في هذا الملف :

لقاءات سرية.. وما الجديد؟

رأي القدس

على هامش ظاهرة صباحي

بقلم:عبد الحليم قنديل عن القدس العربي

لماذا تؤيد ابنة جمال عبد الناصر مرشح الثورة المضادة؟

بقلم:شحاتة عوض عن القدس العربي

المعضلة السورية: الحقيقة بصراحة

بقلم:د. لبيب قمحاوي عن القدس العربي

قليل من الحكمة

بقلم: فاروق جويدة عن الأهرام

العدالة الانتقالية

بقلم: د.عبد المنعم سعيد عن الأهرام

كأنك ما غزيت!

بقلم:فهمي هويدي عن الشروق المصرية

يوم رجع الزعيم عن قراره

بقلم:عماد أبو غازي عن الشروق المصرية

عروبة مصر المنسيَّة

بقلم:فهمي هويدي عن الشروق المصرية

شفيق «استبن» رشيد

بقلم:وائل قنديل عن الشروق المصرية

أخيراً.. الحُكم ببراءة سقراط

بقلم:سعيد ناشيد عن السفير

روسيــا و«الـربـيـع الـعـربـــي»

بقلم:مصطفى اللباد عن السفير

أبعـد مـن مؤتمـر الحـوار: لإنقـاذ لبـنان بدولتـه وشـعبه

بقلم:طلال سلمان عن السفير

موسكو تشعر بقرب غرق الأسد؟

بقلم:علي حمادة عن النهار اللبنانية

درس صيني من الحرب الأميركية على العراق

بقلم:محمد السمّاك عن المستقبل

حمّى الاستيطان تجتاح القدس

رأي الدستور

قصة لقاء سري للأخوات المسلمات

بقلم: ماهر ابو طير عن الدستور

سوالف ... "خط الملكة" و"خط الأمير"

بقلم:خليفة السيد محمد صالح المالكي عن الراية القطرية

ليبيا ومأزق الانتخابات المؤجلة

رأي البيان الإماراتية

المالكي متعثراً بسيطرته على الحكم

بقلم: عبد الوهاب بدرخان عن الشرق القطرية والعراق للجميع

العراق كله مقبرة جماعية مالكية

بقلم:صافي الياسري عن العراق للجميع

الكويت ورياح التغيير!!

بقلم:حسن علي كرم عن الصباح العراقية

ثلاثة طرق لحل الأزمة السياسية

بقلم:عـلاء المولى عن الصباح العراقية

نظام تحاصره الأوهام!!

بقلم:يوسف الكويليت عن الرياض

حضور المشايخ الجدد بعبائة "مدنية"

بقلم: احمد نبيل عن يمن برس

في جامعة صنعاء: رحل طميم فهل رحل الفساد!!!

بقلم: عبد الملك الضرعي عن يمن برس

عذرا سوريا..

بقلم:محمد يعقوبي عن الشروق الجزائرية



لقاءات سرية.. وما الجديد؟

رأي القدس

اكد مسؤولون فلسطينيون واسرائيليون يوم امس حدوث لقاءات سرية بين اسحق مولخو مبعوث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والمفاوض الفلسطيني صائب عريقات قيل انها لا تتعلق بمفاوضات السلام وانما مسألة اضراب الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ونقل اسلحة من الاردن الى قوات الامن الفلسطينية.

المسؤولون في السلطة الفلسطينية نفوا اكثر من مرة وجود اي مفاوضات سرية مع الاسرائيليين كعادتهم دائما، وعندما تأكدت هذه المفاوضات من قبل الجانب الاسرائيلي ادعوا انها تعلقت بقضايا تقنية مثل نقل الاسلحة واضراب الاسرى.

نقل اسلحة الى قوات الامن الفلسطينية ليس من اختصاص الدكتور عريقات فعلى حد علمنا ان قنوات التنسيق الامني سالكة والاتصالات بين الضباط الفلسطينيين والاسرائيليين لم تتوقف، والرئيس محمود عباس دافع عنها والتنسيق الامني الذي تتم في اطاره، بانه اي التنسيق، مصلحة فلسطينية وليس اسرائيلية.

الامر الآخر ان الدكتور عريقات ليس جنرالا في قوات الامن، وما زال يحمل لقب كبير المفاوضين الذي استعاده بعد ان استقال منه اثناء ازمة الوثائق الفلسطينية وتسربها من مكتبه، مضافا الى ذلك ان هناك وزيرا للاسرى في حكومة سلام فياض، فلماذا لا يتفاوض هو حول مسألة الاضراب؟

ما نريد ان نقوله ان المفاوضات السرية لم تنقطع ولن تنقطع بين السلطة والمسؤولين الفلسطينيين ولكن دون شرط وقف الاستيطان في الاراضي المحتلة، والدليل على ذلك هو اعلان حكومة نتنياهو عن بناء 850 وحدة استيطانية في الضفة في اطار مشروع موسع لبناء وحدات اخرى.

والاغرب من كل ذلك ان هذه المفاوضات تتم بالتزامن مع مفاوضات موازية مع حركة 'حماس' وباقي الفصائل الفلسطينية من اجل تحقيق المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومفاوضات ولقاءات اخرى في عمان من اجل اعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.

لا نعرف ما هو رد فعل حركة 'حماس' وباقي الفصائل الاخرى على هذه اللقاءات السرية، وما اذا كانت تعرف بها وما تتناوله من قضايا وتتضمنه من تنازلات. فالحركة تلتزم الصمت المطبق ولا توجه اي كلمة نقد واحدة لهذه المفاوضات التي تعتبر في رأينا اخطر بكثير من مسألة عدم وصول الوقود الى محطة كهرباء غزة، واتهام السلطة بالتواطؤ مع اسرائيل ومصر بعرقلة وصول الوقود باقذع التهم.

كيف ستكون هناك حكومة وحدة وطنية ومصالحة وطنية اذا كانت المفاوضات مستمرة وتتناول قضايا مصيرية، وكيف ستكون هناك مصالحة وطنية مختلفة هذه المرة عن المرات السابقة اذا كان كل طرف يتصرف بمعزل عن التنسيق مع الطرف الآخر والتشاور معه؟

القضية الفلسطينية تعاني هذه الايام من حالة اهمال غير مسبوقة حيث تراجعت اهميتها الى مرتبة متدنية من سلم الاولويات العالمية، ويتحمل طرفا المعادلة الفلسطينية اي حركتا 'فتح' و'حماس' المسؤولية الاكبر في هذا الصدد لانهما باتا منشغلين في امور حياتية معيشية في امارتيهما في الضفة والقطاع مثل الماء والكهرباء والرواتب وبما يشغلهما عن الانخراط في القضايا الاساسية مثل المقاومة والعصيان المدني وحشد الرأي العام العربي والعالمي خلف القضية المركزية العربية الاولى.

على هامش ظاهرة صباحي

بقلم:عبد الحليم قنديل عن القدس العربي

إشارة أكيدة إلى المستقبل حملتها انتخابات الرئاسة المصرية تمثلت في ظاهرة حمدين صباحي، بينما يبدو مرشحا جماعة الإخوان وجماعة مبارك ـ محمد مرسي وأحمد شفيق ـ كظلال من ماض يطوي صفحاته.

ومن المعروف ـ في علم الثورات ـ أن أول انتخابات بعد ثورة شعبية تكون نتائجها الأسوأ بامتياز، أضف إلى السوء الخلقي سوءا مصطنعا في المرحلة الانتقالية حولها إلى مرحلة انتقامية، وتفسير السوء في النتائج النهائية ظاهر، فالقوى القديمة ـ بعد أي ثورة ـ تكون لاتزال بكامل العافية، بينما القوى الجديدة لم يتح لها المجال ولا الوقت للتخلق، وفرض إرادتها على العالمين.

وقد يكون من نقص الإنصاف، أن نحصر الإشارات الجديدة في ظاهرة صباحي وحده، ففي ظاهرة عبد المنعم أبو الفتوح جديد لافت أيضا، فيها معنى البحث عن تيار إسلامي جديد يهز عرش الإخوان، وفيها طاقة تفتح وطني هائلة، وفيها ميل ظاهر إلى معنى الوسط السياسي والاجتماعي، وقد تحتاج إلى تناول مستقل، لكن ظاهرة صباحي تظل ـ مع ذلك ـ أكثر راديكالية، وربما أكثر صفاء في التعبير عن معنى الثورة المغدورة إلى الآن، وميلها أوضح إلى معنى اليسار ويسار الوسط، ثم أنها تستنفر طاقة كامنة في بناء حزب جامع للوطنية المصرية المعاصرة، يستعيد صلات 'العروة الوثقى' بين ثورة 23 يوليو 1952 وثورة 25 يناير 2011، ومع فارق مؤثر جدا، وهو أن ثورة 1952 كانت من فعل حركة الضباط الأحرار، بينما الثورة الجارية فصولها ـ لاتزال ـ من فعل حركة الناس الأحرار، وتبني جمهورية ثالثة تستعيد القيم الجوهرية للجمهورية الأولى، وتضيف إليها زادا ومددا من إيمان بالديمقراطية وثورية الإسلام، وتهدم أركان الجمهورية الثانية التي انقلبت على ثورة 1952، وتخوض الحرب الأخيرة ضد ثورة الخلق المصري العربي الجديد.

وراقبوا جيدا خرائط التصويت الأعلى لظاهرة حمدين صباحي، إنها ـ بالدقة ـ نفس خرائط الثورة المصرية الجديدة المتصلة، كان شعب الميادين ـ ولا يزال ـ مؤلفا من مصريين بكل ألوان الطيف الاجتماعي، لكن الجغرافيا الثورية ليست مطابقة لجغرافيا مصر كلها، فثمة عواصم خمس كبرى للثورة، اشتعلت فيها الشرارات الأولى، وخرجت منها جماهير الثورة الأكثر تصميما والأشد جسارة وبسالة، وقدمت الجانب الأعظم من شهداء الثورة وقادتها الميدانيين، وفيها الكتلة الغالبة من وعي المصريين وقلق طبقاتهم الحية، وبدت العواصم الخمس كنقاط ارتكاز وأوتاد راسخة لخيمة صباحي، وهي القاهرة والإسكندرية والمنصورة والسويس والمحلة الكبرى، ففي القلب المصري كانت القاهرة دائما، وهي عاصمة البلد وعاصمة الثورة، وبتألق ميدان التحرير فيها، والذي صار الأكثر شهرة بين ميادين الدنيا كلها، وقد فاز حمدين بالمركز الأول في القاهرة، وبدت المفاجأة صاعقة، فقد تفوقت حملة حمدين الأقل مالا والأفقر دعاية وتنظيما، تفوقت باكتساح في العاصمة الأولى، وسرى تفوقها عفيا من مدينة القاهرة إلى منطقة القاهرة الكبرى، وأحرز صباحي المركز الثاني في الجيزة، وبفارق ضئيل لصالح حملة الإخوان مليارية الانفاق كثيفة الدعاية، وكان التقدم الصاروخي لصباحي مميزا في دلالته، وعنى نوعا من تحرير العاصمة الأولى، وحسم انحيازها شعبيا لصالح الثورة، وسرت الظاهرة نفسها في الإسكندرية العاصمة الثانية للبلد، والتي ظلت قبل الثورة ـ وبعدها ـ في حال الغربة، بدت كأنها الحصن الحصين للإخوان والسلفيين، ثم انقلب المزاج فيها وبصورة عاصفة لصالح صباحي في انتخابات الرئاسة، وعلى نحو دراماتيكى فريد، وإلى حد بدا معه كأن الاسكندرية الجميلة تعيد اكتشاف نفسها، وهي المدينة التى شهدت الصعود الصاروخي الأول لشعبية جمال عبد الناصر، وقراره الشهير بتأميم قناة السويس، ودار الزمان دورته الكاملة، وبدت الإسكندرية كأنها درة التاج في الثورة الجديدة، وحسمت اختيارها لصالح صباحي الناصري الأصول، وبدا طبيعيا أن يفوز صباحي بالمركز الأول غير بعيد عن الإسكندرية في محافظة كفر الشيخ، وفيها مسقط رأسه ومواكب نصره البرلماني حين كان نائبا، وقد أعطته مددا مؤثرا من أصوات صياديها وفلاحيها وعمالها وموظفيها، وهم الكتلة الغالبة في المحافظة المظلومة المثقلة بأوجاعها الطافحة بأشواقها، وفي قلب الدلتا الأكثر تطورا، حسمت 'المنصورة' كلمتها، وهي ثالث أكبر مدينة فى مصر، وعاصمة محافظة الدقهلية، وهي الثانية فى الثقل السكاني بعد القاهرة مباشرة، أعطت مدينة المنصورة لصباحي المركز الأول فيها، وأعطته الدقهلية المركز الثاني بفارق ضئيل لصالح شفيق، وبدا الحسم في دلتا مصر قرينا للحسم في المنصورة، وهي المدينة الأغزر إنتاجا للمبدعين وقادة السياسة والتفكير والوجدان في مصر كلها، ومركز التفاعلات في محافظات الدلتا، والممتد بتأثيراته المباشرة إلى محافظات الغربية ودمياط والشرقية والبحيرة والقليوبية، وحيث بدا تقدم ظاهرة صباحي مثيرا في'دمنهور' بطبعها الثوري الغلاب، وفي 'المحلة الكبرى' بطابعها العمالى ومزاجها الراديكالى، وإلى مدن الغربية كلها، وإلى دمياط حيث بدا تقدم صباحي لافتا في مركز الانتاج الحرفي والحس التجاري، وبقدر ما بدا تقدم صباحي محدودا في مطروح وسيناء بطبائع التركيب العشائري فيها، فقد بدت مدن قناة السويس على موعد مع تقدمه الشعبي، فهذه المدن معارضة بطبعها الساحلي، وبتراث المقاومة المسلحة ضد البريطانيين والإسرائيليين في شوارعها وأزقتها ونفوس أجيالها، وقد صعدت شعبية حمدين صباحي فيها بتدرج لافت من الجنوب إلى الشمال، ووصلت إلى الذروة في بورسعيد التي منحته المركز الأول، فيما بدا جهاز الدولة الأمني والإداري الذي ساند مرشح مبارك مترنحا، وبدا جهاز الإخوان الملياري الإنفاق في حال العسر بعد اليسر الشعبي، وفي حال المجاهدة لإثبات وجود يتزعزع، وبالجملة، تبدو الصورة ناطقة بملامحها وأماراتها، ففي جملة أصوات القاهرة والوجه البحري ومدن القنال، كان لحمدين صباحي المركز الأول بامتياز.

لكن الصعيد ـ الوجه القبلي ـ وحده هو الذى أعطى صوته في الاتجاه المخالف، وجعل حمدين يحل ثالثا بعد مرشح جماعة الإخوان ومرشح جماعة مبارك، فقد أعطى الصعيد أكثر من مليوني صوت لمرشح جماعة الإخوان، وأعطى مرشح جماعة مبارك أكثر من مليون ومئة ألف صوت، وأعطى عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح تصويتا أقل، وإن كان مؤثرا، فيما لم يعط حمدين صباحي سوى 400 ألف صوت من جملة أصواته التي قاربت الخمسة ملايين، وبدون أصوات الصعيد، كان مرشح الإخوان سيهبط إلى المركز الرابع بحوالى 6و3 مليون صوت، وكان عبد المنعم أبو الفتوح سيتقدم إلى المركز الثالث، وكان أحمد شفيق سيظل فى المركز الثاني بحوالى 4و4 مليون صوت، فيما يظل حمدين صباحي وحده في المقدمة، وهي النتيجة التي لم تتحقق بالطبع، وبسبب أوضاع الصعيد الذي لم يكن طرفا مبادرا في حوادث الثورة، وإن كان دائما في وضع الضحية والتخلف الاجتماعي والجهل الأبجدي و'الفقر الدكر'، ولديه كل أسباب الثورة، وإن كانت طاقة الثورة لم تصل إليه بعد، وهو ما قد يلام عليه الثوريون لا الصعايدة، ويوجب اهتماما خاصا من الثوريين بأهلنا الكرام الطيبين في الصعيد.

هذه مجرد تأملات على هامش ظاهرة ثورية تصعد اليوم. وقد تحكم غدا .

لماذا تؤيد ابنة جمال عبد الناصر مرشح الثورة المضادة؟

بقلم:شحاتة عوض عن القدس العربي

أثار الموقف اللافت الذي اتخذته الدكتورة هدى عبد الناصر الأبنة الكبرى للزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر مؤخرا بإعلان تأييدها للمرشح أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة في مواجهة مرشح الاخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي، الكثير من علامات الدهشة والاستفهام في الاوساط السياسية والرأي العام في مصر. بل إن البعض اعتبره خيانة لمبادئ وفكر عبد الناصر الثوري واصطفافا في معسكر الرجعية وفق مفردات هذا الفكر ذاته، إذ ما الذي، دفع أبنة عبد الناصر لتأييد مرشح الثورة المضادة في مصرفي هذه اللحظة الفارقة ؟. لكن أسباب هذه الدهشة وربما تتراجع قليلا إذا ما تبين أن هدى عبد الناصر استاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ليست وحدها من أبناء النخبة المصرية التي ترى أن شفيق المرشح الأفضل لرئاسة مصر إذا كان لابد من الاختيار بينه وبين مرشح الإخوان. وقد سمعت هذا الرأي من عدد لا بأس به من الكتاب والمثقفين الذين التقيتهم خلال زيارتي للقاهرة مؤخرا لمتابعة الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية وما أسفرت عنه من نتائج محبطة وضعت المصريين أمام خيارين أحلاهما مر. وبعيدا عن الأتباع المخلصين لكل مرشح فإن عموم المصريين ومعهم النخبة السياسية انقسموا إزاء نتائج الجولة الأولى من الانتخابات إلى عدة تيارات وفرق:

- الفريق الأول يرى أن كلا المرشحين يشكلان خطرا على الوطن وهويته ومستقبله وثورته وأن المصريين ليسوا مضطرين للاختيار بين السيء والأسوأ، وهو ما دفع أحد الاصدقاء إلى القول إن المصريين ليسوا مجبرين على الإختيار بين الكوليرا والطاعون .موقف صديقي هذا يمثل شريحة كبيرة من المواطنين الذين قرروا مقاطعة جولة الإعادة تماما بين قرر أخرون إبطال أصواتهم .

- الفريق الثاني يقدم دعما مشروطا لمرشح الإخوان المسلمين، وهو دعم مرهون بقدرة الإخوان على تبني مطالب وأهداف الثورة وأن يكونوا جزءا من الجماعة الوطنية. ويرى المنتمون لهذا الفريق أن مرشح الإخوان بكل عيوبه وما يحمله من مخاوف، يبقى أخف ضررا من احتمال فوز الفريق أحمد شفيق لأن ذلك هو الخطر الأكبر الذي يهدد ثورة المصريين لأن فوزه في الانتخابات يعني نهاية الثورة تماما وعودة النظام القديم بشكل كامل.

- الفريق الثالث يرى أن مصر تواجه لحظة الاختيار بين الدولة الدينية التي يمثلها الإخوان والدولة المدنية التي يمثلها الفريق أحمد شفيق ، فالأخير حتى وإن كان امتدادا لنظام مبارك بكل خطاياه، فإنه سيكون الضمانة للحفاظ على الدولة المدنية في مواجهة الزحف الكاسح للتيار الإسلامي نحو السيطرة والهيمنة على كل مفاصل الدولة، وأن فوز شفيق بكل عيوبه سيبقى أقل كلفة على الوطن وهويته، بل يمكن التعايش معه ومناطحته سياسيا بل والضغط عليه لانتزاع كل حقوق المصريين واستكمال أهداف الثورة .بينما يرى هذا الفريق أن محمد مرسى أشد خطرا على مصر لأنه يمهد الطريق أمام استبداد جديد أشد خطورة لأنه سيقوم على أساس ديني وهذا هو أخطر أنواع الاستبداد.

ووفقا لهذا التصنيف فإن هدى عبد الناصر تنتمي للفريق الثالث الذي يرى أن أحمد شفيق هو المرشح الافضل إذا كنا نريد الحفاظ على هوية مصر دولة مدنية ،وهي لاترى في ذلك أي خيانة أو تنكر لمبادىء وفكر عبد الناصر الذي كان مخلصا لفكرة الدولة المدنية. وإذا كان مفيدا التوقف قليلا عند موقف هدى عبد الناصر بما له من رمزية تاريخية، فإن الأهم في ظني هو التوقف كثيرا عند موقف هذا التيار الذي تنتمي اليه وهو تيار كبير في أوساط القوى المدنية الليبرالية واليسارية والقومية والذي يختصر المشهد الراهن في مصر باعتباره إختيارا بين الدولة المدنية والدولة الدينية. وإذا كانت الموضوعية تقتضى الإقرار بأن ثمة أسبابا حقيقية تبررهذا الموقف يأتي على رأسها فشل الإخوان في تبديد مخاوف هذا القطاع المهم والمؤثر، فإن ذلك لا ينفي حقيقة أن موقف هذا التيار يعاني من نقاط ضعف واضحة ويقفز على حقائق كثيرة ربما لأنه ينطلق في موقفه هذا من عداء سافر لتيار الإسلام السياسي ومن مخاوف وهواجس أكثر من أي شيء آخر وهو ما أوقعه في الكثير من التناقضات .. في هذا الإطار يمكن رصد النقاط التالية :

أولا: أن تقديم المشهد الانتخابي المصري الراهن باعتباره اختيارا بين الدولة الدينية والدولة المدنية، فيه الكثير من التبسيط الواضح، فإذا كان مرشح الإخوان لإنتخابات الرئاسية يثير الكثير من المخاوف المشروعة لدى قطاع واسع من المصريين حول هوية الوطن او مدنية الدولة المصرية، فإن ذلك لايعني أن أحمد شفيق هو مرشح الدولة المدنية.ولا بد أن نتذكر جيدا أن أحمد شفيق رجل عسكري برتبة الفريق، صحيح أنه متقاعد لكنه جزء لا يتجزأ من المؤسسة العسكرية التي حكمت مصر على مدى ستين عاما وهيمنت على الكثير من المواقع والمناصب وساهمت في عسكرة الدولة المصرية. وبالتالي فان الأدق هنا هو أنه إذا كان مرسي مرشح الدولة الدينية فإن شفيق هو مرشح الدولة العسكرية، ولا ينبغي أن يكون الهروب من شبح الفاشية الدينية الذي يطل برأسه، هو بالإرتماء في حضن الفاشية العسكرية.

ثانيا: كيف تجمع هذه القوى المدنية والليبرالية بين دعمها لإستكمال أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير وبين مساندتها لإنتخاب الفريق أحمد شفيق؟ وإذا كانت ترى أنه الضمانة للتصدي لهيمنة التيار الإسلامي، فانها لم تقل لنا ما هو موقف الفريق شفيق من هذه الثورة وهو كان أخر رئيس وزراء في عهد مبارك. ربما لا يمكن توجيه اللوم للرجل فهو لم يعترف يوما بأن ما جرى في مصر كان ثورة شعبية ضد نظام الفساد والإستبداد، بل مثله مثل كل قادة المؤسسة العسكرية والامنية الذين يعتقدون أن ما جرى لم يكن سوى إنتفاضة شعبية إستغلتها جهات خارجية لتنفيذ مؤامرة على الوطن. من هنا فان على هذه القوى أن تعيد النظر في مواقفها وأن تختار ما بين شفيق والثورة، أما الجمع بينهما فانه يصبح من قبل التلفيق أو الدجل السياسي.

ثالثا: على ضوء ما سبق فان التصنيف الأكثر دقة للمرشحين ينبغي أن يكون مرشح الثورة في مواجهة مرشح الثورة المضادة، أو مرشح المستقبل ضد مرشح الماضي، ولما كان كلا المرشحين لا يعبر عن الثورة وليس أحد عناوينها الحقيقيين، فإن المعيار يبقى مدى إقتراب أي من هذين المرشحين من روح وأهداف ثورة يناير، وإذا ما طبقنا هذا المعيار فإن كلا المرشحين لا يمثلان الثورة ولا أهدافها وبالتالي فإن الموقف الأكثر مصداقية في هذا الصدد هو رفض المرشحين كما فعلت القوى الثورية المخلصة لثورتها، وليس الإنحياز لأحمد شفيق.

رابعا: غالبية هذا التيار تنطلق في مواقفها من العداء التاريخي أو الخوف المرضي أوحتى الخوف المشروع من تيار الإسلام السياسي وما إرتكبه من أخطاء وخطايا سواء في الماضي أو في حق ثورة يناير وفشله في طمأنة الشركاء، لكن ذلك كله لا يكفي لان يكون مبررا لتأييد ومساندة إعادة إنتاج نظام مبارك من جديد بكل قبحه وفساده . وينبغي على هذه القوى إن تستذكر جيدا دروس التاريخ القريب لا البعيد وأن تستفيد منها حتى لا تكرر أخطاء الماضي، فكثير من هذه القوى في ظل نظام مبارك الساقط لعبت دورا ديكوريا في أضفاء الشرعية على هذا النظام وتجميل وجهه القبيح وإنحازت له وبررت له كل ما قام به من تنكيل وملاحقة وتصفية لخصومه من التيار الإسلامي بدعوى الحفاظ على الدولة المدنية، لكن النتيجة أن مصر إنتهت في أواخر عهد مبارك دولة إستبدادية فاسدة فاشلة وكانت في طريقها لتتحول إلى نظام ملكي يرث فيه الأبن أباه على حكم مصر .. فهل هذه هي الدولة المدنية التي يدافع عنها من يدعمون ترشيح شفيق؟

خامسا: لا ينبغي أن يعمي العداء للاسلاميين أو الخوف منهم ومن سلوكهم السياسي، بصائر بعض القوى السياسية المدنية، عن رؤية الحقائق والإنتصار للموضوعية والنزول على إرادتها..فهذه القوى في موقفها المؤيد لشفيق تضع المخاوف الهواجس الظنية في كفة واحدة مع الحقائق اليقينية بل أنها تنحاز في مواقفها لصالح حقيقة أن نظام مبارك أفسد الوطن وخرب مصر وأهان شعبها ،في مواجهة مخاوف التي لاتزال في نطاق الظنون، مع كامل التفهم لها ولأسبابها المشروعة، من الإنقلاب على هوية مصرو تحويلها دولة دينية إذا ما فاز مرشح الإخوان.

سادسا: إذا كان بعض القوى المدنية يرى أن أكبر ضمانة لمنع تحول أحمد شفيق إلى ديكتاتور جديد على غرار مبارك، هو الشعب المصري الذي إسترد إرادته بعد ثورة يناير ولن يسمح بانتاج نظام مبارك من جديد حتى لو فاز أحد اقرب أصدقائه بالرئاسة، فلماذا لا ينطبق ذلك أيضا على مرشح الإخوان المسلمين وبأن هذا الشعب ذاته سيتصدى للاخوان إذا ما فكروا في الإنقلاب على ثوابت الوطن والدولة وسعوا لتحويلها دولة دينية؟ أم أن ما يمكن أن يحدث مع شفيق يبدو مستحيلا مع محمد مرسي؟

إن نظرة إلى القوى المؤيدة لأحمد شفيق نجدها تتمثل في بقايا نظام مبارك وبعض أجهزة الدولة التي لم تصلها الثورة، ورموز الحزب الوطني المنحل ورجال الأعمال الذي جمعوا المليارات من الحرام ووجهاء العائلات في الريف الذي أفقدتهم ثورة يناير المقعد البرلماني الذي كانوا يتوارثونه كنوع من الوجاهة الإجتماعية لا أكثر. فهل هؤلاء ومرشحهم الرئاسي هم من سيحافظون على الدولة المدنية ويسهرون على تحقيق أهداف الثورة؟

المعضلة السورية: الحقيقة بصراحة

بقلم:د. لبيب قمحاوي عن القدس العربي

عودة الروح إلى الجسم العربي لا تعني شفاءه مما يعانيه من أمراض أصابته بحكم ظروف الاستبداد والفساد التي عانى منها لمدة طويلة. ما يجري الآن في سوريا ستكون له آثار عميقة على مستقبل المنطقة العربية عموماً ودول الجوار خصوصاً. والتطورات الأخيرة المتلاحقة والخطيرة تدفع المرء إلى التساؤل ما إذا كان ما يجري في سوريا هو من صنع السوريين، أم أن هنالك عوامل أخرى تحدد مجريات الأمور؟

إذا كان ما يجري في مصر مشكلة، فإن ما يجري في سوريا معضلة. وبين المعضلة السورية والمشكلة المصرية يقف القلب العربي خائفاً وجـِلاً مشفقاً على نفسه وعلى مستقبل أجياله.

المعضلة السورية تتلخص في غياب ميزان قوى داخلي في المرحلة الحالية. فلا النظام قادر على الحسم ولا المعارضة الداخلية قادرة على الحسم، وكلاهما مُصِرٌ على المضي حتى النهاية. وهذا يعني أن الحل يتطلب تدخل أطراف أخرى لها بالطبع مصالحها الخاصة. وهكذا، فإن ما يجري الآن في سوريا في أبعاده ونتائجه أكبر من سوريا، وأكبر من رغبة الشعب السوري في الحرية والديمقراطية، وأكبر من تمسك النظام السوري بالحكم بأي ثمن. وما يزيد من مأساوية هذا الوضع هو أن الضحايا هم سوريا والشعب السوري في حين أن اللاعبين وأصحاب القرار النهائي هم من خارج سوريا. إن الوضع في سوريا أصبح الآن جزءاً من معادلة دولية معقدة لها أبعاد إقليمية، وأضعف عامل فيها هو الأنظمة العربية لأن موقفها في جذوره انتقامي أناني وبالتأكيد تَبَعي لآخرين.

سوريا تقترب بسرعة نحو حرب أهلية أساسها تعنت النظام ودمويته واستهتاره بمطالب الشعب السوري وطموحاته. وفهم أبعاد المعضلة السورية يتطلب استشراف العوامل الداخلية والخارجية الفاعلة والمؤثرة فيها.

داخلياً، إن ما يجري في سوريا يأخذ صفة المعضلة نتيجة ضعف وتشتت بنية المعارضة الداخلية وهي معارضة وطنية أصيلة عانت لما يزيد عن أربعين عاماً من القمع والاستبداد والظلم والفساد والإفساد. إلا أن نجاح المعارضة السورية الداخلية في الاستمرار في ثورتها ونضالها قد يساهم في تقوية بنيتها ونموها وانتشارها. وفي هذا الخضم نرى تحولات عديدة داخل المجتمع السوري ساهمت في تقوية عضد المعارضة الداخلية وأهمها على الإطلاق الانحياز التدريجي نحو المعارضة في موقف طبقة التجار الهامة تاريخياً في إدارة الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية داخل المجتمع السوري. هذه الطبقة التي عانت من فساد عائلة الأسد الحاكمة وهيمنتها على الاقتصاد السوري في السنوات الأخيرة ابتدأت مؤخراً في التخلي عن تحالفها التقليدي مع النظام لصالح الثوار في الداخل بل وأكثر من ذلك، حيث يقوم الآن أفراد من طبقة التجار بتقديم الدعم المالي لتمويل أولئك الثوار. وهذا تطور هام كونه يضفي على المعارضة الداخلية الصبغة الوطنية السورية شكلاً وموضوعاً وتمويلاً.

وعلى صعيد النظام، فإن دمويته وشراسته وتماسكه الشديد أمام الثورة الشعبية المتفاقمة أخذت تجسد أكثر فأكثر حقيقة كونه نظاماً يمثل طائفة بعينها صادرت وطناً بأكمله وبَنَتْ من حولها طبقة من المستفيدين وأبدت استعداداً وقدرة فائقة على استعمال وسائل العنف الوحشي مع شعبها دون رحمة أو هوادة، خصوصاً وأن الجيش في سوريا هو جيش النظام وليس جيش سوريا، والمؤسسة العسكرية هي عبارة عن مجموعة من الأجهزة الأمنية المناط بها الحفاظ على النظام قبل الدولة. وهذا ما يُنذِر بجعل الصراع في سوريا صراعاً دموياً حتى الموت لا ينتهي إلا بالحسم لصالح طرف ضد الطرف الآخر، وهذه وصفة مضمونة للحرب الأهلية.

أما خارجياً، فهناك المحور الغربي بقيادة أمريكا والمحور الروسي الصيني بقيادة روسيا والتناقض الواضح في مصالحهم وبالتالي مواقفهم بالنسبة للموضوع السوري. وهناك المعارضة السورية في الخارج وهي في غالبيتها مشكوك في ارتباطها بدول وأجهزة أجنبية. ولأنه لا يوجد حتى الآن حل للمعضلة السورية من داخل سوريا حصراً، فالحل يجب أن يأتي أيضاً من الخارج بحكم التوازنات والتحالفات التي خلقها النظام السوري، ليس دفاعاً عن سوريا ، ولكن دفاعاً عن وجوده واستمراريته. الحديث إذاً ليس عن سوريا وعن مصالح سوريا، والحل في هذه الحالة لن يعكس المصلحة السورية، بل ما تريده أمريكا أو ما تريده روسيا. الموضوع لم يعد يتعلق إذاً بما يريده الشعب السوري، بل بما تريده تلك القوى الدولية.

أين النظام المقاوم وأين النظام الوطني من كل ذلك؟ هناك البعض ممن تقوده سذاجة التفكير للاعتقاد بأن موقف روسيا من سوريا تحكمه مبادئ ما أو راديكالية ما. كلام فارغ، فأساس الموقف الروسي هو المصالح الروسية فقط، تماماً كما هو الموقف الأمريكي. مرة أخرى، أنانية النظام سوف ترغم الشعب السوري وسوريا بالنتيجة على دفع الثمن للآخرين.

أما الأنظمة العربية فليست بحال أفضل من النظام السوري حتى تتآمر عليه وتشن حرباً إعلامية شرسة وضروس لا يخفى على أحد منبعها وأسبابها وأهدافها.

تتعرض سوريا الآن لحملة إعلامية شرسة لم يشهد العالم العربي مثيلاً لها منذ العدوان على العراق. وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه أي عربي يملك ضميراً إنسانياً وحساً وطنياً أن يقبل بالمذابح التي يتعرض لها الشعب السوري وأن الواجب يتطلب إدانتها جملة وتفصيلاً، إلا أن الحقيقة يجب أن تطفو إلى السطح بما لها وما عليها. فالهجمة الإعلامية الرسمية العربية من الفضائيات كثيراً ما تلجأ إلى المبالغة بهدف خلق استقطاب عاطفي يؤدي إلى تشكيل الرأي العام العربي والعالمي في اتجاهات معينة. هذا لا يشكل إبراءً للنظام السوري من دم شعبه، ولكن الحقيقة يجب أن تُعلن حتى تستطيع جميع الأطراف الإلمام بكافة أوجه هذه المعضلة وأن تتسامح مع نفسها ومع غيرها إن أردنا التوصل إلى حلٍ لها.

إن استمرارية وتنامي أعمال العنف والقتل التي يقوم بها النظام السوري ضد المعارضة الداخلية قد تؤدي إلى تمترس واضح في المواقف وخلق مناطق عازلة وتكريس بؤر طائفية أو عرقية قد تضع الأساس فيما لو طالت فترة النزاع في سوريا إلى تقسيمها على أسس طائفية وعرقية. فتلك البؤر قد تشكل ملاذاً آمناً لبعض الطوائف مثل الطائفة العلوية وهي الطائفة الحاكمة أو لمجموعات عرقية مثل الأكراد يتحول كل منها بحكم طول المدة وقوة الأمر الواقع إلى نواة لكيان سياسي انفصالي أو شبه انفصالي. وفي هذا السياق يجب العمل على منع تكرار الحالة العراقية في سوريا وعدم السماح بإضعاف الدولة المركزية لصالح كانتونات طائفية أو عرقية، خصوصاً إذا ما تمكنت أمريكا من ممارسة نفوذ مؤثر على الوضع النهائي في سوريا سواء مباشرة أو من خلال بعض الأنظمة العربية. إن العمل على تلافي هذا الاحتمال يتطلب تجليات إبداعية في التوصل إلى حل عربي سريع لهذه المعضلة ودوراً عربياً نظيفاً وفاعلاً يرنو إلى المحافظة على وحدة وسلامة سوريا عوضاً عن الاكتفاء بالانتقام من النظام السوري وتسليم سوريا إلى أمريكا. وهذا يتطلب من النظام نفسه أن يسمو فوق أنانيته ودمويته وأن يضع مصلحة سوريا ووحدة أراضيها أولاً.

إن محاولة البعض تسويق النظام السوري وتبرير ضرورة بقائه بالرغم من وحشيته باعتباره 'نظاماً مقاوماً' أو بالأحرى النظام الوحيد المقاوم إنما هو تجسيد لمعادلة إقليمية معقدة تشمل دولاً ومنظمات وتدخل في صميم المشاعر والآمال العربية في صراعها الدائم مع العدو الصهيوني. وبالمقابل هنالك الكثيرون ممن يعتبرون أن النظام السوري قد كذب من خلال سرقته الشعار الأهم وهو 'المقاومة' بالإدعاء بأنه هو 'النظام المقاوم' والتلاعب بالتالي بعواطف الشعوب، في حين أن هذا النظام وعلى مدى أربعين عاماً، كان الحارس الأمين على هدوء جبهة الجولان المحتل وجَعْل الحياة في المستعمرات الإسرائيلية هناك حياة طبيعية وآمنة. إن شعار 'النظام المقاوم' يعكس ترابط الملف السوري والإيراني وحزب الله. فالنظام السوري في الحقيقة ليس نظاماً مقاوماً، ولكنه يحاول أن يستمد تلك الصفة من خلال تحالفه مع حزب الله وهو الحزب المقاوم. والدعم لحزب الله يأتي من إيران أكثر مما يأتي من سوريا، ولكن إيران لم تحاول مع ذلك أن تستغل تلك العلاقة للإدعاء بأن النظام الإيراني هو 'نظام مقاوم' .

ومن ناحية أخرى، فإن إدعاء النظام السوري بأن إسقاطه سيؤدي إلى تولي الحركات الإسلامية الحكم في سوريا هو فزّاعة عفا عليها الزمن. فالمجتمع السوري هو أكثر علمانية من المجتمعات المحيطة به بحكم تكوينه الذي يعكس تعددية طائفية وأثنية ذات انتماء قومي واضح يعتبر سوريا الحاضنة القومية لما يحيط بها من دول. وهو بذلك أقل استعداداً للقبول، مرة أخرى، بنظام حكم ذي صبغة طائفية حتى ولو كان ذلك من خلال صناديق الاقتراع. الفزّاعة الإسلامية هي محاولة بائسة تستهدف بقاء النظام الحالي من منطلق أن البديل سيكون كارثياً على سوريا وعلى المنطقة. والحركات الإسلامية في سوريا لن تكون قادرة على وراثة النظام المترنح كونها لا تنسجم مع الرؤيا السياسية لغالبية الشعب السوري وهو شعب قومي النزعة بالإضافة إلى افتقار التيار الإسلامي السياسي في سوريا إلى واقع تنظيمي مؤثر يُمَّكِنَه من الوثوب إلى الحكم في اللحظة المناسبة، كما هو الحال في أقطار عربية أخرى مثل مصر والأردن.

وانطلاقاً من حقيقة أن النظام السوري قد فقد شرعيته بعد أن تلطخت أياديه بدماء شعبه وأن سقوطه بالتالي قد أصبح قضية وقت، فقد بات من الضروري استنباط الحلول الممكنة والقابلة للتنفيذ بسرعة لتفادي المزيد من إراقة دماء الشعب السوري.

إن الحديث عن حل للمعضلة السورية يجب أن ينطلق من الاعتراف بأن المشكلة الحقيقية بالنسبة لسوريا تكمن في بقاء النظام وليس في تغييره. وإذا ما تم الاتفاق على هذا، تصبح القضية إجرائية ويصبح التعامل معها أسهل في ظل هذه الرؤيا التي تسمح بالحل الحاسم عوضاً عن الحل بالحسم و القوة. والأساس في هذا الموقف هو عدم السماح بتدويل الحل في سوريا بعد أن تم العمل وبمساعدة عربية واضحة ومبكرة على تدويل الصراع. استحضار التجربة اليمنية قد يعطي مؤشراً على حل ممكن يبتدئ بالتخلص من الرموز الأساسية للنظام ، بما في ذلك رموز عائلة الأسد من خلال نفيهم إلى دولة مثل روسيا، واتفاق كافة الأطراف السورية الفاعلة في الداخل على مرحلة انتقالية يتم من خلالها العمل على تفكيك النظام ومؤسساته الأمنية بشكل سلمي وتدريجي قد يزيل مخاوف الطائفة العلوية من ردة فعل انتقامية في حال ما تم إزالة النظام بشكل كامل وعنيف ودفعة واحدة. المطلوب من الطائفة العلوية ابتداءً أن تأخذ مواقف علنية تؤكد من خلالها سمو مواطنتها السورية على طائفيتها الضيقة. وهذا سوف يساهم في تقوية عزيمة الطائفة على ممارسة الضغوط على رموز النظام للتنحي منعاً لتفاقم الأمور بشكل عنيف ودموي وانتقامي ضد الطائفة العلوية. المعضلة ليست في تغيير النظام، وإنما في مستقبل سوريا وموقعها من المصالح الوطنية لهذا الطرف أو ذاك. وهنا تكمن نقطة الخلاف الرئيسية بين أمريكا وروسيا. ويبقى الموضوع الأهم بالنسبة للسوريين والعرب متمثلاً في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا الحرة الديمقراطية القادرة على لعب دورها التاريخي ضمن محيطها العربي باعتبارها قطباً جاذباً جامعاً وقائداً. هذا هو مطلب الشعب السوري ومعه الشعب العربي وهو بالتأكيد يختلف عن المطلب الأمريكي والمطلب الروسي.

قليل من الحكمة

بقلم: فاروق جويدة عن الأهرام

فشلت النخبة المصرية بكل تياراتها وطوائفها في إدارة المناخ السياسي في مصر بعد ثورة يناير‏..‏ انقسمت تيارات النخبة ودخلت في صراعات ومعارك أدت إلي وجود إنقسام حاد وصدقت المقولة الشهيرة القديمة ان المصريين اتفقوا علي الا يتفقوا‏..

كانت أخر معارك النخبه وانقساماتها التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة ما حدث بين مجلس الشعب ونادي القضاه.. إن خلاف الرأي بين هذه المؤسسات شيء وارد يمكن الإختلاف حول مشروع قانون أو حكم من الأحكام أو قضية من القضايا أو مناقشة موضوع ما في مجلس الشعب ولكن الشيء الغريب هو لغة الحوار التي دارت في هذه المعركة بداية بالإتهامات وإنتهاء بالتهديدات كانت الصورة مؤلمة للغاية خاصة إذا تصورنا ان هناك مئات الفضائيات التي تنقل هذه المعارك علي الهواء مباشرة حيث يراها العالم الخارجي ويتحسر علي ما آلت إليه احوال المصريين في أعلي سلطاتهم.. وآلاف الشباب الذين نلومهم وهم يستخدمون لغة في الحوار تشبه الأغاني الهابطة التي انتشرت في العهد البائد.. من حيث الأسلوب كانت لغة الحوار لا تليق وبالنسبة للأحكام من حق الرأي العام ان يعبر عن غضبه امام حكم هنا أو حكم هناك مادام تعبيرا راقيا لا يمس كرامة القضاء ولا يطعن في مصداقيته.. اذكر اننا خرجنا في مظاهرات صاخبة ونحن طلاب في جامعة القاهرة عام 68 ضد احكام قادة الطيران في النكسة وامر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بإلغاء الأحكام وبإعادة المحاكمات امام دائرة أخري.. في تقديري ان الخلاف بين البرلمان ونادي القضاة ظاهرة طيبة وتدل علي مناخ جديد علينا فلم يعد هناك كهنوت يسمي سيد قراره.. ولم تعد هناك قدسية للظلم بكل انواعه ولكن نحن نحمل للقضاء تقديرا خاصا ونضعه في مكانه الصحيح ونقدر مجلس الشعب ونوابه ولا نطلب إلا ان يكون الحوار مترفعا والخلاف علي مستوي النخبة التي كانت دائما من مفاخر مصر التي تعتز بها. استخدام الأسلحة الثقيلة بين البرلمان والقضاه ألحق الضرر بالاثنين معا والمطلوب قليل من الحكمة.

العدالة الانتقالية

بقلم: د.عبد المنعم سعيد عن الأهرام

تردد منذ نجاح ثورة يناير تعبير العدالة الانتقالية للتعامل مع النظام الذي كان قائما قبلها‏.‏ وجاء التعبير مستعارا من تجربة ثورات جرت في قارات مختلفة‏.

وحاولت أن تخط طريقا وسطا بين العدالة الطبيعية التي تقوم علي القوانين السائدة في البلاد; والعدالة الثورية التي تأخذ مسارا استثنائيا يعاقب النظام الذي تمت الثورة عليه علي ما اقترفت يداه من آثام. العدالة الانتقالية هنا جاءت لكي تحل معضلة أن القوانين السائدة كانت في الأصل من صنع الجناة السابقين, بل أن القاضي الطبيعي هو أيضا وجد استنادا إلي نظم سابقة لم تكن بالضرورة عادلة. ومن جانب آخر حل معضلة المحاكم الثورية أو الاستثنائية علي وجه العموم والتي يمكن فيها الالتباس بين العدالة والانتقام, والقصاص بإزاحة جماعة سلطوية وإحلال أخري مكانها لها نفس الصفات, وإن اختلفت في التوجهات.

قيل لنا هذا ولكننا نادرا ما تعمقنا في الأمر, ولم نعرف أن المفهوم في الأدب السياسي والقانوني تطور مع الزمن منذ الحرب العالمية الثانية وحتي الآن. فالتاريخ يعود بالمفهوم إلي محاكمات نورمبرج التي حاولت القصاص من الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا والعسكرية الإمبراطورية في اليابان عما ارتكبوه من جرائم قبل الحرب وأثناءها. ولكن العقود القليلة الماضية أضافت للمفهوم ما هو أكثر حيث نزعت عنه سمات تصفية المنتصر لحساباته مع المهزوم, وأضافت له قيم حقوق الإنسان ضد عمليات القتل الجماعي والإبادة والتطهير العرقي. وظهر ذلك جليا في المحاكمات الخاصة بالبلقان, والحروب الأهلية في إفريقيا حيث جارت جماعات علي جماعات أخري. ولكن العقد الأخير أخذ المفهوم خطوة أخري إلي الأمام حينما ربطه ربطا جازما مع العملية الديمقراطية كلها, بما فيها زرع الشجاعة في الشعوب والأمم لكي تأخذ تاريخها بأيديها, فتعرف مزالقها, ومناط العنف فيها, وكيفية معالجة الظلم وإقامة العدل في مناخ من المصالحة والاعتراف بالذنب والخلاص من المعصية. هنا يعدل المجتمع مع نفسه أولا, ومع الضحايا ثانيا, ولكنه لا يستبعد حتي الجناة الذين خرجوا أيضا من رحم الشعب والأمة.

مثل هذا الإطار العام لا يبقي أبدا معلقا, ولكنه يظل جزءا من بيئة بعينها; وفي الحالة المصرية لا يمكن استجلابه ما لم يقف التاريخ علي استقامته, وتروي قصته بنزاهة كاملة وصدق شامل, ويلاحظ بجلاء مدي التداخل الذي جري بين الدولة القديمة وزمن ما بعد الثورة حيث بقيت الدولة رغم ما أصابها من عطب بناء علي رغبة الثوار أنفسهم أحيانا حتي ولو ثاروا عليها في أحيان أخري.

كأنك ما غزيت!

بقلم:فهمي هويدي عن الشروق المصرية

حين تتزامن الدعوة إلى مقاطعة التصويت على الانتخابات الرئاسية المصرية مع تصعيد الحملة على المرشح الدكتور محمد مرسى، فإن ذلك لا يدع مجالا للشك فى أن المقاطعة تخدم منافسه الفريق أحمد شفيق. لم يصرح أحد بذلك بطبيعة الحال، ولكن أى تحليل منطقى يوصل إلى تلك النتيجة. خصوصا إذا وضعنا فى الاعتبار طبيعة وحجم القوى التى تقف وراء كل منهما. وهو ما نبهت إليه التغريدة (التويته) التى نشرتها صحيفة «التحرير» أمس (10/6) وسخر فيها صاحبها (أحمد منعم) من الدعايات التى تروج هذه الأيام قائلا (بالعامية التى توليت صياغتها بالفصحى): لو انتخبنا مرسى فلن نستطيع ان نخلعه لأن وراءه جماعة، أما إذا انتخبنا الفريق شفيق فإن ذلك سيكون سهلا للغاية، لأن الذين وراءه ليسوا سوى الجيش والشرطة وأمن الدولة والحزب الوطنى والمخابرات: (لم يذكر جهاز الإدارة ولا الإسرائيليين والأمريكان أو دول «الاعتدال» العربى التى تحالفت مع مبارك).

سلط الشاب صاحب التغريدة الضوء على نقطة إما غابت عن كثيرين أو أن البعض تكتمها وحرص على ألا يلفت الانتباه إليها. ذلك أن الصراع فى الحملة الانتخابية الراهنة يدور فى حقيقة الأمر بين الماكينة الدعائية والإعلامية إضافة إلى الجموع الموالية لكل من المرشحين. وهذا الصراع يستهدف الملايين الواقعة فى الوسط، ولم تصوت لهذا المرشح أو ذاك. وهناك وسيلتان لجذب أو إبعاد تلك الملايين. واحدة تدعو إلى المقاطعة وإبطال الصوت، والثانية تعمّد تشويه أحدهما للآخر.. وهو ما لم يقصر فيه الفريق شفيق.

فكرة المقاطعة تنطلق من رفض المرشحين الاثنين بعد وضعهما فى كفة واحدة، واعتبار أن كلا منهما أسوأ من الآخر. وذلك تصور مغلوط معرفيا وقاصر سياسيا. وكنت قد ذكرت من قبل أنه حين قامت الثورة فإن الدكتور مرسى كان فى السجن، بينما كان الفريق شفيق على رأس الحكومة. من ثم فإن المساواة بينهما لا تفرق بين السجين والسجان، ثم إن الأول كان واقفا فى مربع الثورة، فى حين كان الثانى منخرطا فى قمع الثورة. ناهيك عن أن تغريدة الشاب التى ذكرتها كافية فى التدليل على القوى التى تقف وراء كل منهما.

من الناحية السياسية، فإننى استغرب موقف بعض المثقفين والرموز السياسية الذين قاموا بتبسيط المسألة وقرروا الإضراب عن التصويت، واختاروا الجلوس فى صفوف المتفرجين بحجة أنهم لا يريدون المشاركة فى «إثم» التصويت لأى منهما. وهو أمر لا يستقيم ولا يفهم حين يتعلق الأمر بمصير الوطن ومستقبله، بل ومصير الثورة ذاتها. ذلك ان الاختبار الحقيقى للسياسى لا يكون بتخييره بين الجيد والردىء أو بين الأبيض والأسود. حيث ذلك أمر بمقدور كل أحد. ولكن كفاءته تقاس بقدرته على التميز بين ما هو سىء وأسوأ، والقبول بالسىء مؤقتا لتجنب مضار الأسوأ.

إننى لا أتصور سياسيا فى موقع المسئولية يواجه موقفا من ذلك القبيل، فيؤثر الانسحاب ويغادر الساحة لكى يقعد فى بيته. وهو إذا فعلها فإنه بذلك يعلن عن قصور خياله السياسى وعجزه عن اتخاذ القرار فى المواقف الصعبة.

إن النتيجة الطبيعية للمقاطعة أو إبطال الصوت هى إضعاف الطرف المنتسب إلى الثورة، وترجيح كفة الطرف الممثل للثورة المضادة. ليس ذلك فحسب وإنما إذا استمرت الأمور على ذلك النحو، فإننا سوف نعيد إنتاج معادلة الصراع بين السلطة والإخوان المستمرة منذ أكثر من 60 عاما. وسنجد أن أغلب عناصر العلمانيين والليبراليين واليساريين قد عادوا إلى موقفهم التقليدى الذى انحاز إلى صف الاستبداد للسلطة، مدفوعين فى ذلك بكراهيتهم للإخوان، ومسقطين من حسابهم أية مصلحة وطنية عليا. بل وغاضين الطرف عن الممارسات البائسة للسلطة على صعيد السياسة الخارجية، وقد تابعنا إرهاصات تلك السياسة فى خطاب الفريق شفيق، الذى بدأ مشتبكا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومهادنا لإسرائيل، التى لم تخف حفاوتها البالغة باحتمالات انتخابه رئيسا لمصر لتستعيد بوجوده «كنزها الاستراتيجى».

إذا أطل الناظر على الساحة السياسية المصرية الآن فسيجد فيها ثلاث قوى هى: الحزب الوطنى الذى لاتزال له امتداداته فى أرجاء مصر ــ والإخوان ــ وقوى الثورة. وإذا جاز لنا أن نمد بصرنا إلى ما بعد السنوات الأربع الأولى التى هى مدة الرئاسة، فسوف يتراءى لنا مشهدان، إذا انتخب الدكتور محمد مرسى فستكون القوى الموجودة فى الساحة هى الإخوان وقوى الثورة. أما إذا انتخب الفريق شفيق فإن ذلك سيؤدى إلى تنشيط مختلف عناصر الرفض وأركان الثورة المضادة، مستغلة فى ذلك إمكانات الدولة لتثبيت أقدامها وتصفية أو قمع قوى الثورة المضادة، الأمر الذى سيسفر بعد السنوات الأربع عن مشهد تختفى فيه قوى الثورة، وتتم استعادة المواجهة بين الإخوان والحزب الوطنى ــ وكأنك يا أبوزيد ما غزيت!

يوم رجع الزعيم عن قراره

بقلم:عماد أبو غازي عن الشروق المصرية

أتذكر جيدا هذا اليوم الذى ألقى فيه عبدالناصر خطاب التنحى الشهير، وكلف فيه زكريا محيى الدين برئاسة الجمهورية.

(ملاحظة هامشية حتى فى هذه اللحظة العصيبة التى انتهت سياسات النظام إلى هزيمة مروعة، لم يترك رأس النظام للشعب الاختيار بل قرر نيابة عنه من يخلفه فى الرئاسة).

ما إن انتهى الخطاب حتى انطلقت فى سماء القاهرة أضواء طلقات المدافع المضادة للطائرات، وكان الوقت قد اقترب من المغرب، وهى المدافع التى لم يسمعها سكان القاهرة طوال أيام الحرب الأربعة السابقة، توالت الأخبار عقب الخطاب: استقالة المشير عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة واستقالة السيد شمس بدران وزير الحربية، لحظات بعد انتهاء الخطاب بدأت الجماهير تتدفق إلى الشوارع بأعداد قليلة سرعان ما تزايدت فامتلأت شوارع مصر بالملايين من المواطنين؛ انه المشهد الذى عبر عنه المخرج الكبير يوسف شاهين فى فيلم العصفور ببراعة، خرج الملايين يرفضون قرار الرئيس عبدالناصر بالتنحى ويطالبونه بالبقاء رئيسا للجمهورية، فى ظاهرة فريدة وغريبة لا أظنها تكررت فى التاريخ فى أى من بلدان العالم، فعندما تهزم قيادة سياسية وعسكرية فى معركة من المعارك أو حرب من الحروب لابد أن


إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً