كلمة السيد الرئيس خلال مؤتمر بيت المقدس الإسلامي الدولي الثالث

قال السيد الرئيس محمود عباس في كلمة له خلال مؤتمر بيت المقدس الإسلامي الدولي الثالث في مدينة البيره، وقد بثه تلفزيون فلسطين:

• تأتي أهمية هذا المؤتمر من بعدين تربطهما علاقة جدلية الأول الجانب المعرفي الذي يبحث الأمور الفكرية ويؤسس لنقاش نحن واثقون بأنه سيكون عقلاني وايجابي والجانب الأخر الجانب السياسي التطبيقي العملي الذي يتم من خلال الممارسات.

• في مدينة القدس التي يمتزج فيها التاريخ والدين والسياسية في لوحة رائعة من ناحية وفي وضع صعب وقاس وعدواني، من ناحية أخرى الأمر الذي يحتم علينا الإصرار على ضرورة زيارتها دينياً وسياسياً لأن التهويد يطال تضاريسها كافة بما فيها أسماء شوارعها ومبانيها، وأصبحت معركتنا الحالية في القدس تدور على الهوية والحضارة والتراث، فالمقدسات تستغيث الله كل يوم أن يبعد عنها الاحتلال الذي يدنسها كل لحظة، ويحمي مستوطنيه الذين يعبثون في كل ركن فيها ولولا صمود أهلها الأبطال وما يقومون به من دفاع عن هويتها العربية لصرنا إلى واقع صعب ومؤلم.

• من هنا يأتي سعينا الدائم وتأكيدنا في كل مره، على ضرورة مؤازرة أهلنا الصابرين في مدينة القدس، من خلال زيارتهم أو دعمهم ليكونوا أكثر قدرة على المواجهة والحفاظ على الأرض والصمود وبذل التضحية.

• قبل أيام قليلة مرت علينا ذكرى هزيمة حزيران، هذه الذكرى الأليمة التي أدت إلى إحتلال الجزء الشرقي في القدس وأراضنا الفلسطينية وأراضي دول عربية أخرى، وأمام إصرار شعبنا على الصمود على أرضه يؤلمنا كثيراً ما تتعرض له دعوتنا لزيارة القدس، لزيارة هذه المدينة وشد الرحال للمسجد الأقصى، من هجمات تفتقد للدليل الشرعي والوعي السياسي وتغفل طبيعة التغيرات التي تحدث بشكل يومي في مدينتنا المقدسة من الاستيطان وبناء أصبح يحاصرها ومن تهويد طال حتى أسماء الأماكن التي ستنتسى أسماؤها الحقيقية إن لم تجد من يحفظها ومن إفراغ سكاني للمدينة ليصل عدد سكان المدينة إلى أقل من نصف عدد الإسرائيليين في أخر الإحصائيات، أصبح عدد المواطنين في القدس أقل من المستوطنين الإسرائيليين.

• خرجت دعوات بتحريم زيارة القدس هكذا كان النص وسألنا شيوخنا وقضاتنا وعلماءنا من أين جاء التحريم هل ذكر في القرأن أو في السنة فقيل لا لم يذكر لا في القرآن بل العكس تماماً ذكر في السنة الشريفة حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال تشد الرحال إلى ثلاثة المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا، وعندما سألوه عن القدس قال زوروها زوروها ومن لا يستطيع فليرسل لها زيتاً تسرج به قناديلها، طبعاً لا يعني زيت الزيتون يقصد به الدعم المالي الاقتصادي الإنساني.

• لو عدنا للتاريخ عندما كان الرسول يطوف حول الكعبة لم يطبع علاقاته مع المشركين بل كان يؤدي واجباً دينيا وعندما ذهب إلى المدينة المنورة وعاد بعد صلح الحديبية قال أريد أن أعتمر وأزور الكعبة قيل له نعم تعال السنة القادمة وإعتمر فعاد بوجود المشركين ولم يطبع مع المشركين، كثير من التاريخ يتحدث عن أيام صلاح الدين القدس كانت محتلة من قبل الصليبين ولم ينقطع المسلمون عن زيارة القدس.

• مؤتمر إسلامي برئاسة المفتي وحضور شيخ الأزهر والثعالبي و 150 من علماء المسلمين جاؤوا لنصرة القدس أثناء الاحتلال البريطاني كما تفعلون أنتم الأن.

• إن كان الدين لا يقول تحريم وإن كان سياسي فاتركوا السياسة لنا نحن أفهم منكم في السياسة وإن كان ما يمس هذا الموضوع دينياً وقرآنياً نحن ننصاع لا تسيسوا وتحزبوا دعواتكم، لا تحرفوا الكلمات عن مواضعها ولا تحرفوا الدين عن غاياته.

• نحن نرحب بكم هنا و أهلاً وسهلاً بكم لتتأتوا وتزوروا وتطلعوا بأنفسكم وزيارة السجين لا تعني التطبيع مع السجان.

• نأمل من رافضي الزيارة ومنتقدي الداعين لها أن يضعوا هذه البديهيات نصب أعينهم وهم يدبلجون الكلام المعسول دون الإنتباه لمدى الخطورة التي يحملها على واقع المدينة وننبههم إلى المقولة الهامة إن زيارة السجين لا تعني التطبيع مع السجان.

• أعيد الدعوة إلى أخوتنا في جميع أنحاء العالم إلى زيارة المسجد الأقصى والقدس الشريف الذين يشكوان إلى الله صعوبة الهجر، وألم البعد عن الأحبة وندعوا جميع أخوتنا إلى شراء وقت لهم في المدينة دقائق أو ساعات أو أيام من خلال زيارتها وقضاء أيام فيها أو حتى ساعات في رحاب البقاع الشريفة وحبذا أن يقوم المقتدرون بشراء العقارات والأرض التي تتسرب من خلال السماسرة، حيث أن أغنياء اليهود يشترون المتر بمئات ألوف الدنانير في القدس ليحرموا أهلها من هذه الأرض أين أغنياء العرب والمسلمين أين هم، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.

• تعاني العملية السياسية السلمية من حالة موت سريري الجانب الإسرائيلي هو المسؤول عنه حتماً والكرة في ملعبهم بعد ما نفذنا ما ترتب علينا من إلتزامات باعتراف مختلف دول العالم ، نحن نشعر أن من واجبنا الالتزام بالشرعية الدولية، لأننا جزء من المجتمع الدولي، وبالتالي كل ما فرض علينا في القرارات الدولية أو في قرارات اللجنة الرباعية أو في خطة خارطة الطريق نفذناه في الحرف طمعاً في أن يقول العالم نعم نحن ملتزمون وقال العالم نحن ملتزمون أنتم أيها الفلسطينيون قمتم بكل ما عليكم، حسناً ماذا على الجانب الإسرائيلي، نطالبه أن يوقف الاستيطان لنستطيع التكلم لا يريد، وأن يعترف بالدولة على حدود 67 لا يريد، من هو المخطئ ومن هو غير الملتزم.

• نحن مصممون على موقفنا والله معنا، إن إحجام الجانب الإسرائيلي عن القيام بإلتزاماته سيؤدي إلى جعل حل الدولتين حلاً وهمياً، هم الأن بتصرفاتهم وبنائهم وإستيطانهم يحاولون أن يقضوا على حل الدولتين، الله سبحانه وتعالى يقول لهم إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم عسى ربكم ان يرحمكم وإن عدتم عدنا.

• إن الإحتلال الإسرائيلي زرع مستوطناته ومستوطنيه بطريقة مدروسة حولت أراضي دولتنا المستقبلية إلى معازل منفصلة يستحيل معها إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، إننا أعلنا ومنذ اللحظة الأولى أننا مع خيار الدولتين وأن خيارنا للتوصل لحلول سياسية هو عبر المفاوضات وهنا نعني بالمفاوضات أن تقوم على أسس سليمة ومرجعيات معترف بها من المجتمع الدولي بأسره، وإتفاقات تم الإلتزام بها بحيث تؤدي إلى الإعتراف بحقنا في دولة كاملة السيادة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشريف.

• قطعنا شوطاً طويلاً فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية ونحن الأن بصدد إغلاق ملف حكومة التوافق الوطني من المستقلين خلال الأيام المقبلة كما أننا أنجزنا الكثير من الأمور على صعيد العملية الانتخابية حيث بدأت لجنة الإنتخابات المركزية المستقلة عملها في تحديث السجل الإنتخابي كما تم الإتفاق عليه منذ أيام في غزة.

• ما تم إنجازه هو إنجاز كبير سيعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي في أكثر مراحل قضيتنا حلكة، فنحن نحتاج لأن نكون موحيد فيما تتعرض له قضيتنا الفلسطينية من محاولات لتصفيتها وإبعادها عن الإهتمام العربي والإسلامي والعالمي وجعلها على هامش إهتمام المجتمع الدولي.

• نحن مصممون على المصالحة لأنها مصلحة وطنية فلسطينية وتعيد لجمة لشعب والأرض والوطن ولذلك سرنا في هذا المسار خطوات لكن نحن نقول إن الأساس في المصالحة الوطنية هو الإنتخابات ألسنا جميعاً نؤمن في الديمقراطية وصندوق الإقتراع، ألم نأتي ويأتون إلى المجلس التشريعي وإلى الرئاسة بصندوق الإقتراع نحن نريد صندوق الإقتراع، ومعروف عن إنتخاباتنا على مدى 15 عاماً بأنها إنتخابات نزيهه وحرة وديمقراطية، إذا رفضت الإنتخابات فمع الأسف أن هناك من يضع الدواليب في عجلة المصالحة.

• الإنتخابات هي الأساس وإذا أقر موعدها ستكون هناك حكومة إنتقالية من المستقلين والكفاءات الفنية من فترة زمنية لا تزيد عن أشهر قليلة تجرى فيها الإنتخابات ثم من يقول له الصندوق أنت الذي نجحت، فهو الذي ينجح وهو الذي يقود وهو صاحب القرار الأول والأخير كما يجري الأن في مصر، لأول مرة في تاريخ مصر يجري صراع على الإنتخبات لا أحد يعرف لكن الصندوق هو الذي يعرف والذي يقرر ومن له يقرر له الصندوق فعلى الأخرين الإلتزام، لا نتدخل في شؤون أحد لكن في المناسبة تكلمنا عن الإنتخبات.

• مع الأسف الشديد وصلني خبر أن مستوطناً قتل فلسطينيين في الخليل، هؤلاء يعيثون في الأرض فساداً برعاية الحكومة الإسرائيلية وبنادق الجيش الإسرائيلي ويقتلون ويقتلعون الأشجار ويحرقون المساجد، تصوروا لو أحد منا فعل هذا مرة واحدة ماذا ستكون النتيجة، أما هم يحرقون حمسة مساجد عادي،" العزة فينا بارد نحن" هذا غير مقبول ولن نقبل به ولن نسمح به وسنبقى مغروسين في أرضنا مهما فعلوا.

• إن ما أنجزه أسرانا البواسل في معركة الأمعاء الخاوية ضد صلف السجان الإسرائيلي من تحصيلهم لحقوقهم الإنسانية المشروعه، لم تكن للإنجازات أن تتحقق لولا الوحدة التي عاشتها الحركة الأسيرة ونحن مدعون للإقتضاء بأسرانا البواسل في نضلهم السملي ومقاومتهم اللاعنفية.

• الأسرى أحسن من الذين في الخارج، لماذا؟ لأنهم يتوحدون ونحن لا نعرف كيف نتوحد، وثيقة الأسرى هي التي قادتنا إلى الوحدة أو طريق الوحدة.

• الحركة الأسيرة في شفافيتها متقدمة تماماً عن من يعيشون خارج السجن لا أقول أحرار لأننا كلنا في سجن كبير.

• تحرير الأسرى سيظل هدفا واضحا لنا فلن يكون هناك سلام حقيقي دون الإفراج عن أسرانا البواسل، إذا لم يطلق سراح الأسرى فلن يكون هناك سلام.

• الإحتلال الإسرائيلي يهدف لرفض الوجود الفلسطيني على أرضه وهو يحارب هذا الوجود ونرجوا من أخوتنا القادمين أن يشدوا من أزرنا، مجيئكم يحمي صمودنا فأكثروا من هذا المجيء وقولوا لمن خلفكم تعالو للمسجد الأقصى.

• هل سمعتم أن أحدا يحتجز جثمان شهيد ميت ماذا يفيدك أكثر من 40 عاماً لماذا تبقيه لديك إمعاناً في الإذلال، بقي الكثير من الجثت لا زالت موجوده ، أتمنى أن يعطوني جواباً واحدا لماذا يحجزون هذه الجثامين وهي في مقبرة الأرقام لا أسماء لهم.

• حرم الاحتلال الإسرائيلي مئات العائلات الفلسطينية والعربية من أن يكون لها قبر لأبنائها.

• إن احتلالا بهذه الطبيعة يقتضي منا أن نكون في أعلى درجات المسؤولية، في التعامل معه وذلك من خلال تمتين وحدتنا الوطنية وإتفاقنا على برامج عمل واحدة وأهداف مرحلية واحدة وأسلوب عمل موحد لنصل إلى دولتنا الفلسطينية المستقلة المرتقبة وعاصمتها القدس، وفقكم الله ورعاكم والسلام عليكم.


إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً