هجوم نتنياهو التهكمي
بيبي يعارض إقامة الدولة الفلسطينية مبدئيا ولكن أعذاره وحدها هي التي تتغير
بقلم:بيتر باينرت،عن هآرتس
المضمونيستهزء الكاتب بحجة نتنياهو التي يسوقها للاعلام،بأن معارضته لاقامة دولة فلسطينية بسبب تخوفه من سيطرة جماعات اسلامية متطرفة على الاراضي التي يتم اخلائها،ويتساءل الكاتب هل كان نتنياهو يؤيد قبل ظهور هذه الجماعات اقامة دولة فلسطينية؟؟ويخلص الكاتب ان نتنياهو معارض لاقامة دولة فلسطينية منذ عام 1978)
في حالة أخطأتم وفكرتم بشكل مختلف ـ بنيامين نتنياهو يبقى، كما كان دوما، ملتزما بشكل عميق بحل الدولتين. صحيح أنه قبل الانتخابات تماما قال ان «كل من سيقيم اليوم دولة فلسطينية ويخلي ارضا فانه يعطي هذه الارض للإسلام المتطرف لينطلق منها للهجوم على اسرائيل»، ولكن هذا لا يعني أنه يعارض دولة فلسطينية. لا وكلا، فهو يؤجل بأسف شديد تحقق الحلم بسبب ظروف ليست تحت سيطرته.
لقد كان يريد ان تقام دولة كهذه، ولكن «الواقع تغير»، مثلما قال لاندريانا ميتشل من شبكة «ان.بي.سي» الامريكية بعد يومين من الانتخابات: «محمود عباس يرفض الاعتراف بالدولة اليهودية، عقد اتفاقا مع حماس، التي تدعو إلى ابادة اسرائيل، وكل ارض تخلى اليوم في الشرق الاوسط تحتلها قوات إسلامية». اما رون ديرمر، رجله في واشنطن فاضاف: «هو ملتزم برؤيا السلام… بدولة فلسطينية مجردة تعترف باسرائيل كدولة يهودية. ما تغير هي ظروف السنوات الاخيرة».
غير أن كل هذا ليس مقنعا حقا. فعندما يقول نتنياهو وديرمر ان اقامة دولة فلسطينية اصبح أمرا غير عملي بسبب اتفاق عباس مع حماس، بسبب رفضه الاعتراف باسرائيل كـ «دولة يهودية» وبسبب صعود الإسلام المتطرف ـ فيفهم من أقوالهما بانهما في الفترة السابقة، قبل وقوع هذه الاحداث المؤسفة، كانا يؤيدان الاقامة الفورية لدولة فلسطينية. غير أن مثل هذه الفترة لم توجد ابدا. فقد عارض نتنياهو الدولة الفلسطينية على الاقل منذ 1978، تقريبا قبل عقد من تأسيس حماس.
في 1999، قبل أن يطلب زعماء اسرائيل من الفلسطينيين الاعتراف باسرائيل كـ «دولة يهودية» (خلافا للاعتراف الصرف)، حذر نتنياهو من أن «تقسيما اضافيا للبلاد إلى دولتين غير مستقرتين وغير آمنتين، محاولة للدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه ـ هي وصفة للمصيبة». في 1998، قبل وقت طويل من سيطرة المسلمين المتزمتين على اجزاء من سوريا والعراق قال بيبي لـ «جيروزاليم ريبورت»: «انا لا اؤمن بان الدولة (الفلسطينية) هي ضرورة تاريخية… كما اني لا اعتقد ان اسرائيل يمكنها أن تحقق السلام من خلال اقامة دولة فلسطينية فقط. وعليه، فاني مقتنع بان مثل هذه الدولة ستعرض للخطر اسرائيل وتؤدي إلى الحرب».
لقد عارض بيبي الدولة الفلسطينية حين تنافس على رئاسة الوزراء في 2009، قبل أن توقع حماس وفتح على اتفاق الوحدة، وعندما لم يكن داعش قد ولد بعد. في ايار من تلك السنة قال ديرمر ـ الذي يعود اليوم ليقول ان نتنياهو ملتزم كما كان دوما «برؤيا السلام، رؤيا الدولتين للشعبين» ـ ان «الدولتين للشعبين هو حل غبي وصبياني لمشكلة معقدة جدا».
الحقيقة هي ان أمورا كثيرة بالفعل تغيرت في الشرق الاوسط في عشرات السنين الاخيرة، ولكن شك نتنياهو بالنسبة لجدوى الدولة الفلسطينية بقي مثلما كان. وبالفعل، بضغط الولايات المتحدة واوروبا، اعرب عن تأييده لحل الدولتين في خطاب بار ايلان في حزيران 2009. ولكن اذا ما قرأنا الخطاب جيدا، فاننا نرى أنه كان شكاكا في حينه فيما يتعلق بمدى عملية مثل هذا الحل بالضبط مثلما هو اليوم.
فقد صرح في حينه بان مصر والاردن «خرجا من دائرة العداء. ولكن لاسفنا ليس هذا الوضع مع الفلسطينيين. كلما اقتربنا من اتفاق سلام معهم، ابتعدوا عنه. وهم يعودوا ليطرحون مطالب لا تستوي مع الرغبة في انهاء النزاع… يقولون لنا ان الانسحاب هو المفتاح للسلام مع الفلسطينيين. وبالفعل ـ انسحبنا. ولكن كل انسحابنا استجيب بموجة… من الإرهاب والصواريخ».
ان معاذيره الحالية، التي تشرح لماذا ليس هذا هو الوقت المناسب لاقامة دولة فلسطينية ـ صعود داعش، اتفاق فتح ـ حماس، رفض عباس الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية ـ غابت عن خطاب بار ايلان لانها لم تكن وقعت في حينه. ولكن تعليله الاساسي ـ في ان اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لمثل هذه الدولة أن تقوم لانه لا يمكن الثقة بالفلسطينيين ـ هو بالضبط ذات التعليل الذي يطرحه الان.
نتنياهو لم يؤمن ابدا بانه ستنشأ في أي مرة من المرات الظروف المناسبة لاقامة دولة فلسطينية ـ لا في 1993، لا في 1998، لا في 2009 ولا في 2015. وقد اعترف بذلك في تموز من العام الماضي حين قال ان «الشعب في اسرائيل يفهم الان ما كنت أدعيه دوما: لن نتنازل في أي اتفاق عن السيطرة الامنية في المناطق التي غربي الاردن». ومثلما اشار الوف بن في «هآرتس» منذ اذار 2009: «معارضة نتنياهو للدولة الفلسطينية ليست «احبولة» المفاوضات الائتلافية، بل موقف مبدئي يطرحه منذ سنوات عديدة».
نتنياهو، الذي يوبخ غير مرة الإعلام على أنه عديم الذاكرة التاريخية، متعلق الان بذات النسيان. إذ لو ان عددا اكبر من الصحافيين الامريكيين عرفوا بانه منذ عشرات السنين يطرح في واقع الامر ذات الحجة ـ في أن اقامة الدولة الفلسطينية ليست ممكنة من ناحية عملية ـ لكانوا فهموا بان هجمة العلاقات العامة الحالية التي يخوضها تهكمية ومدحوضة على حد سواء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ساعة النووي لا تتكتك
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
المضمونيحاول الكاتب أن يصف الوضع الاقتصادي المنهار في ايران،من حيث غلاء المعيشة والتضخم المالي،ويقتبس الكاتب هذه المعلومات من صحفي ايراني بعثها لصحيفة هآرتس)
«توجد ميزة واحدة لامتداد المحادثات بين إيران والقوى العظمى. فطالما كان الرفاق يجلسون في الفندق في لوزان، فان أجهزة الطرد المركزي لا تنتج اليورانيوم المخصب»، كتب صحافي إيراني في رسالة الكترونية لـ «هآرتس». «ولكن طالما استمرت المحادثات، فان حساب نفقاتي في السوبرماركت يتضخم. الارز يكلف 2 دولار للكيلو منذ الان، الكولا تكلف نصف دولار للقنينة وعلى خدمات الكهرباء والماء أدفع أكثر من 50 دولار في الشهر». ولحظه فانه يسكن في بيت يملكه ولا يدفع ايجار شقة، قد يصل في القسم الغالي من طهران إلى أكثر من 1.500 دولار في الشهر.
وحسب تقديرات مؤسسات مالية في إيران، ففي السنة الاخيرة ارتفع غلاء المعيشة باكثر من 30 في المئة والتضخم المالي يبلغ نحو 17 في المئة. وكتب الصحافي يقول ان «استطالة المحادثات زائدة. فنحن نشعر بان الخلاف بين النظام والقوى العظمى لم يعد على عدد أجهزة الطرد المركزي او كمية اليورانيوم المخصب، بل على المكانة.
هذا وضع خطير تقرر فيه قيادتنا عنا ما هي الكرامة الوطنية وماذا سيعتبر انتصارا وطنيا في المفاوضات، ولكن باليورانيوم لا نشتري في البقالة». وبالفعل، عندما شرح وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، أول أمس في لحظة غضب بان «على الامريكيين ان يتخذوا قرارا سياسيا وان إيران قدمت التنازلات السياسية اللازمة وحان الان دور الطرف الاخر». وقد أوضحت نبرته الضغط الذي يتعرض له من خصومه في طهران.
وعلى نحو مفعم بالمفارقة، فان وضع ظريف يشبه وضع جون كيري. بانتظارهما الاثنين مواجهة عنيدة مع برلمان وكونغرس كديين يلوحان بالعصي من فوق الرؤوس. في واشنطن قد يحطم الكونغرس بوابات ساحة المصارعة ليفلتوا ثور العقوبات، بينما في طهران ينتظر الحرس الثوري والشيوخ المتطرفون كي يلطخوا الرئيس حسن روحاني بالزفت والريش.
ان الخطاب العام في إيران يشبه الخطاب العام الذي يدور في اسرائيل: هل الاتفاق جيد أم سيء؟ هل نوقع على الاتفاق الذي هو اقل جودة لإيران ام نترك طاولة المباحثات؟ ولكن هذا بالاساس خطاب النخب الذي يتبادل فيه الحرس الثوري الضربات مع النظام الذي لا يخشى او يتردد من رد الحرب بالمثل. وبالتوازي، تسمع اصوات من البرلمان الإيراني تطالب، مثلما في مجلس النواب الامريكي بان يؤتى بالاتفاق لاقرار البرلمان. ومن هنا القلق المزدوج لظريف وكيري حين يكون كل منهما مطالبا بان يحقق نتاجا يمكنه ليس فقط أن يقف فيه امام برلمانه هو بل وايضا امام خصمه، مثلما تقف امام اوباما وكيري جبهة جمهورية، فان روحاني يكافح ضد جبهة الحرس.
قبل نحو عشرة اشهر وصف روحاني الحرس الثوري دون أن يذكر اسمه كـ «اخواننا المهربين» و «الابطال الفاسدين». في نيسان الماضي شدد روحاني على أن «الجيش الإيراني هو المخول بالدفاع عن حدود الدولة» ـ الجيش الإيراني وليس الحرس الثوري. وعلى ذلك رد عليه محمد فكفور، مندوب خامينئي في الحرس الثوري بان «يوجد من يتلقون أوامرهم من جهات أجنبية.
هذه تهمة توجه كثيرا لروحاني، الذي يصفه خصومه كمن يخدم مصالح الولايات المتحدة. وعندما اشتعل الانتقاد ضد المفاوضات فقد روحاني صبره واعلن لخصومه «يمكنكم أن تذهبوا إلى الجحيم، حيث ستجدون مكانا دافئا ومريحا. الله خلقكم جبناء». ما يخفى في هذه الادعاءات هو أن الانتقاد على روحاني في الموضوع النووي هو ايضا انتقاد ضد خامينئي الذي منح حتى الان اسنادا كاملا للفريق المفاوض. وهنا يكمن الفخ الذي يوجد فيه الزعيم الاعلى: فقد اتخذ القرار ببدء المفاوضات على النووي مباشرة مع الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت عليه أن يعرض انتصارا يحافظ على شرعيته امام المحافل الراديكالية ولا يحدث شرخا مع الحرس الثوري. وبالتالي، على خامينئي أن يسير بحذر بين مصالح الحرس، ولا سيما تلك الاقتصادية، وبين ما يصفه كـ «مصالح إيران» ـ الحفاظ على طريقة النظام التي يمكن للاتفاق أن يضمنها.
المفارقة الاخرى هي أن للحرس الثوري مصلحة في رفع العقوبات وذلك لانه رغم أنهم يسيطرون على اكثر من نصف الاقتصاد الإيراني من خلال مشاريع مدنية تحت سيطرتهم ـ مثل المطار وقسم من منصات النفط ـ فان العقوبات تعرقلهم جدا في تحقيق الطاقة الاقتصادية الكامنة لهذه المشاريع. وبالمقابل، فان مالهم الكبير نجحوا في جمعه بالذات في فترة العقوبات تحت رئاسة احمدي نجاد، حين نجحوا في تسويق النفط بوسائل تلتف على العقوبات وجني الارباح المباشرة إلى جيوبهم.
ان رفع العقوبات سيفتح مسارات التجارة الحرة للنفط وغيره من البضائع، قنوات الدفع والربح ستصبح علنية وستكون تحت رقابة حكومية، استيراد البضائع قد يسلم إلى جهات تجارية خاصة لا ترتبط بالحرس الثوري، وكل هذا حين يكون على رأس الدولة روحاني، خصمهم السياسي. من هنا ايضا الاهمية الكبرى التي توليها إيران للجدول الزمني لرفع العقوبات.
وحسب جدول المواعيد، فمخطط التوقيع على الاتفاق النهائي حتى نهاية شهر حزيران. بعد سبعة اشهر من ذلك ستجرى الانتخابات للبرلمان وبعد سنة الانتخابات للرئاسة. اذا ما نفذ هذا الجدول الزمني، ستبقى لروحاني فترة زمنية طويلة ما يكفي حتى الانتخابات للبرلمان كي يثبت بان المسار الدبلوماسي الذي اختاره يحقق منفعة اقتصادية كبيرة للدولة. صحيح أن مبنى النظام في إيران يسمح للجنة حفظة الدستور ترتيب المواعيد وتحديد تشكيلة البرلمان بالتالي، ولكن في الصراع السياسي المرتقب فان الاتفاق النووي والتحسن الكبير في الوضع الاقتصادي سيخدم حركات الاصلاح جيدا.
امام المرابح السياسية التي سيحققها الاتفاق لروحاني يسعى الان الحرس الثوري إلى تعزيز مكانته في الجبهة العسكرية في الساحة العربية. وفي الاشهر الاخيرة تمتلىء وسائل الإعلام المقربة من الحرس بالتقارير من العراق، سوريا واليمن. وفيها جميعها يوصف عمل قائد قوة القدس قاسم سليماني. صورته وهو يتحدث، يتعانق او يوجه المقاتلين العراقيين والسوريين تزين الصفحات الاولى في الجرائد، وكل يوم ينشر نبأ عن انتصارات الحرس في الحرب ضد داعش.
المثير للاهتمام هو أن حرب الحرس ضد داعش بالذات تجعلهم ظاهرا حلفاء الولايات المتحدة والتحالف العربي، ذات التحالف الذي يحظى بالشتائم حين يقاتل ضد الحوثيين في اليمن. ورغم التناقضات، فان الدور العسكري للحرس في الساحة العربية يحفظ مكانة إيران كصاحبة القوة الوحيدة في المنطقة التي يمكنها أن تحل النزاعات بشكل لا يسمح للقوى العظمى العربية بتجاهلها. وهكذا، حتى لو وقع الاتفاق النووي، فان إيران لن تنزل عن جدول الاعمال الدولي والاقليمي. ولكن كي تتمكن من ان تحتفظ بهذه المكانة فانها تحتاج إلى مصادر تمويل جديدة. خط الائتمان غير المحدود لسوريا، تمويل الحوثيين في اليمن، صيانة حزب الله والاستثمارات في الباكستان وافغانستان، تستنزف دم الصندوق القومي الذي يعيش على أي حال في أزمة عميقة.
وبالتالي فان رفع العقوبات لن يعيد بناء الاقتصاد الإيراني فقط، بل وسيضع تحت تصرف الدولة الرافعة المالية اللازمة لها كي تنفس السعودية ودول الخليج في ساحات النزاع المختلفة. هذه الاعتبارات تدعم هي الاخرى الاسراع في الوصول إلى الاتفاق، ومن هنا التنازلات التي اقترحتها إيران والتي دفعت حتى فرنسا إلى الاعتراف بانه تبقت «أمتار قليلة» حتى الاتفاق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أدنى درجات السوء
الاتفاق كان يمكنه أن يكون أفضل لو لعبت إسرائيل دورا غير الذي لعبته فيه
بقلم:بن كسبيت،عن معاريف
المضمونيتحدث الكاتب عن الصعوبات التي سيواجهها تنفيذ اتفاق الاطار بين الدول الكبرى،وايران،ويقول ان الاتفاق كان يمكن ان يكون افضل لولا تدخل اسرائيل ولعبها دور الولد الشرير)
من المبكر أن نحكم على مسودة الاتفاق بين إيران والدول العظمى، حتى الآن ليس هناك اتفاق دائم، كما أن المباديء التي تم تفصيلها في يوم الخميس الماضي فدريكا موغريني ومحمد ظريف، ضبابية وغير واضحة بما يكفي. هناك خلافات في الرأي حول خمسة بنود على الأقل. كل طرف أكد على ما يريد تأكيده والإيرانيون منذ الآن يتهمون الامريكيين بتشويه الاتفاق.
الاختلاف الاساسي يتركز حول موضوع رفع العقوبات (متى وبأي وتيرة)، ولكن هناك خلافات كثيرة اخرى. الطرفان، رئيس الولايات المتحدة والرئيس الإيراني روحاني عليهما اجتياز حواجز ليست سهلة في البيت الداخلي: اوباما عليه اجتياز الكونغرس وروحاني عليه اجتياز المرشد الاعلى خامنئي. باختصار، قافلة الاتفاق لم تصل حتى الآن إلى هدفها لكنها اجتازت واحدة من المحطات المهمة في الطريق اليه. هل كان الاعلان في يوم الخميس الماضي في لوزان تاريخيا؟ هذا ما سنعرفه ربما في نهاية حزيران.
رئيس الحكومة نتنياهو عقد عشية العيد المجلس الوزاري السياسي الامني المصغر (الذي انتهت ولايته) وبعد ذلك نشرت اسرائيل بيانا شديدا ضد مسودة اتفاق الاطار. الحقيقة هي أن اسرائيل في وضع معقد وهذا هو البيان الوحيد الذي يمكن نشره في ظروف كهذه. اسرائيل ما زالت أسيرة دور الولد الشرير للمسألة كلها وليس هناك معنى لتغييره الآن.
البيان الاسرائيلي نشر رغم وجود عدد لا بأس به من البنود المهمة والايجابية في اتفاق الاطار التي فاجأت الجانب الاسرائيلي. هذه البنود وفي الاساس حقيقة أن إيران وافقت أن تخرج من حدودها تقريبا كل المادة الانشطارية (وابقاء 300 كغم من 10 أطنان)، ووافقت على مراقبة لصيقة في كل اراضيها وعلى التوقف عن تخصيب اليورانيوم في منشأة بوردو. هذه الحقائق حولت الاتفاق إلى أقل سوءً مما كان متوقعا وأقل جودة من الاتفاق الانذاري الذي تسعى اليه اسرائيل، شيء ما في الوسط.
يجب ألا ننسى أنه في المرة السابقة عندما تم التوصل إلى الاتفاق المرحلي بين إيران والدول العظمى سارعت اسرائيل كالعادة إلى الهجوم عليه وكأن الحديث يتم عن وثيقة نقل ملكية تل ابيب للإيرانيين. بعد ذلك اتضح أن الاتفاق ليس بهذا القدر من السوء. كما اتضح أن الإيرانيين خلافا للتقديرات يطبقون بنوده بصرامة، وفي نهاية المطاف عارضت اسرائيل بشدة امكانية الغاء الاتفاق التي قبل بضعة اشهر فقط عارضت التوقيع عليه بنفس الدرجة من التشدد.
باختصار، تحولت اسرائيل إلى معمل الصراخ والتحذير التي لا يوجد أحد بخلاف الحزب الجمهوري وأسيادها في الولايات المتحدة لا يأخذون اسرائيل بجدية. ومن الخسارة أن المعلومات الموجودة في أيدي اسرائيل والخبرة المتراكمة لديها والتفاهمات الخاصة بها كان يمكنها أن تلعب دورا أكثر تأثيرا في المفاوضات بين إيران والدول العظمى لو كان لها موطيء قدم مهم في واشنطن. في اللحظة التي فقدنا فيها الوصول إلى قدس الاقداس تحولنا إلى مُبعدين وفي لحظة معينة توقفنا عن استقبال آخر التطورات الداخلية من الامريكيين، فقدنا قدرتنا على تفعيل أدوات ضغط و»التأثير من الداخل». كل هذه فقدناها بفضل سياسة نتنياهو، الذي بدلا من أن يبيع كلية من اجل أن يحتل مكانا قريبا من الرئيس حاول إزاحته. لكن كل هذا أصبح من التاريخ. ماذا علينا العمل الآن.
هناك الكثير مما يمكن فعله. حكومة مسؤولة عليها في هذه المرحلة أن تصل بقوات معززة إلى واشنطن وهي تصطحب معها قائمة بكل البنود المفتوحة وكل المواضيع التي لم تغلق في محاولة حقيقية للتأثير على ما تبقى. في المقابل هذا هو الوقت للحصول من الامريكيين على الضمانات، التعهدات والتأكيدات (المكتوبة) بنفس الصيغة التي حصلنا عليها منهم في كل مرة أخذنا على أنفسنا مخاطر في مواضيع الأمن. هكذا كان على سبيل المثال بعد التوقيع على اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر، ليس هناك سبب ألا يحدث هذا ايضا الآن.
المشكلة هي أنه ليس لدينا بالضبط من نتحدث معه في واشنطن، ليس هناك سفير وليس هناك من يصغي. كل ما يوجد هو العداء والكراهية والتطلع إلى الانتقام. علينا أن نصلي لأن اوباما هو في الحقيقة السمكة الباردة التي يتحدث الجميع عنها. هذا هو الوقت لكي يُظهر سخاءً من جانبه. من الجيد لو أن نتنياهو مد يدا للتحسس، لكن ليس من المؤكد أن سيده سيسمح له بذلك.
من الواضح أنه كان بالامكان التوصل إلى اتفاق أفضل. لو أن الامريكيين كانوا يعرفون ادارة المفاوضات مع الفارسيين. لو أن الولايات المتحدة أرست حاملتي أو ثلاث حاملات طائرات في الخليج. لو أن الخيار العسكري الامريكي كان أكثر جدية. لو أن المتحدثين الامريكيين بما فيهم الرئيس اوباما نفسه لم يتصرفوا بسذاجة غبية إلى هذه الدرجة وشرحوا لكل من يريد أن يفهم إلى أي درجة يتوقون إلى الوصول إلى اتفاق والى أي درجة يشكل الاتفاق خيارهم الوحيد، إلى أي درجة الاتفاق فقط سيجلب النتائج المأمولة. في الشرق الاوسط يعرف الجميع أنه ليس بالامكان التجول بدون عصا طويلة في يد واحد على الأقل. الامريكيون في عهد اوباما وضعوا العصا في المخزن. الآن يأملون باحداث تغيير تاريخي بميزان القوة في الشرق الاوسط من خلال هذا الاتفاق مع إيران. علينا أن نأمل أن يكونوا مُحقين.
الكثير من «إذا» و«لكن»
حتى الآن يدور الحديث عن اتفاق معقول إن لم يكن أفضل من ذلك اذا نفذه الإيرانيون بحذافيره (كما نفذوا الاتفاق المرحلي)، فانهم لن يصلوا إلى القنبلة في الـ 15 سنة القادمة، هذا كان هو الهدف الذي اجتمعنا من أجله. ايضا هجوم امريكي، الذي لا يقف على جدول الاعمال، لم يكن ليبعدها 15 سنة عن القنبلة. صحيح أنه يوجد الكثير من «ربما» والكثير من «اذا» والكثير من «لكن» في هذه المعادلة، ولكن في هذه المرحلة ليس هناك خيار أفضل. ربما كان بالامكان أن تكون أفضل لو أن اسرائيل كانت تلعب دورا آخر في هذا الموضوع، لكن هذا غير موجود. هذا ما هو موجود لدينا، ومع هذا علينا التعايش، في كل الاحوال ليس هناك سبب للدخول إلى الهلع.
خلافا لما قاله بنيامين نتنياهو في نهاية الاسبوع فان مسودة الاتفاق مع إيران لا تهدد وجود اسرائيل، يمكننا مواصلة الاحتفال بعيد الفصح وستشرق الشمس غدا، وكما يبدو بعد غد، هذه الصفقة لن تُحسم في الاسابيع القريبة، الحديث يدور هنا عن عملية طويلة الأمد نتائجها لن تُحسم بالخطابات ولكن بالأفعال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مناسب لواشنطن وتل أبيب
من زاوية النظر الاستراتيجية لإسرائيل هذا اتفاق جيد لأمنها القومي ولمكانتها الإقليمية
بقلم:ألون بنكاس،عن يديعوت
المضمونيقول الكاتب ان اتفاق الاطار بين ايران والدول العظمى،جيد لاسرائيل ولواشنطن،ويتحدث الكاتب عن جزء من تفاصيل الاتفاق،ويستعرض القضايا الاربع التي لم يتم الاتفاق عليها لغاية الآن،ويخلص الكاتب في النهاية ان هذا اتفاق لترسيم الاتفاق،وليس اتفاق،ويقول ان العويل الذي يخرج من قادة تل ابيب مبالغ فيه)
في لوزان اتفاق على «اطار» وعلى «مبادئ». اطار ومبادئ جيدة لاسرائيل، أكثر بكثير مما كان يمكن لاسرائيل أن تقدره او تأمله في العشرين سنة الاخيرة. وعليه، فانه من الناحية الاستراتجية ومن ناحية الحكمة السياسية للسلوك في الساحة الدولية ـ فان الشكاوى وصرخات النجدة التي تنطلق من القدس على الاتفاق الذي «يهدد البشرية» زائدة.
اتفاق يعطل اليورانيوم المخصب الذي يكفي لانتاج سبع قنابل نووية؛ يزيد من شهرين ـ ثلاثة إلى سنة الفترة الزمنية «للانطلاق» التي تفصل بين القرار وتحويل الامكانية النووية الكامنة إلى قدرة عسكرية؛ يقلص عدد اجهزة الطرد المركزي بـ 66 في المئة من 19 الف إلى 5.060؛ يسد افق انتاج القنبلة بواسطة البلوتونيوم؛ ويثبت آلية فحص وتأكد غازية تعثر على محاولات الخداع الإيرانية ـ هو اتفاق جيد لاسرائيل من كل ناحية.
باستثناء ان هذا ليس اتفاقا بعد، ليس ترسيما لمراحل التطبيق بعد؛ ليس آلية رقابة وتأكد بعد.
لا يزال هناك اربعة مواضيع ذات مغزى لم يتفق عليها:
1. رفع العقوبات: فورا أم تدريجيا.
2. هل كل المنشآت النووية ستخضع للرقابة؟
3. اقامة الالية التي تتأكد من ان إيران تلتزم بالفعل بالاتفاق. 4. تخفيف المستوى أو نقل مخزونات الوقود النووي إلى خارج إيران. اذا ما نضجت خطوط الاطار إلى اتفاق تفصيلي، حتى 30 حزيران، فان هذا اتفاق يمكن لاسرائيل أن تكون راضية عنه. ليس بلا شكوك، ليس بلا اسئلة، ليس بلا سيناريوهات «فيما لو» ـ ولكن راضية. هذا ليس اتفاقا كاملا لانه لا توجد اتفاقات مثالية في مثل هذا الوضع، والبديل لهذا الاتفاق هو الحرب.
اسرائيل يمكنها أن تنسب لنفسها تحريك مسيرة أدت إلى مثل هذا الاتفاق بدلا من أن تعرض سيناريوهات رعب وعزل نفسها بصفتها الدولة الوحيدة في العالم التي لا ترى أي جانب ايجابي في الاتفاق.
من زاوية النظر الاستراتيجية لاسرائيل هذا اتفاق جيد لامنها القومي، جيد لمكانتها الاقليمية. فهو لا يمس بقدرتها على الردع ولا يعرضها لمخاطر أكبر مما كانت من قبل. بل العكس.
وعليه، فقد كان يمكن لاسرائيل أن تستقبل الاتفاق بايجابية. ان تعرب عن شكوكها بالنسبة لتطبيقه ومصداقية إيران، ولكن ان تقف إلى جانب الولايات المتحدة والقوى العظمى وأن تقول: «تعالوا نعطي فرصة لهذا، نشتبه، نفحص ونرى» ـ ولكننا سنعطي هذا وقتا.
ان «الاسرلة» التي اجراها رئيس الوزراء نتنياهو للموضوع الإيراني ـ والتي دفعته في السنوات الاخيرة إلى مواجهة علنية، مفتوحة وسامة مع الولايات المتحدة ـ لا تخدم أي مصلحة اسرائيلية.
افق المعارضة عبر الكونغرس ليس بالضرورة ناجعا: ليس مؤكدا ان يطرح الاتفاق على الاطلاق على الكونغرس، والسؤال هل سيتوفر 13 سناتورا ديمقراطية يعارضه فيخلق أغلبية مانعة للفيتو الرئاسي ليس محدودا فقط بالمسألة الإيرانية ـ بل بمستقبل علاقات اسرائيل مع العالم بشكل عام ومع الولايات المتحدة بشكل خاص.
وبعد كل هذا، فان المسألة المركزية التي على اسرائيل أن تستوضحها مع الولايات المتحدة ليست البرنامج النووي الإيراني، بل مكانة وسلوك إيران الجغرافي السياسي.
وعليه، ينبغي أن يجرى في اسرائيل تفكير نقدي، عديم الاراء المسبقة، في امكانية ان ترى الولايات المتحدة في إيران حليفا استراتيجيا بعد خمس سنوات ولاحقا، بعد أن يئست من العالم العربي وليس لها فيه مصالح حيوية. هذا ليس بالضرورة سيئا لاسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


يستهزء الكاتب بحجة نتنياهو التي يسوقها للاعلام،بأن معارضته لاقامة دولة فلسطينية بسبب تخوفه من سيطرة جماعات اسلامية متطرفة على الاراضي التي يتم اخلائها،ويتساءل الكاتب هل كان نتنياهو يؤيد قبل ظهور هذه الجماعات اقامة دولة فلسطينية؟؟ويخلص الكاتب ان نتنياهو معارض لاقامة دولة فلسطينية منذ عام 1978)
رد مع اقتباس