وجهة نظر عسكرية اسرائيليه رافضة لإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية
ملف خاص
وجهة نظر عسكرية اسرائيليه رافضة لإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية
ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية
في ظل الرفض السياسي الاسرائيليه لإقامة دولة فلسطينية على كامل أنحاء الضفة الغربية، حذرت أصوات عسكرية من هذا الإجراء لاعتبارات ميدانية بحتة، لأنّ تقديم ما وصفته بـ"تنازلات إضافية" ستقرّب الصورايخ التي تملكها حماس إلى وسط "إسرائيل"، واقترابها من مطار "بن غوريون ومنطقة كفر سابا"، خشية من تكرار نموذج إطلاق صواريخ القسّام من غزة بعد الانفصال، وهو ما اعتبر "فشلاً كبيراً" لاتفاقية أوسلو، ما يعني أن انتقال التهديد إلى الضفة الغربية أمر "واقعي جداً"، بسبب الإعلان عن إقامة دولة فلسطينية.
ومما أعلى من شأن هذه التحذيرات العسكرية في الآونة الأخيرة، قيام جهات رفيعة في القيادتين العسكرية والسياسية في "إسرائيل" لتلك المناطق المتاخمة لها، من أجل التوضيح إلى أي حد سيكون خطر عودة "إسرائيل" إلى القطاع الوسطي الضيق.
نتائج كارثية
أكثر من ذلك، يحذر الرائد احتياط "موشيه حسدائي" من قيادة المنطقة الوسطى في الجيش "الإسرائيلي" من أن المخاطر قد تكمن في سلسلة الجبال الغربية للضفة الغربية، ما يعني تهديد حركة الطائرات من مطار "بن غوريون"، وهو ما شأنه رفض أي فكرة للتراجع إلى خطوط الـ67، لأن ذلك سيخلف النتائج التالية:
1. تهديد أمن الإسرائيليين.
2. تشكيله تهديداً مباشراً للصواريخ.
3. تعريضه أمن المسافرين الإسرائيليين في شارع 443 للخطر.
4. السماح بدخول حركة حماس إلى مدينة القدس.
ويستند الرافضون العسكريون لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية إلى ما يردده دائماً د."عزرائيل لوربير"، الخبير "الإسرائيلي" في شئون الصواريخ والسلاح الصاروخي، حول تفضيل القوى الفلسطينية المسلحة لمهاجمة أهداف داخل "إسرائيل" نفسها، على القتال في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويضيف: باتت المهمة الإستراتيجية التي يحددها الفلسطينيون للصواريخ التي يملكونها شبيهة بصواريخ حزب الله في الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ما يعنى، أنه سلاح ردع وهجوم استراتيجي، وليس هناك من شك في أن الفلسطينيين يريدون رؤية
صواريخهم تقوم بمهمة مشابهة في حدود قطاع غزة، وفي المستقبل القريب جدا على طول حدود الدولة الفلسطينية التي ينوون الإعلان عن قيامها خلال عدة أشهر، وقبيل قيامها سيتفق من وصفهم بـ"الأعداء اللدودين"، حركتي حماس وفتح.
إلى ذلك، يركز البروفسور "إدوارد ساعر" في كتابه الذي صدر أخيراً بعنوان:"يهودا والسامرة: ضرورة وجودها في عصر السلاح الذكي" على أنه إذا لم يكن في الشرق الأوسط "نزع تسليح متبادل"، فإن على إسرائيل إذا أرادت الحياة أن تسيطر على المنطقة الجبلية، وهي الضفة الغربية.
صواريخ موجهة
ويلخص موقفه الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة بقوله: بالرغم من التعمّق في أنواع السلاح التي يتم شراؤها بكميات ضخمة جداً، وبالرغم من أنواع التهديدات والتدريبات التي يتم التشديد عليها، سواء من قبل الفلسطينيين أم حزب الله ودول معادية أخرى، فعلى الأرجح أن الحرب المقبلة ستبدأ بهجوم مفاجئ بمساعدة كميات ضخمة من الصواريخ الباليستية والصواريخ الموجّهة التي ستُطلق من أماكن بعيدة ومحمية جداً في كل من: إيران، سوريا، لبنان، الأردن، غرب العراق، شمال السعودية، وفي الوقت الراهن من مصر أيضاً!
ومما يعزز المواقف العسكرية "الإسرائيلية" الرافضة لفكرة التجاوب مع الضغوط الدولية على "إسرائيل" بشأن الدولة الفلسطينية، حقيقة أن أقل من نصف سكانها يقيمون على مسافة لا تزيد 30 كلم عن تل أبيب، ويجب الافتراض أن الصواريخ الباليستية ذات "الخطأ الدائري الكبير الاحتمال"، سيتم توجيهها نحو هذه المدينة، وهنا لا يمكن أن نصرف من الحسبان، رؤوس الصواريخ التي تحمل مواد كيماوية أو بيولوجية.
كما أن مراكز التجنيد، مفاصل الاتصالات، المطار، ونقاط مماثلة، الواقعة على مدى البصر من أطراف هضاب الضفة الغربية ستكون معرضة للهجوم من قبل صواريخ موجهة على الليزر، تشير إلى الأهداف المحددة سراً من قبل الفلسطينيين.
وفضلاً عما كل ما تقدم، فإنه مع قيام دولة للفلسطينيين على أراضي الضفة الغربية، ستتاح إمكانية الردع والهجوم المباشر للصواريخ المحمولة الصغيرة والرخيصة على مطار "بن غوريون"، مما قد يؤدي إلى إغلاقه، عاجلاً أم آجلاً، لأن مدارج الإقلاع والهبوط للمطار الدولي الوحيد "لإسرائيل" واقعة على بعد 10 كلم فقط عن حدود الدولة الفلسطينية الموعودة، وبالتالي فإن إغلاقه أو أي تهديد يصيبه، معناه تعطيل أعمال، وخسارة موارد رزق الكثير من الإسرائيليين وأصحاب الرساميل ورجال الأعمال في إسرائيل.
كما أن أعماق الهضاب في الضفة الغربية، والمتعالية من فوق مستوى السهل، تشكل كما يصف العسكريون الإسرائيليون "حلم كل ضابط رصد مدفعي"، لأنه من خلالها فقط يمكن رؤية قسم من القواعد العسكرية والمنشآت الإسرائيلية ومعظم المراكز السكانية، ومحاور الحركة، وسكك الحديد، ومجمعات الوقود، ومحطات الطاقة في إسرائيل.
الظروف العملياتية
ودون نقاط استيطانية محصنة بشكل جيد في كل أجزاء المنطقة العالية للضفة الغربية، المكتظة بالمستوطنين اليهود، ستكون مهمة كبح جماح هجمة العدو العربي على الجيش النظامي الإسرائيلي حتى وصول الاحتياطيين، عمل لا يطاق، وربما أيضاً غير ممكن من ناحية عسكرية! كما أن مجيء جيش الاحتياط من المحتمل أن يعرقل الجيش الفلسطيني و/أو ربما يمنع، عبر احتلال وإقفال محاور المرور داخل الضفة الغربية، ومحاور المرور المنتظرة والموجودة في مدى الصواريخ وقوات البر التي يحتفظ بها الجيش الفلسطيني.
أكثر من ذلك، فإنه من الناحية الجغرافية العسكرية، تخفي جبال الضفة الغربية قسماً ملحوظاً من مناطق إسرائيل حيال تمشيط رادار من طائرات "إيواكس"، وهذه الجبال تشكل ظروفاً عملياتية كمنطقة تحذيرية، لاعتراض صواريخ عدو عبر المنظومة المتعددة الطبقات للحماية من صواريخ، بمديات مختلفة. وفي مناطق الضفة الغربية التي سيسيطر عليها الفلسطينيون، سيمكنهم ذلك من نشر أجهزة "إلكترو-بصرية" مختلفة لتعقب النشاطات العسكرية لإسرائيل، ما يعني أن تسلب من إسرائيل عناصر المفاجأة والتضليل، وهي مركبات جوهرية إلى حد ما لنجاح أعمال كثيرة. فالتدريبات الإسرائيلية، خاصة تقنية الحرب في الجو، ومناورات التضليل للدبابات، والاستخدام الصامت ستصبح تحت المراقبة، وسيتعرف عليها العدو الفلسطيني، كما سيتاح التجسس عليها، من خلال التركيز على جمع "استخبارات الإشارة"، من قبل الفلسطينيين وأعداء إسرائيل.
أخيراً، يقول البروفيسور "يوآف غالبر" في بحثه المعنون "دولة فلسطينية ونظرية أمن إسرائيل"، فإن سيطرة إسرائيلية في المناطق الإستراتيجية للضفة الغربية هي الحد الأدنى المطلوب لحمايتها، وما نسمعه من تنازلات بهدف تسوية سلام من شأنها أن تؤجل تحقيق التهديدات لزمن غير معروف، لكنها لن تلغيها، وربما أيضاً العكس، من شأنها أن تفاقمها، في ضوء أن رؤية السلام للإسرائيليين والعرب، وبشكل خاص الفلسطينيين، ليست متناسقة.
أسئلة ملغومة
ويطرح "غالبر" أسئلة "ملغومة" يتفق عليها معظم ضباط وجنرالات الجيش الإسرائيلي من قبيل:
• هل أنّ إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية ليس تهديداً إستراتيجياً على وجود إسرائيل؟
• هل أن إقامتها ليس سوى انعكاساً لمستوطني ومستوطنات الضفة بالقرب من حماس وفتح المتحدين في الوقت الحاضر؟
• هل ستتحول هذه المستوطنات إلى مناطق التدريبات للجيش الفلسطيني، ولأهداف تدريبية قبيل احتلال إسرائيل كلها بدعم وبمساعدة دول عدو؟
• هل أن هجمة منسقة جيداً لقوات فلسطينية على مستوطني الضفة، أو مجموعة مستوطنات، داخل الضفة، أو بالقرب منها، ليست سيناريو متوقعاً ومحتملاً خطيراً لعملية "إيتامار" بضعفين أو بثلاثة أضعاف، وربما أكثر؟
ولذلك، ترى الأوساط العسكرية "الإسرائيلية" الرافضة لفكرة الدولة الفلسطينية أنه حان الوقت لاتخاذ موقف صارم لتجنيد كافة القوات السليمة والعازمة في إسرائيل، والاتحاد أمام التهديد المتبلور، والتوجه لحرب دفاعية عن إسرائيل بأكملها الموجودة في الوقت الحاضر في ظل خطر حقيقي، لأن الضفة الغربية "يهودا والسامرة"، تعتبر الحزام الأمني الروحي، التربوي، يهودي، عسكري وسياسي المدافع عن الدولة، وهي الخط الذي ستتوقف فيه الخطة لتدمير إسرائيل.<hr>