فان الامم المتحدة ستجد نفسها امام خيارين لا ثالث لهما: اما ارسال قوات برية او القبول بان يُترك القذافي وشأنه. غير انه نظرا لضعف ليبيا عسكريا، فان هذا الامر هو الاحتمال الابعد عن الواقع بفارق كبير.
تقرير:
شكوك متزايدة حول امكانية زيارة عباس الى غزة في ظل اصرار "حماس" على حوار قبل تشكيل حكومة وحدة
رام الله، غزة - - في وقت يخطط فيه الرئيس محمود عباس لزيارة غزة الأسبوع المقبل، بانتظار رد إيجابي من حركة "حماس" حول مبادرته للذهاب إلى غزة لتشكيل حكومة مستقلة وحيادية، تلقي تصريحات قياديين في "حماس" شكوكا كبيرة حول نجاح مبادرته الرامية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال 6 اشهر.
ويشترط الرئيس عباس لإجراء زيارته إلى غزة قبل "حماس" تشكيل حكومة مستقلة، ولا ينوي الرجل خوض أي حوار مع الحركة. وأكدت مصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة في لندن اليوم الاثنين أن عباس لن يقبل ولن يفتح أي ملف على الإطلاق. غير أن هذه المبادرة رفضت كما يتضح من تصريحات قياديي "حماس" الذين يصرون على إجراء حوار والاتفاق على مصالحة قبل تشكيل حكومة الوحدة. وجاء الرد الأول عبر محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" الذي شن هجوما عنيفا على عباس، قائلا إنه "وبطانته لم يفهموا أو يستوعبوا الدرس بعد، شأنهم شأن الذين لم يفهموا أو فهموا متأخرين بعد فوات الأوان".
وتساءل نزال، "إذا كانت وصفة الحل وخارطة الطريق، تكمن في الانتخابات، فلماذا لم تتحقق في آخر انتخابات تم إجراؤها عام 2006؟ وماذا لو فازت فيها حركة "حماس" مرة أخرى؟ إلا إذا كانت النية هذه المرة، أن تفوز فيها حركة فتح". ونفى نزال أن يكون الحوار سيتحول إلى حوار طرشان، وقال إن الحوار السابق في القاهرة كان معمقا، متهما "الراعي السابق (الرئيس السابق حسني مبارك) بالانحياز لفتح و"الضلوع في اللعبة الإقليمية – الدولية، لإخراج حماس من المشهد السياسي".
وجدد نزال موقف "حماس" بالدعوة إلى "حوار فلسطيني شامل وجاد على أرضية سياسية واضحة تكون المقاومة ضد الاحتلال ركيزتها، وتنهي التنسيق الأمني الذي يحاصرها ويقمعها، على أن يتم تحديد سقفه الزمني"، مؤكدا أن الحوار هذه المرة، "سيكون بمنأى عن الضغوط المباشرة، التي كان يمارسها الراعي، الذي أصبح في ذمة الله".
ويأتي هذا الموقف بينما يبحث وفد رفيع من "فتح في القاهرة، يرأسه عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد مع الجامعة العربية سبل ترجمة مبادرة الرئيس عباس على الأرض من خلال تدخل الجامعة وممارستها ضغوطا على "حماس".
ومن المقرر أن تبدأ الجامعة العربية اتصالات مع "حماس"، لحملها على إنهاء الانقسام. وستنتظر "فتح" نتائج هذه الاتصالات، وردا رسميا من "حماس".
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي أمس أن حركة "فتح" مصممة على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة بين شطري الوطن مهما كلفها ذلك من تنازلات. وقال زكي للصحافيين في رام الله: "إن الدعوة التي أطلقها الرئيس محمود عباس هي دعوة صادقة لزيارة غزة لإنهاء الانقسام، ونتمنى على حماس التجاوب السريع لموقف الرئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني"
ويعتقد كثيرون في فتح أن موقف حماس في غزة قد يكون مختلفا عن موقفها في الخارج، غير أن تصريحات الحكومة المقالة التي يرأسها إسماعيل هنية في غزة، صبت في نفس الاتجاه الذي ذهب إليه نزال. وقال طاهر النونو، المتحدث باسم الحكومة المقالة، "نحن رحبنا باستجابة الرئيس أبو مازن لمبادرة إسماعيل هنية، وقلنا لا يمكن وضع العربة أمام الحصان. الحوار أولا تنتج عنه حكومة فلسطينية ونحن مع الحوار الشامل الذي يؤدي إلى إنهاء الانقسام وليس العكس، فقد جربنا في حكومة الوحدة تشكيل الحكومة وتأجيل الحوار، ولم يؤد إلى استقرار كامل وإنما حدث بعده انقسام".
ونقلت صحيفة "الرسالة" الموالية لـ"حماس" عن الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة قوله: "للأسف عباس لا يجد من يصدقه، لأن أجهزته الأمنية تعتقل المقاومين الشرفاء وتستمر في استدعائهم وملاحقتهم من خلال التنسيق الأمني مع الاحتلال". ووصف أبو عبيدة مبادرة الرئيس عباس بأنها "ستبقى فقط مجرد فقاعات وحبر على ورق إذا لم تكن مصدقة ومشفوعة بأداء وطني على الأرض من خلال وقف الاعتقال السياسي والملاحقة الأمنية للمقاومين ووقف التنسيق مع الاحتلال".
معركة الكرامة
بكر ابو بكر
(هي معركة فاصلة في تاريخ الثورة الفلسطينية الحديثة و هي المعركة التي دارت رحاها في بلدة الكرامة الأردنية في غور الأردن بتاريخ 21/3/1968 بين الفدائيين و الجيش الأردني من جهة وبين القوات الإسرائيلية المجهزة بالطائرات والدبابات من جهة، وبين الفدائيين والجيش الأردني من جهة أخرى، وحققت فيها قوات حركة (فتح) بشكل أساسي، وعدد من القوات الفلسطينية الأخرى مثل (ج.ت.ف) نصرا أضاء ظلام سماء هزيمة حزيران1967، وكان موشية ديان وزير الدفاع الإسرائيلي حينذاك يقود الهجوم الإسرائيلي.)
وكان الهجوم الإسرائيلي على الكرامة يهدف إلى:
- إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني، واعتقاد موشي دايان بأن هذه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة.
- معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكاتهم مع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الأردنية.
- احتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان.
مجريات معركة الكرامة
تشكلت القوة الإسرائيلية المهاجمة من قوات رأس الجسر ومن لواءين من المشاة والمظليين ولواءين من الدروع وعدد من طائرات الهليكوبتر لإنزال المظليين على الكرامة وخمس كتائب مدفعية وأربعة أسراب طائرات جوية، أما قوة الهجوم الرئيسية حسب البيان الرسمي الأردني فقد تشكلت من فرقة مدرعة وفرقة مشاة آلية ، وواضح من هذا الحشد الهائل أن العملية كانت تستهدف الاحتلال.
وفي الخامسة والنصف صباح يوم الحادي والعشرين من آذار عام 1968 م تحركت القوات الإسرائيلية لاجتياح الأغوار على أربعة محاور : محور العارضة ومحور وادي شعيب ومحور سويمة ومحور )للتضليل والخداع( وهو محور غور الصافي من جنوب البحر الميت حتى الصافي ، وقد اصطدمت بمقاومة عنيفة بعد محاولة التقدم الأولى ودفعت بقواتها الجوية وركزت القصف المدفعي على مرابض المدفعية الأردنية ومواقع الفدائيين الفلسطينيين.
وفي الساعة العاشرة صباحا وصلت بلدة الكرامة – معقل الفدائيين – بعدما كانت قد أنزلت قوات محمولة خلف البلدة ودارت في أزقة المخيم معارك بالسلاح الأبيض والأحزمة الناسفة ، وفي الساعة 11:30 طلبت إسرائيل وأمام خسائرها الهائلة ، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي من الجنرال (أودبول) كبير المراقبين الدوليين وقف إطلاق النار، وتم انسحاب آخر الجنود في الساعة الثامنة والنصف مساء حيث تكبدت إسرائيل خسائر إضافية خلال انسحابها من جراء القصف المدفعي الأردني وكمائن المقاومة الفلسطينية المنتشرة على كافة المحاور.
وكانت الكرامة نقطة تحول حقيقية ورغم امكاناتنا المتواضعة وإعدادنا القليلة فقد خسرنا حوالي 97 شهيدا وبعض الأسرى إلى جانب تدمير مخيم الكرامة ، إلا أن هذه المعركة أعطت في تاريخ النضال الفلسطيني والعربي دفعة جديدة إلى الأمام ، وهيأت للثورة القدرة على النمو ، كنا بعد يوم واحد من معركة الكرامة نجلس تحت أشجار مدينة السلط حيث تقف في مواجهتنا طوابير ممتدة من القادمين للتطوع والالتحاق بالثورة ، نبدأ التسجيل في السابعة صباحا ولا ننتهي إلا في الثامنة مساء ، لقد تفجرت روحية العطاء لدى جماهير شعبنا وامتنا اثر تلك المعركة الخالدة ."
رواية مشهور حديثة قائد الفرقة الأولى يوم الكرامة
" لقد دخل الإسرائيليون الكرامة ، واشتبك الجنود والفدائيون معهم بالسلاح الأبيض، ولكن المعركة لم تكن سهلة عليهم، ولم يستطيعوا تحقيق هدف استئصال الحركة الفدائية الفلسطينية وضرب القوات المسلحة الأردنية. وهنا أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار : كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة".
ويضيف أنه أجرى التنسيق للمعركة مع : "أبو عمار شخصيا، وكذلك المرحوم أبو صبري، وقادة المواقع الفلسطينية في محور الكرامة ومحور الشونة بشكل خاص. كان هناك تنسيق على كل الجبهات ، وقد أصدرت تعليماتي بأن يتم التنسيق بين الجيش وبين قوات العمل الفدائي في كل المواقع الأخرى، إيمانا منى بأن المعركة حاسمة ضد هذه الأمة كلها."
ويقول: " وكان قرارنا فيها الصمود والانتصار بأي ثمن، فقاتل الجميع من ضباط وجنود وفدائيين جنبا إلى جنب ، واستشهد عدد كبير من الضباط، وهذا مخالف لما يحدث عادة حيث تكون أغلبية الشهداء من الجنود، أما سببه فيعود إلى القرار بأن يكون الضباط في المقدمة مع الجنود."
وأضاف قائلا:" دخل الجيش الإسرائيلي معركة الكرامة بحوالي فرقتين : منها فرقة منقولة وقام بإنزال جوي وإسناد مدفعي وقصف جوي كثيف .طبقا" للحسابات العسكرية كان حجم قواتنا بالنسبة لقوة المهاجمين (1-) إذ أن قواتنا المشاركة هي الفرقة المتواجدة في المنطقة وتضم ثلاثة ألوية ، وكان لديهم مساندة جوية هائلة عندهم ونحن لا نملك طائرة .ومقاومتنا الجوية قليلة (12- مدفعا فقط ) بالنسبة للعدو كانت الطلعة الواحدة تضم تشكيلات من خمس إلى مئة طائرة وقاموا بأكثر من مائة طلعة ، ولك أن تتصور حجم كثافة النيران الهائلة التي لم يتعود عليها جنودنا من قبل ، وليس لها مثيل في تاريخ الصراع العسكري حتى ذلك الوقت .
"الفدائيون قاتلوا ببسالة نادرة وقدموا حوالي مائة شهيد ، وهذه الخسائر الكبيرة قياسيا" لحجمهم المتواضع في ذلك الوقت يثبت خطأ المقولة بأن الفدائيين لم يشتركوا في المعركة ، هذا كلام غير صحيح ، فقد اشتركوا بكل بطولة وبروح معنوية عالية ، وقدموا تضحيات كبيرة حيث اشتبكوا مع الإسرائيليين في الكرامة بالسلاح الأبيض واستبسلوا وأبلوا بلاء حسنا، الشيء الوحيد الذي حز في نفسي هو الإنزال الإسرائيلي على الكرامة ، إذ لم استطع أن أعالجه بالقصف المدفعي ، فذلك كان سيؤدي لقتل أهلنا من مدنيين وفدائيين داخل المخيم والبلدة ، فلو كان إنزالهم على مواقع عسكرية لانقضت عليهم مدفعيتنا بكل قوة ، ولكن القتال كان وجها" لوجه داخل الكرامة فكيف سأتدخل بالقصف المدفعي ؟! .
"هناك من قال أن المعركة قام بها الفدائيون وحدهم ، وكان دور الجيش الأردني محدودا" ، وهناك من قال في المقابل بأنه لا دور على الإطلاق للفدائيين ، وللحقيقة وللتاريخ أقول أن الدوريين متكاملان : دور الجيش ودور الفدائيين الذين أهلكوا القوات الإسرائيلية بقتالهم وجها" لوجه مع الإسرائيليين الذين لم يألفوا مثل هذه الشجاعة وبالكمائن التي اصطادوا بها الدبابات بقذائف ال( آر بي جي ) " .
ويقول صخر حبش "أن إقدام إسرائيل على عبور نهر الأردن للاشتباك بمقاتلينا في الكرامة والكريمة، اللتين كانتا تكتظان بالفدائيين، و كان يقطنهما أكثر من 100 ألف لاجيء فلسطيني قبل شهرين من المعركة. وقد هجرتها الجماهير بعد سلسلة القصف المتواصل بهدف الترحيل.
واستطرد صخر حبش قائلاً: " قبل أيام نشر قائد فرقة المظليين الإسرائيليين التي أنزلت خلف الكرامة على الجبال والمؤلفة من 70 مظلياً، كانت مهمتهم الأساسية قتل الفدائيين، وكانوا يعتقدون أنهم سيهربون من الكرامة، أو يؤسرون، تحدث قائد الفرقة عن الخطة وقال انه وجد نفسه بين نارين، نار الفدائيين المتمترسين في مواقعهم ونار الفدائيين الذين قاتلوا كل القوات التي هاجمتهم، والمفاجأة الأكبر كانت مشاركة الجيش الأردني بمدفعيته الأمر الذي أذهلهم ويتحدثون الآن عن أضعاف أعداد الإصابات عما اعترفوا به في حينه."
وأضاف "غنمت المقاومة" بعض الدبابات الإسرائيلية، وخسرت إسرائيل ثمانية وعشرين جندياً كما أن بعض الجثث ظلت في ساحة المعركة، وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية بدأت احتفالات فلسطينية بالنصر وامتدت إلى ساحات العالم العربي، وظهر اسم ياسر عرفات علناً بعد أيام على معركة الكرامة بصدور بيان رسمي عن اللجنة المركزية لمنظمة فتح يخول ياسر عرفات بإصدار البيانات باسم حركة فتح وأن يكون المتحدث الرسمي لها."
" وهكذا بدأ ألوف من الشباب الفلسطينيين في التدفق على قيادات ومعسكرات فتح في الأردن وفي بعض الدول العربية الأخرى. ولم يشكل مقتل أكثر من مئة من مقاتلي حرب العصابات في المعركة عائقاً أمام نشوء أسطورة الكرامة."
دلالات معركة الكرامة :
أما عن دلالات معركة الكرامة التي قال عنها هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أنها أوقف التقهقر العربي وانهزام الجندي العربي من وقتها ، قال فيها صخر حبش عضو اللجنة المركزية في فتح أيضا: أنها معركة تعبر عن انعطاف تاريخي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتحديد لها دور كبير جداً في مفهوم حركة فتح النضالي، إذ أنها تنطلق بفكر وطني ثوري يعتمد الكفاح المسلح وحرب العصابات أسلوبا للنضال يتراكم ليحقق تحرير الوطن. ووجدت نفسها أمام مأزق التشبث بالنظريات السائدة وبين اختيارها أسلوبا جديداً للمواجهة يتعارض مع كل الأسس النظرية لحرب العصابات.
أكدت هذه المعركة للمقاتل الفلسطيني، بأن الجيش الأردني يقاتل إلى جانبه بغض النظر عن بعض الأحداث. وعلى الرغم من الرؤيا القائلة بأن إسرائيل هي الجيش الذي لا يقهر، لكن المعركة غيرت هذا المفهوم وحولت الجيش الإسرائيلي إلى الجيش الذي يمكن قهره، حينما وجد الإسرائيليون دباباتهم في الوحل، كما وجدت جثث سائقي الدبابات داخل دباباتهم المحترقة مكبلة بالسلاسل خوفاً من هربهم، كما لاحظ الناس بأن ربحي والفسفوري وأبو اميه وأبو شريف الذين فجروا أنفسهم بأحزمتهم الناسفة تحت وفي داخل الدبابات، لاحظوا الفرق بين الذي يطلب الموت لتوهب له الحياة وبين الذين يخشون الموت فيموتون وهم إحياء، وهو الحدث الذي يعبر عن أهمية الشموخ الفلسطيني والتلاحم الأردني، فمعركة الكرامة كانت منعطفاً تاريخياً خطيراً، وقد نكون استثمرنا فيه النصر أكثر من اللازم. حيث تنازلت (فتح) عن مبدئها في شروط عضويتها واقبل على الالتحاق بها الآلاف يومياً، واكتسبت المقاومة الفلسطينية والحركة مداً جماهيرياً منقطع النظير، وبالتحديد حركة فتح لكونها التنظيم الفلسطيني الوحيد الذي اتخذ قرار المواجهة، وشاركت معه في المعركة قوات التحرير الشعبية بينما اعتبرت التنظيمات الأخرى بأن هذا العمل هو انتحار، ومخالف لنظريات حرب العصابات، إلا أن هؤلاء الشهداء هم الذين بنوا المجد الذي صنعته الكرامة في ارض الأردن امتداداً لأرض فلسطين، هذه القضية تدل على العمق الحقيقي لأهمية القتال، خاصة عندما يكون هنالك تضافر ووحدة، وحدة الجيش مع وحدة العمل الفدائي التي خلقت الأسطورة، فلم يكن بمقدور الجيش لوحده العمل، وكذلك الفدائيين، فهذه الأسطورة مركبة ومزدوجة ويعود فيها الفضل إلى القرار الشجاع الذي اتخذته حركة فتح بالصمود في أرض المعركة."


رد مع اقتباس