النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 06-12-2015

  1. #1

    اقلام واراء عربي 06-12-2015

    في هــــــذا الملف:
    أزمة القيادة الفلسطينية وخياراتها ومشروع الدولة
    بقلم: نادية حجاب عن الحياة اللندنية
    ما بين «إسرائيل» وأوروبا
    بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الإماراتية
    بين شنودة وتواضروس وعباس
    بقلم: فايز رشيد عن الوطن العمانية
    مرة أخرى .. «حماس وداعش»
    بقلم: جيهان فوزي عن المصري اليوم
    هذه المواقف التركية لا تخدم فلسطين
    بقلم: نقولا ناصر عن رأي اليوم

    أزمة القيادة الفلسطينية وخياراتها ومشروع الدولة
    بقلم: نادية حجاب عن الحياة اللندنية
    تعمل منظمة التحرير الفلسطينية منذ أكثر من ٤٠ عاماً على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. ومع ذلك، ورغم النجاحات التي حققتها المنظمة على صعيد نيل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، إلا انها ما زالت عاجزة عن تحدي الاحتلال الإسرائيلي المستمر بلا هوادة. وتشكل الانتفاضة الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحدياً لمنظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية، والأحزاب السياسية باعتبار هذه المرحلة من أضعف المراحل في التاريخ الفلسطيني.
    هذا الضعف بدا واضحاً في خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٣٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٥ والذي استهله بنداءٍ حزين للمجتمع الدولي كي ينقذَ الشعب الفلسطيني. حيث بدا وكأنه لا هو ولا شعبه يمتلكان أي وسيلة لتحدي الاحتلال الإسرائيلي العسكري المستمر، واللامساواة التي يواجهها المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، ورفضها الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
    وفي الثلث الأخير من خطابه، ألقى «القنبلة» التي وعد وسائلَ الإعلام بها لاسابيع عدة، حيث دعا الأمم المتحدة رسمياً إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وقال إن الفلسطينيين لن يلتزموا بالإتفاقات المبرمة مع إسرائيل طالما أن إسرائيل لا تلتزم بها، وإن على إسرائيل أن تتحملَ مسؤولياتها كسلطةِ احتلال.
    ورغم أن عباس بدا شديداً في خطابه، إلا انه لم يقل شيئاً يتعذرعليه التراجعُ عنه إذا ما استؤنفت المفاوضات. ولم يعلن نهايةَ التعاون الأمني بين إسرائيل وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
    فالاستراتيجية التي تتبعها منظمة التحرير أخيراً تتمثل في نيل الإعتراف بالدولة الفلسطينية والإستفادة من المزايا التي تجلبها وضعية الدولة. ففي أواخر٢٠١١ أصبحت فلسطين دولةً كاملة العضوية في منظمة اليونيسكو. وفي العام ٢٠١٢، حصلت على صفة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة.
    وبعدما فشلت المفاوضات مع إسرائيل بوساطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نيسان (أبريل) ٢٠١٤، بدأت منظمة التحرير بالتطلع إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية. وفي أواخر ذلك العام، أعاقت الولايات المتحدة قراراً بشأن إقامة الدولة الفلسطينية من دون أن تستخدم حق الفيتو. وفي كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥، صادقت فلسطين على نظام روما الاساسي و١٥ معاهدة أخرى. واصبحت رسمياً عضواً في المحكمة الجنائية الدولية. هذا إضافة الى مصادقة وانضمام فلسطين حتى الآن الى ما يقارب على ٤٤ معاهدة واتفاقية.
    غير أن هذه التحركات لم تُستَغل على أكمل وجه، فهي أقرب الى أن تكون رمزيةٌ أكثر منها مؤثرة وفاعلة. حيث ان فلسطين مثلاً لم تستفد من امتيازات منظمة اليونيسكو بعد الانضمام الى عضويتها. فمنظمة التحرير وان كانت قد أقدمت على خطوات لمنع إسرائيل من إدراج مواقع تراثية فلسطينية في قائمتها الوطنية وإدراجها ضمن مواقع التراث العالمي كضم كنيسة المهد في بيت لحم ضمن لائحة التراث العالمي- رغم اعتراض الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل - إلا انه كان بامكانها، ولا يزال، أن توظِّفَ عضويتها في اليونيسكو لتأكيد سيادتها على أرضها وبحرها. كما بوسع فلسطين ايضاً أن تُلزم الدولَ الثالثة بمساءلة إسرائيل عن التزاماتها أمام المنظمة المذكورة، كون أن أحد بروتوكولات اليونيسكو التي وقعت عليها فلسطين ينص على المسؤولية الجنائية الفردية وعلى فرض عقوبات وفقًا لمبدأ الولاية القضائية العالمية.
    الرأي الإستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية سنة ٢٠٠٤ بشأن جدار الفصل العنصري الإسرائيلي هو مثال آخر لاختيار الرمزية بدلاً من الإجراءات الملموسة والفعالة. حيث خلص الرأي الاستشاري إلى أن الجدار غير قانوني، وأن إسرائيلَ ملزَمةٌ بتقديم تعويضات عن جميع الأضرار التي تسببت فيها.
    وأكَّد أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي، وأن غزةَ والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، هي أراضٍ محتلة. ولربما كان الاستنتاج الأبرز الذي خلصت إليه المحكمة هو أن جميع الدول ملزمةٌ بالإعتراف بعدم شرعية الوضع ووقف أي مساعدة مقدمة لإسرائيل تهدف الى إدامة الوضع القائم.
    ورغم أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمةً قانونًا، فإن تأثير المحكمة يكمن في أنها تفسر القوانين. والدول المؤمِنة بسيادة القانون كدول الإتحاد الأوروبي تهتم بمثل هذا الرأي. فلو كانت منظمةُ التحرير راغبة حقًا في تحري السُبل القانونية اللازمة لإعمال الحقوق الفلسطينية، لكانت أحرص على متابعة هذا الرأي الإستشاري. فبوسعها أن توضِّح للدول الأوروبية وغير الأوروبية والفاعلين الآخرين بأن تعاملهم مع إسرائيل يشكل مخاطر قانونية واقتصادية على القواعد التشريعية لتلك الدول. ولكنها لم تفعل حتى الآن رغم الأهمية الكبيرة لهذا النوع من القرارات ولا سيما بالنسبة للإتحاد الأوروبي نظراً لسعيه للعمل ككيان يحكمه القانون.
    لو وظَّفت منظمة التحرير الرأيَّ الاستشاري لمحكمة العدل الدولية قبل ١١عاماً لما تكاثر المستوطنون والمستوطنات غير القانونية بهذا المعدل الذي نراه اليوم. ولما كان للمنطقة (ج)، التي تمثل ٦٠ في المئة من مساحة الضفة الغربية والخاضعة لسيطرة إسرائيل، بموجب اتفاقات أوسلو الكارثية، لتفقدَ الكثير من سكانها الفلسطينيين بسبب الهجمات التي لم تسلم منها حتى المشاريع المدعومة من الإتحاد الأوروبي. ولما كانت القدس لتعيشَ الكابوس الذي تعيشه اليوم وتفقدَ سكانها باضطراد كما الآن بسبب السياسات الإسرائيلية.
    أما بالنسبة لعضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية، والتي انضمت اليها أخيراً، فإن نظام المحكمة يتميز ببطء شديد لجهة اتخاذ القرارات، فإجراءات المحكمة قد تستغرق سنوات لفتح تحقيق، وأكثر من ذلك لإصدار لوائح إتهام. ومن المسائل التي قد تبطئ سيرَ العملية في الحالة الفلسطينية طبيعةُ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المسيًس جداً، ومحدودية الموارد المتاحة للمدعي العام، وعدم تعاون الدولة. فمن الصعب أن نتصورَ أن تقومَ إسرائيل بالتعاون الجاد مع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب التي ترتكبها وفي بناء المستوطنات.
    ولهذا السبب يُشكّك فلسطينيون كثيرون في التحركات الراهنة للسلطة الفلسطينية وفي قدرتها على جعل مشروع الدولة الفلسطينية حقيقةً واقعة. فالأدوات موجودة منذ زمن بعيد، وكل ما كان عليها فعله هو استخدامها لإحراز نتائج أفضل، ولكنها لم تفعل. فهي إمّا غير راغبة في الاستفادة الكاملة من الأدوات القانونية وغير القانونية المتاحة لها أو في تقليص تنسيقها الأمني مع إسرائيل، وإمّا غيرُ قادرةٍ على ذلك. فهي تعلم أن أي إجراءات حازمة ستُفضي إلى تداعيات أميركية وإسرائيلية قاسية مثل خفض المساعدات وتقييد حرية الفلسطينيين في التنقل والوصول المقيدة أصلاً.
    ولكن هناك نشاط وجهود أخرى تُبذل لمحاسبة اسرائيل ويقودها المجتمع المدني وتتمثل في حركة المقاطعة (BDS) والتي تعتبر نموذجاً للقيادة. حيث تستند تلك الحركة الى النداء الذي أطلقه المجتمع المدني الفلسطيني سنة ٢٠٠٥ والذي يدعو الى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها والذي يعتبر الخطوة الأبرز التي شهدتها السنوات الأخيرة على صعيد محاسبة إسرائيل. وأُطلق هذا النداء بعد سنة من صدور قرار محكمة العدل الدولية بشأن الجدار وبسبب عدم اغتنام منظمة التحرير الفلسطينية الفرصة التي أتاحها القرار لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي.
    ومع ذلك، وكما أن حدود قدرة السلطة الفلسطينية واضحة، فإن حدود قدرة المجتمع المدني الفلسطيني وحركة التضامن الدولية واضحةٌ أيضاً، ولكن لأسبابٍ مختلفة بالطبع. فلا توجد قيادة وطنية قادرة على الاستفادة من النجاحات التي تحققت في المجتمع المدني والبناء عليها، وهناك بالتأكيد حيز محدود للتعاون بين المجتمع المدني والسلطة الفلسطينية في مساعيهما المختلفة، ولأسباب عديدة، ممّا يحدُّ كثيراً من قدرة كل طرف على ترجمة تلك المساعي إلى نتائج سياسية ذات جدوى على الأرض.
    وبينما يمضي المجتمع المدني وحركة التضامن الدولية قدماً، تخطو السلطة الفلسطينية بحذر شديد، خوفاً من ردود الفعل، فتقبل بأهون الأعمال مثل وضع علامات لتمييز منتجات المستوطنات بدلاً من أن تسعى لفرض عقوبات دولية ضد الاستعمار الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، والحصار المفروض على قطاع غزة. وعلاوةً على ذلك، فإن تفتت الجسم السياسي الفلسطيني لا يزال مستمراً.
    فقد تحدَّث عباس في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن عزمه الحفاظَ على وحدة الأرض والشعب ولكنه قال إنه لن يقبل بحلولٍ مؤقتة أو دولةٍ مجزأة. بل ان هناك مخاوف بأن منظمة التحرير وحزبها السياسي الرئيس، «فتح»، سيتفتتان أكثر بخروج عباس ومخاوف أخرى من قيام دولة بوليسية، أو بالأحرى دويلات بوليسية.
    ولكن رغم أن صورة المشهد المستقبلي قاتمةٌ على المدى القصير، فإن المديين المتوسط والبعيد يبشران بموجةٍ قوية من النشاط في المجتمع المدني حول العالم. وسرعان ما سيظهر شكلٌ من أشكال القيادة الفلسطينية أكثرُ تمثيلاً لتطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه. وهذا ليس بعيد المنال كما قد يبدو، فهذه القيادة برزت إبان الانتفاضة الأولى. وثمة قيادة قائمة على استراتيجية رئيسية وفعالة برزت مع انطلاق نداء المقاطعة. وثمة قيادة أخرى أيضاً برزت على نحو غير متوقع هذا العام في أوساط الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. وهكذا حينما تبرز قيادة وطنية فلسطينية، ستجد أن الأرضية باتت مهيأةً لقيادة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والعدالة والمساواة.

    ما بين «إسرائيل» وأوروبا
    بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الإماراتية
    اتخذ رئيس الوزراء ال«إسرائيلي» قراراً ب«توقيف الاتصال بمؤسسات الاتحاد الأوروبي».
    القرار حسب الإعلان ال«إسرائيلي» جاء رداً على قرار الاتحاد الأوروبي في شأن منتجات المستوطنات الصهيونية المقامة من قبل الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، حيث أكد على ضرورة وضع علامة مميزة لمنتجات المستوطنات، تفصلها في علامتها التجارية، عن المنتجات ال«إسرائيلية» التي تسوق في الأسواق الأوروبية.
    الخطوة الأوروبية، مع أنها تبدو إجرائية وعادية، لأنها لا تمنع تسويق منتجات المستوطنات وأغلبها زراعية لكنها قوبلت «إسرائيلياً» بغضب لجهة قراءتها من الناحية السياسية، حيث لم يعتد ال«إسرائيليون» على مثل هذه الإجراءات أوروبياً، وهي لم تكن لتحدث لو لم تكن هناك تغيرات في الموقف الأوروبي، يعود إلى أسباب غير قليلة ومنها:
    أولاً: تقدير الاتحاد الأوروبي بأن استمرار سياسة الاستيطان يضيف عقبات جديدة أمام أي تسوية للأزمة في الشرق الأوسط، وتزيد من وطأة الاحتقان الذي لا ينقصه المزيد من دوافع الانفجار، لأنها زادت على حدها، وباتت مفتوحة على ما هو كارثي بالنتيجة.
    ثانياً: تجاهل «إسرائيل» مطالب الاتحاد الأوروبي بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية باعتباره عملاً غير مشروع بالأساس يستهدف حقوق الفلسطينيين ويتحدى المعارضين، بما في ذلك حلفاء وأصدقاء «إسرائيل» وبصلافة وعجرفة الاستيطان خرق فاضح للمواثيق الدولية.
    ثالثاً: الرفض ال«إسرائيلي» للدور الأوروبي إذا لم يكن في تبعية، ومجرد عملية تكميلية للدور الأميركي، وهذا ليس تقليلاً للدور الأوروبي فقط، بل هناك، أوروبياً من يرى أنه تنكر للدور الأوروبي في وجود «إسرائيل» وفي المصالح التي تجنيها «إسرائيل» من أوروبا وهي حيوية واستراتيجية.
    رابعاً: انقضاء أكثر من عقدين من السنوات العجاف التفاوضية إلى لا شيء بسبب التلاعب «الإسرائيلي» الذي التف على كل شيء بما في ذلك على الدور الأمريكي الذي جرى بهدف إيجاد تخريج مناسب للعملية الأمريكية أو التسوية الأمريكية الهادفة إلى تطويع الموقف العربي عامة والفلسطيني خاصة لواقع الاحتلال.
    إن هذه الأسباب إلى جانب المصالح الأوروبية في هذه المنطقة في حاضرها ومستقبلها، كان لابد لها أن تحدث تأثيراً في السياسة الأوروبية، وقد حدث هذا لأسباب تعود إلى ذات السياسة والنهج ال«إسرائيليين» اللذين سدا الأبواب والنوافذ أمام التسوية السلمية، وصارت «إسرائيل» ليست متجبرة على الفلسطينيين وهذه المنطقة، بل ومتمردة على من أوجدوها ورعوها بسخاء من جانب، لكن الجانب الأهم في هذا التطور الأوروبي يعود إلى المتغير في الرأي العام الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، إذ من هذه النقطة تعود قضية منتجات المستوطنات وبخاصة الزراعية إلى مدة ليست قصيرة حين بدأت في دول أوروبية عدة حركة تصاعدية لمقاطعة «إسرائيل»، وتصدر هذه العملية ساسة وقادة نقابيون ومثقفون في أبرزهم أكاديميون بريطانيون. وكان لهذه الحركة نتائجها ومن ذلك مقاطعة الجامعات ال««إسرائيلية». ومنذ ذلك الحين جرت حملات تجاه المقاطعة الأوروبية ل«إسرائيل»، ومن ذلك مقاطعات المنتجات ال«إسرائيلية».
    بالطبع لم تتبلور هذه الحركة لمجرد رغبات، وإنما جاءت أمام مشهد الجرائم الصهيونية في حق الفلسطينيين وهي أقرب إلى رد اعتبار للحقيقة التي ظلت غائبة عن الرأي العام الأوروبي، وهي باختصار تدحض ادعاء وتضليل الإعلام الصهيوني خاصة، والغربي عموماً من أن «إسرائيل» ضحية. وتبرهن على أن الجريمة ضد الإنسانية منهج كرسته الصهيونية لمصادرة حقوق الشعب الفلسطيني وفي حرب وحشية لإبادته من الوجود.
    لقد أدت هذه الحركة إلى تغير غير عادي، ومن ذلك الاعترافات البرلمانية الأوروبية بالدولة الفلسطينية في بلدان أوروبية عدة.
    هنا يمكن القول إن القرار الأوروبي في شأن منتجات المستوطنات هو رسالة تعني حدود الاعتراف الأوروبي ب«إسرائيل» والرفض الأوروبي للاستيطان لا في شأن مستقبله بل بما هو قائم، حيث لا مشروعية للاستيطان من الأساس ناهيك عن كونه يشكل تحولاً إلى العقدة الأساس في شأن التسوية السياسية بسبب الازدواج بين دوامة المفاوضات العبثية وبين قاطرة الاستيطان المندفعة على وجه الأراضي الفلسطينية.
    السؤال الآن: إذا كان الأوروبيون أقدموا على خطوتهم لمواجهة موجة الاستيطان؛ فما الذي يعمله العرب تجاه ما يدعون أنها قضيتهم الأولى بما تفرضه من دعم للشعب الفلسطيني لدعم صموده وتمكينه من مواجهة العدوان وإنهاء الاحتلال وإزالة الاستيطان؟
    بين شنودة وتواضروس وعباس
    بقلم: فايز رشيد عن الوطن العمانية
    قبيل زيارة البابا تواضروس الثاني إلى القدس لتقديم واجب العزاء مثلما قال! عبر الكيان، زاره الرئيس عباس ودعاه إلى زيارة المناطق الفلسطينية المحتلة. كذلك زار شيخ الأزهر ووجه له نفس الدعوة، باعتبار هذه الزيارة لا تشكل تطبيعا مع الكيان. أيضا رفض البابا تواضروس الثاني تلبية دعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة رام الله، وقال إنه لن يدخل الأراضي الفلسطينية أو القدس زائرًا إلا بصحبة شيخ الأزهر، بينما يواجه البابا انتقادات حادة بسبب زيارته القدس عبر إسرائيل، لحضور جنازة الأنبا ابراهام.
    وبغض النظر عن كل ذلك نقف أمام الحقيقة، فقد توجه بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية على رأس ثمانية من كبار القساوسة، إلى القدس عبر تل أبيب للمشاركة فى جنازة مطران القدس والشرق الأدنى. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الأنبا بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة قوله إن “موقف الكنيسة لا يزال كما هو، ولم يتغير، وهو أنه لا سفر إلى القدس بدون جميع أشقائنا المصريين المسلمين”. وقال المتحدث إن زيارة البابا إلى القدس لا علاقة لها بأي أجندة سياسية وإنما تأتي لأسباب دينية وروحية.
    يذّكرنا ذلك بالبابا شنودة، الذي كان يتفاعل مع قضايا أمته العربية. فقد حرم الحج الى القدس على أتباع مذهبه الأرثوذكسي، وحرمهم من زيارتها طالما بقيت تحت سلطة الاحتلال، وهو الذي قال جملته الشهيرة: “فقط نذهب إلى القدس حين يتم تحريرها جنباً إلى جنب مع إخوتنا المسلمين”.
    لقد رفض اتفاقية كامب ديفيد، فحقد عليه الرئيس الأسبق أنور السادات، وبخاصة بعد معارضته زيارة الأخير إلى القدس، فأمر بسجنه بعد أن أقاله من منصبه، وبعد السجن تم فرض الإقامة الجبرية عليه لسنوات طويلة. فقط تم إطلاق سراحه بعد مجيء مبارك إلى الحكم. ظل البابا طيلة حياته يؤكد على عروبة فلسطين، وطالما أطلق التصريحات المؤيدة للحقوق الوطنية الفلسطينية ولاندحار العدو “الإسرائيلي” من الأرض الفلسطينية، ولطالما حذر من الانصياع للمؤامرات “الإسرائيلية” التي تستهدف الأمة العربية، وبخاصة مصر بكل إسلامييها ومسيحييها. فهو كان مصرياً حتى العظم وعربياً حتى النخاع.
    مع الاحترام الكبير للبابا تواضروس الثاني، لكن خطوته تتجافى مع موقف سلفه وكنيسته! وبسفره إلى تل أبيب من أجل الوصول إلى القدس، كسر حرماً كنسياً فرضه سلفه شنودة. سفره إلى الكيان تم بأسرع ما يكون، ليدخل القدس المحتلة وسط حماية “إسرائيلية”. لقد خالف البابا القرار التاريخي الذي كانت قد اتخذته الكنيسة بمقاطعة زيارة القدس منذ احتلالها في حرب 1967.
    مفاجأة البابا، التي هزّت الوسط القبطي المصري، لم تكن فقط في السفر المفاجئ الذي تقول الكنيسة إنه جاء استجابة لوصية الأنبا إبراهام مطران القدس والشرق الأدنى، بأن يدفن في القدس، ولكنها كانت في طريقة وصوله. عادة ما يسافر الراغبون في كسر جدار رفض التطبيع عبر الأردن، ومنها براً بموافقة “إسرائيلية” إلى الأراضي المحتلة. لكن البابا كسر كل القواعد ووصل القدس عن طريق تل أبيب وقد صادف سفره إليها مع سفر السفير “الإسرائيلي” في مصر حاييم كورين، لقضاء إجازته الأسبوعية.
    في العادة، تحظر الكنيسة المصرية سفر الأقباط إلى فلسطين منذ عهد البابا كيرلس السادس عام 1967، بعدما مكّنت قوات الاحتلال الرهبان الأرثوذكس من الأديرة وكنيسة القيامة، وهو القرار الذي تبعه قرار آخر من البابا شنودة عام 1970 على خلفية استيلاء الكيان على دير السلطان في القدس، وهو الدير الذي كان صلاح الدين الأيوبي قد أهداه للكنيسة القبطية وقام عليه الرهبان الأرثوذكس.
    لم نكن نحبذ زيارة البابا ‫تواضروس لفلسطين المحتلة بتأشيرة صهيونية، كما رفضنا من قبل زيارة الدكتور علي جمعة وآخرين، لمخالفة ذلك للقرار الوطنى السابق للكنيسة المصرية وللبابا شنودة، بحظر السفر اليها الا بعد تحررها، ودخولها كتفا الى كتف مع الإخوة المسلمين المصريين.
    ولمخالفته للإجماع الوطني المصري منذ عام 1979، بمقاطعة “اسرائيل”، وعدم الاعتراف بها او التطبيع معها او دخول فلسطين بتأشيرتها. الكيان هو الذي صدّر آفة القطن إلى مصر، وهو الذي اقترف مجزرة بحر البقر بحق الأطفال المصريين، وهو الذي جنّد ويجنّد الجواسيس في مصر، وهو الذي يهدد بقصف السد العالي وهو الذي يتآمر على مصر لتقليل مياه النيل، وهو الذي دفن العديدين من الأسرى المصريين أحياء في سيناء عام 1967. زيارة البابا تساعد الكيان على الاستمرار في تضليل العالم.
    لقد لعب إخوتنا المسيحيون دوراً رائداً في النهضة العربية الحديثة، وهم مواطنون عرب قبل أن يكونوا مسيحيين. المسيحيون العرب هم جزء أساسي من نسيج أمتنا العربية الواحدة ومكون رئيسي من مكوناتها.

    مرة أخرى .. «حماس وداعش»
    بقلم: جيهان فوزي عن المصري اليوم
    إذا صح ما نشرته صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية حول وصول شادى المنيعى الملقب ب «أبومصعب» وهو أحد قيادات تنظيم بيت المقدس الارهابى في سيناء، إلى غزة للقاء قيادات في «كتائب القسام» الجناح العسكرى لحركة حماس , بهدف زيادة التعاون العسكرى بين التنظيمين , فإن ذلك سيشكل أزمة كبيرة تضاف إلى الأزمات الطاحنة التي يعيشها قطاع غزة .
    أشارت الصحيفة إلى أنه تم رصد مكالمات هاتفية بين المنيعى وقيادات في عز الدين القسام تناولت زيادة التعاون فيما بينهما، ملوحة إلى أن حماس تساعد داعش في مدها بالسلاح والعتاد عن طريق الأنفاق بين قطاع غزة وسيناء , وأن من بين الأسلحة المتطورة التي تم نقلها لداعش صواريخ مضادة للدبابات من نوع «كونرت» التي يتم بها استهداف دبابات الجيش المصرى في سيناء , ولايخفى على أحد بأن المنيعى ملاحق من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لتورطه في جرائم إرهابية في سيناء .
    لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها تقارير اسرائيلية لتعاون حماس مع تنظيم داعش سيناء، فعندما أسقط سلاح الجو الاسرائيلى الطائرة بدون طيار قبل نحو خمسة أشهر والتى كانت تستهدف التجسس على اسرائيل , ادعت اسرائيل حينها أن الطائرة لا تستهدف التجسس عليها وحدها , لكن على مصر أيضا , فعندما فحصت ركام الطائرة بعد اسقاطها وجدت صور تدل على أن جمع المعلومات الاستخباراتية لعمليات عسكرية لم يكن الهدف الوحيد لهذه الطائرات , فبعد الدراسة والتحليل تبين أن الطائرة المسيرة بالاضافة إلى رصدها للأحداث داخل اسرائيل تقوم أيضا بتصوير الحدود مع مصر !!.
    ادعت اسرائيل بأن اسقاط الطائرة كشفت عن سر دفين هو مساعدة داعش! لكن هذا لا يعنى أن هدف حماس هو الهجوم المسلح ضد مصر، وإنما تتبع تحركات القوات ومواقع الجيش وانتشار قواته من أجل تمكين أعضاء جناحها العسكرى «كتائب عز الدين القسام» من الحفاظ على طرق التهريب مفتوحة بين سيناء وغزة , تلك الطرق حيوية لحماس على جانب من الحدود وداعش في سيناء على الجانب الآخر , وهذا واحد من أكثر أسرار الجناح العسكرى لحماس المحفوظة بعناية في الأشهر الأخيرة.. تعاون وثيق مع عناصر ولاية سيناء التابع لتنظيم داعش ؟!.
    تعاون حماس مع داعش هو نتاج التقاء مصالح وليس رؤية مشتركة أو عقيدة متقاربة، بدليل أن الجهود المكثفة التي تبذلها حماس ضد السلفيين التابعين لفكر داعش ونشأوا في قطاع غزة, ففى الوقت الذي يقوم فيه الجناح العسكرى لحماس بالتعاون مع إرهابيى سيناء , يقوم أعضاء الحركة بمحاربة خصومهم الايديولوجيين في غزة , أما مواقف حماس المتناقضة تجاه داعش والتى تتسم بالعداء لها داخل القطاع وبالتعاون الاستراتيجى في سيناء , فيعود إلى الدور المتنامى للجناح العسكرى في حماس خصوصا بعد الحرب الأخيرة على غزة , فالجهة التي تتخذ القرار داخل قيادة حماس في غزة مركبة , إذ شهد توازن القوى الداخلى في حماس تغييرا كبيرا في العقد الأخير حيث لا يوجد للجناح العسكرى للحركة شخصيات روحية أوسياسية مؤثرة مثلما كان في الماضى أمثال الشيخ أحمد ياسين , رغم أن هناك اعتقاد سائد بأن ل«محمد ضيف» سلطة سياسية على العناصر العسكرية مماثلة للسلطة التي يتمتع بها رئيس الوزراء السابق اسماعيل هنية .
    الحدود المشتركة بين غزة وسيناء تحمل أهمية استراتيجية لحماس في غزة وتنظيم داعش في سيناء سواء إقتصاديا أو أمنيا، فمسار التهريب بين قطاع غزة وسيناء يعطى كلا الجانبين إمدادات ثابتة من الأسلحة والقوات المقاتلة والمدربين والمستشارين , وتحقق أرباحا طائلة من صناعة التهريب في غزة , لذا فإن مصالح التنظيمين أجبرتهما على التعاون فيما بينهما للتمسك بجزء من قدراتهما على الأقل في تهريب الأسلحة والعناصر إلى قطاع غزة .
    المصالح المشتركة ليست العامل الوحيد في هذا التقارب، هناك دور أساسى لأبناء القبائل البدوية على جانبى الحدود الذين ينتمون لهذين الاتجاهين , وأحد أبناء هذه القبائل هو شادى المنيعى وهو أكثر العناصر الإرهابية خطورة في سيناء , ومن هذا المنطلق ربما لا يستبعد وجوده في غزة , الأمر الذي يستوجب توضيحات موثقة بالدليل القاطع إن وجدت لدى حركة حماس حتى توقف حالة اللغط والتجاذب السياسى والاعلامى المستمرة والمتكررة , لا مجرد تصريحات باهتة للاستهلاك لا تقدم ولا تؤخر.

    هذه المواقف التركية لا تخدم فلسطين
    بقلم: نقولا ناصر عن رأي اليوم
    في علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، تفصل تركيا بين خطابها الرسمي الملتزم باعترافها بإسرائيل وبين خطابها الإعلامي الذي يعتم على علاقاتها الإسرائيلية ويسلط الأضواء على دعم فلسطين، وتفصل بين دعمها السياسي للشعب الفلسطيني وبين علاقتها الاقتصادية والعسكرية مع دولة الاحتلال، كما تفصل بين علاقاتها الفلسطينية وبين علاقاتها العربية، لتخرج فلسطين خاسرة من كل هذا الفصل التعسفي للسياسة الخارجية التركية.
    طبقا لمعهد الإحصاء التركي، زاد التبادل التجاري بين تركيا وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي على الضعفين خلال السنوات الخمس الماضية إلى (5.6) مليار دولار أميركي، وتركيا اليوم هي سابع أكبر شريك تجاري لدولة الاحتلال، وفي الثامن عشر من الشهر الماضي وصف رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو حجم التبادل التجاري بين الجانبين بأنه “في أعلى مستوى له في التاريخ”، بالرغم من “الوضع الصعب في العلاقات الدبلوماسية” كما قال.
    ومن المعروف أنه منذ الحرب العدوانية التي شنتها دولة الاحتلال على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2008 خفضت أنقرة تمثيلها الدبلوماسي إلى مستوى سكرتير ثاني، وقد أعلن نائب مدير عام وزارة خارجية دولة الاحتلال آفيف شيرؤون يوم الجمعة الماضي أن الجانبين اتفقا على رفع التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى قائم بالأعمال. ولم يتبادل الجانبان السفراء حتى الآن.
    لكن كما هو الحال دائما فإن دولة الاحتلال هي المستفيد الأول من أي خلافات عربية بينية أو عربية – إسلامية أو عربية وإسلامية مع القوى العظمى، فالأزمة التركية – الروسية المتصاعدة حاليا كما يبدو قد عززت فرص نجاح عملية تطبيع العلاقات التركية الدبلوماسية مع دولة الاحتلال وكانت هذه العملية جارية فعلا قبل اندلاع الأزمة التركية – الروسية..
    فنتنياهو يتوقع احتمال عودة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا “قريبا” (18/11/2015)، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان يقول على هامش قمة المناخ في باريس في الثلاثين من الشهر المنصرم إن “من الممكن إصلاح” العلاقات الثنائية.
    وكانت فضائية “العربية” في الأول من تموز/ يوليو الماضي نقلت عن وزير الخارجية التركي مولود أوغلو قوله إن “الكرة الآن في ملعب إسرائيل” وإن الصراعات الداخلية في دولة الاحتلال هي التي “تؤخر” ما كانت القائم بأعمال دولة الاحتلال في أنقرة أميرا أورون في الحادي والعشرين من الشهر الماضي قد وصفته ب”العملية الجارية” لتطبيع العلاقات الثنائية بعد الاجتماع الذي عقده مدير عام وزارة الاحتلال الجديد دوري غولد مع نظيره التركي فريدون سينيرلي أوغلو بروما في حزيران/ يونيو الماضي.
    وتركيا مثلها مثل العديد من الدول المتضامنة تاريخيا مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة كالصين والهند تتذرع بأنها لا تستطيع أن تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين بعد أن اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الاحتلال وأبرمت معها اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية.
    فبدأت هذه الدول تفصل بين السياسي وبين الاقتصادي في علاقاتها مع دولة الاحتلال لتواصل دعمها لفلسطين سياسيا بينما علاقاتها الاقتصادية والأمنية والعسكرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تتسارع بوتيرة قياسية.
    غير أن التوقعات الفلسطينية لا تستطيع أن تساوي بين البلدان غير الإسلامية وبين دول الحزام الإسلامي المحيط بالوطن العربي وبخاصة تركيا وإيران، فالهوية الدينية الواحدة والتاريخ الطويل المشترك يرفعان سقف هذه التوقعات.
    وتقف تركيا اليوم مثالا للفصل بين الاقتصادي والسياسي في علاقاتها مع دولة الاحتلال.
    وتحدد وزارة الخارجية التركية على موقعها الالكتروني السقف السياسي الذي يحكم دعمها لفلسطين، ف”تركيا تؤيد تسوية متفاوضا عليها للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني على أساس قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة أرقام 242 و 338 و1397 و1515، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق (التي اعتمدتها الرباعية الدولية) التي ستضمن قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها”.
    وتحدد كذلك السقف الاقتصادي الذي يحكم دعمها لفلسطين، ف”تركيا تعتقد بأن عملية السلام يمكن أن تكون ناجحة فقط إذا استكملت ببعد اقتصادي” ، لذا فإنها تعتقد أيضا بأنه “لا بد من تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين” و”ينبغي تأسيس بنية تحتية اجتماعية – اقتصادية قابلة للحياة ومستدامة”، تحت الاحتلال طبعا.
    وتسجل الخارجية التركية بأن “مجموع المساعدات” التركية المباشرة وغير المباشرة لفلسطين منذ عام 1995 يزيد على (300) مليون دولار أميركي، علما أن تركيا تحتل المرتبة الثانية بعد دولة الاحتلال كمصدر للواردات الفلسطينية التي ربما تزيد عائدات تركيا منها خلال بضع سنوات على أضعاف مساعداتها المتواضعة للشعب الفلسطيني خلال عشرين سنة.
    ولم يرد أي ذكر لكلمة “الاحتلال” في هذه الخلاصة “الرسمية” للعلاقات التركية مع “دولة فلسطين”.
    ولأن هذا هو ذات السقف السياسي والاقتصادي لكل الشركاء العرب والأجانب في ما سمي “عملية السلام” التي انطلقت في مؤتمر مدريد عام 1991، فإن التوقعات الفلسطينية تنتظر من أنقرة أن تعيد النظر في هذه الاستراتيجية التي من المفترض أن تكون قد انهارت مع فشل “عملية السلام” التي بنيت على أساسها.
    وطالما تعد فلسطين وقفا إسلاميا وقضيتها تعد قضية إسلامية بقدر ما هي عربية ووطنية فلسطينية فإنه لم يعد جائزا التذرع بحجة أن تركيا لا يمكنها أن تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين لتسويغ استمرارها في هذه الاستراتيجية التي تجد في الدعم الفلسطيني الرسمي مسوغا لها.
    فعلى سبيل المثال وصف سفير فلسطين في أنقرة فايد مصطفى في مقابلة صحفية منتصف الشهر الماضي تركيا بأنها “شريك استراتيجي” لفلسطين “في كل النواحي” !
    وفي هذا السياق يستحيل تجنب المقارنة بين مواقف دول إسلامية كإيران أو باكستان أو اندونيسيا من دولة الاحتلال الإسرائيلي وبين الموقف التركي المعترف بالاحتلال ودولته والمثقل بالتزامات حلف الناتو والتحالف مع الولايات المتحدة والمسعى الحثيث للانضمام الى الاتحاد الأوروبي.
    فهذه الاستراتيجية التي تفصل بين السياسي وبين الاقتصادي في التعامل مع دولة الاحتلال قد تبتلعها التوقعات الفلسطينية على مضض كالبالع سكينا من دول صديقة تاريخيا للشعب الفلسطيني كالصين والهند، لكنها لا تستطيع ابتلاعها من دولة إسلامية كتركيا، في الأقل لأن هذه الاستراتيجية لا تختلف في جوهرها عن استراتيجية الراعي الأميركي لدولة الاحتلال التي تعلن نظريا دعمها ل”حل الدولتين” ومعارضتها اللفظية ل”الاستعمار الاستيطاني” للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لكنها تستمر في تمكين دولة الاحتلال عسكريا واقتصاديا لمواصلة الاحتلال والتفوق على مجموع محيطها العربي والإسلامي.
    ولا يغير كثيرا في جوهر هذه الاستراتيجية التمايز التكتيكي الواضح بين الموقفين التركي والأميركي، فعلى سبيل المثال بينما تعترف تركيا بدولة فلسطين فإن الولايات المتحدة لا تعترف بها، وبينما تدلي تركيا بصوتها لصالح فلسطين في الأمم المتحدة فإن واشنطن تستخدم حقها في النقض “الفيتو” ضد أي قرارات لصالح فلسطين في مجلس الأمن الدولي وتعارض أية قرارات مماثلة في الجمعية العامة.
    تاريخيا، أدلت تركيا بصوتها ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بقسيم فلسطين عام 1947، لكنها أصبحت أول دولة مسلمة تعترف بدولة الاحتلال بعد أن وقع الأردن ومصر اتفاقيات الهدنة معها عام 1949، وبعد العدوان البريطاني – الفرنسي الذي شاركت فيه دولة الاحتلال على مصر عام 1956 خفضت أنقرة التمثيل الدبلوماسي معها إلى مستوى قائم بالأعمال حتى سنة 1991، فبعد ستة أسابيع من انعقاد مؤتمر مدريد للسلام أعادت أنقرة تبادلها الدبلوماسي إلى مستوى سفير لكنها أردفت ذلك برفع مماثل لمستوى تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت تركيا أول بلد يقيم علاقات مع دولة الاحتلال يعترف بدولة فلسطين بعد “إعلان الاستقلال” الفلسطيني من الجزائر عام 1988.
    ويتضح من هذه العجالة التاريخية أن الموقف الرسمي التركي من دولة الاحتلال لم يتغير جوهريا مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم وهو موقف كان وما زال يتكيف لينسجم مع الموقف العربي المهادن أو المسالم لها، لكنه موقف كان وما زال ينأى بنفسه عن مواقف الدول العربية التي كانت أو ما زالت في حالة حرب معها، لا بل إن هذا الموقف يوظف تركيا اليوم في خدمة الحرب الفعلية والاقتصادية والسياسية والإعلامية التي تقودها دولة الاحتلال بواجهة أميركية – أوروبية ووجه عربي خليجي ضد المعسكر المقاوم لدولة الاحتلال والهيمنة الأميركية على المنطقة من أجل تحقيق أطماع “عثمانية” اقليمية في العراق وسوريا بخاصة.
    إن المساهمة التركية في تدمير العراق وسوريا هي مساهمة في تقويض العمق العربي الاستراتيجي لأي مقاومة فلسطينية ناجعة للاحتلال ودولته، ولا يستقيم الادعاء التركي بدعم الشعب الفلسطيني مع العداء التركي الصريح اليوم لسوريا والعراق ومصر وهي الدول التي تمثل العمق الاستراتيجي لهذا الشعب شمالا وشرقا وجنوبا.
    لقد اعترفت تركيا بحركة المقاومة الإسلامية “حماس″ عام 2008، وانتهجت منذ ذلك الحين سياسة متوازنة بين طرفي الانقسام الفلسطيني تدعو إلى المصالحة الوطنية.
    وهي تخلط واعية بين دعمها لحركة حماس في قطاع غزة انطلاقا من الرابطة الأخوية المشتركة في جماعة الإخوان المسلمين وبين دعم تركي إعلامي لرفع الحصار عن القطاع وليس للمقاومة الفلسطينية فيه، إذ لم يسجل أبدا حتى الآن أي دعم تركي تسليحي أو تدريبي للمقاومة الفلسطينية، ويتركز الدعم التركي لحماس على إعادة إعمار المساجد التي دمرها العدوان الإسرائيلي المتسلسل وعلى تدريس الآلاف من أبناء القطاع في المعاهد الدينية التركية.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 15-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 01:53 PM
  2. اقلام واراء عربي 14-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 01:52 PM
  3. اقلام واراء عربي 12-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 01:51 PM
  4. اقلام واراء عربي 11-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:26 AM
  5. اقلام واراء عربي 02/05/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-05-13, 11:38 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •