في هذا الملف:
عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
إسرائيل تستبق زيارة كيري: تهديد بالتصعيد واحتلال المدن
بقلم: حلمي موسى عن السفير اللبنانية
«داعش».. وفلسطين
بقلم: د. فايز رشيد عن الخليج اللبنانية
شاعر فلسطيني ينتظر الإعدام في السعودية بسبب قصيدة
بقلم: أحمد عفاني قادوس – برلين عن القدس العربي
من أجل الحور العين
بقلم: نصار عبد الله عن المصري اليوم
عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
تغيرت نبرة رئيس الوزراء الإسرائيلي عند الحديث عن “الهبّة الشعبية” الفلسطينية، فمن اتهام لحماس بالتخطيط والتنظيم، وللسلطة بالصمت والتواطؤ والتحريض على “الإرهاب المنظم”، إلى حديث عن “إرهاب فردي” سلاحه “سكاكين المطابخ”، تصعب السيطرة عليه، برغم الإجراءات البربرية والعقوبات الجماعية التي أقرها مجلس الوزاري المصغر، وتحديداً ضد مدينة الخليل وأهلها، والتي بلغت ذروة عنصريتها، بدعوته الإسرائيليين إلى اخذ زمام أمنهم بأيديهم، استكمالاً لدعوات سابقة لهم، بحمل السلاح والتصرف عند الضرورة.
هو اعتراف رسمي غير مسبوق، بأن هذه “الهبّة” وقودها جيل من الشبان، جيل ما بعد أوسلو، خارج عن سيطرة السلطة وفتح وحماس والفصائل، بعد أن توصل إلى “وعي جمعي” بأن بقاء الحال من المُحال، وأن لهذا الجيل مطالب تتعدى “الأكل والشرب واللهو”، إلى الحقوق والكرامة والحرية والاستقلال... جيل لن ينتظر وصول الموفدين، ولا المؤتمرات الصحفية المشتركة الممجوجة، فقرر أخذ زمام قضيته الوطنية بيديه.
ليس “الأقصى” وما يتعرض له من من تهديدات وانتهاكات، سوى واحد فقط من “المحركات” التي تدفع هذا الجيل لامتشاق الحجر والسكين والنزول إلى الشارع بحثاً عن أول هدف ... بل وليس الفقر والبطالة هو “الباعث” الأول على تفاقم غضب هذا الجيل، بدلالة السير الذاتية للشهداء الذين اخذوا على عاتقهم مسؤولية القيام بدور طليعي ومبادر إلى “الهبّة”، حتى الشهادة ... الإسرائيليون يعترفون، بعضهم على الأقل، بان “خنق القدس” من جهة، وانعدام أي أفق أو أمل بمستقبل وطني أفضل، هي في صدارة الدوافع والأسباب التي تحرك هذا الجيل، لا في القدس وحدها، بل في عموم المناطق الفلسطينية المحتلة.
وهي ظاهرة مقلقة للمستويين الأمني والسياسي في إسرائيل، حيث تقف حكومة نتنياهو بعد سبعة أسابيع على اندلاع “الهبة”، عاجزة عن وقفها أو احتوائها، والأرجح أن تصعيد الإجراءات العقابية الجماعية والفردية، لن يؤدي إلا إلى زيادة الغضب وتسعير المواجهة وصب المزيد من الزيت على نار الاحتجاجات المتأججة ... وهذا الوضع الآخذ في التصاعد، هو ربما، ما جاء بوزير الخارجية الأمريكية ثانية للمنطقة، في مسعى لاستعادة الهدوء والاستقرار.
كيري في جولته السابقة، أعطى إذناً من طين وأخرى من عجين لكل المطالب والنداءات الفلسطينية، كل ما همّ الرجل واهتم به، هو تدارك العلاقات الأردنية – الإسرائيلية ومنعها من الانهيار، لذلك اقتصرت التفاهمات التي توصل إليها في عمان على القضايا العالقة بين الجانبين، وظل الرئيس محمود عباس، شاهداً ومتفرجاً، على المباحثات التي تدور أساساً حول مسألة هي في صميم ولايته والمفروض أنها على رأس جدول أعماله.
لقد ظن كيري، وربما كثيرون غيره، إن بعض الإجراءات بخصوص الحرم الشريف، كفيلة باستعادة التهدئة وجلب الاستقرار، وهو أمرٌ سخرنا منه وحذرنا من مغبة الوقوع في رهانات خاطئة عليه، لكن بعد عدة أسابيع من إبرام تلك التفاهمات، ظل الوضع على ما هو عليه، بل تفاقم وازدادت حدة التوتر ... هذه المرة، يبدو أن أجندة كيري تحمل عناوين فلسطينية – إسرائيلية، لم يتطرق إليها في مهمته السابقة، فهل سينجح الرجل؟
الحقيقة أن هناك قليل من التفاؤل في قدرة الوزير كيري على اجتراح المعجزات ... الإدارة التي جاء “يتوسط” باسمها، أعلنت انسحابها من دورها في استعادة عملية السلام واستنهاض المحاولات لاستئنافها، أقله حتى نهاية ولاية أوباما ... والرجل أخفق قبل عام ونصف، في آخر وأحدث محاولاته لاستئناف مسار تفاوضي ذي مغزى، بسبب إصرار إسرائيل على “مفاوضات بلا شروط ولا مرجعيات ولا أجندات زمنية” ... والمؤكد أنه سيعمل بعقلية “احتواء الأزمة وإدارتها”، وليس بعقلية البحث عن حلول جذرية ونهائية لها ... وهذا الأمر بحد ذاته، هو وصفة مسبقة للفشل والإخفاق، في ظل انهيار جدران الثقة بين الجانبين، واكتواء الفلسطينيين المتكرر بنار التسويات المؤقتة وأنصاف الحلول وأربع المعالجات.
ثم إذ كانت للإسرائيليين مصلحة في استعادة الهدوء، بما يوفر لحكومة الاستيطان فسحة زمن إضافية لاستئناف التوسع الاستيطاني من دون أية كلف من أي نوع ... وإذا كانت للأردن أولويات مباشرة تتصل بإطفاء الحرائق ومصادر التهديد المحيطة به من جهاته الثلاث الأخرى، فليس معنى ذلك أن للفلسطينيين المصلحة ذاتها، وشعار استعادة الهدوء والاستقرار وإطفاء الهبة الشعبية، لن يجد من يشتريه من الفلسطينيين، بمن فيهم قطاعات وشرائح واسعة من السلطة وفتح.
للفلسطينييين مصلحة في استمرار الهبة وتطورها إلى انتفاضة شعبية...وصغيرهم قبل كبيرهم، يدرك تمام الإدراك، أن هذا هو الطريق لاستعادة الاهتمام الدولي بقضيته بعد سنوات من الترك والنسيان، ويعرف تمام المعرفة، أن نتنياهو وحكومته، لن يصغيا إلى مطالب الفلسطينيين من دون أن تهتز الأرض من تحت أقدامهما، لا بل أن كثيرا من الخبراء والسياسيين الإسرائيليين، يعترفون سراً وعلانية، بأن نتنياهو لن يتزحزح خطوة للأمام ما لم يشعر أن ظهره إلى جدار ، فهو لم يقبل بتطبيق اتفاق الخليل إلا بعد “هبّة النفق” في العام 1996، وهو لم يُبد استعداداً للتفاوض مع حماس، وإن بصورة غير مباشرة، إلا بعد الحرب الثالثة على غزة التي وضعت إسرائيل بمجملها، ولأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي تحت مرمى النيران الفلسطينية.
إن كان عنوان مهمة كيري “استعادة الهدوء” فمن الأفضل ألا يكلف نفسه عناء السفر ووعثائه ... إما إذا كان لديه ما يقوله، فالأفضل له ولنا وللمنطقة عموماً، أن يبدأ من بند وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى والأسيرات، ورفع القيود والعقوبات الجماعية، وتمكين الفلسطينيين من العيش على وطن أبائهم وأجادهم، بحرية وكرامة واستقلال، شأنهم في ذلك شأن سائر خلق الله.
إسرائيل تستبق زيارة كيري: تهديد بالتصعيد واحتلال المدن
بقلم: حلمي موسى عن السفير اللبنانية
استقبلت إسرائيل وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الأراضي المحتلة اليوم بمطالبات بشن حملة «سور واقي 2» واحتلال المدن الفلسطينية، رغم أن أحد الأهداف المعلنة للزيارة هو السعي للحفاظ على السلطة الفلسطينية.
وأعلن وزير التعليم رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينت، أمس، أن لا مفر لإسرائيل سوى تنفيذ عملية «السور الواقي 2» على شاكلة ما فعل الجيش الإسرائيلي في العام 2002 إثر نشوب انتفاضة الأقصى. ويتخبط الجيش الإسرائيلي في تعاطيه مع الهبّة الشعبية، بين إجراءات وقائية تضيق على الفلسطينيين في الضفة الغربية وبين إيمانه بأن هذه «جائزة لحماس» لأنها ستوسع دائرة المنخرطين في المقاومة.
وأعلن بينت، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، أنه «ينبغي الدخول بقوات كبيرة جداً إلى داخل الخليل وإلى المدن الأخرى المحيطة. لا مفرّ من فعل شيء كالسور الواقي في هذه المنطقة، وأنا شاركت في السور الواقي الأصلية في العام 2002 ولم تكن لطيفة. ولكننا فعلا دخلنا إلى المدن وإلى داخل القرى وطهرناها، وهبط الإرهاب بنسبة 80 في المئة خلال شهر. ونحن سنواصل في المجلس الوزاري المصغّر الحث من أجل هذا».
ودعا بينت إلى فرض السيادة الإسرائيلية في تجمّع مستوطنات «غوش عتصيون» ومنح العرب في تلك المنطقة حقوق الإقامة أو المواطنة، قائلا «إذا كان غوش عتصيون ليس لنا فماذا نفعل نحن فيه. وإذا كان غوش عتصيون لنا ينبغي أولا ضمه إلى إسرائيل».
ويشكل كلام بينت استقبالا مباشراً لكيري الذي يصل إلى الأراضي الفلسطينية بهدف حث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تقديم تسهيلات للسلطة الفلسطينية كي تتمكن من البقاء. ومن المقرر أن يقضي كيري يوماً واحداً، يلتقي خلاله بنتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتعتبر الزيارة استكمالاً لما تم بحثه بين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما وكيري في واشنطن مؤخراً، وتهدف إلى تهدئة الوضع في الأراضي المحتلة ومنع تصعيد محتمل. وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها كيري الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من عام بعد فشل مساعيه المكثّفة لتحريك العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويرى معلّقون إسرائيليون أن كيري يأمل بأن يكرر الانجاز الذي كان حققه قبل عام بالضبط، عندما جمع في عمان كلا من نتنياهو والملك الأردني عبد الله الثاني في مسعى لتهدئة الوضع في القدس حينها. ولكن ما لا يعرفه كيري أن الوضع الحالي أصعب بكثير مما كان عليه الحال قبل عام، ولذلك فإن فرص نجاحه تعتبر ضئيلة جداً.
ودعا كيري، من أبو ظبي، إلى التهدئة، معتبراً انه لا داعي لكل هذا العنف. وأعلن أن واشنطن «مستعدة تماماً للعمل، ولديها أفكار حول كيفية» وقف العنف، لكنه حذّر من أن «المزاج العام لا يميل إلى صالح التنازلات».
وقد سبق كيري الى المنطقة المبعوث الأميركي فرانك ليفنستاين، الذي أجرى محادثات مكثفة بين تل أبيب ورام الله لتمهيد الطريق لزيارة كيري وإنجاحها. وينقل موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر أميركي مطلع قوله إن نتائج مساعي ليفنستاين تقترب من الصفر. وقال المصدر الأميركي «كنا سنفرح لتنظيم إعلان مشترك بشأن المسجد الأقصى، أو حتى لقاء تهدئة، لكننا حالياً بعيدين عن ذلك. وبالتأكيد كيري سيعرض هذه الأفكار في لقاءاته مع نتنياهو وأبو مازن».
وكما سلف، ومن مراقبة التطورات داخل الحكومة الإسرائيلية، فإن فرص نجاح كيري في جلب تنازلات من نتنياهو لصالح الفلسطينيين في القدس المحتلة أو في الضفة الغربية تكاد تكون معدومة. فنتنياهو يتعرض لحملة من اليمين المتطرف داخل ائتلافه الحكومي وخارجه، وهو أصلاً لا يرغب في تقديم تنازلات. ومع ذلك من المحتمل أن يحاول نتنياهو تقديم تنازلات شكلية يأمل عبرها بأن يظل الأميركيون واقفين بقوة إلى جانب إسرائيل، خصوصاً في الأمم المتحدة، التي تحتفل بعد أيام عدة بيوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. ومعروف أن هناك ما لا يقل عن 20 قرار إدانة لإسرائيل ولصالح الفلسطينيين ستقر في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك اليوم.
ويعتقد خبراء في إسرائيل أن زيارة كيري هذه إذا فشلت فربما ستكون المحاولة الأميركية الأخيرة لتحريك العملية السياسية في المنطقة خلال ما تبقى من ولاية أوباما، أي حتى مطلع العام 2017. وهذا يعني أن أميركا ستترك الإسرائيليين والفلسطينيين ينضجون على نار هادئة أو ساخنة، وفق ما يريدون، إلى أن يبادر آخرون من الأسرة الدولية لفعل شيء.
وفي هذه الأثناء يجد الجيش الإسرائيلي نفسه في مفارقة واضحة تجاه كل ما يتعلق بالهبّة الفلسطينية والتعاطي معها. فالأحداث تتزايد والجمهور الإسرائيلي يطالب الجيش بـ «تحقيق النصر» عبر الدخول بقوة ضد الفلسطينيين وفرض الأمن، ولكن الجيش يعرف أن هذا جرى سابقاً وأنه لم تكن لذلك إلا نتائج جزئية ومؤقتة، وأن الوضع يتطلب حلولاً غير أمنية.
واستشهد الفلسطيني أحمد جمال أحمد طه (16 عاماً) برصاص قوات الاحتلال، بعد قتله جندياً إسرائيلياً وإصابة آخر، في عملية طعن عند محطة وقود قرب بلدة نعلين على محور مهم يربط بين القدس وتل أبيب. كما استشهد الفتى علاء خليل خشاش (16 عاماً) برصاص الاحتلال بحجة محاولته طعن جندي بالسكين عند حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية.
واستشهدت فتاة فلسطينية في الـ16 من العمر وأصيبت أخرى في الـ14 بجروح بالغة. وأظهرت لقطات، نشرها موقع «واي نت» لعملية الطعن في القدس فتاتين فلسطينيتين، وهما تتقدمان باتجاه رجل بدا أنه يسحب مسدسا. وركض رجل، عرفته الشرطة بأنه ضابط في فرق تفكيك المفرقعات، باتجاه المكان شاهراً سلاحه وأطلق النار على الفتاة الصغرى (14 سنة) فسقطت أرضا قبل أن يضربها رجل آخر بمقعد. وبعدها أطلق الضابط رصاصات عدة من مسدسه على الفتاة الكبرى (16 سنة) التي سقطت بجوار حائط. وركض الضابط عائدا للفتاة الأولى التي كانت راقدة على الأرض بلا حراك وأطلق النار عليها مرة أخرى.
وكان استشهد، امس الاول، عصام احمد ثوابته (34 عاما) والفتاة أشرقت قطناني (16 سنة)، والشاب شادي خصيب بنيران قوات الاحتلال أمس الأول، كما قتلت مستوطنة، في الضفة الغربية.
ويواجه الجيش الإسرائيلي مطالب من نوع فرض الحصار على مدن وقرى الضفة الغربية، ولكن ذلك في نظره لا يقود إلا إلى تحفيز المزيد من الفلسطينيين على المشاركة في الهبّة. وعدا ذلك فإن قدرة الجيش الإسرائيلي على تنفيذ اعتقالات واسعة صارت أكثر محدودية من أي وقت مضى، فإضافة لحوالي 700 معتقل من القدس في إطار الهبة اعتقل الجيش الإسرائيلي أكثر من 500 فلسطيني في الضفة الغربية، وخصوصا في الخليل.
وتتزايد الدعوات من ساسة ومعلقين في إسرائيل لنشر الجيش على كل المفترقات وإنشاء حواجز على الطرقات. ويقول الجيش إن مثل هذه الخطوة تتطلب منه استدعاء المزيد من قوات الاحتياط، الأمر الذي يثقل جداً على ميزانية الجيش والميزانية العامة. وتتجه الأنظار نحو محاولة تنفيذ خطوات من قبيل إنشاء مراكز مراقبة دائمة على الطرقات وسد الثغرات التي لا تزال قائمة في الجدار الفاصل.
وازداد الارتباك في إسرائيل عندما أظهر بحث أجراه «المعهد الإسرائيلي للديموقراطية» أنه خلافاً لقرارات الحكومة والمحكمة العليا فإن هدم بيوت منفذي العمليات ضد إسرائيليين لا يردع آخرين، بل إنه يشجع الآخرين على الانضمام لعمليات المقاومة. وتقول نتائج هذا البحث أنه يتعذر العثور على ما يؤكد صحة الموقف القائل بأن هدم البيوت يحقق الردع، في حين هناك ما يؤكد الأطروحة النقيض، بأنها تشجع على الانضمام لمنظمات «عدائية».
«داعش».. وفلسطين
بقلم: د. فايز رشيد عن الخليج اللبنانية
مدعومون من قوى دولية وإقليمية، حتى وإن ادّعت شن الحرب عليهم، وادعت إحداها مراقبة حدودها لمنع تسللهم إلى الدول العربية المجاورة، فإن الإرهابيين التكفيريين يريدون فرض جدول أعمالهم على المنطقة والعالم، سواء في التوقيت الذي يختارونه، أو في الأهداف التي يريدون مهاجمتها. كانت هجمات باريس الإرهابية الدموية، حلقة تالية لتفجير الضاحية الجنوبية في بيروت، المزدحمة بالفقراء والأبنية المتلاصقة. تماماً كما تفجيرات العاصمة الفرنسية، التي تعجّ بالعاديين من البشر، من كل الأجناس.
إنهم يتقصدون دوماً، إزهاق أرواح المزيد من الأبرياء، وسفك المزيد من الدماء، هذا ما تقول به ثقافتهم التكفيرية وضيق آفاقهم ورفضهم الآخر!
لطالما زعموا ويزعمون بأنهم المسلمون الحقيقيون! ويحددون معايير الإيمان و«مواصفات» الدخول إلى الجنة، والاستمتاع بالحور العين؛ اللواتي هُنّ مكافأة لهم على «جهادهم» الدنيوي، وإيغالهم بعيداً في سفك دماء أكبر عدد من الأبرياء.
عند كل منعطف في الصراع الفلسطيني العربي ضد العدو الصهيوني، يلجأ «داعش» إلى القيام بتفجيرات إرهابية، ليتم حرف الأنظار عن بؤرة الحدث الفلسطيني الأهم، لصالح التوجه لإرهابه! باعتباره الأبرز بين كل الأحداث!
للعلم: منذ اللحظة الأولى للعدوان الصهيوني على المسجد الأقصى وبدء الانتفاضة الحالية، كان من المفترض في التنظيمات التي تطلق على أسمائها وصف «الجهادية»؛ أن تترك معاركها التي تشنها ظلماً وعدواناً على دول عربية كثيرة، أن توجه كل أسلحتها إلى العدو الصهيوني.
فوفقاً للدين الإسلامي الحنيف فإن الجهاد ضد «إسرائيل» هو الأهم والأولى، فالعدو الصهيوني هو المغتصب للأرض العربية الإسلامية، وهو القاتل للبشر والمدنيين والأطفال الفلسطينيين، وهادم البيوت، وهو العدو الرئيسي للإسلام! لكن هذه التنظيمات؛ وبدلاً من الجهاد الأكبر المفترض أن تخوضه ضد عدو الدنيا والدين، فإنها تواصل مخططاتها التخريبية في الدول العربية والعالم، باعتبار ذلك أهم وأولى من تحرير بيت المقدس والمسجد الاقصى.
الظاهرتان.. «إسرائيل» و«داعش» من صنع الغرب (بريطانيا أنشأت الكيان، والولايات المتحدة تولت رعايته فيما بعد، وهي مَنْ أنشأت القاعدة وفروعها).
وظيفة الكيان تخريب النسيج الاجتماعي لشعوب الأمة الواحدة، ومنع لقائها الجمعي، وتفتيت دولها إلى دويلات مذهبية وطائفية وإثنية لتحقيق الدولة اليهودية.
للأهداف نفسها أنشئت القاعدة وفروعها؛ ومنها «داعش»، والطرفان يسعيان إلى ذات الأهداف، ويمارسان الإرهاب، كلّاً على طريقته، لتحقيقها.. «داعش» تتلمذ عل يدي أستاذه الصهيوني في إثارة النزاعات الطائفية والمذهبية والإثنية في العالم العربي وفي اقتراف المذابح، وعمليات التهجير.
إعلان هذا التنظيم الأصولي الإرهابي حول الخلافة ينبع من افتئات واضح على الإسلام، الذي هو بعيد كل البعد عما يمارسه «داعش»؛ من ذبح لكل من يعارضه أو حتى يخالف أوامره، وبطريقة وحشية بعيدة عن الإسلام وتعاليمه الحنيفة، فالتمثيل بالجثث وبشكل مهين، هو بعيد عن الإسلام، باعتباره ديناً إنسانياً.
إن «إسرائيل» هي المستفيدة أولاً وأخيراً من إرهاب «داعش»، لذا حاولت استثمار هذه الهجمات الإرهابية لتشويه حقيقة الإسلام من أجل إقناع العالم بالربط بين كل العرب والمسلمين والإرهاب. لتحويل الأنظار عن جرائمها العنصرية بحق شعبنا الفلسطيني.. ولربط مقاومة الفلسطينيين المشروعة ضد الاحتلال ب «الإرهاب». أيضاً مستفيدة، لأجل الاستمرار في مصادرتها للأرض الفلسطينية، ولإزاحة الاهتمام عن التناقض الرئيسي، بينها وبين الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وللمزيد من تزييف الوقائع بالادعاء أنها ليست سبب الصراعات في المنطقة، وهي المليئة بالصراعات العربية العربية. هكذا يؤدي تنظيم «داعش» خدماته للكيان الصهيوني.
شاعر فلسطيني ينتظر الإعدام في السعودية بسبب قصيدة
بقلم: أحمد عفاني قادوس – برلين عن القدس العربي
فليترك الإبداع لشأنه
الشعر ليس كالعلوم الدقيقه فهو حمال أوجه لذلك من المعيب أصلا أن يحاكم شاعر أو رسام أو أي فنان. فلتترك الإبداعات لشاأها كي تتطور البلاد وتهنأ العباد.
إن التلصص على الناس ليس من شأن السلطات التي تنوي خدمة الأوطان وبناء الحضارات، وفي كل المقاييس فإن القاضي الذي حكم على الشاعر بالإعدام ليس له ضمير حي. ومن ينفذ الإعدام أو يأمر بالتنفيذ فإنه قام بفعل شنيع نتمنى أن يطلق سراح الشاعر أو يخفض الحكم إلى عقوبة أقل.
محمد الحياني – العراق
تعقيبا على مقال ياسين الحاج صالح: المبعوثون والممثلون الدوليون وما شابه
تقليد الغرب
يبدو أنه لامخرج لنا من دوامة الأزمات وتوالي أنظمة الاستبداد التي صنعتها إلا بتقليد الغرب وتهيئة كل ما نستطيعه من أسباب لكي يقبل بمساعدتنا. كمفكر سوري أود ان أسألك : إذا كنت في مكان اوباما وتعرف ما صنعناه نحن العرب مباشرة بعد التدخل الغربي العسكري لنجدتنا، وخدمة أهدافه الاستراتيجية عندما تتقاطع مع تلك النجده، هل كنت ستخاطر بالتدخل مرة أخرى لاسيما وأن هناك مجتمعا مدنيا وصحافة حرة الخ..الخ.. في بلدك سيحسابك ويسقطك في الانتخابات؟ ألم ننقلب علي التدخل العسكري الغربي في كل مكان ( العراق وليبيا) ثاني يوم بعد سقوط نظام صدام والقذافي لنجعل من جنوده هدفنا الأول ونقتل الآلاف منهم بدلا من الاستفادة من الفرصة التي اتيحت لنا ونركز على بناء بلداننا ديمقراطيا لكي نغدو قادرين علي التحرر من التقليد والنجدة؟
عبد الكريم محمود
تعقيبا على مقال وائل عصام: من نفذ هجمات باريس؟
من يزرع الريح يحصد العاصفة
هل نسينا تصرفات الفرنسيين طوال وجودهم في الجزائر لأكثر من مائة سنة؟ وكان البشر عندهم صنفين لا أكثر. إنسان راق «يوروبيان» يحظى بالاحترام و«مُسلمان» كان جنود الفرقة الأجنبية يتفننون في إهانته واحتقاره. ويتعرض أحفادهم في فرنسا اليوم أيضا للاضطهاد المنظم الذي يمارسه تحالف يميني عنصري وصهيوني. وكان من الممكن أن يكون تصرف المغاربة في ضواحي باريس معتدلا لو أظهر المسؤولون الباريسيون شيئا من الندم والاعتذار ! ورغم كل ذلك فإن الإرهاب مرفوض ولا يتحلّى مرتكبوه برجولة المقاتل.
إلا أن البشر ليسوا ملائكة، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة.
من أجل الحور العين
بقلم: نصار عبد الله عن المصري اليوم
فتاة رائعة الجمال (سنكتشف فيما بعد أنها ضابطة مخابرات إسرائيلية) تقف أمام (جهادى) سلفى ذى لحية كثيفة.. تقول له بلهجة واثقة: من حقك أن تصدق أو لا تصدق.. لكننى لست من بنات الأرض.. أنا حورية من الجنة، وقد أتيت فقط لكى ترانى، بعدها سأعود لأنتظر.. فإذا أنعم الله عليك بالشهادة وأنت تحارب الكفار وتنسفهم من على وجه الأرض.. فسوف تنالنى، وربما تنال من هن أجمل منى ففى الجنة الكثير من الحور العين!!.. تصعد إلى سيارتها وتنطلق بها.. (الجهادى) لا يقهقه ولا يحاول السخرية من تلك التى تدعى أنها حورية! مع أن الحور لسن بحاجة إلى سيارات لكى يذهبن بها إلى الجنة أو لكى يأتين بها منها!!، إنه لا يهتم كثيرا بتلك التفاصبل الصغيرة، ولكنه يتوقف عند (الجوهر)!!.. والجوهر يتمثل فى أن من ينال الشهادة سوف يدخل الجنة، ومن يدخل الجنة سوف ينال الحور العين!!.. رأسه يدور، وهو فى ذلك معذور!!، فمثل ذلك الجمال الخلاب يدير رأس الإنسان العادى أيا ما كانت ديانته فكيف (بجهادى سلفى) ليس بوسعه أن يفهم نعيم الجنة إلا بالمعنى الحسى الخالص، وليس بوسعه أن يفهم معنى الحور العين باعتبارهن رموزا وإشارات إلى ما سوف يجنيه ذوو العمل الصالح فى الآخرة من المتع الروحية لا الجسدية.. وليس بوسعه أن يتصور الحور العين إلا نساء جميلات يأتيهن المرء كما يأتى كل من ملكت يمينه.. إنه لا يتوقف لكى يسأل نفسه هل سيحاسب على أعماله وهو فى نهاية حياته شيخ هرم، أم فى منتصف حياته وهو شاب يانع، وهل سيبعث شابا أم شيخا؟ إن كان سيبعث شابا فإن الذى بعث فى هذه الحالة هو شخص غير الذى حوسب لأن المحاسبة لا تكون إلا على سائر الأعمال، وسائر الأعمال لا تكتمل إلا لحظة الوفاة، فإن بعث على حاله لحظة الوفاة، فإنه لن يكون عندئذ قادرا على أن يأتى: لا الحور ولا غير الحور!!.. لا سبيل للخروج من هذه المعضلة إلا بأن نفهم نعيم الجنة، لا باعتباره نعيما جسديا ولا نعيما حسيا، ولكن باعتباره نعيما روحيا خالصا، وما الحور العين وما أنهار العسل واللبن إلا إشارات لتقريب الحقيقة لا الحقيقة ذاتها.. ذلك شىء يستعصى على فهم (الجهادى) السلفى ويصادر مقدما أمله الوحيد فى إفراغ طاقاته الجنسية المكبوته، خاصة بعد أن تكالبت ضده مجموعة من الظروف التى تحول دون إفراغها فى الحياة الدنيا بشكل مشروع دينيا وأخلاقيا واجتماعيا، ولم يعد أمامه من سبيل سوى أن يفكر فى إفراغها فى الحياة الآخرة!، ولو أدى به ذلك إلى أن يختلق أية ذريعة لنسف نفسه ونسف جانب من المجتمع الذى أفضى به إلى هذه الحال.. تلك حقائق لا تخفى على أى جهاز استخبارات متقدم مثل جهاز الموساد يستخدم فيمن يستخدم خبراء فى علم النفس والاجتماع، ومن ثم فإن من المرجح بل ربما من المؤكد أن محاولات معينة لاستثمار هذا الوضع قد جرت، ليس من الضرورى بطبيعة الحال أن تكون قد جرت على النحو الذى استهللنا به هذا المقال، لكن من المؤكد أنها جرت على نحو ما.. يبقى أن نقول إننا لا نرد ما جرى وما يجرى من العمليات الإرهابية الراهنة إلى الأصابع الإسرائيلية لكننا نومئ فقط إلى أنها قد يكون لها ضلع ما، ومن الطبيعى جدا أن يكون لها ضلع، وإلا فهل من المتصور أن تفوت على نفسها فرصة استثمار مناخ معين كل ما فيه من قهر وحرمان وتدهور فى التعليم والثقافة يدعوها إلى الاستثمار فيه لكى تضعف مصر غريمها الأول فى المنطقة والعمود الفقرى للأمة العربية بالكامل، ثم بعد ذلك كله لا تستثمر؟!


رد مع اقتباس