النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 22-11-2015

  1. #1

    اقلام واراء عربي 22-11-2015

    في هــــــذا الملف:
    مؤتمراتنا القومية تدين الكيان!
    بقلم: فايز رشيد عن الخليج الإماراتية
    مجرد أسئلة
    بقلم: فهد الخيطان عن الغد الأردنية
    حظر الحركة الإسلامية فــي إسـرائيـــل... لماذا وماذا بعد؟
    بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
    داعش تزرع.. والحصاد إسرائيلي!
    بقلم: حسين عطوي عن الوطن القطرية
    النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات
    بقلم: حازم صاغية عن الحياة اللندنية
    كي لا يصبح التضامن نفاقاً
    بقلم: علي جرادات عن الخليج الإماراتية

    مؤتمراتنا القومية تدين الكيان!
    بقلم: فايز رشيد عن الخليج الإماراتية
    مشكورون جدا أمناء المؤتمرات، الذين قاموا بتنظيم مؤتمر لدعم الانتفاضة الفلسطينية. مشكورة جهودهم الخيرة الأصيلة لدعم ابناء الشعب الفلسطيني في مواجهتهم للعدو الصهيوني. إن ذلك يعبر عن وحدة الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، هذه التي أصبحت في زمننا الراهن، وكأنها لغة من الماضي السحيق، وبخاصة في ظل الصراعات البينية العربية الحالية… وفي ظل الصراعات في القطر الواحد، التي تهدف إلى تغييب التناقض التناحري كأساس للتاقض الرئيس مع العدو، لصالح التناقضات العربية – العربية كأساس للتناقضات في المنطقة.
    ولان مهمة الكاتب في الأساس هي: النقد الهادف إلى ما هو أفضل… وليس كيل المديح لما هو واجب على كل عربي، وليس منّة ! لأن الدفاع عن فلسطين هو دفاع أيضا عن الذات العربية! ولان العدوان الصهيوني سيطول كل الأقطار العربية، إن لم يتم حصره على طريق اجتثاثه النهائي من الأرض العربية، كما يجري اجتثاث ورم سرطاني من الجسم الإنساني لإبرائه! تراني أنشد إلى إبداء بعض الملاحظات على هذا المؤتمر:
    اولا: عدم مغادرة المؤتمر لآليات وأساليب العمل السابقة: بيانات دعم للشعب الفلسطيني يقابلها إدانات للكيان الصهيوني. هذه التي لو جمعناها كصفوف متراصة عرضا وطولا ، لما وسعتها كل خزائن العالم! لقد أدانت الأمم المتحدة مئات المرات الكيان الصهيوني! ماذا كانت النتيجة؟ أنتم تعرفون الجواب!.
    ثانيا: تقول الفلسفة جملة في غاية الدقة والتعبير:” إن خطوة عملية واحدة… تبقى أهم من دستة نظريات”!
    ثالثا: لا نطالب مطلقا بأن يحمل اعضاء المؤتمرات السلاح، فمعظمهم تعدّى صاحبها السن القادر فيه على ممارسة الكفاح المسلح!لكنهم يستطيعون بكل الوسائل السلمية: النضال في سبيل القضية الفلسطينية، وعموم القضايا الوطنية العربية: تخصيص يوم للانتفاضة في كل شهر، لدعمها بكل الوسائل…ندوات في المدن العربية وفي القرى أيضا، لتعريف الجماهير البسيطة العادية بقضيتين: عدالة القضية الفلسطينية، وخطر المشروع الصهيوني على الأمة العربية.
    القيام بنشاطات تضامنية، مظاهرات دعم، مهرجانات، مقالات في الصحف .. وغيرها من تلك التي، تحددها القوى الوطنية والقومية والجماهيرية العربية في كل بلد… يقابلها وقفات سلمية احتجاجية، حيث تتواجد ممثليات صهيونية أو لدول تساند الكيان، إضافة إلى المطالبة الدائمة للحكومات العربية المعنية، بإغلاق السفارات والممثليات التجارية/السياسية الصهيونية ( التي هي اوكار للتآمر والتجسس على البلد العربي المعني) في العواصم العربية المعنية. بدء حملة في كل بلد عربي لجمع مليون توقيع إدانة للكيان الصهيوني، ومن ثم جمعها من الاقطار العربية، ليتم تسليمها إلى السكرتير العام للأم المتحدة.
    رفع قضايا على الكيان من الحقوقيين العرب في المحاكم الدولية.. يكفي أن نقول على هذا الصعيد:إصدار القضاء الجنوب أفريقي والإسباني مذكرات اعتقال بحق عدد من القادة العسكريين الصهيونيين، إذا ما دخلوا هذين البلدين. وكذلك تعزيز حملات مقاطعة الكيان.
    رابعا: الدعم المالي للانتفاضة والمحافظة على عروبة القدس. في الطفولة: استطاعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية، الوصول إلى الضفة الغربية، حملت شعارا “ادفع قرشا تقتل جنديا فرنسيا محتلا “. كنا كطلاب مدرسة ابتدائية في قلقيلية وغيرها.. يدفع الطالب منا مصروفه اليومي .. كان قرشا واحدا لا غير، لنصرة الجزائر!
    كان نشيدنا الصباحي قبل الدخول إلى الصفوف: قسما بالنازلات الماحقات، والدماء الزاكيات الطاهرات … وعقدنا العزم ان تحيا الجزائر،, فاشهدوا! ألا يمكن تنظيم حملات مشابهة لدعم القضية الفلسطينية؟ للعلم، لعبت هذه القضية دورا رئيسيا في تشكيل وعي جيل بأكمله على العداء للكيان الصهيوني من جهة، وتعميق الانتماء العربي من جهة اخرى.
    خامسا: نقول لبعض المشرفين على بعض هذه المؤتمرات، الذين ما زالوا متحكمين في دعوة الأعضاء، لسبب جغرافي (نظرا لتقصير أعضاء الأمانة العامة الآخرين في القيام بواجبهم!)، والذين لم يغادروا عقلية “القلعة” في التصور: بانهم عصيّون على الخطأ وأكبر من النقد، والمتعاملون بردود فعل أقرب إلى الصبيانية في دعوة هذا، وحرمان ذاك من الأعضاء! لا لسبب إلا لانه/لانهم قام/قاموا بنقد موضوعي لأعمال وقرارات هذا المؤتمر أو ذاك!
    لهولاء نقول ….عمر بن الخطاب (رضي الله عنه وأرضاه) بقامته العالية .. كان يسمع نقد الأعراب له ولم يقتلهم، بل حمد الله، أن في الدولة الإسلامية من يعمل على تقويم اعوجاج عمر إذا أخطأ! بدوره فإن فولتير قال طائعا (لم يجبره أحد): “أدفع حياتي.. من أجل أن تقول رأيك”. لا ولن يوجد ظاهرة إنسانية/أحد فوق النقد وإمكانية اقترافها/اقترافه الخطأ، فنحن بشر… وكل إنسان يعمل، يخطئ أحيانا.. هكذا أنا وغيري، ” وخير الخطّائين التوابون”.
    الذين لا يعملون هم فقط، من لا يخطئون!. وكاستمرار في الخطأ.. لم يقم المعنيون بتكلّف عناء الرد على استفسارات، الذين لم تتم دعوتهم من الأعضاء، وتجاهلوها! في الوقت الذي يقتضيه واجبهم، وتحتّم عليهم مهامتهم المنوطة بهم، والذين وُظّفوا من أجلها.. أن يردوا!ّ وهذه هي أبسط أساسيات التعامل الإنساني. ذلك لأن غير المدعوين، لم يتم إخبارهم لا من قريب او بعيد، بأن قرارا بالفصل من عضوية المؤتمر!
    سادسا: النقد في بعض العقليات العربية، غير محبب (كأقل تعبير)، وذلك في الطب يجري تفسيره بـ (تضخم الشعور بالأنا..على حساب الانت/الآخر)..بغض النظر عما يلاقيه الكاتب من إشكالات عامة او خاصة، واجبه أن ينتقد! نعم، بعض الكتّاب دفعوا أرواحهم في سبيل الكلمة… فما أسهل ردود الفعل الأخرى على ما يعتبره البعض تجريحا بهم.

    مجرد أسئلة
    بقلم: فهد الخيطان عن الغد الأردنية
    لماذا ينزل عشرات الآلاف من الأوروبيين إلى الشوارع للتنديد بالإرهاب الصهيوني كلما ضرب في غزة أو الضفة الغربية المحتلة، ولانرى في المقابل مسيرات في شوارع المدن العربية تندد بالهجمات الإرهابية في باريس؟
    لماذا لا يتجرأ ناشطون سياسيون في مسيرات "الحسيني" على رفع شعارات تشكر السويد على موقفها من قضية الشعب الفلسطيني، بينما لا يتردد المتظاهرون في الغرب على حمل صورة الطفل الفلسطيني الشهيد الذي أحرقه المستوطنون مع أفراد عائلته؟
    لماذا يشارك الآلاف من مسلمي فرنسا وأوروبا بصلوات على أرواح ضحايا هجمات باريس الإرهابية، ولا يفعل أقرانهم في عالمنا العربي الشيء ذاته؟
    هل تذكرون الملايين الذين تظاهروا في مدن أوروبا ضد الغزو الأميركي للعراق؟ لم ينزل ربعهم إلى شوارع المدن العربية في ذلك الوقت.
    هل نعود بالذاكرة إلى الوراء حين تظاهر الآلاف في المدن الغربية ضد الغزو الإسرائيلي للبنان عام1982 ، فيما عمت المظاهرات شوارع عربية احتجاجا على نتيجة مباراة كرة قدم لمنتخب عربي؟
    هل تسمعون عن حملات المقاطعة الأوروبية للبضائع الإسرائيلية، ومواقف الأكاديميين الغربيين ضد الجامعات الإسرئيلية؟ ماذا فعلنا لدعم هذه الحملات؟ أنا سأقول لكم؛ هتفنا صبيحة هجمات باريس على"الفيسبوك": "اللهم زد وبارك"!
    دانت بعض أحزابنا هجمات باريس بخجل شديد؛ تقدميون ويساريون ودعاة حقوق إنسان صمتوا كأنهم في قبور، وهم ذاتهم يمدون ألسنتهم شبرين ضد تصريح هنا أوهنا لمسؤول غربي يناهض قضايانا. لكن أحدا لا يتجرأ على إصدار بيان يشكر أنجيلا ميركل على موقفها القوي ضد حركة"بيغيدا" العنصرية، أو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على موقفه من حق اللاجئين السوريين في دخول فرنسا، حتى بعد ثبوت تورط اثنين منهم في هجمات باريس الدامية.
    كيف يمكن للمرء أن يصمت على جريمة إسقاط طائرة تحمل أكثر من مئتي نفس بشرية، لمجرد أنها روسية، فيما نرفع أصواتنا ضد قتل المدنيين في سورية بقصف الطائرات الروسية، أو ليس ركاب الطائرة مدنيون مثلهم مثل السوريين؟
    هل يعقل الصمت على جريمة الضاحية الجنوبية ببيروت، لأن ضحاياها من الطائفة الشيعية؟ وفي المقابل كيف نتغاضى عن العمليات الإرهابية في أنقرة قبل أسابيع، ولا يدين بعضنا الجريمة لمجرد اختلافنا مع موقف الحكومة التركية من الأحداث في سورية؟
    نغضب من الغرب لأنه يكيل بمكيالين حيال قضايانا، لكننا نفعل الشيء ذاته عندما يتعلق الأمر بقضاياهم لابل وبقضايانا أحيانا.
    ندين مواقف الجماعات والاحزاب العنصرية المعادية للعرب والمسلمين في الغرب، وهى تستحق هذه الإدانة بالفعل، غير أننا نصمت على العنصرية البغيضة في صفوفنا تجاه الآخر؛ الأجنبي والغربي أيا تكن هويته ومواقفه.
    إنها مجرد أسئلة تخصنا نحن، ولاتخص الآخرين. أسئلة تتصل بمنظومتنا القيمية التي أصابها العطب، لدرجة أنها لم تعد تميز بين الضحية والجلاد.
    نحن ضحايا لاستعمار أجنبي، واستبداد "وطني"، وإرهاب غمر شوارعنا بالدماء، كيف لا نشعر مع الآخرين عندما يواجهون نفس المصير؟ مجرد أسئلة، علها تذكرنا بما يجمعنا من روابط إنسانية مع البشر من حولنا في العالم.

    حظر الحركة الإسلامية فــي إسـرائيـــل... لماذا وماذا بعد؟
    بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
    أخطأت إسرائيل بحظرها الحركة الإسلامية الشمالية (إخوان الـ 48) برئاسة الشيخ رائد صلاح، فالقرار سيدفع الحركة ونشطائها للعمل “تحت الأرض”، وسيغذي اتجاهات “التطرف” في أوساطها، وسيوفر للأصوات الأكثر تشدداً في المجتمع الفلسطيني، الفرصة لإعلان سقوط كافة الخيارات السلمية والشعبية في التصدي للاحتلال، والذهاب إلى خيارات عنيفة ومسلحة.
    القرار الذي قوبل بالتحفظ من قبل أوساط إسرائيلية عديدة (ليس حباً بالحركة الإسلامية وإنما جزعاً مما يمكن أن يترتب عليه)، جاء على خلفية الدور الذي لعبته الحركة وشيخها، وما زالا يلعبانه في الدفاع عن المسجد الأقصى والتصدي للانتهاكات المتعاقبة التي تقوم بها سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنيين للحرم الشريف، وهنا يجدر التوقف أمام مسؤولية الحركة، كما تراها المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل، عن ظاهرة “المرابطين والمرابطات” في المسجد الأقصى، والذين نجحوا في جعل مهمة المتدينين والمستوطنين الإسرائيليين، صعبة للغاية.
    إسرائيل بقرارها إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، تأمل أن يفضي ذلك إلى “كسر” ظاهرة المرابطين وبالأخص المرابطات في الأقصى ... وهي الظاهرة التي أزعجت حقيقة السلطات الإسرائيلية، وباتت مصدر إلهام للعديد من الناشطين والناشطات في المجتمع الفلسطيني، بل وفي العالمين العربي والإسلامي على حد سواء .... لكن تقديرات مختلف المراقبين، تذهب في اتجاه مغاير، وترجح احتمالات التصعيد على احتمال استعادة الهدوء والسيطرة.
    والحقيقة أن ظاهرة المرابطين والمرابطات، تبدو أقرب للظاهرة العفوية منها إلى الظاهرة المنظمة، صحيح أن الحركة الإسلامية، شجعت الظاهرة واحتضنتها، إلا أن الصحيح كذلك، أن هذه الظاهرة تعبر عن تفاقم موجة الغضب والاحتجاج في أوساط الفلسطينيين، الشباب منهم بشكل خاص، وهي مرشحة للاستمرار لأن “المتطوعين” لأداء هذا الدور، إنما يفعلون ذلك لأسباب ودوافع وطنية ودينية، وهم ليسوا “ثلة من المأجورين” كما يسعى الإعلام الإسرائيلي في تصويرهم، وفي مسعى لا تخفى دوافعه على أحد، لـ “شيطنة” هؤلاء وتصوريهم كمرتزقة وعاطلين عن العمل.
    ثم، ان المرابطين والمرابطات، لا ينتمون فقط إلى الحركة الإسلامية الشمالية، وربما تكون قلة قليلة منهم، على ارتباط تنظيمي أو حتى “عقائدي” مع الحركة ... فهناك مجموعات من المرابطين توالي حزب التحرير الإسلامي المحظور ... وهناك مجموعات وطنية، تنتمي لفصائل وطنية فلسطينية، وهناك أفراد ونشطاء لا تربطهم بأية جهة من هذه الجهات، أية روابط.
    إسرائيل كما يقول خبراؤها، تأخذ على الحركة الإسلامية، أنها تخطت الحدود، وعملت على “تجنيد” شباب وشابات من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 67، وأنها قد تكون فكرت في “التجسير” بين فلسطيني الاحتلالين القديم في 48 والجديد في 67، كما تأخذ إسرائيل على الحركة أنها، ومن مرجعيتها الإخوانية، ترتبط بعلاقات تنسيق وثيقة مع حركة حماس، الأمر الذي يسهم في صب مزيد من الزيوت الساخنة على نار المواجهة الدامية التي انطلقت من الأقصى وانتشرت في معظم المناطق والتجمعات الفلسطينية، ليبلغ صداها بعض العواصم العربية والإسلامية.
    لا شيء من هذا سيتغير بعد الإعلان عن حظر الحركة الإسرائيلية ... فالشعب الفلسطيني أظهر في كل مناسبة، تمسكه بهويته ووحدته، وبرغم انقسام فصائله إلا أن “الهبّة الشعبية” الفلسطينية الراهنة، كشف عن عمق الصلات والوشائج التي تربط الفلسطينيين في مجتمعاتهم المختلفة ... والإخوان المسلمون الفلسطينيون، كبقية التيارات السياسية والفكرية، لا يعترفون بالحدود والحواجز الأمنية والجغرافية والسياسية التي تباعد ما بين تجمعاتهم ... والمؤكد أن خطاب الحركة الإسلامية، سيظل يجد من يردده في القدس والضفة وقطاع غزة، بصرف النظر عمّا إذا كان عضواً في الحركة أو ناشطاً في حماس، أو كادراً في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
    والخلاصة أن الشيخ رائد صلاح وحركته الإسلامية، ما كان لهما أن يلعبا هذه الدور المتزايد في القدس والحرم الشريف، إلا بعد أن نجحت إسرائيل في “عزل” المدينة عن عمقها الفلسطيني في الضفة الغربية، وتحديداً بعد انتفاضة النفق ولاحقاً انتفاضة الأقصى ... الحركة الإسلامية ملأت الفراغ الذي خلفته مؤسسات منظمة التحرير المحظورة في المدينة، وأهمها “بيت الشرق” ... ورائد صلاح كان “البديل الإسلامي” لفيصل الحسيني، الذي حظرت القيادة الإسرائيلية دوره المرجعي في قيادة المقدسيين ... ولا ندري بعد حظر رائد صلاح والحركة، ما البديل الذي يمكن أن ننتظره في قادمات الأيام، بيد أن وجهة تطور الأحداث في فلسطين والمنطقة، تجعل من السهل التنبؤ بهويته ومرجعياته.

    داعش تزرع.. والحصاد إسرائيلي!
    بقلم: حسين عطوي عن الوطن القطرية
    في أعقاب ازدياد خطر تنظيم،على اثر تمدده في العراق وسوريا، خرج وزير الدفاع الصهيوني السابق موشيه يعلون في أواخر أب 214 ليقول ما حرفيته «تنظيم داعش يعمل بعيداً ولا يشكل خطراً على مصالحنا».
    اليوم وبعد الهجمات الإرهابية والوحشية التي نفذها داعش في باريس والضاحية الجنوبية لبيروت، وتفجير الطائرة المدنية الروسية، وبالتالي انتشار حالة الرعب والهلع في معظم دول العالم من مخاطر وقوع هجمات مماثلة، عاد يعلون وأعلن قبل أيام، مطمئناً الرأي العام الإسرائيلي، أن «وجهة داعش ليست إسرائيل» أضاف يعلون قائلاً: «إسرائيل ليست مهددة كثيراً من قبل تنظيم داعش رغم أنها تتقاسم معنا الحدود في أكثر من منطقة، وينشط فيها التنظيم ويتمتع بقوة».
    وأكد أن داعش «يتجنب شن الهجمات على إسرائيل».
    مثل هذا الكلام لوزير الأمن الإسرائيلي يعلون يثير التساؤلات.
    لا سيما وأن العالم كله بات مهدداً من خطر داعش في حين أن إسرائيل مطمئنة لا يساورها أي قلق من هذا الخطر.
    ـ لماذا لا يشعر القادة الإسرائيليون بخطر داعش على أمن كيانهم ؟.
    ـ وما هي الفائدة التي تجنيها إسرائيل من العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم داعش هذه الأيام؟.
    ـ وبالتالي كيف يعمل المسؤولون الإسرائيليون على توظيف استفحال خطر هذا التنظيم الإرهابي وحالة الهلع والرعب التي سببتهما عملياته الإرهابية.
    أولاً: إن تأكيد أعلى مسؤول أمني اسرائيلي بان داعش لا يشكل خطراً على إسرائيل وانه مطمئن إلى ذلك، إنما يؤشر إلى احتمال كبير بوجود تنسيق أمني بين أجهزة الأمن الصهيونية، وتنظيم داعش، وهو أمر بدأ يثير شكوكاً جدية، لاسيما بعد أن سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في أعقاب مجزرة باريس إلى القول بان أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت على علم بالتفجيرات عبر اختراقات،وأعمال تنصت على مكالمات هاتفية لقيادات من داعش.
    وأكد أن إسرائيل تمتلك معلومات هامة ومؤكدة بشأن الضالعين في تفجيرات باريس وستقدمها إلى فرنسا وللجهات المعنية؟.
    وهذا يعني أن الموساد الإسرائيلي، أبلغ الحكومة الإسرائيلية بهذه المعلومات قبل حصول التفجيرات، ولم يسارع نتانياهو إلى ابلاغ الحكومة الفرنسية بها لتجنب وقوعها، وذلك بهدف استثمارها وتوظيفها في خدمة السياسية الإسرائيلية.
    ثانياً: يبدو من الواضح إن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من هذه العمليات الإرهابية، خصوصاً، وأن الأماكن التي جرى تنفيذها فيها واستهدافاتها تصب تماما في خدمة الأهداف الإسرائيلية في هذه المرحلة بالذات، التي تواجه فيها إسرائيل انتفاضة فلسطينية متجددة في فلسطين المحتلة، وتعاني من عزلة دولية بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، إلى جانب شعورها بازدياد تهميش دورها في المنطقة والعالم.
    وهذا ما يجعل الشكوك تزداد حول مدى وجود تنسيق أو اختراق كبير للموساد داخل تنظيم داعش، لاسيما وأن الأماكن التي اختارها داعش لتنفيذ عملياتها الإجرامية هدفت إلى تحقيق جملة أهداف، تخدم إسرائيل وهي:
    1ـ أن تؤدي عملية التفجيرات في ضاحية بيروت الجنوبية إلى إثارة فتنة لبنانية ـ فلسطينية من خلال مسارعة داعش إلى الإعلان بان فلسطينيين هما اللذان نفذا التفجير، وذلك لتحريض اللبنانيين على القيام بعمليات انتقامية ضد الفلسطينيين وبالتالي استهداف القضية الفلسطينية، وتشويه صورة الانتفاضة الثالثة، وإفقادها أي احتضان أو دعم شعبي لنصرتها.
    2 ـ أما عمليات باريس فإنها هدفت الى توفير الظروف المواتية لإثارة العداء ضد العرب والمسلمين في عموم الدول الغربية، وبالتالي تمكين إسرائيل من استثمار ذلك والظهور بمظهر من يساعد الغرب على مواجهة الإرهاب، وصولاً إلى انتزاع دور لها في الحرب العالمية ضد الإرهاب، لتجميل صورة إسرائيل من ناحية، وتمكين دعايتها من تشويه صورة نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضته، والخلط بينها وبين الإرهاب.
    3 ـ بخصوص التفجير في الطائرة الروسية فان حكومة نتانياهو تريد القول أنها تستطيع مساعدة روسيا في الحرب الأمنية ضد داعش، لما للموساد من قدرات واختراقات داخل هذا التنظيم، وبالتالي محاولة الحصول، في مقابل هذه المساعدة الأمنية، على ضمانات روسية بعدم تزويد سورية وحزب الله بأسلحة روسية كاسرة للتوازن.
    ثالثاً: انطلاقاً مما تقدم يمكن تفسير لماذا خطر داعش يهدد العالم لا يهدد إسرائيل، فداعش ومنذ خروجها إلى العلن لم تنفذ أي عملية ضد إسرائيل، والعمليات التي قامت وتقوم بها اليوم تخدم الإستراتيجية الإسرائيلية، وبالتالي هذا ما يفسر لماذا يعرب المسؤولون الإسرائيليون عن شعورهم بالطمأنينة، وأن عمليات داعش لن تصل إلى إسرائيل ولن تستهدفها.
    طبعاً هذا دليل إضافي على وجود مصالح مشتركة بين إسرائيل وداعش، وأن الوسائل التي يعتمدها الأخير هي نفس الوسائل التي تعتمدها إسرائيل في حروبها ضد العرب والفلسطينيين، فإسرائيل لا تتوان عن ارتكاب المجازر الإرهابية، تماماً كما يفعل داعش هذه الأيام لبلوغ أهدافه، فهو يكفر كل من يخالفه الرأي، تماماً كما تتهم إسرائيل كل من يقف ضدها بأنه معاد للسامية.
    رابعاً: إن التوظيف الإسرائيلي لخطر تنظيم داعش الإرهابي بات واضحاً، ولا يحمل أي لبس، فإسرائيل التي تملك المعلومات بشأن الضالعين في العمليات الإرهابية تريد ابتزاز العالم بها، وبالتالي مقايضة هذه المعلومات بان تجبر العالم على التعاون الأمني معها، وفك العزلة عنها واعتبارها طرفاً أساسيا في أي تحالف دولي للحرب على الإرهاب، واستطراداً دفع باريس الى التراجع عن اقتراحها نشر مراقبين دوليين في القدس، وغض النظر عن ما تقوم به اسرائيل من جرائم ضد الشعب العربي الفلسطيني، ومن استيطان وتهويد للأرض والمقدسات الفلسطينية، ومن إجراءات قمعية عنصرية ضد الفلسطينيين وانتفاضتهم الثالثة ضد جنود الاحتلال والمستوطنين.
    وأخيرا ستعمل إسرائيل على استثمار تنامي الإرهاب لأجل إخافة اليهود في العالم لدفعهم إلى الهجرة الجماعية إلى فلسطين المحتلة في سياق خطتها القاضية بتعديل الميزان الديمغرافي على الأرض فلسطين لمصلحتها، وجعل الفلسطينيين أقلية في أرضهم ووطنهم الأصلي، محرومون فيه من حقوقهم الوطنية،وهو الأمر الذي عكس نداء نتانياهو لليهود الفرنسيين للهجرة الى اسرائيل والقول لهم: «أنّ قطاراً جوياً بانتظار مساعدة كلّ يهودي يرغب بمغادرة فرنسا إلى تل أبيب».
    النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات
    بقلم: حازم صاغية عن الحياة اللندنية
    لئن كان طموح الجماعات الأكثر تقدّماً وتقدّميّة في الثورات العربيّة إدماج مجتمعاتهم في الأفق الديموقراطيّ، الأوروبيّ - الأميركيّ، فإنّ فشل الثورات يدمج تلك المجتمعات في أفق مغاير تماماً. وهذا الأخير، إذا ما نُظر إليه في أحسن حالاته وأكثرها نجاحاً، أقرب إلى أن يكون الأفق الروسيّ - الصينيّ، محذوفاً منه النجاح الاقتصاديّ للصين. وهي وجهة يعزّزها الانحسار الأميركيّ وتوسّع النفوذ والمصلحة ممّا تحقّقه روسيّا أوّلاً، والصين ثانياً، في الشرق الأوسط، وآخر علاماته توقيع اتّفاق بين موسكو والقاهرة لبناء محطّة نوويّة.
    فما يضعه نصبَ أعينهم حكّامُ بلدان «الربيع» والمعنيّون بأمرها هو تثبيت «الاستقرار» الذي هو المفتاح الأساس في فهم النظامين الروسيّ والصينيّ: الأوّل الذي صار ردّه على فوضى العهد اليلتسنيّ علّة وجوده، قبل أن يمضي في إحراق أرض الشيشان. والثاني برسمه الحدّ الفاصل بين المسموح والممنوع منذ قمعه ساحة تيان أن مين، وبالتالي اشتقاق علّة وجوده من تجنيب البلد فوضى كتلك التي أطلقتها الغورباتشوفيّة.
    ويمكن تعداد بعض الملامح العريضة الأخرى للنمط السياسيّ الروسيّ - الصينيّ، وأبرزها إيجاد واجهة منفتحة إلى هذا الحدّ أو ذاك للنظام المغلق المتمحور حول قائد قويّ. وهي في روسيّا واجهة برلمانيّة بعدما وسّعت الصين حزبها الشيوعيّ الذي تتمثّل فيه دوائر رجال الأعمال، بحيث تنضوي فيه تلك الواجهة نفسها.
    وإذ توالي موسكو قطيعتها مع مبدئي الأيديولوجيا الرسميّة والحزب الحاكم، تزاوج بكين بين هذين المبدأين والاقتصاد الرأسماليّ. هكذا يخفّف البلدان من وطأة العهدين الثوريّين، إلا أنّهما يستأنفان وجوهاً كثيرة منها، وإن اتّجها إلى قومنتها وربطها باستمراريّة تاريخهما. فإلى تكريم ماو وستالين، لا يزال النظام الروسيّ يستقي بعض كوادره من موظّفين في العهد البريجنيفيّ، كما يمضي الحزب الشيوعيّ الصينيّ مصدراً لتوليد السلطة ومصفاةً لها في آن.
    والسمات هذه نراها على أوضح ما تكون في الحالة المصريّة حيث تمكّن العهد الجديد من بلورة نفسه في سلطة تقول أنّ الاستقرار أوّل ما تنشده. فما بين استمرار الشرعيّة المستمدّة من 23 يوليو وما يصفه البعض بعودة «الفلول» عبر انتخابات سجّلت نسبة متدنّية من المشاركة، ينتصب مثال حاولته الثورات العربيّة المضادّة جميعها وتحاوله.
    ففي اليمن، قضت الصيغة الأولى للتسوية بإعادة تأهيل علي عبدالله صالح، قبل أن يسقطها صالح نفسه، كما ظهرت رهانات ليبيّة، ولا تزال، على خليفة حفتر منقذاً. وحتّى في تونس، أنجح التجارب الجديدة، يواجه «حزب نداء تونس» نقّاداً يدلّلون على اتّساعه لـ «الفلول»، بينما تتبدّى البورقيبيّة عنواناً لاستئناف بدءٍ سابق. أمّا في سوريّة فيتوسّط «داعش»، بوحشيّته المنقطعة النظير، مهمّة التعويل على بشّار الأسد بوصفه بطل المرحلة المقبلة في مكافحة الإرهاب. ذاك أنّ «داعش» الذي ساهم الأسد في إنتاجه، يردّ الجميل بأعمال تؤدّي إلى إعادة إنتاج الأسد.
    وهنا، وبفضل الإرهاب الإسلامويّ، تتذيّل الاستعارة الروسيّة - الصينيّة باستعارة غربيّة يتيمة تتماشى معها تماماً، يجسّدها الحنين إلى جورج دبليو بوش في حروبه على الإرهاب. فليس مصادفة أن تتكاثر علامات حنين كهذا في أوساط لم تُعرف إلا بالعداء لأميركا، محاربةً كانت أم مسالمة.
    وبهذه الإضافة الغربيّة، تكتمل الصورة الرغائبيّة لحكّام يضعون في مركز أحلامهم السلطة الدائمة التي تحرّم عمليّاً فصل السلطات كما تحرّم الحدّ على السلطة، مُحيلةً إلى «التراث» الغنيّ لأسلاف أطالت عمرَهم هزائمُ الثورات وما أحدثته من تجفيف الأنسال.

    كي لا يصبح التضامن نفاقاً
    بقلم: علي جرادات عن الخليج الإماراتية
    هاجم تنظيم «القاعدة» الإرهابي، (مطلع العام الجاري)، باريس، ما أودى بحياة 130 مواطناً فرنسياً. من حينه، على الأقل، كان على الدول «الغربية»، والفرنسية بالذات، إحداث تغييرات جوهرية على سياساتها الخارجية، خصوصاً المتعلق منها بالإرهاب ومحاربته، سواء لناحية التمييز بين حركة إرهابية وأخرى، أو لناحية التمييز بين ضحايا الإرهاب، أو لناحية ركوب موجة «الإسلاموفوبيا» للخلط بين الإسلام كدين وحركات ظلامية إرهابية تتلفع به وهو منها براء، أو لناحية تحميل الجاليات العربية والإسلامية في الدول الغربية وزر جرائم الحركات الإرهابية بغرض سن قوانين عنصرية تسعى إليها أحزاب سياسية وحركات مجتمعية يمينية «غربية» متطرفة، أو لناحية التستر على دول وجماعات إقليمية حليفة للدول «الغربية» تقدم المال والسلاح والتسهيلات اللوجستية ومنافذ العبور للعصابات الإرهابية، أو لناحية اختزال محاربة الإرهاب في توجيه ضربات جوية استعراضية لمواقع تنظيم «داعش» لا تستهدف القضاء عليه، إنما احتواؤه وإبقاؤه تحت السيطرة، أو لناحية الادعاء بأن القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي وحده يحتاج لسنوات، أو لناحية استخدام الحركات الإرهابية وما لا يحصى من جرائمها في المنطقة، ورقة ابتزاز سياسي لتثبيت السيطرة «الغربية» على المنطقة والعالم، سواء من خلال إطاحة أنظمة إقليمية لا تواليها، أو من خلال تحجيم دور أقطاب دولية باتت تنافسها بقوة، أو من خلال ضمان تفوق الكيان الصهيوني في المنطقة، الأمر الذي تركب موجته الحركات الإرهابية التي لم تطلق طلقة واحدة باتجاه هذا الكيان الغاصب ومصدر الإرهاب الأول في المنطقة، لتدمير الكيانات والجيوش والبنية المجتمعية الوطنية العربية، في إطار استراتيجية ممنهجة لتصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية.
    لكن الحكومة الفرنسية، وأغلب الحكومات «الغربية»، وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية، عوض أن تتعظ من هجوم «القاعدة» الإرهابي على باريس، واصلت سياستها الخارجية النفعية الملتبسة الانتقائية ومتعددة المعايير، واختبأت، كمن يختبئ خلف إصبعه، من الخطر الداهم، حين ظهر، بوضوح لا يقبل الشك، أن إرهاب عصابة «داعش»، وأخواتها كافة، بات في قلب، وليس على أبواب، الدول الأوروبية، خصوصاً، و«الغربية»، عموماً.
    بذلك كله لم تأخذ الحكومات «الغربية» على محمل الجد احتمال وقوع زلزال يشبه في مضمونه، بمعزل عن شكله، زلزال تفجيرات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة. وهذا ما وقع بالفعل في حدث غير مسبوق في تاريخ فرنسا المعاصر، حيث نفذت عصابة «داعش» الإرهابية، (في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري) مذبحة باريس الوحشية التي سقط فيها مئات المواطنين الفرنسيين الأبرياء بين قتيل وجريح.
    هنا، لئن كان من الطبيعي أن يتضامن العالم بأسره مع الشعب الفرنسي، ذلك لأن من غير الجائز، بحال من الأحوال، أن يتشفى أحد في مصابه الجلل كشعب يريد أن يعيش، كأي شعب، حياته الطبيعية، فإن تحويل هذا التضامن الواجب إلى نفاق سياسي، لا يخدم الشعب الفرنسي، ولا أي من الشعوب التي تعاني ويلات جرائم الحركات الإرهابية، بل ويحرف البوصلة عن التركيز على دعوة الحكومة الفرنسية، والحكومات «الغربية» عموماً، إلى مغادرة مواقفها الملتبسة من الإرهاب ومحاربته.
    إذ لئن كان مصيبة عدم تغيير هذه السياسة بعد الهجوم الذي شنه تنظيم «القاعدة» على باريس مطلع العام الجاري، فإنه مصيبة أعظم ألا تدفع مذبحة باريس، ومجزرة تفجير الطائرة الروسية، الحكومات «الغربية»، وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية، إلى تبني الدعوة الروسية في «قمة العشرين» إلى تشكيل جبهة عالمية للقضاء على عصابة «داعش» وأخواتها، لا كبنية عسكرية، فحسب، بل كفكرة ومصادر تمويل وتسليح وتسهيلات لوجستية ومنافذ عبور، أيضاً، بدءاً بضرب دابرها في العراق وسوريا، حيث يتركز وجودها وما لا يحصى من مذابحها ومجازرها، وصولاً إلى إنهاء وجودها في لبنان واليمن وليبيا ومصر وغيرها من دول المنطقة والعالم.
    إن تلكؤ الدول «الغربية» في تشكيل جبهة سياسية عالمية للقضاء على الإرهاب، لن يحصد غير ما حصده تأخير تشكيل الجبهة العالمية ضد الحزب النازي الألماني بقيادة هتلر والحزب الفاشي الإيطالي بقيادة موسوليني، إلى ما بعد صعودهما إلى سدة الحكم، بل إلى ما بعد مبادرتهما إلى إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية التي كبدت العالم خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة في تاريخه، فيما كان من شأن التبكير في تشكيل تلك الجبهة العالمية التي ضمت دولاً ذات مشارب فكرية وسياسات اجتماعية مختلفة أن يقضي على هاتين الحركتين العنصريتين في مهدهما.
    ونجزم أن هذا الدرس التاريخي حاضر في ذهن قطاع مهم من الشعوب الأوروبية بدأ يستفيق على قضايا اكتشف أنها من صنع الإرث الاستعماري لدوله، ولذلك أصبح يتحرك ضد الظلم. وهذا التيار في تنامٍ سواء لناحية عزل الاحتلال «الإسرائيلي» أو لناحية مناهضة الحروب غير العادلة، أو لناحية الدعوات الجدية إلى القضاء على الإرهاب الذي لا ينفع لاجتثاثه تقديم المساعدات والصدقات، بل إعادة تنظيم السوق العالمي بما يتيح للشعوب الفقيرة بناء تنمية حقيقية قادرة على فتح خيارات واسعة أمام الشعوب لتضع الإرهاب والتطرف جانباً.
    لذلك فإنه من دون ردم الهوة بين تطلعات الشعوب «الغربية» وتطلعات حكوماتها يتحول الكلام «الغربي» عن الإرهاب ومحاربته لجعجعة من دون طحين. فأوروبا الرسمية لم تتخل عن نزعتها الاستعمارية، حتى وإن رسمت في ميثاقها الأوروبي حقوق الإنسان كهدف من أهداف سياستها الخارجية وهو ما لا تمارسه بشكل نزيه. فمن أوروبا جاء كم كبير من إرهابيي «داعش» و«القاعدة» وغيرهما ليعيثوا خراباً في سوريا وليبيا. ومن فرنسا الجريحة بالذات انطلق الصهيوني صاحب الفوضى الخلاقة بيرنارد ليفي.
    وكأن فرنسا بذلك قد حملت قربة دمٍ خُرقت ليسيل الدم على رأسها، والضحية هو شعب فرنسا لا أصحاب الاحتكارات الذين حولوا فرنسا من بلد «الحرية والإخاء والمساواة»، إلى بلد استعماري تقاسم تركة العثمانيين والهولنديين وغيرهم مع دول استعمارية أخرى، في مقدمتها بريطانيا، بينما حلت الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية محل بريطانيا وفرنسا الاستعماريتين، اللتين ما زالتا تدوران في فلك السياسة الأمريكية. هنا بالضبط تكمن عراقيل تشكيل تحالف سياسي عالمي يستهدف القضاء على الإرهاب، لا احتواءه وإبقاءه تحت السيطرة.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 05-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:21 AM
  2. اقلام واراء عربي 04-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:21 AM
  3. اقلام واراء عربي 03-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:20 AM
  4. اقلام واراء عربي 02-11-2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-12-21, 11:19 AM
  5. اقلام واراء عربي 23/08/2015
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2015-09-09, 11:12 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •