تصريحات و ردود أفعال

ملف طلب الانضمام إلي اليونسكو

رقم (4)

_______________________ _________________

في هــــــــــــذا الملف:

 عضوية فلسطين باليونسكو بين مؤيد ومعارض

 كندا تقرر معاقبة اليونسكو لقبولها عضوية فلسطين

 مثقفون فلسطينيون يرحبون بقرار ضم فلسطين لمنظمة اليونسكو

 المملكة السعودية ترحب بعضوية فلسطين الكاملة في “اليونسكو”

 هوامش على انضمام فلسطين لليونسكو.. حسابات المكاسب والخسائر

 تقرير إخباري: الفلسطينيون يستعدون لطلب عضوية مختلف المؤسسات الدولية بعد نجاحهم في اليونسكو

 العربي: موقف واشنطن في اليونسكو مؤشر سلبي لامكانية نجاح جهود السلام

 تحليل: ماذا يعني قبول فلسطين عضواً في «اليونيسكو» وتصويت فرنسا لصالحها؟

عضوية فلسطين باليونسكو بين مؤيد ومعارض

المصدر: اليوم السابع

لاقى قرار منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم "يونسكو" ارتياحاً لدى الشارع العربى الذى اعتبر القرار "منصفا" للشعب الفلسطينى وخطوة نحو الاعتراف بدولتهم فى الأمم المتحدة، فيما اعتبرته بعض الدول الغربية "محبطا ومخيب للآمال".

من جانبه، أكد رئيس الوزراء اللبنانى السابق سعد الحريرى، فى برقية تهنئة بعث بها يوم الثلاثاء إلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، أن الانتصار الدبلوماسى الذى حققته فلسطين فى حصولها على عضوية "اليونيسكو" الكاملة يمثل باكورة نضال الشعب الفلسطينى فى مسيرة الآلام الطويلة والخطوة الأولى للمبادرة الشجاعة فى التوجه إلى الأمم المتحدة للاعتراف الكامل بدولة فلسطين، معتبرا أنه رغم كل الاعتراضات فان هذا الإنجاز الكبير يعبر بوضوح عن مدى دعم وتأييد معظم دول العالم لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

وشدد على أنه مهما تصاعدت حدة الرفض الإسرائيلية فإنها لن تقوى على مواجهة إرادة الشعب الفلسطينى الصلبة وإصراره على تحقيق أمانيه وتطلعاته فى العيش بظلال دولة مستقلة ذات سيادة ومتحررة من نيران الاحتلال وطغيانه، منوها بقيادة أبو مازن الحكيمة لمسيرة الشعب الفلسطينى فى هذه المرحلة الصعبة والدقيقة من تاريخ المنطقة العربية.

من جهته، أشاد فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بالقرار الذى اتخذته منظمة اليونسكو بالاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين بالمنظمة، معتبراً ذلك القرار انتصارا للحق وإعلاء لقيمة السلام والتسامح.

وأوضح الطيب فى بيان له أن اعتراف المنظمة بالدولة الفلسطينية مجرد بداية لحصولها على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، مؤكدا أن العالم أصبح مدركا لكل ما يحدث من اعتداء وظلم ضد الشعب الفلسطينى، مشددا على انه قد آن الأوان لإقامة الدولة الفلسطينية.

كما أشاد الطيب بالدور الذى قامت به الدول العربية والإسلامية ودعمها لحصول فلسطين على العضوية بالمنظمة، وكذلك الموقف المشرف للدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية وفرنسا ووقوفهم بجانب الشعب الفلسطينى، معتبراً ذلك بداية لعهد جديد من أجل خدمة الإنسانية والشعوب المقهورة.

ودعا الولايات المتحدة الأمريكية والدول المساندة لموقف إسرائيل إلى التعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها أهم القضايا فى العالم، وبشكل يتسم بالجدية والمسئولية والإنصاف، وبما يضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطينى والتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين إزاء قضايا الأمتين العربية والإسلامية.

وحذر فضيلة الإمام الأكبر من حالة الكراهية واليأس التى يخلقها الانحياز غير المبرر لإسرائيل، خاصة فى قضية فلسطين، مجددا دعم الأزهر للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطينى لإقامة دولته المستقلة.

بدوره، أكد السفير الفلسطينى بالجزائر محمد حسن عبد الخالق أن حصول بلاده على العضوية الكاملة فى "اليونسكو" يعد نصرا للأمة العربية التى تمكنت من حشد الرأى العام الدولى وتمكين فلسطين للحصول على العضوية، مضيفا "حصولنا على عضوية اليونسكو ستكون مقدمة لانتصارنا القادم المتمثل فى الاعتراف الرسمى بالدولة الفلسطينية عضوا بمنظمة الأمم المتحدة".

وأضاف أن أغلب الأصوات التى قدر عددها ب107 أصوات من أصل 193 دولة كانت متمثلة فى دول عربية وإفريقية، إلى جانب بعض الدول الآسيوية وأخرى من أمريكا اللاتينية، كما كشف عن تصويت الدول الأعضاء فى حركة عدم الانحياز لصالح حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالمنظمة، فى حين تمسكت كل من أمريكا وإسرائيل بموقفهما الرافض لحصول فلسطين على العضوية وصوتت ضد ذلك.

وفى المقابل، أعرب وزير الخارجية الهولندى "يورى روزينتال" عن شعور بلاده بالإحباط وخيبة الأمل بسبب حصول الفلسطينيين على عضوية "اليونسكو"، مشددا على أنه يتعين أن يكون منح هذه العضوية ناتجا عن مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، وذلك تماشيا مع الجدول الزمنى الذى حددته اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الأوسط والتى تتكون من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة".

وطالب وزير الخارجية الهولندى بضرورة امتناع الأطراف عن اتخاذ خطوات تستبق نتائج المفاوضات، داعيا كافة الأطراف إلى العودة لمائدة التفاوض بأسرع وقت ممكن.

من جهة أخرى، اعتبر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف تجميد واشنطن تمويلها للمنظمة "مؤسف"، مضيفا "أنه لم المؤسف للغاية أن تحرم الولايات المتحدة اليونسكو من مساهمتها" بعد حصول فلسطين على عضوية كاملة فى المنظمة.

كندا تقرر معاقبة اليونسكو لقبولها عضوية فلسطين

المصدر: ج. الرأي الأردنية

أعلنت كندا الليلة الماضية عن انضمامها إلى الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات عقابية بحق منظمة منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التابعة للامم المتحدة لقبولها عضوية فلسطين.

وحسب مصادر اعلامية فقد قررت كندا عدم زيادة دعمها المالي لليونسكو دون إلغاء مساعداتها التي تبلغ عشرة ملايين دولار سنوياً.

وكان وزير خارجية كندا جون بايرد قال في تصريحات صحفية امس ان كندا "ليست سعيدة" بانضمام فلسطين الى اليونسكو ،وسوف تطرح مسألة مشاركتها في هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة. وقال "لسنا سعداء بقرار اليونسكو. وسوف نقيم ما سيكون عليه ردنا". واضاف "نحن بصدد تقييم مستقبل مشاركتنا.

مثقفون فلسطينيون يرحبون بقرار ضم فلسطين لمنظمة اليونسكو

المصدر: اليوم السابع

اعتبر بعض المثقفين الفلسطينيون قرار اليونسكو بمنح فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة، انتصارا للدبلوماسية الفلسطينية والعربية، ودعما لحق فلسطين فى الدفاع عن قضيتها المشروعة، كما أنه يظهر الوجه الحقيقى لكثير من الدول الديمقراطية التى أيدت الثورات العربية وحقها فى تحديد مصيرها، بينما وقفت فى وجه الشعب الفلسطينى المنهوب حقه والمسلوب أرضه من سنين، دفاعا عن مصالحها مع الكيان الإسرائيلى، وعلى جانب آخر رأى مثقفون أننا يجب نأخذ هذا القرار فى حجمه الحقيقى دون تهوين أو تهويل.

الكاتب والمفكر الفلسطينى عبد القادر ياسين، يرى أن قرار اليونسكو بإعطاء فلسطين العضوية الكاملة فى المنظمة، يعد نجاحا متواضعا ويحتاج إلى أن نراكم عليه إنجازات أخرى، فهو يشكل تقدما صغيرا للقضية الفلسطينية، إلا أنه ليس بديلا عن إقامة الدول، وأضاف: أتمنى أن نأخذ هذا القرار فى حجمه الطبيعى دون تهوين أو تهويل.

وأضاف ياسين، أن الدولة الفلسطينية المستقلة لا يمكن انتزاعها إلا من خلال كل أشكال الكفاح وليس الركون إلى قرار متواضع، وليست الصيغة "الكارثية" للمفاوضات التى مارسها عباس على مدى 20 عاما، ملاحقا خلالها الفدائيين واعتقالهم وسلبهم أسلحتهم وعرضهم للتعذيب مما أذهب بحياة الكثير منهم، ليرضى الجانب الإسرائيلى لعله يلقى بعباس "بالفتات"، وهو ما لم يحدث.

أما الروائى والكاتب الفلسطينى عاطف أبو سيف فقال: إن قرار منظمة اليونسكو يشكل انتصار الدبلوماسية الفلسطينية والعربية فى صراعها القانونى مع إسرائيل فى المحافل والمؤسسات الدولية، خاصة أنه يأتى من هيئة دولية تعنى بحماية الأماكن التاريخية والمقدسة، وأضاف أبو سيف أن هذا القرار يعد إثباتا لحق فلسطين المغتصب، خاصة أن عمق الصراع مع إسرائيل فى مكوناته هو تاريخى ومبنى على روايات متناقضة للتاريخ، رواية صحيحة يمتلكها العرب وأخرى مشوهة ومختلقة تروج لها إسرائيل.

وقال أبو سيف، إن هذه العضوية تشكل سابقة قانونية يمكن استغلالها فى الترويج لمنح فلسطين عضوية كاملة فى بقية الهيئات الدولية، وهذا يتطلب جهدا عربيا وعملا مشتركا من أجل محاربة السياسات الإسرائيلية التى تحاول المساس بالآثار العربية، إما من خلال سلبها واعتبارها إسرائيلية والترويج لذلك فى أسواق السياحة الدولية أو طمسها ومحوها يشمل ذلك أماكن فى الحرم القدسى الشريف والبلدة القديمة من القدس خاصة المقدسات المسيحية والإسلامية كما يشمل أماكن فى الخليل ونابلس وبيت لحم وأريحا.

بينما ترى الكاتبة الفلسطينية بشرى أبو شرار، قرار اليونسكو بأنه يعد مؤشرا على تهيئة للاعتراف العالمى بدولة فلسطين، لذلك انزعجت إسرائيل كثيرا بهذا القرار وحاولت منعه بكل الطرق، كما أنه ينذر بوجود تحالفات جديدة فى المشهد السياسى الدولى بسبب الارتباك الذى حدث فى التصويت بين مؤيد ومعارض لهذا القرار وأظهر الوجه الحقيقى للولايات المتحدة الأمريكية، والكثير من الدول التى تدعى الديمقراطية وأيدت ثورات الربيع العربى، بينما ترفض حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن حقه المشروع.

كما قالت أبو شرار، إن من دعم قرار اليونسكو هم الفلسطينيون أنفسهم، لأن الشعب الفلسطينى له دور كبير فى الحياة الثقافية بشكل فعال فى كل المجلات، فى الشعر والأدب والغناء، عندما كانت المنظمة تدعم الهيئات والمشاريع الثقافية فى فلسطين كانت تجد تفاعلا كبيرا من الشعب الفلسطينى، ما أخجل المنظمة ووضعها فى موقف حرج لا يعطيها فرصة للرفض، وأوضحت الكاتب الفلسطينية أن هذا القرار سيساعد الشعب الفلسطينى ليشارك فى المنظمة ويحافظ على تراثه الثقافى بتدعيم من المنظمة بشكل وليس فى صورة منح كما كان يحدث من قبل.

المملكة السعودية ترحب بعضوية فلسطين الكاملة في “اليونسكو”

المصدر: ج. المدينة السعودية

رحبت المملكة السعودية بالتصويت لصالح القبول بدولة فلسطين كاملة العضوية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وقال المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة اليونسكو الدكتور زياد الدريس في كلمة عقب التصويت: سأهنئ «اليونسكو» قبل أن أهنئ فلسطين، اليوم لم تولد فلسطين بل ولدت يونسكو جديدة، يونسكو ملامحها قوة العدالة بعد أن هيمنت عدالة القوة لعقود. اليوم نحن أمام أول نتاج لإطار الإنسانية الجديدة الذي جعلته إيرينا بوكوفا مديرة عام المنظمة المسار الرئيس لإدارتها لهذه المنظمة منذ أن أعلنت ذلك في انتخابات المدير العام الجديد للمنظمة عام 2009، هاهي بوكوفا تفي بوعدها الانتخابي، رغم حيادها الإجرائي في عملية القبول». وجدد الدريس دعم المملكة الدائم لعدالة القضية الفلسطينية، كما هنأ «اليونسكو» بهذه الخطوة الأولى المهمة والمؤثرة. وكان الفلسطينيون حققوا أمس الأول في باريس انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا بحصولهم على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) التي تعد من أبرز الوكالات الأممية. وسارعت الولايات المتحدة إلى إعلان توقفها عن تمويل اليونيسكو، بينما نددت إسرائيل بـ»مناورة فلسطينية أحادية الجانب لن تجلب أي تغيير على أرض الواقع بل من شأنها أن تبعد أي احتمال للتوصل إلى إتفاق سلام».

هوامش على انضمام فلسطين لليونسكو.. حسابات المكاسب والخسائر

المصدر: الشروق الجديد

ما من شك فى أن نتيجة التصويت على عضوية فلسطين فى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ــ107 موافقات و52 امتناعا و14 معارضة ــ تمثل انتصارا دبلوماسيا لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من أهميته التاريخية وتبعاته الواسعة، ليس فقط للقضية الفلسطينية وإنما أيضا لدول الجنوب الصاعدة بأسرها، من خلال قوته الرمزية وتداعياته الأكيدة عبر أثر الدومينو ــ فى القريب أو فى فترة لاحقة ــ على مستقبل العمل الدبلوماسى المتعدد الأطراف، بل وربما كان بالإمكان اعتباره تدشينا لمرحلة جديدة فى تفكيك وإعادة تركيب أسس توازن القوى الدبلوماسى الدولى، حيث تمكنت دولة وليدة تحت الاحتلال من إنفاذ إرادتها ــ بالأساس لمتانة قضيتها الأخلاقية، وحتى لو بشكل رمزى فى محفل دولى لا يُعنى إلا بالقوة الناعمة ــ فى مواجهة أعتى قوى العالم، وذلك بدعم وتأييد العدد الأكبر من دول العالم بمختلف مناطقه وعلى اختلاف حساسياته الإقليمية وارتباطاته الدولية.

لقد مثّلت خريطة التصويت دليلا أكيدا على الحد الأقصى ــ المحدود بشكل متزايد وربما غير متوقع ــ الذى يمكن أن تبلغه قدرات الضغط الدبلوماسى للدولة الأقوى فى العالم، سواء من زاوية الردع والتخويف أو على صعيد الإقناع والاستقطاب. وبما يترك انطباعا بأن «الظهر الأمريكى أصبح مكشوفا والهيبة الأمريكية فى مزيد من التراجع» فى غياب قوة حق النقض أو حالات عدم ملاءمة استخدام القدرة العسكرية. ولعل سوء التصرف والتقدير من جانب السفير الأمريكى فى اليونسكو «ديفيد كيليون» (كبير موظفين سابق بلجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى وعمل مع «هاورد بيرمان» و«توم لانتوس») وسوء إدارته الملف قد فاقم من آثار الصفعة الدبلوماسية غير المسبوقة التى تلقتها الولايات المتحدة فى المنظمة ومن خلالها على الصعيد الدولى.

وبدا الانقسام التصويتى الحاد بين دول الاتحاد الاوروبى إزاء مسألة العضوية الفلسطينية ــ11 دولة داعمة، و5 معارضة، و11 ممتنعة ــ اختبارا قاسيا كشف أسطورة الموقف الأوروبى الموحد، إذ أثبت التصويت فى اليونسكو تراجع أسلوب اتخاذ قرار الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى إلى مرحلة ما قبل الجماعة الأوروبية ووفقا لاختيارات كل دولة دون النظر لوجود مؤسسة مسئولة عن السياسة الخارجية المشتركة لهذه الدول. وصحيح أن مسألة عضوية فلسطين تحمل فى نهاية الأمر طابعا رمزيا فى هذه المرحلة، إلا أنها تظل مؤشرا جليا على الاحتمالات غير الضئيلة للتفتت الأوروبى فى مواجهة المسائل الدولية «الصلبة» لاسيما فى ظل أوضاع الأزمة الاقتصادية الشديدة التى تعانيها عدة دول فى الاتحاد الأوروبى كاليونان وإسبانيا وأيرلندا والبرتغال وإيطاليا، وربما فرنسا وغيرها فى مرحلة لاحقة.

من الملائم هنا التنويه إلى أن إدارة الجانب الفلسطينى لمسألة طلب العضوية اتسمت بالكفاءة وبقدر كبير من الإقدام التى يستحق عليها الاحترام والتشجيع، حتى وإن بدأت ــ أغلب الظن ــ كمجرد مغامرة غير واضحة المعالم والنهايات للحصول على ورقة تفاوضية إضافية فى عملية تفاوض قاسية ذات أبعاد أكثر اتساعا واستحقاقات أبعد أثرا. وبالتأكيد، فقد كان للدعم الكبير والدرجة العالية من التماسك من جانب مصر والمجموعة العربية باليونسكو والدول الناهضة المفصلية ــ روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ــ أهمية محورية فى التوصل لهذه النتيجة التاريخية بحق، فضلا عن التأييد الواسع من دول الـ77 والصين وعدم الانحياز ومجموعتى أمريكا الوسطى واللاتينية وآسيا باليونسكو.

فى الوقت نفسه، لا يجب إغفال الدور التحفيزى الأكيد للظرف الداخلى الفلسطينى على تحرك السلطة الفلسطينية فى هذا الاتجاه الذى بدا فى أوله مبالغا فيه، وأيضا على تشجيع العديد من الدول على تأييد طلب العضوية الفلسطينى فى اليونسكو كورقة داعمة للسلطة الفلسطينية فى مواجهة تقدير بعض هذه الدول أن النجاحات الأخيرة لحركة حماس قد عاودت رفع شعبيتها مقابل السلطة، وذلك جراء استغلال حماس الأمثل للجندى الإسرائيلى المحتجز «شاليط» فى مبادلته بعدد ضخم من الأسرى الفلسطينيين التاريخيين فى الصفقة المحورية التى رعتها مصر مؤخرا باقتدار.

بالمقابل، ورغم تصدّر الولايات المتحدة لمشهد خسارة المواجهة بشأن عضوية فلسطين فى اليونسكو، إلا أن أكبر الخاسرين فى الواقع تظل إسرائيل، التى كان التصويت لصالح فلسطين موجها لها بالأساس، حيث بدت فى حالة من العزلة الدولية الواسعة والانكشاف الأخلاقى العميق أمام المجتمع الدولى وبما لم يسمح حتى لأقرب حلفائها أو أصدقائها الأوروبيين بمساندة موقفها، الذى ازداد تدهورا داخل اليونسكو قبل التصويت بعد البيانات العنيفة البعيدة عن اللياقة الدبلوماسية من سفيرهم فى اليونسكو ووزير التعليم الإسرائيلى.

أما مديرة المنظمة ــ البلغارية «إيرينا بوكوفا» ــ فرغم «ارتمائها فى أحضان الولايات المتحدة» صاحبة الفضل الأكبر فى وصولها إلى منصبها قبل عامين، ومحاولاتها الدءوبة لإثناء الجانب الفلسطينى عن مسعاه المغلفة بالخشية على مستقبل المنظمة، إلا أن سحب التمويل الأمريكى قد يكلفها منصبها عام 2013، فى ضوء أن تقليص ما يزيد على خمس الميزانية ــ المحدودة ــ سيلقى الضوء بقوة على محدودية الخيال لديها وغياب العمق الثقافى والكفاءة الإدارية والمالية فى إدارتها للمنظمة، فضلا عن اعتمادها على عدد كبير من كبار الموظفين الغربيين والروس المعينين سياسيا والذين طبعوا المنظمة بطابع بيروقراطى / مخابراتى لا يتفق مع طبيعة الأهداف التى أنشئت اليونسكو من أجلها.

وعلى الصعيد العملى، فمن المؤكد أن ميزانية اليونسكو وبرامجه ستتضرر بشدة لاسيما على المدى القريب جرّاء سحب التمويل الأمريكى، إلا أنه من المتصوَّر ألا تُقدِم واشنطن على تنفيذ تهديداتها بالانسحاب من المنظمة، وذلك فى ضوء تغير موازين القوى وما سيستتبع ذلك الانسحاب من تحرك دول أخرى بالضرورة لملء الفراغ الناجم عنه، كالصين والبرازيل وروسيا والهند. ومن غير المستبعد أيضا أن تعاود الولايات المتحدة تقديم التمويل ولكن تدريجيا وعبر الموارد خارج الميزانية حرصا على عدم إراقة ماء الوجه.

أما بالنسبة لعملية التصويت، فقد كان لتسريب التصويت الإيجابى لفرنسا ــ ومعها إسبانيا ــ قبل عملية التصويت أبلغ الأثر فى حسم موقف عدد كبير من الدول الأفريقية وغيرها من الدول الصغيرة المترددة فى اللحظات الأخيرة، تلك الدول التى تعرضت لضغوط عنيفة من قِبل السفير الأمريكى فى اليونسكو، التى وصلت إلى حد التهديد المباشر بتدخل واشنطن لدى العواصم لنقل السفراء أو لإيقاف المعونات الأمريكية الثنائية، فضلا عن محاولات الاستقطاب اللحوحة من جانب سفيرة ألمانيا. وكان التصفيق الحاد الذى أعقب تصويت فرنسا لصالح عضوية فلسطين مصداقا للدور المحورى للتصويت الفرنسى فى تحويل الدفة فى اللحظة الحاسمة نحو تحقيق هذا الانتصار الدبلوماسى التاريخى.

وأخيرا، فلعل من المفيد بالنسبة لصانع القرار المصرى الانتباه إلى تصويت دول حوض النيل: فبينما تغيّبت جنوب السودان المنضمة قبل أيام لليونسكو عن الجلسة، فقد امتنعت إثيوبيا وإريتريا ورواندا وبوروندى وأوغندا عن التصويت. وهو ما قد يثير علامات استفهام كبيرة حول موقف حكومات هذه الدول من طرفى الصراع العربى الإسرائيلى، ويستدعى التفاعل مع هذه الدول فى إطار تغلفه الصراحة الواجبة فى إطار «الأخوّة فى النيل».

تقرير إخباري: الفلسطينيون يستعدون لطلب عضوية مختلف المؤسسات الدولية بعد نجاحهم في اليونسكو

المصدر: وكالة شينخوا

بعد أن حصلوا على دفعة كبيرة بنجاح مسعاهم بشكل لافت في الحصول على عضوية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ، بدأ الفلسطينيون الاستعدادات لتقديم طلبات عضوية كاملة في منظمات الأمم المتحدة المختلفة .

وقال مسئولون فلسطينيون ، إن تحضيرات بدأت بشكل فوري لطلب العضوية في مختلف المنظمات الدولية على غرار ما حصل في (اليونسكو) يوم الاثنين، خاصة بعد نيل أغلبية مريحة في مواجهة معارضة أمريكية وإسرائيلية شديدة .

وصوت لصالح عضوية فلسطين في (اليونسكو) 107 أعضاء، فيما عارضها 14 عضوا وامتنع عن التصويت 52 عضوا.

ووصفت الصحف المحلية في عددها الصادر امس الثلاثاء /1 نوفمبر الحالي/التصويت لصالح العضوية الفلسطينية بأنه "انتصار سياسي ودبلوماسي كبير " .

و(اليونسكو) هي أول منظمة تابعة للأمم المتحدة يحظى الفلسطينيون بعضوية كاملة فيها منذ أن تقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بطلب للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة في 23 سبتمبر الماضي، وقال عباس تعليقا على الحصول على عضوية (اليونسكو) ، إنه " دعم للحرية والعدالة وليس موجها ضد أحد".

وقال وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أمام الجمعية العمومية (لليونسكو)، إن "الانتصار الذي تحقق ما هو إلا بداية لطريق صعب لكنه سيؤدي إلى تحرير الأرض والشعب الفلسطيني من الاحتلال " .

وستتيح العضوية لفلسطين تقديم طلبات اعتراف في مركز التراث العالمي وبعضها لمواقع في الأراضي التي تحتلها إسرائيل .

ويقول مسئولون فلسطينيون ، إن لديهم حوالي 20 ملفا لتقديمها وأولها يتعلق بكنيسة المهد في بيت لحم.

وقال مدير المركز الإعلامي الحكومي في السلطة الفلسطينية غسان الخطيب لوكالة أنباء (شينخوا)، إن عضوية (اليونسكو) تمنح الفلسطينيين فائدتين في غاية الأهمية، الأولى الزخم الذي حصل عليه الجهد الفلسطيني الساعي لتدويل النقاش بشأن القضية الفلسطينية.

وأضاف الخطيب ، أن الفائدة الثانية هي مساعدة الجانب الفلسطيني في المحافظة على الإرث التاريخي "في ظل ما يتعرض له من محاولة استلاب وطمس وأحيانا سرقة من جانب إسرائيل".

من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنا عميرة إن عضوية (اليونسكو) ستعزز الموقف الفلسطيني في مواجهة إسرائيل بخصوص النزاع القائم على الجزء الشرقي من مدينة القدس وضم المواقع الأثرية والمسئولية عنها في المدينة.

وذكر عميرة لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية، أن جهدا فلسطينيا رسميا سينصب في المرحلة المقبلة على تقديم القوانين والمشاريع لمنظمة (اليونسكو) بما يعزز " الحق" الفلسطيني في مدينة القدس الشرقية ومواقعها الأثرية وهو أمر لم يكن متاحا من قبل.

وإلى جانب الفوائد الممكن جنيها من عضوية (اليونسكو) فإن الأبرز لدى الفلسطينيين يتعلق بما حصلوا عليه من ثقة في إمكانية رفع مكانتهم في كافة المنظمات الدولية الأخرى.

وأضاف أن خطوات عملية سيتم الشروع بها بهذا الصدد قريبا مشيرا إلى أن هذه الخطوات تهدف بالأساس إلى جذب اهتمام المؤسسات الدولية للقضية الفلسطينية والممارسات الإسرائيلية بحقها.

وأعلن وزير الصحة في السلطة الفلسطينية فتحي أبو مغلي، الشروع في العمل من أجل الحصول على عضوية كاملة في منظمة الصحة العالمية.

كما صرح وزير الاقتصاد حسن أبو لبدة، بأن المساعي الفلسطينية للحصول على عضوية منظمة التجارة الدولية والتي بدأت عمليا منذ عدة شهور، سيتم تكثيفها في الفترة المقبلة بهدف إنجاز كافة المتطلبات اللازمة لها.

وكانت إسرائيل قد أعربت عن رفضها لقرار منظمة (اليونسكو) منح الفلسطينيين مكانة دولة كاملة العضوية فيها، وقالت إنها ستقوم بدراسة مسألة علاقاتها المستقبلية مع المنظمة الدولية ردا على هذه الخطوة.

واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلي في بيان لها، أن عضوية (اليونسكو) "مناورة فلسطينية أحادية الجانب لن تؤدي إلى تغيير على الأرض ولن تحول السلطة الفلسطينية إلى دولة بالفعل، وإنما ستضع عراقيل أمام استئناف المفاوضات".

وقالت الوزارة، إن الطريقة الصحيحة والوحيدة للتقدم في العملية السياسية تتمثل بإجراء مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة.

وكان الفلسطينيون شرعوا في خطوات للحصول على عضوية المؤسسات الدولية خاصة في الأمم المتحدة ردا على ما يقولون إنه استمرار تعثر محادثات السلام مع إسرائيل.

العربي: موقف واشنطن في اليونسكو مؤشر سلبي لامكانية نجاح جهود السلام

المصدر: الحياة الجديدة

اعتبر الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي امس ان تجميد الولايات المتحدة مساهماتها المالية في منظمة اليونسكو بعد قبول عضوية فلسطين فيها «مؤشر سلبي على امكانية نجاح جهود السلام» بين الفلسطينيين واسرائيل. فيما عبر مجلس النواب الاردني عن استهجانه قرار الولايات المتحدة وقف تمويل منظمة اليونسكو، معتبرا قبول عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة «خطوة في الاتجاه الصحيح».

وقال العربي للصحفيين انه «مندهش من مواقف الدول التي امتنعت عن التصويت على مشروع هذا القرار ويستغرب بشدة اقدام الولايات المتحدة على تجميد مساهماتها المالية فى هذه المنظمة الدولية الثقافية العريقة».

واضاف ان «هذه الخطوة الاميركية تعطي مؤشرا سلبيا على امكانية نجاح الجهود المبذولة لإحياء مسار المفاوضات المعطلة اصلا وعلى مدى حيادية الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي إزاء جهود تحقيق السلام في المنطقة ودعم عمل منظمات الأمم المتحدة العاملة في هذا المجال».

من جانبه، عبر مجلس النواب الاردني امس عن استهجانه قرار الولايات المتحدة وقف تمويل منظمة اليونيسكو، معتبرا قبول عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة «خطوة في الاتجاه الصحيح».

واعرب المجلس في بيان بثته وكالة الانباء الاردنية عن «استهجانه لقرار الادارة الاميركية بوقف تمويل المنظمة لمعاقبتها على القرار الذي اتخذته الدول الاعضاء فيها بمنتهى الديمقراطية والعدالة التي تستحقها فلسطين».

وانتقد المجلس «موقف بعض الدول التي لم توافق على هذا القرار العادل وبالذات موقف أميركا، وهي التي تحاول باستمرار اقناع العالم بأنها حامية الديمقراطية والحرية». ورحب المجلس بانضمام فلسطين لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) كدولة كاملة العضوية، معتبرا القرار «خطوة في الطريق الصحيح».

وعبر عن الامل في ان تحذو بقية المنظمات والهيئات الدولية حذو منظمة اليونسكو في قبول فلسطين دولة كاملة العضوية.

ورحبت طهران بمنح فلسطين عضوية كاملة في (اليونسكو) وانتقدت قرار الولايات المتحدة وقف مساهمتها في ميزانية المنظمة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان «انضمام فلسطين خطوة رمزية للدعم العالمي لحقوق الشعب الفلسطيني».

ودعا الناطق الاميركيين الى عدم فقدان «شرفهم» اكثر بمعارضتهم حقوق الفلسطينيين، ملمحا بذلك الى قرار واشنطن تعليق مساهمتها المالية في ميزانية اليونيسكو. وقال ان «الولايات المتحدة يجب ان تعرف ان دعمها الاعمى للنظام الصهيوني لا مكان له في الرأي العام العالمي».

تحليل: ماذا يعني قبول فلسطين عضواً في «اليونيسكو» وتصويت فرنسا لصالحها؟

بقلم: هيثم زعيتر عن النشرة اللبنانية

94 عاماً مرت حتى الآن على إعلان وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917، حيث تحل الآن الذكرى التي تعد بل تعتبر أسوأ ذكرى لأسوأ وقائع حلت على الأمة العربية، بل والأمة الإسلامية التي تآمرت فيها الدول الغربية في أسوأ مؤامرة يقتلع فيها شعب من أرضه وأرض أجداده، هو الشعب الفلسطيني، وإعطائه لشعب آخر هو الشعب اليهودي..

هو وعد قطعه وزير الخارجية البريطاني «آرث بلفور» عبر رسالة خطية بإسم الحكومة البريطانية، وجهها إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية اللورد «ليونيل والتر روتشيلد» يمنح الشعب اليهودي وطناً قومياً في فلسطين..

ومنذ ذلك التاريخ مراحل كثيرة صعبة ومؤلمة وتاريخية في صنوف الحروب والإعتداءات الإسرائيلية المتعددة، والنضالات الفلسطينية المتكررة، يومياً على مساحة الأرض الفلسطينية، حيث يرفض الشعب الفلسطيني أي شكل من أشكال الإحتلال، ويقدم أغلى وأرفع حالات المقاومة والصمود والإستشهاد، سواءً على الصعيد الفلسطيني البحت، أو من خلال المشاركة العربية في بعض أشكال مواجهة الإحتلال، وإغتصاب الأرض، ومحاولات الإستيطان والتهويد والتشريد..

وقد سلكت القضية الفلسطينية مسالك «مجلس الأمن الدولي» و«الأمم المتحدة» و«اليونسكو» وكل المنابر الدولية، في محاولات رفض العدوان، وإثبات الحق الفلسطيني في أرضه ووطنه، بالرغم من كل المؤامرات التي يحيكها الغرب والسياسة والمصالح الدولية ضد العرب عموماً، والفلسطينيين خاصة..

عود على بدء في المأسأة الفلسطينية التي لم يشهد التاريخ منذ بدئه مأساة أو قضية مماثلة، بالرغم من كل مؤامرات العصر والتاريخ.

اليوم وبعد 94 عاماً ما تزال القضية الفلسطينية محور أهم القضايا التي تشغل العالم كله، بكل دوله العربية والإسلامية ودول الغرب من أميركا وبريطانيا والدول الأوروبية.

فالشعب المضيء بكل ألوان التضحيات يومياً وليلاً ونهاراً، وفي كل مكان وأي مكان لا يزال يقول لا حق يضيع في الأرض والوطن، قبل إستعادة الحق في الأرض والوطن والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..

لقد أعطى وعد بلفور «ما لا يملك لمن لا يستحق» - أي أعطى لشعب بدون وطن، وإنتزع هذا الحق عن شعبٍ يقيم في وطنه، وقد ساعد الإنتداب البريطاني على تنفيذ هذا الوعد بالقوة وإرتكاب المجازر وإقتلاع شعب فلسطين في أرضه ووطنه، حيث لا يزال منذ العام 1948 بين: واقع تحت الإحتلال الإسرائيلي، أو مشتت داخل الوطن، أو في الشتات في أصقاع المعمورة.

وزرعت بريطانيا الغدة السرطانية في قلب العالم العربي والإسلامي، من أجل أن تكون قاعدة متقدمة لها وللغرب، قبل أن تصبح في أحضان الولايات المتحدة الأميركية، بل مؤثرة في السياسة الأميركية، وعلى العديد من الدول الغربية، حيث برزت المشاكل في قلب العالم العربي والإسلامي حائلة دون تحقيق طموحاته بالوحدة.

منذ العام 1917 وحتى العام 1948، سعت بريطانيا مدعومة من دول غريبة إلى ترسيخ الكيان الصهيوني، على أمل أن ينسى الفلسطينيون وطنهم وأرضهم، سواء بالتقادم أو الهيمنة والإبادة، وهو ما كان قد عبّر عنه صراحة رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون بعد احتلال فلسطين في العام 1948، بالقول: « الكبار سوف يموتون والصغار سوف ينسون».

تمسك بحق العودة

ولكن أثبتت الأيام والتجارب أن الأجيال الفلسطينية، منذ الأجداد والآباء ما زالوا يتمسكون بحقهم، فكل الفئات العمرية - كباراً وصغاراً - متمسكة بهذا الحق، وهم أكثر شدة واصراراً من الأجيال التي سبقتهم، فالإطفال والشباب والصبايا يحدثونك عن فلسطين وكأنهم ولدوا وترعرعوا فيها، حيث تخيلوا ما نقل إليهم من ذاكرة الآباء والأجداد عن ذكريات وطن سليب، فعاش فيهم ولم يعيشوا فوق ترابه، ومن تسنى له زيارة أرض فلسطين ممن لم يولد فيها، حدث لدى عودته إلى أماكن الإنتشار في الشتات، عن مشاهداته، وما حمله من تراب أرض الوطن، مؤكداً التمسك بحق العودة وفقاً للقرار الدولي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 11 كانون الأول 1948 - أي بعد أقل من 7 أشهر على نكبة فلسطين، والذي نص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم التي اقتلعوا منها، وهو حق جماعي وفردي مع حق التعويض عن سنوات المعاناة والإبعاد.

الفلسطينيون الموزعون في أصقاع الأرض يعانون واقعاً إجتماعياً ومعيشياً صعباً، لأن المجتمع الدولي يكيل بمكيالين، فلا ينفذ ما يتعلق من قراراتٍ دولية ضد العدو الإسرائيلي، حتى يضرب بها بعرض الحائط، فيما يُسارع إلى تنفيذ ما هو لصالح الكيان الصهيوني.

وما زالت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا - التي كانت سبب المعاناة الفلسطينية - والعديد من الدول، تُنكر على الشعب الفلسطيني حقه بدولة فلسطين كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة، وذلك على الرغم من إعتراف 128 دولة في العالم بالدولة الفلسطينية، فيما هدد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإستخدام حق النقض «الفيتو» ضد تقديم فلسطين طلب عضويتها، حيث تضغط الإدارة الأميركية على دولٍ أعضاء في «مجلس الأمن الدولي» من أجل عدم التصويت لصالح عضوية فلسطين، من بين أعضاء المجلس الـ 15، علماً أن 8 دول أعضاء في المجلس قد أعلنت موافقتها على التصويت لصالح طلب العضوية، وهي: لبنان، روسيا الاتحادية، الصين، جنوب أفريقيا، البرازيل، الهند، غابون ونيجيريا.

الصوت الراجح

وباتت فلسطين بحاجة إلى صوت واحد، حيث من المقرر أن يتم التصويت على ذلك في الجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن، الجمعة 11 تشرين الثاني الجاري.

والدولة التي من المتوقع أن تصوّت لصالح طلب عضوية فلسطين يتوقع أن تكون البوسنة والهرسك إذا ما تم ذلك، دون إستخدام أي من الدول الأعضاء الدائمين في المجلس حق النقض «الفيتو»، سيحال طلب العضوية إلى «هيئة الأمم المتحدة»، حيث تحتاج فيها إلى 130 صوتاً لتنال الاعتراف بالدولة كاملة العضوية، وهو أمر غير صعب توافره، خصوصاً أن الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية هي في تزايد، منذ إعلان «المجلس الوطني الفلسطيني» استقلال فلسطين في الجلسة التي عقدها في الجزائر بتاريخ 15 تشرين الثاني 1988، حيث اعترف بعدها 100 دولة، إلى أن وصل العدد حالياً إلى 128 دولة.

ويبقى 5 دول أعضاء في مجلس الأمن، يتوقع أن تكون مواقفها بين استخدام «الفيتو»: الولايات المتحدة الأميركية، أو الامتناع عن التصويت أو الاعتراض: بريطانيا، كولومبيا، ألمانيا والبرتغال.

أما العضو السادس، وهي فرنسا، لم يتضح ماذا سيكون موقفها، وذلك بعد المفاجأة التي سجلتها بالتصويت على طلب قبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»، وهل هذا يعني تغييراً في الموقف الفرنسي لجهة احتمال التصويت لصالح عضوية الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن!

هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة!

عضوية «اليونيسكو»

وقد حصلت دولة فلسطين أمس الأول (الاثنين) على العضوية الكاملة في «اليونيسكو»، خلال التصويت الذي جرى في مقر المنظمة في العاصمة الفرنسية «باريس»، حيث صوّت لصالح إنضمام فلسطين 107 أعضاء، فيما عارض 14 عضواً، وامتنع عن التصويت 52 عضواً، وعارض 14 عضواً، بينهم الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل».

واللافت هو تصويت دول من أوروبا الغربية لصالح عضوية فلسطين، ومنهم إلى فرنسا، اسبانيا، بلجيكا، النرويج، النمسا، لوكسمبورغ، ايرلندا وايسلندا.

وكان واضحاً ردود الفعل على قبول عضوية فلسطين كدولة في «اليونيسكو»، التي لا يمكن أن تخضع لـ «الفيتو».

ولعل البارز، هو رد الفعل الأميركي السريع، بقرار قطع التمويل عن «اليونيسكو» بعد قبول عضوية فلسطين، حتى كان من المقرر أن تسدد واشنطن 60 مليون دولار إلى «اليونيسكو» خلال تشرين الثاني الجاري.

وقد أحرج قبول عضوية فلسطين، البيت الأبيض، حيث عبّر المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني عن ذلك، معتبراً أن ذلك «يؤتي نتائج عكسية حيال هدف المجتمع الدولي التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط».

وهذا الموقف يؤكد الانحياز الأميركي لصالح الكيان الصهيوني، حيث ترفع الإدارة الأميركية العلم الإسرائيلي في كل المحافل، وهو ما يُمكن أن يترجم في «مجلس الأمن»، إذا تأمّن تصويت 9 دول لصالح قبول طلب عضوية فلسطين، حيث ستستخدم «الفيتو» ضد هذا القبول.

ورأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن منح فلسطين العضوية الكاملة في هذه المنظمة الدولية، يُشكل «انتصاراً للحق والعدل والحرية»..

وحتى الفصائل الفلسطينية، التي كان لها إعتراض على توجه القيادة الفلسطينية إلى «مجلس الأمن الدولي» رحّبت بدخول فلسطين إلى «اليونيسكو»، معتبرة أنها «خطوة إيجابية تؤكد على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته وتراثه..

وقبول فلسطين عضواً في «اليونيسكو» يعني الكثير، وخصوصاً بشأن القدس والأماكن المقدسة والتراثية والتاريخية، التي يقوم الاحتلال الإسرائيلي، بتهويدها، أو مصادرتها أو الإستيلاء عليها وتغيير معالمها.

ويهدف الفلسطينيون من خلال الإعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، إنطلاقاً من أن إقامة دولة فلسطين مستقلة وذات سيادة، هو حق طبيعي وتاريخي وقانوني للشعب الفلسطيني يكفله القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

ويرسخ الإعتراف بدولة فلسطين ودعم إنضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة عدم أحقية «إسرائيل» بأي جزءٍ من الأرض التي إحتلتها في العام 1967، وهذا يتفق مع قرار «مجلس الأمن الدولي» 242، الذي أكد على عدم أحقية الإستيلاء على أراضي الغير بالقوة.

وإنطلاقاً من أن الأمم المتحدة قد إعترفت تكراراً أن للشعب الفلسطيني الحق في حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية، لهذا يجب إتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني وتمكينه من تقرير وضعه السياسي.

ولأن فلسطين تستوفي كافة الشروط المنصوص عليها في معاهدة «مونتفيديو» للعام 1933، من حقوق وواجبات الدول، فالشعب الفلسطيني يستوفي تلك الشروط لجهة الأرض - على الرغم من الإحتلال الإسرائيلي لها، وإقامة علاقات مع دولٍ أخرى - فهناك علاقات وسفارات وبعثات دبلوماسية لفلسطين في أكثر من 100 دولة.

وفلسطين هي دولة محبة للسلام وتلتزم بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ولديها حكومة، وقد أعلنت قبل عامين الحكومة الفلسطينية عن خطتها لبناء الدولة الفلسطينية، التي تبنتها الأسرة الدولية، ودعمت تطبيقها.

وقد أصرت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس «أبو مازن» على التوجه إلى «مجلس الأمن» وليس إلى «الأمم المتحدة»، وكان لخطابه المؤثر بتاريخ 23 أيلول وقعه وصداه لدى العالم أجمع، حيث أكد تمسكه «بالسلام، وأن لا إستئناف للمفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو - التي لا تلتزم السلام - في ظل إستمرار تهويد القدس وإقامة المستوطنات بدلاً من تجميدها».

وتزامن تقديم طلب عضوية فلسطين إلى «مجلس الأمن» مع ترأس لبنان لدورته الحالية من خلال السفير الدكتور نواف سلام، وهي عضو في «جامعة الدول العربية» و«منظمة التعاون الإسلامي» و«حركة عدم الإنحياز» و«مجموعة الـ 77»، كما أن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني عضو في هيئة الأمم المتحدة منذ العام 1947.

الخيارات المتاحة

وإذا رفض طلب عضوية فلسطين في دورة «مجلس الأمن» الحالية، فإن أمام القيادة الفلسطينية خيارات كثيرة، ومنها تكرار عملية طلب العضوية، وهو ما ينسجم مع العديد من السوابق لأعضاء حاليين في «الأمم المتحدة»، إضطروا إلى تكرار طلب العضوية عدة مرات للحصول على موافقة «مجلس الأمن»، مثل: اليابان، إيرلندا، البرتغال والأردن.

وتخشى «إسرائيل» من دخول فلسطين إلى «الأمم المتحدة»، والهيئات الدولية، لاحتمال طرح ملفات أمام الهيئات القضائية الدولية، وتحديداً محكمة الجنايات الدولية I.C.C، حيث سعت أطراف دولية لتنال تعهداً من الجانب الفلسطيني بعدم طرح أيّ من القضايا أمام هذه المحكمة، ومقايضة ذلك برفع الصفة التمثيلية لدولة فلسطين، لتصبح دولة «غير عضو في الأمم المتحدة»، وهو ما رفضته القيادة الفلسطينية.