أقلام وآراء (8)
الإثنين 7/3/2011
ملف يتضمن مجموعه من المقالات والتقارير والتحليلات في شؤون مختلفة لعدد من الكتاب والصحفيين كما وردت من مصادرها، وهي تعكس وجهات نظر كاتبيها والوسائل الاعلامية التي نشرت بها ، ولا تعبر بأي حال من الاحوال عن رأي مركز الاعلام .
الاستقرار، كلمة سر باردة باردة مع الولايات المتحدة
مقابلة مع البروفيسور ناعوم تشومسكي، كاتب أمريكي شهير ومحلل سياسي
ترجمة مركز الإعلام
ألقى الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون اللوم على الحكومة الليبية لقمعها لليبيين بشدة، ودعا إلى وضع حد لـ "إراقة الدماء" في هذا البلد الشمال إفريقي.
من أجل معرفة المزيد عن آخر التطورات في العالم العربي، قام تلفزيون (برس) بإجراء مقابلة مع الكاتب الأمريكي الشهير البروفيسور نوؤام تشومسكي الذي قال أن الولايات المتحدة وحلفائها رسخت مصالحها في الدكتاتوريات المستقرة في البلدان الغنية بالطاقة بدلا من الديمقراطيات الحقيقية.
وهذا نص المقابلة:
برس تي في: أستاذ تشومسكي، أود أن أسألك عن ردة فعلك إزاء تصريحات اليوم التي أدلى بها مسئولون في إدارة أوباما بالإضافة إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون في الوقت الذي ترتفع فيه خسائر الأرواح في ليبيا، هل تعتقد أنهم قاموا بما يكفي، وقالوا بما يكفي لتلبية احتياجات الشعب الليبي؟
تشومسكي: اعتقد أن هناك مزيد يمكن القيام به، فما يحدث الآن فظيع للغاية، وقد يؤدي إلى حمام دم كبير جدا. المعلومات قليلة جدا، لكن يبدو إلى حد كبير أن المنطقة الشرقية تقع تحت سيطرة الثورة الشعبية، وطرابلس تبدو خطيرة للغاية. اعتقد أنه يمكن بذل جهود لتقديم المساعدة والحماية لأجزاء من السكان الذين استطاعوا تحرير أجزاء من ليبيا، لكن لا أحد يريد التدخل الغربي، وعلى الأرجح لن يكون ذلك (التدخل الغربي) خطأ فحسب، بل كارثي أيضا، من المفترض أن يتم اتخاذ إجراءات من خلال الأمم المتحدة.
برس تي في: عندما نشبث الثورة في مصر، قمت (أنت) مع العديد من الأكاديميين الأمريكيين بكتابة رسالة مفتوحة إلى الرئيس أوباما تحثونه على الإصغاء والاهتمام برغبة الشعب وإرادته، هل هناك أي تحرك من هذا القبيل يجري حاليا داخل الولايات المتحدة فيما يخص ليبيا؟
تشومسكي: كانت هناك تصريحات قوية جدا قادمة من المصادر نفسها تقريبا، مثل حملة "من أجل السلام والديمقراطية" في نيويورك، التي بدأت بالتصريحات حول الثورة المصرية على ما اعتقد، وهي تدلى الآن بتصريحات قوية فيما يخص ليبيا. مصر مختلفة بعض الشيء، نتذكر أنه في حالة مصر كانت الولايات المتحدة في الحقيقة تواصل دعمها لدكتاتورية مبارك، وكانت الدعوة حينها إسقاط هذا الموقف وتغييره وتوفير الدعم اللفظي للثورة الشعبية على أقل تقدير، أما ليبيا فهي قصة مختلفة تماما.
برس تي في: ليبيا هامة جدا بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بعامل النفط، ومن الواضح أن النفط في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذين يحصلون على كثير من احتياجاتهم من النفط من ليبيا، كيف سيلعب النفط دورا في هذا الخصوص مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع أسعار النفط بشكل متزايد ووجود مخاوف مما قد يحدث في هذا المجال لو استمرت الاضطرابات في ليبيا؟
تشومسكي: هناك سبب لوجود الكثير من القلق والمخاوف إزاء الثورات الديمقراطية في العالم العربي تفوق تلك المخاوف في الصحراء الكبرى في إفريقيا، فموارد الطاقة الرئيسية في العالم توجد هناك (في العالم العربي)، هناك سبب وجيه جدا لبذل الولايات المتحدة وحلفاءها كل ما بوسعهم لمنع قيام ديمقراطية فاعلة حقا في العالم العربي، ومن أجل معرفة السبب، يكفينا أن نلقي نظرة على دراسات الرأي العام العربي المعروفة تماما والتي تأتي من مصادر موثوقة جدا، هذه الدراسات ليست منشورة ولكن صانعي القرار يعرفونها جيدا، فعلى سبيل المثال، سوف تدعو الولايات المتحدة إلى الديمقراطية في إيران مثلما دعت إلى الديمقراطية في دول أوروبا الشرقية، ويتم اتخاذهم كأعداء، وهذه الدول تعرف أن الجمهور لا يتفق مع ذلك، وكذلك الجمهور العربي. وبالنسبة للجمهور العربي، تعتبر الأغلبية الساحقة أن التهديد الرئيسي قادم من الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما تعتبر الأقلية الصغيرة أن التهديد قادم من إيران، وفي الواقع، الأرقام في مصر أكثر حدة ووضوحا من غيرها في الدول الأخرى.
برس تي في: عندما نتلكم عن حقيقة الديمقراطية في العالم العربي وحقيقة القضايا الأمريكية، ألا تعتقد أنه لا بد من وجود أشخاص في الإدارة الأمريكية ومسئولين في الاتحاد الأوروبي يدركون أن العالم العربي يفهم ما يجري، وأن هذا سيعطي نتائج عكسية في مرحلة ما؟
تشومسكي: يتفق قادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع رجال الدين المسيطرين في إيران على أن وضع الديمقراطية في خطر وغير محتمل، وهم يعرفون ما يفكر به الجمهور الإيراني، يمكنك أن ترجع إلى الوراء خمسين عاما -إدارة آيزنهاور، فقد كان آيزنهاور يشعر بالقلق حيال ما سماه بحملة الكراهية ضد الولايات المتحدة في العالم العربي، ليست كراهية عند الحكومات التي أذعنت، بل عند الجمهور، وقد كان هناك محلل في إدارة الأمن القومي –هيئة التخطيط الأعلى- قال، نعم هناك حملة كراهية، والسبب هو أن هناك تصورا بأن الولايات المتحدة تدعم الدكتاتوريات وتحظر الديمقراطية والتنمية. وأشار مسؤول أردني رفيع المستوى، يشغل الآن منصب رئيس مركز أبحاث الشرق الأوسط في مؤسسة كارينجي، إلى النقطة الأساسية المتعلقة بهذه الثورة الشعبية الرائعة والمذهلة، حيث قال أن المبدأ هو أنه طالما بقي الناس صامتين فإن كل شيء على ما يرام، وإذا ارتفع صوت المعارضة، لا بد من عمل شيء لإعادة فرض السيطرة، وإذا كان الناس هادئين، يمكننا أن نفعل ما يحلو لنا، وهذا هو المبدأ الأساسي للحكم.
برس تي في: هناك الكثير من الأحاديث حول ما أثار هذه السلسلة من الثورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتساءل الكثير من الناس، لماذا يحدث هذا الآن وفي هذا الوقت بعد أن كانت تلك الجماهير تعاني من الحكام المستبدين منذ سنين؟
تشومسكي: أولا، هذه الثورة لم تحدث الآن فقط، لنأخذ مصر على سبيل المثال، كانت تجري فيها نضالات عمالية كبيرة لسنوات طويلة، بالإضافة إلى ذلك، تعود الشرارة التي أشعلت حركة 25 يناير إلى مجموعة 6 إبريل التي تكونت من مجموعة من الشباب الناشطين في "دهاء الإعلام" الذين اختاروا اسمهم من الإضراب الكبير عام 2008 والذين كان من المفترض أن يتم في 6 إبريل ولكن الحكومة قمعته حينها، ولم يكن ذلك إلا واحدا من سلسلة من النضالات العمالية التي كانت تجري لسنوات، وفي الحقيقة، حصلت حركة 25 يناير على دعم كبير جدا بانضمام حركة العمال المصريين إلى الثورة بعد عدة أيام. إذن، توجد هناك خلفية لما يحدث الآن، ليس في مصر فحسب، بل في أماكن أخرى أيضا، لقد كانت الأمور تغلي منذ فترة طويلة، وقد أشعلتها شرارة ليمتد الاحتراق إلى أماكن أخرى.
برس تي في: قال آخرون -مثل هنري كيسنجر- أن الولايات المتحدة قد تضطر في يوم إلى الإختيار بين الديمقراطية والاستقرار في المنطقة، وعندما بدأت الثورة في مصر، أظهرت إسرائيل إستيائها من احتمالية أن تكون هناك ديمقراطية على عتبة أبوابها في دول الخليج الفارسي وفي شمال إفريقيا أيضا، لماذا يصعب جدا على أمريكا أن تقبل أن تكون هناك ديمقراطية واستقرار معا في المنطقة؟
تشومسكي: عليك أن تتذكر أن "الاستقرار" كلمة سر باردة، فالاستقرار لا يعني الاستقرار؛ بل يعني الطاعة للهيمنة الأمريكية، لنعود إلى كيسنجر مرة أخرى، كان كيسنجر هو العامل الرئيسي الذي قوض النظام الديمقراطي في تشيلي، وقد قال في وقت لاحق أنه "ينبغي على الولايات المتحدة أن تزعزع استقرار التشيلي من أجل أن تحقق الاستقرار"، وإذا كنت تفهم هذه المصطلحات، إنها ليست متناقضة، فما قاله يعني أنه ينبغي على الولايات المتحدة –من خلال مبادرة كيسنجر- أن تقوض الحكومة البرلمانية من أجل أن تؤسس دكتاتورية مطيعة، هذا ما كان يعنيه كيسنجر بكلمة "الاستقرار"، وهو لا يعني أن تكون الأمور هادئة وواضحة، بل أن تكون تحت السيطرة، وبالطبع، هذا يتناقض مع الديمقراطية لأسباب ذكرتها من قبل، أنظر فقط إلى دراسات الرأي العام.
برس تي في: قال العديد من المسئولين الأمريكيين في كثير من الأحيان –خاصة أثناء الثورة المصرية- أن ما يحدث في ذلك البلد يعود لشعب ذلك البلد، وبالطبع كنا نعرف تماما –كما كان واضحا- أن المسئولين الأمريكيين شاركوا بما كان يحدث وراء الكواليس في ذلك البلد. وفي ليبيا، كانت هناك صلة أقل وضوحا بين الإدارة الأمريكية والقذافي، هل تعتقد أن هناك قنوات خلفية يتم استخدامها؟ وهل حقا أن الولايات المتحدة غير منخرطة بما يحدث في ليبيا الآن؟
تشومسكي: أنا واثق أن الولايات المتحدة منخرطة بما يحدث في ليبيا إلى حد معين ولكن تذكر أنها لا تدعم نظام القذافي، إنهم لا يحبون نظام القذافي، وبغض النظر عما تقوم به أمريكا سواء كان قليلا أو كثيرا، فإن ذلك ليس "استقرارا" أو "طاعة"، بل إنها تدعم الثورة في ليبيا، أود أن أقول أن التقارير التي نحصل عليها من الميدان في ليبيا تفيد أن الناس يتعرضون لهجمات من الأباتشي والهيليكوبتر والطائرات المقاتلة التي حصلت عليها ليبيا من الولايات المتحدة.
برس تي في: لنرجع إلى مصر مع الأخذ بعين الاعتبار أنها شهدت واحدة من أكبر الثورات التي حدثت في الآونة الأخيرة، لا يزال الكثير من الناس في مصر يحتلفون بتنحي مبارك، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من الأمور ينبغي القيام بها، فعمر سليمان لا يزال من الناحية الفنية جزءا من الحكم، يمكن للمرء أن يطلق عليه إسم "الدكتور تعذيب" في العالم العربي –كما هو معروف بذلك؛ فقد دعم برامج الترحيل السري؛ وهناك أناس في غوانتانامو قالوا أنه عذبهم بنفسه. ألا تعتقد أن قيام الولايات المتحدة بدفع هؤلاء الناس وعدم الحديث ضدهم يتناقض مع قاله أوباما أن الولايات المتحدة تريد تحسين صورتها؟
تشومسكي: تحدثت الولايات المتحدة في بداية الأمر لتدعم عمر سليمان، لكن هذا كان محدودا بعض الشيء، في الحقيقة، لا يزال وضع عمر سليمان غير واضح إلى الآن، وهو مختفي إلى حد كبير، وفي كل الأحوال، كان أوباما قد تحدث ليدعم مبارك في رحلته الشهيرة إلى القاهرة، حيث تم توجيه سؤال إليه في مؤتمر صحفي عام 2009 فيما إذا كان يريد أن يقول أي شيء حول الطابع السلطوي المستبد لنظام مبارك، وأجاب أوباما حينها بـ لا، مبارك رجل جيد، وهو يفعل أشياء جيدة، ويحافظ على الاستقرار، ولن أنتقده. في الواقع، خرج توني بلير بتصريحات قوية جدا ليدعم مبارك –على الرغم من الثورة الحالية- وتحدث عن روعته، وبالطبع، هم يدركون كما أدرك آيزنهاور قبل خمسين عاما أن هناك حملة من الكراهية وأنه لا يمكن كسب الشعوب من خلال دعم الحكام المستبدين، لكن لنتذكر أن كيسنجر أشار إلى الهدف الرئيسي وهو –كما يسمونه- الاستقرار والحفاظ على السيطرة.
برس تي في: تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإصدار تقارير حقوق الإنسان لسنوات كثيرة، وبالطبع كانت ليبيا جزءا من هذه التقارير لسنوات، بالإضافة إلى مصر، تعرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جيدا كل القضايا التي تحيط بهذه الأنظمة والدكتاتوريات، ولم يحدث أن تصرفتا أو تحدثتا عن ذلك من قبل، ولكنها توقعت أن يحدث هذا الأمر في يوم من الأيام، لماذا كانت ردود أفعالها غير منظمة مع العلم أن الولايات المتحدة كانت تقول شيئا في يوم، وشيئا آخر في يوم آخر؟
تشومسكي: أنا لا أرى أنها غير منظمة بشكل خاص، تذكر أن هذا شيئا يحدث في كثير من الأحيان، وفي كثير من الأحيان يصعب عليك أن تدعم الدكتاتور الذي تفضله، هناك سلسلة من هذه الحالات في جميع أنحاء العالم، في الفلبين وهايتي وكوريا الجنوبية وأندونيسيا، هناك ما يسمى بـ "كتاب اللعب" القياسي: تقديم الدعم لهم لأطول وقت ممكن، وإذا لم يعد الأمر ممكنا، ربما يحن دور الجيش لينقلب عليهم أو يرسلهم إلى المرعى، إنسى أمرهم، إصدر إعلانا رنّانا حول كيفية الوقوف إلى جانب الشعب وكيف أحببنا الديقراطية دائما، ومن ثم نحاول استعادة أكبر قدر ممكن من النظام التقليدي، لكن السياسات واضحة جدا، ليس من جانب الولايات المتحدة فحسب، بل من جانب الاتحاد الأوروبي أيضا، خد تونس على سبيل المثال وغرب إفريقيا، هذا هو نطاق فرنسا الرئيسي.
في الحقيقة، هناك سلسلة من الثورات، وكما ذكرت سابقا هناك الكثير منها بدأت منذ سنوات، ولكن تم قمعها، أما بالنسبة للسلسلة الحالية من الثورات، فقد بدأت في الصحراء الغربية في تشرين ثاني / نوفمبر، وكانت هذه المنطقة قد احتلتها المغرب بوحشية قبل 30 عاما وحكمتها بقسوة شديدة، تقع هذه المنطقة نظريا تحت سيطرة الأمم المتحدة، والأمم المتحدة ملتزمة بإزالة الاستعمار، كانت مستعمرة إسبانية، وفي نوفمبر، كان هناك احتجاج هام، لكن القوات المغربية سحقته، كان من السيء جدا أن الأمم المتحدة لم تجر تحقيقا بما حدث، ويرجع السبب في هذا القصور إلى فرنسا، ففرنسا تريد حماية حليفها المغربي ولا تريد إجراء تحقيق في جرائمه. الولايات المتحدة واحدة من تلك الدول القوية التي تتصرف بهذا الشكل، وهكذا يحدث في إيران أيضا، هذا هو الطريق الذي تسلكه الدول.
برس تي في: هذا صحيح، إذن ما هو رأيك –يا بروفيسور- في حقيقة أنه تم انتقاد مدير الاستخبارات القومي الأمريكي جيمز كلابر لعدم قدرة جهاز الاستخبارات الأمريكي على قراءة علامات الثورة في مصر؟ هل تعتقد أن هذه الانتقادات كانت زائفة -بمعنى أن الإدارة الأمريكية عرفت وراء الكواليس أن هذه الثورة ستحدث؟ أم كانت هذه الانتقادات حقيقية؟
تشومسكي: اعتقد أنها كانت حقيقية، بالتأكيد كان لديهم شعور بما يحدث، ولكن من الواضح أنهم لم يتوقعوا حدوث أي ثورة بهذا الحجم، لكن ماهو أكيد هو أنهم كانو يعرفون بالاحتجاجات العمالية والقمع والقهر ...ألخ. أما في حالة تونس، وهي حالة مثيرة للاهتمام، لقد تم وصف تونس على أنها منارة الديمقراطية والتقدم في المنطقة في أحدى المقالات، وبالتأكيد سيكون من المحرج قراءتها الآن. في الحقيقة هناك وثائق هامة سربها ويكيليكس يقول فيها السفير الأمريكي في تونس صراحة: أنظر، هذه دولة بوليسية، لا توجد حرية للتعبير، والجمهور غاضب جدا إزاء فساد العائلة الحاكمة. إذن، هم (في الولايات المتحدة) كانو يعرفون بما يجري ... لكن المذهب سائد (إذا كان كل شيء هادئ، فكل شيء على ما يرام).
برس تي في: إسمح لي بالعودة إلى مصر للحظة إذا جاز لي، بالنظر إلى ما ذكرته (أنا) من قبل أن الثورة لم تنجح إلى الآن بتحقيق كامل مطالب الشعب الذي عمل على نشوبها، هل تعتقد أن الثورة ستنجح بالطريقة التي يريدها الناس؟ وإذا كان كذلك، فما هو حجم التأثير الذي سينعكس ليس على شمال إفريقيا فحسب، بل على منطقة الشرق الأوسط بالكامل؟
تشومسكي: حسنا، مصر بلد هام ويوجد له تاريخ طويل، كانت مصر في أوائل القرن 19 مستعدة للثورة الصناعية، وربما انخرطت بها، ولكن كانت تخضع لسيطرة إنجلترا التي لم تمسح لها بإحراز التقدم، وتستمر الحكاية إلى الوقت الحاضر.
أعتقد أن الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين سيفعلون كل ما بوسعهم لمنع حدوث إزدهار كامل في الديمقراطية في مصر للأسباب التي ذكرتها، تُعتبر الولايات المتحدة في مصر –أكثر من غيرها من الدول العربية- العدو الرئيسي، والناس في مصر لا يذهبون جنبا إلى جنب مع سياسة الولايات المتحدة اتجاه إيران، في الحقيقة هم يعارضون الولايات المتحدة بقوة في معظم القضايا، كان هذا تقليدا سائدا خلال فترة القومية العلمانية -في مصر- التي عارضتها أمريكا وبريطانيا بشدة، فكما تعلم كان هناك تهديدا بأن مصر قد تحاول استخدام (تجنيد) مصادر الطاقة في المنطقة لصالح سكانها وليس لصالح المستثمرين الغربيين والقوى الغربية ونخبتنا الحاكمة، وهذا هو التهديد الحقيقي، وأنا أعني أن هذا هو السبب الحقيقي لقيام بريطانيا والولايات المتحدة بدعم الأصولية الراديكالية الإسلامية –في السعودية بشكل خاص- مقابل القومية العلمانية، وهذا من شأنه أن يوفر لهم "الاستقرار" كما اعتقد.
برس تي في: قال عمر سليمان –في تصريحات- خلال الاضطرابات والانتفاضة والثورة أن العالم العربي وشعوبه غير جاهزين للديمقراطية، هل تتفق مع ذلك أم تعتقد أن ذلك يعكس مخاوف الولايات المتحدة في المنطقة؟
تشومسكي: أعتقد أن التصريح الأكثر دقة هو أن عناصر النخبة موجودة في الغرب، فالأنظمة في مصر –النظام القديم- وفي إيران وفي أي مكان آخر غير جاهزة للديمقراطية، أما الشعوب فهي دائما مستعدة للديمقراطية في أي مكان، وهذه هي المشكلة التي تواجهها النخبة.
برس تي في: أود أن أطرح عليك سؤالا بـ نعم أو لا، هل تعتقد أن هناك فرصة لنجاح الثورات الحالية في منطقة الشرق الأوسط وفي شمال إفريقيا؟
تشومسكي: النجاح ليس مسألة نعم أو لا، قد يكون هناك نجاح جزئي أو إخفاق جزئي، لكن الإخفاق الجزئي يترك إرثا يشكل أساسا للنجاح المقبل، وأعتقد أنه سيكون هناك تأثير كبير، هذه الثورات مذهلة حقا، لكننا لا نسنتطيع أن نقول ماهو المدى الذي ستهز فيه هذه الثورات العالم التقليدي للهيمنة.
هل هم أقليات؟
توفيق أبو شومر
كثيرا ما كنتُ أتساءل:
هل كان تعامل العرب مع فسيفساء المجتمع العربي من غير العرب تعاملا واعيا ومدروسا، أم أنه كان عشوائيا يخضع لأهواء الأمراء والقادة والمصالح السياسية الحزبية الضيقة؟
إذا عدنا للتاريخ العربي القديم فإننا سنجد بأن عصور الازدهار العربية كانت مرتبطة بظاهرة التلاقح بين الجنس العربي وغيره من الأجناس الأخرى، فقد شهد العصر العباسي والأندلسي قمة الازدهار والتوسع والرفاه، وانتعش في العصرين السابقين الفكرُ الفلسفيُ والإبداعُ الأدبي كذلك، ولا يعود السبب الرئيس لهذا النبوغ إلى العبقرية العربية وحدها، ولكنه يعود كذلك إلى التلاقح الفكري بين العربي وغير العربي.
ولم تُشكل الأعراقُ والأجناس والديانات عند العرب عائقا في طريق التطور والإبداع، بل كانت حافزا من حوافزه، لذا فإن فسيفساء المجتمع العربي من غير العرب، والتي اعتاد كثيرٌ من المؤرخين أن يسموها مخطئين ( الأقليات) كتسمية تدل على التحقير، والتقليل من شأنها،أثْرَتْ الحضارة العربية في كل مجالات الإبداع.
ومن يرجع إلى تفاصيل الدولة العربية في الأندلس تدهشه هذه الحقيقة ، والتي لم يقم كثيرٌ من المؤرخين العرب بتحليلها تحليلا وافيا، وذلك لأن بعضهم ظل يعتقد بأن مناقشة هذه الظاهرة وإبرازها يُضعف سمات الفخر العربية الخالصة ، ويُقلل من إبداع العرب أنفسهم، وهذه وجهة نظر غير صائبة، لأن الأجناس غير العربية التي سكنتْ بلاد العرب ، أو الطوائف غير العربية التي حكمها المسلمون، تمكنتْ من صنع ( المزيج الحضاري العربي) أو الخلطة الحضارية العربية، والتي ساهمت في إثراء المخزون الحضاري العربي في كل المجالات ، في الأدب والفلسفة والفن والطب والعلوم، كما أن هذه الفسيفساء من الأجناس والأعراق الأخرى، قدموا أروع الإبداعات عندما قاموا بدور الوسيط بين حضاراتهم القديمة، وبين الحضارة العربية، فترجموا الفلسفة الإغريقية واليونانية، وترجموا الكتب الدينية والقصص والأساطير والحكايات كما فعل السريان والنساطرة واليهود،وأثْرَوا حتى علوم الفقه واللغة والنحو العربي،وليس أدل على ذلك من مؤسس علم النحو العربي، وهو الفارسي سيبويه (رائحة التفاح) الذي ألف دستور النحو العربي [ الكتاب] وأصبح زعيم مدرسة البصرة النحوية في القرن السابع الميلادي ، ولم يحل نسبه دون وصوله إلى أرقى الرُّتب والدرجات!
وغيره كثيرون، كما أن الفسيفساء غير العربية أسهمت في صياغة نمط الحياة العربية، في اللباس والمأكل والمسكن وشملت أدقَّ تفاصيل الحياة العربية.
حتى أن هذه الفسيفساء غير العربية ، أمدتْ الجيش العربي بخيرة القادة وأشجعهم ، من أمثال صلاح الدين الأيوبي، وهو الكردي التكريتي أيضا ، الذي لم تعُقْهُ لغتُهُ وهويتُه وعِرقُ ولادته، عن قيامه بدوره كقائدٍ عربي شجاعٍ مخلص!
سيظل التراث العالميُ مدينا للعصر العباسي في القرنين الميلاديين ، السابع والثامن بتراثٍ كبير من المعارف والفلسفات، التي أنجبها الامتزاجُ الحضاري بين الأعراق والأجناس العربية وغير العربية، وسيظل هذا الملف مفتوحا للبحث والدراسة، لكي نخرج من مأزق ( العنصريات) التي تتفشى اليوم في كل أنحاء العالم .
وأنا أعتقد بأن على المثقفين والواعين دورا كبيرا في إبراز إيجابيات الامتزاج الحضاري بين الأمم، ويقع على عاتق هؤلاء المثقفين مهمة التبشير بهذا الامتزاج وجعله عنوانا للقرن القادم.
وأعتقد بأن مراكز الدراسات والأبحاث في الجامعات والدول بحاجة إلى تأسيس بنية أساسية لإبراز دور الامتزاج العرقي في تشكيل الحضارة الإنسانية وتنويعها وتجميلها وإثرائها بمخزونات من العلوم والفنون.
كما أننا محتاجون أيضا إلى مؤسسات فنية قادرة على استحداث بُنية فنية، أساسها الامتزاج الحضاري بين الأجناس والأعراق، في صورة مسلسلات وأفلام مختلفة، لتوثيق الروابط بين الأجناس والأعراق ، مما يساهم في محو الأحقاد المتولدة عن نقص الجرعات الثقافية والفنية.
ويمكن لنا أن نقوم بهذه المهمات بدون أن نمارس ديكتاتورية العرق السائدة أي بدون أن نعمد إلى إرغام الفسيفساء العرقية في العالم العربي على ارتداء العباءات العربية المقصبة، وبدون أن نجبرها على محو تراثها وتاريخها، وألا نجعل محو تقاليدها شرطا لقبولها واستيعابها في إطار حكوماتنا ودولنا، فباستطاعتنا أن نقدِّمَ للفسيفساء العرقية فيتامينات النمو والتطور الذاتي، بدون أن نمسخها لتصبح في صورتنا العربية؛ فلم تعد الحدود الجغرافية فواصل في ألفيتنا الثالثة، ولم تعد اللغات حائلا دون أن نتمتع بالتواصل والإبداع في كل المجالات، وكذا فإن تنوُّع الديانات والعقائد، لا يُشكل تهديدا للعرب، بل إن هذا التنوعََ طريقهم نحو الحضارة والتقدم والرقي .
لذا فيجب علينا أن نحترم رغبات هذه الفسيفساء العرقية، وأن نقدم لها العون وأن نحيطها بسياج من المحبة ونرعاها لتتمكن من إثراء حضارتنا!
وإدراكا منا بنتائج الأفكار المضللة ، التي تسعى لإحداث (التماثل) أو صك الأجناس والأعراق غير العربية في قوالب صك عربية خالصة، فإننا نؤكد بأن السعي لقولبة الأجناس والأعراق في صورة العرب النمطية هو أخطر الممارسات التي تجري في ألفيتنا الثالثة، فنبذ غير المسلمين من بلاد المسلمين، وطرد غير العرب من بلاد العرب، يعتبر جريمة من الجرائم التي لا تدخل في مجال جنحة (اللغو)، بل يجب أن تُشرَّع لها العقوبات الرادعة ، فهي جريمة قانونية ودينية.
كما أن التمييز العرقي والعائلي بين الأجناس العربية وغير العربية، هو أيضا جريمة من الجرائم التي يجب وضع عقوبات رادعة لها في كل الأنظمة والقوانين العربية.
وإذا كان كثير من المفكرين يُرجعون سبب تخلف العرب عن ركب الحضارة، إلى قلة المخزون الثقافي تارة ، وتارة أخرى إلى انتشار الخرافات والأباطيل، وطورا آخر إلى الجينة العربية الموصوفة بالكسل؛ فإنني أرى بأن سبب تخلف العرب في ألفيتنا يعود بالدرجة الأولى إلى أننا لم ننجح في بلورة سياسة ثقافية نهضوية تستفيد من فسيفساء المجتمع العربي، فسيفسائه العرقية، والدينية، والطبقية والطائفية، فأقصيناها ونفيناها واقعيا ونفسيا، فأصبحت هذه الفسيفساء مشغولة إما بالدفاع عن وجودها في أوطان العرب، وإما أنها تسعى للرحيل عن هذه الأوطان.
ليست ثورات .. الخادم قال لسيده : إرحل
اكرم عطا الله
ربما يلخص عنوان المقال أزمة وعي كبيرة جداً في علاقة الشعب بالسلطة، وربما أن أزمة الوعي تلك استنسخت مجموعة أزمات جعلت من التغيير الحاصل الآن بالمنطقة العربية يرقى إلى إعادة صياغة التاريخ. فالمسألة أبسط من ذلك بكثير لو كانت العلاقة ليست مبنية على وعي متوارث شابه كثير من التشوه إلى درجة أصبح فيها المسؤول في مرتبة القداسة في الوعي العربي.
بساطة المسألة تنبع وفق المفهوم الديمقراطي منذ صياغة العقد الاجتماعي الذي حدد العلاقة بين السلطة والشعب ومنذ أن بدأت الديمقراطيات العريقة بالعمل به حيث تشير الدساتير باختلافها إلى أن الشعب هو سيد السلطة وصاحب الصلاحيات وأن رجال الدولة هم موظفون يعينهم الشعب للعمل لديه بفترة كان قد حددها صاحب السلطة وفقا لدستور متفق عليه لهذا يخضع الدستور للاستفتاء.
ربما أن أبرز من عبر عن طبيعة العلاقة هو رئيس الوزراء البريطاني الأشهر ونستون تشرشل الذي كان يذيل خطاباته للشعب أثناء الحرب العالمية الثانية بكلمة "خادمكم المطيع". ربما أن هذا المفهوم السوي الذي تعزز لدى قادة الدول الديمقراطية وشعوبها حين حدد موقع رجل الدولة باعتباره خادم فخامة الشعب هو الذي عزز استقرار تلك الدول وأنظمتها السياسية وبالتالي الاقتصادية والحضارية بحيث لم يتجاوز أي من حكوماتها وقاداتها حدود سقف الخادم. الأمر الذي جعل من طرد زعيم أو حكومة مجرد حدث بسيط لا يعني أكثر من فسخ عقد موظف بدرجة رئيس أو رئيس حكومة. وقد حصل ذلك في دول غربية دون أن يأخذ كل هذا الاهتمام وأحيانا بمجرد إيماءة صغيرة من الشعب أقدم أكثر من زعيم على الرحيل وتقديم استقالته لوحده.
الأمر اختلف كثيراً في الدول العربية التي نصب موظفوها أنفسهم ملوكا وأباطرة بوعي قروسطي قديم وبدأوا يجهزون أبناءهم للوصاية على الشعوب كما حدث في دولة عربية حين تم تفصيل الدستور ليلاءم مقاس ابن زعيم كان قد أقصاه الموت ليورث الشعب كما قطعة الأثاث لابنه من بعده. ولأن مفاهيم الديمقراطية لم تترسخ بعد في الوعي العربي فقد وضعت الشعوب نفسها في مرتبة العبيد أمام السلطة ووجد ذلك تعبيراته في أكثر من مناسبة احتفالية عائلية حين كانت الشعوب ترقص في الشوارع في عيد الميلاد أو لختان طفل صغير بعائلة الزعيم، ربما أن تلك العلاقة المشوهة هي من جعل من إقصاء رئيس حدثاً بهذا الحجم في المنطقة العربية حد وصفه بالزلزال أو التسونامي ولهذا أيضا كانت الكلفة عالية من الدم والمال.
أربع سنوات فقط حددها الدستور الفلسطيني للعقد المبرم في انتخابات عامة لتشغيل أي موظف دولة وأي يوم بعدها يحتاج إلى تجديد العقد مع نفس الموظف أو أي آخر يختاره صاحب السلطة، وتبدو حالتنا الفلسطينية أكثر سوءاً من الحالة العربية التي يتم إقصاء رؤسائها وهم حتى ما زالوا، وإن شكلاً، منتخبون لكن حالة السلطة بشقيها في غزة والضفة تقوم بالاستيلاء على صلاحيات الشعب وتقوم بالتجديد لنفسها رغما عنه بحجة الانقسام الذي ولده اختلاف الخدم على صلاحيات الخدمة.
إن استمرار بقاء أعضاء المجلس التشريعي وكذلك الرئيس بعد انتهاء عقدهم مع الشعب ليعكس حالة كاريكاتورية قل نطيرها في أكثر الدول تخلفاً وإن استمرار صمت الشعب على هذا التجاوز الكبير والسماح باستمرار الاستيلاء والانقلاب على صلاحياته بالقوة المسلحة أيضا يعكس حالة بؤس وتخلف كبيرين لدى شعب توافق على نظام حكم قائم على عقد زمني محدد بين الطرفين بعيدا عن الملكيات القائمة.
قد يلخص نقاش مع صديق برلماني قبل فترة طبيعة المطلوب فلسطينيا حين سألته بأي حق تبقى مسؤولا للأبد ونحن مواطنون للأبد، قال: إذا تحدثت عن رغبتي ورغبة زوجتي فهي بقاء الحال وعدم تغييره وإذا أراد أحد التغيير فلينزل للشارع وقد تكون حركة الشباب في الخامس عشر من آذار لهذا الشهر هي الحل الوحيد للمأساة القائمة والتي لم تجد حلولا سابقة بالمصالحة وإجراء الانتخابات. ما قاله الدكتور محمود الزهار أحد ابرز قادة حركة حماس لجريدة القدس العربي قبل أيام في هجومه على محاولات إنهاء الانقسام والتي تعتبر المدخل الوحيد لإعادة بناء نظام سياسي وفق الانتخابات المنصوص عليها دستوريا يعكس خللا آخر في مفهوم القيادة حين اعتبر أن محاولات إنهاء الانقسام هي محاولات لزعزعة الأمن في غزة.
من حق الدكتور الزهار أن يختلف مع حركة فتح، هذا الاختلاف الذي طال كثيرا، وبالمناسبة فقد بدأ الحوار بين الحركتين منذ أكثر من عقدين ولم تتفقا، ومن الواضح أن الاتفاق بينهما بعد هذه المرحلة الطويلة من الحوارات أصبح يشبه المستحيلات الثلاثة ولكن أن يعلق عدم اتفاقهما الوضع الفلسطيني برمته فهذا من غير المعقول ويفترض أنه من غير المقبول، من حق حماس أن تختلف مع فتح ولكن أن يصل اختلافهما حد الاستيلاء على صلاحيات الشعب خارج اتفاقهما والتلاعب بمصيره فهذا يجسد أزمة كبيرة مرشحة للاستمرار.
فإذا كانت المصالحة صعبة حد المستحيل فلنتوقف عن المطالبة بها، أحبت "فتح" "حماس" أو لم تحبها هذا ليس شأننا فلتتخاصما خارج حقوقنا وخارج صلاحياتنا، كثير من الأحزاب في الدول الديمقراطية مختلفة حد كسر العظم لكن ليس للحد الذي يجزون فيه عظام شعوبهم أو للحد الذي يسمح فيه أي منهم للسطوة على حقوق شعوبهم والدوس على الدساتير إلا في الدكتاتوريات القديمة والانقلابات البائدة.
وحين تختلف الشعوب تقوم بفسخ عقودها مع العاملين لديها وتمثل الانتخابات الحل الوحيد للخروج من أزماتها، فلا نعتقد أن الخلاف بين "فتح" و"حماس" قد يحل قريبا بعد التجربة المريرة من الخرطوم وصنعاء ومكة والدوحة ودمشق وأخيرا القاهرة، لقد أصبحت أمنية كل فلسطيني أن ينتهي هذا الخلاف حتى لو كلف ذلك تقاسم السلطة بينهما لكن أن يعلق هذا الخلاف واقع ومستقبل الشعب برمته فهذا خارج منطق الأشياء ويتنافى مع أبسط مفاهيم الشعوب وليس من صلاحيات المؤسسات المنتخبة تجاوز القانون فهذه مخالفة كبيرة واستمرار بقائها بعد انتهاء صلاحية عقدها بمثابة احتلال لمواقع الشعب واستيلاء قسري على حقوقه وهي جريمة سياسية ينبغي أن يتعرض مرتكبها للمحاكمة وليس من حق الرئيس التلاعب بموعد الانتخابات ولا البرلمان كذلك فقد انتخبوا لحماية الدستور ومن الطبيعي أن مصدر الرئيس مرسوم يحدد فيه موعداً لهذه الانتخابات ومن يرفض يتحمل مسؤولية تلك الجريمة هذا ما يجب أن يكون، أما استمرار هذا العبث فيتحمل فقط الشعب صاحب الصلاحيات مسؤولية صمته كما قال عضو المجلس التشريعي نحن بحاجة إلى هزة بالمفاهيم، وهزة أكبر بالشارع.


رد مع اقتباس