[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG][IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]
في هذا الملف :
فلسطين... الهم والمسؤولية
كلوفيس مقصود – العربي الجديد
حقوق الفلسطينيين على الطريقة الإسلاموية
حسام أبو حامد– العربي الجديد
إسرائيل: تهديداتنا لم تُجدِ نفعاً
يحيى دبوق – الاخبار اللبنانية
اردوغان الى أين؟ نفاق ساسة الغرب بين السّر والعلن…
د. عبد الحي زلوم- راي اليوم
أوراق العام الجديد.. بين السلام والإرهاب..!؟
عبد السلام حجاب – الوطن السورية
دول متحالفة مع إسرائيل في التحالف الإسلامي «ضد الإرهاب»
تحسين الحلبي- الوطن السورية
أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة - المصــريـــة
عريب الرنتاوي – الدستور الاردنية
فلسطين... الهم والمسؤولية
كلوفيس مقصود – العربي الجديد
كانت احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم أهدأ منها في السنوات الماضية، وهذا دليل على تضاؤل الأمل بالانفراج. في المقابل، لا دليل على الاستقالة من الأمل في قيام دولة فلسطين. وربما عاد الهدوء إلى أن اللحظة مناسبة لإعادة النظر بصياغة استراتيجية متجددة للمقاومة، واستنباط وسائل مجابهة للسياسة الإسرائيلية المتبعة حالياً، والتي تلغي عملياً احتمالات قيام دولة فلسطينية مستقلة.
بمعنى آخر، علينا استبدال تسمية الضفة الغربية "محتلة"، لأنها أرض مغتصبة بالمستعمرات المسماة مستوطنات. لذا، لا مفر من عدم الاكتفاء بأنها غير شرعية، لأنها أرض تم الاستيلاء عليها بالمصادرة والاغتصاب.
لم تحترم إسرائيل مطلقاً اتفاقيات جنيف الرابعة التي لا تجيز أي تغيير أو تعديل داخل أي من الأراضي المحتلة. لذا، ينفي الاستيطان صفة الاحتلال، وبالتالي، إسرائيل مغتصبة، وحتماً ليست محتلة أراضي الضفة.
تزامن استمرار الاستيطان مع الاعتداءات المتكررة على القدس الشرقية يستهدف التمهيد لإلغاء احتمالها عاصمة لدولة فلسطين. وتنفيذاً للهدف الصهيوني الأساسي ضد احتمال قيام دولة فلسطين، وبالتالي قيام أية عاصمة لها. والجدير بالذكر أن لا واشنطن، ولا أيّ عاصمة أوروبية، صغرى أم كبرى، تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ماذا عن وضع غزة؟ اعتبرها شارون كياناً عدائياً بعد سحب قواته منها، ما يفسر حروب إسرائيل الثلاث على القطاع، مدركة أن الاستمرار في العدوان يسمح به أن مصر التي كانت راعية في القطاع لم تعد تحول دون الاعتداء على غزة، ولو أنها ساعدت الغزيين في النواحي الإنسانية.
السؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف على الفلسطينيين، والعرب إجمالاً، تفعيل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحويلها وقائع على الأرض، لكسب الوقت، والحؤول دون تمكين إسرائيل من الاستمرار في الاستيطان، وتحويله أمراً واقعاً؟
لا بد، هنا، من التنويه بقراري البرلمانين الإسباني واليوناني، قبل أيام، بالاعتراف بدولة فلسطين، إضافة إلى 136 دولة عضواً في الأمم المتحدة، أي أكثر من 70% من دول العالم. وهذا من شأنه أن يضاعف من مسؤولية الفلسطينيين والعرب، لتعزيز هذا الزخم الدولي، ورفع وتيرة التحرك لإنجاز الخطوات اللازمة على مختلف الصعد، لترجمة إقامة الدولة. وفي هذا السياق، المطلوب من الدول العربية وحلفائها، وهم أكثرية الأعضاء في الأمم المتحدة، القيام بحملة عالمية سياسية ودبلوماسية وإعلامية لمقاطعة إسرائيل، وطرح الموضوع بشكل جدي ومسؤول وواقعي، في ضوء دراسة قانونية كاملة، لا لإدانة إسرائيل فحسب، بل أيضاً لإجبارها على الانسحاب من الضفة الغربية، وتفكيك مستعمراتها، واحترام اتفاقية جنيف الرابعة، لكي تقوم الدولة الفلسطينية في الضفة وغزة بعاصمتها القدس الشرقية. وبذلك، على السلطة الفلسطينية القيام بحملة تعبئة عربية وعالمية، قبل أن تتمادى إسرائيل في استباحة الأرض والحقوق، كما هي فاعلة.
هذه المسؤولية تتحملها الشعوب العربية كافة، كما عودتنا، وعليها أن تستأنف تفعيل التزامها بالقضية الفلسطينية أولوية في نضالاتها اليومية. وعلى الحكومات العربية أن تجعلها أولوية في برامجها وسياساتها الخارجية والداخلية، وأن تقرّر منظمة التحرير الفلسطينية تفعيل نشاطات الدولة ومؤسساتها في الداخل والخارج، ومطالبة الأمم المتحدة بتنفيذ القرارات المعنية بالحقوق الفلسطينية، ليس فقط الصادرة عن الجمعية العامة، بل أيضاً أن تعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن، يمهد لقيام دولة فلسطين بأسرع الممكن.
فالجميع يدرك أن الولايات المتحدة، خصوصاً في هذه السنة التي ستشهد انتخابات رئاسية، مع ما رافق حملات أكثرية المرشحين من تأييد إسرائيل، استجابة لضغوط اللوبي الإسرائيلي، بحيث يكون ذلك عقبة غير سهلة في طريق قيام الدولة. ولكن، على العرب، وخصوصاً العرب الأميركيين وأصحاب الضمير، كائناً من كانوا، القيام بحملات إعلامية مكثفة، تتسم بالإصرار والجدية والموضوعية، وأن يمارسوا جميع الضغوط الممكنة على أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية وغيرها، كي يضعوا الوقائع على حقيقتها، بدل أن يتركوا الساحة خالية يستأثر بها اللوبي الإسرائيلي المدمن على تشويه الحقائق. فالمهم، في هذا الإطار، أن تتصرف بعثتا جامعة الدول العربية وفلسطين لدى كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة بشكل يعطي المصداقية لاحتضان الدول العربية والجامعة قضية فلسطين
حقوق الفلسطينيين على الطريقة الإسلاموية
حسام أبو حامد– العربي الجديد
في مجتمعات مسكونة بالأيديولوجي، الديني والسياسي، على حساب المعرفي والثقافي، يتحول أي طرح مخالفٍ لما هو مستقر في الوعي الجمعي، وترفعه الأيديولوجيا الدينية إلى رتبة المقدس، إلى موضوع للإدانة والتحريض على التكفير، بالحد الأدنى. وليس مستغرباً، أن يثير ما طرحه، أخيراً، الباحث والروائي المصري، يوسف زيدان، جدلاً واسعاً واحتجاجاً عنيفاً.
يذهب زيدان إلى أن المقصود بالمسجد الأقصى، المذكور في القرآن الكريم "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى..."، ليس المسجد الأقصى القائم حاليا في فلسطين، بل هو مسجد في طريق الطائف. ويقدم زيدان المبرّرات التي دفعته لتبني فرضية، وجدت فيها الأيديولوجيا الإسلاموية خطراً يتهدد الحق الإسلامي في المسجد الأقصى.
لا شك في أن تهافت زيدان على باب السلطان يشكل مأخذاً يصعب تجاهله، لكن كنا نأمل، مع ذلك، أن يناقش زيدان، كما هو مفترض، من موقع البحث العلمي الجاد والموضوعي، الذي وحده يخولنا قبول ما يقدمه أو تفنيده. أو على الأقل، التعامل معه من خلال القاعدة التي تركها لنا بعض السلف، وتقول" انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال".
لم يخالف زيدان نصاً قرآنياً صريحاً، بل اختلف مع اجتهاداتٍ بشريةٍ فسرت ذلك النص، مستنداً، في الوقت نفسه، إلى بعضها الآخر (الواقدي مثلاً). وكغيره من الباحثين، يلجأ زيدان عموماً، في دراسته التاريخ العربي الإسلامي ما قبل عصر التدوين (150 هـ)، إلى تطبيق منهجية لغوية ألسنية مقارنة على النصوص المتاحة، بما فيها النص القرآني، باتت ملاذاً أخيراً للباحثين في ظل انقطاعات تاريخية، نتجت عن ندرة المعطيات الأركيولوجية، مع استمرار تعذّر أعمال التنقيب في شبه الجزيرة العربية، لأسباب باتت مفهومة.
أما كتب التراث التي أرادت، منذ عصر التدوين الإسلامي، أن تُثبّت بدقّة (؟) ما حفظته الذاكرة الجمعية، من رواياتٍ ظلت متناقلة شفهياً، طوال حوالي قرنين، فإنها في مضمونها ومنهجيتها، تثير التساؤلات أكثر مما تقدم الإجابات. إذ حُكمت جهود المؤرخين، بعقيدة النظر إلى التاريخ بوصفه تحقيقاً للإرادة الإلهية في إدارة شؤون البشر، ولا سيما شؤون جماعة المؤمنين. ولم يؤرخ هؤلاء لماضيهم القصير نسبياً وحسب، بل ولماضي البشرية جمعاء، منذ لحظة خلق آدم، بما يتناسب وتصورات العقيدة الإسلامية، وبات من الصعب وضع خطوط فاصلة بين التفسير والتأريخ. وحين لم تفِ التقاليد المحلية الموروثة بالغرض، اضطر المؤلفون إلى استعمال التقاليد التاريخية الدينية، المسيحية، واليهودية الآرامية، التي لامست ما أشار إليه القرآن من مضامين تاريخية، في تصوراته حول خلق الكون والإنسان، وقصص الشعوب الماضية وأنبيائهم.
يقول ابن كثير في تفسيره: "والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب، مما يوجد في صُحفهم، كروايات كعب ووهب - سامحهما الله تعالى - فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل، من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان وما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ". فوهب بن منبه (34- 114هـ)، هو سليل أسرة يهودية يمنية، روى عنه مسلم والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي تفسيراً. أما كعب بن ماتع الحميري (كعب الأحبار)، وهو من أصول يهودية أيضاً، فكان مقرباً من كبار الصحابة، لاسيما عبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب، فروى عنه أبو داود والترمذي والنسائي.
"تتم إطاحة قيمة الأرض، باسم الحق الإلهي، فلا تعود لها قيمة في ذاتها، بل تستمده من ذاك الحق الممنوح لمسلمي الأزمنة المختلفة، حيثما وجدوا. ما يعني أيضا، إطاحة مفهوم الشعب وحقه في تقرير مصيره، طالما أصبح ذلك شأناً تقرّره السماء"
ويخبرنا الطبري، في تفسيره، عن حجم المكانة العلمية التي تمتع بها كعب الأحبار، حين ينقل "مناظرته" مع أم المؤمنين عائشة. فحين ذهب كعب إلى أن هارون أخا مريم ليس هارون أخا النبي موسى، كذّبته عائشة، فقال لها: "إذا كان النبي قال هذا فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة"، فسكتت أم المؤمنين.
لكن، وحتى مع هذا الإدراك المبكر، لاقتحام الإسرائيليات التراث الإسلامي، عند ابن كثير وغيره، استمر تدفق التراث التوراتي وتداوله إسلامياً، لتقوم الأيديولوجيا الإسلاموية المعاصرة، بإعادة إنتاج ذلك التراث على عواهنه، مع إصرارها على تحويل الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي إلى صراع ديني، يهودي إسلامي، الأمر الذي لا يشكل خطراً على الحقوق الإسلامية في فلسطين، وحسب، بل أيضا وخصوصاً، على حق الفلسطينيين في أرضهم.
لعل ابن عثيمين يلخص الخطوط العامة للأيديولوجيا الإسلاموية، بتياراتها المختلفة، والتي ترسم موقفها من القضية الفلسطينية. فيؤكد، أن بني إسرائيل كانوا أولى بالأرض المقدسة، التي كتبها الله لهم كتابة قَدَرِية لا شرعية، لأنهم كانوا أفضل أهل الأرض زمن موسى، و يقول: "لما تخلف الصلاح في هذه الأمة، صار هذا التسليط، تسليط اليهود على هذا الجزء من الأرض. فالواجب علينا أن نقاتل اليهود وغير اليهود ممن كفروا بالله، لا على أساس الأرض، بل على أساس العقيدة"، ويذهب إلى أن الحق اليوم لم يعد لبني إسرائيل مسلمي زمانهم، بل لمسلمي اليوم أتباع النبي محمد. (تفسير سورة المائدة، ج،1 ص 258 وما بعدها).
وفق هذه الأيديولوجيا، يصبح تاريخ الصراع على فلسطين حبيس دورات متتابعة، يتجلى فيها الحق الإلهي، مُتَبادَلا بين المُستحِقّين من مُسلمي الأزمنة المختلفة. بدأت أولى تلك الدورات بخسارة الفلسطيني، صاحب الأرض، حقه التاريخي فيها، لصالح حق إلهي مُنح لغزاة، يشفع لعدوانهم أنهم مسلمو ذلك الزمان. وفي دورة لاحقة، ومع الفتح الإسلامي، يحوز الفلسطيني حقاً في أرضه التاريخية، لا بوصفه فلسطينياً وصاحب الأرض، بل بوصفه مسلماً يحوز بدوره حقاً إلهيا. لكن، وبقدر ابتعاده عن عقيدته الإسلامية، أو "تخلف الصلاح"، بتعبير ابن عثيمين، بدأت دورة ثالثة، فقد معها حقه الإلهي في أرض المسلمين. أما ما ينبغي أن يكون إسلاموياً، وفي دورة أخيرة، هو العودة إلى الإسلام، عودة حصرية، على الطريقة الإسلاموية. وهكذا تتم إطاحة قيمة الأرض، باسم الحق الإلهي، فلا تعود لها قيمة في ذاتها، بل تستمده من ذاك الحق الممنوح لمسلمي الأزمنة المختلفة، حيثما وجدوا. ما يعني أيضا، إطاحة مفهوم الشعب وحقه في تقرير مصيره، طالما أصبح ذلك شأناً تقرّره السماء. أما النتيجة النهائية لهذا وذاك، فهي إطاحة التاريخ والجغرافيا في آن معا.
عبر أسطورة الحق الإلهي الذي مَنَحَ "أرضاً بلا شعب لشعبٍ بلا أرض" حاولت الحركة الصهيونية الالتفاف على حقائق التاريخ. وكان من فضائل الثورة الفلسطينية المعاصرة التي فقدت، اليوم، بعضها للأسف، إلحاحها على علمنة القضية الفلسطينة، إدراكاً منها لضرورة تفنيد تلك الأساطير تاريخياً وعلمياً، فكان المسيحيون والدروز والمسلمون، وربما غيرهم، بمقدساتهم ورموزهم، شعباً واحداً، فلسطينيين أصحاب الأرض، يملكون وحدهم حق تقرير مصيرها ومصيرهم.
ولعلنا نتساءل، أيهما أشد خطراً على مفهوم "الحق"، هل هي طروحات يوسف زيدان أو غيره من الباحثين، أم الاستناد إلى تراثٍ لم يُراجعه بما فيه الكفاية، وفق المنهجيات العلمية الحديثة، من يؤكد إمكانية التوفيق بين الإسلام والحداثة؟ ألا تكاد تجمع كتب التراث على أن أول من بنى المسجد الأقصى هو نبي بني إسرائيل سليمان بن داود؟ ألم تؤسس تلك الكتب المتأثرة بالإسرائيليات لمطابقة بين "صرح سليمان" المذكور في القرآن، و"بيت سليمان أو الهيكل" المذكور في التوراة، والذي بقي اعتقاداً إسلامياً (سنياً وشيعياً) متداولا حتى عام 1948؟ (انظر مثلا: ناصر خسرو في "سفر نامة"، وابن عاشور في "التحرير والتنوير").
أي طروحات تخالف تلك النظرة الجامدة إلى التراث، وتلقي في ركوده حجراً، لا تهدد حقوقا إسلامية، بل تهدد، في الواقع، تلك الأيديولوجيا الإسلاموية القائمة على نظرية الحق الإلهي، والتي يتناسى أصحابها أنه، باسم هذا الحق، استوطنت إسرائيل أرض فلسطين التاريخية، فاقتلعت البشر والشجر، وتطالب اليوم بالاعتراف بها "دولة يهودية"، وباسمه، تجزّ "داعش" الرقاب، وتسبي النساء، وتقتلع من الوطن البشر وتاريخهم.
مع ذلك الإصرار الأيديولوجي المستمر على نقل الصراع على فلسطين، من أرضية تاريخية حقوقية، قومية ووطنية، إلى أرضية دينية، تحت عنوان الحق الإلهي الذي يحوزه الأكثر "إسلاماً"، كان من الطبيعي، أن تُشَرّع الأبواب لزج القضية الفلسطينية في صراع سياسي مذهبي، أخذت معالمه تتضح يوماً بعد يوم. .. كان الله، ومن بعده التاريخ، في عون الفلسطينيين
إسرائيل: تهديداتنا لم تُجدِ نفعاً
يحيى دبوق – الاخبار اللبنانية
بدت إسرائيل، أمس، بعد كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في أسبوع الشهيد سمير القنطار، في حالة صدمة وإرباك. إعادة التأكيد على الالتزام بالرد «مهما كانت التبعات»، كانت كافية لدفع المسؤولين الاسرائيليين الى الانكفاء، بعد يومين من التهديد والوعيد.
الصمت الرسمي، بعد كلمة نصرالله، قابلته تغطية إعلامية إسرائيلية لافتة، إذ تسابق المحللون والمعلقون في مختلف وسائل الاعلام على تحليل مضمون الكلمة وأبعادها، مع شبه إقرار بأن إسرائيل أخطأت في تقدير ردّ فعل حزب الله. وكان التشديد لافتاً على عبارتَي «مهما كانت التبعات»، وان على إسرائيل أن «تقلق على الحدود وفي الداخل والخارج».
تحت عنوان «إسرائيل تستعد ونصرالله يهدد»، لفتت القناة العبرية العاشرة الى أنه للمرة الثانية في أقل من أسبوع، يعود نصرالله ويؤكد على الرد، وفي ذلك رسالة الى اسرائيل بأن كل التحذيرات والتهديدات لا تجدي نفعاً. وأشارت الى أنه سواء أحبّت اسرائيل ذلك أو لا، فإن «نصرالله يعرف كيف يخطب وكيف يهدد. والسؤال هو: ما الذي سيفعله عملياً؟ التقديرات تشير الى أنه سيرد، بل ويمكن أن يكون الردّ في الجولان نفسه (...) في إسرائيل لم يفهموا أهمية سمير القنطار من ناحية حزب الله. نصرالله ألزم نفسه بالرد، والرد سيأتي».
القناة الثانية أشارت الى أن «نصرالله لا يريد أن يسمع التهديدات والتحذيرات والتلميحات الاسرائيلية بأنه سيدفع ثمناً باهظاً إذا قام بالانتقام». وأضافت: «نصرالله ردّ على وزير الامن موشيه يعلون، وعلى تهديدات أخرى سمعها من اسرائيل، ولسان حاله يقول: أنا ألزم نفسي علناً بالرد. والسؤال يبقى فقط حول كيف وأين؟».
وأشارت القناة الى أن حزب الله يتابع كل ما يحدث في إسرائيل، «ولديهم منظومة كاملة متكاملة لرصد الوضع في إسرائيل وتصريحات ومواقف المسؤولين فيها، وصولاً الى تتبع مواقع التواصل الاجتماعي ورصد شبكات المحادثة مثل الواتساب وغيره. ونصرالله يطّلع يومياً، وربما كل نصف يوم، على ما يقال ويحدث في اسرائيل».
وكان يعلون قد استبق أسبوع الشهيد القنطار بجملة تهديدات لحزب الله وأمينه العام. وحذّر في حديث الى القناة الثانية من الرد وتبعاته، وقال: «أنا لا أريد أن أتحدث عمّن اغتاله (القنطار) أو لم يغتله. لكن من فعل ذلك عرف جيداً من هو سمير القنطار»، وأكّد «أننا نتعامل بجدية مع مسألة الرد. لكن آمل أن يكون حزب الله قد تعلم من حرب لبنان الثانية، وأنه لم يقدّر في حينه ردّنا بشكل جيد». وأضاف: «لقد تبنّى (نصرالله) القنطار، وهو بذلك يتبنّى المسؤولية عن خمس عمليات ضد إسرائيل في الجولان، ولهذا السبب فليُعد حساباته، وليُعد الايرانيون أيضاً حساباتهم، وهم الذين يحاولون فتح جبهة في الجولان».
وسبق كلام يعلون كلام لرئيس أركان الجيش الاسرائيلي غادي ايزنكوت أكّد فيه أن اسرائيل قادرة على مواجهة التهديدات المقبلة من الشمال وأي تهديدات أخرى.
وإضافة الى كلام يعلون وايزنكوت، أولى الاعلام العبري تقرير صحيفة «القبس» الكويتية أهمية واسعة، الى حدّ كاد يكون تبنّياً مباشراً لما ورد فيها. وعدّ المحللون تقرير الصحيفة، الذي نقل تهديداً مباشراً عبر «دبلوماسيين غربيين بأن إسرائيل ستشنّ حرباً في حال ردّ حزب الله»، أنه جزء من التهديدات والرسائل المرسلة الى الحزب لثنيه عن الرد.
بعد كلمة نصرالله أمس، كان الجامع المشترك لدى وسائل الاعلام العبرية ومعلقيها، وسط صمت رسمي، خطأ التقديرات الابتدائية لتل أبيب التي يبقى عليها أن تنكفئ وتمنع جنودها ومستوطنيها من الظهور العلني على الحدود، علّها تحدّ من خسائرها المرتقبة، لأن «الردّ آت وحتمي»، و»مهما كانت التبعات»
اردوغان الى أين؟ نفاق ساسة الغرب بين السّر والعلن…
د. عبد الحي زلوم- راي اليوم
نظمت قناة الجزيرة ندوة عن الربيع العربي بتاريخ 16/3/2013. جمعت فيه أكثر الشخصيات المؤثرة فيه، مع جمع من الاعلاميين والاكاديميين وكنت أحد المدعوين لالقاء كلمة عن اي لون من الاقتصاد ينبغي عن اصحاب الربيع العربي اتباعه. بالاضافة الى المتكلمين كان هناك جمع مختار ملئ قاعة المؤتمرات في فندق الدوحة شيراتون حيث كانت الكلمات يتم نقلها على الهواء مباشرة . كان من بين المدعوين الدكتور حارس سيلوجوليك . Haris Silojolzic رئيس وزارء البوسنة بين سنوات 1993-1996 ايام التطهير العرقي لمسلمي البوسنة من الصرب وكنت اجلس الى جانبه مباشرة . في كلمته من على المنصة بيّن الدكتور حارس كيف ان الغرب كان يحابي الصرب بل يحمي عمليات تطهيركم العرقي ، وكيف سعوا بعد ذلك لتفتيت البوسنة . عندما رجع الى مقعده ذهب متكلم اخر على الهواء. أبديت ملاحظتي على كلمة الدكتور حارس كتابة حيث كتبت ” ربما عاملوكم كذلك لانكم مسلمون . مشكلتكم أنكم مسلمون ، الاتحاد الاوروبي أعرب انهم لا يرغبون بدولة اسلامية في اوروبا ) . اعطيته الورقة فكتب مباشرة : هذا ليس سراً ، فقد كتبه المؤلف Taylor Branch في كتابه Clinton Tapes (قال كلينتون : كما جاء في كتاب (Clinton Tapes) للمؤلف تايلور برانش بأن حلفائه الاوروبين لا يرغبون بدولة اسلامية في اوروبا مسيحية) . في فترة الاستراحة وتوقف البث المباشر وقفنا لاكمال ما بدأناه كتابة. كان اعجاب الدكتور حارس شديداً برجب طيب اردوغان . قلت أني أشاركه الاعجاب في نواحي عديدة في شخصية اردوغان ليس اقلها أنه اداري فقط يقال عنه أنه نظيف اليد ويحارب الفساد لكني اخاف على انجازاته الاقتصادية أن تذروها الرياح . ذلك لانها في النهاية رهينة الى عدد قليل من الاصحاب الحقيقين للنظام العالمي الرأسمالي القابعين في وول ستريت . وسأتي الى تفصيل ذلك في اخر هذا المقال . لم يسعفنا الوقت لاستكمال الحديث سوى أنه عبر عن اعتفاده بأنه ( الرجل واعي وصاحي) .
عند عودتي من الدوحة اشتريت كتاب Clinton Tapes واجد من المفيد أن اترجم بعض المحادثات التي تتم بين الكواليس في الغرف المغلقة عن الاسلام والمسلمين قبل عشر سنوات قبل أن شنو حربهم على العالم الاسلامي تحت أكذوبة الحرب على الارهاب منقولة عن الرئيس الأمريكي كلنتون..
في الصفحة (9) و(10) من الكتاب المذكور يقول كلينتون :”خلال اسابيع توصلت الادارة (الامريكية) الجديدة الى ضرورة تخفيف الحظر الدولي المفروض على السلاح لتلك المنطقة لان الحظر يعاقب الضعيف والضحية وهي دولة البوسنة فدولة البوسنة ذات الاغلبية المسلمة كانت محاصرة ولا تستطيع تهريب السلاح عبر الحدود . كانت البوسنة تطالب برفع الحظر لشراء السلاح للدفاع عن النفس لعل تعادلاً في الموقف العسكري بين المتحاربين يتيح الفرصة لحل سياسي “. يضيف كلينتون : ” ان حلفاء الولايات المتحدة الامريكية عارضوا ذلك بشدة. برروا معارضتهم لاسباب انسانية لان السلاح الاكثر سينتج عنه ضحايا أكثر ، ولكن في السر قالوا أن البوسنة المسلمة ستكون غير طبيعية كالدولة المسلمة الوحيدة في اوروبا . لقد اصروا على الابقاء على الحظر لانه يحابي الصرب ويحافظ على عدم التوازن الراهن. في واقع الامر استعمل الاوروبيون جنود حفظ السلام كدرع لمساعدة الصرب في اكمال تقطيع اواصر البوسنة ” . اضاف كلينتون :” الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران كان في منتهى الصراحة حين قال: لا مكان للبوسنة بيننا وان كبار المسؤولين البريطانيين اصروا على ضرورة استعادة اوروبا المسيحية.”
في صحفات لاحقة من الكتاب نفسه يقول الرئيس كلينتون أن من اكثر ما اثاره من استغراب هو أن الامين العام للامم المتحدة بطرس بطرس غالي المصري العربي كان يشارك الاوروبيين في نظرتهم المعادية للبوسنة ودولة مسلمة في اوروبا !
إن التزاوج بين بعض الحركات الاسلامية والرأسمالية الأمريكية في الفترة الماضية محكوم عليه بالفشل من بدايته. يتم إستعمال الحركات الاسلامية تلك، ربما بحسن نية من طرفها أو سوء تقدير يتم استغلالها مرحلياً ثم تهميشها أو البطش بها. في كتابي عن الربيع العربي والذي نشر قبل شهور من الانقلاب على مرسي كتبت:
” عمل العسكر في المجلس العسكري الاعلى ثمانية عشر شهراً كل ما بوسعهم للإبقاء على ثوابت نظام مبارك مستعملين أجهزة مبارك القضائية والأمنية والإعلامية. حتى ان رئيسي الوزراء في عهد المجلس العسكري كانا من عهد حسني مبارك. …وحيث أن التنظيم الوحيد الذي كان على الأرض قادراً على التنظيم هو جماعة الاخوان المسلمين، فقد تعاون العسكر معهم تكتيكياً لا استراتيجياً حيث أن سياساتهم المعلنة لا تتماشى مع عقيدة القوات المسلحة العلمانية. لكنه (أي المجلس العسكري الأعلى) اراد أن يكسب وقتا يلتقط فيه فلول النظام القديم أنفاسهم مستخدمين اعلام مبارك وفلوله والذي بدأ يكشف عن هويته خصوصاً، أيام الانتخابات الرئاسية والتي كادت أن تأتي بأحمد شفيق ممثلاً للمباركية على رأس النظام من جديد. …ولو اردت ان ابدي رايا لجماعة الاخوان المسلمين لسألتهم ان يقوموا بتحليل لتاريخهم من حيث تكرار استعمالهم واستخدامهم من قبل الانظمة ثمّ تخلي هذه الأنظمة عنهم، لا بل والتنكيل بهم أحياناً، وقد حدث مثل ذلك ثلاث مرات عبر تاريخهم في السنوات الثمانين الماضية :
ساعدوا جمال عبد الناصر وجماعته من الضباط في ثورة 1952 تم نكل بهم أيّما تنكيل.
ساعدوا أنور السادات في التخلص من نظام عبد الناصر وتغيير المنهج الاقتصادي إلى الانفتاح على الراسمالية بأعلى وأوسخ مراتبها ثم تمّ التخلي عنهم وبقوا معه ومع خليفته مبارك بين مدّ وجزر، كجماعة غير قانونية يتم استعمالها متى كان للنظام فائدة بذلك ويتم التخلي عنها متى وجد النظام في ذلك مصلحه له.
ساعدوا النظام العسكري اخيراً بل وتحالفوا معه،إلى أن تمكّن العسكر ، فكادوا ان ينقلبوا عليهم .في الحالات الثلاث كان تنظيم الاخوان المسلمين ليس فاعلاً بل مفعول به. فهل تستحق هذه المقاربة شيئاً من التحليل؟!” “
كان هذا القول قبل 4 شهور من الانقلاب على مرسي.!!!
الملخص المفيد أني أرى مصير اردوغان وحزبه كمصير الاخوان المسلمين في مصر. هناك ما اسمه socioeconomic orderوهو تزاوج النظام الاجتماعي مع النظام الاقتصادي. . إن حلف الناتو الذي ينتمي إليه اردوغان هو جزء من منظومة عالمية وصفها جورج سوروس في كتابه ” أزمة الرأسمالية العالمية وهي بطبيعتها معادية لاي نظام اسلامي او غير اسلامي يتناقض مع فلسفتها الطفيلية لافتراس الشعوب الاخرى : كتب سورس
“أما كون الرأسمالية العالمية نظاماً غير محسوس، فذلك لا يجعلها أقل أهمية. فهي تتحكم بحياتنا كما يتحكم أي نظام بشعبه، ويمكن مقارنة الرأسمالية العالمية بامبراطورية أكثر عالمية في شموليتها من أي امبراطورية سابقة. فهي تحكم حضارة بأكملها… وبالإضافة لذلك فهي، كأي امبراطورية، لها مركز يستفيد على حساب دول الأطراف. والأكثر أهمية، هو أن الرأسمالية العالمية تظهر ميولاً امبريالية. فهي لا تتطلع إلى التوازن، ولكنها تقوم على التوسع، ولا يهدأ لها بال مادام هناك أسواق أو موارد لم تصلها.”.
تركية لم تكن سوى سوق لهذه الرأسمالية وبعدها ينتهي دور اردوغان من حيث يدري او لا يدري
فلنبتعد قليلاً عن طريقة التفكير الجاهلي بأن هناك من الالوان لونيين فقط : اللون الابيض والاسود، ومن تفكير النقيض الى النقيض: طخوا او اكسر مخوا فلجماعة الاخوان المسلمين وكذلك حزب اردوغان سلبيات وايجابيات . كان حكم الاخوان المسلمين القصير في مصر واردوغان وحزبه في تركيا الاقل فساداً والاكثر ” ديمقراطية” مما سبقه أو لحقه من انظمة . كان حكمهم ذا شفافية عالية. تعرضوا باستمرار الى قوى الشد العكسي من الداخل والخارج . كان الاقتصاد حتى في سنة حكم الاخوان المسلمين أكثر استقراراً واقل فساداً وكذلك في تركيا اوردغان . كان لهم مجتمع مدني ومؤسسات اجتماعية فاعلة تحارب الجوع والمرض .وتقف في طريقهم قوى محلية وعالمية عاتيه – ولكن كان فكرهم الاستراتيجي يخلوا من البعد وكان قبولهم السياسي بالامر الواقع متل كامب ديفيد في مصر وحلف الناتو في تركيا وبالاقتصاد الرأسمالي منهجاً ما خلق نظاماً هجيناً مليئاً بالمتناقضات لا هو بالاسلامي ولا بالرأسمالي مما سهل قوى الشد العكسي على خلق المصاعب بل والانقلاب عليهم
أوراق العام الجديد.. بين السلام والإرهاب..!؟
عبد السلام حجاب – الوطن السورية
ليس بعيداً عن ميدان المواجهة الحاسمة للإرهاب التي يصنع السوريون مع قوات جيشهم الباسل ملاحمها البطولية بدعم الحلفاء والأصدقاء، فإن أي قراءة لوقائع العام الجديد إنما تشي بالتأرجح بين مسارين:
1- مسار موضوعي سياسي مطلوب، وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي الأخيرين 2253 و2254، وما حظيا به من إجماع، بأقل تقدير…!؟
2- مسار آخر استنسابي. مثقوب بأجندات حاملها الإرهاب بكل عناوينه وأشكاله وعناوين داعميه لارتباطه بأطماع وخرائط جيوسياسية، تقسيمية لا يخرج الكيان الإسرائيلي عن تفاصيلها الافتراضية المرغوبة!؟
وعليه فإن تساؤلات السوريين تبقى مشروعة، لتضع على المحك أوراق العام الجديد بين سلام مطلوب يجسد حكمة «طوبى لصانعي السلام» وبين إرهاب مرغوب من قبل أطراف حلف الإرهاب ولو أصبح طاعوناً أصغر يهدد الجميع. وذلك انطلاقاً من هواجس ماضي السنوات العجاف التي مرت وعمدها السوريون بدمائهم الطاهرة وصمودهم الأسطوري.
وإذا كانت التساؤلات تقتضي خيارات الإجابة عنها، فإن خيار محاربة الإرهاب لدى السوريين حتى القضاء عليه يشكل جوهر الحل السياسي الذي يقررونه بأنفسهم لتحديد مستقبل بلدهم بقيادة سورية، من دون أي تدخل خارجي أو أجندات إرهابية أو مقايضات واهمة تخرج حلف الإرهاب أو أطرافاً فيه من مأزق ورطتهم الكارثية. ولعلها لم تكن المرة الأولى التي تعلن فيها سورية أن أي محاولة يقوم بها طرف دولي لكي يمس حق الشعب السوري في تقرير مصيره هي محاولة مرفوضة. وأكد الوزير وليد المعلم من بكين «استعداد سورية للمشاركة في الحوار السوري- السوري في جنيف من دون تدخل خارجي».
وإذا كان منطق التحليل والاستنتاج السياسي لأي قراءة واقعية للمشهد القادم تستوجب النظر في معطيات الماضي القريب والحاضر المتحرك، فإن أسئلة تطرح نفسها مثل: أي سلام ومن صانعوه إذا كان مثلث الإرهاب بقيادة واشنطن ممثلاً بالعثماني السفاح أردوغان وحكام بني سعود ومشايخ قطر يواصلون تغذية الإرهابيين وصب الزيت على نيران الإرهاب المشتعلة؟ ثم هل من سلام يمكنه العيش مع الإرهاب؟ وبالتالي هل الآمال وحدها كافية لاجتثاث الإرهاب ما لم تكن إرادة السلام مسلحة بقوة تشكل الفعل الحاسم الذي يصنع السلام بدلاً من انتظار حرب على نار هادئة؟
وهو ما أكده الوزير الروسي لافروف قبيل اللقاء المفترض بجنيف في الثلث الأخير من الشهر القادم بين وفد حكومة الجمهورية العربية السورية وبين وفد من المعارضات السورية، يعكف على تشكيله المبعوث الدولي دي ميستورا في ضوء مناورات أطراف مثلث الإرهاب بشأن اللوائح الاسمية للتنظيمات الإرهابية فقال لافروف: «من المهم توحيد جهود الأطراف التي تحارب الإرهاب من أجل التسوية في سورية، مبدياً استعداد بلاده للتعاون مع من يحارب الإرهابيين على الأرض في سورية، تحت مظلة القانون الدولي والتعاون مع دمشق».
ولا جدال بأن من السذاجة الاعتقاد بأن أحداً من أطراف حلف الإرهاب يمكنه تجاهل القرارين الأخيرين لمجلس الأمن الدولي، وإن كان، بحسب دوره الوظيفي في الحلف، يمكنه التعطيل أو الالتفاف على مندرجات القرارين عبر المناورة والتفسيرات المسيسة. حيث أكد القرار 2254 أن الشعب السوري وحده من يقرر مصيره ومستقبل بلده. وهو ما أكدته مبادئ اجتماعات فيينا التي قادتها موسكو وواشنطن والمبعوث الدولي. كما أكد القرار 2253 على تجفيف منابع الإرهاب ووقف تمويله تحت الفصل السابع من الميثاق كمقدمة لا بد منها لإنجاح جهود الحل السياسي للأزمة في سورية ما يعني أنه في غير هذا الاتجاه، إنما يقدم خدمة لخيارات تفوح من ثناياها رغبة الحروب غير المحسوبة النتائج وشهوة للتدمير تدفع المنطقة برمتها إلى مجهول لا يسلم من آثاره الكارثية أحد ولا يعفي الكيان الإسرائيلي من تداعياته الخطيرة المتشظية.
ولقد سبق لسورية أن أكدت أن تمدد التنظيمات الإرهابية ومن بينها داعش وجبهة النصرة الإرهابيان كان بسبب السياسات الأميركية والغربية الخاطئة التي وفرت الدعم للمجموعات الإرهابية، وفرضت إجراءات قسرية عقابية على الشعب السوري ومؤسساته الشرعية. كما أكد الرئيس الروسي بوتين «لا يمكن التوصل إلى تحالف لمكافحة الإرهاب في ظل وجود من يستغل الإرهابيين لتحقيق أهدافه المؤقتة والمرحلية، مشدداً على ضرورة تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بشراء وبيع النفط السوري المنهوب الذي يسرقه الإرهابيون باتجاه تركيا».
إن نظرة أحادية الاتجاه، يعول أطراف حلف الإرهاب على مفردات أوراقها للعام الجديد، وتعكس محدودية في الرؤية وانفصالاً عن الواقع بمتغيراته السياسية والميدانية، إنما هي نظرة محكوم عليها بالفشل الذريع الذي سبق لهم أن عرفوا مرارته. وقد فعل السوريون فعلهم الحاسم في مواجهتها على غير صعيد ما يجعل التفاؤل بالقادم رهن صناعة سورية بامتياز من خلال إرادتهم الصلبة وعزيمتهم الثابتة في السياسة والميدان والدفاع عن الحقوق الوطنية السيادية التي لا تحكمها مقايضات ولا أجندات إرهابية مسلحة أم غير مسلحة، ليتأكد للجميع أن ما عجز عن أخذه بالحرب بوساطة الإرهاب أو التهديد المباشر بها، لن يتمكن بأي حال أن يحصل عليه بالسياسة أو المؤتمرات. إذ حيث تكون حقوق السوريين الوطنية واجبة الوجود فإن سورية جيشاً وشعباً واجبة الحضور بقيادة الرئيس بشار الأسد، مؤيدة بدعم موسكو وطهران والمقاومة اللبنانية ليس في السياسة وتفاصيلها فحسب، بل في الميدان أيضاً، حيث يجب أن تكون.
ولعل من يتابع إنجازات الجيش العربي السوري، ويقرأ بالسياسة، مفرداتها المتدحرجة في الجغرافية السورية، يدرك قدرتها الإستراتيجية على صياغة أوراق العام الجديد، بحيث لا يغيب عن بال أحد أن التزام سورية بحل سياسي للأزمة يقوم على حوار سوري- سوري بقيادة سورية، لا مكان للمجموعات الإرهابية على طاولة الحوار. ولقد أكد الرئيس الأسد «أن خيارنا الوحيد هو هزيمة الإرهاب والحفاظ على مجتمعنا العلماني وإجراء الإصلاحات التي يريدها السوريون حول نظامهم السياسي ومستقبلهم». ولا شك في أن ذلك مصدر أمل للسوريين وثقة بالانتصار في مواجهة تحديات أوراق العام الجديد.
دول متحالفة مع إسرائيل في التحالف الإسلامي «ضد الإرهاب»
تحسين الحلبي- الوطن السورية
لم يعهد التاريخ العربي والإسلامي الحديث تحالفاً يتحدد فيه العدو المركزي لهذه الأمة مثل تحالف حرب تشرين عام 1973 الذي قادته دمشق والقاهرة بكل قدراتهما العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي الذي اغتصب فلسطين واحتل إبان حرب 1967 سيناء والجولان والضفة الغربية، فقد دعت دمشق والقاهرة كل الدول العربية لمشاركتها في تحرير الأراضي العربية المغتصبة، فضمت جبهة الحرب على إسرائيل ثماني دول عربية تحرك قادتها لتقديم المشاركة العسكرية في هذه الحرب التاريخية.
وعلى عكس هذا الحدث التاريخي العظيم وأهدافه الواضحة والإجماع العربي والإسلامي عليه بدأت إدارة أوباما قبل أسبوع توظف الرياض لمهمة إنشاء تحالف (إسلامي) باسم محاربة الإرهاب لكي يصبح هذا الحلف تحت إمرة وتصرف واشنطن وتل أبيب ضد الأمتين العربية والإسلامية هذه المرة.. ولعل نظرة سريعة إلى عدد الدول المشاركة فيه وطبيعة كل دولة منها يوضح أن هذا (البالون) لا يحمل أي مصلحة لأي دولة تشارك فيه بل لا يحمل أدنى مصلحة للرياض نفسها لأنه لا يحقق سوى المصالح الأميركية في المنطقة على حساب مصالحها وأموال نفطها المسخرة لخدمة الأهداف الأميركية.. بل إن هذا الحلف يراد له خوض حروب واشنطن السياسية والعسكرية ضد كل عربي ومسلم يناهض سياسة الهيمنة الأميركية والصهيونية وقد وجد مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في هذا الحلف أهم إطار عربي إسلامي سيوفر لإسرائيل تحقيق كل أهدافها إذا ما استمر وجوده وعمله بقيادة الرياض؟!
ففي هذا التحالف تجد إسرائيل لنفسها عدداً من الحلفاء الذين يرتبطون معها بعلاقات على مستوى الجيش والمخابرات والمساعدات والاستشارات العسكرية والأمنية مثل دولة ساحل العاج، وسيراليون والسنغال وجزر المالديف ونيجيريا والغابون وغيرها من الدول الإسلامية الإفريقية. وقد نسلط ضوءاً واضحاً حين نستعرض علاقة (ساحل العاج) العسكرية والمخابراتية مع إسرائيل وخصوصاً مع إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل ورئيس حكومة ورئيس مخابرات سابق.. فحين استقال (باراك) من وزارة الدفاع (2013) أنشأ ثلاث شركات عسكرية وأمنية لإعداد الخبرات العسكرية والمخابراتية واستدعاه بموجب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية رئيس ساحل العاج (أوتارا) لتأسيس أجهزة مخابرات تضمن بقاءه في الحكم ولتدريب جيش لساحل العاج بمقابل 50 مليون دولار لشركات باراك شريطة أن يستمر خبراؤه بالعمل مستشارين لأجهزة مخابرات ساحل العاج وجيشها.
وتكشف الأبحاث التي نشرت في هآريتس ملحق (ميركر) الاقتصادي أن وزارة الدفاع الإسرائيلية والموساد (جهاز التجسس والعمليات الخاصة) منحت عدداً من (إجازات العمل) و(الرخص) لشركات إسرائيلية- دولية أمنية أنشأها عدد من قادة الجيش والمخابرات المتقاعدون بدءاً من باراك إلى دان مالوتس رئيس أركان وقائد سلاح جو سابق وإلى مائير داغان رئيس الموساد السابق لخدمة دول إفريقية وغير إفريقية مسلمة وغير مسلمة.. وهذه الشركات تعمل في (غابون) وسيراليون والسنغال وساحل العاج ونيجيريا والمالديف وتشاد، وهذا يعني أن كل نشاط سياسي وعسكري لمعظم الدول الإسلامية غير العربية في أي تحالف ستتوافر عنه معلومات لإسرائيل وشركاتها الخاصة الأمنية والعسكرية؟!.. ولعل أبرز ما يثبت الدور الأميركي في صناعة هذا التحالف بقيادة الرياض هو أن جميع هذه الدول العربية المشاركة هي أيضاً عضو مشارك في تحالف السعودية ضد اليمن ومعظمها عضو مشارك فيما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن.
ويتساءل معهد بروكينغز الأميركي للأبحاث هل (بدأ العاهل السعودي يتحول حقاً للعمل ضد إرهاب داعش والقاعدة؟!).
ولا شك أن سجل محاربة واشنطن لمجموعات منظمة القاعدة في اليمن يكشف أن أوباما وحلفاءه لا مصلحة لهم بتصفية هذا الإرهاب فمنذ عام 2002 تقوم واشنطن بشن غارات من طائرات بلا طيار على مواقع القاعدة وغيرها في اليمن بدعم من الحكومة اليمنية، وها نحن في عام 2015 نجد أن (القاعدة) أنتجت (داعش) في اليمن وبدأت مجموعاتها توسع سيطرتها لتصل بعد الحرب السعودية على اليمن إلى حضرموت وضواحي عدن؟! وهل سيمنع هذا التحالف الإسلامي إسرائيل عن استمرار تقديم دعمها لمجموعات داعش والنصرة واستقبالهم في مستشفياتها وتدريبهم؟
أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة - المصــريـــة
عريب الرنتاوي – الدستور الاردنية
بخلاف “داعش” التي أخذت تنحو لاستهداف “العدو البعيد” بعد أن ضاقت عليها فرص استهداف “العدو القريب”، تبحث تركيا عن “صديق بعيد”، بعد أن أخفقت طوال سنوات خمس عجاف، بالاحتفاظ بـ”الصديق القريب” .... في هذا السياق يأتي الاتفاق التركي – القطري لإقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر إلى جوار قاعدتي “العديد” و”السيلية”، وفي السياق ذاته، تكشف صحف تل أبيب المقربة من نتنياهو والمحسوبة عليه، عن مسعى تركي للبحث عن “موطئ قدم” لأنقرة في إدارة قطاع غزة، لتكون على مقربة وجوار جغرافي مع “عدوها اللدود”: نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولكي لا يتكشف الاتفاق مع قطر، عن نزعة استعمارية – توسعية تركية (لا سمح الله)، حرص الجانبان على إضفاء أعلى درجات التوازن والندية بين الطرفين الساميين المتعاقدين (لا أدري لماذا توصف الأطراف بالسامية في الاتفاقات والمعاهدات الدولية)، فقد تقرر أنه يحق لقطر أن تقيم قواعد مماثلة على الأراضي التركية، وربما سيقوم وفد قطري قريباً بجولة استطلاعية على البحار الأربعة التي تحيط تركيا (الأسود، مرمرة، الأبيض وإيجة) لاختيار مكان القاعدة البحرية – الجوية القطرية التي ستشيدها هناك، فتشكل بذلك سدّا منيعاً ضد أية أحلام توسعية روسية – قيصرية من أي نوع أو طراز (؟!).
حتى الآن، لا نعرف ما الذي تريده تركيا بالضبط في قطاع غزة، وما هو “موطئ القدم” الذي كشفت عنه صحيفة “إسرائيل اليوم”، هل تريد دوراً على معبر رفح على سبيل المثال؟ ... هل المسألة متصلة بالميناء البحري العائم الذي جرت بشأنه أحاديث وتكهنات كثيرة؟ ... هل تريد إخضاع القطاع “لإدارة تركية انتقالية”، إلى حين رفع الحصار وإرساء دعائم “التهدئة المستدامة” التي سعت انقرة والدوحة، وبوساطة طوني بلير، لإقناع حماس بها، وقد حققت العاصمتان الحليفتان لحماس، تقدماً ملموساً على هذا الصعيد، قبل أن يعطل نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف، هذه “الصفقة” ويرجئانها حتى إشعار آخر.
لا أدري كيف تلقت الرياض خبر “القاعدة التركية” على مقربة من حدودها، فلم يصدر عنها، ولا عن الإعلام المحسوب عليها، على الرغم من اتساع مساحته، ما يفيد بشيء ... صحيح أن العلاقات بين تركيا والسعودية شهدت تقدماً ملموساً خلال العام الأخير، وتحديداً منذ انتقال السلطة في المملكة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى أخيه الملك سلمان ... لكن هذه العلاقات، تحتمل التنافس على زعامة محور “الإسلام السنّي”، وتصطدم دائماً بعقدة “صراع الأدوار”، ثم أن تبني حكومة أنقرة التام، لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، أمرُ يزعج الرياض اليوم، بعد أن كان يثير أعصابها بالأمس، فهي وإن عدّلت من مقاربتها حيال الجماعة، إلا أنها تضمر بلا شك، اعمق مشاعر القلق والتحسب حيالها، ودائماً في سياق “صراع الشرعيات الدينية”، وحول سؤال: لمن ينعقد لواء “الإسلام الصحيح”، ومن هو المخوّل بقيادة المنطقة وتزعم “إسلامها السياسي السنّي”.
كذلك، نحن لا نعرف حقيقة موقف حماس من حكاية “موطئ القدم” التركية تلك ... هل كانت الحركة على علم بهذه المحاولات التركية، سيما بوجود علاقات “خاصة ومتميزة” مع الحزب والرئيس الحاكمين؟ ... هل هي موافقة على الطلب التركي، وبأية حدود؟ ... هل أجرت الحركة حساباتها على نحو صحيح هذه المرة، حتى لا نعود بعد افتضاح خطأ هذه الحسابات وفشلها، إلى الندم، حيث لا ينفع الندم، تماماً مثلما حصل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، وعلى مساري الأزمتين، السورية والمصرية؟
حماس لم تخرج بعد من مأزق الاستقواء بالإخوان على النظام على المصري الحالي، لتدخل في مأزق الاستقواء بتركيا على مصر ... المحاولة الأولى، انتهت وبالاً على الحركة وغزة وأهلها، والمحاولة الثانية، لن تأتي بأي خير لا للحركة ولا للغزيين ... فإذا كانت “العلاقة” مع الإخوان تدخلاً في شأن مصري داخلي، أمني بامتياز، من وجهة نظر النظام المصري، فإن استدعاء تركيا إلى ضفاف “الأمن القومي المصري”، سيُعد خطأ لا يغتفر من وجهة نظر القاهرة، سيما في هذه الظروف بالذات، التي تشتد فيها وتائر الخلاف والتوتر في العلاقات بين البلدين، وربما لهذا السبب بالذات، تورد الصحيفة الإسرائيلية ذاتها أن القاهرة أبلغت إسرائيل، بـ “الفيتو” مصري على أي دور تركي في القطاع أو محيطه، باعتبار أن غزة تاريخياً، تعد واحدة من “مندرجات” نظرية الأمن القومي لمصر، بصرف النظر عن تبدل صروف الدهر وتعاقب الأنظمة والحكومات.
من مصلحة غزة، ومن مصلحة فلسطين، بل ومن مصلحة حماس ذاتها، على المدى المتوسط والبعيد، إخراج القطاع المحاصر من دائرة التجاذبات الإقليمية وحروب المحاور والمعسكرات المتقابلة، فيكفي القطاع وأهله، ما هم فيه وعليه، والمؤكد أنهم ليسوا بحاجة لأن يكونوا مادة في حرب التجاذبات وصراعات الأدوار ونزاعات الزعامة.


رد مع اقتباس