فتح انشودة النيران والامل
الانطلاقة ال47
مقدمة . . .
مع نهاية عام 2011، عام المفاجآت والتغيرات والثورات الجماهيرية العارمة، تدخل ثورتنا الفلسطينية وحركة "فتح" أعتاب ميلادها المتجدد وإنطلاقتها المجيدة لتطوي عاما من النضال والكفاح الوطني المحفوف بالمخاطر والمجازفات والانتصارات دفاعا عن الحقوق والثوابت الوطنية بهدف التحرر والتخلص من الاحتلال الاسرائيلي الغاشم واستعادة الارض المسلوبة وسعيا لنيل الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
تسعى حركة "فتح" الآن - وفي ظل حراك المصالحة – الى تعزيز منظمة التحرير بمشاركة التنظيمات جميعها والتي لديها الاستعداد بالموافقة على برنامج المنظمة والإنضمام اليها، وهي لا زالت متمسكة بشرعية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني وتحارب عن مبدأ وقناعة كل من يحاول المساس أو القفز عن هذه الشرعية.
وفي معركتها السياسية والدبلوماسية الضارية في مواجهة الصلف والتنكر الاسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني وتهرب الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة من اتفاقيات السلام المبرمة برعاية دولية، نجحت حركة "فتح" وقيادتها في فضح الاساليب الاسرائيلية الوحشية والقمعية خلال انتفاضة الاقصى، لا سيما اثناء الاجتياحات المسعورة التي شنها الجيش الاسرائيلي على المخيمات والمدن والقرى وإستهدف من خلالها مقار المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية المختلفة، والتي فيها ارتكبت الحكومة الاسرائيلية ابشع جرائم القتل والتهجير والتطهير العرقي في مجزرة مخيم جنين وفي حصار الرئيس الرمز ياسر عرفات في مقر المقاطة برام الله، هذا الحصار الممزوج بصمود اسطوري لبطل الحصارات الفتحاوي الاسمر الذي علا نجمه في سماء الشرف والكبرياء مثبتا للعالم كله أن دولة الاحتلال الاسرائيلي هي العدو الفعلي لكل قيم ومبادئ السلام والأمن الدوليين، وكان الصمود العرفاتي وسط هذه الهجمة الاسرائيلية أكبر وأقوى دليل على مصداقية حركة "فتح" في حماية الكرامة الانسانية والدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
شكلت إنتفاضة الأقصى ومشاركة حركة "فتح" بفعالياتها العسكرية بشكل واضح وملموس - من خلال كتائب شهداء الاقصى - منعطفا حساسا في مسيرة ودور الحركة في المشروع الوطني التحرري، فقد قدمت "فتح" خيرة كوادرها وقياداتها اما شهداء واما معتقلين في سجون الاحتلال وليس هذا فحسب بل تعرض مؤسسها وقائدها ورئيس السلطة الوطنية الشهيد ياسر عرفات "ابو عمار" الى الحصار السياسي والعسكري وتم عزله مع مجموعه من رفاق دربه واخوته العاملين معه في مقر المقاطعة برام الله الى هجوم عسكري انتهى بارتقائه شهيدا بتاريخ 11/11/2004.
وبرحيل القائد الرمز ياسر عرفات – ومع رهان البعض على ان تدخل فتح في دوامة البحث عن قيادة الا انها اذهلت العالم كيف انها حركة عالية التنظيم حيث تسلم القائد محمود عباس "ابو مازن" زمام المرحلة رافعا شعارات التنمية والاصلاح والشفافية والديمقراطية وسيادة القانون ومؤمنا بالمقاومة الشعبية السلمية، وأشرف الرئيس "ابو مازن" على سير الانتخابات التشريعية الثانية راضيا بنتائجها الوخيمة على الحركة وذهب الى تسليم السطة الى حركة "حماس" – التي فازت في هذه الانتخابات - بشكل ديمقراطي سلس وبآلية سياسية ووطنية لم تناسب "حماس" التي سرعان ما نفذت انقلابها العسكري الدموي في قطاع غزة لتسيطر بقوة السلاح هناك ولتعلن الامارة الحمساوية القائمة على "إقتصاد التهريب وتجارة الأنفاق".
ولانها فتح حارسة الحلم الفلسطيني فقد تعالت على الجراح وها هي اليوم تصر على انهاء حالة الانقسام واعادة الوحدة لشطري الوطن مترفعتا عن الفئوية والفصائلية والحقد لانها اكبر من كل ذلك ولتعلم الجميع درسا في المعنى الحقيقي للوطنية وادارة الصراع .
الاجتماع التأسيسي:
يشار دوما في أدبيات حركة "فتح" إلى أواخر العام 1957 كبداية لتأسيس الحركة، حيث عقد لقاء ضم مجموعات من الشبان الفلسطينيين الذين عاشوا النكبة في صباهم واكتسبوا بعض الخبرات التنظيمية في اتحادات ورابطات الطلاب الفلسطينيين أو في أحزاب قومية عربية، وكان بعضهم اكتسب خبرات عسكرية ترجع إلى العمل الفدائي في قطاع غزة في عام 1953 وهم: الشهيد الراحل ياسر عرفات، وخليل الوزير وعادل عبد الكريم، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد، حيث اعتبر هذا اللقاء بمثابة اللقاء التأسيسي الأول لحركة "فتح"، رغم انقطاع الأخيرين عن التواصل بعد فترة وجيزة، وصاغ المؤسسون ما سمي "هيكل البناء الثوري" و"بيان حركتنا"، واتفقوا على اسم الحركة للأحرف الأولى للتنظيم مقلوبة من "حتوف" ثم "حتف" إلى "فتح"، وتم التأكيد على ثلاثة مبادئ في أدبيات الحركة هي: تحرير فلسطين، والكفاح المسلح هو أسلوب التحرير، وكذلك الاستقلالية التنظيمية عن أي نظام عربي أو دولي، وتبع ذلك انضمام أعضاء جدد منذ 1959 كان أبرزهم صلاح خلف وخالد الحسن، وعبد الفتاح حمود، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار.
العمل المسلح والعمل النقابي:
يشار بقوة إلى دور رابطة الطلبة الفلسطينية في الجامعات المصرية، وخاصةً منذ تسلم ياسر عرفات رئاسة الرابطة ( 1952 – 1956 ) والدور العربي والعالمي، الذي لعبته في بعث القضية الفلسطينية، وحتى تأسيس الاتحاد عام 1959.
فمنذ العام 1954 ابتدأ خليل الوزير "أبو جهاد"، أحد أبرز مؤسسي حركة "فتح" العمل المسلح ضمن مجموعات فدائية صغيرة، وفي يوليو 1957 كتب مذكرة لقيادة جماعة الأخوان المسلمين في غزة، يحثهم فيها على تأسيس تنظيم خاص يرفع شعار تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح، ورفضت الجماعة دعوته، لتنضم لاحقاً أعداد كبيرة من الكوادر لتنظيم "فتح" الناشئ، أمثال: سليم الزعنون، وصلاح خلف، وأسعد الصفطاوي، وأبو علي أياد ، وسعيد المزين، وغالب الوزير من قطاع غزة، ومحمد غنيم، ومحمد أبو سردانة من الضفة الغربية.
مجلة فلسطيننا :
في العام 1959 ظهرت "فتح" من خلال منبرها الإعلامي الأول مجلة "فلسطيننا – نداء الحياة"، التي صدرت في بيروت منذ شهر تشرين ثاني –نوفمبر، والتي أدارها توفيق خوري، وهو نفس العام الذي شهد اندماج معظم البؤر التنظيمية الثورية المنتشرة المتشابهة الأهداف، والتي حققت أوسع استقطاب حينها شمل ما يزيد على 500 عضو.
وقامت مجلة "فلسطيننا" بمهمة التعريف بحركة "فتح" ونشر فكرها ما بين 1959 – 1964 واستقطبت من خلالها عديد المجموعات التنظيمية الثورية الأخرى، فانضم تلك الفترة كل من: عبد الفتاح حمود، وماجد أبو شرار، وأحمد قريع، وفاروق قدومي، وصخر حبش، وهاني الحسن، وهايل عبد الحميد، ومحمود عباس، ويحيى عاشور، وزكريا عبد الحميد، وسميح أبو كويك، وعباس زكي وغيرهم الكثير إلى صفوف الحركة الناشئة.
تطور العلاقات العربية:
في العام 1962 حضرت "فتح" احتفالات استقلال الجزائر، ثم افتتحت مكتبها في العاصمة الجزائرية عام 1963 برئاسة خليل الوزير، و في العام 1963 أصبحت سوريا محطة مهمة لحركة "فتح"، بعد قرار حزب البعث السوري السماح لها التواجد على الساحة السورية.
وفي العام 1964 شارك 20 ممثلا عن حركة "فتح"، في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني رغم اعتراضات "فتح"، العلنية على منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها أداة للدول العربية أقيمت لاستباق صحوة الشعب الفلسطيني، إلا أنها بالمقابل اعتبرتها "إطار رسمي يحوز على شرعية عربية لا بد من الاحتفاظ به"، كما يقول خليل الوزير، ثم يتم تثويره.
قرار الانطلاقة:
في العام 1963 انتقل ياسر عرفات من الكويت إلى دمشق ليعمل على تطوير التنظيم على خط المواجهة في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، خاصة في ظل الدعم السوري الواضح آنذاك لحركة "فتح"، وبعد لقاءات طويلة وحوارات واستعدادات واستقالات نتيجة خلاف بين تيار "فتح" الرافض للانطلاقة المسلحة ممن سموا بالعقلانيين رغبة بتأجيلها لحين الجهوزية، وبين من سموا بـ"تيار المجانين" الذي مثله ياسر عرفات، قررت قيادة "فتح" الموسعة بدء الكفاح المسلح في 31/12/1964 باسم قوات "العاصفة" بالعملية الشهيرة، التي تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية تحت اسم عملية "نفق عيلبون"، ثم تواصلت عمليات حركة "فتح" تتصاعد منذ العام 1965 مسببة انزعاجا شديداً لإسرائيل والدول العربية، التي لم تجد معظمها مناصا فيما بعد من الاعتراف بها، وكان البيان السياسي الأول صدر في 28/1/1965 موضحا أن المخططات السياسية والعسكرية لحركة "فتح" لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية، وأكدت الحركة لاحقاً على ضرورة التعبئة العسكرية والتوريط الواعي للجماهير العربية.
مجلس الطوارئ :
شكلت الحركة (مجلس الطوارئ) عام 1965 برئاسة ياسر عرفات في دمشق مما زاد شقة الخلاف مع أعضاء اللجنة المركزية في الكويت الذين رفضوا الانطلاقة، وكان الكثير من قيادات حزب البعث في سوريا قد أيدوا حركة "فتح"، آملاً في استيعابها ثم السيطرة عليها، وأيدوا عملياتها بعيدا عن الحدود السورية، بينما كان حافظ الأسد قائد سلاح الجو آنذاك من أشد المعادين للحركة الذي استغل حادثة قتل أحمد عرابي ومحمد حشمة عام 1966 على أثر صراع النفوذ في "فتح"، ليوطد مواقعه في حزب البعث، ويتم اعتقال القيادة الفلسطينية في دمشق التي لم تخرج من المعتقل إلا بعد وساطات عدة .
ميلاد "فتح":
ولدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهي ترفع شعارات المرحلة وكان عليها أن تواجه كل تساؤلات التشكيك... والاتهام التي ارتفعت في وجهها وتحيط بها من كل الجهات.
وظلت "فتح" يومها صامدة تصنع المرحلة الجديدة وتجيب على كل تساؤلاتها الحائرة... ماذا... وكيف...؟ وبمن...؟ ومن أين...؟ ومتى..؟ واستطاعت في عناد أن تشق الطريق وتقيم أول تنظيم فلسطيني يتصدى بنفسه ليستعيد زمام المبادرة في القضية الفلسطينية.
مسيرة "فتح":
ومر عامان كانت فيهما شعارآت المرحلة الجديدة من خلال "فتح" لقاء فلسطيني عريض في وحدة وطنية قوية من أجل ثورة مسلحة تحرر الأرض وقد بدأت تغوص إلى أعماق الشعب الفلسطيني بدرجة اكبر واقرب إلى التصور. وفي العالم الثالث، وبعد انتصار ثورة الجزائر وانفصام الوحدة بين مصر وسوريا في سنة 1961 أصبح هناك إجماع فلسطيني على سلامة الخط الذي اختارته "فتح"، حيث تعددت بعدها التنظيمات وأخذت تنادي بما نادت به الحركة، حتى من قبل اؤلئك الذين هاجموها وشككوا فيها بالأمس.
وتابعت "فتح" بناء تنظيمها على طريق الثورة، وكانت ترى بنواياها الحسنة أن كل خطوة على هذا الطريق وكل تجمع فلسطيني على هذا التفكير، مهما تعددت واختلفت مصادره ونواياه، سيكون فيه عودة بالولاء الفلسطيني إلى قواعده الحقيقية، تشده إلى أهداف شعبنا في العودة والتحرير بدلا من البعثرة والضياع الذي عاشه شعبنا موزع الولاء في أكثر من اتجاه ووراء أكثر من هدف، سيما بعد النكبة حيث كان ينتهي دائما إلى سراب.
إلا أن عناصر خارجية قد أخذت تتدخل ولعبت دوراً كبيراً في خلق ومضاعفة إعداد التنظيمات الفلسطينية بشكل لم يعد يبرره أي غرض خير، وأصبح تعدد هذه التنظيمات يبدو وكأنه محاولة لتمييع الحركة الوطنية وتفككها وعودة بالولاء الفلسطيني إلى البعثرة بعيداً عن الأهداف الحقيقية لشعبنا وتراجعا إلى المواقع الخارجية التي كانت تشد أرادة الأحزاب العقائدية في بلدنا إلى خارج الحدود.
إزاء هذا الخطر الذي بدأ يزحف على الجبهة الفلسطينية ويغرقها في حوار جدلي عقيم أوشك أن يفرغها من محتواها رأت "فتح" أن تتولى زمام المبادرة من جديد لتخرج بالحركة الوطنية من طريقها المسدود ولتدفع بالأمور في اتجاه الأهداف الفلسطينية قبل أن يقع الانحراف، وعلى هذا الأساس اختارت:
أولاً: أن تركز جهدا اكبر في تكثيف قواعدها العسكرية على الأرض الحقيقية للثورة حتى تصبح قادرة على بدء عملياتها في وقت اقصر بما قد يضع حداً لنقاشات السفسطة التي بدأت تغرق الجو الفلسطيني.
ثانياً: أن تطرح التجربة في محاولة لتجميع الحركات الفلسطينية في تنظيم فلسطيني واحد يعيد تركيز الوحدة الوطنية ويحفظ للشخصية الفلسطينية استقلالها بفكرها وتخطيطها وولائها للأهداف الفلسطينية حتى يظل زمام المبادرة كما تريده بيد الشعب الفلسطيني نفسه.
وهنا.. ومن أجل هذا الغرض ذهبت إلى مؤتمر القدس وهي تتطلع إلى ميلاد منظمة التحرير الفلسطينية، كمحاولة للخروج بالكفاح الفلسطيني من القوقعة التي أملتها حياة السراديب... إلى عالم مكشوف يستطيع أن يستقطب قواعد أوسع بإمكانيات للعمل أكثر. وألقت "فتح" بثقلها مع فكرة منظمة التحرير الفلسطينية لتعطيها دفعاً قوياً تقف به صلبة في مواجهة استحقاقات المرحلة الجديدة.
اللقاء فوق أرض المعركة:
ومرة أخرى ارتفعت أصوات كثيرة تشكك وتتهم.. والمقاتلون من رجال "العاصفة" يقطعون الأرض طولا وعرضا في صقيع يناير القاسي.
واخذ أبناء "فتح" يواجهون المطاردة والملاحقة والاعتقال في كل مكان من الأرض العربية، وبعد عامين من المواجهة المنفردة بين فتح وإسرائيل.. ورغم شراسة المعركة التي واجهتها على الأرض العربية بالتشكيك والاتهام والحصار والحجز والمطاردة بغرض خنق الثورة... استطاعت "فتح" من خلال قتالها اليومي أن تحطم التساؤلات الحائرة والعاجزة والمشككة... وتقفز عنها... وتثبت أن العمل داخل الأرض المحتلة ممكن... وان أسطورة المناعة الإسرائيلية ما هي إلا خرافة تتحطم تحت ضربات العزم الفلسطيني. وأصبح التمرد المسلح الفلسطيني واقعاً اكبر من أن يحجز عليه.
وبعد مرور عامين على ميلاد الثورة، كانا كما يبدو ضروريين لإقناع المترددين والعاجزين من شعبنا، وفي الفترة التي بدأت فيها "فتح" تعد لطرح تصورها وتخطيطها للثورة وتختط مسيرتها على طريقها بثقة وصلابة وعزم.. في هذه الفترة بالذات بدأت ماسمي بـ"حملة الإغراق" وذلك في أعقاب انتصار ثورة الجزائر، حيث جرت محاولة اغراق المنظمة، بالمنظمات الفلسطينية في تجاهل تام للقوى البشرية الضخمة لجيش التحرير وقام رئيس المنظمة آنذاك وقائد جيش التحرير بتكوين جماعة فدائية بدت أولى عملياتها في أواخر أكتوبر 1966 باسم (أبطال العودة)... وجماعات أخرى صغيرة تحمل أسماء شهداء فلسطين قامت كما أرادها من أجل إرباك الوضع السياسي في الأردن في أعقاب الهجوم على قرية السموع.
وهنا كان على "فتح" أن تراجع موقفها في طرحها المبكر لبرنامج الثورة إزاء هذا الإغراق المفاجئ وغير الجاد للساحة الفلسطينية بما يربكها، لاسيما وان أحد الشروط الأولى لانتصار الثورة، كما تراها فتح أن الوحدة في أداء الثورة يتطلب شمولا جماهيريا... وولاءً موحداً لها، ومن أجل هذا وجدت فتح نفسها ملزمة بان تأخذ زمام المبادرة فتطرح شعارها: اللقاء فوق أرض المعركة كنداء لهذه القوى ترى فيه السبيل الوحيد لفرز القوى الجادة والقادرة على الحركة والعطاء... ومدى استعدادها رغم ما تتعرض له من مضايقات ومطاردات وحجز وحصار يفرضه الواقع السياسي في دول الطوق المحيطة بالأرض المحتلة.
وهكذا أثبتت التجربة على طول مرحلتي التنظيم والعمل المسلح أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" قد تجاوزت محاولة التشكيك والاتهام... وان فتح كانت في المرحلتين رائدة وصاحبة مبادرة خرجت بالحركة الوطنية الفلسطينية من عالم الضياع في أعقاب النكبة لتضعه في أعقاب عالم متحرك مقاتل رغم ما كان يحيط بها من ظروف قاسية وصعبة.
حتمية الثورة:
كان البعض يرى في الثورة نوعا من المغامرة ولا يستطيع أن يتصور دور هذه الثورة في معركة التحرير... وما هي إمكانياتها... وهل هي فعلا قادرة على تصفية هذا الاحتلال.. وكيف...؟
الحتمية التاريخية:
نقطة البداية كما رأتها "فتح" هي أن موضوع الثورة يشكل منطلقا لا خيار لأحد فيه فهي طريق يفرضها منطق الحوادث والتاريخ... والذي سًير جيوش الاحتلال والغزو في الماضي لابد ون يتوقع بعدها وبالضرورة انتفاضات الثوار المتكررة، وهذا ما يؤكد انه لا بد أن يكون في بلدنا ثورة... تأتي لتصحح هذا الوضع الشاذ مهما تأخرت عن موعدها.
هذا أمر طبيعي يفرض نفسه كحقيقة تاريخية مصيرية لا تقبل حتى أن تناقش.. ولا تبرر لنا أن نستسلم لمزيد من الوقت بعد هذه الفترة من الاستسلام... كما تملي علينا أن نتحمل مسؤولياتنا كشعب يتطلع إلى حياة أفضل... وكما كانت ثورات الأحرار في آسيا وإفريقيا... ستكون ثورتنا قوية ثابتة تفرض وجودها علينا وعلى العالم معنا كما هو التطور الطبيعي للتاريخ... ولا نملك بعد ذلك إلا أن نستجيب لإرادة الإله التي يعبر عنها هذا التاريخ.
الحتمية الإستراتيجية:
حتى يمكن أن نتصور العدو الحقيقي للثورة في معركة التحرير وتصفية الاحتلال يلزم أن نتصور الحقائق الأساسية للمعركة كما استطاعت أن تصنعها إسرائيل على مدى العشرين عاما الماضية من خلال تحركين: سياسي وعسكري.
التحرك السياسي:
على المستوى العالمي استطاع العدو أن يحرك القضية الفلسطينية أمام الرأي العام ويقدمها من خلال مجموعة من القضايا الفرعية جداً كقضية لاجئين وقضية حدود وقضية مياه وروافد بين دولة مستضعفة صغيرة وثلاث عشر دولة مسعورة تنكر عليها حقها في الوجود والحياة... بين مليوني مشرد من عذاب النازي يبحثون عن ملجأ للحياة في هدوء واستقرار... ومائة مليون عربي متمرد وغير قانع بخيرات وثروات الأرض الواسعة التي يملكونها ويعيشون عليها... ويريدون أن يقذفوا بها في البحر كما قذف بهم النازي في أفران الغاز ومعسكرات الفناء، لكن الحنكة السياسية التي تمتع بها قيادات حركة فتح والذين كان لهم الدور الأبرز في منظمة التحرير والسلطة الوطنية استطاعوا ان يرسلو للعالم اجمع رسائل مفادها ان على هذه الارض ما يستحق الحياة والعيش بكرامة، والتي بدأها الراحل ياسر عرفات وأكملها سيادة الرئيس محمود عباس بتقديمه طلب عضوية دولة فلسطين للأمم المتحد في نهايات عام 2011 .
التحرك العسكري:
1- كان للإحتلال اهداف خبيثة على ارض فلسطين من خلال ثلاث محاور:
1) تركيز بشري من خلال هجرة جماعية غربية تزحف من وراء البحار.
2) إستراتيجية هجومية قادرة على نقل المعركة بما يتوفر لها من طيران وطرق مواصلات وآليات إلى الأرض العربية خارج حدود الأرض المحتلة، وهذا التجميع البشري الغريب.
3) سباق مجنون من التسلح تفرضه على المنطقة... يستنزف قدرات وثروات وكل إمكانيات العالم العربي بغرض خلق جو من الاستسلام والذعر يجعل المنطقة العربية تعيش في مجال الإستراتيجية الإسرائيلية وتحت تأثيرها بما يكرس أسطورة الوجود الإسرائيلي أو استحالة زحزحته.
وفي هذا المجال تتطلع إسرائيل للزمن كعامل رئيسي تتمكن به في جو من الهدوء والاسترخاء والسيطرة على جانبي القتال من تحقيق أهدافها الإستراتيجية ويقوم التخطيط الإسرائيلي في هذا على أساس:-
1- تعمير النقب وحشده بثلاث ملايين مهاجر جديد... بشكل يقطع الاتصال بين الجبهة الغربية في الجنوب والجبهة الأردنية في الشرق.
2- توزيع السكان في المنطقة المحتلة وتخفيف الضغط السكاني في المناطق الشمالية والوسطى.
3- توزيع المراكز الصناعية والمواقع العسكرية على أرض أوسع بشكل لا يجعلها هدفا سهلا للضربات العربية.
وهكذا ستحقق إسرائيل بهذا التوزيع الجديد في أعقاب تعمير النقب مناعة قوية أمام غزو عربي محتمل... وسيفقد هذا الجبهة الأردنية المناعة الإستراتيجية التي كانت توفرها صحراء النقب قبل التعمير.
بهذا الفهم لإبعاد الإستراتيجية الإسرائيلية وأثر العامل الزمني فيها.. كان لا بد أن تتحرك فتح لمنع العدو من تحقيق أهدافه قبل أن تصبح واقعا جديدا ومن أجل أن تعيد الأمور إلى حجمها الحقيقي وتسترد للقضية وجهها العادل وتوقف الزحف البشري الغريب على أرضنا... وتخرج بالمنطقة العربية من تحت الإستراتيجية الإسرائيلية.. وتعطيها فرصة لالتقاط أنفاسها وسط سباق التسلح المجنون وتجرد العدو من المزايا التي يوفرها العامل الزمني.. وتقلب ميزان المعادلة في الاتجاه المضاد.
والقوة الوحيدة المؤهلة لهذا هي ثورة مسلحة تكون قادرة على أن تتصدى للإستراتيجية الهجومية الإسرائيلية وتنقل المعركة من خلال إستراتيجية مضادة إلى قلب الأرض المحتلة في قتال مواجهة مع الغزو الإسرائيلي، يجد نفسه فيه وحيدا منفردا من غير حماية يواجه المقاتل العربي في بيته وعلى أرضه في الطريق... وفي المقهى... وفي السينما... وفي معسكرات الجيش... وفي كل مكان بعيداً عن سيطرة الطيران والآليات الإسرائيلية التي كانت توفر له الحماية وتؤمن سلامته وحياته.. بشكل يفرض عليها التفكير المقارن بين حياة الاستقرار والهدوء التي كان يعيشها في بلده الأول... وحياة الفزع والذعر التي وجدها تنتظره على الأرض الفلسطينية بما يدفعه في طريق الهجرة العكسية وتكون الإستراتيجية الإسرائيلية بهذا فقدت الغرض الأصلي من وجودها لتأمين سلامة الفرد الإسرائيلي... وتعود بغير هدف وغير نتيجة... ولا مبرر.
وهكذا تطرح الثورة نفسها كضرورة حتمية يفرضها منطق التاريخ. وإستراتيجية المعركة ستستكمل أبعادها وتحقق أهدافها على مدى مراحل ثلاث:
1- مرحلة تجميد النمو في الوجود الإسرائيلي على الأرض المحتلة.
2- مرحلة تحطيم هذا الوجود.
3- مرحلة تصفية وتطهير الأرض المحتلة من كل آثاره.
شخصية الثورة:
وحتى تكون هذه الثورة المسلحة قادرة على أن تفرض نفسها على خارطة قوى الثورة العالمية من أجل العدل والحرية والسلام.. كان يجب أن نؤكد على فلسطينية الثورة في أرضها وقيادتها وتخطيطها، وبهذه الشخصية الفلسطينية لها نستطيع أن نسترد للقضية في المجال الدولي، وجهها العادل كصراع من أجل الحرية والعدالة... وحجمها الحقيقي بين مليون فلسطيني مشرد كانوا يملكون الأرض.. ويعيشون عليها وهم اليوم بلا وطن بلا أرض ولا مأوى ولا مستقبل ولا أمل، وبين اثني عشر مليون صهيوني يملكون المال والسلطة والنفوذ في أمريكا وأوروبا ينظمون بها زحفاً بشرياً مهووساً وحاقداً متعطشاً للدم يتوافد على الأرض المقدسة يزاحم أهلها فيها ويقوم بالمذابح وينشر الفزع والرعب والإرهاب.
ومن أجل هؤلاء المظلومين الذين فقدواً الأرض والأمل... تفرض الثورة الفلسطينية المسلحة نفسها بلا خيار لتطرح على العالم شخصية المقاتل الفلسطيني الذي يعود بعد عشرين سنة من الظلم والقسوة والضياع ليقاتل من أجل حقه في الحياة على أرضه كما يحياها الآخرون على أرضهم.. بعد أن عجز العالم بكل مؤسساته الدولية أن يحافظ على هذا الحق... أو أن يرفع عنه هذا الظلم وهذه القسوة... لتطرح على الدنيا شخصية المقاتل الفلسطيني العنيد الصلب الذي لا يساوم ولا يستسلم من قبل أن يعيد إلى أرض السلام (فلسطين) كل مثاليات العدل والمساواة... ومن أجل هذا تصر الحركة على أن تحتفظ الثورة بشخصية الشعب الفلسطيني بارزة إلى أن تنتهي من معركة التحرير.
هذا التركيز على الشخصية الفلسطينية للثورة لا يمكن أن ينفي عنها شخصيتها العربية، ففتح تؤمن أن معركة التحرير في فلسطين هي قضية عربية مصيرية يقوم فيها الفلسطينيون بدور الطليعة، إلا أن هذا التركيز في نظر الحركة ضروريا لأسباب رئيسية:
1- كإستراتيجية يمكن بها التصدي لمحاولات التضليل والخداع التي يضعها التحرك الإسرائيلي في المجال الدولي لينفي عن هذه الحركة وجهها العادل.
2- كوسيلة لتحديد المسؤولية وتحديد الاختصاص في تنظيم يؤمن بالثورة ويتفاعل معها يبدأها ويحميها ويتابع الاستمرار فيها... تنظيم له من الارتباط بالأرض وبالمصير ما يعطيه وضعا خاصا.
ولا يعني هذا التحديد بالاختصاص والمسؤولية في الثورة أي نوع من الانفراد بها أو أي إعفاء للجماهير والقيادات العربية من مسؤوليتها نحو هذه المعركة ولكنه تحديد للمسؤولية الدولية والجماهيرية في قيادة الثورة وتوجيهها أو الاستمرار بها إلى أهدافها، وهو ما تفرضه طبيعة الوضع السياسي في الوطن العربي ومنطق الحوادث الذي لا يتيح لنا أن نطالب الأمة العربية بواجباتها من قبل أن نلقي نحن بإمكانياتنا وقدراتنا وحشدنا، كما لا يتيح لنا أن نطالب المواطن العربي بان يعيش الثورة في أرضنا وشبابنا يعيش حياة الترف والاسترخاء واللامسؤولية، يجمع الثروة في أرضهم، إضافة إلى أن ترك المسؤولية تمييع للقضية وضياع لها بين أطراف تلتقي مرة وتتناقض عشرات، بما يجعلها موضوعا لمزايدة ذات وزن قادرة على رفع شعاراًت يحتمي البعض وراءها لتغطية العجز على الأرض الفلسطينية.
3- فلسطينية الثورة هي مدخل قادر على تجميع واستقطاب الجماهير الفلسطينية التي تتناثر في أطراف الدنيا بلا رابط يجمعها أو يشدها إلى الأرض والقضية والمستقبل، وهي الوسيلة الوحيدة لتنقية الوسط الفلسطيني من جو السفسطة والتعقيد من خلال التعدد في الولاء والاتكالية، التي صنعتها السنوات الطويلة من الضياع.
السلطة الوطنية والمرحلية :
إلا أن الأثر الهام للخروج من الأردن كان تصعيد الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وتصاعد الصراع على منظمة التحرير الفلسطينية، في ظل تنامي النفوذ السوري، كما أنه منذ عام 1973 استطاعت حركة "فتح"، وبعد عامين من العمليات الخارجية لمنظمة (أيلول الأسود) المحسوبة على "فتح"، استطاعت تعزيز قوتها في المنظمة، وتعزيز تواجدها المسلح في الجنوب اللبناني وبيروت والمخيمات الفلسطينية، وبدأت الحركة بتكريس مفاهيم التنظيم، والمؤسسات المدنية التي انتشرت في مراكز المجتمع الفلسطيني، جنباً إلى جنب مع قواعد الفدائيين الذين لم تتوقف عملياتهم ضد الكيان الصهيوني.
وفي نفس العام تبنت حركة "فتح" بشكل واضح مفهوم "مرحلية النضال" السياسي حيث قبلت مقررات المجلس الوطني الفلسطيني ونقاطه العشر الداعية إلى إقامة السلطة الوطنية على أي شبر يتم تحريره أو استرداده، إضافة لإمكانية التفاوض مع قوى السلام التقدمية الإسرائيلية لتنشأ حينها "جبهة الرفض"، مقابل تيار القبول ممثلا بحركة " فتح"، والجبهة الديمقراطية والصاعقة.
الصراعات الفكرية :
ولم تمر هذه المرحلة على حركة "فتح"بسهولة، إذ كان للصراعات الفكرية والسياسية في الأعوام (1973 – 1983 ) بروزا واضحا خاصة: في الموقف من السلطة والمؤتمر الدولي للتسوية ( مؤتمر جنيف)، مما أفرز عدة تيارات في أوساط الحركة حتى دعا البعض إلى تبني إنشاء حزب طليعي ثوري من بيئة حركة "فتح"، وفي هذا الإطار شهدت الحركة انشقاقات لم يكن لها تأثير كبير على مسيرة الحركة، لأنها انشقاقات ارتبطت بأجندات خارجية أكثر مما كانت تحمل الهم الوطني وقضية الشعب الفلسطيني.
انشقاق أبو نضال :
في العام 1974 واجهت حركة "فتح" تحديا تنظيميا صعبا بخروج صبري البنا "أبو نضال"، مدير مكتب الحركة في العاصمة العراقية بغداد، عن صفوف الحركة وتأسيسه لما أسماه "حركة فتح– المجلس الثوري"، أو ما اشتهر لاحقا باسم "جماعة أبو نضال"، التي لقيت الدعم المكثف من المخابرات العراقية في البداية، ثم من مخابرات عدة دول أخرى لاحقاً، لاسيما في سعي الجماعة المتشدد لرفض الحلول السلمية التي وصفتها هذه الجماعة بـ"الاستسلامية"، وفي قيامها بقتل عشرات القادة والكوادر الفلسطينيين على مساحة العالم ، ثم من كوادرها إذ هي قامت بعديد التصفيات الداخلية ، إلى أن قضى صبري البنا "أبو نضال"، الذي يشار إليه كبندقية للإيجار حتفه في بغداد عام 2002.
ولحق تحدي انشقاق "أبو نضال"، اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية في خضم المسيرة السياسية ومحاولات استبعاد ( م.ت.ف)، وذلك منذ حادثة حافلة عين الرمانة في 13/4/1975 في بيروت التي أدخلت القضية والمنظمة و( فتح ) في صراعات مسلحة ضمن النسيج اللبناني، والذي استدعى التدخل السوري المسلح منذ العام 1976 ، إلا أن الحركة استعادت قدرتها على ضبط الصراع التنظيمي السياسي، وتوجيه العمل العسكري من لبنان وفي فلسطين عبر العديد من العمليات المميزة التي كان أشهرها عملية "سافوي عام 1976 ثم عملية دلال المغربي عام 1978، وغيرها الكثير.
إستراتيجية المرحلة اللبنانية :
كانت إستراتيجية حركة "فتح" السياسية وأثر انخراطها في المسيرة السلمية في الفترة من (1973 – 1982 ) - ورغم ما شاب هذه الفترة من تحديات كبيرة تمثلت بعدد من الصراعات الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية الداخلية، ورغم نشوب الحرب الداخلية اللبنانية والتدخل السوري في لبنان – كانت إستراتيجية "فتح"، تتركز على أدراج مسألة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في جدول الأعمال السياسي، وثانياً: مشاركة ( م.ت.ف) في أي مفاوضات متعلقة بحقوق الفلسطينيين، لذلك ظهرت شعارات القرار الفلسطيني المستقل بصوت عال ضد محاولات الهيمنة الإقليمية أو الحل من خلف ظهر الفلسطينيين، وعليه كانت الموافقة على مقررات قمة فاس عام 1982 اثر الخروج من بيروت بعد معركة أسطورية خاضتها الثورة الفلسطينية بقيادة فتح بصمود شهد به العالم كله.
معركة الصمود ..حصار بيروت 1982 :
أدى تنامي مكانة منظمة التحرير وحركة فتح والانجازات السياسية التي كان الشهيد ياسرعرفات يحققها على مستوى العالم إلى إثارة حنق وانزعاج القيادة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء مناحيم بيغن فزادت عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين في لبنان وأخذت تخطط لضرب منظمة التحرير وقيادتها.
استشعرعرفات في وقت مبكر الخطر الكبير القادم، وكان منذ خريف 1980 يحذر ويعلن ضرورة الاستعداد للحرب، لأنه شعر بأن اليمين الحاكم في إسرائيل يستعد و يتحين الفرص للانقضاض على الثورة الفلسطينية .وكان عرفات يعطي أوامره للقوات الفلسطينية ـ في مرات كثيرة ـ بالامتناع عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية خشية التذرع بالردور الفلسطينية لتبرير شن عدوان كبير .
وشعرعرفات بالقلق الكبير مع اندلاع الحرب بين حليفيه القويين : العراق وايران في العام 1980 ، وبذل جهود وساطة كبيرة في هذا المجال لكن دون جدوى. وتصاعدت مخاوفه من استغلال إسرائيل للوضع الاقليمي مع خروج مصر من دائرة المواجهة وانشغال العراق وايران بحربهما ، وتأكدت أحاسيسه حين فشل العرب في قمة فاس بالمغرب في الاتفاق على مشروع الأمير فهد " ولي العهد السعودي" للحل والذي يشيرـ إلى جانب الإقرار بكافة الحقوق الفلسطينيةـ إلى" الاعتراف بحق كل الدول في المنطقة أن تعيش بسلام". وعلق عرفات بعد الإخفاق في فاس بقوله"سوف ندفع من دمنا ثمن هذا اللاقرار ..وسوف تكون فاس هي الفأس التي تهوي على رؤوسنا".
وحاول الاسرائيليون أغتيال عرفات في تموز/يوليو 1981 حين قصفوا البناية التي تضم مقر قيادته في الفاكهاني ببيروت ودمروها كليا ليدفنوا تحت انقاضها أكثر من مئة شهيد .
وبعد تصاعد الاشتباكات واشتداد القصف الفلسطيني لبلدات شمال إسرائيل، وافقت إسرائيل على اتفاق لوقف إطلاق النارمع منظمة التحرير تم التوصل إليه برعاية المبعوث الاميركي فيليب حبيب .
فرض عرفات على قواته تقيدا شديدا بوقف النار، وكثف عمليات التدريب والتسليح، وأخذ بيغن ووزير حربه ارئيل شارون يعدان للضربة" القاصمة" التي ستقضي على منظمة التحرير وحركة فتح وعلى ياسرعرفات وفقا لما يخططان .
ولم تتأخر إسرائيل عن استغلال قيام منظمة "أبو نضال " المنشقة عن الثورة الفلسطينية بإطلاق النار على السفير الإسرائيلي في لندن "شلومو أرغوف" وإصابته في رأسه إصابة خطيرة، فبدأ القصف الإسرائيلي العنيف ظهر يوم الجمعة الرابع من حزيران /يونيو 1982 ليطال مواقع عديدة منها المدينة الرياضية في بيروت والمخيمات الفلسطينية.ورد الفلسطينيون بقصف بلدات شمال إسرائيل، لتجد الحكومة الإسرائيلية الذريعة متهمة الفلسطينيين بانتهاك اتفاق وقف النار، ولتبدأ في اليوم التالي الخامس من حزيران /يونيو حربها الواسعة على لبنان، والهدف الحقيقي هو القضاء على الثورة الفلسطينية وقائدها ياسرعرفات الذي كان في جدة بالمملكة العربية السعودية، وتوجه فور سماع أنباء القصف الإسرائيلي يوم 4حزيران /يونيو إلى دمشق، ومنها إلى بيروت ليقود معركة التصدي للعدوان الجديد. وأذهله حجم الاضرار والدمار الذي خلفه القصف ، وأدرك أنه أمام حرب واسعة فدعا المقاتلين إلى القتال بكل قوة .. ازدادت وحشية القصف الجوي والبري والبحري الإسرائيلي لكافة المناطق التي يتواجد فيها الفلسطينيون، ودفعت اسرائيل بقوات برية ودبابات ومصفحات بأعداد كبيرة من جنوب لبنان نحو صور وصيدا ومخيمات عين الحلوة والرشيدية .. تواصل العدوان الواسع ليصل يوم 13حزيران /يونيو إلى حدود بيروت الغربية ، وأصبح ياسرعرفات محاصرا مع قواته في جيب لا تتعدى مساحته 25كيلومترا مربعا. صمد عرفات ومعه المقاومون الفلسطينيون 88 يوما تحت الحصار والقصف الوحشي العنيف، وطوال هذا الوقت كانت إسرائيل تلاحق ياسرعرفات لاغتياله، ولكن رغم وجوده في منطقة محاصرة واضطراره لعقد اجتماعات عديدة وظهوره مرات كثيرة بين المقاتلين أو في زيارة الجرحى، رغم كل ذلك نجا عرفات من عدة ضربات مباشرة طالت أماكن كان فيها قبل لحظات أوكان يفترض أن يصل اليها خلال لحظات.كان يتنقل كثيرا،ويبدل أماكن نومه وإقامته ، ولا يقضي في مكان واحد سوى ساعات محدودة.كان عرفات مصمما على مواصلة الصمود والقتال.رفض عروضا عديدة للنجاة بنفسه عن طريق اللجوء للسفارات في بيروت،ورفض دعوات الجنرال ارئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي للاستسلام ، وكان يردد بين رفاقه: هبت رياح الجنة، لقد دعوت الله ان يستجيب لطلبي أن أموت شهيدا .
قتلت إسرائيل آلاف المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، وأصيب عشرات الآلاف منهم .دمرت الأحياء السكنية والمخيمات الفلسطينية ..زاد الوضع بؤسا واستمر الصمود، ولكن عرفات كان غاضبا جدا ازاء ضعف ردور الفعل العربية والدولية على العدوان والجرائم التي ترتكبها اسرائيل .كان خروج الفدائيين من بيروت ولبنان وتوزيعهم على تسع دول هو الشرط الذي وضعته إسرائيل عبر الوسيط الأميركي فيليب حبيب لوقف المجزرة في بيروت،رفض عرفات الشرط ،لكن الحكومة اللبنانية وافقت يوم 18 آب /أغسطس على خطة حبيب .
وجرى حوار بين القوى الوطنية اللبنانية والقيادة الفلسطينية حول كيفية التصرف ،وتم الاتفاق على القبول بخروج الفدائيين من بيروت. أبلغ ياسرعرفات الرئيس اللبناني الياس سركيس ورئيس الوزراء شفيق الوزان موافقته على خطة حبيب، وقبل ان يخرج عرفات من بيروت بايام ساله الصحافي الإسرائيلي "أوري افنيري" :إلى أين أنت ذاهب؟ أجاب عرفات فورا وبقوة :"أنا ذاهب إلى فلسطين".
وبدأ الفدائيون مغادرة لبنان يوم 21آب/ أغسطس ببزاتهم العسكرية وبأسلحتهم الشخصية، وقبل أن يصعد ياسرعرفات إلى السفينة اليونانية "أتلانتيد" في ميناء بيروت يوم 30آب/أغسطس ليغادرها، توقف للحظات وقال بصوت عال"أيها المجد لتركع أمام بيروت".
وقال فيما بعد عن تلك اللحظات:"حين ألقيت النظرة الأخيرة على المدينة قبل أن أغادرها، بكيت ..كانت تلك من اللحظات النادرة في حياتي التي جرت فيها دموعي بهذه الغزارة ..إن حصار بيروت ومغادرتي لها قد فتحا جرحا عميقا في قلبي .. نظرت إلى المدينة وأنا على ظهر السفينة ، وشعرت كأنني طائر مذبوح يتخبط في دمه".
وقد ودعه الشعبان الفلسطيني واللبناني بكل الحب والإجلال كما يليق به كقائد شجاع صمد وقاتل بشرف ورفض الاستسلام. وفي اليونان استقبله الشعب اليوناني وقادته يتقدمهم رئيس الوزراء أندرياس باباندريو كبطل محارب شجاع.ومكث عرفات يوما واحدا في اليونان ليغادرها في اليوم التالي إلى تونس التي وقع الاختيار عليها لتكون المقر الجديد في المنفى لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
بدأ الشهيد ياسر عرفات عرفات يتحرك وينشط سياسيا في مقره الجديد في تونس، و التي كانت أيضا المقر المؤقت لجامعة الدول العربية بعد نقله من القاهرة إثر توقيع مصر اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل. ومن تونس أخذ ياسرعرفات يعيد تنظيم جميع عناصر الثورة الفلسطينية وأجهزتها: القوات العسكرية والمؤسسات والافراد والموارد البشرية والمالية، ومنها أخذ ينطلق في جولاته الخارجية.
وتوجه يوم السادس من ايلول/سبتمبر إلى المغرب للمشاركة في مؤتمر القمة العربية" قمة فاس الثانية".. كان الغرض من هذه القمة إظهار وحدة الصف العربي وإعداد استقبال حماسي لياسر عرفات "رمز المقاومة والصمود " كما سماه يومها العاهل المغربي الملك الحسن الثاني .وتبنت القمة مشروع الملك فهد للتسوية السلمية للنزاع العربي الإسرائيلي .
وفي يومي السادس والسابع عشر من أيلول /سبتمبر1982 ارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا على يد القوات اللبنانية الكتائبية التي قتلت نحو الف فلسطيني ـ تتحدث بعض التقديرات عن مقتل ثلاثة الاف فلسطيني في المجزرةـ ومعظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن بعلم وحماية القوات الاسرائيلية التي احتلت بيروت في ذلك الوقت. ويومها كان عرفات يزور روما فأبلغ وزير الخارجية الإيطالية أنه يحمل القوات الإيطالية والفرنسية والأميركية المسؤولية عن المجزرة لأنه سلمهم المدينة قبل انسحابه وقوات الثورة منها ولم يسلمها للجيش اللبناني، لكنهم خذلوه وتركوها، ما أتاح لشارون احتلال المدينة والسيطرة عليها وبالتالي ارتكاب المجزرة.
وأثناء وجوده في تونس كان عدد من أعضاء "فتح" يستعدون للانشقاق عن الحركة بدعم من النظام السوري، وشكلوا تجمعا أسموه "فتح الانتفاضة" برئاسة العقيد محمد سعيد موسى مراغة" أبو موسى"، فتصدى عرفات لـ "المؤامرة "وأعلن أن "المنشقين يريدون أن يسحبوا من الشعب الفلسطيني قراره الوطني المستقل بهدف السيطرة عليه وجعله خاضعا لغير الإرادة الفلسطينية"...أي لسورية .
وتصاعد التوتر والخلاف بين عرفات والنظام السوري.. وفي هذه المرحلة تم اغتيال "رئيس أركان قوات الثورة الفلسطينية " العميد سعد صايل "أبوالوليد" ـ المؤيد القوي لياسرعرفات ونهجه الاستقلالي ـ وذلك في كمين في سهل البقاع الخاضع لسيطرة القوات السورية في لبنان، واتهم البعض سورية بالوقوف وراء اغتياله .. فتدهورت العلاقات بين المنظمة ودمشق كثيرا.. ونجا عرفات من محاولة لاغتياله في كمين نصب لموكبه على طريق حمص حيث استشهد تسعة من حرسه ومرافقيه ولم يكن هو في الموكب. وفي اليوم التالي قررت السلطات السورية طرد ياسرعرفات من سورية.
وأعلن جورج حبش ونايف حواتمة مساندتهما لعرفات، لكن ذلك لم يخفف من قرار دمشق التي عاملته كمجرم: اقتاده أحد الضباط إلى الطائرة التونسية التي كات تنتظره في مطار دمشق. إلا أن ضربة دمشق لعرفات ارتدت عليها، فقد ضاعف القرار السوري من حجم التأييد الواسع لياسرعرفات في أوساط الرأي العام الفلسطيني والعربي، وأصدر مفتي القدس الشيخ سعد الدين العلمي فتوى تبيح قتل الأسد لقراره طرد عرفات، وحتى داخل سورية كان التأييد لعرفات جارفا وألحق القرارالعار بـ"أبو موسى "وحركته الإنشقاقية .. لقد اتضح ان حركة الانشقاق الداخلي كانت نزاعا سوريا ـ فلسطينيا. وكان لهذه المحنة أن عززت مرة أخرى شرعية ياسرعرفات ولم تؤثر في صلابة موقف زعيم (م.ت.ف) : ففي اليوم التالي من طرده، سافرعرفات إلى براغ للمشاركة في مؤتمر حركة السلام العالمية، وألقى بحضورالوفد الإسرائيلي خطابا معتدلا دعا فيه إلى الحوار والسلام.
تصادم المنشقون عن فتح مع قوات الثورة ودفعوها خارج مناطق سيطرة السوريين، فتمركزت في طرابلس بشمال لبنان وبدأ القصف ضدها والحصار بدعم سوري ليبي.
حصار الشهيد ياسر عرفات في طرابلس:
أخذ المنشقون، تدعمهم القوات السورية الموجودة في لبنان، يدفعون قوات عرفات تدريجيا خارج المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري. وكان على القوات الموالية لعرفات بدءا من شهر آب/اغسطس1983، أن تتخذ مراكزَ لها في شمال لبنان، وتحديدا في طرابلس ومخيمي اللاجئين المجاورين وهما نهر البارد والبداوي. وحين اشتد قصف القوات السورية والمنشقة للقوات الموالية، كان على عرفات أن يهب لمساعدة مقاتليه ويشد من أزرهم، فأقدم على خطوة وصفها الشاعر محمود درويش، بأنها "فعل الشجاعة الأكثر تألقا في حياته الصاخبة": ارتدى ثيابا مدنية، وحلق لحيته، ووضع نظارة سوداء ليخفي معالم شخصيته، وحمل حقيبة صغيرة، وطار إلى مطار لارنكا في قبرص بجواز سفر مزور ..ومن هناك وصل إلى لبنان عبر البحر.لم يتوقع السوريون الذين يحاصرون طرابلس ولا الإسرائيليون الذين كانوا يفرضون حصارا بحريا مجيئه.وصل عرفات متخفيا في أجرأ عملية اختراق إلى طرابلس في 20/9/1983 ليمنع فرض المنشقين أنفسهم ممثلين شرعيين للمقاومة، وهذا ما كان.
انضم عرفات إلى رفيق دربه خليل الوزير "أبو جهاد" الذي كان في طرابلس يقود القوات الموالية للشرعية الفلسطينية، كان على رجال عرفات الخمسة آلاف أن يخوضوا قتالا ضد أكثر من عشرة آلاف من الجنود السوريين والمنشقين بقيادة أبو موسى، ومقاتلي منظمة الجبهة الشعبية ـ القيادة العامةـ بزعامة أحمد جبريل، تدعمهم نحو مئة دبابة. ظل أبو عمار يقود العمليات العسكرية من مقره في زقاق في طرابلس يبعد نحو 200 مترعن البحر.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، سقط مخيم نهر البارد ثم مخيم البداوي في أيدي المنشقين بعد معارك سقط فيها نحو 1000شهيد من العسكريين والمدنيين.
بدا أن السوريين على وشك تحقيق هدفهم : القضاء على أبو عمار.عمت الفرحة في إسرائيل حينذاك، وسرت شائعات عن مقتله وانتشرت بينهم ظاهرة "التبشير" بموت عرفات.لكن هذا الحصار لم يفت من عضد عرفات ايضا.
وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 1983 كان الخروج الثاني من لبنان - من طرابلس هذه المرة - وغادرعرفات طرابلس على متن السفينة "أوديسيوس إيليتيس". كان يرافقه ضباطه و 4000 مقاتل، أقلتهم 5 سفن يونانية ترافقها البحرية الفرنسية.تم هذا الرحيل بوساطة فرنسية ـ سعودية وبجهود مصرية وصينية مدعومة من غالبية الدول العربية، ومنها الكويت التي هددت سورية بوقف المساعدات الاقتصادية عنها.
جعل عرفات من معركة طرابلس، وهي فشل عسكري، نصرا سياسيا: ظل رمزا للاستقلالية الفلسطينية في مقابل أولئك "الدمى السورية"، على حد تعبيره، وازدادت شعبيته حتى في سورية نفسها ــ في مخيم اليرموك للاجئين، القريب من دمشق ــ مهمِشا بذلك المنشقين، الذين لم يتمكنوا بعد ذلك من لعب دور سياسي داخل (م.ت.ف).
وكان ياسرعرفات قد نجح خلال حصاره في طرابلس بمبادلة 6 أسرى إسرائيليين ب4500 معتقل فلسطيني،مقاتلين ومدنيين، محتجزين في جنوب لبنان وفي إسرائيل .
عودة الشهيد يسر عرفات الى مصر:
وبعد خروجه من طرابلس فجرعرفات مفاجاة جديدة.. وصل بدون مقدمات معلنة إلى مصر التي كانت مقاطعة عربيا، ورغم أن "فتح" اعتبرت الزيارة فيما بعد في بيان (خطأ ناجم عن سوء تقدير) إلا أن عرفات ظل يتمتع بالدعم والقوة.. ثم أقر منتقدو الزيارة لاحقا بصواب قرارعرفات.
كان عرفات قد اتخذ قراره في وقت سابق إبان الحصار في طرابلس. سيذهب إلى مصر للقاء الرئيس محمد حسني مبارك، رغم تحذيرات أبو جهاد وأبو إياد، وقد اتصلا به عبر اللاسلكي ونصحاه بعدم الذهاب. ولكنه ما أن خرج من طرابلس ووصل إلى عرض البحر، حتى بدأ اتصالاته ترتيبا لزيارة مصر. وعند وصول السفينة "أوديسيوس إيليتيس" إلى بور سعيد استقبل عرفات ورجاله بتظاهرات ترحيبية من الجماهير، وكان وفد رسمي برئاسة رئيس الوزراء المصري في انتظارعرفات الذي دعاه للقاء الرئيس المصري مبارك، فقبل عرفات الدعوة واستقل طائرة مروحية ليصل القاهرة، حيث كان العناق التاريخي بين عرفات ومبارك في 22 حزيران 1983/يونيو، وفُتحت صفحة جديدة في العلاقات الفلسطينية ــ المصرية وفي العلاقات العربية أيضا.
اعتبر عرفات أن لا خيار أمامه: يجب أن تعود مصر إلى موقعها داخل المجموعة العربية. لا بد من الاعتراف بأن الظروف تغيرت في مصرمنذ العام 1983. مطلوب الآن استرتيجية جديدة للتصدي لمحاولات تصفية القيادة الفلسطينية الحالية، بكل ما تمثله، واستبدالها بدمى تعمل لحساب سورية .
كان عرفات يرى أنه لا يمكن لأحد أن يقبل أن تكون الحركة الوطنية الفلسطينية على عداء مع مصر ومع سورية. ففي الظروف الحالية، التي "تتكالب" فيها سورية على (م.ت.ف)، سيكون من الخطأ التاريخي عدم التوجه نحو بلاد النيل.
لم يحدث اللقاء مع مبارك انشقاقات، وظل عرفات يتمتع بالدعم الواسع فلسطينيا وعربيا .وبعد القاهرة توجه عرفات إلى اليمن فالكويت والجزائر.
وخفتت أصداء تلك الزيارة إلى القاهرة تدريجيا. وبعد سنة تذكر أبو إياد تلك الحقبة، فأعلن صواب قرارعرفات في ذلك الوقت، وقال أبو إياد في اجتماع المجلس الوطني في عمان 1984 وسط عاصفة من التصفيق: لقد تملكنا غضب شديد من هذا السلوك. ولكن أح
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس