تقدير لتغلغل تنظيم القاعدة في ليبيا
الاثنين 7/3/2011
تقدير موقف
تنظيم القاعدة في ليبيا
عادة ما يستغل تنظيم القاعده الاحاث الامنيه التي تعصف بالدول من اجل ان يمد جذوره فيها مستغلا حالة الفوضى التي تحدث من اجل الحصول على السلاح وايجاد مناطق نفوذ .
في ظل ما يحدث في ليبيا ما هي فرصة القاعده في ليبيا ؟ وهل سيتكرر سيناريو العراق ؟
يعتقد بعض الخبراء في الشأن الليبي أن العقيد القذافي يستخدم خطر استيلاء الإسلاميين على السلطة كفزاعة ويبالغ في ذلك بغرض كسب تعاطف الولايات المتحدة ، وواقع الامر فإن القذافي ينظر إلى تنظيم القاعدة منذ فترة طويلة باعتباره تهديداً خطيراً لحكمه، وكان هو أول من طلب إصدار أمر بالقبض على أسامة بن لادن من خلال الانتربول، الا ان بعض مما قاله القذافي (برأي محللين) حول خطر القاعدة صحيح، فالقاعدة تجد في الفوضى مكانا خصبا للتغلغل وتشكيل خلايا نشطة، وتفكك الجيش والقوات الأمنية الليبية توفر فرصة ذهبية لها، وقد يتكرر سيناريو ما حدث في العراق لا سيما وأن التيار الإسلامي في ليبيا هو تيار متطرف متأثر بفكر القاعدة خلافا لحركة الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس اللتان تتميزان بالمرونة نسبيا.
وفي حالة تغلغل القاعدة في ليبيا (بحسب محللين) فإن سيناريو إحتلال أمريكي لليبيا وارد جدا، لأن القوى الغربية مهتمه جدا باستمرار تدفق النفط الليبي، وإن صبر هذا القوى سينفذ عاجلا فيما لو توقف تدفقه او تعرض لخطر سيطرة قوى معادية للغرب على الرغم من تكفل السعودية بتغطية العجز في الامدادات النفطية
ومن الجماعات المرتبطة بالقاعدة في ليبيا "الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة" التي شكلها قدامى المحاربين ضد السوفييت في أفغانستان، وهذه الجماعه هي امتداد لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التابعة للشبكة في شمال إفريقيا والتي سارعت إلى تأييد الانتفاضة الليبية.
ولكن السؤال: هل استفادت القاعدة التي تمتلك أفضل المهارات التنظيمية فعلا من حالة الفوضى التي تشهدتها ليبيا وتمكنت من التسلل الى البلاد؟؟
يقول مالينوفسكي مدير هيومن رايتس ووتش في واشنطن، والذي شارك في العديد من الاجتماعات في البيت الأبيض حول الأزمة الليبية ، "إن طبيعة المجتمع الليبي القبلي وغياب مؤسسات المجتمع المدني تدعو للقلق من تغلغل القاعدة في مناطق عدة في ليبيا "
و قالت ليزا اندرسون، رئيسة الجامعة الأميركية في القاهرة والخبيرة في شؤون ليبيا " إنه سيكون هناك لا محالة فراغ سياسي ، مما يوحي بأن هناك احتمالات كبيرة لحدوث فترة عنيفة من تصفية الحسابات وانتشار منظم للقاعدة في المناطق التي فقد القذافي السيطة عليها".
ويرى فريدريك ويهري المحلل السياسي البارز في مؤسسة راند الامريكية أن تنظيم القاعدة قد يحاول استغلال الاضطرابات القبلية بايجاد موطئ قدم في مساحات واسعة من ليبيا لا تسيطر عليها الحكومة في الجنوب الغربي من البلاد بالقرب من الحدود الجزائرية ، ولفت ويهري الى ان الإسلام الصوفي ، وهو شكل باطني للدين يحظى بشعبية كبيرة بين الليبيين، كما اعرب عن اعتقاده أن القاعدة ماهرة جداً في استغلال المظالم القبلية لا سيما في الجنوب "
و نفى مصطفى محمد عبد الجليل وزير العدل السابق الذي شكل تجمعا معارضا للنظام في بنغازي وجود خلايا للقاعدة في ليبيا وقال في تصريح للجزيرة " ليس هناك إمارة إسلامية أو تنظيم القاعدة في أي مكان . هدفنا الوحيد هو تحرير ليبيا من هذا النظام والسماح للشعب لاختيار الحكومة التي يريدها " .
ظهر شريط منسوب للرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في نوفمبر 2007 وهو يقول إن تنظيما ليبيًا قد التحق بتنظيم بالقاعدة.
وفيه دعا الظواهري من أسماهم بالمجاهدين إلى إسقاط زعماء دول المغرب العربي وهي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب. وقال :"تشهد الأمة المسلمة خطوة مباركة طيبة، ها هي كوكبة من أفاضل الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا يعلنون انضمامهم لجماعة قاعدة الجهاد استكمالا لمسيرة إخوانهم".
كما عرض الظواهري في التسجيل متحدثا آخر قال إن اسمه الحركي هو أبو الليث، وأنه زعيم الجناح الليبي لتنظيم القاعدة، حيث أعلن الأخير التحاق التنظيم الليبي للقاعدة.
وكان التنظيم الملتحق بالقاعدة، وهو الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا، قد أعلن عن نفسه أول مرة عام 1995 وقال إن هدفه هو الإطاحة بنظام حكم الزعيم الليبي معمر القذافي. وقد وقعت مواجهات بين أفراد التنظيم وقوات الأمن الليبية لعدة أعوام، إلا أن العديد من زعمائه اعتقلوا في ليبيا والخارج.
وقد أضيفت الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا في عام 2001 إلى قائمة الأمم المتحدة للأفراد والمؤسسات المنتمية أو المرتبطة بتنظيم القاعدة.ولكن الأكثر غرابة أن فزاعة القاعدة التي أشاعها القذافي ونجله جاءت في أعقاب سلسلة مفاوضات سلام بين الطرفين، نتج عنها إطلاق سراح عدد من هولاء (!) .. فنجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي كان قد تولى فتح ملف الجماعة المقاتلة، وقاد معهم حوارات مطولا بداية منذ عام 2007 عبر وساطات من بعض الدعاة، على رأسهم الدكتور علي محمد الصلابي، أسفر عن نشر الجماعة مراجعاتهم الفكرية التي كانت مقدمة لبداية الإفراج عن معتقلي الجماعة.
وقد أعلن هو (سيف الإسلام) في مارس 2010 : "الدولة الليبية تعلن إطلاق 214 سجينا من الجماعات الإسلامية، بينهم 100 عنصر لهم علاقة بالمجموعة الموجودة في العراق و34 عنصرا من عناصر الجماعة الإسلامية المقاتلة".
ولكن مع اندلاع الثورة الشعبية في فبراير 2011 والحاجة لتحميل جهة ما مسئولية ما جري بهدف صرف الأنظار عن حقيقة أنها ثورة شعبية، لم يكن هناك أنسب من اتهام تنظيم القاعدة بأنه وراء الأحداث، ومخاطبة الغرب – عبر رسائل القذافي ونجله الخطابية – أن إنهاء حكم العقيد ونجله معناه سيطرة القاعدة علي ليبيا ونشوء إمارات إسلامية علي ضفة المتوسط تنقل الإرهاب لفرنسا وإيطاليا وكل أوروبا فضلا عن السيطرة علي نفط ليبيا !.
وجاء اختيار القذافي لـ (القاعدة) تحديدا لا الإخوان مثلا – كما فعل بن علي ومبارك – لأنه تنظيم مسلح له عداء وثأر مع الغرب، كما أن فرنسا أعلنت لتوها دخولها في حرب مع هذا التنظيم الذي قتل رهائن فرنسيين في النيجر .
ففرنسا اتخذت في أغسطس 2010 الماضي قرارا بالدخول في حرب مفتوحة على "القاعدة" في الشمال الأفريقي بعد مقتل الرهينة الفرنسي ميشيل جرمانو ردا على غارة عسكرية فرنسية موريتانية مشتركة ضد مسلحين متشددين، وبرغم أن الهدف الفرنسي ربما يكون لعبة الاستراتيجية ومحاولة لمزاحمة الوجود الأمريكي في قارة كانت محسوبة تاريخيا على باريس، فهذا القرار يخدم نوايا القذافي بعدما أعلنت فرنسا أنها تريد خنق "القاعدة" في صحراء مالي والنيجر وموريتانيا والجزائر .
فمثلما لم تجد باريس حلا لتعطي مشروعية لعودتها إلى أفريقيا سوى ملف "القاعدة" والغيرة على "أمن المنطقة" باعتبارها الحزام الذي يحمي أوروبا أو يغرقها في الأزمات، لم يجد القذافي وشركاه حلا للهرب من سقوط حكمه والاستعانة بخدمات الغرب لمنع انهيار حكمه سوي فزاعة القاعدة، التي ثبت أنها هي وفزاعة الإسلاميين عموما شماعة فاشلة للنجاة من بركان الثورة الشعبية .
وبرغم التحذيرات من القذافي ونجله والخارجية الليبية أن تنظيم القاعدة المسلح وزعيمه "أسامة بن لادن" يهدف لإقامة "مركز لهذا التنظيم في ليبيا، بدلا من أفغانستان وباكستان والاستدلال علي هذا بظهور ما سمي بـ(إذاعة إمارة البيضاء الإسلامية) في مدينة البيضاء التي حررها الثوار، فلم يكترث الغرب كثيرا لهذا .
ففي العام الماضي وعندما قام تنظيم القاعدة في المغرب العربي – بخلاف الجماعة الليبية المقاتلة – بثماني عمليات خطف في غضون ستة أشهر ووافقت بعض الدول علي دفع فدية، ذكرت صحيفة “فانكوفر صن” الكندية” أن أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي موسي (موسى كوسا) قال إن”الفدية” التي دفعت للإفراج عن اثنين من الدبلوماسيين الكنديين المخطوفين لدى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قد زادت من قوتها في أفريقيا.
وقال كوسا - وفقا لبرقية دبلوماسية أمريكية نشرتها ويكيليكس- إن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تعمل على توسيع نفوذها في حزام الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا، ووصف كوسا عملية دفع الفدية بأنها “مؤسفة وزيادة فقط على قوة القاعدة”.
وجاءت تصريحات كوسا وفقا لبرقية دبلوماسية أمريكية مؤرخة في عام 2009 والتي نشرتها موقع “ويكيليكس”، بشأن الإفراج عن الدبلوماسيين الكنديين المخطوفين وهما “لوي غواي” و”روبرت فاولر” الذي كان قد عين مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى النيجر في ديسمبر عام 2008، واللذين بقيا محتجزين قرابة “130″ يوماً لدى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قبل أن يطلق سراحهما.
فالغرب لا يزال يتشكك في نوايا نظام القذافي ولا يبقي علي التعاون معه سوي لضمان تدفق النفط، وعندما تبين لهم أن قسما كبيرا من حقول النفط تسيطر عليه القبائل المؤيدة للثورة ضد القذافي، وأن حكم القذافي يترنح والرهان عليه خاسرا لم يهتموا لحديثه عن فزاعة القاعدة لأن خطر القاعدة في ليبيا ليس أقل من خطرها في المغرب العربي ككل، وهم يدركون أن التدخل لن يكون ضد القاعدة إنما ضد الشعب الليبي الذي ثار لينال حريته وكرامته من أقدم حاكم عربي ظل في مقعده 42 عاما !.


رد مع اقتباس