على قاعدة برنامج وطني لا وحدة وطنية !
بقلم أسامة الأشقر عن المركز الفلسطيني للاعلام
قد يكون المشهد الفلسطيني الشعبي والوطني شديد الوضوح في الانخراط الكامل في فعاليات انتفاضة القدس المجيدة حتى إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقيادتها السياسية توارت عن الحجاب خوفاً من ردات فعل شعبية قد تضعها في خانة المحتل الغاصب فيكتفون بالدسيسة وتغليف الإجراءات الأمنية بإجراءات جنائية أو تأمينية باتت مكشوفة حتى تتسنّى لهم لحظة الانقضاض.
في المقابل فإن المجتمع الصهيوني يعيش حالة متجددة من الخوف على حياته ومستقبله في ظل تجدد انتفاضات الشعب الفلسطيني الذي يجدد لهم التحذير بأنكم محتلون وأننا تحت احتلال ولا يمكن أن نترككم تنعمون بعيش رغيد حتى لو تآمرتم مع ثلة شاذة من قومنا .
وكعادة المجتمعات القلقة فإن قيادتها السياسية تحتاج دوماً إلى تطمينها ورسم معالم الطريق المتوقعة أمامها، والمفاجئ أن القيادة السياسية تتعامل مع الأمر كحرب وطنية حقيقية تحتاج من المجتمع الصهيوني التكاتف والالتحام مع قيادته لتجاوز هذه المحنة المكتوبة على (الشعب الإسرائيلي) منذ القدم كما تقول حاخامتهم !
المجتمع الصهيوني يعيش حالة متجددة من الخوف على حياته ومستقبله في ظل تجدد انتفاضات الشعب الفلسطيني الذي يجدد لهم التحذير بأنكم محتلون وأننا تحت احتلال ولا يمكن أن نترككم تنعمون بعيش رغيد حتى لو تآمرتم مع ثلة شاذة من قومنا
نتنياهو رئيس حكومة العدو ذهب إلى مقاتلي ما يسمى بـ" حرس الحدود " في قاعدتهم العسكرية ، كان حريصاً أن يكون واقعياً فأعلن لهم توقعات أجهزته بصراحة نشرتها صحيفة معاريف الخميس 14/10/2015، يقول نتنياهو: لا يمكن أن أقول لكم كم سيستغرق هذا من الوقت ، والسبب أنه يوجد عندهم شباب مستعدون للموت .
نتنياهو يعترف أيضاً بأن الفلسطينيين يخلقون كل مرة ظاهرة جديدة ، هذه الظاهرة تجعل قسماً من العرب يستعدون للموت !
في محاولته لطمأنة جنوده قال: لا نعرف أعداد هؤلاء "الانتحاريين" لكنهم ليسوا بلا نهاية بالتأكيد ! لقد تمكنّا سابقاً من التصدي لكل الظواهر بمساعدة أو من غير مساعدة .
الطريف أن نتنياهو لم يجد إلا أن يستخدم أدوات الفلسطينيين في إقناع جنوده بما يقول : إننا أمام ظاهرة غير منظمة لذلك يحتاج منا الأمر إلى مرابطة دائمة في الثغور، وأن عليهم جميعاً أن يكونوا سوراً واقياً لحماية الإسرائيليين !
لكن نتنياهو كان حريصاً أن يوصيهم أيضاً بأن عليهم أن يحموا أنفسهم أيضاً وهم يحاولون حماية الإسرائيليين ، ثم أطلق يدهم للقتل: التعليمات كانت موجودة دائماً والآن تتأكد بقوة، لديكم إسناد كامل من الحكومة ومن الشعب ، لتعملوا بتصميم لحمايتنا وحماية أنفسكم !
لقد كنا نقول دوماً إن المجتمع الصهيوني مجتمع هش ، وأن هذا الكيان هش أيضاً لكنه يستقوي بضعفنا وتراجع مواقفنا، وحساباتنا البعيدة عن مكانها ، إنه يعيش ويتغذى من واقع تناقضنا واختلافنا وتنازعنا ، إن ما نحتاجه اليوم هو أن نتفق على رؤية جامعة تحتشد صوب التحرير الكامل وطرد المحتل ، وأن نعترف ببعضنا ولبعضنا بممارسة أي سلوك أو استخدام أي وسيلة أو أداة تفضي إلى هذه الرؤية ، وأن نحترم اختلافاتنا وألا نجعلها تتوقف لمجرد أنها خلافات، ما دامت قاعدة التلاقي هي طرد المحتل وتحقيق التحرير. مطلوب رؤية فلسطينية جامعة تلتف حول الانتفاضة وتطورها صوب الفعل الصحيح الناجع تاريخياً وهو الثورة المسلحة لانتزاع الحقوق ، وألا نسمح باستغلالها لتنحرف صوب الاستخدام السياسي البارد المسمى عملية السلام
هذا الأمر يتطلب إرادة رؤية فلسطينية جامعة تلتف حول الانتفاضة وتطورها صوب الفعل الصحيح الناجع تاريخياً وهو الثورة المسلحة لانتزاع الحقوق ، وألا نسمح باستغلالها لتنحرف صوب الاستخدام السياسي البارد المسمى عملية السلام فهذا يطيل أمد الاحتلال ويريحه بلا فائدة تعود على شعب واقع تحت احتلال مريض ينتظر نهايته بينما يقدّم له هؤلاء الحالمون المستسلمون ترياق الشفاء.
هذا الأمر أيضاً يستلزم إرادة فلسطينية لتهميش كل الأدوار التي تمارسها قيادة متنفذة فاشلة على قاعدة وحدة البرنامج الوطني الذي آن الأوان لتجريبه بدل قاعدة الوحدة الوطنية التي استنزفت شعبنا في اتجاهين متناقضين يتصارعان مع بعضهما ويغفلان عن المحتل طمعاً في الوصول إلى ما يجمع الناس ولو بالأمنيات والمناورات السياسية.
إن هذا الطريق ينبغي أن يكون أحد أهداف انتفاضتنا الباسلة ، ويجب ألا ننحرف عن بوصلة الانتفاضة لتخدم مسار التسوية السياسية أو تبيع نفسها بحفنة تطمينات أو إجراءات أمنية أو سياسية لا تخدم سوى المحتل.
اتركوا انتفاضتنا تجري على بركة الله ، وتطوّر نفسها، وتُراكِم تجاربها، واحموها من الاغتيال أو التدوير حتى تتهيّأ لنا مرحلة جديدة لمقاومتنا .
الانتفاضة مستمرة حتى تعود الأرض حرة
بقلم عماد زقوت عن فلسطين اون لاين
لله در شعبنا الفلسطيني الأبي.. لله در شبابنا، وفتياتنا، وكبارنا، وصغارنا.. لله در نقابيينا، وتجارنا.. لله در إعلامنا، وناشطينا.. لله دركم لأنكم أثبتم للعالم أجمع أنكم شعب لن يرضى الذل والهوان، ولن تمرر عليه مخططات تهويد القدس، وتقسيم مسجدنا الأقصى، وبفعلكم ونضالكم ووحدتكم انطلقت انتفاضة القدس، وستستمر بإذن الله تعالى.
فهاهم الصهاينة يرتعدون، ويلتفتون يمنة ويسرة، وهم يسيرون في شوارع مدننا المحتلة. وبذلك تكون الانتفاضة قد نجحت في أيامها الأولى، وأثبت شعبنا الفلسطيني أن سكاكينه أربكت دولة الاحتلال بكل أركانها، فلا الطائرات حمتهم، ولا الصواريخ نفعتهم، ولا دباباتهم كانت درعًا لهم، وبالتالي الانتفاضة مستمرة، ولن تتوقف، ولن ينجح أحد أي كان في الالتفاف عليها، لأن الكل الفلسطيني انصهر في أيقونة الانتفاضة الشعبية ضد الاعتداءات الصهيونية.
ونقول هنا لمن يراهن على توقف انتفاضة القدس، ولمن يترصد بها، ويعتبرها مجرد هبة جماهيرية ستنتهي بعد أيام معدودات: يا هؤلاء انتفاضتنا لن تتوقف وجذوتها ستستمر، بل وستتسع وتنتشر وتصل إلى كل مكان في الضفة والقدس ومدن الداخل، وغزة معهم سندًا وعونًا، وسيشارك في لهيبها مختلف فئات شعبنا.
ولا يعني هدوء جذوتها أحيانًا أن نهايتها قد حلت، ولكنه التحشيد والاستعداد والتقاط الأنفاس.
ولإعلامنا على اختلاف توجهاته كل التحية، فهو الشرارة والموجه بل والقائد لانتفاضة القدس، وهنا ندعوه إلى الاستمرار في التوجيه والتحريض، وتوحيد الخطاب الثوري الوحدوي، حتى يعطي لانتفاضتنا الاستمرارية المنظمة.
ونطالب فصائلنا الوطنية والإسلامية بمساندة شبان الانتفاضة، وأن تكون خير موجه لهم، ولتكون بمثابة الواقي الحامي لهم. فيا شبان الانتفاضة لأنكم أمل الأمة استمروا في مقاومتكم وانتفاضتكم، ولتكن ديمومة الانتفاضة باستخدام وسائل وتشكيلات جديدة، ولا تلتفتوا للمثبطين، ولتستمروا في طريقكم وفق إستراتيجية: الانتفاضة مستمرة حتى تعود الأرض حرة.
ثورة الشباب والأمن الإسرائيلي المفقود
بقلم إسماعيل عامر عن فلسطين اون لاين
واشتعلت الثورة رغم أنف المصفقين والمنسقين مع الاحتلال, وتفاجأ كل العالم بأن من يديرها هم أفراد لا منظمات وجماعات, جسد الشباب خلالها الشجاعة في مواجهة الجنود المذعورين, والمستوطنين الجبناء, فألهب الشباب المدن المحتلة نارًا تحت أقدام حثالة البشر, فأصبح الواحد منهم يخاف أن يقضي حاجته, ففقد الأمن في (إسرائيل) بسبب عنجهية وغباء رئيس وزرائها نتنياهو الذي تعرض لانتقادات من وزرائه, يحسب أن الأقصى ليس له حماة, فعندما بلغ الحقد الصهيوني مبلغه هب الشباب ليسوؤوا وجوههم.
المتفحص في وضع الضفة يرى المواطنين نجحوا في تنفيذ عمليات الدهس والطعن للمستوطنين الصهاينة أو جنود الاحتلال قرب المستوطنات أو الحواجز العسكرية، فتخبط المحتل لإيقافها ومنعها واعتقال منفذيها؛ فالمحتل لا يعلم الغيب ولا يعلم متى وأين ومن سينفذ عملية طعن أو دهس!، وهذا كله سبب ثغرة كبيرة في الأمن الشخصي لـ(إسرائيل), وهو ركيزة نظرية الأمن (الإسرائيلي), البقرة السوداء التي بنيت عليها (إسرائيل) منذ تأسيسها, هذا النوع من العمليات لا يمكن التنبؤ به، ولا يمكن معرفة من هو المستهدف؟, وماذا يخطر في باله؟, ومن الفاعل؟, وما الوسيلة التي يستخدمها؟, وهذا ما يصعب على جهاز الاستخبارات (الإسرائيلي) في مواجهة أي نوع من هذه الأعمال الفردية, ويجعل منظومة الأمن (الإسرائيلية) في حالة تأهب مستمر لأي عملية في أي وقت وأي مكان, لا توجد قوة على وجه الأرض ممكن أن تمنع هذه العمليات، لأنه في معظم الأحوال يكون الفرد الذي قرر القيام بالعملية قرر أن يموت شهيدًا, فلا توجد قوة يمكن أن تردعه عن مبتغاه.
فتحاول (إسرائيل) اليوم أن تنشئ وحدات استخبارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتنشر طلبات الصداقة في ظنها أن شباب فلسطين متخلفون, فرأت منهم ما يثلج الصدور من استهزاء وتحقير, بل استطاع الشباب أن يجسدوا الثورة من خلال الإعلام الجديد بتصوير عمليات القتل من قبل الاحتلال ونشرها لكل العالم الأوروبي قبل العربي ليرى دموية المحتل قبل أن يفبرك الصور, شباب فلسطين بخير وفلسطين متجهة نحو التحرير على يد جيل عرف طريقه.
استطاع الشباب أن يشل التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال في الأيام الأخيرة، فالأجهزة الأمنية التابعة للسلطة لا تستطيع أن تفعل شيئًا في هذا المجال، فهي تستطيع قمع مظاهرة أو اعتقال المواطنين، لكنها لا تعرف ما يدور في عقول المواطنين, ولا تستطيع أن توقف شابًا يريد طعن الجنود ليحمي عرض مرابطة في القدس وينتقم لأخ عزيز أُعدم.
معادلة جديدة يفرضها شباب فلسطين, العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم, سنقطع كل يد تمتد لضربنا, وسنقتل كل جندي يستفزنا, وسنذبح كل مستوطن يعيث في أراضينا فسادًا.
فبهذه المعادلة لن تستطيع قوة على وجه الأرض أن توقف انتفاضة القدس, ولو تحالف الكون ضدنا, فالله معنا؛ لأننا على حق وهدفنا مشرف, نريد تحرير القدس من دنس مستوطن يعربد.
فأتساءل: أين رئيس السلطة الفلسطينية؟, أين هو من إعدام الشباب ميدانيًّا في باحات القدس من قبل المحتل؟, أين قلبه الحنون الذي برزت حنيته على ثلاثة مستوطنين قتلوا قبل عدوان غزة بأيام, بل أثار قضيتهم أما الجامعة العربية (العبرية)؟, ليت صلاح خلف يعيش بيننا ليعيد كلامه الموثق: "من الحمار الذي يضع سلاحه ثم يفاوض المحتل!", يا سيادة الرئيس هي فرصتك لتكتب لك في سجل التاريخ بأنك دافعت ووقفت مع شعبك ومع مقاومته يومًا, أصدر مرسومك الرئاسي الذي سيكتب بماء من ذهب, لتأمر العناصر الأمنية في السلطة بتوجيه بنادقهم نحو رؤوس الصهاينة لنخرج المحتل من أرضنا ونحرر مسرى نبينا.
فلسطين.. غليان ما قبل الانفجار
بقلم علي بدوان عن فلسطين الان
جاءت سلسلة أعمال المقاومة الفدائية التي تتواصل منذ أيام في الضفة الغربية لتثبت من جديدة أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بالواقع المرير الذي يعيشه مع انسداد أفق عملية التسوية ووصولها إلى جدار مسدود منذ وقت طويل.
هذا فضلا عن ما يجري داخل مدينة القدس وما يتعرض له الأقصى بشكل دائم من اقتحامات وانتهاكات واعتداءات.
لقد جاءت سلسلة الأعمال التي وقعت والتي استهدفت المستوطنين المسلحين وجيش الاحتلال في خضم الإجراءات القمعية التي انتهجتها سلطات الاحتلال، والتي بلغت ذروتها بعد عملية مستعمرة (إيتمار) ليلة الخميس في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2015 الجاري في الضفة الغربية، والتي تم فيها استهداف مستوطني تلك المستعمرة قرب بلدة (بيت فوريك) بجبل نابلس، وقد أودت بضابط استخبارات إسرائيلي من سكان المستوطنة.
حراك عفوي
إن تلك الأعمال المركبة من أعمال المقاومة (الشعبية والفدائية المسلحة) كانت عفوية بمجملها دون ترتيب وتنسيق، ودون أي دور فصائلي أو تنظيمي لأي طرف فلسطيني بشكل مباشر.
وقد دلت في مؤشراتها القاطعة على أن الشعب الفلسطيني لن يستكين تحت طبقات اليأس والإحباط، وقد بلغت حالة الاحتقان وحالة التذمر حدودا عالية في دواخله، وخصوصا عند قطاع الشباب الصاعد والمتحمس، حيث الشهيد ضياء تلاحمة، والشهيد مهند الحلبي، والشهيد فادي علون، والشهيد عبد الرحمن شادي عبيد الله.
وربما المصادفة وحدها، أن توقيت انطلاق ذلك الحراك العفوي كان مهما جدا، لأنها جاءت بعد أربع وعشرين ساعة من خطاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكأنها تبعث برسالة إلى الإسرائيليين وحكومتهم اليمينية المتطرفة وعموم تشكيلاتهم الحزبية، وإلى السلطة الفلسطينية ذاتها.
غياب الحواضن
ورب سائل يسأل، هل نحن على أبواب انتفاضة فلسطينية ثالثة تزلزل الأرض تحت أقدام الاحتلال كما يبشر البعض، أم إن الأمور ما زالت غير ناضجة لانطلاق تلك الانتفاضة؟
إن حالة التصعيد والغليان المشتعلة في عموم الضفة الغربية ومناطق القدس، وحالة الاستعداد العالية لدى أبناء الشعب الفلسطيني للتضحية والإقدام، لا تعنيان أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قد باتت على الأبواب تماما. فالعوائق الكبرى ما زالت تعترض طريقها، من ناحية الواقع الموضوعي في المحيط العربي والإقليمي وحتى الدولي، والذاتي الفلسطيني.
فالجميع يعلم أن الفلسطينيين في ظل الواقع الراهن لا يستطيعون وحدهم، في غياب أمتهم، مواجهة ما يجري لهم ولقضيتهم، فالذي شجع الاحتلال وحكومته على استمرار الحملات التصعيدية التي هودت الأرض وصادرت الأحياء وهدمت المنازل وشردت الإنسان، هو استمرارية غياب الدور العربي المطلوب تجاه القضية الفلسطينية وقضية القدس، والاتكاء على إستراتيجية "السلام خيارا عربيا وحيدا" في مواجهة سياسات الاحتلال.
إن اندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة وعامة في الضفة الغربية يحتاج إلى حواضن مساندة سياسيا وماديا ومعنويا، حواضن عربية وإسلامية. كما يحتاج لحل الاستعصاء الأكبر في الساحة الفلسطينية والخروج من حالة الاحتراب الذاتي، والمتمثل بوجود الانقسام الداخلي وحالة التضارب والافتراق البرنامجي بين برنامج السلطة الفلسطينية في رام الله ورهانها على المفاوضات كطريق وحيد، والبرنامج الآخر الذي تتبناه حركتا حماس والجهاد الإسلامي وبعض القوى من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحتى أجنحة من داخل حركة فتح.
حماس وتحريك الضفة
وفق أغلب التقديرات فإن حركة حماس ومن زمن ليس بقريب، تسعى جاهدة لنقل عملية الحراك الشعبي وحتى الفدائي العسكري المسلح للضفة الغربية للتخفيف عن جبهة غزة التي دفعت ثمنا باهظا خلال السنوات الماضية، تمثل منذ العام 2007 بثلاثة حروب طاحنة، وحصار مستمر.
إن جهود حركة حماس لتحريك الوضع في الضفة الغربية وإطلاق الحراك الشعبي وحتى العسكري في مواجهة الاحتلال ليس سرا، بل جاهر الكثير من قياديها ليلا ونهارا في المطالبة والدعوة إلى إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية باعتبارها أرضا وميدانا رئيسيا في المواجهة مع الاحتلال أولا.
ومرورا بالرغبة في كشف موقف السلطة الفلسطينية في رام الله وإحراجها كما يعتقِد البعض ثانيا، إضافة للحفاظ على مشروعية وديمومة المقاومة العسكرية التي يطالب بها القادة العسكريون في كتائب الشهيد عز الدين القسام ثالثا.
وعلى الجانب الإسرائيلي، هناك بالفعل تخوفات إسرائيلية من اندلاع شرارات انتفاضة فلسطينية ثالثة، حيث تتجنب حكومة نتنياهو إيصال الأمور حدود الانفجار بالرغم من التهور العام لسياساتها، ووجود حالة واسعة من التجنح اليميني داخل إسرائيل تشجع قيام جيش الاحتلال بأعمال انتقامية ضد الفلسطينيين.
وقد تعالت أصوات العديد من أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي والمعارضة بانتقاد نتنياهو مطالبين إياه بمزيد من القمع وتوفير ما يسمى بخطة مكافحة الإرهاب.
وفي هذا السياق لا ننفي وجود أصوات إسرائيلية تعتقد بضرورة تهدئة الأوضاع مع الفلسطينيين تفاديا لانفجارات لا تحمد عقباها، حيث كتب المحلل العسكري أليكس فيشمان على صفحات يديعوت أحرونوت قائلا "الأوضاع في القدس والضفة تقترب من مفترق طرق، فإما أن نسير نحو تهدئة الأوضاع وتكريس حياة طبيعية في الضفة مع رفع غالبية القيود المفروضة على الفلسطينيين والدخول في مفاوضات، وإما أن نتجه إلى مواجهة شاملة ستجرف معها قطاع غزة".
وزاد عليه معلق الشؤون السياسية في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع بالقول "يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تطلق على ما يحدث في الضفة الغربية والقدس ما تشاء من أسماء، لكن الاسم الحقيقي لما يجري، هو انتفاضة فلسطينية ثالثة، تنذر بالأخطر".
وحمل في الوقت نفسه رئيس الحكومة نتنياهو "مسؤولية الانتفاضة الجديدة، بعدما قتل أي أمل موجود لدى الفلسطينيين". مضيفا أن "نتنياهو آمن بأن الوضع الراهن كما هو عليه سيستمر إلى الأبد، وأنه قادر على فعل أي شيء دون رد فعل فلسطيني، وأنه سوف نجففهم ونحاصرهم ونستوطن أراضيهم ونسيطر عليهم، أما هم فسيطأطئون رؤوسهم ويستسلمون".
وبالنتيجة، فإن كل المعطيات تشير إلى أن هناك عدم رغبة وقدرة وتحمل من قبل إسرائيل لإعادة اجتياح واحتلال عميق لمدن الضفة الغربية كما حدث في أعقاب اندلاع انتفاضة الأقصى صيف العام 2000 بعدما انهارت مفاوضات كامب ديفد الثانية في يوليو/تموز 2000، ثم لاحقا قامت بتنفيذ عملية "السور الواقي" ربيع العام 2002 والتي انتهت بمحاصرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في المقاطعة في رام الله، حيث انتظرت إسرائيل عاما ونصف العام بعد اندلاع الانتفاضة قبل أن تحتل مدن الضفة الغربية.
وفي ظل الوضع الحالي فمن المرجح لجوء سلطات الاحتلال حال اندلاع المواجهات الشاملة إلى شن عملية عسكرية قاسية في الضفة الغربية بتكتيكات جديدة مختلفة كليا عن ما جرى أثناء المواجهات مع الفلسطينيين إبان الانتفاضة الثانية.
وقد تشمل التكتيكات فرض حصار على عموم المدن والبلدات الكبرى، والقيام بحملات اعتقال لآلاف الشباب ونشطاء التنظيمات، في محاولة للضغط على المقاومين نفسيا وميدانيا لمنع تمدد وتوسع الفعل المقاوم زمانيا ومكانيا.
وخلاصة القول، فنحن أمام وضع فلسطيني يفور على مرجل الغليان في الداخل، وهو ما يوجب على جميع الفاعلين في الساحة الفلسطينية إعلاء صوت العقل والمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وتجاوز العصبيات التنظيمية والفصائلية، والاستعداد الموحد لمواجهة استحقاقات المرحلة التالية التي قد تكون قاسية على الفلسطينيين.


رد مع اقتباس